كل يوم يشبه غيره ،لاشيء أصبح له معنى أو أصبح له مذاق،إنها ليست وجبة غداء أو فطيرة الصباح أو أكلة عشاء، بل هي الحياة،أصبحت مرة نفس الأشخاص نفس الوجوه،نفس الشوارع والأزقة،الأحاديث متشابهة،الصباح كالمساء،وحتى الفصول أصبحت تمر مرور الكرام،لاشيء جديد،هذا هو الإحساس الذي يخالجني مند عدة شهور،والسؤال الذي يرافقني كل يوم هل هذه الأحاسيس تخالج الجميع،مرارا وتكرارا حاولت الإجابة على السؤال،بحث في تعابير الوجوه الكئيبة،وعندما وجدت أنني عاجزة عن قراءة الأفكار،سألتهم فكان كل واحد وهمه،فهذا لم يؤدي ثمن الكراء لشهرين وذاك أفلس بسبب القمار، وذالك يبحث عن حياة أفضل عن طريق الهجرة، وتلك حاملة لشهادة عليا ولحد الان لم تجد وظيفة، وتلك تعمل في المنازل من أجل أطفالها،الإجابات كثيرة والتعليقات لا تنتهي،بحث عن أسباب كابتي بينهم لكنني لم أجد جواب،فانا اعمل مند شهور في شركة ولدي دخل لحد ما قار،عندما أخبرت بعض المقربين مني عن حالتي،البعض منهم اعتبرني مريضا نفسيا واقترح علي زيارة طبيب نفساني واخرون نظر إلي نظرات مريبة ثم قطعوا علاقتهم بي نهائيا والمتدينون منهم اعتبروها قلة إيمان مني وذلك نتيجة عدم قيامي بشكل مستمر بواجباتي الدينية فأرشدوني إلى اقرب مسجد من منزلي،وما تبقى اعتبرها سن يأس بسبب دخولي في الأربعينات،الجميع حلل حالتي وأعطوني حلولا حتى أحس بالسعادة ،لكن حالتي أصبحت أصعب من ذي قبل، فذهبت إلى اقرب عاشقين صادفتهما في طريقي وحاولت أن استفسر عن حالتي فكان جوابهما معا بأنه فراغ عاطفي أمر منه وان حله بسيط وهو بإيجاد شريك الحياة في اقرب فرصة،ورغم ذلك بدا لي جوابهما غير مقنع وحللت قولهما بأنهما مازالا عاشقين جديدين وما تزال الأزمات لم تحم حول علاقتهما بعد،نظرت إلى أطفال صغار عل أحس ولو بسعادة وقتية،لكن رغم ذلك فشلت البسمة أن تستقر على شفتي،ما أن اقتربت من البحر حتى جلست على إحدى الصخرات الضخمة هناك،كان المكان بجانبي خاليا،استغللت الفرصة وقررت مع نفسي بان سعادتي ستحقق برمي نفسي في البحر،ربما يكون بذلك نهاية لجميع أحزاني والكابة التي تسيطر على كل أجزاء جسمي.ما أن سقطت على الماء حتى غبت عن الوعي،وعندما فتحتهما وجدت أمامي فتاة جميلة،ظننت نفسي لحظتها أنها ربما هي الحياة الأخرى،لكن تأنيبها لي جعلني أتأكد أنني مازلت على قيد الحياة،رغم انه كان هناك العديد من الناس بجانبي فأنا لم أحس بهم إلا عندما غادروا بعد أن اطمئنوا علي وتركوني برفقتها،ما أن أحسست بأنني بخير حتى جلست ومن دون أن أتكلم ولو كلمة عن مشاكلي،بادرت الفتاة بمعاتبتي واعتبرت تصرفي عملا جبانا،عندها تأكدت أنها كانت تراقبني من بعيد،أخبرتني عن مشاكلها التي تدفع أي إنسان إلى الانتحار،ورغم ذلك فلم تقدم عل هذا العمل المخالف لكل الشرائع الدينية،ظللت صامتا طوال الفترة التي كانت تتحدث فيها،وعندما حان وقت رحيلها نصحتني بمواجهة أي مشكلة أو أي حالة نفسية تصادفنا في حياتنا، ومن ثم طلبت مني مراجعة كل شئ في حياتي،ما أن ابتعدت قليلا عني حتى صرخت مستفسرا عن حالتي ،ابتسمت رغم أحزانها وقالت لي أنها مجرد حالة ملل ليس إلا،تعجبت لأنها لم اخبرها بأي شئ عن حياتي،ابتسمت ثم استدارت من جديد،عندها أسرعت باتجاهها ثم سألتها عن إمكانية قبولها المساعدة مني،نظرت إلي نظرات غريبة جعلتني افقد الثقة في نفسي وبعد ذلك ابتسمت و وافقت،لحظتها أحسست بسعادة غامرة،وعندها عرفت دائي وحللت عقدتي، وربما قد أجد معها شريكة حياتي وهكذا أكمل فريضة من ديني.وحتى أتأكد نظرت إلى الناس فوجدت البسمة لا تفارق الوجوه،وكل ما رأيته سابقا مجرد تهيئات بسبب حالة نفسية اسمها حالة ملل.
بقلم نورالينا
تعليق