مرحبا هل يمكنكم ان تساعدوني في تحليل قصيدة عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم حسب منهجية التحليل المتعارف عليها في تحليل القصائد
شرح قصيدة المتنبي عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم من كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي قال أيضا يمدحه ويذكركذب البطريق في يمينه برأس الملك أنه يعارض سيف الدولة في الدرب سنة 345 عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم ... ما ذا يزيدك في إقدامك القسم
يقول عاقبة القسم على عاقبة الحرب ندم يعني من حلف على الظفر في عاقبة الحرب ندم لأنه رما لا يظفر ذكر أن القسم لايزيد في الإقدام لأن الجبان لا يقدم وإن حلف
وفي اليمين على ما أنت واعده ... ما دل أنك في الميعاد متهم
إذا حلفت على ما تعده من نفسك دلت اليمين على أنك غير صادق فيما تعده لأن الصادق لا يحتاج إلى اليمين
الي الفتى ابن شمشقيق فأحنثه ... فتى من الضرب ينسى عنده الكلم
ابن شمشقيق بطريق الروم يقول حلف فاحنثه من ينسى عند ضربه اليمين والكلام لشدته يعني سيف الدولة
وفاعل ما اشتهى يغنيه عن حلف ... على الفعال حضور الفعل والكرم
يفعل ما يريد لأنه ملك لا معارض له ويغنيه عن القسم على ما يفعله حضور فعله وكرمه أي أنه موثوق به لكرمه وفعله ما يريد حاضر عاجل فلا يحتاج أن يقسم على ما يريد فعله
كل السيوف إذا طال الضراب بها ... يمسها غير سيف الدولة السأم
لو كلت الخيل حتى لاتحمله ... تحملته إلى أعدائه الهمم
قال ابن جنى الاختيار في تحمله الرفع لأنه فعل الحال من حتى كأنه قال حتى هي غير متحملة والنصب جائز على معنى إلى أن لا تحمله يقول لو عجزت الخيل عن حمله إلى اعدائه لسار إليهم بنفسه لأن همته لا تدعه يترك القتال
أين البطاريق والحلف الذي حلفوا ... بمفرق الملك والزعم الذي زعموا
يقول أين ذهبوا وكيف تركوا يمينهم برأس الملك وأين ما وعدوه من أنفسهم من القتال والزعم كناية عن الكذب يعني أن كل ذلك كان كذبا وروى ابن جنى البطارق بغير ياء والأصل بالياء
ولي صوارمه إكذاب قولهم ... فهن ألسنة أفواهها القمم
ولى سيف الدولة سيوفه أن تكذبهم فيما قالوا من الصبر على القتال فكذبتهم سيوفه بقطع رؤوسهم وجعلها كالألسنة تعبر عن تكذيبهم ولما جعلها السنة جعل رؤوسهم كالأفواه لأنها تتحرك في تلك الرؤوس تحرك اللسان في الفم
نواطق مخبرات في جماجمهم ... عنه بما جعلوا منه وما علموا
(1/299)
هذا البيت تفسير للمصراع الأخير من البيت الأول يقول سيوفه تخبرهم عن سيف الدولة بما علموا من إقدامه وشجاعته وصبره في الحرب وبما جهلوا منه لأنهم لم يعرفوا ما عنده من الشجاعة تمام المعرفة
الراجع الخيل محفاة مقودة ... من كل مثل وبار أهلها إرام
يقول هو الذي يرد الخيل عن غزواته وقد حفيت بكثرة المشي يقودها من كل بلد مثل وبار في الهلاك وأهلها بادوا وهلكوا هلاك ارم وليس يريد أن وبار كان أهلها أرم بل يريد أن الديار التي رد عنها خيله كانت كوبار خرابا وأهلها هلاكا ووبار مدينة قديمة الخراب يقال أنها من مساكن الجن قال ابن جنى وهي مبنية على الكسر مثل حذام وقطام وإرم جيل من الناس هلكوا في قديم الدهر يقال أنهم من عاد
كتل بطريق المغرور ساكنها ... بأن دارك قنسرون والأجم
تل بطريق بلد بالروم وهو تفسير لقوله من كل مثل وبار يعني من كل بلد مثل وبار كتل بطريق التي غر ساكنها بأنك بعيد عنهم لا تقدر على قطع ما بينك وبينهم من المسافة وقنسرون بالشام والأجم مكان بقرب الفراديس
وظنهم أنك المصباح في حلب ... إذا قصدت سواها عادها الظلم
أي غروا بظنهم أنك لا ترتحل عن حلب لأنك إذا ارتحلت عنها وبعدت انتقضت عليك ولايتها
والشمس يعنون إلا أنهم جهلوا ... والموت يدعون إلا أنهم وهموا
أي جهلوا أنك كالشمس تعم الأماكن وإن كانت بعيدة وغلطوا فلم يعرفوا أنك كالمو الذي لايتعذر عليه مكان
فلم تتم سروج فتح ناظرها ... إلا وجيشك في جفنيه مزدحم
يقول لم تصبح سروج إلا وخيلك مزدحمة عليها جعل الصباح لها بمنزلة فتح الناظر
والنقع يأخذ حرانا وبقعتها ... والشمس تسفر أحيانا وتلتثم
حران على بعد من سروج يعني أن الغبار وصل إليها لعظم الحرب وقال أوب العلاء المعري بقعتها بفتح الباء مكان كالبطحاء يعرف ببقعة حران وأحسن بما قال فإن ذكر البقعة بالضم ها هنا لا يحسن لأن النقع إذا أخذ حرانا أخذ بقعتها وإن لم تذكر
سحب تمر بحصن الران ممسكة ... وما بها البخل لولا أنها نقم
يعني جيش سيف الدولة وحسن الران من عمله يقول أمساكها ليس بخلا وإنما هو اشفاق على دياره والنقم تصب على ديار الأعداء
جيش كأنك في ارض تطاوله ... فالأرض لا أمم والجيش لا أمم
التاء في تطاوله للارض يقول بعدت الأرض فاطلت كأنها تطاول جيشك الكبير البعيد أطرافه ولاكهما كان طويلا ثم فسر هذا بقوله
إذا مضى علم منها بدا علم ... وإن مضى علم منه بدا علم
علم الأرض هو الجبل وعلم الجيش معروف أي فلا الجبال كانت تفنى ولا أعلام الجيش
وشرب أحمت الشعري شكائمها ... ووسمتها على انافها الحكم
الشرب جمع الشارب وهو الضامر من الخيل والشعري من نجوم القيظ يقول حميت حدائد لجمها بحرارة الهواء حتى جعلت الحكم وهو جمع حكمة اللجام تسم أنوف الخيل
حتى وردن بمسنين بحيرتها ... تنش بالماء في أشداقها اللجم
حتى وردت الخيل بحيرة هذا الموضع وكرعت في الماء فسمع للجمها نشيش في أشداقها ويريد أنها كانت محماة فلما أصابها الماء نشت ويريد أنها لسرعتها تشرب الماء على اللجم
وأصبحت بقورى هنزيط جائلة ... ترعى الظبا في خصيب نبته اللمم
يقول أصبحت الخيل بقرى هذا المكان تجول للغارة والقتل والسيوف ترعى في مكان خصيب من رؤوسهم غير أن نبت ذلك المكان الشعور والمعنى أن السيوف تصل من الرؤوس مثل ما يصل إليه المال الراعي في البلد الخصيب
فما تركن بها خلدا له بصر ... تحت التراب ولا بازا له قدم
الخلد ضرب من الفار ليس لها عيون يعني أن أهل الروم كانوا قسمين قسم دخل المطامير والأسراب كالفار إذا ريعت من شيء دخلت جحرها وقسم توقلوا في الجبال واعتصموا بها كالبازي يطير علوا وجعل من دخل الأسراب خلدا ذا أعين والذين تحصنوا بالجبال بزاة لها أقدام لأنه يريد بالفريقين ناسا والمعنى ما تركت السيوف انسانا دخل المطورة تحت الأرض فصال كالخلد ولا من تعلق برأس الجبال فصار كالبازي إلا اهلكته
فلا هزبرا له من درعه لبد ... ولا مهاة لها من شبهها حشم
(1/300)
ولا بطلا كالهزبر له مكان اللبد الدرع ولا جارية كالمهاة لها خدم من شبهها والمهاة التي هي البقرة الوحشية لا خدم لها من شبهها
ترمي على شفرات الباترات بهم ... مكامن الأرض والغيطان والأكم
أي لقرب حينهم وحلول اجالهم لم ينفعهم الهرب حتى كأن مهاربهم من الغيطان والجبال ترمي بهم على حد السيف
وجاوزوا أرسناسا معصمين به ... وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم
يقول قطعوا هذا النهر متمسكين بقطعه ليعصمهم عنك وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم منك لأنك تقطعه وتربه بالسفن وراءهم
وما يصدك عن بحر لهم سعة ... وما يردك عن طود لهم شمم
أي سعة بحارهم لا تصدك عنها لأنك تقطعها وإن كانت واسعة وارتفاع جبالهم لا يردك عنها لأنك تفرعها
ضربته بصدور الخيل حاملة ... قوما إذا تلفوا قدما فقد سلموا
يقول ضربت النهر بصدور الخيل حتى عبرته وهي تحمل قوما التلف عندهم في الأقدام سلامة أي لا يهابون التلف بل يتسرعون إليه
تجفل الموج عن لبات خيلهم ... كما تجفل تحت الغارة النعم
يقول الموج ينبسط على الماء صادرة عن صدور خيلهم السابحة فيه كما تنبسط النعم متفرقة عند الغارة والتجفل الإسراع في الذهاب
عبرت تقدمهم فيه وفي بلد ... سكانه رمم مسكونها حمم
عبرت النهر بتقدم الفرسان فيه وفي بلد قتلت أهلها فصاروا رمما واحرقت مساكنهم فصارت حمما وحمم جمع حمة وهل كل ما احترق بالنار ومنه قول طرفة، أشجاك الربع أم قدمه أم رماد دارس حممه،
وفي أكفهم النار التي عبدت ... قبل المجوس إلى ذا اليوم تضطرم
يعني السيوف التي كانت مطاعة في كل وقت قبل أن عبدت المجوس النار وهي نار تضطرم إلى هذا اليوم أي تتوقد وتتبرق
هندية إن تصغر معشرا صغروا ... بحدها أو تعظم معشرا عظموا
قاسمتها تل بطريق فكان لها ... أبطالها ولك الأطفال والحرم
قاسمت سيوفك هذه البلدة يعني أهلها فأعطيتها المقاتلة أي قتلتهم وسبيت الذرية والنساء
تلقى بهم زبد التيار مقربة ... على جحافلها من نضحه رثم
عنى بالمقربة السفن جعلها كالخيل المقربة وقد ذكرناها والنضح أثر الماء والرثم بياض في شفة الفرس العلياء يريد أنه عبر بالسبي الماء وهم في زوارق وسميريات ولما سماها مقربة جعل ما لصق من زبد الماء بها كالرثم في جحافل الخيل
دهم فوارسها ركاب أبطنها ... مكدودة وبقوم لا بها الألم
أي سود مقيرة يركب بطنها لا ظهرها والتعب في سيرها على الملاحين لا عليها
من الجياد التي كدت العدو بها ... وما لها خلق منها ولا شيم
يقول هذه المقربة يعني الزوارق من الخيل التي جعلتها كيدا لاعدائك وليس لها خلق الخيل وصورها ولا أخلاقها
نتاج رأيك في وقت على عجل ... كلفظ حرف وعاه سامع فهم
أي هم مما أحدثه رأيك في وقت قريب المدة كالمدة في فهم السامع كلمة بها ناطق أي كانت المدة في اتخاذها كالمدة في فهم السامع حرفا أي كلمة ويجوز أن يريد الواحد من حروف المعجم مما له معنى كع من وعيت ود من وديت
وقد تمنوا غداة الدرب في لجب ... أن يبصروك فلما أبصروك عموا
اللجب اختلاط الأصوات واللجب بكسر الجيم نعت للجيش العظيم الذي تختلط اصواتهم يقول أرادوا أن يبصروك فلما أبصروك غضت هيبتك عيونهم عنك فكأنهم عموا وذكر ابن جنى في تفسير عموا وجهين احدهما هلكوا وزالت ابصارهم والاخر عموا عن الرأى والرشد أي تحيروا وكلاهما ليس بالوجه
صدمتهم بخميس أنت غرته ... وسمهريته في وجهه غمم
جعل الرماح في هذا الجيش كالغمم في الوجه وهو كثرة الشعر وهو من قول الاخر، فلو أنا شهدناكم نصرنا، بذي لجب أزب من العوالي،
فكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم
والأعوجية ملء الطرق خلفهم ... والمشرفية ملء اليوم فوقهم
الأعوجية الخيل المنسوبة إلى أعوج فحل معروف عن فحول العرب أي كانت لكثرتها تملأ الطرق وجعل السيوف ملء اليوم لأنها تعلوا في الجو وتنزل عند الضرب في الهواء فأينما كان النهار كانت السيوف وهذا مبالغة في القول وإغراق في الوصف
إذا توافقت الضربات صاعدة ... توافقت قلل في الجو تصطدم
(1/301)
إذا اتفقت الضربات من الأبطال صاعدة في الهواء لأن اليد ترفع للضرب اتفقت رؤوس مقطوعة بتلك الضربات متصادمة في الهواء يعني أ،هم لا يضربون ضربة إلا قطعوا بها رأسا فالرؤوس مقطعوة على قدر الضربات لا تخطىء لهم ضربة عن قطع الرأس
وأسلم ابن شمشقيق أليته ... ألا أنثنى فهو ينأى وهي تبتسم
ترك يمينه التي حلف بها على الصبر والثبات وإن لا ينهزم فهو يبعد في الهزيمة ويمينه تسخر منه وتضحك
لا يأمل النفس الأقصى لمهجته ... فيسرق النفس الأدنى ويغتنم
أي ليأسه عن نفسه لا يرجو أن يدرك النفس البعيد فيغتنم نفسه في الحال
ترد عنه قنا الفرسان سابغة ... صوب الأسنة في أثنائها ديم
أي تمنع الرماح من النفوذ يه درع سابغة وقد تلطخت بالدماء التي تسيل من الأسنة عليها واثناؤها مطاويها
تخط فيها العوالي ليس تنفذها ... كأن كل سنان فوقها قلم
أي تؤثر فيها ولا تنفذها حتى كأنها قلم يؤثر في الكاغد ولا ينفذه
فلا سقى الغيث ما واراه من شجر ... لو زل عنه لوارت شخصه الرخم
يريد أنه دخل في خمر من الشجر فستره عن أعين الخيل ولولا ذلك لقتل وألقى للطير فكانت تجتمع عليه فتوارى شخصه ودعا على تلك الشجرة بأن لا تسقى الماء
ألهى الممالك عن فخر قفلت به ... شرب المدامة والأوتار والنغم
الممالك جمع المملكة وهي جمع ملك كالمشائيخ جمع المشيخة وهي جمع شيخ ويجوز أن يريد به أرباب الممالك فحذف المضاف يقول شغلهم اللهو عما كسبت من الفخر في هذه الغزوة
مقلدا فوق شكر الله ذا شطب ... لا تستدام بأمضى منهما النعم
أي جعلت الشكر شعارك وقلدت فوقه سيفا تجاهد به أعداء الله تعالى ولا شيء في استدامة النعم مثلهما
ألقت إليك دماء الروم طاعتها ... فلو دعوت بلا ضرب أجاب دم
يسابق القتل فيهم كل حادثة ... فما يصيبهم موت ولا هرم
نفت رقاد علي عن محاجره ... نفس يفرج نفسا غيرها الحلم
القائم الملك الهادي الذي شهدت ... قيامه وهداه العرب والعجم
القائم أي بالأمور يدبرها ويمضيها على وجهها الهادي إلى دين الله حضرت العرب العجم قيامه بالأمور والحروب وهداه في الدين
إبن المعفر في نجد فوارسها ... بسيفه وله كوفان والحرم
هو ابن الذي عفر فوارس نجد أي القاهم على العفر وهو التراب يعني حرب أبي الهيجاه للقرامطة وولايته طريق مكة وكوفان اسم الكوفة
لا تطلبن كريما بعد رؤيته ... إن الكرام بأسخاهم يدا ختموا
ولا تبال بشعر بعد شاعره ... قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
وقال أيضا وقيل أنه أراده به
فارقتكم فإذا ما كان عندكم ... قبل الفراق أذى بعد الفراق يد
يقول ما كان يؤذيني منكم قبل فراقكم صار يدا بعد فراقكم لأن ذلك بعثني على مفارقتكم
إذا تذكرت ما بيني وبينكم ... أعان قلبي على الشوق الذي أجد
أي الجفاء أعان قلبي على الشوق فلا يغلبه شوق إليكم أي لا أشتاق إليكم إذا تذكرت ما كان بيننا قبل الفراق هذا الذي ذكرنا في البيتين قول ابن جنى وعليه أكر الناس وقال العروضي هذا غلط ألا يرونه يقول أعان قلبي على الشوق الذي أجد ومن تخلص من بلية لم يتداركه شوق إليها ومعنى البيت الأول ما كنت أحسبه عندكم أذى كان إحسانا إلى جنب ما ألقاه من غيركم كما قال اخر، عتبت على سلم فلما هجرته، وجربت أقواما بكيت على سلم، ثم قال إذا تذكرت ما بيني وبينكم من صفاء المودة أعانني ذلك على مقاومة الشوق إذا علمت أنكم على العهد والوفاء بالمودة وقول ابن جنى أظهر من قول العروضي وقال يرثي أخت سيف الدولة الكبرى ويعزيه بها وتوفيت بميافارقين
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب ... كناية بهما عن أشرف النسب
أراد يا أخت سيف الدولة ويا بنت أبي الهيجاء فكنى عن ذلك ونصب كناية على المصدر كأنه قال كنيت كناية
أجل قدرك أن تسمى مؤبنة ... ومن يصفك فقد سماك للعرب
وشكرا جزيلا لكم.
شرح قصيدة المتنبي عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم من كتاب شرح الواحدي لديوان المتنبي قال أيضا يمدحه ويذكركذب البطريق في يمينه برأس الملك أنه يعارض سيف الدولة في الدرب سنة 345 عقبى اليمين على عقبى الوغى ندم ... ما ذا يزيدك في إقدامك القسم
يقول عاقبة القسم على عاقبة الحرب ندم يعني من حلف على الظفر في عاقبة الحرب ندم لأنه رما لا يظفر ذكر أن القسم لايزيد في الإقدام لأن الجبان لا يقدم وإن حلف
وفي اليمين على ما أنت واعده ... ما دل أنك في الميعاد متهم
إذا حلفت على ما تعده من نفسك دلت اليمين على أنك غير صادق فيما تعده لأن الصادق لا يحتاج إلى اليمين
الي الفتى ابن شمشقيق فأحنثه ... فتى من الضرب ينسى عنده الكلم
ابن شمشقيق بطريق الروم يقول حلف فاحنثه من ينسى عند ضربه اليمين والكلام لشدته يعني سيف الدولة
وفاعل ما اشتهى يغنيه عن حلف ... على الفعال حضور الفعل والكرم
يفعل ما يريد لأنه ملك لا معارض له ويغنيه عن القسم على ما يفعله حضور فعله وكرمه أي أنه موثوق به لكرمه وفعله ما يريد حاضر عاجل فلا يحتاج أن يقسم على ما يريد فعله
كل السيوف إذا طال الضراب بها ... يمسها غير سيف الدولة السأم
لو كلت الخيل حتى لاتحمله ... تحملته إلى أعدائه الهمم
قال ابن جنى الاختيار في تحمله الرفع لأنه فعل الحال من حتى كأنه قال حتى هي غير متحملة والنصب جائز على معنى إلى أن لا تحمله يقول لو عجزت الخيل عن حمله إلى اعدائه لسار إليهم بنفسه لأن همته لا تدعه يترك القتال
أين البطاريق والحلف الذي حلفوا ... بمفرق الملك والزعم الذي زعموا
يقول أين ذهبوا وكيف تركوا يمينهم برأس الملك وأين ما وعدوه من أنفسهم من القتال والزعم كناية عن الكذب يعني أن كل ذلك كان كذبا وروى ابن جنى البطارق بغير ياء والأصل بالياء
ولي صوارمه إكذاب قولهم ... فهن ألسنة أفواهها القمم
ولى سيف الدولة سيوفه أن تكذبهم فيما قالوا من الصبر على القتال فكذبتهم سيوفه بقطع رؤوسهم وجعلها كالألسنة تعبر عن تكذيبهم ولما جعلها السنة جعل رؤوسهم كالأفواه لأنها تتحرك في تلك الرؤوس تحرك اللسان في الفم
نواطق مخبرات في جماجمهم ... عنه بما جعلوا منه وما علموا
(1/299)
هذا البيت تفسير للمصراع الأخير من البيت الأول يقول سيوفه تخبرهم عن سيف الدولة بما علموا من إقدامه وشجاعته وصبره في الحرب وبما جهلوا منه لأنهم لم يعرفوا ما عنده من الشجاعة تمام المعرفة
الراجع الخيل محفاة مقودة ... من كل مثل وبار أهلها إرام
يقول هو الذي يرد الخيل عن غزواته وقد حفيت بكثرة المشي يقودها من كل بلد مثل وبار في الهلاك وأهلها بادوا وهلكوا هلاك ارم وليس يريد أن وبار كان أهلها أرم بل يريد أن الديار التي رد عنها خيله كانت كوبار خرابا وأهلها هلاكا ووبار مدينة قديمة الخراب يقال أنها من مساكن الجن قال ابن جنى وهي مبنية على الكسر مثل حذام وقطام وإرم جيل من الناس هلكوا في قديم الدهر يقال أنهم من عاد
كتل بطريق المغرور ساكنها ... بأن دارك قنسرون والأجم
تل بطريق بلد بالروم وهو تفسير لقوله من كل مثل وبار يعني من كل بلد مثل وبار كتل بطريق التي غر ساكنها بأنك بعيد عنهم لا تقدر على قطع ما بينك وبينهم من المسافة وقنسرون بالشام والأجم مكان بقرب الفراديس
وظنهم أنك المصباح في حلب ... إذا قصدت سواها عادها الظلم
أي غروا بظنهم أنك لا ترتحل عن حلب لأنك إذا ارتحلت عنها وبعدت انتقضت عليك ولايتها
والشمس يعنون إلا أنهم جهلوا ... والموت يدعون إلا أنهم وهموا
أي جهلوا أنك كالشمس تعم الأماكن وإن كانت بعيدة وغلطوا فلم يعرفوا أنك كالمو الذي لايتعذر عليه مكان
فلم تتم سروج فتح ناظرها ... إلا وجيشك في جفنيه مزدحم
يقول لم تصبح سروج إلا وخيلك مزدحمة عليها جعل الصباح لها بمنزلة فتح الناظر
والنقع يأخذ حرانا وبقعتها ... والشمس تسفر أحيانا وتلتثم
حران على بعد من سروج يعني أن الغبار وصل إليها لعظم الحرب وقال أوب العلاء المعري بقعتها بفتح الباء مكان كالبطحاء يعرف ببقعة حران وأحسن بما قال فإن ذكر البقعة بالضم ها هنا لا يحسن لأن النقع إذا أخذ حرانا أخذ بقعتها وإن لم تذكر
سحب تمر بحصن الران ممسكة ... وما بها البخل لولا أنها نقم
يعني جيش سيف الدولة وحسن الران من عمله يقول أمساكها ليس بخلا وإنما هو اشفاق على دياره والنقم تصب على ديار الأعداء
جيش كأنك في ارض تطاوله ... فالأرض لا أمم والجيش لا أمم
التاء في تطاوله للارض يقول بعدت الأرض فاطلت كأنها تطاول جيشك الكبير البعيد أطرافه ولاكهما كان طويلا ثم فسر هذا بقوله
إذا مضى علم منها بدا علم ... وإن مضى علم منه بدا علم
علم الأرض هو الجبل وعلم الجيش معروف أي فلا الجبال كانت تفنى ولا أعلام الجيش
وشرب أحمت الشعري شكائمها ... ووسمتها على انافها الحكم
الشرب جمع الشارب وهو الضامر من الخيل والشعري من نجوم القيظ يقول حميت حدائد لجمها بحرارة الهواء حتى جعلت الحكم وهو جمع حكمة اللجام تسم أنوف الخيل
حتى وردن بمسنين بحيرتها ... تنش بالماء في أشداقها اللجم
حتى وردت الخيل بحيرة هذا الموضع وكرعت في الماء فسمع للجمها نشيش في أشداقها ويريد أنها كانت محماة فلما أصابها الماء نشت ويريد أنها لسرعتها تشرب الماء على اللجم
وأصبحت بقورى هنزيط جائلة ... ترعى الظبا في خصيب نبته اللمم
يقول أصبحت الخيل بقرى هذا المكان تجول للغارة والقتل والسيوف ترعى في مكان خصيب من رؤوسهم غير أن نبت ذلك المكان الشعور والمعنى أن السيوف تصل من الرؤوس مثل ما يصل إليه المال الراعي في البلد الخصيب
فما تركن بها خلدا له بصر ... تحت التراب ولا بازا له قدم
الخلد ضرب من الفار ليس لها عيون يعني أن أهل الروم كانوا قسمين قسم دخل المطامير والأسراب كالفار إذا ريعت من شيء دخلت جحرها وقسم توقلوا في الجبال واعتصموا بها كالبازي يطير علوا وجعل من دخل الأسراب خلدا ذا أعين والذين تحصنوا بالجبال بزاة لها أقدام لأنه يريد بالفريقين ناسا والمعنى ما تركت السيوف انسانا دخل المطورة تحت الأرض فصال كالخلد ولا من تعلق برأس الجبال فصار كالبازي إلا اهلكته
فلا هزبرا له من درعه لبد ... ولا مهاة لها من شبهها حشم
(1/300)
ولا بطلا كالهزبر له مكان اللبد الدرع ولا جارية كالمهاة لها خدم من شبهها والمهاة التي هي البقرة الوحشية لا خدم لها من شبهها
ترمي على شفرات الباترات بهم ... مكامن الأرض والغيطان والأكم
أي لقرب حينهم وحلول اجالهم لم ينفعهم الهرب حتى كأن مهاربهم من الغيطان والجبال ترمي بهم على حد السيف
وجاوزوا أرسناسا معصمين به ... وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم
يقول قطعوا هذا النهر متمسكين بقطعه ليعصمهم عنك وكيف يعصمهم ما ليس ينعصم منك لأنك تقطعه وتربه بالسفن وراءهم
وما يصدك عن بحر لهم سعة ... وما يردك عن طود لهم شمم
أي سعة بحارهم لا تصدك عنها لأنك تقطعها وإن كانت واسعة وارتفاع جبالهم لا يردك عنها لأنك تفرعها
ضربته بصدور الخيل حاملة ... قوما إذا تلفوا قدما فقد سلموا
يقول ضربت النهر بصدور الخيل حتى عبرته وهي تحمل قوما التلف عندهم في الأقدام سلامة أي لا يهابون التلف بل يتسرعون إليه
تجفل الموج عن لبات خيلهم ... كما تجفل تحت الغارة النعم
يقول الموج ينبسط على الماء صادرة عن صدور خيلهم السابحة فيه كما تنبسط النعم متفرقة عند الغارة والتجفل الإسراع في الذهاب
عبرت تقدمهم فيه وفي بلد ... سكانه رمم مسكونها حمم
عبرت النهر بتقدم الفرسان فيه وفي بلد قتلت أهلها فصاروا رمما واحرقت مساكنهم فصارت حمما وحمم جمع حمة وهل كل ما احترق بالنار ومنه قول طرفة، أشجاك الربع أم قدمه أم رماد دارس حممه،
وفي أكفهم النار التي عبدت ... قبل المجوس إلى ذا اليوم تضطرم
يعني السيوف التي كانت مطاعة في كل وقت قبل أن عبدت المجوس النار وهي نار تضطرم إلى هذا اليوم أي تتوقد وتتبرق
هندية إن تصغر معشرا صغروا ... بحدها أو تعظم معشرا عظموا
قاسمتها تل بطريق فكان لها ... أبطالها ولك الأطفال والحرم
قاسمت سيوفك هذه البلدة يعني أهلها فأعطيتها المقاتلة أي قتلتهم وسبيت الذرية والنساء
تلقى بهم زبد التيار مقربة ... على جحافلها من نضحه رثم
عنى بالمقربة السفن جعلها كالخيل المقربة وقد ذكرناها والنضح أثر الماء والرثم بياض في شفة الفرس العلياء يريد أنه عبر بالسبي الماء وهم في زوارق وسميريات ولما سماها مقربة جعل ما لصق من زبد الماء بها كالرثم في جحافل الخيل
دهم فوارسها ركاب أبطنها ... مكدودة وبقوم لا بها الألم
أي سود مقيرة يركب بطنها لا ظهرها والتعب في سيرها على الملاحين لا عليها
من الجياد التي كدت العدو بها ... وما لها خلق منها ولا شيم
يقول هذه المقربة يعني الزوارق من الخيل التي جعلتها كيدا لاعدائك وليس لها خلق الخيل وصورها ولا أخلاقها
نتاج رأيك في وقت على عجل ... كلفظ حرف وعاه سامع فهم
أي هم مما أحدثه رأيك في وقت قريب المدة كالمدة في فهم السامع كلمة بها ناطق أي كانت المدة في اتخاذها كالمدة في فهم السامع حرفا أي كلمة ويجوز أن يريد الواحد من حروف المعجم مما له معنى كع من وعيت ود من وديت
وقد تمنوا غداة الدرب في لجب ... أن يبصروك فلما أبصروك عموا
اللجب اختلاط الأصوات واللجب بكسر الجيم نعت للجيش العظيم الذي تختلط اصواتهم يقول أرادوا أن يبصروك فلما أبصروك غضت هيبتك عيونهم عنك فكأنهم عموا وذكر ابن جنى في تفسير عموا وجهين احدهما هلكوا وزالت ابصارهم والاخر عموا عن الرأى والرشد أي تحيروا وكلاهما ليس بالوجه
صدمتهم بخميس أنت غرته ... وسمهريته في وجهه غمم
جعل الرماح في هذا الجيش كالغمم في الوجه وهو كثرة الشعر وهو من قول الاخر، فلو أنا شهدناكم نصرنا، بذي لجب أزب من العوالي،
فكان أثبت ما فيهم جسومهم ... يسقطن حولك والأرواح تنهزم
والأعوجية ملء الطرق خلفهم ... والمشرفية ملء اليوم فوقهم
الأعوجية الخيل المنسوبة إلى أعوج فحل معروف عن فحول العرب أي كانت لكثرتها تملأ الطرق وجعل السيوف ملء اليوم لأنها تعلوا في الجو وتنزل عند الضرب في الهواء فأينما كان النهار كانت السيوف وهذا مبالغة في القول وإغراق في الوصف
إذا توافقت الضربات صاعدة ... توافقت قلل في الجو تصطدم
(1/301)
إذا اتفقت الضربات من الأبطال صاعدة في الهواء لأن اليد ترفع للضرب اتفقت رؤوس مقطوعة بتلك الضربات متصادمة في الهواء يعني أ،هم لا يضربون ضربة إلا قطعوا بها رأسا فالرؤوس مقطعوة على قدر الضربات لا تخطىء لهم ضربة عن قطع الرأس
وأسلم ابن شمشقيق أليته ... ألا أنثنى فهو ينأى وهي تبتسم
ترك يمينه التي حلف بها على الصبر والثبات وإن لا ينهزم فهو يبعد في الهزيمة ويمينه تسخر منه وتضحك
لا يأمل النفس الأقصى لمهجته ... فيسرق النفس الأدنى ويغتنم
أي ليأسه عن نفسه لا يرجو أن يدرك النفس البعيد فيغتنم نفسه في الحال
ترد عنه قنا الفرسان سابغة ... صوب الأسنة في أثنائها ديم
أي تمنع الرماح من النفوذ يه درع سابغة وقد تلطخت بالدماء التي تسيل من الأسنة عليها واثناؤها مطاويها
تخط فيها العوالي ليس تنفذها ... كأن كل سنان فوقها قلم
أي تؤثر فيها ولا تنفذها حتى كأنها قلم يؤثر في الكاغد ولا ينفذه
فلا سقى الغيث ما واراه من شجر ... لو زل عنه لوارت شخصه الرخم
يريد أنه دخل في خمر من الشجر فستره عن أعين الخيل ولولا ذلك لقتل وألقى للطير فكانت تجتمع عليه فتوارى شخصه ودعا على تلك الشجرة بأن لا تسقى الماء
ألهى الممالك عن فخر قفلت به ... شرب المدامة والأوتار والنغم
الممالك جمع المملكة وهي جمع ملك كالمشائيخ جمع المشيخة وهي جمع شيخ ويجوز أن يريد به أرباب الممالك فحذف المضاف يقول شغلهم اللهو عما كسبت من الفخر في هذه الغزوة
مقلدا فوق شكر الله ذا شطب ... لا تستدام بأمضى منهما النعم
أي جعلت الشكر شعارك وقلدت فوقه سيفا تجاهد به أعداء الله تعالى ولا شيء في استدامة النعم مثلهما
ألقت إليك دماء الروم طاعتها ... فلو دعوت بلا ضرب أجاب دم
يسابق القتل فيهم كل حادثة ... فما يصيبهم موت ولا هرم
نفت رقاد علي عن محاجره ... نفس يفرج نفسا غيرها الحلم
القائم الملك الهادي الذي شهدت ... قيامه وهداه العرب والعجم
القائم أي بالأمور يدبرها ويمضيها على وجهها الهادي إلى دين الله حضرت العرب العجم قيامه بالأمور والحروب وهداه في الدين
إبن المعفر في نجد فوارسها ... بسيفه وله كوفان والحرم
هو ابن الذي عفر فوارس نجد أي القاهم على العفر وهو التراب يعني حرب أبي الهيجاه للقرامطة وولايته طريق مكة وكوفان اسم الكوفة
لا تطلبن كريما بعد رؤيته ... إن الكرام بأسخاهم يدا ختموا
ولا تبال بشعر بعد شاعره ... قد أفسد القول حتى أحمد الصمم
وقال أيضا وقيل أنه أراده به
فارقتكم فإذا ما كان عندكم ... قبل الفراق أذى بعد الفراق يد
يقول ما كان يؤذيني منكم قبل فراقكم صار يدا بعد فراقكم لأن ذلك بعثني على مفارقتكم
إذا تذكرت ما بيني وبينكم ... أعان قلبي على الشوق الذي أجد
أي الجفاء أعان قلبي على الشوق فلا يغلبه شوق إليكم أي لا أشتاق إليكم إذا تذكرت ما كان بيننا قبل الفراق هذا الذي ذكرنا في البيتين قول ابن جنى وعليه أكر الناس وقال العروضي هذا غلط ألا يرونه يقول أعان قلبي على الشوق الذي أجد ومن تخلص من بلية لم يتداركه شوق إليها ومعنى البيت الأول ما كنت أحسبه عندكم أذى كان إحسانا إلى جنب ما ألقاه من غيركم كما قال اخر، عتبت على سلم فلما هجرته، وجربت أقواما بكيت على سلم، ثم قال إذا تذكرت ما بيني وبينكم من صفاء المودة أعانني ذلك على مقاومة الشوق إذا علمت أنكم على العهد والوفاء بالمودة وقول ابن جنى أظهر من قول العروضي وقال يرثي أخت سيف الدولة الكبرى ويعزيه بها وتوفيت بميافارقين
يا أخت خير أخ يا بنت خير أب ... كناية بهما عن أشرف النسب
أراد يا أخت سيف الدولة ويا بنت أبي الهيجاء فكنى عن ذلك ونصب كناية على المصدر كأنه قال كنيت كناية
أجل قدرك أن تسمى مؤبنة ... ومن يصفك فقد سماك للعرب
وشكرا جزيلا لكم.
تعليق