يقول أحد الحكماء :
مسكين ابن آدم لو خاف من النار كما يخاف
الفقر لنجا منهما جميعا
؛ ولو رغب في الجنة كما يرغب في الغني لفاز
بهما جمبعا ؛
ولو خاف من الله في الباطن كما يخاف خلقه في
الظاهر لسعد في الدارين جميعا .
.
*( قانون فلترة الكلام )
*هل تعلم أن أساس المشاكل و قطع العلاقات وشحن النفوس هو نقل الكلام بدون اتباع قانون الفلترة .
تامل معي هذه القصة...
في أحد الأيام صادف فيلسوف أحد معارفه الذي قال له بلهفه أتريد ان تسمع ماقاله عنك أحد طلابك ؟!
رد عليه : انتظر لحظة قبل أن تخبرني أود منك أن تجتاز امتحان صغير يدعى امتحان الفلتر الثلاثي
قبل أن تخبرني عن طالبي لنأخذ لحظة لنفلتر ما كنت ستقوله!
*الفلتر الأول هو الصدق
هل أنت متأكد أن ما ستخبرني به صحيح؟
فقآل الرجل : لا .. في الواقع لقد سمعت الخبر.
قال : إذا أنت لست متأكد أن ما ستخبرني به صحيح أو خطأ ؟!
*فلنجرب الفلتر الثاني و هو فلتر. الطيبة
"هل ما ستخبرني به عن طالبي هو شيء طيب ؟!
قآل : لا.. على العكس !
قال : إذا ستخبرني شيء سيء عن طالبي على الرغم من أنك غير متأكد من أنه صحيح !!
بدأ الرجل بالشعور بالإحراج.
*تابع قائلا : ما زال بإمكانك أن تنجح بالإمتحان فهناك فلتر ثالث.. فلتر الفائدة
هل ما ستخبرني به عن طالبي سيفيدني؟!
فأجاب الرجل :في الواقع لا
فقال : إذا كنت ستخبرني بشيء
1 / ليس بصحيح
2 / ولا بطيب
3 / ولا فائدة فيه
لماذا تخبرني به من الأصل؟؟
ياليت مجتمعاتنا تستخدم فلترة للكلام المنقول قبل نقله .
فلنتحرك دائما بقول الله تعالى : *"يأيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما
بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين "*
-
للسعيد الذي يضحك على الحزين
الذي يحاول أن يشحذ منه وجها عميقا ويعلقه في السماء !
لينظر إليه كلما شعر أنه بحاجة للحزن
أو أصبح سعيدا أكثر من المعتاد! للحائر بين الآخرين والناس
الممتد من آخر التفاصيل دقة
والبعيد جدا من الذكريات
السعيد الذي ينسى كثيرا
ملامح وجه داخل أحلامه !
ويخرج متهالكا من سريره !
الذي جعل حدا أحمر لحياته
ويكتب من فوقه
ممنوع الاقتراب
" هنا منطقة سعيدة "
لكي لايشاركه فيها حزين
للسعيد الذي يقول لي الآن
ياحزين
ويشتمني بسعادته!
ستفيق يوما بلا وهم
تبحث عن أحزانك داخل سعادتك
وتنطلق سريعا , إلى النهاية ك عداء !
بينما أحزانك تتشبث بك !!
..
كتصديق حديث رسول الله-صل الله عليه وسلم :)
« .. يرحمه الله ويبتليك »
إن من صفات المؤمنين التي نوه الله عنها في كتابه العزيز: (الإيمان بالغيب)، وقد مدح الله المؤمنين وأثنى عليهم في اتصافهم بهذا الوصف، ووعدهم عليه - مع أوصاف أخرى - الفلاح؛ وهو الفوز بما يطلبون من كرامة الله ورضاه، والنعيم المقيم في الجنان في الدار الآخرة، فوق ما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال، والنجاة من المرهوب من الإهانة والعذاب السرمدي الأبدي في النار، الذي لا صبر لأحد على بعضه.
وعدهم هذا الوعد الحسن الكريم لاتصافهم بالإيمان بالغيب مع إقام الصلاة، والإنفاق مما رزقهم الله، والإيمان بما أنزل على الرسول -صلى الله عليه وسلم-، والإيمان بما أنزل على الرسل السابقين للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وأخبر أنهم هم المهتدون؛ لأنهم على صراط مستقيم، فقال -تعالى- في أول سورة البقرة:
يا له من ثناء، ويا له من فوز عظيم لا يشبهه فوز، ويا له من فخر وشرف واعتزاز، ويا لها من سعادة حقة، فلا ثناء أعظم من ثناء الله -عز وجل- ولا كرامة فوق كرامة الله -عز وجل- ولا نعيم أفضل من نعيمه، ولا كرم أحسن من كرمه -عز وجل-، فالله سبحانه يثني عليك -أيها المؤمن- في إيمانك بالغيب، ويعدك على
ذلك الفلاح والفوز والظفر والسعادة، ويخبرك أن المؤمن بالغيب -مع الأوصاف الأخرى- قد استقام على شرع الله، فهو على هداية من ربه.
ولكن يا أخي الكريم: ما الإيمان بالغيب الذي هذا شأنه؟ أما الإيمان وحده فهو في اللغة التصديق بالقلب، ولكنه في الشريعة الاعتقاد بالقلب، والإقرار باللسان، والعمل بالجوارح.
فالإيمان كلمة جامعة للإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، وتصديق الإقرار بالأفعال، فالإيمان الشرعي مطلوب لا بد فيه من الاعتقاد والقول والعمل، وتدخل الخشية لله - وهي من أعمال القلوب - في معنى الإيمان الذي هو تصديق القول بالعمل.
وقد اختلفت عبارات العلماء في تفسير الإيمان، فمنهم من فسره بالتصديق، ومنهم من فسره بالعمل، ومنهم من فسره بالخشية، وهي خلاصة الإيمان والعلم، وكل هذه التفسيرات صحيحة؛ إذ أنها كلها داخلة في مسمى الإيمان، وهي بعض مسمى الإيمان، والإيمان يشملها كلها فهو أعم منها.
من مواعظ معاذ بن جبل § لقد ظهر أثر العلم على شخصية معاذt في مواعظه التي سنذكر بعضها، ومن ذلك هذه الموعظة البليغة في الحث على تعلم العلم، وبيان ثمراته في الدنيا قبل الآخرة، حيث يقول t ([1]): «تعلموا العلم؛ فإن تعلمه لله تعالى خشية، وطلبه عبادة، ومذاكرته تسبيح، والبحث عنه جهاد، وتعليمة لمن لا يعلم صدقة، وبذله لأهله قربة؛ لأنه معالم الحلال والحرام، ومنار أهل الجنة، والأنس في الوحشة، والصاحب في الغربة، والمحدث في الخلوة، والدليل على السراء والضراء، والسلاح على الأعداء، والزين عند الأخلاء، يرفع الله تعالى به أقواما ويجعلهم في الخير قادة وأئمة، تقتبس آثارهم، ويقتدي بفعالهم، وينتهى إلى رأيهم، ترغب الملائكة في خلتهم، وبأجنحتها تمسحهم، ويستغفر لهم كل رطب ويابس حتى الحيتان في البحر وهوامه، وسباع الطير وأنعامه؛ لأن العلم حياة القلوب من الجهل، ومصباح الأبصار من الظلم، يبلغ بالعلم منازل الأخيار، والدرجة العليا في الدنيا والآخرة. والتفكر فيه يعدل بالصيام، ومدارسته بالقيام، به توصل الأرحام، ويعرف الحلال من الحرام، إمام العمال والعمل تابعه، يلهمه السعداء، ويحرمه الأشقياء». § ومن مواعظه t قوله([2]): «إن من ورائكم فتنا يكثر فيها المال، ويفتتح القرآن؛ حتى يقرأه المؤمن والمنافق، والصغير والكبير، والأحمر والأسود، فيوشك قائل يقول: ما لي أقرأ على الناس القرآن فلا يتبعوني عليه؟ فما أظنهم يتبعوني عليه حتى أبتدع لهم غيره، فإياكم إياكم ما ابتدع؛ فإن ما ابتدع ضلالة». * ثم قال معاذ t في تتمة موعظته هذه: «وأحذركم زيغة الحكيم! فإن الشيطان قد يقول كلمة الضلالة على لسان الحكيم، وقد يقول المنافق كلمة الحق»، قال: قلت لمعاذ: ما يدريني -رحمك الله - أن الحكيم قد يقول كلمة الضلالة، وأن المنافق قد يقول كلمة الحق؟! ولا يثنينك ذلك عنه؛ فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته؛ فإن على الحق نورا». قال معاذ : «ولا يثنينك ذلك عنه؛ فإنه لعله أن يراجع، وتلق الحق إذا سمعته؛ فإن على الحق نورا». § ومن مواعظه t ما قاله لابنه([3]): «يا بني، إذا صليت صلاة، فصل صلاة مودع: لا تظن أنك تعود إليها أبدا، واعلم يا بني أن المؤمن يموت بين حسنتين: حسنة قدمها، وحسنة أخرها». § ومن مواعظه t قوله([4]): «إنك تجالس قوما لا محالة يخوضون في الحديث، فإذا رأيتهم غفلوا، فارغب إلى ربكUعند ذلك رغبات». ومن مواعظه t أنه لما حضرته الوفاة قال([5]): «انظروا أصبحنا؟»، فأتي فقيل: لم تصبح، فقال: «انظروا أصبحنا؟»، فأتي فقيل له: لم تصبح، حتى أتي في بعض ذلك فقيل: قد أصبحت، قال: «أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحبا بالموت مرحبا! زائر مغب، وحبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك، اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند خلق الذكر». الله أكبر! كم في هذه الدعوات من مواعظ! لقد تمثل معاذ t في تلكم اللحظات ما ينبغي أن يكون عليه المؤمن عند قرب مفارقة الدنيا، وهو حسن الظن بالله، وتعظيم الرجاء به سبحانه، مع شيء من الخوف، فها هو يقول: «أعوذ بالله من ليلة صباحها إلى النار، مرحبا بالموت مرحبا! زائر مغب، وحبيب جاء على فاقة، اللهم إني قد كنت أخافك، فأنا اليوم أرجوك» ثم قال -كالمعتذر عن الفطرة المغروسة في النفوس -: «اللهم إنك تعلم أني لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند خلق الذكر». إن حب الدنيا وكراهية الموت بالقدر المعقول شيء فطري لا ينكر بل لا يعاب به الإنسان، كما يبين ذلك حديث عائشة المتفق عليه، عنه r: (من أحب لقاء الله، أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقاءه )، فقلت: يا نبي الله، أكراهية الموت؟ فكلنا نكره الموت؟! فقال: (ليس كذلك، ولكن المؤمن إذا بشر برحمة الله ورضوانه وجنته، أحب لقاء الله، فأحب الله لقاءه، وإن الكافر إذا بشر بعذاب الله وسخطه، كره لقاء الله، وكره الله لقاءه)([6]). وهكذا كان معاذ t؛ فهو لم يكن يحب البقاء في الدنيا لشيء يتعلق به عامة أهل الدنيا، بل كان يحب البقاء لغرض شريف، وهو كثرة العمل الصالح الذي يزيد الإنسان من الله تعالى قربة ومحبة، ونعم الأمنية هذه: «لم أكن أحب الدنيا وطول البقاء فيها لجري الأنهار، ولا لغرس الأشجار، ولكن لظمأ الهواجر، ومكابدة الساعات، ومزاحمة العلماء بالركب عند حلق الذكر»!
([1])حلية الأولياء (1/239).
([2])سنن أبي داود (4/202) ح (4611).
([3])حلبة الأولياء (1/234)، وقد وردت هذه الجملة: (صل صلاة مودع) في حديث مرفوع، لكن لا يثبت إسناده.
([4])حلية الأولياء (1/236).
([5])ينظر: الزهد؛ لأحمد بن حنبل (148)، حلية الأولياء (1/239).
قال صلى الله عليه وسلم : دعوة ذي النون إذ دعا بها وهو في بطن الحوت «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين» لم يدع بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» (الترمذي) .
وذو النون : هو نبي الله يونس ، والنون : الحوت ، قال تعالى { وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين) الأنبياء : 88/87
وما ذلك إلا لأنه ضمنه اعترافه بوحدانيته لله عز وجل ـ واقراره بالذنب والخطيئة والظلم للنفس .
في دعوة ذي النون ثلاث ميزات:
1- الاعتراف بالتوحيد.
2- الاعتراف بالتقصير.
3- الاستغفار.
فواجب على العبد إذا ضاقت به ضائقة أو أتاه حادث، أو أتاه هم وغم، أن يكرر هذا الدعاء، فإنه بإذن الله فتح عظيم.
أخي المسلم : إجعل دعوة ذي النون ملازمة لك في دعائك كله ، فقبل أن تدعو بأي دعوة قدمها بين يديك فإنه يستجاب لك بإذن الله تعالى.
- { قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون } [آل عمران : 84] . هذه الآية الكريمة لها شأن كبير ; كان - عليه الصلاة والسلام - يقرؤها كثيرا في الركعة الأولى من سنة الصبح ، وقد اشتملت على جميع ما يجب الإيمان به ، فإن الإيمان الشرعي هو تصديق القلب التام وإقراره بهذه الأصول ، المتضمن لأعمال الجوارح ولأعمال القلوب ; وهو بهذا الاعتبار يدخل فيه الإسلام ، وتدخل فيه الأعمال الصالحة كلها ; فهي إيمان ، وهي من آثار الإيمان ، فإذا أطلق الإيمان دخل فيه ما ذكر ، وكذلك إذا أطلق الإسلام فإنه يدخل فيه الإيمان ، فإذا قرن بين الإسلام والإيمان فسر الإيمان بما في القلب من العقائد الصحيحة والإرادات الصالحة ، وفسر الإسلام بالأعمال الظاهرة . وكذلك إذا جمع بين الإيمان والعمل الصالح ، الإيمان لما في الباطن ، والعمل الصالح هو الظاهر ، ومع إطلاق الإيمان يدخل فيه العمل الصالح ، كما في كثير من الآيات ; فقوله تعالى : { قل آمنا بالله } . . . ) إلخ ، أي : قولوا ذلك بألسنتكم متواطئة عليها قلوبكم ، وهذا هو القول التام الذي يترتب عليه الثواب والجزاء ; فكما أن النطق باللسان بدون اعتقاد القلب ليس بإيمان ، بل هو نفاق ، فكذلك القول الخالي من عمل القلب عديم التأثير قليل الفائدة . وفي قوله : ( قل ) إشارة إلى الإعلان بالعقيدة والصدع بها والدعوة لها ; إذ هي أصل الدين وأساسه ، وفي مثل قوله : ( آمنا ) - وما أشبهها من الآيات التي يضاف الفعل فيها إلى ضمير الجمع - إشارة إلى أنه يجب على الأمة الاعتصام بحبل الله جميعا ، والحث على الائتلاف ، والنهي عن الافتراق ، وأن المؤمنين كالجسد الواحد ، عليهم السعي لمصالحهم كلها جميعا ، والتناصح التام . وفيه دلالة على جواز إضافة الإنسان إلى نفسه الإيمان على وجه التقييد ، بأن يقول : أنا مؤمن بالله ; كما يقول : آمنت بالله ، بل هذا الأخير من أوجب الواجبات ، كما أمر الله به أمرا حتما ، بخلاف قول العبد : أنا مؤمن ، ونحوه ، فإنه لا يقال إلا مقرونا بالمشيئة لما فيه من تزكية النفس ; لأن الإيمان المطلق يشمل القيام بالواجبات وترك المحرمات ، فهو كقوله : أنا متق أو ولي أو من أهل الجنة ، وهذا التفريق هو مذهب محققي أهل السنة والجماعة . فقوله : { آمنا بالله } أي : بأنه واجب الوجود ، واحد أحد فرد صمد ، متصف بكل صفة كمال ، منزه عن كل نقص ، مستحق لإفراده بالعبودية كلها ، وهو يتضمن الإخلاص التام . { وما أنزل علينا } يدخل فيه : الإيمان بألفاظ الكتاب والسنة ومعانيهما ، كما قال تعالى : { وأنزل الله عليك الكتاب والحكمة } [النساء : 113] ، { وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم } [النحل : 44] .
فيدخل في هذا الإيمان بما تضمنه كتاب الله وسنة رسوله : من أسماء الله وصفاته وأفعاله ، وصفات رسله ، واليوم الآخر والغيوب كلها ، والإيمان بما تضمنه الكتاب والسنة أيضا : من الأحكام الشرعية : الأمر والنهي وأحكام الجزاء ، وغير ذلك . { وما أنزل إلى إبراهيم } [البقرة : 136] . . إلخ : فيه الإيمان بجميع الكتب المنزلة على جميع الأنبياء ، والإيمان بالأنبياء عموما ، وخصوصا ما نص عليهم منهم في الآية الكريمة وغيرها ، لشرفهم ولكونهم أتوا بالشرائع الكبار ، فمن براهين الإسلام ومحاسنه ، وأنه دين الله الحق : الأمر بالإيمان بكل كتاب أنزله الله ، وكل رسول أرسله الله مجملا ومفصلا ; فكل من ادعى أنه على دين حق كاليهود والنصارى ونحوهم فإنهم يتناقضون ، فيؤمنون ببعض ويكفرون ببعض ، فيبطل كفرهم وتكذيبهم تصديقهم ، ولهذا أخبر عنهم أنهم الكافرون حقا ، وأنه لا سبيل يسلك إلى الله إلا سبيل الإيمان بجميع الرسل ، وبجميع الكتب المنزلة على الرسل . وفي قوله تعالى : { وما أوتي النبيون من ربهم } [البقرة : 136] برهان على أن الأنبياء وسائط بين الله وبين خلقه في تبليغ دينه ، وأنه ليس لهم من الأمر شيء ; وفي الإخبار بأنه من ربهم بيان أن من كمال ربوبيته لعباده التربية التامة أنه أرسل إليهم رسله ، وأنزل عليهم كتبه ، ليعلموهم ويزكوهم ويخرجوهم من الظلمات إلى النور ، وأنه لا يليق بربوبيته وحكمته أن يتركهم سدى ، لا يؤمرون ولا ينهون ، ولا يثابون ولا يعاقبون . ويفهم من الآية الكريمة الفرق بين الأنبياء الصادقين ، وبين من يدعي النبوة من الكاذبين ; فإن الأنبياء يصدق بعضهم بعضا ، ويشهد بعضهم لبعض ، ويكون كل ما جاءوا به متفقا لا يتناقض ، لأنه من عند الله ، محكم منتظم ، وأما الكذبة فإنهم لا بد أن يتناقضوا في أخبارهم وأوامرهم ونواهيهم ، ويعلم كذبهم بمخالفته لما يدعو إليه الأنبياء الصادقون . فلما بين تعالى جميع ما يجب الإيمان به ، عموما وخصوصا ، وكان القول لا يغني عن العمل ، قال : { ونحن له مسلمون } أي : خاضعون لعظمته ، منقادون لعبادته بباطننا وظاهرنا ، مخلصون له بذلك ; فإن تقديم المعمول على العامل يدل على الحصر . فهذه الأصول المذكورة في هذه الآية قد أمر الله بها في كتابه في عدة آيات من القرآن إجمالا وتفصيلا ، وأثنى على القائمين بها ، وأخبر بما يترتب عليها من الخير والثواب ; وأنها تكمل العبد وترقيه في عقائده وأخلاقه وآدابه ، وتجعله عدلا معتبرا في معاملاته ، وتوجب له خير الدنيا والآخرة ، ويحيا بها الحياة الطيبة في الدارين ، وتجلب له السعادتين ، وتدفع عنه شرور الدنيا والآخرة ، وقد أخبر في هذه السورة أن الرسول والمؤمنين قاموا بهذه الأصول علما وتصديقا وإقرارا ، وعملا ودعوة وهداية وإرشادا ، فكتب أهل العلم المصنفة في العقائد كلها تفصيل لما في هذه الآية الكريمة .
أدلته كثيرة من الكتاب والسنة منها قوله تعالى( إن الذين يكفرون باللـه ورسله ويريدون أن يفرقوا بين اللـه ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذٰلك سبيلا ﴿١٥٠﴾أولـٰئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا ﴿١٥١﴾والذين آمنوا باللـه ورسله ولم يفرقوا بين أحد منهم أولـٰئك سوف يؤتيهم أجورهم وكان اللـه غفورا رحيما ﴿١٥٢﴾) النساء وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" آمنت بالله ورسله" .البخاري ( 7 / 112 ) مسلم( 8 / 192 )
88 _ ما معنى الإيمان بالرسل ؟ هو التصديق الجازم بأن الله تعالى بعث في كل أمة رسولا منهم يدعوهم إلى عبادة الله وحده ,والكفر بما يعبد من دونه وأن جميعهم صادقون مصدقون بارون راشدون كرام بررة أتقياء أمناء هداة مهتدون, وبالبراهين الظاهرة والآيات الباهرة من ربهم مؤيدون, وأنهم بلغوا جميع ما أرسلهم الله به لم يكتموا ولم يغيروا ولم يزيدوا فيه من عند أنفسهم حرفا ولم ينقصوه (فهل على الرسل إلا البلاغ المبين)، النحل . وأنهم كلهم كانوا على الحق المبين, وإن الله تعالى اتخذ إبراهيم خليلا, واتخذ محمدا صلى الله عليه وسلم خليلا وكلم موسى تكليما, ورفع إدريس مكانا عليا, وإن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه وإن الله فضل بعضهم على بعض ورفع بعضهم درجات.
89 _ هل اتفقت دعوة الرسل فيما يأمرون به وينهون عنه ؟ اتفقت دعوتهم من أولهم إلى آخرهم على أصل العبادة وأساسها وهو التوحيد بأن يفرد الله تعالى بجميع أنواع العبادة اعتقادا وقولا وعملا ويكفر بكل ما يعبد ما دونه. وأما الفروض المتعبد بها فقد يفرض على هؤلاء من الصلاة والصوم ونحوها ما لا يفرض على الآخرين, ويحرم على هؤلاء ما يحل للآخرين امتحانا من الله تعالى: (ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) الملك 2
90 _ ما الدليل على اتفاقهم في أصل العبادة المذكورة ؟ الدليل على ذلك من الكتاب على نوعين مجمل ومفصل, أما المجمل فمثل قوله تعالى: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا اللـه واجتنبوا الطاغوت) النحل 36 وقوله تعالى( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إلـٰه إلا أنا فاعبدون ﴿٢٥﴾) الأنبياء وقوله تعالى( واسأل من أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمـٰن آلهة يعبدون ﴿٤٥﴾) الزخرف ...... الآيات. وأما المفصل فمثل قوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحا إلىٰ قومه فقال يا قوم اعبدوا اللـه ما لكم من إلـٰه غيره أفلا تتقون ﴿٢٣﴾)المؤمنون (وإلىٰ ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا اللـه ما لكم من إلـٰه غيره) هود 61 (وإلىٰ عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا اللـه ما لكم من إلـٰه غيره) هود 50 ( وإلىٰ مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا اللـه ما لكم من إلـٰه غيره) هود 84 (وإذ قال إبراهيم لأبيه وقومه إنني براء مما تعبدون ﴿٢٦﴾إلا الذي فطرني فإنه سيهدين ﴿٢٧﴾) الزخرف (إنما إلـٰهكم اللـه الذي لا إلـٰه إلا هو وسع كل شيء علما ﴿٩٨﴾) طه وقال المسيح : ( وقال المسيح يا بني إسرائيل اعبدوا اللـه ربي وربكم إنه من يشرك باللـه فقد حرم اللـه عليه الجنة ومأواه النار) المائدة 72 (قل إنما أنا منذر وما من إلـٰه إلا اللـه الواحد القهار ﴿٦٥﴾) ص ، وغيرها من الآيات.
91 _ ما دليل اختلاف شرائعهم في فروعها من الحلال والحرام ؟ قول الله عز وجل( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ولو شاء اللـه لجعلكم أمة واحدة ولـٰكن ليبلوكم في ما آتاكم فاستبقوا الخيرات) المائدة 48 قال ابن عباس رضي الله عنهما : " شرعة ومنهاجا" سبيلا وسنة ومثله قال مجاهد وعكرمة والحسن البصري وقتادة والضحاك والسدي وأبو إسحاق السبيعي، وفي صحيح البخاري قال النبي صلى الله عليه وسلم : "نحن معشر الأنبياء أخوة لعلات ديننا واحد " البخاري (4 / 141 _ 142 ) مسلم ( 7 / 96 ) يعني بذلك التوحيد الذي بعث الله به كل رسول أرسله وضمنه كل كتاب أنزله, وأما الشرائع فمختلفة في الأوامر والنواهي والحلال والحرام (ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) الملك 2
92 _ هل قص الله جميع الرسل في القرآن ؟
قد قص الله علينا من أنبائهم ما فيه كفاية وموعظة وعبرة ثم قال تعالى : (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك) النساء 164 فنؤمن بجميعهم تفصيلا فيما فصل, وإجمالا فيما أجمل.
93 _ كم سمى منهم في القرآن؟ سمى منهم فيه: آدم ،ونوح، وإدريس, وهود، وصالح، وإبراهيم، وإسماعيل، وإسحاق، ويعقوب، ويوسف ،ولوط وشعيب، ويونس, وموسى، وهارون، وإلياس، وزكريا ،ويحيى ،واليسع، وذا الكفل ،وداود، وسليمان ،وأيوب، وذكر الأسباط جملة- وعيسى ،ومحمد صلى الله عليه وسلم وعليهم أجمعين.
94 _ من هم أولو العزم من الرسل ؟ هم خمسة ذكرهم الله عز وجل على انفرادهم في موضعين من كتابه, الموضع الأول في سورة الأحزاب وهو قوله تعالى: (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسىٰ وعيسى ابن مريم) الأحزاب 7 الآية الموضع الثاني في سورة الشورى وهو قوله تعالى (شرع لكم من الدين ما وصىٰ به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسىٰ وعيسىٰ أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه) الشورى 13الآية.
95 _ من هو أول الرسل ؟ أولهم بعد الاختلاف نوح عليه السلام، كما قال تعالى: (إنا أوحينا إليك كما أوحينا إلىٰ نوح والنبيين من بعده) النساء 163 وقال تعالى : ( كذبت قبلهم قوم نوح والأحزاب من بعدهم ) غافر 5
96 _ متى كان الاختلاف ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: كان بين نوح وآدم عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فاختلفوا (فبعث اللـه النبيين مبشرين ومنذرين )البقرة 213
97 _ من هو خاتم النبيين ؟ خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم .
98 _ ما الدليل على ذلك ؟ قال الله تعالى (ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولـٰكن رسول اللـه وخاتم النبيين) الأحزاب 40 وقال النبي صلى الله عليه وسلم : "إنه سيكون بعدي كذابون ثلاثون كلهم يدعي أنه نبي وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي " أبو داود( 4 / 98 رقم 4252 ) الترمذي (4 / 499 ) أحمد ( 5 /16 ) قال الترمذي حسن صحيح وفي الصحيح قوله لعلي رضي الله عنه " ألا ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي " البخاري ( 4 / 208 ) مسلم( 7 / 120 ) وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الدجال: " وأنا خاتم النبيين ولا نبي بعدي " أحمد ( 6 / 373 _ 374 ) أبو داود ( 4327 ) ابن ماجه ( 4074 ) وغير ذلك كثير.
99 _ بماذا اختص نبينا محمد صلى الله عليه وسلم عن غيره من الأنبياء ؟
له صلى الله عليه وسلم خصائص كثيرة قد أفردت بالتصنيف: منها كونه خاتم النبيين كما ذكرنا, ومنها كونه صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم كما فسر به قوله تعالى: (تلك الرسل فضلنا بعضهم علىٰ بعض منهم من كلم اللـه ورفع بعضهم درجات) البقرة 253 وقال صلى الله عليه وسلم: " أنا سيد ولد آدم ولا فخر " سنن الترمذي ( 4 / 622 رقم 2434 ) وقال حسن صحيح سنن أبي داود ( 4 / 218 رقم 4673 ) ومنها بعثه صلى الله عليه وسلم إلى الناس عامة جنهم وإنسهم كما قال تعالى : (قل يا أيها الناس إني رسول اللـه إليكم جميعا) الأعراف 158 ..الآية. وقال تعالى : ( وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ) سبأ 28 وقال صلى الله عليه وسلم : " أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي: نصرت بالرعب مسيرة شهر ,وجعلت لي الأرض مسجدا وطهور فأيما رجل من أمتي أدركته الصلاة فليصل ,وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ,وأعطيت الشفاعة ,وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس عامة" البخاري ( 1 / 86 ) ( 1 / 113 ) مسلم ( 2 / 63 ) وقال صلى الله عليه وسلم : " والذي نفسي بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ,ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار " مسلم ( 1 /2 ) كتاب الإيمان ، أحمد ( 2 /307 ) وله صلى الله عليه وسلم من الخصائص غير ما ذكرنا فتتبعها من النصوص.
100 _ ما معجزات الأنبياء ؟ المعجزات هي أمر خارق للعادة مقرون بالتحدي سالم عن المعارضة وهي أما حسية تشاهد بالبصر ,أو تسمع كخروج الناقة من الصخرة وانقلاب العصا حية وكلام الجمادات ونحو ذلك ,وإما معنوية تشاهد بالبصيرة كمعجزة القرآن وقد أوتي نبينا صلى الله عليه وسلم من كل ذلك فما من معجزة كانت لنبي إلا وله صلى الله عليه وسلم أعظم منها في بابها فمن المحسوسات انشقاق القمر وحنين الجذع ونبع الماء من بين أصابعه الشريفة ,وكلام الذراع وتسبيح الطعام وغير ذلك مما تواترت به الأخبار الصحيحة ولكنها كغيرها من معجزات الأنبياء التي انقرضت بانقراض أعصارهم ,ولم يبق إلا ذكرها وإنما المعجزة الباقية الخالدة هي هذا القرآن الذي لا تنقضي عجائبه و(لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد ﴿٤٢﴾) فصلت
101 _ ما دليل إعجاز القرآن ؟
الدليل على ذلك نزوله في أكثر من عشرين سنة متحديا به أفصح الخلق وأقدرها على الكلام ,وأبلغها منطقا ,وأعلاها بيانا قائل: (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ﴿٣٤﴾) الطور 34 (قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات) هود 13 (قل فأتوا بسورة مثله) يونس 38 فلم يفعلوا ولم يروموا ذلك مع شدة حرصهم على رده بكل ممكن مع كون حروفه وكلماته من جنس كلامهم الذي به يتحاورون, وفي مجاله يتسابقون ويتفاخرون ثم نادى عليهم ببيان عجزهم وظهور إعجازه (قل لئن اجتمعت الإنس والجن علىٰ أن يأتوا بمثل هـٰذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ﴿٨٨﴾ ) الإسراء وقال صلى الله عليه وسلم: " ما من الأنبياء من نبي إلا وقد أعطي من الآيات ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحى الله إلي فأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة" البخاري ( 6 /97) مسلم ( 1 / 92 ) وقد صنف الناس في وجوه إعجاز القرآن من جهة الألفاظ والمعاني والأخبار الماضية ,والآتية من المغيبات وما بلغوا من ذلك إلا كما يأخذ العصفور بمنقاره من البحر.
تعليق