كان لابد أن ننفصل
لم يكن من المعقول أن نستمر هكذا.. اختلفنا ولم نعرف كيف نتحاور.. انفعلنا، وفقدنا أعصابنا، وقلنا ما لم ينبغي أن يقال. فقدت احترامي له وفقد احترامه لي.. وكان لابد لنا أن ننفصل.
برغم كل الالام التي تسبب فيها انفصالنا هذا إلا أن ما تبقى عندي من مشاعر نحوه كانت تحرضني على ألا أتسبب له في المزيد من الجراح والالام عندما أصرح له بنيتي في الانفصال عنه. حددت موعدا للقاء، واخترت مكانا محايدا ليست لنا فيه ذكريات، لأنني أعرف أن سحر المكان وذكرياتنا فيه من الممكن أن تؤثر على حزمي وقراري في إنهاء علاقتنا التي استمرت لعامين كاملين.
كنت أرى أننا وصلنا لمفترق الطريق، والحكمة في التعامل مع هذا الموقف كانت مطلوبة.كنا في الشتاء، وكانت السماء تمطر خارج المكان بغزارة وكأننا كنا جزءا من مشهد في فيلم ما.. كان الموقف غريبا عليّ، وكنت أشعر بأن ثمة غلالة من اللاواقعية تغلف المكان. أتى في موعده، كانت علامات عدم الفهم تبدو على ملامحه من وقع مكالمتي المباغتة عليه.
الكيل قد فاض، ولم أكن على استعداد لسماع المزيد منه عن أسباب انفعاله.. سقط من نظري، وكفى! أخذت نفسا عميقا، وبدأت الكلام...
- "هشام".. إنت عارف كويس إنك شخص عزيز عليّ، لكن للأسف علاقتنا مش هينفع تستمر تاني.. العيب مش فيك، ولا فيَّ، الحكاية وما فيها إن فيه شيء انكسر جوايا ومش هينفع يتصلح.. أنا فكرت في الكلام اللي باقوله لك ده كتير، وماتسرعتش فيه، فياريت ماتحاولش تفتح الموضوع ده تاني. إنت بني ادم كويس، وألف بنت تتمناك.
+ بس يا "بسنت"، أنا شايف إننا مناسبين جدا لبعض.
- أنا كمان كنت فاكرة ده، لحد ما أخدت بالي إننا بالطريقة دي عمرنا ما هنقدر نتخطى الصعاب اللي هتواجهنا في المستقبل..
+ حصل إيه عشان ده كله؟
- هشام احنا مش بنعرف ازاي نكلم بعض.. مش بنعرف نتناقش سوا.. طبيعتنا مختلفة ومش متفاهمين..
+ يعني ده اخر كلام..
- أيوه يا "هشام".. إنت الجنوب وأنا الشمال.. أنا باحب الأدب وإنت بتموت في الفيزياء.. أنا باحلم.. وإنت عملي.. أنا باحب الخيال وإنت عايش في الواقع..أنا..
+ بس دي كلها حاجات فرعية يا "بسنت" ممكن نتغلب عليها..
- لا يا "هشام" مش فرعية.. مفيش أي نقطة تلاقي بينا، وده عمره ما كان فرعي..
+ بس أنا بحبك..
- بس احنا مش مناسبين لبعض..
+ بس أنا مش متخيل حياتي من غيرك..
- بس أنا مش قادرة أتخيلها معاك...
+ هاعتبر نفسي ماسمعتش حاجة.. وهاديكِ فرصة تفكري تاني..
- "هشام" أنا فكرت كويس بالفعل.. ومعلش مضطرة أمشي
تركته في حالة ذهول وعدم تصديق، لكنني فعلت كل ما أستطيع لأتجنب الدخول في تفاصيل حياتنا سويا.. تماسكت كي أسيطر على أعصابي ولا أقول ألفاظا تجرحه وتجعلني أندم على أنني جرحته.. أخبرته –في وسط كلامنا- أنني لم أندم على تجربتي معه، وعلى لحظات سعادة حقيقية منحها لي.
والان، وبعد مرور عدة أشهر على ذلك اليوم، أشعر بالرضا عن تصرفي.. وبالفعل لا أندم على ما حدث في التجربة، ولا على انتهائها..
أنا واثقة -تمام الثقة- في أن هناك شخصا مناسبا لي.. يبحث عني كما أبحث عنه.. وواثقة أيضا في أن الغد سيكون أفضل.
تعليق