قصيدة بلادنا المستأجره - نزار قباني

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • terlebas amina
    عـضـو
    • Mar 2009
    • 9

    قصيدة بلادنا المستأجره - نزار قباني

    كود:
    صار عمري خمس عشرة 
     
    صرت أحلى ألف مرة 
     
    صار حبي لك أكبر 
     
    ألف مرة.. 
     
    ربما من سنتين 
     
    لم تكن تهتم في وجهي المدور 
     
    كان حسني بين بين .. 
     
    وفساتيني تغطي الركبتين 
     
    كنت اتيك بثوبي المدرسي 
     
    وشريطي القرمزي 
     
    كان يكفيني بأن تهدي إلي 
     
    دمية .. قطعة سكر .. 
     
    لم أكن أطلب أكثر 
     
    وتطور.. 
     
    بعد هذا كل شيء 
     
    لم أعد أقنع في قطعة سكر 
     
    ودمي .. تطرحها بين يدي 
     
    صارت اللعبة أخطر 
     
    ألف مرة.. 
     
    صرت أنت اللعبة الكبرى لدي 
     
    صرت أحلى لعبة بين يدي 
     
    صار عمري خمس عشره.. 
     
    * 
     
    صار عمري خمس عشره 
     
    كل ما في داخلي .. غنى وأزهر 
     
    كل شيء .. صار أخضر 
     
    شفتي خوح .. وياقوت مكسر 
     
    وبصدري ضحكت قبة مرمر 
     
    وينابيع .. وشمس .. وصنوبر 
     
    صارت المراة لو تلمس نهدي تتخدر 
     
    والذي كان سويا قبل عامين تدور 
     
    فتصور .. 
     
    طفلة الأمس التي كانت على بابك تلعب 
     
    والتي كانت على حضنك تغفو حين تتعب 
     
    أصبحت قطعة جوهر.. 
     
    لا تقدر .. 
     
    * 
     
    صار عمري خمس عشره 
     
    صرت أجمل .. 
     
    وستدعوني إلى الرقص .. وأقبل 
     
    سوف ألتف بشال قصبي 
     
    وسأبدوا كالأميرات ببهو عربي.. 
     
    أنت بعد اليوم لن تخجل في 
     
    فلقد أصبحت أطول .. 
     
    اه كم صليت كي أصبح أطول.. 
     
    إصبعا .. أو إصبعين.. 
     
    اه .. كم حاولت أن أظهر أكبر 
     
    سنة أو سنتين .. 
     
    اه .. كم ثرت على وجهي المدور 
     
    وذؤاباتي .. وثوبي المدرسي 
     
    وعلى الحب .. بشكل أبوي 
     
    لا تعاملني بشكل أبوي 
     
    فلقد أصبح عمري خمس عشرة.
    
    
    
    هذي البلاد شقةٌ مفروشةٌ ، يملكها شخصٌ يسمى عنتره … 
     
    يسكر طوال الليل عند بابها ، و يجمع الإيجار من سكانها .. 
     
    و يطلب الزواج من نسوانها ، و يطلق النار على الأشجار … 
     
    و الأطفال … و العيون … و الأثداء …والضفائر المعطره ... 
     
    هذي البلاد كلها مزرعةٌ شخصيةٌ لعنتره … 
     
    سماؤها .. هواؤها … نساؤها … حقولها المخضوضره … 
     
    كل البنايات – هنا – يسكن فيها عنتره … 
     
    كل الشبابيك عليها صورةٌ لعنتره … 
     
    كل الميادين هنا ، تحمل اسم عنتره … 
     
    عنترةٌ يقيم في ثيابنا … في ربطة الخبز … 
     
    و في زجاجة الكولا ، و في أحلامنا المحتضره ... 
     
    مدينةٌ مهجورةٌ مهجره … 
     
    لم يبق – فيها – فأرةٌ ، أو نملةٌ ، أو جدولٌ ، أو شجره … 
     
    لاشيء – فيها – يدهش السياح إلا الصورة الرسمية المقرره .. 
     
    للجنرال عنتره … 
     
    في عربات الخس ، و البطيخ … 
     
    في الباصات ، في محطة القطار ، في جمارك المطار.. 
     
    في طوابع البريد ، في ملاعب الفوتبول ، في مطاعم البيتزا … 
     
    و في كل فئات العملة المزوره … 
     
    في غرفة الجلوس … في الحمام .. في المرحاض .. 
     
    في ميلاده السعيد ، في ختانه المجيد .. 
     
    في قصوره الشامخة ، الباذخة ، المسوره … 
     
    ما من جديدٍ في حياة هذي المدينة المستعمره … 
     
    فحزننا مكررٌ ، وموتنا مكررٌ ،ونكهة القهوة في شفاهنا مكرره … 
     
    فمنذ أن ولدنا ،و نحن محبوسون في زجاجة الثقافة المدوره … 
     
    ومذ دخلنا المدرسه ،و نحن لاندرس إلا سيرةً ذاتيةً واحدهً … 
     
    تخبرنا عن عضلات عنتره … 
     
    و مكرمات عنتره … و معجزات عنتره … 
     
    ولا نرى في كل دور السينما إلا شريطاً عربياً مضجراً يلعب فيه عنتره … 
     
    لا شيء – في إذاعة الصباح – نهتم به … 
     
    فالخبر الأول – فيها – خبرٌ عن عنتره … 
     
    و الخبر الأخير – فيها – خبرٌ عن عنتره … 
     
    لا شيء – في البرنامج الثاني – سوى : 
     
    عزفٌ – على القانون – من مؤلفات عنتره … 
     
    و لوحةٌ زيتيةٌ من خربشات عنتره ... 
     
    و باقةٌ من أردئ الشعر بصوت عنتره … 
     
    هذي بلادٌ يمنح المثقفون – فيها – صوتهم ،لسيد المثقفين عنتره … 
     
    يجملون قبحه ، يؤرخون عصره ، و ينشرون فكره … 
     
    و يقرعون الطبل في حروبه المظفره … 
     
    لا نجم – في شاشة التلفاز – إلا عنتره … 
     
    بقده المياس ، أو ضحكته المعبره … 
     
    يوماً بزي الدوق و الأمير … يوماً بزي الكادحٍ الفقير … 
     
    يوماً على طائرةٍ سمتيةٍ .. يوماً على دبابة روسيةٍ … 
     
    يوماً على مجنزره … 
     
    يوماً على أضلاعنا المكسره … 
     
    لا أحدٌ يجرؤ أن يقول : " لا " ، للجنرال عنتره … 
     
    لا أحدٌ يجرؤ أن يسأل أهل العلم – في المدينة – عن حكم عنتره … 
     
    إن الخيارات هنا ، محدودةٌ ،بين دخول السجن ،أو دخول المقبره .. 
     
    لا شيء في مدينة المائة و خمسين مليون تابوت سوى … 
     
    تلاوة القران ، و السرادق الكبير ، و الجنائز المنتظره … 
     
    لا شيء ،إلا رجلٌ يبيع - في حقيبةٍ - تذاكر الدخول للقبر ، يدعى عنتره … 
     
    عنترة العبسي … لا يتركنا دقيقةً واحدةً … 
     
    ف مرة ، يأكل من طعامنا … و مرةً يشرب من شرابنا … 
     
    و مرةً يندس في فراشنا … و مرةً يزورنا مسلحاً … 
     
    ليقبض الإيجار عن بلادنا المستأجره
    التعديل الأخير تم بواسطة *مزون شمر*; 24-11-2009, 07:18 PM.
  • عبير المدينه
    عضو فضي
    • Dec 2008
    • 634
    • كآنت الدنيآ ملآهي ..~
      وكآن صدك لعبتي ..~
      كنت بك دوم متبآهي ..~
      برغم ظآهر قسوتي ..~
      آستمد منك وجودي ..~
      يآسنيني فيك عودي ..~
      ودي آكفر غلطتي ..~
      محد فآضي محد مهتم ..~

    #2
    يسلمووووووووووووووووو


    روووووووووووووووووووعة

    تعليق

    • المرهف
      عـضـو
      • Mar 2009
      • 3

      #3
      بكره برووووح اغير اسمي عنتر

      هههههههههههههههههه

      والله قمه في الروووعه تعجبني اللي كذا

      توصل للمستمع احلا من الشعر


      يسلموووووووووووووووو خيتوووووووووووو

      تعليق

      • دلوعة الحياة
        عـضـو
        • Mar 2009
        • 13

        #4
        بارك الله فيك

        تعليق

        • émmά
          V - I - P
          • Mar 2009
          • 2604
          • كنت هنآ..اتمنى انكم استفدتم بما قدمت لكم..

            ادعولي بالخير..

          #5
          كثير حلو و رائعشكرا

          تعليق

          google Ad Widget

          تقليص
          يعمل...