شجرة البلوط المقدسة ومصيرها المأساوي في مدينة ماربورغ الخضراء

د . عدنان جواد الطعمة

تعتبر شجرة البلوط مقدسة منذ الاف السنين قبل التاريخ الميلاد في كثير

من الطقوس الدينية ا حتى العصر الحالي .

تنتشر أشجار البلوط بكثرة في أمريكا الشمالية و أمريكا الوسطى و أمريكا

الجنوبية خاصة في كولومبيا و في المكسيك و جزر الكاريبي و كذلك في أفريقيا الشمالية .

أما في ألمانيا فإن أشجار البلوط تشكل نسبة 9 % ، حيث أنها تنتشر في المناطق

المسطحة المستوية و على الهضات والتلال .

كما توجد بنسبة كبيرة في الغابات و أيضا في الغابات و التلال القريبة من السواحل .

أستخدم خشبها الأبيض بسبب متانته وإدامته لفتراة طويلة في صناعة السفن و الأثاث .

معنى ذلك أن أشجار البلوط تعمر أكثر من 30 جيلا أي أكثر من 1500 سنة .

منذ مطلع الثمانينات ولغاية اليوم كنت أقوم بنزهات في الغابات والمزارع

والحقول في فترات الإستراحة في كل فصول السنة من أجل التمتع بجمال

الطبيعة و الهواء العذب والهدوء التام .

و إضافة إلى ذلك ، عندما بدأت بالعمل كباحث علمي في معهد الفارماكولوجي

والتوكسيكولوجي القريب من حديقة النباتات والأشجار الحديثة في منطقة لان

الجبلية و بالقرب من المستشفى للنقاهة والتأهيل الصحي الذي بني مقابل حديقة

النباتات في منطقة سونن بليك ، كنت أقوم بالتنزه في الغابة التي تطل منها

شجرة البلوط العملاقة المقدسة على الطريق الخاص بالزوار والسائحين .

كما كنت أتنزه في هذه المنطقة مع زوجتي الكريمة لساعات ، و في موسم الصيف

كنت ابحث عن الفطريات هنا وفي الغابات الكثيرة القريبة من شجرة البلوط ، حيث

كنت امشط المنطقة وأسير إلى القرى والمدن الصغيرة التي تبعد عن شجرة البلوط المقدسة .

كانت هذه الشجرة بالذات ضخمة ومرتفعة جدا و منظرها يسر الزائرين والناظرين

لها و الجالسين تحت ظلالها الوارفة على المصطبات العامة .

وكنت أشاهد الأطفال يلعبون في الساحة المزدانة باللون الأخضر و الزهور

أوتحت أو فوق أغصان شجرة البلوط .

وكانت أمهات الأطفال يجلسن على المصطبات .

تبعد شجرة البلوط عن الطريق حوالي 20 مترا .
رتبت المصطبات العامة من قبل بلدية المدينة على شكل دائرة كبيرة أمام شجرة البلوط .

و في وسط الدائرة يلعب الأطفال ، كما أن بعضهم كان يتسلق شجرة البلوط

إلى أعاليها أو يجلس و يتعلق على أغصانها الغليظة والمتينة الطويلة .

و بالقرب من شجرة البلوط المقدسة يوجد موقف لست أو سبع سيارات .

كنا نوقف سيارتنا بالقرب من هذه الشجرة المباركة و نسير على الطريق لساعة

أو ساعات وكنا نعطف نحو الطرق الجانبية إلى الغابات الأخرى أو نسير إلى بئر

أليزابيت التي تبعد حوالي كيلومترين تقريبا .
فوجئنا ، زوجتي وأنا ، في صيف عام 1997 عندما قرأنا في صحيفة مدينتنا

اليومية ماربورغر أبورهسيشه برسه أن شجرة البلوط قد أحرقها أطفال مدرسة .

ذهبنا عصر ذلك اليوم للإطلاع عليها فوجدناها محروقة من الداخل ، حيث كان

جوفها فارغا أسودا كلون الفحم , وكانت رائحة الدخان تتصاعد من جوفها .
حزنت كثيرا وتألمت على قيام أحد الأطفال أثناء اللعب بحرقها .

قلت لزوجتي دعينا نستلق و نصعد وندخل إلى جوفها .

و نتيجة للحرق تكونت فتحات إحداها تشبة القلب ، قلب الإنسان ، يا سبحان الله .
نزلنا إلى داخلها ، حيث انتابني شعور غريب مزيج بالحزن و الأسى ،
إلتقطت لجدرانها من الداخل عددا من الصور . ثم خرجنا منها وبدأنا نتطلع إليها
من كافة الجوانب ، وكنت ألتقط صورا لها . إبتعدت عنها بمسافة خمسن مترا
إلى الفرع الأول على جهة اليسار ، فيا دهشتي حين فتحت عيني ونظرت لها ،
حيث شاهدت القسم المحروق منها الفحمي اللون يبدو وكأنها سيدة إنسانة .
و بعد عودتنا إلى المدينة ذهبت بسرعة و سلمت فلمين لغرض تحميضهما وطبع الصور .
و في اليوم التالي إستلمت الصور ، و قررت رسم إحدى لقطاتي التي تبدو فيها السيدة.
و بعد يومين سافرت بسيارتي إلى شجرة البلوط للقيام بالسير لمدة ساعة ،
إلا أني فوجئت بأن أطفال المدرسة كتبوا إلى شجرة البلوط المقدسة تعزيات
لأنفسهم وإلتماسات منها أن تغفر للطالب الذي احرقها ، وقد علقوا الرسائل
في مظروفات حولها بشكل حزام مكون من خيط أو حبل غليظ .
سعدت جدا بهذه المبادرة العفوية اللطيفة من الأطفال بطلب العفو والمغفرة
من الشجرة ، وفتحت إحدى الرسائل و قرأتها حيث أعربت الطفلة أو الطالبة
عن أسفها وحزنها العميق وطلبت من الشجرة الغفران والعفو .
كادت دموعي تنهمر عندما قرأت تلك الكلمات العاطفية الحزينة . للأسف الشديد
لم أصور الرسالة ولم اخذ على الأقل رسالة واحدة معي إلى البيت لكي احتفظ بها .
وفي اليوم التالي دعوت إحدى الشاعرات الألمانيات و أمها إلى تناول طعام الغداء .
و بعد الغداء أخذتهما معي وسافرنا إلى منطقة سونن بليك لمواساة و زيارة
شجرة البلوط . دهشنا جميعا عند قراءة كل الرسائل .
ومنذ صيف عام 1997 و ليومنا هذا ألتقط لهذه الشجرة المقدسة صورا في كل فصول السنة .
و بالجدير بالذكر دهشنا ، زوجتي وأنا ، بأن اغصان الشجر كانت تنمو من
الجانبين و من القمة ، على الرغم بأن جوف الشجرة كان فارغا كما ذكرت أعلاه .
إخترت بعض الصور القديمة التي التقطتها منذ عام 1997 المطبوعة على

الورق و عملت لها سكننج و عدلتها ببرنامج الفوتوشوب .
لذا أرجو المعذرة عما إذا كانت ألوان بعض الصور ا خافتة .

إلتقطت صورا لها قبل أيام ، حيث شاهدنا بأن الشجرة قد ضعفت و جفت
و اضمحلت تماما ، حيث قلنا لها الوداع يا شجرة البلوط .
تقبلوا مني فائق ودي و تقديري
د . عدنان
ألمانيا في 22 يناير 2011

د . عدنان جواد الطعمة

تعتبر شجرة البلوط مقدسة منذ الاف السنين قبل التاريخ الميلاد في كثير

من الطقوس الدينية ا حتى العصر الحالي .

تنتشر أشجار البلوط بكثرة في أمريكا الشمالية و أمريكا الوسطى و أمريكا

الجنوبية خاصة في كولومبيا و في المكسيك و جزر الكاريبي و كذلك في أفريقيا الشمالية .

أما في ألمانيا فإن أشجار البلوط تشكل نسبة 9 % ، حيث أنها تنتشر في المناطق

المسطحة المستوية و على الهضات والتلال .

كما توجد بنسبة كبيرة في الغابات و أيضا في الغابات و التلال القريبة من السواحل .

أستخدم خشبها الأبيض بسبب متانته وإدامته لفتراة طويلة في صناعة السفن و الأثاث .

معنى ذلك أن أشجار البلوط تعمر أكثر من 30 جيلا أي أكثر من 1500 سنة .

منذ مطلع الثمانينات ولغاية اليوم كنت أقوم بنزهات في الغابات والمزارع

والحقول في فترات الإستراحة في كل فصول السنة من أجل التمتع بجمال

الطبيعة و الهواء العذب والهدوء التام .

و إضافة إلى ذلك ، عندما بدأت بالعمل كباحث علمي في معهد الفارماكولوجي

والتوكسيكولوجي القريب من حديقة النباتات والأشجار الحديثة في منطقة لان

الجبلية و بالقرب من المستشفى للنقاهة والتأهيل الصحي الذي بني مقابل حديقة

النباتات في منطقة سونن بليك ، كنت أقوم بالتنزه في الغابة التي تطل منها

شجرة البلوط العملاقة المقدسة على الطريق الخاص بالزوار والسائحين .

كما كنت أتنزه في هذه المنطقة مع زوجتي الكريمة لساعات ، و في موسم الصيف

كنت ابحث عن الفطريات هنا وفي الغابات الكثيرة القريبة من شجرة البلوط ، حيث

كنت امشط المنطقة وأسير إلى القرى والمدن الصغيرة التي تبعد عن شجرة البلوط المقدسة .

كانت هذه الشجرة بالذات ضخمة ومرتفعة جدا و منظرها يسر الزائرين والناظرين

لها و الجالسين تحت ظلالها الوارفة على المصطبات العامة .

وكنت أشاهد الأطفال يلعبون في الساحة المزدانة باللون الأخضر و الزهور

أوتحت أو فوق أغصان شجرة البلوط .

وكانت أمهات الأطفال يجلسن على المصطبات .

تبعد شجرة البلوط عن الطريق حوالي 20 مترا .
رتبت المصطبات العامة من قبل بلدية المدينة على شكل دائرة كبيرة أمام شجرة البلوط .

و في وسط الدائرة يلعب الأطفال ، كما أن بعضهم كان يتسلق شجرة البلوط

إلى أعاليها أو يجلس و يتعلق على أغصانها الغليظة والمتينة الطويلة .

و بالقرب من شجرة البلوط المقدسة يوجد موقف لست أو سبع سيارات .

كنا نوقف سيارتنا بالقرب من هذه الشجرة المباركة و نسير على الطريق لساعة

أو ساعات وكنا نعطف نحو الطرق الجانبية إلى الغابات الأخرى أو نسير إلى بئر

أليزابيت التي تبعد حوالي كيلومترين تقريبا .
فوجئنا ، زوجتي وأنا ، في صيف عام 1997 عندما قرأنا في صحيفة مدينتنا

اليومية ماربورغر أبورهسيشه برسه أن شجرة البلوط قد أحرقها أطفال مدرسة .

ذهبنا عصر ذلك اليوم للإطلاع عليها فوجدناها محروقة من الداخل ، حيث كان

جوفها فارغا أسودا كلون الفحم , وكانت رائحة الدخان تتصاعد من جوفها .
حزنت كثيرا وتألمت على قيام أحد الأطفال أثناء اللعب بحرقها .

قلت لزوجتي دعينا نستلق و نصعد وندخل إلى جوفها .

و نتيجة للحرق تكونت فتحات إحداها تشبة القلب ، قلب الإنسان ، يا سبحان الله .
نزلنا إلى داخلها ، حيث انتابني شعور غريب مزيج بالحزن و الأسى ،
إلتقطت لجدرانها من الداخل عددا من الصور . ثم خرجنا منها وبدأنا نتطلع إليها
من كافة الجوانب ، وكنت ألتقط صورا لها . إبتعدت عنها بمسافة خمسن مترا
إلى الفرع الأول على جهة اليسار ، فيا دهشتي حين فتحت عيني ونظرت لها ،
حيث شاهدت القسم المحروق منها الفحمي اللون يبدو وكأنها سيدة إنسانة .
و بعد عودتنا إلى المدينة ذهبت بسرعة و سلمت فلمين لغرض تحميضهما وطبع الصور .
و في اليوم التالي إستلمت الصور ، و قررت رسم إحدى لقطاتي التي تبدو فيها السيدة.
و بعد يومين سافرت بسيارتي إلى شجرة البلوط للقيام بالسير لمدة ساعة ،
إلا أني فوجئت بأن أطفال المدرسة كتبوا إلى شجرة البلوط المقدسة تعزيات
لأنفسهم وإلتماسات منها أن تغفر للطالب الذي احرقها ، وقد علقوا الرسائل
في مظروفات حولها بشكل حزام مكون من خيط أو حبل غليظ .
سعدت جدا بهذه المبادرة العفوية اللطيفة من الأطفال بطلب العفو والمغفرة
من الشجرة ، وفتحت إحدى الرسائل و قرأتها حيث أعربت الطفلة أو الطالبة
عن أسفها وحزنها العميق وطلبت من الشجرة الغفران والعفو .
كادت دموعي تنهمر عندما قرأت تلك الكلمات العاطفية الحزينة . للأسف الشديد
لم أصور الرسالة ولم اخذ على الأقل رسالة واحدة معي إلى البيت لكي احتفظ بها .
وفي اليوم التالي دعوت إحدى الشاعرات الألمانيات و أمها إلى تناول طعام الغداء .
و بعد الغداء أخذتهما معي وسافرنا إلى منطقة سونن بليك لمواساة و زيارة
شجرة البلوط . دهشنا جميعا عند قراءة كل الرسائل .
ومنذ صيف عام 1997 و ليومنا هذا ألتقط لهذه الشجرة المقدسة صورا في كل فصول السنة .
و بالجدير بالذكر دهشنا ، زوجتي وأنا ، بأن اغصان الشجر كانت تنمو من
الجانبين و من القمة ، على الرغم بأن جوف الشجرة كان فارغا كما ذكرت أعلاه .
إخترت بعض الصور القديمة التي التقطتها منذ عام 1997 المطبوعة على

الورق و عملت لها سكننج و عدلتها ببرنامج الفوتوشوب .
لذا أرجو المعذرة عما إذا كانت ألوان بعض الصور ا خافتة .

إلتقطت صورا لها قبل أيام ، حيث شاهدنا بأن الشجرة قد ضعفت و جفت
و اضمحلت تماما ، حيث قلنا لها الوداع يا شجرة البلوط .
تقبلوا مني فائق ودي و تقديري
د . عدنان
ألمانيا في 22 يناير 2011
تعليق