انه في يوم كذا وفي كل يوم , وفي شهر كذا وفي كل شهر , وفي عام كذا وفي كل عام كان هناك شخص يدعى حامد وهذا الرجل متزوج وله من الاولاد 6 ثلاث بنات وثلاث شباب وكان من العمر كذا وكذا او اكثر من كذا او اقل منه حسب مانراه وترونه فالعمر يقاس بالاعمال ولا يقاس بالسنين فما فائدة عمر الانسان بالسنين اذا كان قد عاشها بالحرام كل ما كسبت يداه راح وضاع وخسر نفسه وخسر الناس وان كان طويلا والعكس صحيح فقد يكون عمره قصير واعماله جيده ورزقه حلال فانه مخلد في الاخرة ومخلد في الدنيا , وكان حامد رجل بسيط موظف وله زوجة ربة بيت جميلة لكن تحب المال وتشكو وتتذمر من قلة ما يكسبه دوما وتعيب على زوجها عمله وتعيره بما يكسب وكانت تقول له كل يوم يا اخي افعل شيئا مثل باقي الرجال انظر مايكسبون وينفقون ويصغون لنسائهم الا انت لا تتغير ولا تحس وتسمعه كلام وكلام يحسسه دائما بضعفه وكان يقول لها يا امراة مالي ومال الناس كل يكسب ما يكسب ان كان قليل او كثير هذا رزق الله يؤته من يشاء , واذا كانت الناس تكسب من حلال او من حرام فانالا اقبل لنفسي ان اطعم اطفالي وانت ونفسي من حرام , فمالي وهذا المال اعوذ بالله , وكانت تقول له اننا لا نسمع منك الا هذا الكلام هذا كلام الضعفاء , يارجل اكل الناس تكسب من حرام ولما لاتقول حلال , واذا كان اكثرهم حرام فما المانع ومن يدري المهم انهم يعيشون ببحبوحة هم وعائلاتهم فافعل مثلهم , والمهم ان تاتي لنا بالمال ونعيش كما الناس تعيش, فالمهم يا رجل المال , انت لا ترى ما تلبس زوجة فلان وفلان وكيف يعيشون ببحبوحة وينفقون المال على الطعام الجيد والملبس الجميل والفراش الناعم والسكن المريح ويركبون السيارات الفارهة وكذا وكذا تحرك يارجل , وكان حامد لا يأبه لكلماتها ولكن كان وقع الكلام فيه اذى على نفسه ويحسسه احيانا بضعفه , الا انه لا يحب ان يكسب المال عن طريق حرام وكان يفكر بعائلته ودائما يقول لها يا امراة ان المال الحرام يذهب ولا يدوم ويحرق ويؤدي بالنفس الى الجحيم احمدي الله على ما يرزقنا به والحمد لله على الصحة والعافية , ومضت الايام والحال نفس الحال والمشاكل تكثر والحديث نفسه يتكرر وفي يوم قرر حامد ان يذهب الى مديره في العمل يشكو له قلة المال الذي يتحصل عليه من عمله وصعوبة العيش لعله يعمل على زيادة مرتبه او يرى له طريقه يكسب منها مال, فرد عليه قائلا يا اخي يا حامد كيف لي ان ارفع مرتبك انها ليست بيدي والوزارة هي التي تقرر ولا شان لي به ,اما عن موضوع طريق اخر لكسب المال فانا سافكر به وسوف ابحث لك عن طريق المهم انت عزيز علي وسوف اخدمك به واخبرك لاحقا , وكان المدير يعيش ببحبوحة في حياته رغم انه مرتيه لايمكنه انيقدم له هذا ولكن كان حامد يتصور ان له مورد اخر او انه من عائلة ميسورة , وفي يوم اتصل به مديره وقال له يا حامد اتستطيع اليوم ان تزورني في البيت فلقد وجدت لك طريقة لكسب المال , و ففرح الاخ حامد وذهب الى بيت المدير مسرعا والتقاه وكان هناك رجل ينتظره عند منزل المدير وكان يرتدي ملابس فاخرة وبهيئة تدل على انه رجل غني وكان يدعى ابو العز وكان له مصالح عمل في الوزارة التي يعمل بها حامد , وبعد ان جلسا وتعرفا بعضهم على بعض وشربوا القهوة , قال المدير لحامد ان ابو العز له شركات كبيره واعمال كثيرة وانه رجل كريم وانارغب ان اترككم سوية لوحدكم ليشرح لك طبيعة عمله معك والفائدة التي سوف تجنيها منه , وفعلا تركهم لوحدهم ودخل الى غرفة المعيشة وبقوا في غرفة الضيوف لوحدهم , وحينها طرح له السيد ابو العز مايريده من السيد حامد وقال , يا اخي يا حامد ان لي طلب في وزارتكم بتخصيص كذا طن من مادة الاسمنت والحديد ومواد اخرى وان طلبي قد رفض من قبلكم سابقا وبما انك انت الوحيد الذي يقرر الكمية بعد الكشف , وانا ساعطيك مبلغ جيد يمكنك من ان تعيش برفاهية وترفه به نفسك و عائلتك والموضوع هذا كله لايكلفك الا توقيع ولن يدقق احد بعدك , واذا تكررت العملية سوف تجني امول كبيرة , فصرخ بوجهه السيد حامد وقال اترشيني اتريدني ان اسرق واكل حرام انا لم اطلب من السيد المدير ان يجد لي طريقة في الرزق كهذه الطريقه ولو كنت اريد لفعلتها من زمان , انا اسف انت اخترت الرجل الخطاء , فرد عليه بهدوء يا اخي لم انت تحسبها بهذه الطريقة انت لاتسرق ولا تاخذ رشوة انما هي اكرامية على عمل تؤديه لي وتاخذ عليه اجرا ,وان اردت اعينك انا عندي في شركاتي مديرا عاما لها واعتبر انك تاخذ اجرا على عملك معي, وضل يرفض ويرفض وخرج غاضبا من دار المدير , ورجع الى بيته وهو مهموم , فقالت له زوجته مابك , فاخبرها القصة كلها , وقالت له يا رجل لما رفضت انت مجنون انظر لما تعطيك الوزارة من مرتب وانظر لما سوف تجنيه من هذا الرجل اضعاف واضاف ما سوف تحصل عليه من الوزارة وان عملت عندهم خمسين سنه , يا اخي انظر لحالنا ولحال اولادك , الا تشعر بنا , يا اخي على الاقل انت اذا لا تريد نحن نريد , ورفض الزوج كلامها ونهى الموضوع وقال لها اتريدينني ان احرقكم بهذا المال الحرام اعلمي انها نار تحرقنا في الدنيا والاخرة , ولكن الزوجه لم تكترث لكلماته وتشاجرت معه وكبر الشجار الى ان خرجت من البيت غاضبة واخذت اولادها وتركته وحيدا في الدار , وضلت كلماتها ترن بذاكرته وتتصارع مع مبادئه , وأخذ يفكر بعرض السيد ابو العز وبكلامه وكان الشيطان يوسوس له بان يقبل العرض , واخذ يدخن السيكار والسيكار وعلما انه لم يدخن من قبل , وبات حائرا لا يعرف ماذا يعمل الضغوطات تكالبت عليه , وفي اليوم التالي . التقاه المدير , وكرر عليه عرض السيد ابو العز وقال له يا اخي انا احميك لا تخف الى متى تبقى على هذا الحال انظر الى نفسك وانظر الى عائلتك يا اخي , فانك تستدين المال كل شهر قبل ان ياتيك المرتب بخمسة عشر يوم , يا اخي اصحى من نومك يا مباديء يا مثاليات , هذا الكلام ولى وراح مع الذين راحوا, انت تعيش بعصر العولمة , والناس لاتنظر الى مصدر مالك ومن اين اتيت به , بل تنظر الى كمية المال التي بحوزتك والى هيئتك ومضهرك يا اخي تقبل الامر وتماشى مع الواقع , كانت كلمات المدير تطرق ذاكرت السيد حامد كل لحظه وكل يوم , ورجع الى بيته لايعلم ماذا يصنع , وكان يبدو عليه التعب ومضت الايام وزوجته غائبة وهو محروم من اولاده والضغوطات عليه من كل صوب , وفي يوم وهو جالس على التلفاز وهو يدخن ويشاهد فلما كانت قصته تدور عن الفساد والرشوة وكيف بطل الفيلم اصبحا غنيا وسرح بخياله وتخيل نفسه وفجاءة ,,,,,,,, طرقت الباب وفتح الباب وكان في الباب السيد ابو العز والسيد المدير جائوا ليقنعوه بالموضوع ودخلو البيت وهو مهموم تائه لايعلم الصح اين والخطاء اين , فملذات الدنيا ومتطلبات زوجته كثيرة واقتنع بطلب السيد ابو العز , وقال له ماذا تريد مني ان افعل بالضبط انا موافق , ففرح السيد ابو العز وبارك له موافقته وقال , يا اخي ان حصتي من مواد البناء في الوزارة قليلة واريد منك ان توافق على مضاعفتها بحجة ان البناء كبير ويستهلك كميات كبيرة وكلما كبرت الكمية كلما زادت الفائدة لك ولي , وفعلا صار ما اراد السيد ابو العز ان يكون وزهزهت الدنيا للسيد حامد ورجعت زوجته للبيت وتنغنغت امورها وفرحت ونالت ماكانت تريدواصبحت تدلل زوجها وتسمعه الكلام الجميل والغزل والكلام الناعم , وزاد جشعه واصبح يرتشي اكثر واكثر بل واصبح يطرح افكاره على السيد ابو العز ليستفاد اكثر وقال له اعطيك ثلاث اضعاف ما تريد من حصتك ومن جانبك انت تقلل من مواد البناء في الخلطات ومن حديد التسليح والفائض نقسمه بيننا , واصبح اكثر طمعا , وفي يوم زاره السيد ابو العز وعرض عليه عرضا على ان يستلم شقة كبيره في بنايته بدل المال الذي يتقاضاه من وقبل واخذ شقتان بدل الشقه وسكنها هو وعائلته ومرت السنين وهو في بحبوحه من امره , ولم يكشف امره من قبل الوزارة لكن فجاءة وهو مستلقي على سريره مع زوجته , سمع صراخ واذا بحريق شب في العمارة التي يسكن بها والنار كانت تأتي من الاسفل وتصعد الى الاعلى ولا مفر منها وشاهد الناس كيف تحترق والنار تقترب منه ومن شقته لتصعد الى فوق ولا يستطيع اينقذ حتى نفسه كأنه مكبد اليدين والرجلين وينظر الى صراخ اولاده وهم يستنجدون به هو وزوجته لكن لا امل والناس تصرخ وتتعالى الصرخات حتى ان رجال الاطفاء لا يستطيعون انجاده والنار تكبر والبناية اصبحت ضعيفة لا تتحمل ثقل الكتل الاسمنتية وكان البناء بداء يتهاوى وتتساقط اجزاءا منها وكان مشهد برجي التجارة في الولايات المتحدة يحظر امام عينيه وكيف تهاوت على ساكنيها والرعب يكبر وبات يرى نفسه كيف تاكله النار وحس باخطائه و بالمال الحرام الذي حصل عليه وتندم على افعاله وقال لنفسه لو عاد به الزمن الى الخلف لما فعل ما فعل وفجاءة تعالى الصراخ واذا بالبناء يسقط وكانه كابوس واذا به يجد نفسه يسقط من على الكنبة التي كان يجلس عليها وهو يشاهد الفيلم الذي يحكي قصة الفساد المالي انه كابوس, حيث اخذه النعاس وهو يشاهد الفيلم وكان كل ما حدث حلم في حلم , وحمد الله على هذا , وبعد ذالك اتصلت به زوجته لتخبره بان متزل اهلها وانه قد احترق بفعل تماس كهربائي ونجت هي واولادها من هذا الحريق وقالت له انها تحمد لله لانها نجت هي واولادهاوانها تذكرت كلمات زوجها عن مال الحلال وانها نجت بفعله وتاكدت ان حياتها التي تعيشها مع زوجها بسلام وامان وبصحة جيدة اكبر بكثير من نعمة المال والحياة الترفة وزينة الدنيا الفانية , وطلبت منه ان ياتي لياخذها فهي الان في المستشفى تعاني من اصابات طفيفة هي واولادها وانهم الان بصحة جيدة هي واولادها وانها لن تطلب منه اي شيئ اكبر من طاقته ابدا , وبعد ايام مضت القي القبض السيد المدير بتهمة الرشوة والقي به الى السجن هو السيد ابو العز وبعدها صدر امر وزاري بان يستلم الاخ حامد امرا وزاريا بترقيته الى منصب مدير عام الدائرة التي يعمل بها ومكافئة مالية كبيرة تقديرا على التزامه بالعمل وحسن سيرته الوظيفية , وهذا ماكان وما جرى وما كان وما صار .....
مع تحياتي
الدكتور فراس
مع تحياتي
الدكتور فراس
تعليق