أول ما رن الجرس انفتح الباب وطلت من وراه العنود , كانت أمها وقفة وهي تقول لأبوها : كلمت عبد الرزاق وهاوش ليش ما كلمناه من البداية وعلمناه ..
قال بعصبية : هو ولدك هذا يدق ولا يسأل , من شهر لشهر بالحسرة يدق ....
لفت أمها و ابتسمت لمن شافتها وقالت : شكلك كنتي عند الباب من يوم رحنا ..
طالعت لوراهم على أمل واهي إنه أزهار معاهم , قال أبوها : محد معانا ..
زفرت وقالت وهي تصك الباب وتلحقهم : كنت عارفة , المهم متى بنزورها ؟؟
توقفت أمها عن المشي للحظة وكملت طريقها للصالة , سحبت منها العنود العباية والطرحة وهي تسأل : متى قال الدكتور نزورها ؟؟
قال أبوها بهدوء : أزهار بتخرج من المستشفى اليوم لكنها بتروح على بيتها ..
تصنمت العنود وهي تطالع فيهم , هي كانت متوقعة هذا الشي وتفكر فيه لكن دائما المواجهة هي الأصعب , اشرت لها أمها تجلس جنبها فجلست على طول وعيونها متعلقة بأبوها اللي كمل : استعادت ذاكرتها السابقة والدكتور يقول إنها عانت كثير من تذكرها لأنهم اكتشفوا إنها شافت عامر يموت قدام عيونها وهو سبب فقدها للذاكرة , لكنها مهي متذكرة تماما الفترة اللي عاشتها معانا ..
همست العنود بألم : تذكرت جاسم وعرفت إنه زوجها ؟؟
هز راسه وقال : كل شي قاله لها الدكتور وأخوها ..
قالت أمها بلطف وهي ترص يد العنود الراصة على العباية بكل قوتها : هي توصل سلامها لكم وتقول إنها ما حتتصل علينا أو تجينا لفترة لأنها تحتاج وقت عشان تفكر بكل اللي صار وأرسلت رسالة لكل وحده فيكم ..
وخرجت من شنطتها الرسالة المكتوب على ظهرها (( عمود الكهرب )) , طالعت العنود في الرسالة ودمعت عيونها وهي تقول بصوت مخنوق : بس هي متذكرة إني عمود كهرب ..
وغطت وجهها بيدينها وسندت راسها على فخوذ أمها وهي تصيييييييييح من قلبها على فقدها لأزهار اللي بالتأكيد هي الان في أمس الحاجة لأحد يوقف معاها ..
مسحت أمها على شعرها وهي تقول بصوت مخنوق : هي ما قالت بتقطعنا على طول ولا إنها ناسيتنا تماما , هي متذكرتكم .... كلكم ..
قالت كلمتها ألأخيرة وهي تشوف الصدمة على وجه البندري اللي واقفة عند أول درجة في الصالة , خرجت أمها الرسالة وناولتها لها , تحركت البندري من مكانها وسحبت الظرف وطالعت فيه (( صغيرتي الحالمة )) غمضت البندري عيونها للحظة ورجعت طلعت بسرعة لغرفتها وصفقت الباب بكل قوتها , طالعت الأم في اخر ظرف في شنطتها وهي تحس دموعها غصب عنها تنزل على خدودها , (( ستظلين أختي الكبرى )) ..
**************************
ركبت أزهار ورى في سيارة أبو أمجد بعد ما صرفوا الدوا اللي أصر الدكتور إنها تاخذه لفتره إلين يطلب منها تسيبه , كانت تطالع في الشوارع اللي تذكرتها وكانت مع كل منعطف وكل إشارة تقربها من عمارتهم من شقتهم اللي عاشوا فيها سنين عمرهم , وكان قلبها مع كل ثانية يضرب بقوة من الرهبة , ولمن دخلت السيارة الشارع اللي تطل عليه العمارة حست بمغص فضييييييع في بطنها , توقفت السيارة عن العمارة فنزلت وسبقت أخوها اللي قعد يشكر صاحبه , كل درجة تقربها من الشقة تذكرها بأمها وأخوانها , ريحتهم للمدارس وخرجتهم للبحر والمخططات , وقفت قدام باب الشقة الخشبي وطالعت في الجرس اللي ياما دقته وفتحت لها أمها الباب وهي تعاتبها على إزعاجها وضغطها المستمر على الجرس , قاومت رغبة إنها تدق الجرس وهي تصرخ بداخلها ~ محد فيه , محد بيرد عليك , خلاص ماتوا يا أزهار , متى بتقتنعين ~ مر عمر من جنبها وهو يقول بفرح : يا هلا والله بزهرة ..
و دخل المفتاح للشقة وهو يحس بخووووف عمييييييييق بداخله عليها كان يدعي من كل قلبه إنها ما تحس نفس إحساسه أول ما دخل الشقة , إنها ما تحس الألم والوحدة والفقد والوجع , هو ما رجع الأثاث اللي غيروا فيه المستأجرين زي ما كان في نفس مواضعه سابقا لكن مازال فيه نفس أثاثهم القديم , دخلت أزهار وهي تسمي و فصخت عبايتها في الصالة وهي تبعد بصرها قد ما تقدر عن الكنبة المفضلة لعامر , كان عمر يدقق في وجهها كإنه يطالع من مجهر , كانت حاسة إنه يستنى أي تغير في ملامحها عشان يخرجها من الشقة و يوديها أي مكان ثاني عشان ما تحس بالألم , ابتسمت له وقالت : اش فيك تطالع فيني كذا , روح شوف لك شغلة ..
ودخلت على الغرفة الرئيسية اللي هي غرفتها المشتركة مع أمها , كان السرير مليان أشياء عمر , تقطع قلبها وهي تفكر إنه كان ينام كل ليلة في سرير أمها , كيف قعد لوحده كل هالفترة سخفت له من جد , على الأقل هي كانت فاقدة الذاكرة وعايشة وسط ناس , طالعت في الكراتين المغبرة اللي على الأرض وفتحتها , لقيتها ملابسهم مكومة على بعض , قال عمر بهدوء : هذا من سواة صاحب العمارة ..
سحبت ثوب عمير اللي قدامها وطبقته وهي تقول بصوت ثابت : بأفرغ الأشياء عشان نتصدق بها عنهم ..
مسك يدها بحزم وقال : قومي نامي ارتاحي والصباح رباح , الدكتور مطلق قال لازم ما تجهدين نفسك ..
هزت راسها وقالت بابتسامة مرحة وهي تسحب يدها بهدوء منه : انت تعرفني ما أعرف أنام والبيت حايس , ترى فقد الذاكرة ما غيرني ..
وبدأت تفرغ الأشياء بصمت , غترة عمار , قميص أمها , بنطلون الرياضة الأزرق اللي يعشقة عمير , فستان أمها العيد الماضي , قعدت تفرغ وتطبق وعمر واقف عند باب الغرفة ما تحرك من مكانه , ولمن شاف إنه ما في فايدة من وقفته راح للصالة وجلس قدام التلفزيون وشغل مجد القران وعللى الصوت وهو ما همه لو دق الجيران عشان يشتكون من الإزعاج , كان بحاجة لشي يهدي الثقل اللي في قلبه بسبب منظر أزهار الثابت المصطنع وهي ترتب الأشياء , هو الرجل بكل قوته تجنب إنه يمسك طرف الكرتون عشان ما يشوف شي يذكره بهم , كيف هي ..
سحبت طرحة أمها البيضاء وطبقتها وقبل ما تحطها ضمتها وهي تشمها , كانت ريحة الحنا اللي دايما تستخدمه أمها عالقة فيها , بلعت غصتها وكملت شغلها بهمة , فتحت الكرتون الثاني لقيته الأشياء والتذكارات والتحف اللي كانوا مزينين بها دولاب التلفزيون , بدأت تصنفه , ابتسمت وهي تشوف برواز صور حطت بداخله القصيدة اللي كتبتها مشاعل بعد وفاة أبوها بشهر ..
بَعدك يا أبوي
(يوم الخميس الصبح ثالث أيام الصايمين
دق بابي وهاتفي برنات مجروحة
سألتهم عن صحته واشلون هي أوضاعه
قالوا إنا لله وإنا إليه راجعين
صار العزا وصار الحزن في أيام معدودة
وصرت أصيح والناس أرجوك تكفين
كل على بيته رحل بعد دعوات مكتوبة
وأنا همي بقي بدل ضعف ضعفين
صارت أحلام بأعداد الأيتام مكتوبة
وين الصبر ينباع واشريه بك الملايين
والوالدة من الأرامل صارت اليوم محتدة
خيم علينا الحزن أيام وشهور وسنين )*
كانت وقتها تصبرها وتحاول تخرجها من ألمها وهي تطلب منها تكون أقوى وتذكرها إنها فقدت أبوها من الصغر , الان حست بمقدار ألم مشاعل , الان عرفت المعنى الحقيقي للفقد , أبوها لمن فقدته كانت صغيرة , صح ياما بكت وتألمت و اشتاقت لكن مو زي ألمها الان , تذكرت كلماتها وهي تقول من وسط دموعها (( الكلام سهل يا أزهار لكن تطبيقه صعب )) ضمت البرواز وهي تقول بصوت مخنوق : والله صعب يا مشاعل , ياليتني أقدر أرجع لسنوات على ورى وأضمك ضمة واحد فاهم إحساسك ذاك الوقت ..
كملت شغلها وهي تدعي ربها تجتمع فيها في أقرب فرصة ...
: عممور , عموووور ..
شهق وهو يفتح عيونه , ابتسمت وقالت : اسفة حبيبي أزعجتك , بس أذن الفجر ..
فتح عيونه يبغى يستوعب ومسح وجهه وطالع في ساعته , انتبه إنه مغطى بلحاف ومتمدد على الكنبة وتحت راسه مخده , قالت : صلي العشاء , تراك ما قمت , حتى موية رشيت عليك لكنك في عالم اخر ..
استغفر وهو يقوم , و انصدم لمن لقي كراتين عند الممر وسريرين ساده الطريق , قالت وهي تأشر عليها : هذي تبرع بها كرتونين ملابس أمي وكرتون ثياب عامر وعمير وملابسهم الرياضية والكرتون الصغير فيه كتب عمار وقصص عمير يفضل إننا نتصدق بها كمان والأكياس السوداء فيها أوراق عمار وخطبه ومحاضراته يبغالها حرق عشان فيها اسم الله ..
قال بصدمة : انتي تنظفين من المغرب ؟؟
ابتسمت وقالت بفرح : خلاص ما بقي إلا المطبخ وغسيل الملابس ..
سحبته لغرفة أمها وقالت : تعال شوف غرفتك ..
تبعها وهو يحاول يطرد النوم من عيونه , انبهر لمن شاف مكتبه وأشياءه كلها في غرفة أمه الواسعة واللي تغير ديكورها بسبب تغير الأشياء , الشيئين الوحيدين اللي دله إنها غرفة أمه هو السرير اللي فرشته بفراش نظيف وحطت عليه مخداته المفضله , ودولاب الملابس , لف عليها وسأل بحيرة : و انتي ؟؟
قالت وهي تسحبه : أنا أخذت غرفتكم لأنها أصغر ..
كانت حاطة سرير واحد من أسرتهم ومكتبها و مجمعة كل أشياءها الخاصة في ركن وغرفة عمار الخاصة مفرغتها تماما , لف وطالع فيها وبعدين مسح على شعرها وقال : الله يقويك , حقيقة يا أزهار ......
وسكت طويل بعدين همس بصوت حاول يخليه ثابت : أنا سجدت لربي سجدات شكر لأنك رجعتيلي , البيت من دونك ما كان له طعم ..
ابتسمت وضمته وهي تقول بتريقه عشان تغطي على دموعها اللي بتهزمها وتنزل : يا ناسو انته يا قلبو ماما أزهار ..
دفها وهو يقول بمزح : فكيني بأروح أصلي ..
ضحكت وهي تضمه أكثر وتقول بصوت مخنوق : ما أبغى ..
قال بحزم : أزهار الصلاة ..
لكنها ما سابته بالعكس زادت من قوة احتضانها وهي تدفن وجهها في كتفه , زفر و لف يدينه حولينها و ضممممممها وهو يهمس بصوت حنون : نفسي يرجع عمار عشان أقول له , بنتك وحبيبتك أزهار اللي ربيتها كانت قوييييييية زي ما كنت تتوقع ..
ولمن حس بأظافرها تنغرز في ظهره من كثر الألم , مسد ظهرها وهو يكمل : راحوا للي أرحم مني ومنك يا أزهار , راحوا للي أرحم مني ومنك ..
بعدت عنه بعد فترة وقالت بمرح : شكرا , يلا الصلاة , انتهت مهمتك هنا ..
ضحك وقال بتريقة : يمه على بالي قاعدة تصيحين ..
ابتسمت وقالت بصدق : عندي عمر قلبي وأصيح ...
كان شايف دموعها الحبيسة داخل عيونها ومعجب بقوتها اللي خلتها تحبسها وما تطاوعها وتذرفها ...
حط يده على شعرها ومسحه بعنف , قالت وهي تضرب يده : اي عورتني وفرقعته ..
: هو أصلا مفرقع وشعافله واصل السقف ..
: عمر ...
: بروح الصلاة ..
: أوريك لمن ترجع ...
************************
بعد 16 يوم :
عصر يوم الأربعاء 19 / 4 / 1428 ه
في الشقة :
: أزهار ..
خرجت من المطبخ وقالت : خيييييير سيد عمر..
قال وهو يأشر على الملاعق والعيش اللي على السفرة : تراك سقطتي بي اش هذا , ملاعق وعيش من غير أكل ..
قالت وهي تحرك المغرفة في الهوا : اش تبغاني أسوي , انت اللي تأخرت وخليت الأكل يبرد , تبغاني أغرفه بارد ترى ما عندي أي إشكال ..
حك شعره المبلل من الترواشة وقال : ما توقعت إنه لي ساعة في الحمام ..
رفعت يدينها وقالت قبل ما تدخل المطبخ : يا ارب ترحم منى مرة عمر يا رب ..
ابتسم وهو يلعب في الملعقة اللي طاحت من يده لمن انتبه لكلامها وسأل : منى مييييييييييين ؟؟
ضحكت أزهار وقالت بصوت ممطوط عالي من داخل المطبخ : منى بنت جارنا العزيز سامي , يعني يعني ما أعرفها ..
قال بحيرة : و مين جابلك سيرتها ؟؟ أنا قيد نطقت اسمها على لساني , أصلا أول مرة أدري إنه أبو صلاح عنده بنت اسمها منى ..
خرجت راسها من عند الباب و رسمت ابتسامة معجون أسنان وهي تقول : هذاك عرفت , من بعد ماماتي الله يرحمها أنا المسؤولة الأولى عن اختيار زوجة المستقبل ..
ورجعت دخلت المطبخ , قال بصوت عالي : الله يستر ..
غرفت الأكل وخرجت لقيته مسرح , قالت : هيييييييي على وين وصلنا ؟؟
قال بتريقة : عند بيت الجيران ..
قهقهت أزهار من قلبها وقالت : سم بالله وكل ..
وهو ياكل قالت : شوف يا حبيبي , منى هذي وحيدة أبوها وأمها , أصغر منك بسنتين , سنة ثالث كلية قسم لغة عربية , طيوووووبة وأخلاق وشكلها نعوم , أمي الله يرحمها كانت تحبها وتحب أمها , صراحة أحسها لايقة عليك ..
لف عليها وقال بصدمة : دحين انتي من جدك تتكلمين ؟؟
قالت وهي تحط يدينها على خصرها : لا من عمي , لو ماكنت جادة ماكان فتحت الموضوع ..
رفع حواجبه وقال بتريقة وهو يرجع للأكل : ومنى هذي جالسة تستنى اشارة من يدي عشان توافق ..
زفرت وقالت : عمر لا تتريق , اش اللي يخليها ترفض ؟؟ شاب ملتزم وطيب وعنده وظيفة وراتب زين , والشقة جاهزة وقدام باب أهلها كمان اش تبغى البنت أكثر من كذا ..
قال بهدوء : إذا انتي قنوعة براتب 3500 لا تحسبين الناس كلها زيك , فكري بالعقل 3500 ما تفتح بيت هالأيام ..
قالت بعصبية : والله تفتح , إذا انت مدبر فلوسك وحرمتك قنوعة بالشي المعقول تكفيكم الفلوس بزيادة ربنا يقول (( نحن نرزقهم وإياكم )) والله صدقني ربي بيبارك في فلوسك إذا كملت نص دينك , بعدين أنا ما أتكلم من فراغ , صح في فرق 5 سنوات بيني وبين منى لكنها صحبتي ومعاشرتها , ما شاء الله عليها إنسانة قنوعة ..
سألها بحزم : انتي دحين تتكلمين معايا عن جوازي وناسية موضوعك المعلق انتي وجاسم , إلى متى بتماطلين وتلتزمين الصمت على هالموضوع ؟؟..
من سمعت اسمه حست بمشاعر متضاربة فضيعة , كمل بحزم : ومطلق يقول ضروري يشوفك , تراك تهربتي من جلستين إلى الان ..
دارت مشاعرها المتضاربة وقالت وهي تخرج ورقة والة حاسبة وقلم من جيبها : انسى موضوعي , شوف إذا جمعنا فلوس التعويض مع الفلوس اللي في حسابك واللي في حساب التوفير اللي سواه عمار وأضفنا عليها الفلوس اللي حنطلبها من مشروع مساعدة تزويج الشباب وعلى فكرة أنا اتصلت عليهم وقالوا لي إنك مطابق للمواصفات وإنه تقدر تاخذ المساعدة المالية , وجمعنا معاها فلوس ذهبي بتطلع تقريبا تقريبا , قول ما شاء الله ..
طالع فيها بصدمة وقال : اتصلتي عليهم , متى مداك تسوين هذا كله ؟؟..
ابتسمت وهي تطقطق على الالة الحاسبة وقالت : قول ما شاء الله , بتطلع 90 ألف ..
وابتسمت وهي تقول بحماس : بسم الله ما شاء الله ............ شوف ..
وقامت تكتب في الورقة : 30 للمهر , و 25 يادوب تزبط فيها البيت وتغير الأثاث شاملة الحركتات حلوة من بوية وغيرها , و 15 الله يعينك انت و اياها تشترون سيارة مستعملة تمشون فيها حالكم إلين تجيكم فلوس وتشترون وحدة جديدة , و ال20 الباقية حق استراحة حلوة والعشا , وإذا قلنا إنك جمعت 9 من أصحابك على جمعية ب 500 ريال في الشهر بتطلع لك 5000 ريال كاش تمشي فيها البنت في ربوع الطايف والجنوب , صح ال 5000 ما تسوي شي بس اسم إنه , شي أحسن من لا شي ..
تأملها وهو يقول بتعجب : مداك تسوين هذا كله وتفكرين بهذا كله ..
لفت عليه وقالت : اش أسوي ولدي ولازم أدور على راحته واستقراره !! شوف حبيب أزهار , أنا لا يمكن أرتاح قبل ما أشوفك مستقر مع بنت الحلال اللي بترعاك وتداريك وتطبخ لك وتغسلك وتحطك في عيونها , إذا من جد تبغاني أشوف حياتي , شوف حياتك ..
كان وده يضمها لكنه عرف إنها حتبدأ مناحة حاربتها وقاومتها طويييييييييل , الأيام اللي مرت عليهم كانت فيها مثال للهدوء والقوة , لكنه كان عارف دواخلها , كان حاس بأوجاعها والامها , كان يشوف دموعها الحبيسة وسط ابتسامتها العريضة , همس وهو يطالع في ابتسامتها العريضة : الله لا يحرمني منك ..
حمرت خدودها من الخجل وهي تضربه على كتفه وتقول بتريقة عشان يروح الخجل عنها : طبعا تقولها دحين مو جبتلك عروس الهنا ..
ضحك وقال بتريقة مقصودة : الله يعينك يا جاسم على خبالها ..
كان وده يدخل داخل عقلها ويسمع أفكارها عن جاسم , حطت يدينها على خصرها وقالت : نعم سيد عمر ..
: ماقلنا شي , لا تنسين بكرة إن شاء الله بنروح لبيت أبو جاسم بعد العشاء , عازمنا على العشا ..
حست بفرح ممزوج برهبة , ما تنكر إنها اشتاقت لهم كلهم , أبوها وأمها وحنانهم الفياض , الهنوف وابتسامتها , العنود وخبالها حتى لسان البندري السليط اشتاقت له , لكنها خايفة من ردة فعلها بعد ما توصل البيت , كيف حتقابلهم ؟؟ وكيف حيستقبلونها بعد هالغياب كله ؟؟ هي حتى اتصال ما اتصلت عليهم , هدى كانت تتصل عليها كل يومين عشان تتطمن عليها وحريصة إنه محد من بناتها يكون عندها عشان ما يصرون يكلمونها ..
************************
يوم الخميس 20 / 4 / 1428 ه في الصباح :
في الشقة المشتركة في الشرقية :
: ودحين اش بتسوي ؟؟
حط جاسم بنطلونه جوة الشنطة وهو يقول لعدنان ببرود : أبد سلامتك ولا شي , بروح أطلقها وأرجع ..
: مو انت قلت إنه رئيسك قال بيجيب أجلك لو طلبت إجازة ثانية ؟؟
: لا خلاص هذي إجازة رسمية الحمد لله ..
: يا ويلك من الشباب متواعدين أول ما تأجز يروحون يومين البحرين ..
قال وهو يصك شنطته اللي حط فيها أي شي قدامه بلا ترتيب : مو أبوية حلف لو ما نزلت هذا الخميس بيتبرأ مني ولا عاد أطب له بيت , يقول إحمد ربك اللي خليتك لهالوقت و ما نزلتك من راحت البنت المستشفى ..
سحب نفس وخرجه بضيق وهو يقول : قلتله خلاص أنا بأطلقها وهو يوصل هالكلام لها و لأخوها و ما يحتاج نجتمع في البيت ونتفاهم ثار وقال تنزل تتعشى معانا ولا لا أنا أبوك ولا أعرفك , من ارتبطت بهالبنت وأبوية غير متضارب معايا ورافع راية الحرب ضدي , ما أدري اش سوت فيه ؟؟
ضحك عدنان وقال : بلا غيرة زايدة , هو شفقان عليها , بعدين انت احمد ربك اللي ما جرجرك وسط الأسبوع ولا المقدم مطر كان ..
وحط اصباعه على رقبته وهو يقلد صوت المذبوح , ضحك جاسم وقال : إي والله , يوم يشوفني تقول شايف شيطان يكشر في وجهي ويعبس , حتى السلام ما يرده ..
دقه على كتفه وهو يقول : هونها وتهون , والرحلة بيني وبينك أنا فرحان اللي ما انت رايح لها ..
دفه جاسم وهو يقول : روح يالمعقد انت ..
ضحك عدنان وقال : معقد ولا ماني معقد بكيفي , متى رحلتك ؟؟..
طالع في ساعته وقال : أربعة العصر , لسه في وقت , اش رايك شوية قهوة معتبرة مع كم رمية بولينج ..
طالع عدنان في ساعته وقال : شرط ما نطول عن ساعة , عندي اجتماع مفاجئ بعد ساعة ونص مع مهندسين من الشركة يادوب أرجع وأتجهز له ..
خرج جاسم جواله وقال : O.K اسبقني على السيارة أدق على الشباب ..
دق على أيمن وهاني اللي خبروه إنهم سبقوه , قفل الجوال وخرج من الشقة وهو يجاهد إنه ما يفكر بالوضع اللي صاروا فيه , من اتصلت العنود وخبرته باللي صار فكر وقرر الطلاق ومن تأكد من أبوه إن البنت استعادت ذاكرتها تماما وهو يشغل نفسه بأي شي عشان ما يفكر مرة ثانية ..
************************
العصر في الباحة :
: ياسلام , مسمية بلوتوثك مشعل أمل وفاتحته كمان ..
رفعت مشاعل راسها عن الجوال وطالعت في معاذ اللي واقف قدامها و قالت : إيوه ليه تسأل ؟؟
سحب الجوال من يدها بكل وقاحة وهو يقول : يعني غازلوني , كلموني يا شباب , نقص علينا بنات بجوالات كاميرا و بلوتوث كمان ..
شهقت مشاعل وقالت وهي تقوم من مكانها : رجع جوالي ..
وحاولت تسحب جوالها منه , هو رغم صغره كان أطول منها بكثير , رفع الجوال وقال : إحلمي به , أصلا أنا من يومي قلت لازم يشيلون هذا الجوال عنك , ما بيجيب لنا إلا الفساد , ساعة تتكلمين فيه , ساعه هاله , ساعه أحلامو , ما أدري اش تسوون فيه ؟؟..
صارعته وهي تقول : معاذ احفظ لسانك وثمن كلامك , هات الجوال ..
بعدت أحلام عنهم وجريت هالة لغرفة أمها عشان تجيبها تفرع بينهم , قال معاذ وهو يفتح قائمة الأسماء الأخيرة : أصلا انتي كنتي تكلمين مين قبل شوي ؟؟ مين زهرة حياتك هذا ؟؟
حست بنار بداخلها وهو معتقد إعتقاد تام إنه اسم أزهار اللي مسميته لواحد , صرخت فيه : معاذ يا قليل الأدب ..
خرجت أمهم وهي تقول بخوف : اش فيكم ؟؟ صوتكم واصل لاخر الحي ..
مسكت مشاعل يده وسحبتها ومسكت طرف الجوال وهي تقول : خليه يرجع جوالي , هذا اللي ناقص بعد , البزر هذا جاي يرفع صوته ويفرد عضلاته عليه ..
عورها في يدها وهو يدفها لكنها تمسكت بجوالها وهي تقول : معاذ والله لو ما سبت الجوال ما بيصير لك خير ..
سحب الجوال بقوة مفاجأة فانفلت من يدها وانزلق من يده وطاح على الأرض وتفكك , طالعت في الجوال بصدمة وتقطع قلبها وهي تشوف التعليقات مقطعة في يد معاذ , رغم عنها صرخت : لا ..
رمى التعاليق وطالع فيها بنظرة محتقرة وخرج من الصالة , شالت الجوال وبقايا التعليقات و أمها تقول : لا حول ولا قوة إلا بالله , يعني كان لازم تعاندينه كان أعطيتيه اللي يبغاه , بس تحبين المشاكل ..
لفت على أمها وقالت بصوت مقهور : يعني دحين الغلط طلع غلطي ؟؟ ليه ما كلمتيه هو على وقاحته و طولة لسانه ..
قالت أمها : احمدي ربك اللي ساكتين على الجوال ..
قالت بحرقة وهي تحارب دموعها : هذا الجوال والرقم هدية من أبوية , مال أحد دخل فيه , ولا عاش اللي ياخذه مني وأنا عايشة وأشم الهوا ..
ودخلت غرفتهم وهي تبكي على تعاليقها أكثر من جوالها , ما همها كل التعليقات على قد ما المها تعلقتها القلب اللي انكسرت بالنص , كان منقوش بداخلها حرف N &M بشكل خفيف وناعم , هذي كانت اخر هدية أهداها لها ناصر , طالعت في بقايا السلسلة الفضية اللي طاحت منها الورود الملونه اللي أهدتها لها أزهار و اللي كانت شايلة القلب , ضمتها لصدرها وهي تصرخ بداخلها ~ يارب فقدت واحد منهم قبل شهر , ما أبغى أفقد الثاني , يا رب ترجع لي أزهار وتفرحيني فيها يا رب ~ انسدحت على سريرها ودفنت وجهها في المخدة وهي تصييييييييييح من قلبها بسبب الألم اللي عاصر قلبها , أخوها مسوي هذا كله عشان ناصر رجع أمس من جزر المالديف اللي راح لها أسبوعين مع عروسته , تمنت من كل قلبها يرجعون لجدة عشان تنرحم من نظرات جماعتهم وكلامهم اللي يسم البدن , حتى أمها تغيرت عليها من كثر الكلام ..
حست بيد دافيه تمسح ظهرها , لفت وجهها وطالعت من ورى خصلات شعرها , لقيت هاله تطالع فيها بألم وعيونها تلمع بالدموع , تذكرت كلمات أزهار اللي قالتها لها بعد وفاة أبوها (( شعولتي , أجمل الإبتسامات وأحلاها اللي تكون وسط الدموع لأنها تحسسك بالأمل )) , ابتسمت لهاله وقالت بصوت مخنوق : اش بك ؟؟ خوفتك ؟؟..
ضحكت هاله وهي تمسح دموعها وقالت : لا بس مقهورة من معاذو الزفت , حقه قتل , ماله حق في اللي سواه ..
ضمت مشاعل جوالها وقالت بضحكه : لا تخافين والله ما يطوله لا هو ولا صاحب أطلقها شارب , مالت على الرجال كلهم ..
ضحكت هاله وقالت وهي تغمز بعينها : كللللللللللهم ..
ضربتها مشاعل بالمخدة وهي تقول : انقلعي عني ..
***********************
في نفس الوقت في جدة :
: رزوق تراني ماني فايقة لإنجليزيتك , يا تتكلم بالعربي يا تصك الخط ..
: how said إني أبغاك , مين قال ؟؟ أنا أبغى أمي ..
: تراني قمت أشك إنك في أمريكا مو في فرنسا ..
: يا غبية , الفرنساويين يستخدمون اللغة الإنجليزية أكثر من الفرنسية ..
: أنا غبية يا طوير الحنا ..
زفرت الهنوف وقالت وهي تشوف العنود معصبة على عبد الرزاق : عنيدي , هاتي الولد ذبحتيه ..
وسحبت منها التلفون وقالت : روحي نادي أمي ..
وحطت السماعة على إذنها وهي تقول : السلام عليكم ..
: hiiiiiiiiiiiiiiiiiii my sis ...
ابتسمت وقالت : الناس ترد السلام يالفالح أول , قال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , كيفك يا عروسة ؟؟
استحت وهي تقول : خلاص ما عاد اني عروسه ..
: البنت تكون عروسة إلين تجيبين أول child ...
ضحكت وقالت : الله يسعدك , كيف أحوالك ؟؟
: بخير , إلى سمعت إن العروس الغائبة بتجي اليوم والزوج الهارب كمان ..
زفرت وقالت : إيوه بيجتمعون الليلة إن شاء الله , أبوية تعبان من كثر التفكير , وعلى طاري أبوية تراه زعلان ليش مقاطعه ..
جاها صوته الساخر وهو يقول : اللي يشوف الحلوين اللي هنا يرجع يطالع فيكم ولا يفكر ..
قالت باستنكار : عبد الرزاق ..
ضحك وقال : والله من كثر الدراسة والريحة والجية وفرق التوقيت والنوم والصحيان , يعني أكتشف يمر شهر وأنا ما اتصلت ..
زفرت بضيق وقالت : زين اللي تكتشف بعد فترة فيك الخير والله , ياخي ما نبغاك تتصل على الأقل رد لمن نتصل إحنا ...
: مشغول , مشغوووووووووووول , احمدوا ربكم اللي اتصلت مرتين هالأسبوع تراها غلطة وما عاد بتنعاد ..
قالت وهي تشوف أمها جايها بفرح : الله يصلحك , خذ أمي ..
وراحت تشوف استعدادات العنود والبندري لأزهار ...
************************
بعد صلاة المغرب :
: انتي مجنونة أكييييييييييد ..
: عموووووور ..
: أزهار من جدك تتكلمين ..
زفرت أزهار وقالت : لا من عمي , عمور حسك عينك تغير اللي قلته ..
فلت يده اليمين عن الدركسون وأشر بعدم تصديق : 60 أللللللللف مهر , والله ما انتي صاحية , أزهار طول عمري أقول عليك عاقلة , ترى خير النساء أيسرهن مهورا ...
حست بقهر إنه أخوها بدأ يغير نظرته لها , هي فرضت شروط هي متأكدة إنها صعبة لكن هذا لحاجة في نفسها لا يمكن يفهمها غيرها ..
قالت بنفاد صبر : عمور الله يسعدك عيد الشروط اللي قلتها ..
قال : المهر 60 ألف وإنه ينقل لجدة ..
قالت تذكره : وإنه ما يمنعني من الوظيفة ..
هز راسه بطيب , استنته يكمل ولمن شافته ساكت قالت : وإذا وافق على هذي الشروط ..
قال يقاطعها : أقوله شرطك الأخير ..
اقترحت عليه : ليه ما تكتبها في ورقة عشان ما تنساها ؟؟
طالع فيها وقام يضحك وهو يقول : يا حلاتي وأنا مخرج ورقة من جيبي فيها شروطك , اتفاقيات الشرق الأوسط هي ..
ضربته على كتفه وهي تقول : لا تتريق يا دب ..
قال بحنان وهو يخفي خوفه وتردده من هالموضوع كله : الله يقدم لك اللي فيه الخير يا أزهار ..
لفت وجهها وطالعت مع القزاز وهي تحس عقلها يدور في دوامات كبيرة ..
لمحت سور الفيلا الكبيرة , ابتسمت باضطراب و بعض الذكريات تتوالى في داخلها أولها لمن شافت السور يقترب منها كإنه وحش وهي راجعة من بيت عبد الرحمن في ذاك اليوم العصيب , فتح سوناردي الباب الكبير بابتسامة واسعة , ولمن وقفت السيارة استقبلهم أحمد بفرح , سلم على عمر ولف على طول وضم أزهار وهو يقول بعتاب : يا قاطعة ..
ضحكت وقالت وهي تسلم على راسه ويده : اسفة والله , حقك علي ..
تأملها للحظة كانت متغيرة فيها شي متغير , قال وهو يدفها بلطف لباب الفيلا : هيا روحي , أخواتك بيتقطعون حماس ..
وسحب عمر للمجلس وهو يرحب فيه بمحبة , طلعت الدرجات البسيطة وسحبت نفس عميق قبل ما تدق الجرس , قبل ما تنزل يدها انفتح الباب وخرج شي ما لمحته أزهار من سرعته , اختنق نفسها وانتبهت إنها في حضن العنود اللي قالت : يا دبببببببببه يا حماره ..
ضحكت وهي تضربها بخفة وتبعدها وهي تقول : حماره مره وحده , والله إنك قليلة أدب ..
لكنها العنود عصرتها أكثر وهي تقول : وحشتينيييييييييييييييييييييي ..
قالت بصوت مخنوق وهي تضحك : ذبحتيني عنود ما صار هذا كله وحشة ..
قالت البندري وهي تسحب العنود : خلاص ذبحتي البنت , خلينا نشوفها ..
نص هم أزهار انزاح وهي تشوف الحب والترحيب في وجوههم , و حست براحة داخلية وهي تسمع هواش هدى عليهم عشان يسيبونها تفصخ عبايتها وترتاح وهم يناقشونها بحماس , سلمت على أمها اللي حضنتها وهي تصيح وجلست جنبها والبنات حولينها , هذي هي الحياة اللي اعتادت عليها الفترة السابقة ما تغير فيها شي حتى بعد ما استعادت ذاكرتها , بعد ساعة تقريبا سمعوا صوت صفقة باب الفيلا وبعدها صوت خطوات ثقيلة ممزوج بصوت عجلات , التفتوا للممر ما عادا أزهار اللي خمنت مين اللي جا , وقف جاسم عن المشي وطالع فيهم وقال : السلام عليكم ..
صوته حسته غريييييييييييييب عليها لأول وهلة , وحسته في نفس الوقت يفتت أعصابها للحظة محد رد السلام لكن هدى تداركت وقالت : هلا ولدي وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
كانوا أخواته ينقلون بصرهم منه لأزهار اللي منزلة راسها وهي تلعب في بأصابعها بصمت , قال بصوت بارد : متغدي ومتعشي معاكم أنا ...
قامت الهنوف بسرعة وقالت : هلا جاسم حمد لله على السلامة ..
وسلمت عليه , وتبعوها أخواتها , كان يسلم عليهم وعيونه غصب عنه مثبته على أزهار اللي ما توقع وجودها أبدا , أبوه قاله إنه يجي من المطار على طول عشان يتفاهم مع عمر على كل إجراءات الطلاق , ما يدري ليه بمجرد رؤيتها حس برغبة إنه يضاربها يناكشها يسوي أي شي يزعج هدوءها اللي يحسه ثقيل على قلبه , قال بسخرية : يا هدوووووء بعض ناس كانوا يصدعون لنا راسنا , وين كان هالهدوء أول يوم بغيناه ؟؟ ..
ما تحركت أزهار ولا غيرت جلستها ولا همها اللي قاله ظاهريا بس ولا هي بداخلها تحس بخجل وقهر من كلامه و تنغيزه في الكلام , تذكرت سخافتها لمن يجي وطريقة استقبالها , كان ودها الأرض تنشق وتبلعها من الخجل وهي تتذكر نفوره وعصبيته اللي كانت تئلمها وقتها لكنها ما كانت تبين ..
ناول شنطة المحمول للهنوف وراح لأمه عشان يسلم عليها , مر من قدام أزهار و دنق يسلم على أمه وهو يقول : كيف حالك يا أمي ؟؟
ورفع نفسه وراح شال شنطته من دون ما يلقي عليها نظرة وقال : إذا سأل عني أبوي قولوا له إني بأغير ملابسي وأجي ..
تنفست أزهار بداخلها لمن راح واختفى وابتسمت للبنات اللي حطوها تحت المجهر , قالت بمرح تروح فيه عن خجلها وتوترها : ترى شوي وتلصق عيونكم في ملابسي وأروح بها بيتي وتقعدون عميان ..
ماتوا ضحك على كلامها وغيروا الموضوع بسرعة لمن شافوا وجهها المحمر , دقايق و خرج جاسم وهو لابس ثوب و غترة وعطره مغرق الجو , رفع واحد من حواجبه وهو يطالع فيهم وراح للمجلس من دون ما ينطق بحرف ..
كانت أزهار معاهم جسما لا عقلا وهي تتساءل اش اللي يصير داخل المجلس ..
*************************
........................... يتبع
قال بعصبية : هو ولدك هذا يدق ولا يسأل , من شهر لشهر بالحسرة يدق ....
لفت أمها و ابتسمت لمن شافتها وقالت : شكلك كنتي عند الباب من يوم رحنا ..
طالعت لوراهم على أمل واهي إنه أزهار معاهم , قال أبوها : محد معانا ..
زفرت وقالت وهي تصك الباب وتلحقهم : كنت عارفة , المهم متى بنزورها ؟؟
توقفت أمها عن المشي للحظة وكملت طريقها للصالة , سحبت منها العنود العباية والطرحة وهي تسأل : متى قال الدكتور نزورها ؟؟
قال أبوها بهدوء : أزهار بتخرج من المستشفى اليوم لكنها بتروح على بيتها ..
تصنمت العنود وهي تطالع فيهم , هي كانت متوقعة هذا الشي وتفكر فيه لكن دائما المواجهة هي الأصعب , اشرت لها أمها تجلس جنبها فجلست على طول وعيونها متعلقة بأبوها اللي كمل : استعادت ذاكرتها السابقة والدكتور يقول إنها عانت كثير من تذكرها لأنهم اكتشفوا إنها شافت عامر يموت قدام عيونها وهو سبب فقدها للذاكرة , لكنها مهي متذكرة تماما الفترة اللي عاشتها معانا ..
همست العنود بألم : تذكرت جاسم وعرفت إنه زوجها ؟؟
هز راسه وقال : كل شي قاله لها الدكتور وأخوها ..
قالت أمها بلطف وهي ترص يد العنود الراصة على العباية بكل قوتها : هي توصل سلامها لكم وتقول إنها ما حتتصل علينا أو تجينا لفترة لأنها تحتاج وقت عشان تفكر بكل اللي صار وأرسلت رسالة لكل وحده فيكم ..
وخرجت من شنطتها الرسالة المكتوب على ظهرها (( عمود الكهرب )) , طالعت العنود في الرسالة ودمعت عيونها وهي تقول بصوت مخنوق : بس هي متذكرة إني عمود كهرب ..
وغطت وجهها بيدينها وسندت راسها على فخوذ أمها وهي تصيييييييييح من قلبها على فقدها لأزهار اللي بالتأكيد هي الان في أمس الحاجة لأحد يوقف معاها ..
مسحت أمها على شعرها وهي تقول بصوت مخنوق : هي ما قالت بتقطعنا على طول ولا إنها ناسيتنا تماما , هي متذكرتكم .... كلكم ..
قالت كلمتها ألأخيرة وهي تشوف الصدمة على وجه البندري اللي واقفة عند أول درجة في الصالة , خرجت أمها الرسالة وناولتها لها , تحركت البندري من مكانها وسحبت الظرف وطالعت فيه (( صغيرتي الحالمة )) غمضت البندري عيونها للحظة ورجعت طلعت بسرعة لغرفتها وصفقت الباب بكل قوتها , طالعت الأم في اخر ظرف في شنطتها وهي تحس دموعها غصب عنها تنزل على خدودها , (( ستظلين أختي الكبرى )) ..
**************************
ركبت أزهار ورى في سيارة أبو أمجد بعد ما صرفوا الدوا اللي أصر الدكتور إنها تاخذه لفتره إلين يطلب منها تسيبه , كانت تطالع في الشوارع اللي تذكرتها وكانت مع كل منعطف وكل إشارة تقربها من عمارتهم من شقتهم اللي عاشوا فيها سنين عمرهم , وكان قلبها مع كل ثانية يضرب بقوة من الرهبة , ولمن دخلت السيارة الشارع اللي تطل عليه العمارة حست بمغص فضييييييع في بطنها , توقفت السيارة عن العمارة فنزلت وسبقت أخوها اللي قعد يشكر صاحبه , كل درجة تقربها من الشقة تذكرها بأمها وأخوانها , ريحتهم للمدارس وخرجتهم للبحر والمخططات , وقفت قدام باب الشقة الخشبي وطالعت في الجرس اللي ياما دقته وفتحت لها أمها الباب وهي تعاتبها على إزعاجها وضغطها المستمر على الجرس , قاومت رغبة إنها تدق الجرس وهي تصرخ بداخلها ~ محد فيه , محد بيرد عليك , خلاص ماتوا يا أزهار , متى بتقتنعين ~ مر عمر من جنبها وهو يقول بفرح : يا هلا والله بزهرة ..
و دخل المفتاح للشقة وهو يحس بخووووف عمييييييييق بداخله عليها كان يدعي من كل قلبه إنها ما تحس نفس إحساسه أول ما دخل الشقة , إنها ما تحس الألم والوحدة والفقد والوجع , هو ما رجع الأثاث اللي غيروا فيه المستأجرين زي ما كان في نفس مواضعه سابقا لكن مازال فيه نفس أثاثهم القديم , دخلت أزهار وهي تسمي و فصخت عبايتها في الصالة وهي تبعد بصرها قد ما تقدر عن الكنبة المفضلة لعامر , كان عمر يدقق في وجهها كإنه يطالع من مجهر , كانت حاسة إنه يستنى أي تغير في ملامحها عشان يخرجها من الشقة و يوديها أي مكان ثاني عشان ما تحس بالألم , ابتسمت له وقالت : اش فيك تطالع فيني كذا , روح شوف لك شغلة ..
ودخلت على الغرفة الرئيسية اللي هي غرفتها المشتركة مع أمها , كان السرير مليان أشياء عمر , تقطع قلبها وهي تفكر إنه كان ينام كل ليلة في سرير أمها , كيف قعد لوحده كل هالفترة سخفت له من جد , على الأقل هي كانت فاقدة الذاكرة وعايشة وسط ناس , طالعت في الكراتين المغبرة اللي على الأرض وفتحتها , لقيتها ملابسهم مكومة على بعض , قال عمر بهدوء : هذا من سواة صاحب العمارة ..
سحبت ثوب عمير اللي قدامها وطبقته وهي تقول بصوت ثابت : بأفرغ الأشياء عشان نتصدق بها عنهم ..
مسك يدها بحزم وقال : قومي نامي ارتاحي والصباح رباح , الدكتور مطلق قال لازم ما تجهدين نفسك ..
هزت راسها وقالت بابتسامة مرحة وهي تسحب يدها بهدوء منه : انت تعرفني ما أعرف أنام والبيت حايس , ترى فقد الذاكرة ما غيرني ..
وبدأت تفرغ الأشياء بصمت , غترة عمار , قميص أمها , بنطلون الرياضة الأزرق اللي يعشقة عمير , فستان أمها العيد الماضي , قعدت تفرغ وتطبق وعمر واقف عند باب الغرفة ما تحرك من مكانه , ولمن شاف إنه ما في فايدة من وقفته راح للصالة وجلس قدام التلفزيون وشغل مجد القران وعللى الصوت وهو ما همه لو دق الجيران عشان يشتكون من الإزعاج , كان بحاجة لشي يهدي الثقل اللي في قلبه بسبب منظر أزهار الثابت المصطنع وهي ترتب الأشياء , هو الرجل بكل قوته تجنب إنه يمسك طرف الكرتون عشان ما يشوف شي يذكره بهم , كيف هي ..
سحبت طرحة أمها البيضاء وطبقتها وقبل ما تحطها ضمتها وهي تشمها , كانت ريحة الحنا اللي دايما تستخدمه أمها عالقة فيها , بلعت غصتها وكملت شغلها بهمة , فتحت الكرتون الثاني لقيته الأشياء والتذكارات والتحف اللي كانوا مزينين بها دولاب التلفزيون , بدأت تصنفه , ابتسمت وهي تشوف برواز صور حطت بداخله القصيدة اللي كتبتها مشاعل بعد وفاة أبوها بشهر ..
بَعدك يا أبوي
(يوم الخميس الصبح ثالث أيام الصايمين
دق بابي وهاتفي برنات مجروحة
سألتهم عن صحته واشلون هي أوضاعه
قالوا إنا لله وإنا إليه راجعين
صار العزا وصار الحزن في أيام معدودة
وصرت أصيح والناس أرجوك تكفين
كل على بيته رحل بعد دعوات مكتوبة
وأنا همي بقي بدل ضعف ضعفين
صارت أحلام بأعداد الأيتام مكتوبة
وين الصبر ينباع واشريه بك الملايين
والوالدة من الأرامل صارت اليوم محتدة
خيم علينا الحزن أيام وشهور وسنين )*
كانت وقتها تصبرها وتحاول تخرجها من ألمها وهي تطلب منها تكون أقوى وتذكرها إنها فقدت أبوها من الصغر , الان حست بمقدار ألم مشاعل , الان عرفت المعنى الحقيقي للفقد , أبوها لمن فقدته كانت صغيرة , صح ياما بكت وتألمت و اشتاقت لكن مو زي ألمها الان , تذكرت كلماتها وهي تقول من وسط دموعها (( الكلام سهل يا أزهار لكن تطبيقه صعب )) ضمت البرواز وهي تقول بصوت مخنوق : والله صعب يا مشاعل , ياليتني أقدر أرجع لسنوات على ورى وأضمك ضمة واحد فاهم إحساسك ذاك الوقت ..
كملت شغلها وهي تدعي ربها تجتمع فيها في أقرب فرصة ...
: عممور , عموووور ..
شهق وهو يفتح عيونه , ابتسمت وقالت : اسفة حبيبي أزعجتك , بس أذن الفجر ..
فتح عيونه يبغى يستوعب ومسح وجهه وطالع في ساعته , انتبه إنه مغطى بلحاف ومتمدد على الكنبة وتحت راسه مخده , قالت : صلي العشاء , تراك ما قمت , حتى موية رشيت عليك لكنك في عالم اخر ..
استغفر وهو يقوم , و انصدم لمن لقي كراتين عند الممر وسريرين ساده الطريق , قالت وهي تأشر عليها : هذي تبرع بها كرتونين ملابس أمي وكرتون ثياب عامر وعمير وملابسهم الرياضية والكرتون الصغير فيه كتب عمار وقصص عمير يفضل إننا نتصدق بها كمان والأكياس السوداء فيها أوراق عمار وخطبه ومحاضراته يبغالها حرق عشان فيها اسم الله ..
قال بصدمة : انتي تنظفين من المغرب ؟؟
ابتسمت وقالت بفرح : خلاص ما بقي إلا المطبخ وغسيل الملابس ..
سحبته لغرفة أمها وقالت : تعال شوف غرفتك ..
تبعها وهو يحاول يطرد النوم من عيونه , انبهر لمن شاف مكتبه وأشياءه كلها في غرفة أمه الواسعة واللي تغير ديكورها بسبب تغير الأشياء , الشيئين الوحيدين اللي دله إنها غرفة أمه هو السرير اللي فرشته بفراش نظيف وحطت عليه مخداته المفضله , ودولاب الملابس , لف عليها وسأل بحيرة : و انتي ؟؟
قالت وهي تسحبه : أنا أخذت غرفتكم لأنها أصغر ..
كانت حاطة سرير واحد من أسرتهم ومكتبها و مجمعة كل أشياءها الخاصة في ركن وغرفة عمار الخاصة مفرغتها تماما , لف وطالع فيها وبعدين مسح على شعرها وقال : الله يقويك , حقيقة يا أزهار ......
وسكت طويل بعدين همس بصوت حاول يخليه ثابت : أنا سجدت لربي سجدات شكر لأنك رجعتيلي , البيت من دونك ما كان له طعم ..
ابتسمت وضمته وهي تقول بتريقه عشان تغطي على دموعها اللي بتهزمها وتنزل : يا ناسو انته يا قلبو ماما أزهار ..
دفها وهو يقول بمزح : فكيني بأروح أصلي ..
ضحكت وهي تضمه أكثر وتقول بصوت مخنوق : ما أبغى ..
قال بحزم : أزهار الصلاة ..
لكنها ما سابته بالعكس زادت من قوة احتضانها وهي تدفن وجهها في كتفه , زفر و لف يدينه حولينها و ضممممممها وهو يهمس بصوت حنون : نفسي يرجع عمار عشان أقول له , بنتك وحبيبتك أزهار اللي ربيتها كانت قوييييييية زي ما كنت تتوقع ..
ولمن حس بأظافرها تنغرز في ظهره من كثر الألم , مسد ظهرها وهو يكمل : راحوا للي أرحم مني ومنك يا أزهار , راحوا للي أرحم مني ومنك ..
بعدت عنه بعد فترة وقالت بمرح : شكرا , يلا الصلاة , انتهت مهمتك هنا ..
ضحك وقال بتريقة : يمه على بالي قاعدة تصيحين ..
ابتسمت وقالت بصدق : عندي عمر قلبي وأصيح ...
كان شايف دموعها الحبيسة داخل عيونها ومعجب بقوتها اللي خلتها تحبسها وما تطاوعها وتذرفها ...
حط يده على شعرها ومسحه بعنف , قالت وهي تضرب يده : اي عورتني وفرقعته ..
: هو أصلا مفرقع وشعافله واصل السقف ..
: عمر ...
: بروح الصلاة ..
: أوريك لمن ترجع ...
************************
بعد 16 يوم :
عصر يوم الأربعاء 19 / 4 / 1428 ه
في الشقة :
: أزهار ..
خرجت من المطبخ وقالت : خيييييير سيد عمر..
قال وهو يأشر على الملاعق والعيش اللي على السفرة : تراك سقطتي بي اش هذا , ملاعق وعيش من غير أكل ..
قالت وهي تحرك المغرفة في الهوا : اش تبغاني أسوي , انت اللي تأخرت وخليت الأكل يبرد , تبغاني أغرفه بارد ترى ما عندي أي إشكال ..
حك شعره المبلل من الترواشة وقال : ما توقعت إنه لي ساعة في الحمام ..
رفعت يدينها وقالت قبل ما تدخل المطبخ : يا ارب ترحم منى مرة عمر يا رب ..
ابتسم وهو يلعب في الملعقة اللي طاحت من يده لمن انتبه لكلامها وسأل : منى مييييييييييين ؟؟
ضحكت أزهار وقالت بصوت ممطوط عالي من داخل المطبخ : منى بنت جارنا العزيز سامي , يعني يعني ما أعرفها ..
قال بحيرة : و مين جابلك سيرتها ؟؟ أنا قيد نطقت اسمها على لساني , أصلا أول مرة أدري إنه أبو صلاح عنده بنت اسمها منى ..
خرجت راسها من عند الباب و رسمت ابتسامة معجون أسنان وهي تقول : هذاك عرفت , من بعد ماماتي الله يرحمها أنا المسؤولة الأولى عن اختيار زوجة المستقبل ..
ورجعت دخلت المطبخ , قال بصوت عالي : الله يستر ..
غرفت الأكل وخرجت لقيته مسرح , قالت : هيييييييي على وين وصلنا ؟؟
قال بتريقة : عند بيت الجيران ..
قهقهت أزهار من قلبها وقالت : سم بالله وكل ..
وهو ياكل قالت : شوف يا حبيبي , منى هذي وحيدة أبوها وأمها , أصغر منك بسنتين , سنة ثالث كلية قسم لغة عربية , طيوووووبة وأخلاق وشكلها نعوم , أمي الله يرحمها كانت تحبها وتحب أمها , صراحة أحسها لايقة عليك ..
لف عليها وقال بصدمة : دحين انتي من جدك تتكلمين ؟؟
قالت وهي تحط يدينها على خصرها : لا من عمي , لو ماكنت جادة ماكان فتحت الموضوع ..
رفع حواجبه وقال بتريقة وهو يرجع للأكل : ومنى هذي جالسة تستنى اشارة من يدي عشان توافق ..
زفرت وقالت : عمر لا تتريق , اش اللي يخليها ترفض ؟؟ شاب ملتزم وطيب وعنده وظيفة وراتب زين , والشقة جاهزة وقدام باب أهلها كمان اش تبغى البنت أكثر من كذا ..
قال بهدوء : إذا انتي قنوعة براتب 3500 لا تحسبين الناس كلها زيك , فكري بالعقل 3500 ما تفتح بيت هالأيام ..
قالت بعصبية : والله تفتح , إذا انت مدبر فلوسك وحرمتك قنوعة بالشي المعقول تكفيكم الفلوس بزيادة ربنا يقول (( نحن نرزقهم وإياكم )) والله صدقني ربي بيبارك في فلوسك إذا كملت نص دينك , بعدين أنا ما أتكلم من فراغ , صح في فرق 5 سنوات بيني وبين منى لكنها صحبتي ومعاشرتها , ما شاء الله عليها إنسانة قنوعة ..
سألها بحزم : انتي دحين تتكلمين معايا عن جوازي وناسية موضوعك المعلق انتي وجاسم , إلى متى بتماطلين وتلتزمين الصمت على هالموضوع ؟؟..
من سمعت اسمه حست بمشاعر متضاربة فضيعة , كمل بحزم : ومطلق يقول ضروري يشوفك , تراك تهربتي من جلستين إلى الان ..
دارت مشاعرها المتضاربة وقالت وهي تخرج ورقة والة حاسبة وقلم من جيبها : انسى موضوعي , شوف إذا جمعنا فلوس التعويض مع الفلوس اللي في حسابك واللي في حساب التوفير اللي سواه عمار وأضفنا عليها الفلوس اللي حنطلبها من مشروع مساعدة تزويج الشباب وعلى فكرة أنا اتصلت عليهم وقالوا لي إنك مطابق للمواصفات وإنه تقدر تاخذ المساعدة المالية , وجمعنا معاها فلوس ذهبي بتطلع تقريبا تقريبا , قول ما شاء الله ..
طالع فيها بصدمة وقال : اتصلتي عليهم , متى مداك تسوين هذا كله ؟؟..
ابتسمت وهي تطقطق على الالة الحاسبة وقالت : قول ما شاء الله , بتطلع 90 ألف ..
وابتسمت وهي تقول بحماس : بسم الله ما شاء الله ............ شوف ..
وقامت تكتب في الورقة : 30 للمهر , و 25 يادوب تزبط فيها البيت وتغير الأثاث شاملة الحركتات حلوة من بوية وغيرها , و 15 الله يعينك انت و اياها تشترون سيارة مستعملة تمشون فيها حالكم إلين تجيكم فلوس وتشترون وحدة جديدة , و ال20 الباقية حق استراحة حلوة والعشا , وإذا قلنا إنك جمعت 9 من أصحابك على جمعية ب 500 ريال في الشهر بتطلع لك 5000 ريال كاش تمشي فيها البنت في ربوع الطايف والجنوب , صح ال 5000 ما تسوي شي بس اسم إنه , شي أحسن من لا شي ..
تأملها وهو يقول بتعجب : مداك تسوين هذا كله وتفكرين بهذا كله ..
لفت عليه وقالت : اش أسوي ولدي ولازم أدور على راحته واستقراره !! شوف حبيب أزهار , أنا لا يمكن أرتاح قبل ما أشوفك مستقر مع بنت الحلال اللي بترعاك وتداريك وتطبخ لك وتغسلك وتحطك في عيونها , إذا من جد تبغاني أشوف حياتي , شوف حياتك ..
كان وده يضمها لكنه عرف إنها حتبدأ مناحة حاربتها وقاومتها طويييييييييل , الأيام اللي مرت عليهم كانت فيها مثال للهدوء والقوة , لكنه كان عارف دواخلها , كان حاس بأوجاعها والامها , كان يشوف دموعها الحبيسة وسط ابتسامتها العريضة , همس وهو يطالع في ابتسامتها العريضة : الله لا يحرمني منك ..
حمرت خدودها من الخجل وهي تضربه على كتفه وتقول بتريقة عشان يروح الخجل عنها : طبعا تقولها دحين مو جبتلك عروس الهنا ..
ضحك وقال بتريقة مقصودة : الله يعينك يا جاسم على خبالها ..
كان وده يدخل داخل عقلها ويسمع أفكارها عن جاسم , حطت يدينها على خصرها وقالت : نعم سيد عمر ..
: ماقلنا شي , لا تنسين بكرة إن شاء الله بنروح لبيت أبو جاسم بعد العشاء , عازمنا على العشا ..
حست بفرح ممزوج برهبة , ما تنكر إنها اشتاقت لهم كلهم , أبوها وأمها وحنانهم الفياض , الهنوف وابتسامتها , العنود وخبالها حتى لسان البندري السليط اشتاقت له , لكنها خايفة من ردة فعلها بعد ما توصل البيت , كيف حتقابلهم ؟؟ وكيف حيستقبلونها بعد هالغياب كله ؟؟ هي حتى اتصال ما اتصلت عليهم , هدى كانت تتصل عليها كل يومين عشان تتطمن عليها وحريصة إنه محد من بناتها يكون عندها عشان ما يصرون يكلمونها ..
************************
يوم الخميس 20 / 4 / 1428 ه في الصباح :
في الشقة المشتركة في الشرقية :
: ودحين اش بتسوي ؟؟
حط جاسم بنطلونه جوة الشنطة وهو يقول لعدنان ببرود : أبد سلامتك ولا شي , بروح أطلقها وأرجع ..
: مو انت قلت إنه رئيسك قال بيجيب أجلك لو طلبت إجازة ثانية ؟؟
: لا خلاص هذي إجازة رسمية الحمد لله ..
: يا ويلك من الشباب متواعدين أول ما تأجز يروحون يومين البحرين ..
قال وهو يصك شنطته اللي حط فيها أي شي قدامه بلا ترتيب : مو أبوية حلف لو ما نزلت هذا الخميس بيتبرأ مني ولا عاد أطب له بيت , يقول إحمد ربك اللي خليتك لهالوقت و ما نزلتك من راحت البنت المستشفى ..
سحب نفس وخرجه بضيق وهو يقول : قلتله خلاص أنا بأطلقها وهو يوصل هالكلام لها و لأخوها و ما يحتاج نجتمع في البيت ونتفاهم ثار وقال تنزل تتعشى معانا ولا لا أنا أبوك ولا أعرفك , من ارتبطت بهالبنت وأبوية غير متضارب معايا ورافع راية الحرب ضدي , ما أدري اش سوت فيه ؟؟
ضحك عدنان وقال : بلا غيرة زايدة , هو شفقان عليها , بعدين انت احمد ربك اللي ما جرجرك وسط الأسبوع ولا المقدم مطر كان ..
وحط اصباعه على رقبته وهو يقلد صوت المذبوح , ضحك جاسم وقال : إي والله , يوم يشوفني تقول شايف شيطان يكشر في وجهي ويعبس , حتى السلام ما يرده ..
دقه على كتفه وهو يقول : هونها وتهون , والرحلة بيني وبينك أنا فرحان اللي ما انت رايح لها ..
دفه جاسم وهو يقول : روح يالمعقد انت ..
ضحك عدنان وقال : معقد ولا ماني معقد بكيفي , متى رحلتك ؟؟..
طالع في ساعته وقال : أربعة العصر , لسه في وقت , اش رايك شوية قهوة معتبرة مع كم رمية بولينج ..
طالع عدنان في ساعته وقال : شرط ما نطول عن ساعة , عندي اجتماع مفاجئ بعد ساعة ونص مع مهندسين من الشركة يادوب أرجع وأتجهز له ..
خرج جاسم جواله وقال : O.K اسبقني على السيارة أدق على الشباب ..
دق على أيمن وهاني اللي خبروه إنهم سبقوه , قفل الجوال وخرج من الشقة وهو يجاهد إنه ما يفكر بالوضع اللي صاروا فيه , من اتصلت العنود وخبرته باللي صار فكر وقرر الطلاق ومن تأكد من أبوه إن البنت استعادت ذاكرتها تماما وهو يشغل نفسه بأي شي عشان ما يفكر مرة ثانية ..
************************
العصر في الباحة :
: ياسلام , مسمية بلوتوثك مشعل أمل وفاتحته كمان ..
رفعت مشاعل راسها عن الجوال وطالعت في معاذ اللي واقف قدامها و قالت : إيوه ليه تسأل ؟؟
سحب الجوال من يدها بكل وقاحة وهو يقول : يعني غازلوني , كلموني يا شباب , نقص علينا بنات بجوالات كاميرا و بلوتوث كمان ..
شهقت مشاعل وقالت وهي تقوم من مكانها : رجع جوالي ..
وحاولت تسحب جوالها منه , هو رغم صغره كان أطول منها بكثير , رفع الجوال وقال : إحلمي به , أصلا أنا من يومي قلت لازم يشيلون هذا الجوال عنك , ما بيجيب لنا إلا الفساد , ساعة تتكلمين فيه , ساعه هاله , ساعه أحلامو , ما أدري اش تسوون فيه ؟؟..
صارعته وهي تقول : معاذ احفظ لسانك وثمن كلامك , هات الجوال ..
بعدت أحلام عنهم وجريت هالة لغرفة أمها عشان تجيبها تفرع بينهم , قال معاذ وهو يفتح قائمة الأسماء الأخيرة : أصلا انتي كنتي تكلمين مين قبل شوي ؟؟ مين زهرة حياتك هذا ؟؟
حست بنار بداخلها وهو معتقد إعتقاد تام إنه اسم أزهار اللي مسميته لواحد , صرخت فيه : معاذ يا قليل الأدب ..
خرجت أمهم وهي تقول بخوف : اش فيكم ؟؟ صوتكم واصل لاخر الحي ..
مسكت مشاعل يده وسحبتها ومسكت طرف الجوال وهي تقول : خليه يرجع جوالي , هذا اللي ناقص بعد , البزر هذا جاي يرفع صوته ويفرد عضلاته عليه ..
عورها في يدها وهو يدفها لكنها تمسكت بجوالها وهي تقول : معاذ والله لو ما سبت الجوال ما بيصير لك خير ..
سحب الجوال بقوة مفاجأة فانفلت من يدها وانزلق من يده وطاح على الأرض وتفكك , طالعت في الجوال بصدمة وتقطع قلبها وهي تشوف التعليقات مقطعة في يد معاذ , رغم عنها صرخت : لا ..
رمى التعاليق وطالع فيها بنظرة محتقرة وخرج من الصالة , شالت الجوال وبقايا التعليقات و أمها تقول : لا حول ولا قوة إلا بالله , يعني كان لازم تعاندينه كان أعطيتيه اللي يبغاه , بس تحبين المشاكل ..
لفت على أمها وقالت بصوت مقهور : يعني دحين الغلط طلع غلطي ؟؟ ليه ما كلمتيه هو على وقاحته و طولة لسانه ..
قالت أمها : احمدي ربك اللي ساكتين على الجوال ..
قالت بحرقة وهي تحارب دموعها : هذا الجوال والرقم هدية من أبوية , مال أحد دخل فيه , ولا عاش اللي ياخذه مني وأنا عايشة وأشم الهوا ..
ودخلت غرفتهم وهي تبكي على تعاليقها أكثر من جوالها , ما همها كل التعليقات على قد ما المها تعلقتها القلب اللي انكسرت بالنص , كان منقوش بداخلها حرف N &M بشكل خفيف وناعم , هذي كانت اخر هدية أهداها لها ناصر , طالعت في بقايا السلسلة الفضية اللي طاحت منها الورود الملونه اللي أهدتها لها أزهار و اللي كانت شايلة القلب , ضمتها لصدرها وهي تصرخ بداخلها ~ يارب فقدت واحد منهم قبل شهر , ما أبغى أفقد الثاني , يا رب ترجع لي أزهار وتفرحيني فيها يا رب ~ انسدحت على سريرها ودفنت وجهها في المخدة وهي تصييييييييييح من قلبها بسبب الألم اللي عاصر قلبها , أخوها مسوي هذا كله عشان ناصر رجع أمس من جزر المالديف اللي راح لها أسبوعين مع عروسته , تمنت من كل قلبها يرجعون لجدة عشان تنرحم من نظرات جماعتهم وكلامهم اللي يسم البدن , حتى أمها تغيرت عليها من كثر الكلام ..
حست بيد دافيه تمسح ظهرها , لفت وجهها وطالعت من ورى خصلات شعرها , لقيت هاله تطالع فيها بألم وعيونها تلمع بالدموع , تذكرت كلمات أزهار اللي قالتها لها بعد وفاة أبوها (( شعولتي , أجمل الإبتسامات وأحلاها اللي تكون وسط الدموع لأنها تحسسك بالأمل )) , ابتسمت لهاله وقالت بصوت مخنوق : اش بك ؟؟ خوفتك ؟؟..
ضحكت هاله وهي تمسح دموعها وقالت : لا بس مقهورة من معاذو الزفت , حقه قتل , ماله حق في اللي سواه ..
ضمت مشاعل جوالها وقالت بضحكه : لا تخافين والله ما يطوله لا هو ولا صاحب أطلقها شارب , مالت على الرجال كلهم ..
ضحكت هاله وقالت وهي تغمز بعينها : كللللللللللهم ..
ضربتها مشاعل بالمخدة وهي تقول : انقلعي عني ..
***********************
في نفس الوقت في جدة :
: رزوق تراني ماني فايقة لإنجليزيتك , يا تتكلم بالعربي يا تصك الخط ..
: how said إني أبغاك , مين قال ؟؟ أنا أبغى أمي ..
: تراني قمت أشك إنك في أمريكا مو في فرنسا ..
: يا غبية , الفرنساويين يستخدمون اللغة الإنجليزية أكثر من الفرنسية ..
: أنا غبية يا طوير الحنا ..
زفرت الهنوف وقالت وهي تشوف العنود معصبة على عبد الرزاق : عنيدي , هاتي الولد ذبحتيه ..
وسحبت منها التلفون وقالت : روحي نادي أمي ..
وحطت السماعة على إذنها وهي تقول : السلام عليكم ..
: hiiiiiiiiiiiiiiiiiii my sis ...
ابتسمت وقالت : الناس ترد السلام يالفالح أول , قال : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته , كيفك يا عروسة ؟؟
استحت وهي تقول : خلاص ما عاد اني عروسه ..
: البنت تكون عروسة إلين تجيبين أول child ...
ضحكت وقالت : الله يسعدك , كيف أحوالك ؟؟
: بخير , إلى سمعت إن العروس الغائبة بتجي اليوم والزوج الهارب كمان ..
زفرت وقالت : إيوه بيجتمعون الليلة إن شاء الله , أبوية تعبان من كثر التفكير , وعلى طاري أبوية تراه زعلان ليش مقاطعه ..
جاها صوته الساخر وهو يقول : اللي يشوف الحلوين اللي هنا يرجع يطالع فيكم ولا يفكر ..
قالت باستنكار : عبد الرزاق ..
ضحك وقال : والله من كثر الدراسة والريحة والجية وفرق التوقيت والنوم والصحيان , يعني أكتشف يمر شهر وأنا ما اتصلت ..
زفرت بضيق وقالت : زين اللي تكتشف بعد فترة فيك الخير والله , ياخي ما نبغاك تتصل على الأقل رد لمن نتصل إحنا ...
: مشغول , مشغوووووووووووول , احمدوا ربكم اللي اتصلت مرتين هالأسبوع تراها غلطة وما عاد بتنعاد ..
قالت وهي تشوف أمها جايها بفرح : الله يصلحك , خذ أمي ..
وراحت تشوف استعدادات العنود والبندري لأزهار ...
************************
بعد صلاة المغرب :
: انتي مجنونة أكييييييييييد ..
: عموووووور ..
: أزهار من جدك تتكلمين ..
زفرت أزهار وقالت : لا من عمي , عمور حسك عينك تغير اللي قلته ..
فلت يده اليمين عن الدركسون وأشر بعدم تصديق : 60 أللللللللف مهر , والله ما انتي صاحية , أزهار طول عمري أقول عليك عاقلة , ترى خير النساء أيسرهن مهورا ...
حست بقهر إنه أخوها بدأ يغير نظرته لها , هي فرضت شروط هي متأكدة إنها صعبة لكن هذا لحاجة في نفسها لا يمكن يفهمها غيرها ..
قالت بنفاد صبر : عمور الله يسعدك عيد الشروط اللي قلتها ..
قال : المهر 60 ألف وإنه ينقل لجدة ..
قالت تذكره : وإنه ما يمنعني من الوظيفة ..
هز راسه بطيب , استنته يكمل ولمن شافته ساكت قالت : وإذا وافق على هذي الشروط ..
قال يقاطعها : أقوله شرطك الأخير ..
اقترحت عليه : ليه ما تكتبها في ورقة عشان ما تنساها ؟؟
طالع فيها وقام يضحك وهو يقول : يا حلاتي وأنا مخرج ورقة من جيبي فيها شروطك , اتفاقيات الشرق الأوسط هي ..
ضربته على كتفه وهي تقول : لا تتريق يا دب ..
قال بحنان وهو يخفي خوفه وتردده من هالموضوع كله : الله يقدم لك اللي فيه الخير يا أزهار ..
لفت وجهها وطالعت مع القزاز وهي تحس عقلها يدور في دوامات كبيرة ..
لمحت سور الفيلا الكبيرة , ابتسمت باضطراب و بعض الذكريات تتوالى في داخلها أولها لمن شافت السور يقترب منها كإنه وحش وهي راجعة من بيت عبد الرحمن في ذاك اليوم العصيب , فتح سوناردي الباب الكبير بابتسامة واسعة , ولمن وقفت السيارة استقبلهم أحمد بفرح , سلم على عمر ولف على طول وضم أزهار وهو يقول بعتاب : يا قاطعة ..
ضحكت وقالت وهي تسلم على راسه ويده : اسفة والله , حقك علي ..
تأملها للحظة كانت متغيرة فيها شي متغير , قال وهو يدفها بلطف لباب الفيلا : هيا روحي , أخواتك بيتقطعون حماس ..
وسحب عمر للمجلس وهو يرحب فيه بمحبة , طلعت الدرجات البسيطة وسحبت نفس عميق قبل ما تدق الجرس , قبل ما تنزل يدها انفتح الباب وخرج شي ما لمحته أزهار من سرعته , اختنق نفسها وانتبهت إنها في حضن العنود اللي قالت : يا دبببببببببه يا حماره ..
ضحكت وهي تضربها بخفة وتبعدها وهي تقول : حماره مره وحده , والله إنك قليلة أدب ..
لكنها العنود عصرتها أكثر وهي تقول : وحشتينيييييييييييييييييييييي ..
قالت بصوت مخنوق وهي تضحك : ذبحتيني عنود ما صار هذا كله وحشة ..
قالت البندري وهي تسحب العنود : خلاص ذبحتي البنت , خلينا نشوفها ..
نص هم أزهار انزاح وهي تشوف الحب والترحيب في وجوههم , و حست براحة داخلية وهي تسمع هواش هدى عليهم عشان يسيبونها تفصخ عبايتها وترتاح وهم يناقشونها بحماس , سلمت على أمها اللي حضنتها وهي تصيح وجلست جنبها والبنات حولينها , هذي هي الحياة اللي اعتادت عليها الفترة السابقة ما تغير فيها شي حتى بعد ما استعادت ذاكرتها , بعد ساعة تقريبا سمعوا صوت صفقة باب الفيلا وبعدها صوت خطوات ثقيلة ممزوج بصوت عجلات , التفتوا للممر ما عادا أزهار اللي خمنت مين اللي جا , وقف جاسم عن المشي وطالع فيهم وقال : السلام عليكم ..
صوته حسته غريييييييييييييب عليها لأول وهلة , وحسته في نفس الوقت يفتت أعصابها للحظة محد رد السلام لكن هدى تداركت وقالت : هلا ولدي وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..
كانوا أخواته ينقلون بصرهم منه لأزهار اللي منزلة راسها وهي تلعب في بأصابعها بصمت , قال بصوت بارد : متغدي ومتعشي معاكم أنا ...
قامت الهنوف بسرعة وقالت : هلا جاسم حمد لله على السلامة ..
وسلمت عليه , وتبعوها أخواتها , كان يسلم عليهم وعيونه غصب عنه مثبته على أزهار اللي ما توقع وجودها أبدا , أبوه قاله إنه يجي من المطار على طول عشان يتفاهم مع عمر على كل إجراءات الطلاق , ما يدري ليه بمجرد رؤيتها حس برغبة إنه يضاربها يناكشها يسوي أي شي يزعج هدوءها اللي يحسه ثقيل على قلبه , قال بسخرية : يا هدوووووء بعض ناس كانوا يصدعون لنا راسنا , وين كان هالهدوء أول يوم بغيناه ؟؟ ..
ما تحركت أزهار ولا غيرت جلستها ولا همها اللي قاله ظاهريا بس ولا هي بداخلها تحس بخجل وقهر من كلامه و تنغيزه في الكلام , تذكرت سخافتها لمن يجي وطريقة استقبالها , كان ودها الأرض تنشق وتبلعها من الخجل وهي تتذكر نفوره وعصبيته اللي كانت تئلمها وقتها لكنها ما كانت تبين ..
ناول شنطة المحمول للهنوف وراح لأمه عشان يسلم عليها , مر من قدام أزهار و دنق يسلم على أمه وهو يقول : كيف حالك يا أمي ؟؟
ورفع نفسه وراح شال شنطته من دون ما يلقي عليها نظرة وقال : إذا سأل عني أبوي قولوا له إني بأغير ملابسي وأجي ..
تنفست أزهار بداخلها لمن راح واختفى وابتسمت للبنات اللي حطوها تحت المجهر , قالت بمرح تروح فيه عن خجلها وتوترها : ترى شوي وتلصق عيونكم في ملابسي وأروح بها بيتي وتقعدون عميان ..
ماتوا ضحك على كلامها وغيروا الموضوع بسرعة لمن شافوا وجهها المحمر , دقايق و خرج جاسم وهو لابس ثوب و غترة وعطره مغرق الجو , رفع واحد من حواجبه وهو يطالع فيهم وراح للمجلس من دون ما ينطق بحرف ..
كانت أزهار معاهم جسما لا عقلا وهي تتساءل اش اللي يصير داخل المجلس ..
*************************
........................... يتبع
تعليق