عائشة بنت أبي بكر (توفيت سنة 678م) إحدى زوجات رسول الله محمد بن عبد الله ومن أمهات المؤمنين، ولدت في السنة الرابعة بعد البعثة، روت عائشة العديد من الأحاديث النبوية عن الرسول وخاصة ما يتعلق بحياته الخاصة، بلغ عددها 2210 منها 316 في صحيح البخاري ومسلم.
نسبها
شجرة نسب عائشة وإلتقاءه بنسب محمد بن عبد الله وبأنساب باقي أمهات المؤمنينأبوها: أبو بكر بن أبي قحافة عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
أمها : أم رومان بنت عامر بن عمير بن ذهل بن دهمان بن الحارث بن تيم بن مالك بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
زواج محمد منها
تزوجها رسول الإسلام محمد بن عبد الله بعد وفاة زوجته الأولى أم المؤمنين خديجة بنت خويلد وزواجه من أم المؤمنين سودة بنت زمعة العامرية القرشية، وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين، ورغم ورود أن عمرها كان ست سنين، حين تزوجها الرسول وتسع سنين حين بنى بها كما في البخاري ومسلم[1] إلا أن هذا ورد على لسانها فقط بعد أن كبرت في السن ولم يرد على لسان الرسول ذلك ولذلك كان هذا موضع جدل لدى العلماء إذ قال بعضهم مثل الشيخ خالد الجندي بأن زواجه تم وهي أكبر من ذلك خصوصا وأن تواريخ الميلاد لم تكن تدون انذاك وسنها الحقيقى انذاك أربعة عشر سنة تبعا لقياس عمرها بعمر أختها الكبري أسماء بنت أبي بكر، وقد عاشت مع الرسول ثمانية أعوام وخمسة أشهر.
كما تقول بعض الروايات أن عائشة كانت تبلغ مبلغ النساء عندما تزوجها النبي محمد. كما أن ابن حجر روى عن أبي نعيم أن أسماء بنت أبي بكر – أخت عائشة الكبرى – ولدت قبل الهجرة بسبع وعشرين سنة، ومعنى ذلك أن عائشة كانت تبلغ سبعة عشر عاما تقريبا حين الهجرة أي حين تزوجها محمد، لأن أسماء تكبر عائشة بعشر سنوات.[2]. كما أن ابن قتيبة نص على أن عائشة توفيت سنة ثمان وخمسين وقد قاربت السبعين، وهذا يعني أنها كانت حين زواجها بمحمد في عمر الثلاثة عشر تقريبا، لأن الزواج تم قبيل الهجرة النبوية الشريفة
حادثة الإفك
مرت عائشة في ملابسات حادثة الإفك وذكرها الله تعالى في القران الكريم ذكر القران: ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم﴾«24:11» وقد برءها الله وطهرها وزكاها، وقد حكم ابن عباس بالكفر على من اتهمها بالفاحشة بعد تبريء الله لها.
قصيدة ابن بهيج الأندلسي
نظمها في تبرأة أم المؤ منين عائشة من حادث الإفك، يقول فيها:
ما شان أم المؤمنين وشاني=هدي المحب لها وضل الشاني
إني أقول مبينا عن فضلها=ومترجما عن قولها بلساني
يا مبغضي لا تأت قبر محمد=فالبيت بيتي والمكان مكاني
إني خصصت على نساء محمد=بصفات بر تحتهن معاني
وسبقتهن إلى الفضائل كلها=فالسبق سبقي والعنان عناني
مرض النبي ومات بين ترائبي=فاليوم يومي والزمان زماني
زوجي رسول الله لم أر غيره=الله زوجني به وحباني
وأتاه جبريل الأمين بصورتي=فأحبني المختار حين راني
أنا بكره العذراء عندي سره=وضجيعه في منزلي قمران
وتكلم الله العظيم بحجتي=وبراءتي في محكم القران
والله خفرني وعظم حرمتي=وعلى لسان نبيه براني
والله في القران قد لعن الذي=بعد البراءة بالقبيح رماني
والله وبخ من أراد تنقصي=إفكا وسبح نفسه في شاني
إني لمحصنة الإزار بريئة=ودليل حسن طهارتي إحصاني
والله أحصنني بخاتم رسله=وأذل أهل الإفك والبهتان
وسمعت وحي الله عند محمد=من جبرئيل ونوره يغشاني
أوحى إليه وكنت تحت ثيابه=فحنا علي بثوبه خباني
من ذا يفاخرني وينكر صحبتي=ومحمد في حجره رباني؟
وأخذت عن أبوي دين محمد=وهما على الإسلام مصطحبان
وأبي أقام الدين بعد محمد=فالنصل نصلي والسنان سناني
والفخر فخري والخلافة في أبي=حسبي بهذا مفخرا وكفاني
وأنا ابنة الصديق صاحب أحمد=وحبيبه في السر والإعلان
نصر النبي بماله وفعاله=وخروجه معه من الأوطان
ثانيه في الغار الذي سد الكوى=بردائه أكرم به من ثان
وجفا الغنى حتى تخلل بالعبا=زهدا وأذعن أيما إذعان
وتخللت معه ملائكة السما=وأتته بشرى الله بالرضوان
وهو الذي لم يخش لومة لائم=في قتل أهل البغي والعدوان
قتل الألى منعوا الزكاة بكفرهم=وأذل أهل الكفر والطغيان
سبق الصحابة والقرابة للهدى=هو شيخهم في الفضل والإحسان
والله ما استبقوا لنيل فضيلة=مثل استباق الخيل يوم رهان
إلا وطار أبي إلى عليائها=فمكانه منها أجل مكان
ويل لعبد خان ال محمد=بعداوة الأزواج والأختان
طوبى لمن والى جماعة صحبه=ويكون من أحبابه الحسنان
بين الصحابة والقرابة ألفة=لا تستحيل بنزغة الشيطان
هم كالأصابع في اليدين تواصلا=هل يستوي كف بغير بنان؟!
حصرت صدور الكافرين بوالدي=وقلوبهم ملئت من الأضغان
حب البتول وبعلها لم يختلف=من ملة الإسلام فيه اثنان
أكرم بأربعة أئمة شرعنا=فهم لبيت الدين كالأركان
نسجت مودتهم سدى في لحمة=فبناؤها من أثبت البنيان
الله ألف بين ود قلوبهم=ليغيظ كل منافق طعان
رحماء بينهم صفت أخلاقهم=وخلت قلوبهم من الشنان
فدخولهم بين الأحبة كلفة=وسبابهم سبب إلى الحرمان
جمع الإله المسلمين على أبي=واستبدلوا من خوفهم بأمان
وإذا أراد الله نصرة عبده=من ذا يطيق له على خذلان؟!
من حبني فليجتنب من سبني=إن كان صان محبتي ورعاني
وإذا محبي قد ألظ بمبغضي=فكلاهما في البغض مستويان
إني لطيبة خلقت لطيب=ونساء أحمد أطيب النسوان
إني لأم المؤمنين فمن أبى=حبي فسوف يبوء بالخسران
الله حببني لقلب نبيه=وإلى الصراط المستقيم هداني
والله يكرم من أراد كرامتي=ويهين ربي من أراد هواني
والله أسأله زيادة فضله=وحمدته شكرا لما أولاني
يا من يلوذ بأهل بيت محمد=يرجو بذلك رحمة الرحمان
صل أمهات المؤمنين ولا تحد=عنا فتسلب حلة الإيمان
إني لصادقة المقال كريمة=إي والذي ذلت له الثقلان
خذها إليك فإنما هي روضة=محفوفة بالروح والريحان
صلى الإله على النبي واله=فبهم تشم أزاهر البستان
موقعة الجمل
مقال تفصيلي :موقعة الجملفي اليوم العاشر من جمادى الأول سنة 36 هجري بعد مقتل الخليفة الثالث عثمان بن عفان بايع المسلمون علي بن أبي طالب طوعا وكانت عائشة قد سألها الأحنف بن قيس عن من يبايع بعد عثمان. فأمرته بمبايعة علي. لكن عائشة وطلحة والزبير بعد أن بايعوا عليا قصدوا البصرة مطالبين عليا بمعاقبة قتلة عثمان، فقصد الإمام علي بن أبي طالب البصرة في بضع فرسان يدعوهم للتريث حتى تهدأ الأمور فيتسنى له القبض على القتلة وتنفيذ حكم الله فيهم، فإن الأمر يحتاج إلى الصبر. فاقتنعوا بفكرة علي التي جائهم بها القعقاع بن عمرو التميمي، فاتفقوا على المضي على أمر أمير المؤمنين علي وباتوا بأهنأ ليلة، حتى إن عبد الله بن عباس -وكان ممن جاء مع علي- بات ليلته تلك في معسكر طلحة والزبير، وبات محمد بن طلحة بن عبيد الله -وكان جاء مع أبيه- في معسكر أمير المؤمنين علي أجمعين.[4]
بات تلك الليلة رؤوس الفتنة بشر حال، فاجتمعوا ورؤوا أن اصطلاح الفريقين ليس من صالحهم، فأرادوا اغتيال أمير المؤمنين علي فأشار بعضهم ألا يفعلوا، فإن وقعوا في أيدي المسلمين ذبحوهم فإنهم لم يهدأ حزنهم على عثمان فكيف بقتل خليفته. فقرر ذلك المؤتمر الاثم إشعال الحرب بين الفريقين. وقبل دخول الفجر أمروا بعض زبانيتهم بدخول معسكر الإمام علي وقتل بعض الجنود هناك، والبعض الاخر يدخل معسكر طلحة والزبير ويقتل بعض الجنود هناك. فيظن كلا الفريقين أن الاخر قد غدر به، وفعلا ظن الفريقين ذلك. فقام الجنود إلى سلاحهم في ذعر وذهول، فجاء علي إلى الزبير وذكره بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للزبير أنه سيقاتل عليا وهو له ظالم، فرجع الزبير على أعقابه فمنعه ابنه عبد الله وقال له بأنهم لم يأتوا لقتال ولكن للإصلاح بين الناس، أي حتى هذه اللحظة لم يخطر ببال الصحابة أن ستنشب الحرب. فلما سمع طلحة بن عبيد الله كلام أمير المؤمنين علي للزبير رجع هو الاخر أدباره، فرماه أحد رؤوس الفتنة بسهم في عنقه فمات، لأنه ليس من مصلحة رؤوس الفتنة انتهاء الحرب. ودارت رحى المعركة وأمير المؤمنين علي يقول: " يا عباد الله كفوا يا عباد الله كفوا ". فلما رأت عايشة ما يجري من قتال ناولت كعب بن سور الأزدي كان يمسك بلجام ناقتها مصحفا وأمرته أن يدعوا الناس للكف عن القتال قائلة: " خل يا كعب عن البعير، وتقدم بكتاب الله فادعهم إليه "، هنا تحرك رؤوس الفتنة فرؤوا أنها مبادرة خطيرة لوقف الحرب فأرادوا أن يأدوها، فرموا كعبا بسهامهم فأردوه فتيلا. في وسط المعركة دخل سهم طائش في هودج أم المؤمنين فأدمى يدها فأخذت بلعن قتلة عثمان فسمعها الجيش الذين معها فلعنوهم فسمعهم أمير المؤمنين علي وجيشه فلعنوهم. فاشتاط رؤوس الفتنة - قتلة عثمان - غضبا فقرروا اغتيال أم المؤمنين عائشة لأنها لن تكف عن توحيد الفريقين بإظهار حبهم لعثمان وحقدهم على قتلته ولن تكف عن مبادرات إيقاف الحرب وتهدئة النفوس، فأخذوا يضربون هودجها بالسهام من كل مكان حتى صار كالقنفذ. ولكن كان قلب أمير المؤمنين خائفا على سلامة أمه أم المؤمنين فأمر بعقر (أي قتل) البعير الذي عليه هودج أم المؤمنين لأنه مستهدف ما دام قائما. فعقر البعير وانتهت المعركة التي لم تكن بحسبان الصحابة والمؤمنين أنها ستقع فكلا الفريقين قصد البصرة على غير نية القتال، ولكن قدر الله وما شاء الله فعل.[4]
إن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب لم ينس قول النبي له ذات يوم: " إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر " -أي أمر ظاهره الخلاف-، قال علي متعجبا ومصدقا: " أنا يا رسول الله؟! "، فقال النبي: " نعم "، قال علي: " أنا أشقاهم يا رسول الله "، فقال : " لا، ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها ". روى الحديث الإمام ابن حجر والإمام الهيثمي.
فأمر أمير المؤمنين علي بتنحية هودج أم المؤمنين جانبا وأمر أحد قادة جنده وهو أخوها محمد بن أبي بكر بتفقد حالها أن يكون أصابها مكروه، فرأها بخير وسرت هي برؤيته حيا بقولها: " يا بأبي الحمد لله الذي عافاك ". فأتاها أمير المؤمنين علي وقال برحمته المعهودة: " كيف أنت يا أمه ؟ "، فقالت : " بخير يغفر لله لك "، فقال: " ولك ". فأدخلها دار بني خلف فزارها بعد أيام فسلم عليها ورحبت هي به. وعند رحيلها من البصرة جهزها بكل ما تحتاج إليه من متاع وزاد في طريقها للمدينة المنورة وأرسل معها 40 امرأة من نساء البصرة المعروفات وسير معها ذلك اليوم أبنائه الحسن والحسين وابن الحنفية وأخوها محمد بن أبي بكر الصديق. فلما كان الساعة التي ارتحلت فيه جاء أمير المؤمنين علي فوقف على باب دار بني خلف -حيث أقامت أم المؤمنين- وحضر الناس وخرجت من الدار في الهودج فودعت الناس ودعت لهم، وقالت: " يا بني لا يعتب بعضنا على بعض، إنه والله ما كان بيني وبين علي في القدم إلا ما يكون بين المرأة وأحمائها وإنه على معتبتي لمن الأخيار "، فقال أمير المؤمنين علي: " صدقت والله ما كان بيني وبينها إلا ذاك، وإنها لزوجة نبيكم في الدنيا والاخرة " وسار علي معها أميالا مودعا لها حافظا.
وفاتها ودفنها
جاء عبد الله بن عباس يستأذن على عائشة عند وفاتها فجاء ابن أخيها عند رأسها -عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق-، فأكب عليها ابن أخيها عبد الله فقال: " هذا عبد الله بن عباس يستأذن "، وهي تموت، فقالت: " دعني من ابن عباس ". فقال: " يا أماه !! إن ابن عباس من صالح بنيك يسلم عليك ويودعك ". فقالت: " ائذن له إن شئت ". قال: " فأدخلته "، فلما جلس قال ابن عباس: " أبشري ". فقالت أم المؤمنين: " بماذا؟ "، فقال: " ما بينك وبين أن تلقي محمدا والأحبة إلا أن تخرج الروح من الجسد، وكنت أحب نساء رسول الله إليه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب إلا طيبا. وسقطت قلادتك ليلة الأبواء فأصبح رسول الله وأصبح الناس وليس معهم ماء، فأنزل الله اية التيمم، فكان ذلك في سببك، وما أنزل الله من الرخصة لهذه الأمة، وأنزل الله براءتك من فوق سبع سموات، جاء بها الروح الأمين، فأصبح ليس مسجد من مساجد الله إلا يتلى فيه اناء الليل واناء النهار ". فقالت: " دعني منك يا ابن عباس، والذي نفسي بيده لوددت أني كنت نسيا منسيا ".
توفيت ليلة الثلاثاء السابع عشر من رمضان من السنة السابعة أو الثامنة أو التاسعة والخمسين للهجرة. صلى عليها أبو هريرة بعد صلاة الوتر، ونزل في قبرها خمسة: عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أختها أسماء بنت أبي بكر والقاسم وعبد الله ابنا أخيها محمد بن أبي بكر، وعبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان عمرها يومئذ سبعا وستين سنة.
يتبع
تعليق