تتيانا الكور-
لقد تلقيت العديد من الأسئلة حول موضوع تناول بعض الأغذية المعينة لتنحيف منطقة معينة من الجسم، وخاصة منظقة الورك والبطن والفخذ والمؤخرة لدى النساء، ومنطقة الكرش المتدلية لدى الرجال، أو لتكبير منطقة معينة في الجسم، خاصة منطقة الصدر لدى النساء، فأصبح العديد منا يتداول معلومات بأن تناول البقدونس ينحف منطقة الفخد، وأن تناول اللفت ينحف الورك، وأن الملفوف ينحف المؤخرة، وأن تناول منتجات الألبان والأجبان تكبر منطقة الفخذ، وهنالك حميات معينة يتم ترويجها أيضا والتي تختص بتنحيف منطقة ما، مثل حمية الموز للتخلص من البطن. وحقيقة الأمر بأنه ليس هنالك أي حقيقة علمية وطبية مثبتة فعليا نظير تناول أطعمة ما، أو حمية ما، تختص بالتأثير على شكل منطقة ما في الجسم. وقد فوجئت عندما يراجعني العديد من الرجال الذين يزدادون لوعة من أجل عمل المستحيل لتنحيف مناطق معينة من أجسام زوجاتهم عن طريق الحمية وتناول أصناف معينة من الغذاء والدواء بالرغم من أنهم يعرفون طبيعة شكل جسم المرأة، فنظرة جسم السمبتيك التي يصفها ويتمناها الرجال، والنساء على حد سواء، لا تعتمد على ما يؤكل، كما أن شكل الجسم لا يتكون فقط نظير ما يتم تناوله.
وهنا يجدر بنا بأن نفرق بين إتباع نظام غذائي وحياتي لخسارة الوزن والذي بدوره يحدث تغييرات في شكل الجسم عامة، وفي جميع مناطق الجسم على حد سواء، مع مراعاة الفروق الفردية وتلك الحميات والمعتقدات المعنية بشكل خاص لتنحيف منطقة ما.
فقد يلعب دور تقبل شكل الجسم في تشجيع نمط غذائي معين بحيث أن الزيادة في محيط الخصر تقترن بالوجاهة ويسر الحال خاصة عند الرجال بينما تقتصر النحافة والهزال على رمز الجمال الدارج لدى النساء من دون اعتبار لمعايير الصحة والرشاقة. والواقع هو أن الوزن الزائد أو الوزن الناقص بإفراط يشكلان خطرا على الإنسان. فهنالك حاجة ماسة إلى تقييم الإيجابيات والسلبيات في النمط الغذائي الصحي لدى الفرد مع مراعاة ضرورة تمييز الحقيقة عن الوهم في المجموعة الكبيرة والمربكة من المعلومات المتناقلة عبر وسائل الإعلام المختلفة وعبر الأفراد والتي تؤثر على توقعاتنا من التحكم في حجم وشكل الجسم. فليس هنالك نوع معين أو صنف معين من الطعام الذي سيحدث مفعول السحر في منطفة ما، وإذا تم نتاقل غير ذلك فهو مغلوط ويؤدي إلى عواقب وخيمة، خاصة من الجانب النفسي (كالإحباطات والعصبية، وعدم الرضى عن الذات، الإحساس بالفشل)، وإجتماعية (كالإنزواء والإنطواء الإجتماعي)، والصحية أيضا (مثل اللجوء إلى الطعام وتناوله بنهم أو الإبتعاد عن تناوله أو المزج بين الحالتين) مما يؤثر سلبا على مجريات الحياة، والعمل، والمنزل، وطبيعة العلاقة الزوجية، والعلاقة مع الاخرين.
والحياة لا تقف عند شكل وحجم الجسم. وهناك عدة عوامل تؤثربحدوت التغييرات في شكل وجسم الإنسان، أهمها: الوراثة، العمر، التغييرات الفسيولوجية في الجسم (خاصة عند الحمل والولادة أو عند خفض كمية كبيرة من الوزن)، نمط الحياة، أسلوب التغذية، النشاط البدني، الحالة النفسية، ونظرة الفرد، والمجتمع إلى جانب عوامل أخرى تتعلق بالفرد.
وكل ما يطلب منا هو أن نبدي إهتماما متزايدا بالعوامل التي تؤثر على شكل وحجم أجسامنا، مع مراعاة مدى صحة المعلومات، والتوقعات وموازنتها بالحقيقة إذ تنطوي أنماط الحياة السائدة في كثير من جوانبها على ممارسات غير صحية في أنماط التغذية وعدم ممارسة النشاط البدني وقلة الحركة والتدخين والتي تجعل الأفراد عرضة لتغييرات في شكل الجسم والبشرة، وتؤدي أيضا لأمراض مزمنة كارتفاع ضغط الدم والسكري وأمراض القلب والحالات المرتبطة بالسمنة.
وتعتمد أنماط الحياة على المهنة، برنامج البيت، طبيعة العمل، النشاط الجسمي أو الرياضة، إمكانيات تنوع أوقات العمل، الوضع الاجتماعي، تناول الكحول ،التدخين، والضغوطات الفردية والعائلية والاجتماعية والنفسية والمرضية، بالاضافة الى المعتقدات والسلوكيات الفردية وأنظمة الدعم المتوفرة (سواء أكانت في المنزل أو في البيئة المحيطة والمجتمع على حد سواء).
ويهدف التدخل الطبي الغذائي في هذه الحالة إلى تقييم الوضع الغذائي للفرد بما في ذلك تحليل تاريخه الطبي والاجتماعي والغذائي والقيم المخبرية ومقاييسه الجسمية (مع مراعاة حجم وشكل أفراد العائلة). وبناء على التقييم والتوقعات والأهداف المتفق عليها بشكل مشترك، يتم وضع وصفة التغذية المناسبة و تحديد أساليب تثقيفية مناسبة لما يحتاجه الفرد. ومن شأن المتابعة المستمرة وتقييم النتائج الاكلينيكية وتغيرات السلوك في أن تساعد في تقريرما يسيطيع أن يحققه الفرد.
وترتكز عناصر العلاج الطبي على التدريب على الإدارة الذاتية أي الثقافة او الإستشارة المتفاعلة والفردية التي تساعد الفرد في اكتساب مهارات وعادات لتغييرالسلوكيات و من ثم تحسين الوضع الصحي والسيطرة على المرض أو الحالة أو هاجس شكل الجسم ونوعية الحياة ونوعية التغيرات في شكل وحجم مناطق الجسم . ومن أمثلة التدريبات في الادارة الذاتية هي: وضع سجل وهدف للغذاء،الوصفة الغذائية مثل نمط الوجبات وخططها، حساب الكربوهيدرات، وقائمة البدائل، وتحديد ألية التعامل وشكل الجسم مع إختيار الملابس اللائقة لإظهار مفاتن الجمال بدلا من التركيز على عيوب شكل الجسم. ومن بعض التحديات أمام الادارة الذاتية هي عدم القدرة على التعلم أو وجود دوافع لتغيير سلوكيات معينة، ضعف الرؤية، قلة المهارة، ضعف الحركة، ضعف الوضع السيكواجتماعي، ومحدودية الدعم العائلي والإجتماعي والفكري.
ومن المهارات الأساسية الواجب إكتسابها هي اتباع الإرشادات الأساسية لخطة الغذاء و الوجبات، إتباع ارشادات للتمارين الرياضية المناسبة ومناطق الجسم والوضع الصحي للفرد، معرفة العوامل التي تؤثر بالسلوك، والقدرة على وضع خطة للعناية المستمرة مع الحرص على الصراحة والشفافية في التعامل مع الحالة.
وترتكز دعائم الثقافة الأساسية للادارة الذاتية الغذائية المستمرة على العديد من المواضيع والأسس والتي تختلف بشأنها من فرد الى اخر اعتمادا على الحالة الفردية والجاهزية والظروف المحيطة وشكل الجسم. ومن المواضيع التي بمكن مناقشتها: معرفة المصادر الغذائية من الكربوهيدرات، البروتين، الدهون، كيفية قراءة الملصقات الغذائية، إرشادات في التسوق،تناول الطعام خارج المنزل، في المطاعم او الكفتيريات وخيارات الوجبات السريعة، أوقات معدلة للوجبات، ومعرفة كيفية التعامل مع الظروفا المحيطة والمؤثرة بشكل خاص على نظرة الجسم.
وعند الحديث عن شكل وحجم الجسم فيجدر بنا التطرق إلى معرفة مراحل التغييرالسلوكي، والتي قد تشمل مدى تقبل الجسم، وتقبل التغيرات الشكلية، وهي:
1) مرحلة التأمل المسبق وهي المرحلة عندما يكون لدى الفرد الرغبة الكاملة لتغيير سلوكياته ولكن لا يملك الدوافع الأساسية والجاهزية لاحداث التغيير،
2) مرحلة التأمل وهي المرحلة التي يمتلك فيها الفرد الرغبة الكافية لتحديد الدوافع الأساسية للتغيير مثل الخوف من التغيرات الفسيولوجية في الجسم أو الحاجة الى تغيير في حياته،
3) مرحلة الإعداد وهي المرحلة عندما يخطط الفرد خطوات معينة لتحسين السيطرة خلال البضع أشهر القادمة بعد التأمل أو العمل حسب خطة ما،
4) مرحلة العمل وتقتصر المرحلة على العمل من اجل استمرارية التغيير.
5) مرحلة المحافظة وهي الحفاظ على إستمرارية الغيير.
تحياتي
تعليق