صناعة الصابون الطبيعي المنعش المجموعة الثالثة في 9 يناير 2012
د . عدنان جواد الطعمة
إعتدت منذ سنوات على صناعة الصابون الطبيعي كل سنيتن أو ثلاث سنوات عندما يشح مخزوننا من قطع الصابون للإستعمال الخاص وكذلك للإهداء .
إن صناعة الصابون بالسنبة لي جدا جميلة وخاصة إذا جمعت بعض الأعشاب النافعة وجففتها أو شرائها من المحلات والشركات الخاصة .
قبيل انتهاء العام الماضي شاهدت أن مخزوننا للصابون وصل حد النفاد. لذا قررت أن أصنع كمية كافية لهذا العام و العام القادم .
صنعت المجموعة الأولى يوم 3 يناير والمجموعة الثانية 8 يناير والمجموعة الثالثة والأخيرة يوم أمس 9 يناير 2012 .
بدأت بصناعة الصابون الطبيعي المنعش في الساعة التاسعة من صباح أمس إلى الساعة الواحدة ظهرا . صنعت ثلاثة أنواع من الصابون البابونج و صابون الخزامى و صابون أعشاب الليمون .
وفي هذا اليوم إشتغلت ثلاث ساعات على تصوير قطع الصابون وتعبئتها في أكياس صغيرة من البلاستك الشفافة . ثم عملت ساعتين على الكومبيوتر لتصغير أخجام الصور وتعديلها .
لابد من إعادة نشر المقدمة عن صناعة الصابون للإفادة ، والله ولي التوفيق .
بدأ الإنسان بإستعمال الصابون منذ أكثر من أربعة الاف سنة في بلاد وادي الرافدين ، العراق الحبيب ، حيث ذكرت نصوص على ألواح الطين المكتوبة بالكتابة المسمارية بأن السومريين هم أول من صنعوا واستعملوا الصابون في دلتا ما بين النهرين الفرات و دجلة .
كانت مادة الصابون التي استعملها السومريون عبارة عن معجون الصابون . وبعد السومريين صنع قدماء المصرين الصابون و كتبوا و صفات لصناعة الصابون على أوراق البردي .
لم تكن لدى السومريين و المصريين و الإغريق الذين صنعوا الصابون معرفة بالكيمياء أي أنهم لم يعلموا أن صناعة الصابون لها علاقة بالكيمياء .
و بدون تفاعل كيميائي لا يمكن صناعة الصابون ، لعل هذه الأقوام تعرفت بالصدفة أو من خلال الخبرات و التجارب على صناعة الصابون .
و قد أثبتت كافة أنواع الصابون التي صنعها السومريون و المصريون و الإغريق أنها كانت صالحة و كافية لنظافة الجسم .
كان العرب في القرنين السابع و الثامن للميلاد من أشهر الأمم التي كانت تجيد صناعة الصابون في أسبانيا و من أسبانيا انتشرت صناعة الصابون إلى البلدان الأوروبية .
و في هذه المرحلة انتشرت رسوم و مخططات و وصفات لصناعة الصابون في أوروبا .
طور الأوروبيون في الفترة الواقعة ما بين القرن التاسع و القرن الثاني عشر طرق و أساليب صناعة الصابون ، خاصة في المدن و البلدان الوقعة على سواحل البحر الأبيض المتوسط و خصوصا إيطاليا و اسبانيا و فرنسا .
و أول مرة قام الرجال باستعمال الصابون للحلاقة في سنة 1225 ، حيث كانت قطعة الصابون صلبة و ثمينة جدا .
إكتشف نيكولاس ليبلانك Nikolas Leblanc طريقة حديثة لإنتاج و صناعة كميات كبيرة من الصابون ، حيث استخدم محاليل قلوية ( قاعدية ) مركزة جدا و التي صنعها من الرماد بطرق صعبة .
أما الصابون الذي يصنع باليد ، فإنه لا يحتوي على مواد كيمياوية حافظة .
سبق لي أن عملت في قسم الكيمياء بكلية التربية التابعة لجامعة بغداد كمحضر كيمياوي و مسؤول عن مخازن الكيمياء، بالإضافة إلى أني أنهيت الدراسة الثانوية في الفرع العلمي و ليس الأدبي .
و في عام 1985 طرأت علي فكرة بأن أصنع صابون غسيل سائلي للصحون
وأغراض التنظيف المنزلية و كذلك صابون للحلاقة و شامبو لغسيل الشعر والجسم.
ومن حسن الصدف اكتشفت في مدينتنا محلا تجاريا خاصا بالتجميل يتاجر بالمواد الأولية السائلة لصناعة هذه الأنواع الثلاثة للصابون أي للغسيل و الإستحمام و الحلاقة .
اشتريت كتبا و مجلات ألمانية و نقلت عنها الوصفات الخاصة بكل نوع من الصابون و كتبت أسماء و كميات المواد المطلوبة لكل وصفة .
و بعد شرائي للمواد كلها بدأت بصناعة كافة أنواع الصابون بكميات كافية ثم أعدت صناعتها مجددا و أضفت إليها أنواعا من الأعشاب و العطور ، لمدة أكثر من ثلاث سنوات .
و بعد ذلك توقفت عن صناعة الصابون بسبب انشغالي بالعمل و البحوث العلمية المختلفة و كتابة عدة كتب و الترجمة و السفر و غير ذلك من الأمور ، فلم يتوفر لدي الوقت الكافي لإعادة صناعة الصابون .
قرأت في المواقع و المنتديات العربية قبل سنوات موضوع صناعة صابون الغار ( الرقي البطيخ الأحمر، الركي الذي نطلق عليه نحن العراقيون ) الذي جلب انتباهي .
إتصلت بمعامل صناعة صابون الغار في حلب و دمشق و كتبت لهم عدة رسائل و اتصلت ببعضهم هاتفيا و عبر المسنجر طالبا منهم إرسال لي وصفة عن كيفية صناعة صابون الغار بكمية قليلة
للإستعمال الخاص و ليس للمتاجرة ، حيث كتب لي في حينه أحد الإخوان و قال لي بأنه سيبعث لي طردا يحتوي على أكثر من عشرين قطعة صابون تكفينا لعدة سنوات ، بدلا من أن تخاطر في صناعة الصابون .
أجبته يا أخي أريد أن أصنع صابون طبيعي لي و لزوجتي للإستعمال الخاص أرجوك أن تكتب لي وصفة لكمية صغيرة لا تتعدى خمسة ألتار من زيت الزيتون .
كما اتصلت بأحد الإخوان و كلمته هاتفيا فقال لي أنه سيبعث لي ثلاث وصفات ولترين من مادة يستوردها من إيطاليا تستخدم مع زيت الزيتون ، و قلت له سأدفع لك كافة التكاليف حال وصول البضاعة و الوصفات .
وكتبت لي إحدى الأخوات الفلسطينيات بأن أمها أو جدتها تصنع صابون غار ممتاز عدة مرات في السنة و عندما تسافر إلى لبنان أو الأردن فإنها ستكتب الوصفة و ترسلها لي عبر الإيميل .
لا أريد هنا الإطالة ، فلم يفي أحد من الإخوة و حتى الأخت بوعودهم ، سامحهم الله ، و انتظرت ثلاثة أشهر ، و قررت التوكل على الله و الإعتماد على نفسي ، حيث كانت مواعيدهم مثل مواعيد عرقوب واخاه بيثرب.
بدأت بدراسة صناعة الصابون من خلال الكتب الألمانية و كتبت أسماء الشركات التي تجهز المواد الأولية لصناعة الصابون و مواد الزينة .
عملت مختبرا خاصا في منزلنا( حاليا مطبخي العربي) و جهزت نفسي بكل الوسائل الواقية والأدوات.
ثم بدأت بصناعة كافة أنواع الصابون الصلب مستخدما المواد الطبيعية و الأعشاب التي جففتها و خلاصة الأعشاب و كذلك مختلف العطور و الروائح .
صنعت نوعين اساسيين من الصابون :
1 – صابون الغار ( الرقي ، الركي ) إستخدمت زيت الزيتون و زيوت و أعشاب مختلفة و عطور المسك و العنبر وماء الورد و الخزامى و الليمون و البابونج و المرامية و العسل و الكاكاو
و الأفوكادو و اليانسون و النعناع و أنواعا غيرها مع الصودا الكاوية و مواد أخرى . كانت صناعة هذا النوع من الصابون مكلفة جدا وخطيرة.
2 – صابون الغليسرين مع الأعشاب و العطور و الروائح ، و باشكال و ألوان متنوعة زاهية.
وهذا النوع أيضا خطر إذا لم تحسن ضبط المقادير وارتداء الملابس الواقية والإبتعاد عن البخار الذي قد يسبب للشخص العمى لا سمح الله إذا أخطأ .
إعتدت سنويا أن أصنع كميات لا بأس بها من الصابون لإستعمالنا الخاص وللإهداء إلى الأصدقاء العرب والألمان في المناسبات أو عندما نزورهم .
قمت في يوم 3 يناير 2012 بعمل أشياء كثيرة ومنها صناعة المجموعة الأولى من الصابون لهذه السنة .
إستخدمت خلاصة الأعشاب وأهمها اليانسون و الخزامى و أعشاب الليمون .
وإن شاء الله سأصنع المجموعة الثانية عندما تصلني المواد الأولية والعطور وخلاصة النباتات والزهور. وحتما سأستخدم المرامية و البابونج و خلاصة الزهور والأعشاب التي أنتظرها بفارغ الصبر.
تجدون طيا صور نماذج من الصابون الذي صنعته ، فكأنها تشبة الكيك أو الكعكة .
وبالجدير بالذكر قمت في العام الماضي بزيارة إحدى العوائل السورية في مدينتنا و أهديت لها عدة أنواع من الصابون ، قدم ولدهم الأكبر إلينا و شاهد هذه الأنواع من الصابون و سأل أباه من جاء بهذا الكيك أو الكعك الجميل ، فضحكنا .
لا يوجد شيئ يخص حياتنا المنزلية و الشخصية لا يمكن صناعته أو عمله إذا رغب المرء القيام
بصناعته و توفرت لديه الرغبة و المواد الأولية و الكتب والمراجع الخاصة والمختبر والأدوات والملابس الخاصة والنظارة الواقية والصدرية ، و أهمها الإرادة و الصبر و الدقة .
تفضلوا بقبول مني فائق ودي وتقديري
كل عام وأنتم بخير و عافية
د .عدنان
ألمانيا في 10 يناير 2012
تعليق