هذه القصة من وحي الخيال و لا ترتبط بالواقع بأي شكل , أهدي هذه القصة إلي حبيبة قلبي ,
هذه الصور للممثلة و عارضة الأزياء الأوكرانية أولجا كوريلنكو و التي حصلت على الجنسية الفرنسية عام 2001 , و اشتهرت بأداء دور الفتاه في فيلم كم من العزاء ، أحد أفلام سلسلة جيمس بوند . . .
محمود غسان
28/3/2011
استيقظت شيماء من سريرها بتثاقل مرتدية بذلة رياضية وردية اللون , فنظرت إلى الساعة التي بجوارها فرأتها تشير إلى الثامنة صباحا , فصرخت و قالت : " واو .... لقد تأخرت لا لا لا ..... "
نهضت إلى الحمام و غسلت وجهها و أسنانها و أخذت تتأمل شعرها الأسود القصير بيديها التي اعتادت إلى ان تجعله ممشطا دائما , ثم أخذت ترتدي ملابسها كي تستعد للذهاب إلى كلية التجارة بعد إجازة عيد الأضحى المبارك , ارتدت جيبة سوداء و "بادي" اصفر و مرتدية حول كتفيها وشاح بني , أخذت حقيبتها الأنثوية و تأكدت بأن هاتفها بحوزتها , فانطلقت نحو كليتها بواسطة سيارة أجرة ......
دخلت مدرجها متأخرة قليلا , فالتفت إليها المعيد يحدثها بنبرة حادة : " ما الذي أتى بك متأخرة ؟ "
ردت بهدوء : " أنا اسفة و لكن كانت زحمة الطرقات "
- " اضبطي مواعيدك الاختبارات النهائية بعد يومين , تفضلي الان إلى مقعدك لا يوجد لدينا وقت ... هيا "
أحرجني ذلك المعيد وسط جميع أصدقائي و وسط كريم حبيبي الوحيد الذي اخترته من وسط الكثير و اختارني من وسط جميع الطالبات اللاتي يفقن جمالا عني , و سوف يتقدم لخطبتي بعد انتهاء هذه السنة الدراسية . . .
مررت وسط المقاعد واحد يلو الأخر و أعين جميع الطالبات تحدق بي و كأني وقعت في شبكة الصيد , حتى وصلت إلى مقعدي و التي تجلس بجواري هناء رفيقة الكفاح . . . .
جلست بجوارها فنظرت إلي و قالت بصوت خافت : " ما الذي أخرك هكذا ؟ "
قالت لها أيضا بصوت خافت : " زحمة المرور "
فنظر إليها كريم من على بعد و أبتسم إليها , فبادلته الابتسامة , فأخرجت من حقيبتها كتاب و كشكول و قلما و أخذت تتابع المعيد حتى انتهت المحاضرة ...
جلست شيماء في حديقة الجامعة و بجوارها هناء و أخذتا تتبادلان الحديث في عدة أمور .
هناء : " ماذا فعلتي أمس ؟ "
وضعت شيماء حقيبتها تحت أقدامها و قالت : " لا شي , فانا لم أطق الحفلة بأكملها لذلك غادرت منذ أول ساعة , لم يعجبني الأمر و ذلك منير كان هناك و أنتي تعلمي بأني لا أطيقه "
ضحكت هناء : " أتمنى أن اعرف سبب كراهيتك له بالرغم و انه لم يتحدث معك ولا مرة و لم يحتك معك أبدا , و غير ذلك بأن لديه شخصية قوية وسط الطلبة "
- " نعم ذلك صحيح انه شاب وسيم و متفوق في دراسته و مؤدب , و لكن أحس بأنه مغرور و العقل الشرير لكريم لذلك أود اليوم اقتصاصه من جذوره "
ضحكت مرة أخرى فرأت هناء بأن كريم قادم من على بعد متحمس و يتحرك بهدوء نحوها ,
فقالت لها : " شيماء ...... , كريم قادم "
فالتفت إليه بشغف مع ابتسامة سريعة و هي تحرك شعرها بيدها
ثم أعادت انتباهها إليها و قالت : " هناء لا تتركيني "
فأقترب كريم منها أكثر و وقف أمامها قائلا : " شيماء حبيبتي "
فرفعت رأسها إليه بخجل : " كريم كيف حالك "
و عندما أحست هناء بأنها ضيف غير مرغوب فيه انتصبت و لملمت كتبها و قالت :
" شيماء سوف انتظرك في الكافتيريا إلى أن تنتهي " , قالتها و غادرت بينما كانت تحاول شيماء ان توقفها بقولها : " هناء انتظري هناء ... " , و لكن لم تعرها اهتماما و مضت سيرها ..
و هنا جلس كريم الشاب الوسيم بجوارها بكل وقار و أمسك يديها و قال : " انا أحبك "
أصابها الخجل مما جعلها تتوتر و تبعد يديها بهدوء , مما أصاب كريم الإحراج و لذلك تنهدت و حدثته عن عمله في ما بعد الجامعة فرد قائلا : " لا أعلم يا شيماء العمل أنها مشكلة عويصة في هذه البلاد , و لا أريد ان ارتبط بكي إلا ان أجد عملا "
- " أي انك لن تتقدم لأبي إلا عندما تجد عملا أولا أليس كذلك ؟ "
- " لا لا لا , سوف اخبره بأني أريدك لي و سوف اخبره بأني لن أطلبك منه رسمي إلا عندما أجد عملا , لن ينقصني سوا أثاث بيتي , و سوف ننتقيه سويا في ما بعد الخطوبة , ما رأيك ؟ "
و هنا رن هاتفها المحمول فأخرجته من حقيبتها و قالت له " انه أبي "
فردت عليه و قالت : " مرحبا أبي "
- " مرحبا يا ابنتي أين أنتي "
- " انا في الكلية , ما الأمر .؟؟ "
- " لا لا , و لكن لا تتأخري , حسنا "
- " حسنا أبي , مع السلامة " و أغلقت هاتفها وقالت له : " انا اسفة يا كريم و لكن علي الذهاب "
- " حسنا " فقامت و أخذت حقيبتها و ودعته بيديها و غادرت الحديقة و ذهبت إلي الكافتيريا حيث هناء تنتظرها , فجلست بجوارها على الطاولة فقالت لها هناء : " هل تريدي ان تشربي شيئا ؟ "
بسرعة : " لا لا , انا أريد الذهاب هل سوف تأتي معي ام لا ؟ "
- " ما الأمر "
- " لا شيء و لكني تأخرت "
- " حسنا " و قامت هناء بدفع الحساب الى النادل و غادرتا الكلية معا .....
*****
دخلت شيماء بيتها فوجدت أبيها جالس على الأريكة و يشاهد التلفاز فناداها كي تجلس بجواره ...
فجلست بجواره بينما هو مازال يشاهد التلفاز بشغف , فجاءت أمها مستغربة لوجودها فقالت :
" شيماء متى أتيت ؟ "
- " الان "
- " ممتاز جدا الغداء سوف يكون جاهزا بعد دقيقة " قالتها الأم و تركت الصالة و ذهبت الى مطبخها .
و عندما همت شيماء للقيام استوقفها أبيها قائلا : " تعالي شاهدي تلك الأخبار , زلزال مدمر في جنوب الصين "
فجلست شيماء مجبرة و قالت : " الله يتولاهم برحمته "
فقال لها دون ان ينظر إليها : " ما أخبار الجامعة ؟ "
- " جيدة "
- " هل يوجد مشاكل ام كل شي يسير كما يرام "
- " نعم كل شي يسير كما يرام "
هز رأسه و تابع مشاهدة التلفاز ثانيا . .
و هنا مضت نحو غرفتها و أخرجت من حقيبتها ما بها و مددت على سريرها و أخذت تنظر الى هاتفها و كأنها تنتظر شي ما حتى سمعت أمها تقول : " هيا يا شيماء الغداء جاهزا "
و بسرعة قامت بتغير ملابسها و ذهبت الى صالة المنزل لتناول الغداء مع أبيها و أمها و نورا أختها الصغيرة التي تصغرها بثمان أعوام كاملة , و لديها أيضا أخوها سمير و لكنه في المدرسة في المرحلة الثانوية ...
و عندما انتهت من غدائها انتقلت إلى غرفتها و شرعت في مذاكرة محاضراتها . . .
مرت تلك الأيام على خير و سلام , و تخرجت شيماء و قررت العمل في إحدى البنوك الخاصة مع أبيها بعد حصول على قسطا وافر من الراحة , و كان قد مر على تخرجهم أسبوعا واحدا ...
بينما شيماء جالسة تلعب مع أختها الصغيرة لعبة الأطفال و الكبار و هي "الأستغماية" و والدها جالس يقرأ الصحف فكان هو يوم الجمعة حيث يوم الأجازة و الراحة و أمها تشاهد التلفاز بصوت خافت , أما سمير أخاها لم يكن في البيت فكان مع أصدقاءه في نزهة . . .
فرن جرس هاتفها فاستأذنت من نورا و قالت لها : " سوف أعود فورا "
فدخلت غرفتها و ردت على هاتفها و هي تتحدث بحرص : " مرحبا , كريم "
- " كيف حالك يا شيماء "
- " الحمد لله , أين أنت مضى أسبوع منذ اخر مرة رأيتك بها ؟ "
سكت قليلا ثم قال : " أريد ان أراكي لأمر هام من فضلك ؟ "
- " متى ؟؟ "
و علا صوته : " اليوم يا شيماء "
- " لا لا أستطيع اليوم "
فقال و هو يترجاها : " من فضلك .. سوف انتظرك في حديقتنا عند الرابعة بعد العصر "
ردت بتردد : " حسنا "
*****
وصلت شيماء قبل موعدهم بدقائق مرتدية تنورة "جينز" و قميص حريمي يظهر أنوثتها , أخذت تراقب الأطفال التي تلعب بمرح مع بعضها البعض في الحديقة , فلاحظت فجأة ان شخص ما جلس بجوارها فالتفتت فرأت كريم بمنظر مختلف قليلا عما تعرفه . .
كريم مبتسما : " شيماء كيف أحوالك ؟ "
ردت بهدوء : " الحمد لله , أسبوع و أنت مختفي عن الأنظار , أين كنت "
تنهد و قال بتوتر : " كنت ابحث عن عمل .. "
- " عمل , لقد أخبرتك بأن تأتي و تعمل عند أبي في البنك "
صرخ و قال : " لا لن اعمل عند أباك لا أحب ان أكون مدانا لأحد "
- " و ماذا تنوي ؟ ؟ ؟ هل تريد العمل بمفردك ؟؟ "
- " بلى سوف اعمل بمفردي و لكني مازلت ابحث عن طريقة ؟ "
- " و متى سوف تتقدم لخطبتي بهذه الطريقة ؟؟ "
- " لا أعلم و لكن دعيني أولا ان استقر في عمل ما , لا أريد إحراج منه إذا علم بأني "عاطل" و غير ذلك أريد توفير بعض المال كي اشتري لك ذهب " قالها و ابتسم . . .
- " هل معك مالا كي تبداء مشروعك ؟ ؟ "
- " لا تقلقي يا شيماء فأنا – و امسك يديها – أحبك جدا جدا "
أصابها الخجل و اعتذرت له و غادرت فورا نحو البيت بواسطة سيارة أجرة , في أثناء ذهابها رن هاتفها فظهرت الابتسامة على شفتيها و ردت بسرعة : " هناء حبيبتي كيف أحوالك ؟؟ "
- " أنا بخير و لكن من يكترث "
- " اعذريني يا هناء و لكن أجهز أوراق للعمل مع أبي في البنك "
و هنا نظر السائق إليها عبر المراة و لكنها لم تعره اهتماما
- " تهانينا "
- " أشكرك و أنتي كيف أحوالك ؟ "
- " بخير و لكن أبي رفض ان اعمل و اكتفى بذلك و قال لي انتظري حتى يأتي نصيبك " قالتها باستهزاء
- " و أنتي ما رأيك بذلك "
- " اعلم أبي بماذا يفكر , يريد ان يزوجني لأبن عمي الشاب "الدلول" الذي لا يعرف في حياته سوا الترف "
ضحكت شيماء بصوت عالي مما اثر سمع السائق و لكن عندما انتبهت نظرت إليه بعين خفية و أصدرت همهمة
فقالت : " حسنا يا هناء متى سوف أستطيع ان أراكي ؟؟ "
- " لا اعلم و لكن سوف اتصل بكي حالما أرى الوقت مناسب "
- " و هو كذلك "
- " حسنا مع السلامة "
- " مع السلامة "
******
مر أسبوع اخر دون ان يحدث اتصال بين شيماء و كريم , مما كثرت لقاءات شيماء و هناء كثيرا فكانت تشكو لها ما يحدث لها دائما و انه لم يعد يطمئن عليها كل يوم مرة او مرتين كما كان يفعل أيام الجامعة ,
كان رد هناء : " بتأكيد و انه يبحث عن عملا او ما شابه "
- " حسنا يخبرني , فانا أول من أتمنى له النجاح و سوف أكون سعيدة بذلك "
- " هل قمتي بالاتصال به ؟ "
هزت رأسها كناية عن الرفض و قالت : " أنا لدي كرامة و لن اذلل نفسي له , إذا كان لديه جديد فليتصل بي "
و هنا دخلت والدتها و هي تحمل صينية العصير فسرعان ما قامت هناء بأخذ الصينية منها و شكرتها على العصير , أخذت أولا هناء كأسها و أفرغته على مرة واحدة ,
فأخذت شيماء هاتفها و اتصلت بكريم و العرق يتصبب منها و كأنها تنتظر ان يطلق احدهم الرصاص عليها . . حتى سمعت : " مرحبا "
بلعت ريقها و قالت : " كريم .. كيف حالك ؟ "
- " الحمد لله , من الجيد انك اتصلتي , فقط لأني أريد ان أخبرك بأني وجدت عملا سهلا جدا بمقابل سخي "
عندما سمعت تلك الكلمات أشرقت أساريرها و قالت : " عملا ,, أين ؟ "
- " سوف أخبرك عندما أراكي هل تستطيعي اليوم ؟ "
ثم نظرت الى هناء و كأنها تقول ماذا أقول له ,
ثم قالت : " حسنا سوف أأتي مع هناء في ذات الحديقة بعد ساعة "
- " حسنا حبيبتي الى لقاء "
نظرت هناء إليها و قالت بتعجب : " و ما دخل هناء في الأمر بمرمته "
- " أنتي صديقتي و يجب ان تقفي بجواري , يقول بأنه وجد عملا مناسب و سهل و مقابله سخي جدا "
ابتسمت هناء : " افرحي ها قد وجد عملا "
- " حسنا هيا بنا "
*****
تعليق