تويت
اه يا إلهي . . ما هذا الثقل في جفني . . كأنما خيطتا بخيوط من الحديد . . لا أستطيع فتحهما .. رباه . . فلأستعن بيدي لأنزع ذلك الثقل عنهما . . يبحث ذاتيا عن يديه . . لا شئ . . جسمه كله صار خفيفا كأن لا جسم له . . يحاول ثانية تحريك يديه . . لايستطيع أن يجدهما أو يهتدي لهما . . أيحرك شيئا غير موجود ؟؟؟
لايشعر إلا برأسه .. ورأسه ثقيل ككتلة من الصخر .. لابد وأن كابوسا ما يجثم على صدري .. أو حلم ثقيل .. فلأ قفز من هذا السرير ..
جمع ما ظن أنها قواه .. حاول القفز من السرير .. لافائدة .. أيحرك فراغا ؟؟ هل تبخر جسمه وصار هواء .. ما الذي حل به ؟ كيف السبيل للخلاص من هذا العذاب ؟ تعتريه رغبة قوية بالصياح .. يحاول أن يفتح غمه .. مابه ؟ هل خيط هو الاخر بخيوط من حديد ؟؟
يتناهى إلى سمعه أصوات مختلطة .. شخص ما يلمس وجهه ويسحب من أنفه وفمه أشياء ويدخل أخرى .. يدفع شيئا ما إلى حلقه .. بعنف وقسوة .. يريد أن يصرخ .. يعترض .. لايستطيع أخيرا ميز كلام أحدهم .. ألم يسأل أحد عنه اليوم ؟؟ فيجيب الاخر .. أتمزح .. منذ عامين لم يحضر أحد لزيارته .. لقد ثابروا طويلا على الحضور ثم توقفوا بالتدريج .. مساكين .. كان الله بعونهم .. لم يعودوا يحتملون رؤيته .. يعود الأول ليقول .. أي مساكين .. إنه هو المسكين .. ربما لو ثابروا على زيارته والتحدث اليه لكان أفاق منذ زمن ..
لم يجبه الاخر .. لحظات من الصمت تخللها صوت تحريك بعض الأواني المعدنية .. يقول أحدهما .. هيا ساعدني لأكمل حمامه اليومي .. لقد أصبح جسده نحيلا واهنا حتى أنني أخشى أن
أكسر عظامه أثناء غسله .. ما زال في دوامة من الحيرة .. لا يستطيع التركيز .. غمامات سوداء تلف عقله .. يكاد لايفهم ولا يميز .. مرة أخرى يحاول الحركة .. القفز .. الكلام .. يحاول فتح عينيه .. لايستطيع .. أتراه قد مات .. لا .. لا أظن الموت هكذا .. لكنه بالتأكيد لايحلم .. يشعر بالجمر يضطرم في أحشائه .. ما هذا العجز ؟؟ علي أن افعل شيئا ما .. يدفع أحدهم برأسه باتجاه الأعلى .. شئ دافئ ينسكب عليه .. يسيل الماء على وجهه .. يدخل في أذنيه .. يود لو مسح الماء عن وجهه وجففه عن أذنيه .. يزفر زفرة عميقة .. يتوقف أحدهما للحظة عن العمل .. يخاطب صاحبه .. هل سمعت شيئا ما ؟؟ يجيب الاخر وهو يتابع عمله .. لا .. لم أسمع سوى صوتك .. أتظنه سيعود للحياة بعد أن غاب عنها سبع سنوات ؟؟ تنغرس الكلمات بقلبه كالسهم .. ماذا يقصد .. هل يقصدني ؟ أغبت أنا عن الحياة سبع سنوات ؟؟ أيعقل هذا ؟؟ لابد وأنني تحت وطأة كابوس مرعب .. أحدهما يجفف وجهه بالمنشفة .. يجفف عينيه جيدأ .. الفرصة سانحة له الان .. يجب أن يشعرهما بأنه متيقظ .. بصعوبة تمكن من فتح عينيه قليلا .. صدمه الضوء الساطع .. أغمضهما بسرعة .. جاهد ليفتحهما ثانية هاهما يتجهان للباب خارجين ..يفتح عينيه أكثر ..يحاول أن يناديهما أو يلفت نظرهما .. ليت أحدهما يلتفت إليه .. إنه متيقظ .. لقد فتح عينيه اخيرا .. يطفئ أحدهما الضوء الساطع ويخرجا .. يقلب نظره فيما حوله .. ما هذا المكان الغريب ؟ لايرى غير أجهزة وأنابيب وأصوات منتظمة مزعجة تأتي من كل مكان .. أحدهما خلفه تماما .. ينظر للجهاز المقابل له .. يبدو كأجهزة قياس النبض أو التنفس .. يلاحظ أن حوله الكثير من الأسرة .. من أحدها يصدر صوت أنين متواصل لاينقطع .. الحمدلله .. أحدهم هناك بالقرب منه .. لعله يستطيع مساعدته .. الأنين مستمر بلا انقطاع تتخلله لحظات من البكاء الواهن .. يبدو أن ذلك المسكين هو أيضا بحاجة للمساعده .. يخشى ان يغمض عينيه ثانية .. يبقى محلقا بفضاء الغرفة من حوله ..
رغما عنه يسدل جفنيه .. بالأمس .. بل قبل ساعات فقط .. كنت ذاهبا إلى أهلي لقضاء إجازة العيد .. الطريق طويل .. خرجت من الجامعة في الرياض .. ركبت السيارة .. أذكر أنني لم أتناول طعام الغداء .. فلا بد أن أمي قد أعدت لي أطايب الطعام .. سرت كثيرا .. بلغ بي التعب كل مبلغ .. يجب أن أصل قبل الفجر .. أذكر ان والدي قد طلب مني أن أشحن السيارة وأسافر إليهم بالطائرة .. ولكن كيف .. من أين لي بالنقود وما تبقى لي من المكافأة بالكاد يكفيني خلال رحلتي بالسيارة .. لأول مرة يشعر بصداع رهيب في رأسه .. ماهذا ؟؟ شئ كالمطرقة يدق رأسه دقا عنيفا .. حاول ان يتحسس رأسه بيده .. مستحيل .. كانت الساعة العاشرة مساء عندما تجاوز مدينة عرعر متوجها إلى محطته الأخيرة ( الجوف ) .. شعر بنشوة قرب اللقاء بالأهل والأحبة .. ليس هذا فحسب .. بل إنه سيعقد قرانه في ثاني أيام العيد على خطيبته .. فلم يبق غير أشهر قليلة على التخرج .. بدأ النعاس يسري في كل خلية من جسمه .. فجأة .. يا إلهي .. ماهذا .. جمل ضخم يتوسط الطريق .. إنه أمامه مباشرة .. تشله المباغته .. يعجز عن اي تصرف .. يلتفت الجمل نحوه يرتطم بسيارته .. ثم لا شئ .. لا شئ على الاطلاق ..
بدأت الصوره تتضح في ذهنه .. عاد اليه بعض الإدراك .. اه .. لابد وأنني طريح الفراش منذ ذلك الوقت .. فضاء كامل من الألم والمعاناة يخترق جسده المفقود .. أيكون قد أصيب بالشلل ؟؟ رباه .. أليس ثمة من أحادثه ؟؟ وأساله ؟ أما من أحد يخفف عني ؟
لم يستطع النوم .. ربما خشي العودة للعالم المجهول ثانية .. هاهو الضوء يغمر الغرفة .. ممرضان يتجولان بين الأسرة .. يصيح أحدهما بالاخر .. انظر .. يبدو أنه قد استيقظ .. يقفز فرحا .. لحظات ويمتلئ المكان بذوي المعاطف البيضاء .. يلامس أحدهم جبينه .. حمدا لله على سلامتك .. بعد عدة أختبارات ينزعون الأنابيب من فمه وأنفه .. يحاول ان يتحدث .. لسانه ثقيل جدا بالكاد يحركه .. تخرج الحروف منه ثقيلة ملتوية ومع ذلك يقابل بالهتاف والتشجيع .. تزداد معاناته .. حتى منطقي الفصيح فقدته .. يمضي يومان .. فما زال أمام أهله سفر طويل ليصلوا اليه .. يدخلون الغرفة .. ودموعهم تسبقهم .. ينظر اليهم .. صارت أمه مسنة .. وكبر أخوته الصغار .. أما أبوه فقد فارق الحياة قبل سنوات مات من شدة الحسرة عليه .. أحس بالغربة بينهم .. حاول أن ينهض يفتح ذراعيه لأهله .. يضمهم واحدا واحدا .. يشعر بلمساتهم لكتفيه .. حاول أن يتكلم فكانت حروفه ملتوية وصوته مخيفا .. أغمض عينيه .. تمنى لو عاد للغيبوبة ثانية .. أو أنه لم يصح منها ....
أنتهت قصة لحظة فاصلة
كتبتها :- أكلي الورد ل
لايشعر إلا برأسه .. ورأسه ثقيل ككتلة من الصخر .. لابد وأن كابوسا ما يجثم على صدري .. أو حلم ثقيل .. فلأ قفز من هذا السرير ..
جمع ما ظن أنها قواه .. حاول القفز من السرير .. لافائدة .. أيحرك فراغا ؟؟ هل تبخر جسمه وصار هواء .. ما الذي حل به ؟ كيف السبيل للخلاص من هذا العذاب ؟ تعتريه رغبة قوية بالصياح .. يحاول أن يفتح غمه .. مابه ؟ هل خيط هو الاخر بخيوط من حديد ؟؟
يتناهى إلى سمعه أصوات مختلطة .. شخص ما يلمس وجهه ويسحب من أنفه وفمه أشياء ويدخل أخرى .. يدفع شيئا ما إلى حلقه .. بعنف وقسوة .. يريد أن يصرخ .. يعترض .. لايستطيع أخيرا ميز كلام أحدهم .. ألم يسأل أحد عنه اليوم ؟؟ فيجيب الاخر .. أتمزح .. منذ عامين لم يحضر أحد لزيارته .. لقد ثابروا طويلا على الحضور ثم توقفوا بالتدريج .. مساكين .. كان الله بعونهم .. لم يعودوا يحتملون رؤيته .. يعود الأول ليقول .. أي مساكين .. إنه هو المسكين .. ربما لو ثابروا على زيارته والتحدث اليه لكان أفاق منذ زمن ..
لم يجبه الاخر .. لحظات من الصمت تخللها صوت تحريك بعض الأواني المعدنية .. يقول أحدهما .. هيا ساعدني لأكمل حمامه اليومي .. لقد أصبح جسده نحيلا واهنا حتى أنني أخشى أن
أكسر عظامه أثناء غسله .. ما زال في دوامة من الحيرة .. لا يستطيع التركيز .. غمامات سوداء تلف عقله .. يكاد لايفهم ولا يميز .. مرة أخرى يحاول الحركة .. القفز .. الكلام .. يحاول فتح عينيه .. لايستطيع .. أتراه قد مات .. لا .. لا أظن الموت هكذا .. لكنه بالتأكيد لايحلم .. يشعر بالجمر يضطرم في أحشائه .. ما هذا العجز ؟؟ علي أن افعل شيئا ما .. يدفع أحدهم برأسه باتجاه الأعلى .. شئ دافئ ينسكب عليه .. يسيل الماء على وجهه .. يدخل في أذنيه .. يود لو مسح الماء عن وجهه وجففه عن أذنيه .. يزفر زفرة عميقة .. يتوقف أحدهما للحظة عن العمل .. يخاطب صاحبه .. هل سمعت شيئا ما ؟؟ يجيب الاخر وهو يتابع عمله .. لا .. لم أسمع سوى صوتك .. أتظنه سيعود للحياة بعد أن غاب عنها سبع سنوات ؟؟ تنغرس الكلمات بقلبه كالسهم .. ماذا يقصد .. هل يقصدني ؟ أغبت أنا عن الحياة سبع سنوات ؟؟ أيعقل هذا ؟؟ لابد وأنني تحت وطأة كابوس مرعب .. أحدهما يجفف وجهه بالمنشفة .. يجفف عينيه جيدأ .. الفرصة سانحة له الان .. يجب أن يشعرهما بأنه متيقظ .. بصعوبة تمكن من فتح عينيه قليلا .. صدمه الضوء الساطع .. أغمضهما بسرعة .. جاهد ليفتحهما ثانية هاهما يتجهان للباب خارجين ..يفتح عينيه أكثر ..يحاول أن يناديهما أو يلفت نظرهما .. ليت أحدهما يلتفت إليه .. إنه متيقظ .. لقد فتح عينيه اخيرا .. يطفئ أحدهما الضوء الساطع ويخرجا .. يقلب نظره فيما حوله .. ما هذا المكان الغريب ؟ لايرى غير أجهزة وأنابيب وأصوات منتظمة مزعجة تأتي من كل مكان .. أحدهما خلفه تماما .. ينظر للجهاز المقابل له .. يبدو كأجهزة قياس النبض أو التنفس .. يلاحظ أن حوله الكثير من الأسرة .. من أحدها يصدر صوت أنين متواصل لاينقطع .. الحمدلله .. أحدهم هناك بالقرب منه .. لعله يستطيع مساعدته .. الأنين مستمر بلا انقطاع تتخلله لحظات من البكاء الواهن .. يبدو أن ذلك المسكين هو أيضا بحاجة للمساعده .. يخشى ان يغمض عينيه ثانية .. يبقى محلقا بفضاء الغرفة من حوله ..
رغما عنه يسدل جفنيه .. بالأمس .. بل قبل ساعات فقط .. كنت ذاهبا إلى أهلي لقضاء إجازة العيد .. الطريق طويل .. خرجت من الجامعة في الرياض .. ركبت السيارة .. أذكر أنني لم أتناول طعام الغداء .. فلا بد أن أمي قد أعدت لي أطايب الطعام .. سرت كثيرا .. بلغ بي التعب كل مبلغ .. يجب أن أصل قبل الفجر .. أذكر ان والدي قد طلب مني أن أشحن السيارة وأسافر إليهم بالطائرة .. ولكن كيف .. من أين لي بالنقود وما تبقى لي من المكافأة بالكاد يكفيني خلال رحلتي بالسيارة .. لأول مرة يشعر بصداع رهيب في رأسه .. ماهذا ؟؟ شئ كالمطرقة يدق رأسه دقا عنيفا .. حاول ان يتحسس رأسه بيده .. مستحيل .. كانت الساعة العاشرة مساء عندما تجاوز مدينة عرعر متوجها إلى محطته الأخيرة ( الجوف ) .. شعر بنشوة قرب اللقاء بالأهل والأحبة .. ليس هذا فحسب .. بل إنه سيعقد قرانه في ثاني أيام العيد على خطيبته .. فلم يبق غير أشهر قليلة على التخرج .. بدأ النعاس يسري في كل خلية من جسمه .. فجأة .. يا إلهي .. ماهذا .. جمل ضخم يتوسط الطريق .. إنه أمامه مباشرة .. تشله المباغته .. يعجز عن اي تصرف .. يلتفت الجمل نحوه يرتطم بسيارته .. ثم لا شئ .. لا شئ على الاطلاق ..
بدأت الصوره تتضح في ذهنه .. عاد اليه بعض الإدراك .. اه .. لابد وأنني طريح الفراش منذ ذلك الوقت .. فضاء كامل من الألم والمعاناة يخترق جسده المفقود .. أيكون قد أصيب بالشلل ؟؟ رباه .. أليس ثمة من أحادثه ؟؟ وأساله ؟ أما من أحد يخفف عني ؟
لم يستطع النوم .. ربما خشي العودة للعالم المجهول ثانية .. هاهو الضوء يغمر الغرفة .. ممرضان يتجولان بين الأسرة .. يصيح أحدهما بالاخر .. انظر .. يبدو أنه قد استيقظ .. يقفز فرحا .. لحظات ويمتلئ المكان بذوي المعاطف البيضاء .. يلامس أحدهم جبينه .. حمدا لله على سلامتك .. بعد عدة أختبارات ينزعون الأنابيب من فمه وأنفه .. يحاول ان يتحدث .. لسانه ثقيل جدا بالكاد يحركه .. تخرج الحروف منه ثقيلة ملتوية ومع ذلك يقابل بالهتاف والتشجيع .. تزداد معاناته .. حتى منطقي الفصيح فقدته .. يمضي يومان .. فما زال أمام أهله سفر طويل ليصلوا اليه .. يدخلون الغرفة .. ودموعهم تسبقهم .. ينظر اليهم .. صارت أمه مسنة .. وكبر أخوته الصغار .. أما أبوه فقد فارق الحياة قبل سنوات مات من شدة الحسرة عليه .. أحس بالغربة بينهم .. حاول أن ينهض يفتح ذراعيه لأهله .. يضمهم واحدا واحدا .. يشعر بلمساتهم لكتفيه .. حاول أن يتكلم فكانت حروفه ملتوية وصوته مخيفا .. أغمض عينيه .. تمنى لو عاد للغيبوبة ثانية .. أو أنه لم يصح منها ....
أنتهت قصة لحظة فاصلة
كتبتها :- أكلي الورد ل
تعليق