مقدمة حول الإعجاز العلمي في القران الكريم والسنة النبوية
(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار﴾ [1]
والقائل: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم﴾[2]
والقائل: ﴿سنريهم اياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾[3]
والقائل: ﴿أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾[4]
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الصادق الأمين المعلم لكل العالمين الذي قال (إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرضين حتى النملة في جحرها والحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير)[5]
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الاخرين وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى اله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إن القران الكريم كتاب له قدر نزل من عند رب عظيم القدر نزل به ملك عظيم القدر على نبي عظيم القدر في ليلة عظيمة القدر.
أما الرب فهو رب الكون وخالقه، وأما الملك فهو أعظم الملائكة، وأما النبي فهو خاتم الأنبياء وأعظمهم، وأما الليلة فهي ليلة خير من ألف شهر.
وأما القران لقد ظل العلماء سنوات طوال يبحثون في قدره فهو كلام الله، كتاب هداية، كتاب تشريع، كتاب طب، كتاب تاريخ، كتاب علوم، هذا فضلا عن اللغة بأقسامها فقد جمع علم الأوليين والاخرين.
إن معجزة القران تظهر لأهل العلم في كل مجال من مجالاته فهي ظاهرة في نظمه، في لغته، في بلاغته في عدده، وفى إخباره عن الأولين، وفى إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع وغيرها.
ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القران والسنة التي كشفت عنها العلوم الكونية.
لقد ظل العلماء يبحثون في هذا الكتاب لماذا هو كتاب معجز؟
ونحن في الصفحات القادمة نتشارك مع من تكلم في إعجاز القران نقدم في هذا البحث تأصيلا لهذا العلم بغية إعانة المشتغلين في هذا الحقل على ارتياد افاقه.
وقد قسمت بحثي إلى إهداء ومقدمة وخاتمة وقائمة مراجع وفهرست وبينها ثلاثة فصول أساسية:
الأول: عن أقوال العلماء في القديم والحديث فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني.
الثاني: لماذا القران كتاب معجز وبعض من أوجه إعجاز القران الكريم بصورة إجمالية في العديد من المجالات.
والفصل الثالث: عن الإعجاز العلمي في القران الكريم وضوابط البحث فيه.
وقد استعنت في ذلك بالقران الكريم والعديد من المراجع والندوات والدورات المعنية بالموضوع كما استعنت بالكثير من الأبحاث على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم إنه نعم المولى ونعم النصير وبالإجابة جدير.
الفصل الأول
اجتهادات العلماء حول الإعجاز
إعجاز القران على مر الزمان
لقد شغلت قضية الإعجاز القراني مساحة كبيرة من الفكر الإسلامي على مر العصور ولا تزال تشغله حتى عصرنا الحاضر ولقد تدارسها كثير من العلماء والفلاسفة وأصحاب الكلام وكان لكل منهم وجهة نظره:
وإننا لنؤكد دوما إن للإعجاز القراني في كل عصر وجه ينكشف للناس ودليل جديد على صدق معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم.... والان لنتعرف على اراء العلماء المسلمين قدامهم ومحدثيهم فيما يتعلق بالإعجاز القراني كما يلي:
المبحث الأول
اراء قدامى علماء المسلمين فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
الخطابي: (319 ه) ناقش الخطابي أراء السابقين في هذه القضية وفند بعضها وأكد الأخرى مثل تأكيده لمعجزة القران المتمثلة في امتناعه على الناس الإتيان بمثله ومثل الإعجاز في ذات القران ولكنه دحض فكرة الإعجاز بالصرفة (وهي التي قال بها كبير المعتزلة أبو إسحاق النظام، وهي أن الله صرف همة الناس عن معارضة القران على الرغم من مقدرتهم على معارضته. ولكن العائق هو صرف الله لهم عن ذلك)
كذلك فقد أكد الخطابي الإعجاز القراني بالإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة، ولم يشك في ذلك كما أنه عول على بلاغة القران تعويلا كبيرا وجعل ذلك من أهم وجوه الإعجاز. وهو الذي يتصل بالوجدان والقلب والتأثير في النفوس.
الرماني: (296- 386 ه) عرض الرماني وجهة نظره في وجوه الإعجاز التي يختص بها القران الكريم وحصرها في: البلاغة القرانية، من إيجاز وتشبيه واستعارة وتلائم وفواصل وتجانس وتصريف وتضمين ومبالغة وحسن بيان. وكذلك تكلم في تحدى القران لكافة الناس أن يأتوا بمثله أو بصورة من مثله والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة.
الباقلاني: (توفى 403ه) هو صاحب المؤلف إعجاز القران وقد حدد الإعجاز القراني في ثلاثة وجوه: الإخبار عن المغيبات وأمية الرسول صلى الله عليه وسلم، والنظم وقد أرجع الباقلاني جمال[6] نظم القراني إلى عشرة وجوه متكاملة تتسم بالدقة والعمق معا وتدل على ترابط الجزئيات وتكاملها القاضي عبد الجبار: (توفي 415ه) أوضح رأيه في الإعجاز في كتابه المغنى وأنه ينحصر في جزالة اللفظ وحسن المعنى إلى درجة لم تبلغها بلاغة البلغاء أو فصاحة الفصحاء.
الجرجاني: (توفى 471ه) كان من العلماء الذين تناولوا إبراز وجوه الإعجاز في القران تناولا دقيقا وهذا واضح في كتابه (دلائل الإعجاز) وكتابه (الرسالة الشافية) ولكنه ركز في بحثه للموضوع على خاصية (النظم) وجعلها الوجه المشرق الوحيد للإعجاز القراني.
القاضي عياض: (496، 544ه) في كتابه الشهير (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم) عقد فيه فصلا عن إعجاز القران وحصر أوجهه في أربعة: حسن التأليف والفصاحة والبلاغة الخارقة، والنظم العجيب، الإخبار بالمغيبات السابقة، الإنباء بالأخبار القادمة وفي موضع اخر من كتابه أضاف أوجها أخرى لإعجاز القران منها تحديه للبلغاء وأهل الفصاحة أن يأتوا ولو بثلاث ايات من مثله، تأثيره النفسي في قارئيه وسامعيه ومتدبريه، وبقائه على مر الزمان دون أن يخلق على كثرة الرد 0
أبو حامد الغزالي: (450، 505 ه) يعد الإمام أبو حامد الغزالي من أقدر رواد هذا الاتجاه وقد بث أفكاره وعرض ارائه في كتابيه (الإحياء) (الجواهر) وهو يقول في إحياء علوم الدين بعد أن بين انشعاب العلوم الدينية: العلوم الدنيوية كلها متشعبه في القران ويقول أيضا كل ما أشكل فهمه على النظار واختلف فيه الخلائق من النظريات والمقولات في القران إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفهم بإدراكها ويستشهد الإمام لاشتمال القران على جميع العلوم بقول ابن مسعود: (من أراد علم الأولين والاخرين فليتدبر القران) وفي كتابه (جواهر القران) يذكر أن علوم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعضائه وعلم السحر وعلم الطلسمات فيه وغير ذلك يشير إليه القران في قول الله سبحانه: ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾[7] فيه إشارة إلى علم الطب المتضمن أسباب المرض ووسائل الشفاء، وقوله سبحانه: ﴿الشمس والقمر بحسبان﴾[8] ونحوه مما يشير إلى علم الهيئة (الفلك) وتركيب السماوات والأرض (الكوزمولوجيا والجيولوجيا) ويرى أن جميع العلوم المعروفة والتي سيسفر عنها الزمان مع تعاقب العصور موجودة في القران لا بالتصريح وإنما (بالقوة) أو كما يقول إن جميع العلوم التي عرفها البشر والتي هم في الطرق إلى معرفتها ليست في أوائلها خارجة عن القران، فإن جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى: وهو بحر الأفعال.
السكاكي: (توفى 626 ه) في كتابه مفتاح العلوم مال إلى القول بالنظم وجعل الإعجاز لا يدرك إلا بالذوق وطول خدمة البلاغة وممارسة الكلام البليغ.
الفخر الرازي: (توفى 606 ه) هو صاحب (التفسير الكبير) المسمى أيضا (مفاتيح الغيب) وهو يرى رحمه الله وجود جميع العلوم في القران بالقوة كوجود الشجرة في النواة البذرة وقد عرض في تفسيره الكبير مباحث كثيرة حسب ثقافة عصره وما بلغته العلوم في زمانه في شتى نواحي العلوم الطبيعية والمعارف الكونية وللرازي أيضا كتاب في هذا المجال هو (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز).
ابن أبي الإصبع المصري: (توفى 654 ه) أكد الإعجاز البياني للقران الكريم وقد تبعه في هذا الرأي العلوي اليمنى(629،729) صاحب كتاب الطراز ولم يخرج كل من شمس الدين الأصفهاني توفى (749 ه) والزركشي (745، 794 ه) عما قال أسلافهم من العلماء.
أبو الفضل المرسى: (توفى 655 ه)، يقول في تفسيره جمع القران علوم الأولين والاخرين بحيث لم يحط به علما إلا المتكلم به ثم قال أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في اية واحدة ﴿... وكان بين ذلك قواما﴾[9] ثم قرر مثل ذلك في علوم الهيئة (الفلك) الهندسة والجبر والمقابلة.
جلال الدين السيوطي: (توفى 911 ه) يرى ما يراه كل من الغزالي والرازي ويستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء..﴾[10] وبأحاديث نبوية منها ما أخرجه أبو الشيخ عن أبى هريرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة) وما ورد عن ابن مسعود إذ قال (أنزل في القران كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بينا لنا في القران وفي كتابه المشهور (الإتقان في علوم القران) يقول الإمام السيوطي:
(اشتمل الكتاب العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القران ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السماوات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثري إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات).
المبحث الثاني
اراء القرن الرابع عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
عبد الرحمن الكواكبى: في مقدمة المحدثين الذين نادوا باستعمال معطيات العلم الحديث في شرح ايات القران التي تتحدث عن الكون والطبيعة والأنفس وما شابه ذلك يقول الكواكبي في كتابه المعروف (طبائع الاستبداد): إن القران الكريم شمس العلوم وكنز الحكم وهو يرى أن العلماء إنما امتنعوا عن التفسير العلمي تخوفا من مخالفة رأى القاصرين في العلم فيكفرون فيقتلون وهو يعرض في كتابه هذا أهمية اتجاه التفسير العلمي للقران الكريم يقول الكواكبي إن مسألة إعجاز القران لم يستطيع أن يوفها حقها العلماء غير المجتهدين الذين اقتصروا على ما قاله السلف من أن إعجازه في فصاحته وبلاغته أو إخباره عن أن الروم بعد غلبهم سيغلبون ولو أطلق للعلماء عنان التدقيق وحرية الرأي والتأليف كما أطلق لأهل التأويل والخرافات لرأوا في ألوف من ايات القران الكريم ألوف الايات من الإعجاز بصدق قوله تعالى: ﴿ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين﴾[11].
ومثال ذلك: أن العلم كشف في هذه القرون الأخيرة حقائق وطبائع ورد التصريح أو التلميح بأكثرها في القران وما بقيت مستورة إلا لتكون عند ظهورها معجزة للقران شاهدة بأنه كلام رب العالمين لا يعلم الغيب سواه.
مصطفى صادق الرافعي: الأديب المعروف الذي وضع كتابه المشهور (إعجاز القران) وذهب فيه إلا أن القران باثاره النامية معجزة أصلية في تاريخ العلم كله على بسيط هذه الأرض من لدن ظهور الإسلام إلى ما شاء الله. كما يقول: استخرج بعض علمائنا من القران ما يشير إلى مستحدثات الاختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية وبسطوا كل ذلك بسطا.
يشرح الرافعي في كتابه (إعجاز القران والبلاغة النبوية) مسائل عديدة في الإعجاز القراني ويخلص إلى أن القران معجزة بالمعنى الذي يفهم من لفظ (الإعجاز) على إطلاقه حيث ينفى الإمكان بالعجز من غير الممكن فهو أمر لا تبلغ منه الفطرة الإنسانية مبلغا وليس إلى ذلك مأتى ولا وجهة وإنما هو أثر كغيره من الاثار الإلهية ليشاركها في إعجاز الصفة وهيئة الوضع وينفرد عنها بأن له مادة من الألفاظ كأنها مفرغة إفراغا من ذوب تلك المواد كلها وما نظنه إلا الصورة الروحية للعالم كله فالقران معجز في تاريخه دون سائر الكتب ومعجز في اثره النفسي ومعجز في حقائقه.
الشيخ محمد عبده: له كتاب (رسالة التوحيد) وهو من المهتمين بإبراز أوجه الإعجاز في القران ويرى أن القران معجز من عند الله لأنه صدر عن نبي أمي لأنه يخبر عن الغيب ولتقاصر القوة البشرية لقد كانت للشيخ اراء تصحيحية غير قليلة وكان من المهتمين بإبراز الإشارات العلمية الواردة بالقران لكنه لم يكن متضلعا بالعلوم الكونية ولم يمارس البحوث التجريبية ولم يدرس الجوانب الطبيعية أو الطبية إنما كان ينقل من أهل التخصصات ليشرح ما يراه مناسبا لبعض الايات ويأخذ بعض العلماء على الشيخ محمد عبده إغراقه في التفسيرات العلمية التي أوقعته في عدد من الأخطاء مثل ما وقع فيه عندما افترض أن (نظرية التطور) لدارون في أصل الإنسان يمكن أن يوجد لها تفسيرا قرانيا وعندما أعتبر أن الحجارة التي ألقتها الطير الأبابيل نوع من المكروبات ويرى هؤلاء العلماء أن هذا وذاك وما شابهه يخالف الحقيقة القرانية.
المبحث الثالث
اراء القرن الخامس عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
محمد متولي الشعراوي: الذي يلجأ في كثير من الأحيان خصوصا عند مروره بالايات ذات الإشارات والمفاهيم العلمية إلى الاستعانة بمعطيات العلوم الحديثة في الكشف عن جوانب من معنى الاية لم تكن ظاهرة من ناس من قبل، ونفهم من ذلك أنه لا يعارض التفسير العلمي، وإنما يعارض المغالاة والاندفاع والخوض بالقول في النظريات والفروض والظنون وجر ايات القران إلى هذا الميدان في محاولة لإثبات القران بالعلم رغم أن القران ليس في حاجة إلى العلم ليثبت صدقه.
يقول فضيلته إن هذا أخطر ما نواجه ذلك أن بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير وفي محاولتهم ربط القران بالتقدم العلمي، يندفعون في محاولة ربط كلام الله بنظريات علمية مكتشفة يثبت بعد ذلك أنها غير صحيحة وهم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعة ويحاولون إثبات القران الكريم بالعلم، والقران ليس في حاجة إلى العلم ليثبت، فالقران ليس كتاب علم ولكنه كتاب عباده ومنهج، ولكن الله سبحانه وتعالى علم أنه بعد عدة قرون من نزول هذا الكتاب الكريم سيأتي عدد من الناس ويقول انتهى عصر الإيمان وبدء عصر العلم، والعلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القران الكريم كحقائق كونية منذ أربعة عشر قرنا.
عبد المجيد الزنداني: أول أمين لهيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة، وهذه هي أول هيئة (من حيث التأسيس) في العالم تقوم على إبراز جوانب الإعجاز العلمي في ايات القران، ولفضيلته كتب عديدة في مجال الإشارات العلمية للقران الكريم، والتوحيد، والكثير من البحوث المنشورة في مؤتمرات هيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة بمكة المكرمة، كما أنه صاحب العديد من الأفكار والمشروعات البحثية في هذا المجال العظيم.
مصطفى محمود: المفكر المعروف وهو أحد المنادين بالتفسير العصري (وهو في نظره أكثر شمولا من مجرد (التفسير العلمي) وله في هذا المجال كتاب مشهور بعنوان (القران. محاولة لفهم عصري).
يقول الدكتور مصطفى محمود إن القران كلام الله (الذي) لا نهاية لمعانيه هو كتاب جامع، ولهذا فإنه احتمل أكثر من منهج في التفسير، فهناك التفسير البياني، والتفسير العلمي الذي يركز على الايات الكونية في الفلك والطب والأجنة وعلى معطيات الموضوعية العلمية، وهناك التفسير الإشاري وهناك... إلخ. ولكل منهج من هذه المناهج مكانه وكلها مكملة لبعضها البعض والاجتهاد فيها لا ينتهي ونظرا لكثرة المعلومات المتاحة في العصر العلمي الذي نعيشه أخذ التفسير العلمي مكان الصدارة، إذ وجدنا ايات القران تتوافق مع كل ما يجد من معارف علمية ثابتة... وهو يرد على المعترضين بحجة العلم وعدم ثباته
(مادة مرشحة للفوز بمسابقة كاتب الألوكة الثانية)
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل: ﴿إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لايات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار﴾ [1]
والقائل: ﴿شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم﴾[2]
والقائل: ﴿سنريهم اياتنا في الافاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق أولم يكف بربك أنه على كل شيء شهيد﴾[3]
والقائل: ﴿أفلا يتدبرون القران ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا﴾[4]
والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين الصادق الأمين المعلم لكل العالمين الذي قال (إن الله وملائكته وأهل السماوات وأهل الأرضين حتى النملة في جحرها والحوت في البحر ليصلون على معلم الناس الخير)[5]
اللهم صل على سيدنا محمد في الأولين وصل على سيدنا محمد في الاخرين وصل على سيدنا محمد في الملأ الأعلى إلى يوم الدين وعلى اله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إن القران الكريم كتاب له قدر نزل من عند رب عظيم القدر نزل به ملك عظيم القدر على نبي عظيم القدر في ليلة عظيمة القدر.
أما الرب فهو رب الكون وخالقه، وأما الملك فهو أعظم الملائكة، وأما النبي فهو خاتم الأنبياء وأعظمهم، وأما الليلة فهي ليلة خير من ألف شهر.
وأما القران لقد ظل العلماء سنوات طوال يبحثون في قدره فهو كلام الله، كتاب هداية، كتاب تشريع، كتاب طب، كتاب تاريخ، كتاب علوم، هذا فضلا عن اللغة بأقسامها فقد جمع علم الأوليين والاخرين.
إن معجزة القران تظهر لأهل العلم في كل مجال من مجالاته فهي ظاهرة في نظمه، في لغته، في بلاغته في عدده، وفى إخباره عن الأولين، وفى إنبائه بحوادث المستقبل، وحكم التشريع وغيرها.
ولقد شاع مصطلح الإعجاز العلمي في عصرنا، للدلالة على أوجه إعجاز القران والسنة التي كشفت عنها العلوم الكونية.
لقد ظل العلماء يبحثون في هذا الكتاب لماذا هو كتاب معجز؟
ونحن في الصفحات القادمة نتشارك مع من تكلم في إعجاز القران نقدم في هذا البحث تأصيلا لهذا العلم بغية إعانة المشتغلين في هذا الحقل على ارتياد افاقه.
وقد قسمت بحثي إلى إهداء ومقدمة وخاتمة وقائمة مراجع وفهرست وبينها ثلاثة فصول أساسية:
الأول: عن أقوال العلماء في القديم والحديث فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني.
الثاني: لماذا القران كتاب معجز وبعض من أوجه إعجاز القران الكريم بصورة إجمالية في العديد من المجالات.
والفصل الثالث: عن الإعجاز العلمي في القران الكريم وضوابط البحث فيه.
وقد استعنت في ذلك بالقران الكريم والعديد من المراجع والندوات والدورات المعنية بالموضوع كما استعنت بالكثير من الأبحاث على شبكة المعلومات الدولية (الإنترنت).
والله أسأل أن يجعل هذا العمل خالصا لوجهه الكريم إنه نعم المولى ونعم النصير وبالإجابة جدير.
الفصل الأول
اجتهادات العلماء حول الإعجاز
إعجاز القران على مر الزمان
لقد شغلت قضية الإعجاز القراني مساحة كبيرة من الفكر الإسلامي على مر العصور ولا تزال تشغله حتى عصرنا الحاضر ولقد تدارسها كثير من العلماء والفلاسفة وأصحاب الكلام وكان لكل منهم وجهة نظره:
وإننا لنؤكد دوما إن للإعجاز القراني في كل عصر وجه ينكشف للناس ودليل جديد على صدق معجزة الرسول صلى الله عليه وسلم.... والان لنتعرف على اراء العلماء المسلمين قدامهم ومحدثيهم فيما يتعلق بالإعجاز القراني كما يلي:
المبحث الأول
اراء قدامى علماء المسلمين فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
الخطابي: (319 ه) ناقش الخطابي أراء السابقين في هذه القضية وفند بعضها وأكد الأخرى مثل تأكيده لمعجزة القران المتمثلة في امتناعه على الناس الإتيان بمثله ومثل الإعجاز في ذات القران ولكنه دحض فكرة الإعجاز بالصرفة (وهي التي قال بها كبير المعتزلة أبو إسحاق النظام، وهي أن الله صرف همة الناس عن معارضة القران على الرغم من مقدرتهم على معارضته. ولكن العائق هو صرف الله لهم عن ذلك)
كذلك فقد أكد الخطابي الإعجاز القراني بالإخبار عن المغيبات السابقة واللاحقة، ولم يشك في ذلك كما أنه عول على بلاغة القران تعويلا كبيرا وجعل ذلك من أهم وجوه الإعجاز. وهو الذي يتصل بالوجدان والقلب والتأثير في النفوس.
الرماني: (296- 386 ه) عرض الرماني وجهة نظره في وجوه الإعجاز التي يختص بها القران الكريم وحصرها في: البلاغة القرانية، من إيجاز وتشبيه واستعارة وتلائم وفواصل وتجانس وتصريف وتضمين ومبالغة وحسن بيان. وكذلك تكلم في تحدى القران لكافة الناس أن يأتوا بمثله أو بصورة من مثله والأخبار الصادقة عن الأمور المستقبلة.
الباقلاني: (توفى 403ه) هو صاحب المؤلف إعجاز القران وقد حدد الإعجاز القراني في ثلاثة وجوه: الإخبار عن المغيبات وأمية الرسول صلى الله عليه وسلم، والنظم وقد أرجع الباقلاني جمال[6] نظم القراني إلى عشرة وجوه متكاملة تتسم بالدقة والعمق معا وتدل على ترابط الجزئيات وتكاملها القاضي عبد الجبار: (توفي 415ه) أوضح رأيه في الإعجاز في كتابه المغنى وأنه ينحصر في جزالة اللفظ وحسن المعنى إلى درجة لم تبلغها بلاغة البلغاء أو فصاحة الفصحاء.
الجرجاني: (توفى 471ه) كان من العلماء الذين تناولوا إبراز وجوه الإعجاز في القران تناولا دقيقا وهذا واضح في كتابه (دلائل الإعجاز) وكتابه (الرسالة الشافية) ولكنه ركز في بحثه للموضوع على خاصية (النظم) وجعلها الوجه المشرق الوحيد للإعجاز القراني.
القاضي عياض: (496، 544ه) في كتابه الشهير (الشفا بتعريف حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم) عقد فيه فصلا عن إعجاز القران وحصر أوجهه في أربعة: حسن التأليف والفصاحة والبلاغة الخارقة، والنظم العجيب، الإخبار بالمغيبات السابقة، الإنباء بالأخبار القادمة وفي موضع اخر من كتابه أضاف أوجها أخرى لإعجاز القران منها تحديه للبلغاء وأهل الفصاحة أن يأتوا ولو بثلاث ايات من مثله، تأثيره النفسي في قارئيه وسامعيه ومتدبريه، وبقائه على مر الزمان دون أن يخلق على كثرة الرد 0
أبو حامد الغزالي: (450، 505 ه) يعد الإمام أبو حامد الغزالي من أقدر رواد هذا الاتجاه وقد بث أفكاره وعرض ارائه في كتابيه (الإحياء) (الجواهر) وهو يقول في إحياء علوم الدين بعد أن بين انشعاب العلوم الدينية: العلوم الدنيوية كلها متشعبه في القران ويقول أيضا كل ما أشكل فهمه على النظار واختلف فيه الخلائق من النظريات والمقولات في القران إليه رموز ودلالات عليه يختص أهل الفهم بإدراكها ويستشهد الإمام لاشتمال القران على جميع العلوم بقول ابن مسعود: (من أراد علم الأولين والاخرين فليتدبر القران) وفي كتابه (جواهر القران) يذكر أن علوم الطب والنجوم وهيئة العالم وهيئة بدن الحيوان وتشريح أعضائه وعلم السحر وعلم الطلسمات فيه وغير ذلك يشير إليه القران في قول الله سبحانه: ﴿وإذا مرضت فهو يشفين﴾[7] فيه إشارة إلى علم الطب المتضمن أسباب المرض ووسائل الشفاء، وقوله سبحانه: ﴿الشمس والقمر بحسبان﴾[8] ونحوه مما يشير إلى علم الهيئة (الفلك) وتركيب السماوات والأرض (الكوزمولوجيا والجيولوجيا) ويرى أن جميع العلوم المعروفة والتي سيسفر عنها الزمان مع تعاقب العصور موجودة في القران لا بالتصريح وإنما (بالقوة) أو كما يقول إن جميع العلوم التي عرفها البشر والتي هم في الطرق إلى معرفتها ليست في أوائلها خارجة عن القران، فإن جميعها مغترفة من بحر واحد من بحار معرفة الله تعالى: وهو بحر الأفعال.
السكاكي: (توفى 626 ه) في كتابه مفتاح العلوم مال إلى القول بالنظم وجعل الإعجاز لا يدرك إلا بالذوق وطول خدمة البلاغة وممارسة الكلام البليغ.
الفخر الرازي: (توفى 606 ه) هو صاحب (التفسير الكبير) المسمى أيضا (مفاتيح الغيب) وهو يرى رحمه الله وجود جميع العلوم في القران بالقوة كوجود الشجرة في النواة البذرة وقد عرض في تفسيره الكبير مباحث كثيرة حسب ثقافة عصره وما بلغته العلوم في زمانه في شتى نواحي العلوم الطبيعية والمعارف الكونية وللرازي أيضا كتاب في هذا المجال هو (نهاية الإيجاز في دراية الإعجاز).
ابن أبي الإصبع المصري: (توفى 654 ه) أكد الإعجاز البياني للقران الكريم وقد تبعه في هذا الرأي العلوي اليمنى(629،729) صاحب كتاب الطراز ولم يخرج كل من شمس الدين الأصفهاني توفى (749 ه) والزركشي (745، 794 ه) عما قال أسلافهم من العلماء.
أبو الفضل المرسى: (توفى 655 ه)، يقول في تفسيره جمع القران علوم الأولين والاخرين بحيث لم يحط به علما إلا المتكلم به ثم قال أما الطب فمداره على حفظ نظام الصحة واستحكام القوة وذلك إنما يكون باعتدال المزاج بتفاعل الكيفيات المتضادة وقد جمع ذلك في اية واحدة ﴿... وكان بين ذلك قواما﴾[9] ثم قرر مثل ذلك في علوم الهيئة (الفلك) الهندسة والجبر والمقابلة.
جلال الدين السيوطي: (توفى 911 ه) يرى ما يراه كل من الغزالي والرازي ويستدل لذلك بقوله تعالى: ﴿ما فرطنا في الكتاب من شيء..﴾[10] وبأحاديث نبوية منها ما أخرجه أبو الشيخ عن أبى هريرة قول الرسول صلى الله عليه وسلم (إن الله لو أغفل شيئا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة) وما ورد عن ابن مسعود إذ قال (أنزل في القران كل علم وبين لنا فيه كل شيء ولكن علمنا يقصر عما بينا لنا في القران وفي كتابه المشهور (الإتقان في علوم القران) يقول الإمام السيوطي:
(اشتمل الكتاب العزيز على كل شيء أما أنواع العلوم فليس منها باب ولا مسألة هي أصل إلا وفي القران ما يدل عليها وفيه عجائب المخلوقات وملكوت السماوات والأرض وما في الأفق الأعلى وتحت الثري إلى غير ذلك مما يحتاج شرحه إلى مجلدات).
المبحث الثاني
اراء القرن الرابع عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
عبد الرحمن الكواكبى: في مقدمة المحدثين الذين نادوا باستعمال معطيات العلم الحديث في شرح ايات القران التي تتحدث عن الكون والطبيعة والأنفس وما شابه ذلك يقول الكواكبي في كتابه المعروف (طبائع الاستبداد): إن القران الكريم شمس العلوم وكنز الحكم وهو يرى أن العلماء إنما امتنعوا عن التفسير العلمي تخوفا من مخالفة رأى القاصرين في العلم فيكفرون فيقتلون وهو يعرض في كتابه هذا أهمية اتجاه التفسير العلمي للقران الكريم يقول الكواكبي إن مسألة إعجاز القران لم يستطيع أن يوفها حقها العلماء غير المجتهدين الذين اقتصروا على ما قاله السلف من أن إعجازه في فصاحته وبلاغته أو إخباره عن أن الروم بعد غلبهم سيغلبون ولو أطلق للعلماء عنان التدقيق وحرية الرأي والتأليف كما أطلق لأهل التأويل والخرافات لرأوا في ألوف من ايات القران الكريم ألوف الايات من الإعجاز بصدق قوله تعالى: ﴿ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين﴾[11].
ومثال ذلك: أن العلم كشف في هذه القرون الأخيرة حقائق وطبائع ورد التصريح أو التلميح بأكثرها في القران وما بقيت مستورة إلا لتكون عند ظهورها معجزة للقران شاهدة بأنه كلام رب العالمين لا يعلم الغيب سواه.
مصطفى صادق الرافعي: الأديب المعروف الذي وضع كتابه المشهور (إعجاز القران) وذهب فيه إلا أن القران باثاره النامية معجزة أصلية في تاريخ العلم كله على بسيط هذه الأرض من لدن ظهور الإسلام إلى ما شاء الله. كما يقول: استخرج بعض علمائنا من القران ما يشير إلى مستحدثات الاختراع وما يحقق بعض غوامض العلوم الطبيعية وبسطوا كل ذلك بسطا.
يشرح الرافعي في كتابه (إعجاز القران والبلاغة النبوية) مسائل عديدة في الإعجاز القراني ويخلص إلى أن القران معجزة بالمعنى الذي يفهم من لفظ (الإعجاز) على إطلاقه حيث ينفى الإمكان بالعجز من غير الممكن فهو أمر لا تبلغ منه الفطرة الإنسانية مبلغا وليس إلى ذلك مأتى ولا وجهة وإنما هو أثر كغيره من الاثار الإلهية ليشاركها في إعجاز الصفة وهيئة الوضع وينفرد عنها بأن له مادة من الألفاظ كأنها مفرغة إفراغا من ذوب تلك المواد كلها وما نظنه إلا الصورة الروحية للعالم كله فالقران معجز في تاريخه دون سائر الكتب ومعجز في اثره النفسي ومعجز في حقائقه.
الشيخ محمد عبده: له كتاب (رسالة التوحيد) وهو من المهتمين بإبراز أوجه الإعجاز في القران ويرى أن القران معجز من عند الله لأنه صدر عن نبي أمي لأنه يخبر عن الغيب ولتقاصر القوة البشرية لقد كانت للشيخ اراء تصحيحية غير قليلة وكان من المهتمين بإبراز الإشارات العلمية الواردة بالقران لكنه لم يكن متضلعا بالعلوم الكونية ولم يمارس البحوث التجريبية ولم يدرس الجوانب الطبيعية أو الطبية إنما كان ينقل من أهل التخصصات ليشرح ما يراه مناسبا لبعض الايات ويأخذ بعض العلماء على الشيخ محمد عبده إغراقه في التفسيرات العلمية التي أوقعته في عدد من الأخطاء مثل ما وقع فيه عندما افترض أن (نظرية التطور) لدارون في أصل الإنسان يمكن أن يوجد لها تفسيرا قرانيا وعندما أعتبر أن الحجارة التي ألقتها الطير الأبابيل نوع من المكروبات ويرى هؤلاء العلماء أن هذا وذاك وما شابهه يخالف الحقيقة القرانية.
المبحث الثالث
اراء القرن الخامس عشر الهجري فيما يتعلق بقضية الإعجاز القراني
محمد متولي الشعراوي: الذي يلجأ في كثير من الأحيان خصوصا عند مروره بالايات ذات الإشارات والمفاهيم العلمية إلى الاستعانة بمعطيات العلوم الحديثة في الكشف عن جوانب من معنى الاية لم تكن ظاهرة من ناس من قبل، ونفهم من ذلك أنه لا يعارض التفسير العلمي، وإنما يعارض المغالاة والاندفاع والخوض بالقول في النظريات والفروض والظنون وجر ايات القران إلى هذا الميدان في محاولة لإثبات القران بالعلم رغم أن القران ليس في حاجة إلى العلم ليثبت صدقه.
يقول فضيلته إن هذا أخطر ما نواجه ذلك أن بعض العلماء في اندفاعهم في التفسير وفي محاولتهم ربط القران بالتقدم العلمي، يندفعون في محاولة ربط كلام الله بنظريات علمية مكتشفة يثبت بعد ذلك أنها غير صحيحة وهم في اندفاعهم هذا يتخذون خطوات متسرعة ويحاولون إثبات القران الكريم بالعلم، والقران ليس في حاجة إلى العلم ليثبت، فالقران ليس كتاب علم ولكنه كتاب عباده ومنهج، ولكن الله سبحانه وتعالى علم أنه بعد عدة قرون من نزول هذا الكتاب الكريم سيأتي عدد من الناس ويقول انتهى عصر الإيمان وبدء عصر العلم، والعلم الذي يتحدثون عنه قد بينه القران الكريم كحقائق كونية منذ أربعة عشر قرنا.
عبد المجيد الزنداني: أول أمين لهيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة، وهذه هي أول هيئة (من حيث التأسيس) في العالم تقوم على إبراز جوانب الإعجاز العلمي في ايات القران، ولفضيلته كتب عديدة في مجال الإشارات العلمية للقران الكريم، والتوحيد، والكثير من البحوث المنشورة في مؤتمرات هيئة الإعجاز العلمي للقران والسنة بمكة المكرمة، كما أنه صاحب العديد من الأفكار والمشروعات البحثية في هذا المجال العظيم.
مصطفى محمود: المفكر المعروف وهو أحد المنادين بالتفسير العصري (وهو في نظره أكثر شمولا من مجرد (التفسير العلمي) وله في هذا المجال كتاب مشهور بعنوان (القران. محاولة لفهم عصري).
يقول الدكتور مصطفى محمود إن القران كلام الله (الذي) لا نهاية لمعانيه هو كتاب جامع، ولهذا فإنه احتمل أكثر من منهج في التفسير، فهناك التفسير البياني، والتفسير العلمي الذي يركز على الايات الكونية في الفلك والطب والأجنة وعلى معطيات الموضوعية العلمية، وهناك التفسير الإشاري وهناك... إلخ. ولكل منهج من هذه المناهج مكانه وكلها مكملة لبعضها البعض والاجتهاد فيها لا ينتهي ونظرا لكثرة المعلومات المتاحة في العصر العلمي الذي نعيشه أخذ التفسير العلمي مكان الصدارة، إذ وجدنا ايات القران تتوافق مع كل ما يجد من معارف علمية ثابتة... وهو يرد على المعترضين بحجة العلم وعدم ثباته
تعليق