رد: رواية ( ذاآك الرصيف .. ) بقلمي المتواضع
فيني ما عجز يحمله البحر على كبر محيطه وشاطيه
ما دريت اني بتوه بدنيتي بعد ما قال ببتتعد عنه واخليه
ما دريت ان قلبي ما يبي غيره ولا يقدر يعيش اذا غاب طاريه
ما دريت انه هوى روحي وانفاسي ويغليه قلبي ويعشقه وما يفرط فيه
ما دريت ان غيبته عني دقايق تمر كنها سنين وانا انتظر طاريه
ما دريت انه اذا غاب عني كل ما فيني ينشد عن اخباره ويقول وين اراضيه
ما دريت انه يقدر يبتعد عني ويتركني ويقول انا في الحب ماني بشاريه
الساعة الان الثانية عشرة وخمسة دقائق بعد منتصف الليل ولا زلت مستيقظ ، عملي ينتظرني غدا .. لن يكون من الجيد أبدا أن أتأخر في أول أيام عملي ، علي أن أنام لكن يبدو أن النوم أقسم ألا يستبيح احتلال أسوار عيني الليلة .
أشعر أني مسؤول عما يحدث مع مريم الان ، هناك شيء بأعماقي يخبرني أنني السبب في كل هذا .. أعذريني يا مريم ! أنا اسف يا أختي لم أقصد إيذائك بسواد أفعالي .. أقسم أني لم أقصد !
رنيم يا رنيم يا حبيبة قلبي .. سامحيني فقد كنت جاهل وقتها ، كنت فاقد لكل حس بالمسؤولية لهذا ظلمت حبك لي وظلمت قلبك الذي أحبني ، كنت أعلم أن حبك لي صادق .. وأنك مختلفة عن كل فتاة عرفتها في حياتي .. كنت أعلم أن ذنبك الوحيد هو أنك أحببتني بكل ما أوتيت من قلب ، لكن أنا جرحت قلبك لمرات عديدة .. أهنت كبريائك بقسوة لمرات لا تحصى ولا تعد.. وخنتك لمرات أكثر وأكثر وأكثر .. لم أكن ابه أو أهتم لأنني أعلم أنني عندما أرغب بأن أعيدك لي .. ستعودين ! لأن قلبك كان ملكي أنا وليس ملكك أنت ، فكنت في كل مرة أتفنن بقهرك وتجبري على قلبك .. كنت أشعر بمتعة لا تضاهيها متعة عندما أتجبر عليك وأشعر بضعفك أمامي .. صدقا كانت تلك الوسيلة الوحيدة التي تشعرني برجولتي .. لم أكن أشعر أنني رجل إلا عندما أكون معك .. أنتي فقط !! من بين جميع الفتيات اللواتي عرفتهن لم أشعر برجولتي إلا معك .. رغم أنك كنت الأكثر تحفظا على الدين والعادات من بينهن حيث أنك الوحيدة التي لم أجرؤ قط على لمس يديك حتى !! إلا أنك الوحيدة التي احترمت قلبي ورجولتي .. احترمتني في حضوري وغيابي حبا وليس خوفا .. ولكنني خذلتك كعادتي ، خذلتك في كل شيء وفي كل لحظة وفي كل كلمة وفي كل موقف .. خذلتك حتى امنت أني لا أستطيع فعل شيء غير خذلانك !!
يا وجعي ..أنا لا أستطيع نسيان كلماتك لي عندما استوقفتك مرة و طلبت منك أن تسامحيني .. ووضعت السفر كحجة كاذبة لشحذ عطفك ..
أسامة : سامحيني رنيم .. أنا مسافر بعد أسبوع
رنيم : الله لا يسامحك لا دنيا ولا اخرة !! ..
هي جملة واحدة قلتها من دون تفكير مما جعلني أفهم تماما أنني لم أعد جزءا من أحلامك الوردية .. قلتها حتى من دون النظر إلي كأنني غريب ! أنا الان أعاقب عقاب الدنيا .. انظري لحالي بربك !! أي حظ عاثر أصبح لي من بعدك .. وأختي مريم ، أرى بما يفعله زوجها معها بضعا مما فعلته معك .. أرى في قهرها بضعا من قهرك .. أنا أرى بضع حصائد ظلمي لك في أختي ..لهذا عليك أن تسامحيني يا رنيم فأنا لم أعد أحتمل .. عليك أن تسامحيني فإن كان هذه نتيجة دعواتك علي في الدنيا .. فعقاب الاخرة أشد .. سامحيني .. فمريم صديقتك وهي لا ذنب لها بسواد أفعالي ، أيعقل أن تقبلي الألم لصديقتك يا رنيم ! أعلم أنك لا تعلمين شيئا عما يحدث معنا الان لكن عليكي أن تسامحيني .. سامحيني !! .. سامحيني !!..
ينهشني الندم على كل لحظة ألم جعلتك تشعرين بها .. على كل دمعة ذرفتها على خديك ، فسامحيني !!.. أعرف مثلا يقول أن " الرجل لا يصبح عجوزا حتى يحل الندم مكان أحلامه " لكن ندمي لم يحل مكان أحلامي فقط هو حل مكان حياتي بأكملها .. أنا لست عجوز ! انتهيت من تلك الفترة ، أنا الان ميت على قيد الحياة .. رجل مثلي في التاسعة والثلاثين من عمره أمضى حياته من فشل إلى فشل .. ومن فتاة الى فتاة أخرى ، هه والان كل فتاة عرفتها تزوجت وأصبحت أما لأطفال .. ولا توجد فتاة تقبل الإرتباط بي فقد ذهب الشباب.. وبدأت بضع خصلات من شعري تتلون بالبياض.. فأي فتاة تلك التي ستحب أشيب .. بلا عمل وفاشل !! لو كنت ذا مال لتهافتوا علي لكن انشغالي عن الحياة في الماضي جعلني أخسرها الان أيضا !
رنيم .. اه لو تعلمين كم أحلم أن أمتلك بيتا وأنتي وأطفال يحملون إسمي ويشبهونك , أن أمتلك عملا يجعلني أمشي بلا خزي كلما رأيت حال أصدقائي وقارنت حالهم مع حالي .. عملا يجعل والدي فخورا بي بدلا من استحقاره الدائم لي ! .. لكنها أحلام منتهية الصلاحية ، سيكون ضربا من المستحيل أن يتحقق أي منها ..
بينما أسامة غارق في أفكاره ، حنينه ، ندمه و حسرته !! مر عليه الليل من دون أن يشعر إلا بصوت منبه الساعة السادسة ليوقظه !
أسامة : يا ربي ما نمت ولا دقيقة شو بدو يخليني أداوم هسا !! يا ريت لو بصير أحكيلهم إني مفكره بكرا وأظل اليوم نايم !! اوووف ...
بتذمر مبالغ فيه .. أزاح أطراف لحافه ، رفع رأسه عن الوسادة ثوان ثم عاد ورماه عليها وأخذ يحادث نفسه ..
أسامة : ولك يلا يا أسامة قوم على دوامك ما إنت بالليل كنت تتمنى شغل .. هيو الشغل أجالك !!! .... قرف يقرف هيك شغل ! عامل نظافة الي بسمعني متشجع بحكي كأني دكتور بالمستشفى !! اووووف...بس مضطر ولا أبوي بطردني من الدار ..
حاور نفسه وشاورها وجد نفسه مضطرا لهذا العمل .. فما كان منه إلا أن قام من فراشه .. تناول فطوره من دوم احداث ضجه حتى لا يوقظ من في البيت ، وذهب لعمله !
******
بعد ما تسلل حاملا طفليه النائمين لشقته التي تعلو بيت أبيه ليلا حتى لا يشعر به أحد ويفاتحه بأمر طلاقه الظالم لمريم .. استلقى لينام .. هو ظن أنه سينام لكنه لم يفعل فهو لم يهدأ له بال من تفكيره بصغيريه ميس وغيث ..
طفلاي.. وقطعتي قلبي هل سيبعدني عنكما القدر ؟ أيعقل هذا !
هل ستنتصر مريم علي وتفوز بحضانتكما .. لا مستحيل !
لكن تلك الأخرى ريم.. أفعل المستحيلات لإرضائها وأختلق لنفسي مشاكلا من العدم من فرط حبي لها لكنها ترفض رد بعض هذا الجميل لي برعاية أطفالي !!
ترفضين رعاية الطفلين .. وترفضين بقاء مريم على ذمتي لترعاهما .. ما الذي تريدينه يا ريم ؟ ماذا ؟!! ..
أنا حقا أحبك لكنك تبحثين عن أكثر الطرق التي تكسرين بها قلبي .. رفضك للطفلين في حياتك اليوم كان أسوأ شيء قد أتوقعه ، حتى أنني لم أفاتح أبي بأمرك لأنني لست مستعدا أبدا لتلقي صدمة جديدة ..
ميس وغيث : صباح الخير بابا
محمود : صباح الخير ، مين فيكم بدو يعطيني البوسة أول ..يلا
تسابق الإثنان ووصلا معلا بعد محاولة كل منهما عرقلة الاخر.. ضحكاتهما كانتا تعانقا السماء ،وكأن هذا بالتحديد ما يحتاجه محمود ليبدل مزاج الأمس السيء
ميس : بابا .. غيث بغش هو دفشني .. أنا أسرع منو
غيث : أنا زلمة أنا أسرع منك .. إنتي بطيئة لأنك بنت
محمود: خلص انتو الثنين سريعين
ميس : بابا وين ماما ؟؟ عشان نبوسها هي كمان
ليتك فقط قتلتني ولم تسألي .. بماذا أجيبك ؟! هذه هي الحلقة الأصعب .. أنتما ! كيف لطفل أ يفهم أنه لم يعد قادرا على رؤية أمه !!
غيث : بابا .. ماما بالحمام ؟ ولا بتغسل عالسطح ؟
محمود : حبايبي .. ماما راحت عند جدو فيصل كم يوم لأنو مريض
ميس ودموعها على أبواب عيناها فهي لم يسبق لها أن فارقت أمها هكذا : بابا خدني عندها
غيث : اه بابا خدنا عندها
محمود بتلعثم : ما بصير ..هو مريض الدكتور منع يكون عندو ولاد صغار .. بس إزا ظليتو شاطرين اليوم باخذكم عالملاهي .. طيب ؟!
ميس وغيث معا : هيييييييييييه ملاهي ..
محمود : يلا تعالو نفطر عند جدو تحت .... ونزل معهم لأبيه .
******
هذا أحد الأيام التي لن أنسى أن أسجلها تحت قائمة أسوأ أيام حياتي .. هذا اليوم الأول الذي أستيقظ فيه ولا أستطيع أن أقبل أطفالي ، لا أستطيع أن أشاكس غيث وألعب معه لعبته المفضلة وهي " المصارعة " .. ولا أستطيع التظاهر بالهزيمة لأرى ابتسامة النصر على وجهه طوال اليوم .! لا أستطيع أن أضع طلاء الأظافر وأحمر الشفاه لأميرتي الصغيرة .. اه كم من " لا أستطيع " بإمكاني عدها الان .. يا رب وكلت أمري إليك فأنت خير وكيل .. يا رب
مريم : يما أبوي وأسامة بشغلهم ؟؟
أم محمد : اه يما .. تعالي أفطري انتي كمان
مريم : لا يما ما إلي نفس
أم محمد : يما انتي ما بتضيعي على حالك ولا وجبة ! .. ما تخلي بالك بقصة مبارح ، أبوكي رح يحلها ان شاء الله .. يلا يما برضاي عليكي تعالي أفطري
مريم : حاضر يما .
******
هل ترانا نلتقي أم أنها
كانت اللقيا على أرض السراب
ثم ولت وتلاشى ظلها
واستحالت ذكريات للعذاب
هكذا يسأل قلبي كلما
طالت الأيام من بعد الغياب
فإذا طيفك يرنو باسما
وكأني في استماع للجواب
أمسح الأرض جيئة وذهابا .. وأنظفها من بعد كل زائر لمريض ..من بعد كل مسعف يركض لغرفة مريضه .. أتلقى التحيات من المارين بعضها صادقة كتحية رجل لرجل يسير في الشارع ، وبعضها يقهرني حين أستشعر فيه الإستهزاء لأن تفكيرهم المحدود جعل لهم قناعة أن ( بمسح أرض يعني قرف !!! ) .. هم بشر أعلم أني لو مددت لهم يدي مصافحا بزي النظافة هذا، لهربو تقززا !! .. لكن التحية الوحيدة التي حين أتلقاها أتمنى لو أنني أجد قبري محفورا أمامي لأرتمي إليه هي تحية الشفقة .. سيكون القبر أرحم علي منها !! .. ما المحزن والمثير للشفقة في عمل عامل النظافة !! أليست مهنة أكثر شرفا من أن أجلس في السوق أو قرب مسجد بثياب نصفها ممزق والنصف الاخر متسخ كمتسول يشحذ منكم النقود لأكرر كلما رأيت أحدا جملة ( لله يا محسنين !! ) .. وأرجو كل مار ليتصدق علي بماله وأكون محظوظا جدا عندما يعطيني أحدهم " نص ليرة " !!!
أسامة يخاطب نفسه : ولك ما هي النص ليرة يا دووب بتكفي لعلبة بيبسي وسندويشة فلافل !! بس تعطيها للشحاد بكون نفسك تحكي بمأذنة الجامع إنك تبرعت ..على أساس معطيه حق عجل !... نص ليرة يزم !! والله لو إنو بشحد منك شحدة مش هيك !! اه يزم صح مالني ما هو بشحد أصلا !!
ثم إن مهنة عامل النظافة أشرف من مهنة السرقة ، ويكفي أن مالي حلالا .. سيكون سهلا جدا علي أن أكسر باب بيت أي جار أو مسافرا أو غيره واخذ كل ما وقعت عليه عيناي من النقود والمجوهرات وهم نيام فلا يشعر بي أحد ولا يحاسبني أحد لأنهم لن يعلموا أنني الفاعل .. سيكون أسهل علي أن أنتشل حقيبة سيدة تسير وحدها في شارع فارغ وأركض فارا بخطاي السريعة التي ستسبق خطاها بكل تأكيد ، لكنني اخترت مهنة تكتسي بالشرف .. ولن يقلل من شأني وشأنها الا فاقدي الشرف !!
الذكرى الوحيدة المرتبطة بمسحي لهذه الأرض .. هي أنتي يا رنيم ! ههه نعم أنتي .
أذكر يوما عندما كانت أمك مريضة ، فخرجتي بدلا منها لتمسحي الساحة الأمامية والجانبية والتراس التابعين لبيتكم .. لمحتك يومها بالصدفة عندما كنت صاعدا لسطح بيتنا لأنظف خزانات الماء .. ترتدين رداء الصلاء لتغطي به شعرك وذراعيك وبنطال جينز بدلا من تنورة الصلاة , كنتي منشغلة بالتنظيف فلم تريني فاستغللت هذه الفرصة بحذاقة ؛ نزلت للمطبخ بسرعة وأحضرت معي دلوا متوسط الحجم ورددت على أسئلة أمي بأنه : بلزمني بالتنظيف بدي اياه .
ملأته ماء من الخزان وقمت برشك بذاك الماء من أعلى السطح .. واختبأت لحتى لا تريني!
رنيم بصراخ : مين ال.....
أسامة بعد ما ظهر بسرعة : اشششش هسا بتلمي علينا الجيران هههههههههههه
ضحكت يومها عليك كثيرا وأنتي مبللة بالماء من أعلى رأسك لأسفل قدميك .. تركتي مسح الأرض ومشيتي بخطوات طفل متذمر لمنزلك وأنا خلفك أكاد أنفجر ضحكا .. ثوان فقط حتى رأيت على هاتفي " رنيم يتصل بك "
أسامة : ههههههه كيف شفتي ميتنا؟ نظيفة ؟ ههههههههههه
رنيم بغضب : كتير مبسوط ما شا الله ؟! والله لو إنك عامل إنجاز !
أسامة : ههههههه حبيبتي روقي مالك معصبة ؟ الحق علي بدي أبرد عليكي مشان شوب هههههه
رنيم : يكتر خيرك صاحب واجب !.. أسامة خليني أخلص تنضيف في وراي ألف شغلة لسا
أسامة : ههههههه طيب بس ما حكيتيلي كيف ميتنا ؟
رنيم : والله لأسدلك اياها يا أسامة .. ماشي !
أسامة : لا إنتي منيحة كثير قلبك بمنعك ههههههه
رنيم بتحدي : أوك بنشوف !! باي
أسامة : ههههههه اوك باي
لم يزدني ضحكا يومها إلا أنك كنتي تنظرين لسطح بيتي كل خمس ثوان لتبتعدي إن رششتك مرة أخرى بالماء .. جميلة حقا ذكرياتي معك يا رنيم ! لكنها مؤلمة جدا وجدا عندما أنظر لما ال حالنا إليه الان ..
البارت الرابع
فيني ما عجز يحمله البحر على كبر محيطه وشاطيه
ما دريت اني بتوه بدنيتي بعد ما قال ببتتعد عنه واخليه
ما دريت ان قلبي ما يبي غيره ولا يقدر يعيش اذا غاب طاريه
ما دريت انه هوى روحي وانفاسي ويغليه قلبي ويعشقه وما يفرط فيه
ما دريت ان غيبته عني دقايق تمر كنها سنين وانا انتظر طاريه
ما دريت انه اذا غاب عني كل ما فيني ينشد عن اخباره ويقول وين اراضيه
ما دريت انه يقدر يبتعد عني ويتركني ويقول انا في الحب ماني بشاريه
الساعة الان الثانية عشرة وخمسة دقائق بعد منتصف الليل ولا زلت مستيقظ ، عملي ينتظرني غدا .. لن يكون من الجيد أبدا أن أتأخر في أول أيام عملي ، علي أن أنام لكن يبدو أن النوم أقسم ألا يستبيح احتلال أسوار عيني الليلة .
أشعر أني مسؤول عما يحدث مع مريم الان ، هناك شيء بأعماقي يخبرني أنني السبب في كل هذا .. أعذريني يا مريم ! أنا اسف يا أختي لم أقصد إيذائك بسواد أفعالي .. أقسم أني لم أقصد !
رنيم يا رنيم يا حبيبة قلبي .. سامحيني فقد كنت جاهل وقتها ، كنت فاقد لكل حس بالمسؤولية لهذا ظلمت حبك لي وظلمت قلبك الذي أحبني ، كنت أعلم أن حبك لي صادق .. وأنك مختلفة عن كل فتاة عرفتها في حياتي .. كنت أعلم أن ذنبك الوحيد هو أنك أحببتني بكل ما أوتيت من قلب ، لكن أنا جرحت قلبك لمرات عديدة .. أهنت كبريائك بقسوة لمرات لا تحصى ولا تعد.. وخنتك لمرات أكثر وأكثر وأكثر .. لم أكن ابه أو أهتم لأنني أعلم أنني عندما أرغب بأن أعيدك لي .. ستعودين ! لأن قلبك كان ملكي أنا وليس ملكك أنت ، فكنت في كل مرة أتفنن بقهرك وتجبري على قلبك .. كنت أشعر بمتعة لا تضاهيها متعة عندما أتجبر عليك وأشعر بضعفك أمامي .. صدقا كانت تلك الوسيلة الوحيدة التي تشعرني برجولتي .. لم أكن أشعر أنني رجل إلا عندما أكون معك .. أنتي فقط !! من بين جميع الفتيات اللواتي عرفتهن لم أشعر برجولتي إلا معك .. رغم أنك كنت الأكثر تحفظا على الدين والعادات من بينهن حيث أنك الوحيدة التي لم أجرؤ قط على لمس يديك حتى !! إلا أنك الوحيدة التي احترمت قلبي ورجولتي .. احترمتني في حضوري وغيابي حبا وليس خوفا .. ولكنني خذلتك كعادتي ، خذلتك في كل شيء وفي كل لحظة وفي كل كلمة وفي كل موقف .. خذلتك حتى امنت أني لا أستطيع فعل شيء غير خذلانك !!
يا وجعي ..أنا لا أستطيع نسيان كلماتك لي عندما استوقفتك مرة و طلبت منك أن تسامحيني .. ووضعت السفر كحجة كاذبة لشحذ عطفك ..
أسامة : سامحيني رنيم .. أنا مسافر بعد أسبوع
رنيم : الله لا يسامحك لا دنيا ولا اخرة !! ..
هي جملة واحدة قلتها من دون تفكير مما جعلني أفهم تماما أنني لم أعد جزءا من أحلامك الوردية .. قلتها حتى من دون النظر إلي كأنني غريب ! أنا الان أعاقب عقاب الدنيا .. انظري لحالي بربك !! أي حظ عاثر أصبح لي من بعدك .. وأختي مريم ، أرى بما يفعله زوجها معها بضعا مما فعلته معك .. أرى في قهرها بضعا من قهرك .. أنا أرى بضع حصائد ظلمي لك في أختي ..لهذا عليك أن تسامحيني يا رنيم فأنا لم أعد أحتمل .. عليك أن تسامحيني فإن كان هذه نتيجة دعواتك علي في الدنيا .. فعقاب الاخرة أشد .. سامحيني .. فمريم صديقتك وهي لا ذنب لها بسواد أفعالي ، أيعقل أن تقبلي الألم لصديقتك يا رنيم ! أعلم أنك لا تعلمين شيئا عما يحدث معنا الان لكن عليكي أن تسامحيني .. سامحيني !! .. سامحيني !!..
ينهشني الندم على كل لحظة ألم جعلتك تشعرين بها .. على كل دمعة ذرفتها على خديك ، فسامحيني !!.. أعرف مثلا يقول أن " الرجل لا يصبح عجوزا حتى يحل الندم مكان أحلامه " لكن ندمي لم يحل مكان أحلامي فقط هو حل مكان حياتي بأكملها .. أنا لست عجوز ! انتهيت من تلك الفترة ، أنا الان ميت على قيد الحياة .. رجل مثلي في التاسعة والثلاثين من عمره أمضى حياته من فشل إلى فشل .. ومن فتاة الى فتاة أخرى ، هه والان كل فتاة عرفتها تزوجت وأصبحت أما لأطفال .. ولا توجد فتاة تقبل الإرتباط بي فقد ذهب الشباب.. وبدأت بضع خصلات من شعري تتلون بالبياض.. فأي فتاة تلك التي ستحب أشيب .. بلا عمل وفاشل !! لو كنت ذا مال لتهافتوا علي لكن انشغالي عن الحياة في الماضي جعلني أخسرها الان أيضا !
رنيم .. اه لو تعلمين كم أحلم أن أمتلك بيتا وأنتي وأطفال يحملون إسمي ويشبهونك , أن أمتلك عملا يجعلني أمشي بلا خزي كلما رأيت حال أصدقائي وقارنت حالهم مع حالي .. عملا يجعل والدي فخورا بي بدلا من استحقاره الدائم لي ! .. لكنها أحلام منتهية الصلاحية ، سيكون ضربا من المستحيل أن يتحقق أي منها ..
بينما أسامة غارق في أفكاره ، حنينه ، ندمه و حسرته !! مر عليه الليل من دون أن يشعر إلا بصوت منبه الساعة السادسة ليوقظه !
أسامة : يا ربي ما نمت ولا دقيقة شو بدو يخليني أداوم هسا !! يا ريت لو بصير أحكيلهم إني مفكره بكرا وأظل اليوم نايم !! اوووف ...
بتذمر مبالغ فيه .. أزاح أطراف لحافه ، رفع رأسه عن الوسادة ثوان ثم عاد ورماه عليها وأخذ يحادث نفسه ..
أسامة : ولك يلا يا أسامة قوم على دوامك ما إنت بالليل كنت تتمنى شغل .. هيو الشغل أجالك !!! .... قرف يقرف هيك شغل ! عامل نظافة الي بسمعني متشجع بحكي كأني دكتور بالمستشفى !! اووووف...بس مضطر ولا أبوي بطردني من الدار ..
حاور نفسه وشاورها وجد نفسه مضطرا لهذا العمل .. فما كان منه إلا أن قام من فراشه .. تناول فطوره من دوم احداث ضجه حتى لا يوقظ من في البيت ، وذهب لعمله !
******
بعد ما تسلل حاملا طفليه النائمين لشقته التي تعلو بيت أبيه ليلا حتى لا يشعر به أحد ويفاتحه بأمر طلاقه الظالم لمريم .. استلقى لينام .. هو ظن أنه سينام لكنه لم يفعل فهو لم يهدأ له بال من تفكيره بصغيريه ميس وغيث ..
طفلاي.. وقطعتي قلبي هل سيبعدني عنكما القدر ؟ أيعقل هذا !
هل ستنتصر مريم علي وتفوز بحضانتكما .. لا مستحيل !
لكن تلك الأخرى ريم.. أفعل المستحيلات لإرضائها وأختلق لنفسي مشاكلا من العدم من فرط حبي لها لكنها ترفض رد بعض هذا الجميل لي برعاية أطفالي !!
ترفضين رعاية الطفلين .. وترفضين بقاء مريم على ذمتي لترعاهما .. ما الذي تريدينه يا ريم ؟ ماذا ؟!! ..
أنا حقا أحبك لكنك تبحثين عن أكثر الطرق التي تكسرين بها قلبي .. رفضك للطفلين في حياتك اليوم كان أسوأ شيء قد أتوقعه ، حتى أنني لم أفاتح أبي بأمرك لأنني لست مستعدا أبدا لتلقي صدمة جديدة ..
ميس وغيث : صباح الخير بابا
محمود : صباح الخير ، مين فيكم بدو يعطيني البوسة أول ..يلا
تسابق الإثنان ووصلا معلا بعد محاولة كل منهما عرقلة الاخر.. ضحكاتهما كانتا تعانقا السماء ،وكأن هذا بالتحديد ما يحتاجه محمود ليبدل مزاج الأمس السيء
ميس : بابا .. غيث بغش هو دفشني .. أنا أسرع منو
غيث : أنا زلمة أنا أسرع منك .. إنتي بطيئة لأنك بنت
محمود: خلص انتو الثنين سريعين
ميس : بابا وين ماما ؟؟ عشان نبوسها هي كمان
ليتك فقط قتلتني ولم تسألي .. بماذا أجيبك ؟! هذه هي الحلقة الأصعب .. أنتما ! كيف لطفل أ يفهم أنه لم يعد قادرا على رؤية أمه !!
غيث : بابا .. ماما بالحمام ؟ ولا بتغسل عالسطح ؟
محمود : حبايبي .. ماما راحت عند جدو فيصل كم يوم لأنو مريض
ميس ودموعها على أبواب عيناها فهي لم يسبق لها أن فارقت أمها هكذا : بابا خدني عندها
غيث : اه بابا خدنا عندها
محمود بتلعثم : ما بصير ..هو مريض الدكتور منع يكون عندو ولاد صغار .. بس إزا ظليتو شاطرين اليوم باخذكم عالملاهي .. طيب ؟!
ميس وغيث معا : هيييييييييييه ملاهي ..
محمود : يلا تعالو نفطر عند جدو تحت .... ونزل معهم لأبيه .
******
هذا أحد الأيام التي لن أنسى أن أسجلها تحت قائمة أسوأ أيام حياتي .. هذا اليوم الأول الذي أستيقظ فيه ولا أستطيع أن أقبل أطفالي ، لا أستطيع أن أشاكس غيث وألعب معه لعبته المفضلة وهي " المصارعة " .. ولا أستطيع التظاهر بالهزيمة لأرى ابتسامة النصر على وجهه طوال اليوم .! لا أستطيع أن أضع طلاء الأظافر وأحمر الشفاه لأميرتي الصغيرة .. اه كم من " لا أستطيع " بإمكاني عدها الان .. يا رب وكلت أمري إليك فأنت خير وكيل .. يا رب
مريم : يما أبوي وأسامة بشغلهم ؟؟
أم محمد : اه يما .. تعالي أفطري انتي كمان
مريم : لا يما ما إلي نفس
أم محمد : يما انتي ما بتضيعي على حالك ولا وجبة ! .. ما تخلي بالك بقصة مبارح ، أبوكي رح يحلها ان شاء الله .. يلا يما برضاي عليكي تعالي أفطري
مريم : حاضر يما .
******
هل ترانا نلتقي أم أنها
كانت اللقيا على أرض السراب
ثم ولت وتلاشى ظلها
واستحالت ذكريات للعذاب
هكذا يسأل قلبي كلما
طالت الأيام من بعد الغياب
فإذا طيفك يرنو باسما
وكأني في استماع للجواب
أمسح الأرض جيئة وذهابا .. وأنظفها من بعد كل زائر لمريض ..من بعد كل مسعف يركض لغرفة مريضه .. أتلقى التحيات من المارين بعضها صادقة كتحية رجل لرجل يسير في الشارع ، وبعضها يقهرني حين أستشعر فيه الإستهزاء لأن تفكيرهم المحدود جعل لهم قناعة أن ( بمسح أرض يعني قرف !!! ) .. هم بشر أعلم أني لو مددت لهم يدي مصافحا بزي النظافة هذا، لهربو تقززا !! .. لكن التحية الوحيدة التي حين أتلقاها أتمنى لو أنني أجد قبري محفورا أمامي لأرتمي إليه هي تحية الشفقة .. سيكون القبر أرحم علي منها !! .. ما المحزن والمثير للشفقة في عمل عامل النظافة !! أليست مهنة أكثر شرفا من أن أجلس في السوق أو قرب مسجد بثياب نصفها ممزق والنصف الاخر متسخ كمتسول يشحذ منكم النقود لأكرر كلما رأيت أحدا جملة ( لله يا محسنين !! ) .. وأرجو كل مار ليتصدق علي بماله وأكون محظوظا جدا عندما يعطيني أحدهم " نص ليرة " !!!
أسامة يخاطب نفسه : ولك ما هي النص ليرة يا دووب بتكفي لعلبة بيبسي وسندويشة فلافل !! بس تعطيها للشحاد بكون نفسك تحكي بمأذنة الجامع إنك تبرعت ..على أساس معطيه حق عجل !... نص ليرة يزم !! والله لو إنو بشحد منك شحدة مش هيك !! اه يزم صح مالني ما هو بشحد أصلا !!
ثم إن مهنة عامل النظافة أشرف من مهنة السرقة ، ويكفي أن مالي حلالا .. سيكون سهلا جدا علي أن أكسر باب بيت أي جار أو مسافرا أو غيره واخذ كل ما وقعت عليه عيناي من النقود والمجوهرات وهم نيام فلا يشعر بي أحد ولا يحاسبني أحد لأنهم لن يعلموا أنني الفاعل .. سيكون أسهل علي أن أنتشل حقيبة سيدة تسير وحدها في شارع فارغ وأركض فارا بخطاي السريعة التي ستسبق خطاها بكل تأكيد ، لكنني اخترت مهنة تكتسي بالشرف .. ولن يقلل من شأني وشأنها الا فاقدي الشرف !!
الذكرى الوحيدة المرتبطة بمسحي لهذه الأرض .. هي أنتي يا رنيم ! ههه نعم أنتي .
أذكر يوما عندما كانت أمك مريضة ، فخرجتي بدلا منها لتمسحي الساحة الأمامية والجانبية والتراس التابعين لبيتكم .. لمحتك يومها بالصدفة عندما كنت صاعدا لسطح بيتنا لأنظف خزانات الماء .. ترتدين رداء الصلاء لتغطي به شعرك وذراعيك وبنطال جينز بدلا من تنورة الصلاة , كنتي منشغلة بالتنظيف فلم تريني فاستغللت هذه الفرصة بحذاقة ؛ نزلت للمطبخ بسرعة وأحضرت معي دلوا متوسط الحجم ورددت على أسئلة أمي بأنه : بلزمني بالتنظيف بدي اياه .
ملأته ماء من الخزان وقمت برشك بذاك الماء من أعلى السطح .. واختبأت لحتى لا تريني!
رنيم بصراخ : مين ال.....
أسامة بعد ما ظهر بسرعة : اشششش هسا بتلمي علينا الجيران هههههههههههه
ضحكت يومها عليك كثيرا وأنتي مبللة بالماء من أعلى رأسك لأسفل قدميك .. تركتي مسح الأرض ومشيتي بخطوات طفل متذمر لمنزلك وأنا خلفك أكاد أنفجر ضحكا .. ثوان فقط حتى رأيت على هاتفي " رنيم يتصل بك "
أسامة : ههههههه كيف شفتي ميتنا؟ نظيفة ؟ ههههههههههه
رنيم بغضب : كتير مبسوط ما شا الله ؟! والله لو إنك عامل إنجاز !
أسامة : ههههههه حبيبتي روقي مالك معصبة ؟ الحق علي بدي أبرد عليكي مشان شوب هههههه
رنيم : يكتر خيرك صاحب واجب !.. أسامة خليني أخلص تنضيف في وراي ألف شغلة لسا
أسامة : ههههههه طيب بس ما حكيتيلي كيف ميتنا ؟
رنيم : والله لأسدلك اياها يا أسامة .. ماشي !
أسامة : لا إنتي منيحة كثير قلبك بمنعك ههههههه
رنيم بتحدي : أوك بنشوف !! باي
أسامة : ههههههه اوك باي
لم يزدني ضحكا يومها إلا أنك كنتي تنظرين لسطح بيتي كل خمس ثوان لتبتعدي إن رششتك مرة أخرى بالماء .. جميلة حقا ذكرياتي معك يا رنيم ! لكنها مؤلمة جدا وجدا عندما أنظر لما ال حالنا إليه الان ..
تعليق