ديوان
حوار مع الزمن
الإهداء
إلى ولديّ . . .
لؤي وزياد وكل صقور الانتفاضة
في الوطن الجريح فلسطين
أبوكم
د . مسعد زياد
البداية
حوار مع الزمن
زمني يا زمن الشرفاء الأحرار ..
زمن الثوار ..
زمن القهر .. ، ومحق الذات .. ،
المطمورة في جوف القار ..
زمن التاريخ المتعفن ..
في وهج النار ..
زمن الحمقى .. والبلهاء
زمن الزار ..
زمن الموتى .. والأقذار ..
زمن الداء المستشري فوق الأقدار ..
داء الفتك بزمن العار ..
زمن اللامحدود هناك ..
عبر وحول الزبد الممتد إلى الأغوار ..
* * *
زمني ..
يا زمنا مصلوبا مع نجمات الليل ..
ينزف عارا ..
يغتال عرائس أحلامي ..
ينزع مني أيامي ..
يسرق حبي ليل نهارْ ..
يحمل كل رفات الليل القاتل ..
في وحل السيل ..
يحزم أدران الحاضر .. ،
والماضي في نهر الويل
يقتل حتى الوهم القادم من رحم الطين ..
يفتك بالأحياء الموتى ..
يغتال حنين ..
هذا الزمن المقهور الميت .. منذ سنين
هذا الزمن المحروم المنهار .. ،
المتعفن كالتنين ..
يسلب .. يفتك .. يقتل ..
هذا الزمن المجنون ..
زمن الغدر الممتد بجوف الجوف ..
زمن الخوف ..
زمن المتعقب للشرفاء ..
زمن العسكر والعملاء ..
زمن الزيف ..
زمن التسويف .. ، وبيع الطهر ..
اها .. يا زمني المشدود على الأعواد ..
يا زمنا يُوأد فيه الخير ..
يكفي هراء ..
ماتت أيامي الحبلى بالأحلام ..
مات سلام ..
جاء سلام ..
والزمن الميت لا يحيى ..
رغم الأيام .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
غدا نلتقي
سأرحل يوما رفاق الدروب ..
يقولون إني غدا راحل .. !
سأحمل وجدي ..
أخبئ تحت الجفون دموعي ..
على كل كفٍّ سأنقش حُبّي …
سأرسم ذكرى لقاءاتنا ..
هنا .. مع شروق الشروق التقينا ..
هنا .. كنت أعزف شوقي ولحني ..
هناك … هنا ..
وفوق المقاعد ..
وفوق الورود .. وفوق السنا ..
وفي كل شبر زرعت حنيني ..
نثرت الأماني على كل درب ..
وفوق الضلوع نقشت الهنا ..
* * *
يقولون إنِّي غدا راحلُ .. !
سأرحل عنكم كِرامي .. وصحبي ..
سأترك يوما مغاني الهوى ..
سأرحل عنها .. دروب الهيام ..
عن الأمس .. يوم التقينا ..
سيحرق في القلب منّي النوى ..
سأرحل يوما .. ، وفي خاطري ..
تعمق جرح .. يحطم نفسي ..
يمزق منّي شرايين عهدي ..
يطوق روحي نداء غريب ..
ويملأ وجدي شعاع الوداع ..
يقولون إنّي سأرحل عنكم .. !
ولم يعلموا ..
بأن الرحيل هو القرب منكم ..
وفي عمق نفسي لقاء جديد ..
وحبّ مع الصبح أنّى وقفتم ..
ويرسم في النفس عهدا وليدْ ..
وأنّى خطوتم .. وأنّى جلستم .. وأنّى رحلتم ..
سيشرق رغم الرحيل الأصيلْ
فتلك الحياة .. لقاء وقرب ..،
وعيش هنيء .. وظل ظليل ..
وتلك الحياة .. فراق .. وبعدٌ ..
وأيام حزن .. ووجد وسهد .. ،
وليل طويل ..
ورغم الرحيل .. سأبقى لديكم …
صديقا صدوقا .. وخلاّ وفيا ..
ونجما مضيئا .. سأبقى لديكم ..
هنا .. ، أو هناك ..
سأنقش ذكرى لقاءاتنا ..
وفوق الدفاتر .. فوق المقاعد ..
في كل ركن يضم رفاتي …
سأترك يوما لكم ذكرياتي ..
على باقة من ورود الفؤاد
على ريشة من جناح النسيم ...
على هدب عينٍ .. تضم رؤاكم ..
فأحلم أني سأرحل عنكم … ،
وأطمح أنّا غدا نلتقي .
* * *
جدة 1413 ه
البداية
الدموع في ماقي الماذن
تبكي الماذن ما أنمى به الخبرُ
صبيحة الموت لا يغني له حذرُ
كم يحرص الناس في دنيا على أجل
والله يقضي. . إلى ما خبأ القدر
تهوى النفوس بقاء دائما أبدا
والموت يدرك من يخشى ويعتبر
أين المفر بني قومي وقد منيت
أرض القداسات بطشا طعمه قذِر
في كل اونة يغتال أمتنا
ويهلك الحرث والأحقاد تنتشر
في كل يوم يغالي في جرائمه
فيقتل الأمن والأزهار تنتحر
في كل يوم له أطفالنا قربى
في كل يوم له أشبالنا سُعُر
* * *
في كل حين له أرض يحرّقها
ومنزل ها هنا للهدم ينتظر
واليوم ننعى إلى شعبي وأمته
في المشرقين الذي أفضى به الخبر
مات الحسيني ما ماتت ماثره
هو الشهيد سيبقى الفخر ما فخروا
ابن الشهيد ورمز المجد في وطن
في القدس نور وفي أرواحنا أثر
* * *
هو المناضل ما دامت لنا مهج
هو المجاهد ما يحدو بنا غِير
غالت نداءك في رأد الضحى جهرا
عصابة الغدر والتشريد كم غدروا
يا ابن الحسيني يا ابن القدس من حسب
أكرم به نسبا للقدس ينتصر
خضت النضال ولا ترجو له ثمنا
غير الكفاح وهذا القيد ينكسر
* * *
كنت المناضل لا تخشى لشرذمة
من اليهود نكالا حين تأتسر
كنت المناضل لا تسعى إلى أمل
غير البيارق فوق القدس تنتشر
يبكيك شعبك في الأقصى ويردفه
نوح الحمائم أدمى جفنها السهر
تبكي عليك ربوع الشرق قاطبة
فالنيل ينحب واليرموك يعتصر
* * *
وفي الشام نساء خلت أثكلها
فقْد الشهيد وتبكي سيفها مضر
والصبح مكتئب من هول فاجعة
والبحر محزون والشمس والقمر
ابشر فداؤك شعب ثار منتفضا
لن يوقف الزحف أو تُحنى له ظُهًر
وانعم حسيني بالجنات منتصرا
فياسر الشعب لم تهدأ له عُصُر
* * *
قد عاهدوك ونعم العهد ما برموا
حتى يحرر بيت المقدس الظُفُر
وتنجلي غيمة " الصهيون " عن وطن
يأبى الركوع وخيل الظلم تندحر
سقى الإله رياضا أنت ساكنها
فالطل مُغدقها والنبع والمطر
* * *
جدة 1422 ه
البداية
كلمات من بقايا العمر
وكبرت يا زمن الزمن …!
ما عدت تزهو في شرايين الدنا
وغدوت ذكرى للسنين ..
ذكرى جراحات الوطن …
ما عدت تزهو مغردا . . .
كالطير طوّقه الحنين ..
كفراشة تاهت بأحضان الورود ..
ما عدت تجري معربدا …
كالنهر يا زمن الوجود ..
ما عدت تجري يا زمان العمر ..
في جوف المدى …
ما عدت تضحك في ربيع الوجد …
يا زمنا يكبل قامتي ..
ما عدت زنبقة يداعبها الشباب ..
يقبل ثغرَها شهدُ الندى . .
كالبسمة النشوانة الحرَّى ..
ويقتلها الصدى ..
كالريح كالإعصار .. ما عدت يا زمنا ..
كالنهر يا زمن الوجود ..
وكبرت يا زمن الزمن … !
وتجعدت وجنات وجهك كالزمن ..
وعلى جبينك هيكل الأيام تحفره المحن ..
وتغيرت كل الملامح …
ما عدت تضحك كالطفولة بين أحضان الجليد ..
ما كنت تولد من جديد ..
ضاعت تراتيل الحزانى .. والثكالى ..
في تجاويف الظلام ..
حتى نهارك لم يعد ذاك النهار ..
ما عاد بشرى للصغار .. كأنهم في يوم عيد .
ما عدت تشرق بالأمل ..
ما عدت تضحك في وجوه الناس …
يعلوها الركام ..
يا أيها الزمن العنيدُ .. .
قتلت في القلب السلام ..
يا أنت يا زمن الزمان المرتقب …
كانت لنا ذكرى سنينٍ لم تزل ..
أسطورة .. تروي حكايات الحنين إلى الوطن ..
تروي المحن ..
تروي ملامح عشقنا …
تروي حكاية غربتي ..
تروي على مرِّ السنين ..
أنشودة الأطفال مزقها الضياع ..
وبقايا خيمة جدتي ..
ولفافة الشيخ الحزين ..
* * *
ووهنت يا زمن الكابة .. والحزَن …
وغدوت تجتر الملالة والوسن …
وتنوء من ثقل الحياة وزيفها ..
تبكي .. تنوح مع الطيور النائحةْ ..
يا أيها الزمن المشرد مثلنا ..
بددت كل الأمنيات ..
ضاعت ليالينا سدى ..
باتت كأفراخ الطيور التائهة …
تروي أساطير الزنابق .. في الجبال الشاهقة ..
تروي حكاية سندباد الأرضِ .. ،
يمخر عبر شريان المدى .. .
ويجوب ردهات السنين …
يا أيها الزمن الحزين …
إنّي أشاطرك العذاب ..
إني أشاطرك الحنينْ ..
يا أيها الزمن الحزين .. !
* * *
جدة 1421
البداية
" رز بالحليب "
أيضحك دَحْرَج في ليل أنس
على الرز المُطعّم بالحليب
وهذي قصة حدثت قريبا
تضم ثلاثة في بيت طيب
أخوكم مسعد أمسى نديما
لطالب سالم عما قريب
وزادهما المدحرج خير صحب
فكان الجمع في عقد رحيب
تسامر بعضهم والبعض يهوى
قراءة صفحة لابن الخطيب
ودارت نكتة في تلو أخرى
ترنح من تفكهها العجيب
رؤوس أحبتي في ليل أنس
وأكواب تدار على القلوب
وكنا قبل أن نسقى سوادا
ملأنا البطن رزاً بالحليب
وصارت قصة يُروى شذاها
على أسماعنا رغم الرقيب
ويضحك حين يرويها نبيل
ويذرف مسعد دمع النحيب
* * *
1/1/1422 ه
البداية
لو تعلمين
كوني كأنفاس الربيع الهادئة ..
كوني كزهرة ياسمين ..
يا أنت يا قدري المكين ..
لو تعلمين ..
كوني كأحلام الزمان الوادعة ..
كوني زنابق أضلعي ..
ضمأى إلى عبق السنين ..
كوني لأوردتي لهيبا من أوار ..
كوني جوادا جامحا ..
كوني رسولا .. أو شقاءً .. أو دوار .. !
كوني نوارس شاطئي ..
كوني كأشرعة الحنين ..
يا أنت يا حلم الحياة .. وهاجسي ..
يا أنت يا حدسي .. وتكويني الحزين ..
في داخلي .. في عمق شرياني ..
أراك .. وتهربين ..
كم لي أراك .. وكم لطيفك من مدار ..!
كوني كما شاء اللقاء .. ،
فلا اعتذار ..
كوني كأمسٍ ماثل اللحظات .. تمنحه السماء ..
كوني كصبح باسم ..
كوني لأيامي نهارْ ..!
قدري .. لأنيَّ مؤمنٌ ..
لا زلت أعشقها جهارْ ..
* * *
جدة 1415 ه
البداية
ميلاد أمة
الليل خلِّي والنجوم شواعري
والبدر مزدان لفرط مشاعري
والناس من حولي كأن قلوبهم
ورد تفتح في لقاء الشاعر
يا أيها الملأ الذين تحلقوا
حول الغريب تحلق المتازر
كفّوا البكاء فتلكمُ أحلامنا
تنمي عن الأمل القريب الناضر
وأقيموا في درب اللقاء مشاعلي
لتنير هاتيك الدروب لناظر
اليوم جئنا من شتات نفوسنا
وغدا سنبني المجد فوق محاجر
اليوم . . نعلن عن هوية أمة
كادت تبيد فلولا عزم القادر
اليوم أعلنا الوجود . . لأمة
أمل الشعوب ومنية المتحاور
لله . . درك أمة . . فياضة
نفديك بالأرواح أُسْدَ كواسر
نفديك من صلف العدو وغدره
نفديك من محن الزمان القاهر
نحن الأسود وأنت ظل عريننا
كل الولاء لرمز مجد الياسر
والقدس . . عاصمة الخلود لأمة
كانت على الأيام رمز الصابر
مسرى الرسول وملتقى أحبابه
رسل الإله ونعم حسن الناصر
* * *
نفديك بالأرواح رمز عروبتي
ليدوم للإسلام عزّ الغابر
قد كنت للإسلام قبلته التي
كانت ولا زالت عرين قساور
يا قدس يا أمل العطاء وملتقى
كل الشعوب لبائد وحواضر
دومي على مرّ العصور مصونة
من كيد أعدائي وحقد الغادر
يا أيها الشعب الكريم بطبعه
مُدُّوا الأيادي للبناء العامر
روّت دماء الصّيد في ثكناتها
خُضْر الروابي فانتشين لعاطر
ولنا رفاق في السجون وإنهم
عز على الماضي وفيض الخاطر
لن يستكينوا أو تلين قناتهم
كانوا دروعاً في اللقاء الثائر
لم ننسهم أبداً ونحن لنقسم
أن يطلق السجناء رغم الجائر
لم ننسهم ما دام قيدي قائماً
حول المعاصم والسجون مقابري
وليهنأ الشهداء يوم لقائهم
ربَّ الأنام بجنّة وحرائر
ضحوا بأرواح الفداء تطوعا
حتى تعود القدس حلم الحاضر
* * *
جدة 1420 ه
البداية
سامحيني
سامحيني .. غادتي الحسناء ..
إني أغرق ..
نزف ينز من المحاجر .. !
من شرايين أشجاري ..
دماء الحزن أشرعة ..
تبلل جبهتي ..
وأنا .. هناك ..
على رصيف العمر منتظر ..
وخيلي في بحار الوهم .. ،
حينا أحجمت ..
وعلى ضفاف القلب ..
حينا تحرق .. !
* * *
هاتي دواويني وكل دفاتري ..
ما عدت تعنيني ..
أعيديها .. !
وردّي مع دموع الفجر .. الحاني ..
وردّي لي أغاني الطهر التي ماتت ..
أماتت في تجاويفي ..
سنينٌا .. كنت أنسجها …
خيوطا من شغاف القلب ..
أرسمها لاهاتي ..
وأغسلها بدمع من حشاشاتي ..
وسوط الشوق يلهبني ..
ولكني .. نسيت الوعد …
يوم اغتلت في شفتي ..
بقايا من لقاءاتي ..
وتاهت في بحار الزيف أغنيتي ..
فبات الحب منتحرا ..
ومات العشق .. والوجد .. ،
ورغم بكائك الواهي ..
جعلت القلب أشرعة ..
ليبحر في بقايانا ..
وفي أعماق أوردتي ..
ويبحث في سديم العمر ..
عن أشلاء أحزاني ..
التي انتحرت ..
وبعتيها بأبخس ما يباع هواي ..
عند ربيع أزماني ..
سئمتك يا معذبتي .. !
سئمت زماننا الواهي ..
سئمت حنينك المخبوء ..
تحت نزيف أعماقي ..
سئمت خضوع أشواقي
سئمت الزيف والتسويف ..
عند ذريح حرماني ..
فكفّي يا معذبتي .. !
* * *
سأرحل مع رمال الشوق ..
محتسيا لهيب الهجر ..
أبحث في تجاويفي ..
أفتش في خبايا الوجد ..
تحت ركام أوردتي ..
وفي صحراء تكويني ..
عن اللائي تعذبني ..
وتسكن في شراييني .
* * *
جدة 1420
البداية
أتاني شبلكم
أتاني شبلكم في يوم سعد
فأعطيت الكتاب . . وكنت جذلا
تسلمت الكتاب وكنت أصبو
كما يصبو المحب . . هوى ونبلا
كتابا رادفا يروي نداكم
فكان خطابكم للقلب نهلا
تشاغلني الحياة عن القوافي
ففتق بيتكم في الوجد سيلا
منحتَ مودتي لطفا وحبّا
أضاءا خاطري صبحا وليلا
ويكفيني أبا الأفضال أنّي
إذا ضاق السبيل فكنت شُعلا
تنير جوانحي وتغيث نفسي
من الكرم الذي ماعزّ قبلا
وامل أن أنال رضى حبيب
أكن لحبه في القلب وصلا
* * *
وأبشر يا طويل العمر منِّي
إذا شاء الإله أجبت سُؤلا
ولطفك يا صديقي عن قصور
فإن خواطري أوجزن قولا
* * *
جدة 1242 ه
البداية
زمن الحزن
حزينة أنت كالسنين . . . !
كحزن عالمي التثقيل ..
كحزن ليلنا الطويل ..
كسنبل الحقول لحظة الأصيل …
كوردة الربيع في الصباح ..
كومضة الدماء في العروق ..
حزينة أنت كالدموع ..
حزينة كلمحة البروق ..
كالريح .. كالدمع .. كالعويل ..
حزينة أنت كالسنين ..
ما عدتِ تضحكين كالندى ..
أو ترقصين كالنسيم في الصَّبا ..
ما عدت تحلمين بالهوى ..
بالعشق كالشذى العليل …
ما عدت تمرحين كالفراش ..
حزينة كداخلي الحزين .. !
حزينة كقطعة الجليد …
تبعثرت من جديد ..
في جوف شريان الوجود ..
* * *
جدة 1412
البداية
غنت حروفي
غنت حروفي . . فهات الناي والوترا
فالورد والطير .. مع سمارنا جهرا
وللنسيم على وجنات عاشقتي
وشم تعرَّق .. فارتد الهوى خفرا
وفي الفؤاد شموع الوجد أشعلها
حبا وشوقا وعرفانا .. لمن حضرا
عشقي لنبلك عشق الطير أطربه
غصن تمايل . . في الأنداء واختضرا
وللصحاب الأولى في دربك انصهروا
نورا وفكرا وحبا عابقا عطرا
من عمق قلبي أناجيهم فيطربني
صوت المودة في أعماقهم وقرا
وهزَّني الشوق نشوانا بصحبتكم
أجدد العهد لا أعصي لكم أمرا
وما حضرت أودع معكمُ علما
بل التواصل جسر للذي عبرا
أنرتَ مع صحبك الأبرار أعيننا
علْما تضوَّع في الأرجاء وازدهرا
وصنت للنفس أخلاقا يعطرها
عبق الورود ففاض العطر وانتشرا
يا حادي الركب في ليل يبلله
ندى النسيم على الأوداج قد نُشرا
كم كنتُ أطمح في ليلات سامرنا
أن يعبق الشعر فيضا عاطرا نضرا
فأنشد الليل للسمار أغنية
وهل يودع نجم في الكرى قمرا
* * *
1418 ه
البداية
جنية من بلاد الغجر
سمعت يا رفاق ..
من جدتي العجوز …
في سالف الزمن ..
أسطورة السماءْ .. ،
وخالق الأمم ..
في ليلة قمراء ..
والبدر في سكون .. مسافر .. مهاجرٌ ..
ويحمل الهمومْ .. ويمضغ الألمْ ..
يضاجع النجومْ .. دونما خجلْ .. !
يساوم الأيام في ردهة المحن ..
رأيته يا رفاقْ ..
يراود الجوزاء .. !
يقول إنها ربيبة الغجر ..
* * *
وجدتي العجوز تقص في عجل …
أسطورة عجيبة .. كأنها الخيال ..
جنية الجبال .. جاءت بلادنا .. !
تحت أهداب الزوال ..
والناس صائمون ..
والبعض نائمون ..
والشمس في هدوء .. تداعب السماء ..
* * *
يا أيها الرفاق ..
تقول جدتي ..
جنية الغجر .. تبعث الضجر ..
في هدب جفنها جريمة الزنا .. !
والعشق .. والربا ..
تعاقر الخمور ..
تفوح من بعيد .. من جوف جوفها ..
روائح الدهاء ..
والمكر في العيون ..
والكيد والفجور ..
عجيبة يا رفاق جنية القبور ..
* * *
قي كل تينة .. في جزع نخلة ..
في نبت كرمة .. وحبة من طين ..
عششت في الجذور ..
تضاجع الرجال
وتنهب الرمال ..
وتسرق الغلال ..
وتنكر القدر ..
وتشهد النجوم ..
أنها عجوزْ .. ربيبة القمر .. !
* * *
1413 ه
البداية
صرخة الأقصى
تنوح حمائم الأقصى تنادى
وينزف دمعها في كل وادِ
وتهتز المنابر شاكيات
إلى الأحرار ما فعل العوادي
تنمَّر في النهار " بنو يهود "
ودنس نعلها طهر البلاد
وعاثوا في ربا الأقصى فساداً
وبالت خيلهم فوق الفؤاد
وأسمع بطشهم اذان قومي
ولكنْ لا حياة لمن تنادي
تدمَّرت البيوت ومات طفلي
وشُرِّدت النساء إلى الوهاد
تجرِّف أرضنا في كل يوم
وتقلع إن تشأ شجر القتاد
لها في كل اونة . . . طريق
وتغلق مسجدي مع كل ناد
وتفتك بالشباب . . ولا تبالي
أيغضب عَالَم أو لا يعادي
وتنهب في الظلام غلال قومي
وتحرق مهجتي فالظلم باد
وأي ظلامة من قتْل طفل
بريء النفس تسحقه الأيادي
وأي ظلامة أزرى بشعب
تضيء مساءه نار الزناد
وأي ظلامة يُسقى رواها
أشد من الحصار على العباد
* * *
فصبرا . . . يا ماذننا اللواتي
أخال لحزنها يبكي فؤادي
وصبرا . . يا كنائس بيت لحم
ويا كل المساجد في بلادي
فطوبى صرخة الأقصى وطوبى
لكل مناضل ماض العناد
وطوبى للجريح على وسام
سيبقى في الورى رمز الجلاد
* * *
جدة 1422 ه
البداية
تأوه النسيم
أخرجيها من الصدف المكنون … ،
من مخبئها ..
من حمأة الظنون .. ،
من تأوه النسيم تارة .. ،
ومن حدق العيون ..
أخرجيها حقول رمان ..
متى شئت .. ،
وأطياف أمان ..
لا تخافي ..
فأنا فارس أحلامك المجنون ..
أنت ..
يا من تحملين على الصدر ..
بنفسجات من ظنون ..
أخرجي اهة اللظى .. ،
من محجريها ..
أخرجيها من مسافات العصور ..
اعتقيها .. فإن في فك أسرها ..
إحياءها يوم النشور ..
إنها بعض التي أهوى ..
فهل بخلت عطاياك الزهور .. ؟
كيف تحجبين ما يشعل النور لقلبي .. ؟
كيف تحرمين النفس .. ،
من عبق الصدور .. ؟
كيف يقطف الرمان في وقدة القيظ .. ؟
أو تناله سطوة الجسور ..
لا .. لا تقولي :
إن أيامي الخوالي قد تولت ..
فأنا ما زلت فارسك الهصور ..
أخرجيها من بحرك اللجي ..
من هذى العيون .. من الحريق ..
من كل أبعادك اللاتي يعز رسومها ..
يا أنت يا كل البيادر والحقول ..
يا كل نخلات الأصيل ..
كم هزني شوقي إليك .. ،
وكم تمنيت الوصول ..
هل تقبليني فارسا ..
رغم انكسارات النصول .
* * *
جدة 1420 ه
البداية
أطياف العودة
اليوم ... ،
أسرجت خيلي .. عائدا ... ،
من أين .. ؟
من جوف المحن . . !
من بؤرة الظلمات .. ! ، والتشريد . . !
من عين الزمن . . !
اليوم ... ،
لملمت أشيائي ... لملمت أبنائي ... ،
وحزمت أمتعة الزمان بداخلي ...
وحملت أطياف الحزن ..!
وصررت أضلع أمتي .. وشددتها .. !
وشددتها على ظهري ...
على أكتاف أبنائي ... ،
وأحفادي حملناها ..
وعدنا يا رفاق الأمس ..
بعد البؤس ..
بعد الخوف ...
بعد الجوع والحرمان ...!
أقوى من جبال الوهم ..
أقوى من جليد الظلم ..
أقوى من ردى الأزمان ...!
أقسى يا رفاق الدرب ...
أقسى من عصا الجلاد ...
أعتى من لظى الأحقاد ...
أندى من رؤى الأمجاد .
ففي عمقي هوى بلدي ...
يطاردني ..
يلاحقني هوى وطني ..
يعذبني نُؤى الأجداد ..
دعوني أكمل التغريد ...
عصفورا على الشريان ...
على تينهْ ... على كرمهْ ...
على زيتونة صمدت مع الأزمان .
دعوني أكمل الإنشاد ...
عصفورا على " الحيطان " ..
وأمضى العمر محروما ...
ومسلوبا .. ومغصوبا ...
ومدفونا بلا أكفان ..!
هنا في السجن أجدادي ... ،
وأحفادي ..
هنا في الليل .. في داري ..
وفي كرمي ..
إلى الأشجار مشدودٌ ...
مع الأطفال ... والأيتامْ ...
مع الأحلام ... والأنسامْ ..
سنينا من زمان العمرِ ...
قد ضاعت مع الأيامْ ... !
هنا منفاي في صيدا ..
هنا بيروت تشكوني ..
وفي اليرموك ... في صبرا ..
وتل الزعتر الموءود ... في لبنان .. !
وفي عمان ...في الوحدات ..
في الشريان . .،
وفي " عتِّيل " بعض رفات إخواني ... ،
وأبنائي ... ، وأحفادي ..
زرعناها مع الزيتون ...
مع أوراق أحزاني ..
هنا في غزة الثوار ...
في حيفا .. ، وفي يافا ... ،
وفي قدسي التي انجرحت ...
تهوّم كل أطياري ..
لتبقى في عيون الليل ..
رغم الويلِ ...
رغم القهر والحرمان ..
ورغم شراسة السجان ..
ورغم القيد .. رغم السهد والتعذيب ... ،
رغم دناءة القرصان ..
لتبقى الشاهد الماثل ...
على حبي لكِ بلدي ..
وتجلو دمعة الأحزان .
أيا بلدي ... !
أيا رمز الشذى الفيحان ..
دعيني أكمل الألحان ...
في المنفى ..
وفي السجن ..
وعند عواصف الشطان ..
سئمت قساوة الأيام ..
سئمت الضيم والتشريد في المنفى ..
كرهت طلاوة الإحسان ..
وطفلي يائس مثلي ...
بلا مأوى ..
بلا وجه ...
بلا ثوب ... بلا وجدان .
تعشش في دواخله ..
ضراوة سطوة الإنسان ..!
أيا بلدي ...
لقد أسرجت راحلتي ..
وها أنذا ألملم حلمي الباقي ... ،
وبعضا من سنين العمر ..
قد حُفرت على وجهي ..!
سأحملها على راحي ...
على كتفي ..
وفي وجدان أبنائي ... ،
وأحفادي ..
لتدفن في ثرى الأجداد ...
إن شاؤوا ... ،
وإن رفضوا ...
لتدفن في عيون الأرض ...
رمز المجد ... رمز الخلد ...
رمز شموخي الباقي .
***
جدة 1420ه
البداية
إلى صديق
يا أيها الصحب الكرام تحية
أزجي بها في الأمسيات العاطرةْ
الليل يهمس باللقاء مرحِّبا
والغصن يرقص كالفتاة الماهرةْ
وصبا النسيم مع النجوم ملامسا
ومدغدغا هذي الوجوه الناضرةْ
وتدحرجت حُبَبُ الندى .. ريانة
تروي حكايا من سنين عابرةْ
ويحفنا نور الإله .. وفضله
ويظلنا مَلك السماء العامرةْ
جئنا نهنئ فارسا .. مترجلا
لا أن نودع .. ذكريات غابرةْ
وأرى الوفاء .. مع المحبة أقسما
أن يفرح الخلان ... بابن الزاهرةْ
لا تعجبوا إن قلت طلقني الخيا ل
وعشت فردا .. في حياة قاهرةْ
* * *
قد كنت أغزل من دموع العين
أنَّاتي وأحزان العجوز الخائرةْ
واليوم ملهمة القصيد تصدني
وتشيح عنّي في الليالي الداجرةْ
لكنني أشتاق للكلم .. الجميل
وهاج في الأعماق طيف الخاطِرةْ
لحظات أُنس حركت في داخلي
ذكرى سنينٍ .. كالثواني العابرةْ
* * *
هي في شغاف القلب وجد محرق
مخبوءة تحت القديم وحاضرةْ
فتفتق النوار ... من وحي الهوى
وورود عمري في المغاني الساهرةْ
والأقحوان مع السنونو . . راقص
طربا يغازل في وفاء سامرةْ
وأرى الكرى عن جفن عينيَ ينضوي
لِيَشعَ في الأحشاء صحوة مائرةْ
* * *
هي صحوة الاتي يحن لغابر
من فيضه تشفى النفوس الحائرةْ
هي صحوة البذل الجزيل وعزَّة
للمجد ملهمة الشباب القادرةْ
هي صحوة العلم الرفيع ... بنوره
تزهو العقول النيرات الزاهرةْ
يا سعد نجم ... من نجوم سمائنا
ألقى الأمانة للأيادي الطاهرةْ
* * *
وأرى أصيحابي الكرام تعاهدوا
أن يشعلوا درب الدياجي الغادرةْ
يسمو بهم شرف الكفاح ويزدهي
من نوره أمل الشباب الصابرةْ
أمل يلوح لأمة مهمومة
تشكو بنيها .. من حياة صاغرةْ
يا أمتي . . اهٍ لأمّة عزّنا
مهد الأولى صنعوا المعالي الفاخرةْ
* * *
يا أمتي ... طمع الغزاة بخيرنا
فتكالبوا كوحوش غاب كاسرةْ
هُبُّوا إلى دحر الدخيل فإنَّه
يصبو لتمزيق الأماني الزاخرةْ
ها نحن نحفل بالكريم وصحبه
أعطى وأجزل .. للعلوم النادرةْ
جئنا نهنيء جهبذا .. متوشحا
بعباءة العلم الرفيع النائرةْ
* * *
جئنا نكرِّم فارسا أوفى العطا
وبحاره بالعلم .. فيض زاخرةْ
فيض من الخلق الرفيع وعلمُهُ
وسع البلاد .. بكل فضل جاهرةْ
هو مشعل من نور فضلك عابقٌ
يَهدي الضمائر والقلوب النافرةْ
عتبي على صحبي الكرام فإنهم
تركوا كريما للظروف الجائرةْ
* * *
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
خلا وفيا .. والجوانح شاكرةْ
واليوم أشعر في قرارة خاطري
أن الذي قد كان .. أصبح نادرةْ
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيَة
بين الأحبة أو ولائم عامرةْ
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
كالقلب للرئتين .. ينبض هادرةْ
يا أيها الأجواد حسبيَ أنني
قد عشت عمري في الديار العامرةْ
* * *
استلهم الإيمان من عتباتها
ويظلني كرم الإله ونائرةْ
يا أيها الخل الوفيُّ .. تلطفا
قد كانت الألفاظ عنك .. لقاصرةْ
وكبا جواد الشعر يخذل همتي
ولربما خذل الجوادُ مناصِرَةْ
* * *
جدة 1418
البداية
شاعر الوجد
يا شاعر الوجد كم في الليل من وصب
وأنة . . في شغاف القلب .. تختنق
مع نجمة الليل . . تبكي العين في وله
وكم . . تغنت قلوب . . حين تحترق
وكم . . للمسة حبٍّ . . فيك أفزعها
صوت الوشاة وأنت الراحل .. . القلق
أبوح بالوجد . . قد جاءت تهدهدني
فمزق القلب . . . أنفاس . . لها عبق
* * *
من عطرها ترقص الأزهار في دلل
وتنشد الطير .. والأغصان تعتنق
أعلل النفس . . في ليل يؤرقني
أن التي رحلت يوما . . سترتفق !
عودي إلى عشّك الهادي . . . مغردة
عودي إليَّ يكاد القلب ينصعق
ولّت سنون الصِّبا . . تجري معاتبة
وخامر النفس . . في ليلاتها الأرق
* * *
البداية
انتفاضة الأقصى
وطني ..
فداؤك كل أبطال الحجارة . . . ؛
كل شبل في بلادي ..
كل أزهار النضارة ..
كل أم أنجبت أطفال مجدٍ .. ،
كل أم زغردت في فجر عيدٍ .. ،
كل أخت ودعت أملا بعهدٍ .. ،
كل شيخ مات في زمن الحقارة . . . !
كل غصن من غصون العمر . . ،
يشنق في الخميلة ..
كل جرح فاغر ..
في راس مئذنة عليلة ..
كل أجراس الكنائس ..
كل أبراج الماذن ..
غالها جند الرذيلة ..
كل طفل .. قصة الأبطال يرويها بحزنٍ ..
كل بيت هدّه حمق الحضارة .. !
كل أحلام الشباب تمزقت ..
وتبعثرت تحت الات الدمار ..
سرقوا بكارة أرضنا ..
داسوا على كنف الطهارة .. !
داسوا طهارة قدسنا ..
كشفوا القبيح من الوجوه اليائسه .. ،
داسوا على نور القيم ..
أين الأمم . . . ؟
أين أنتم يا رفاق الدرب . .
في زمن العدم .. ؟
أين الهمم . . . ؟
أين صيحات الشعوبِ ..
تثور في وجه المحن . . . ؟
أين الكرامة .. يا حماة القدس ..
في هذا الزمن . . ؟
أين هبات النضال ..
تحرر الأقصى الجريح .. ؟
وطني ينوح .. . !
شعبي ينوح . . !
أم تنوح . . !
طفل بريء .. غاله قزم قبيح ..
أين صرخات البطولةِ .. ،
والدفاع عن الحرم .. ؟
أين القيم .. ؟
تلك أنات الجريح ..
تنادي أصحاب الذمم ..
أين صيحات الجهاد ..
ترددت من كل فم .. ؟
أين عزمات النضال ..
تفجرت عن كل هم .. ؟
أين الألى ضجت بهم دنيا النقم .. ؟
أين الشهادة في سبيل القدس ..
يا خير الأمم .. ؟
أبناء غزة والخليل ..
تعانقوا مع بيت لحم ..
أبناء يافا والجليل ..
تلاحموا مع طول كرم ..
والقدس تحتضن الجنوب .. مع الشمال .. ،
تشد أزر المنتقم ..
في كل شبر من بلادي .. ثورة ..
في وجه جلاد السلام ..
في كل جزء من فؤادي ..
صرخةٌ .. رغم الحِمام ..
في كل جرح من جراحي …
وردة الزيتون تنمو .. !
رغم الات الدمار ..
مع كل فجر باسم ..
تمحى دياجير الظلام ..
مع كل أطفال الحجارة ...
نهدي للدنيا السلام .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
شبل الأبطال
قسما ..
يا بطلا يرفع رايات الثورةْ .. ،
قسما ..
يا طفلا يصنع بالحجر السجيلِ .. ،
نضالا في وجه القسوةْ ..
ينسج من غصن الزيتون المجتد من الأعماقْ .. ،
ينسج خيمه ..
يرسم معجزة الحاضرِ .. في زمن الجلادين . . . ،
ينقش في الصخر المتجلد أغنية النصرةْ ..
يصدع بالحجر المصقول ...
دروع القتلهْ ..
قسما ..
يا شبلا يهب القدس .. ،
براءة نخوهْ .. !
يمنح كل شباب العالم .. ،
أسمى شارات الصحوةْ ..
يروي كل غصون الزيتون
المتجذر في عمق كياني ..
يرفع رايات بلادي .. ،
فوق قباب الأقصى .. ،
يحضن أشلاء الأقصى .. ،
في ليلة عرسْ ..
قسما ..
يا شبلا كان العقدَ .. ،
وكان الدرهْ ..
كان الوهج الساطعَ .. ،
في درب العودةْ
قسما ..
يا درة أطفال العالم .. ،
في يوم النفرةْ ..
قسما .. قسما ..
رددها شعب الغضب الثائرِ .. ،
في وجه الكفرةْ ..!
قسما .. قسما ..
نقش الأطفال دماءك .. ،
في جوف الصخرةْ ..
يا بطلا يصرخ منتشيا .. ،
في حمأة قسوةْ ..
يا غصن الزيتزن الأخضر .. ،
يقصف في وهج الذروةْ ..
أقسم ..
لن ننسى يوم رحيلك .. ،
عن أرض الثورةْ ..
أقسم .. لن نرثيك .. ،
لأنك فوق الشعر .. ،
وفوق جبين الشمس المستعرةْ ..
أقسم ..
لن نقبل غير الثأرِِ ..،
فكل شباب الأرض فداءٌ .. ،
للنجم الدرةْ ..
فلتهنأ . .
يا شبل الأبطال .. بروض الجنةْ ..
وليهنأ . .
كل رفاق الثورةْ .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
لحظة الوداع
أحقا رحلت ولمَّا تقولي ..؟
وما كنت أرضى . . . بخل سواكِ
أحقا . . . أحقا تركت الحياة . . ؟
ولم تبلغي من سنيك . . . عُلاك
رحلتِ ولمَّا تقولي وداعا . . !
فأغدو البديل . . . وأمسي فداك . .
رحلت . . ولست أشك بأنّك ِ.. ،
في القلب نور . . . يشع سناك . . . !
متى تلتقيني . . ؟ فإنّي مَشُوق
إلى اللحد يوما . . . لعلّي . . . أراك
* * *
فلست أصدق منك الرحيل . . . !
وأن وجودك . . . ما يستطاع . . !
ولست أصدق ما يزعمون . . .
بأنّ التواصل . . . بات انقطاع . . !
ولست أصدق .. تلك الوساوس
تأكل روحي . . . وطلّ الضياع . . !
وإنّ المنية . . . تسلب خلّي . . . !
فبتُّ وحيدا . . . كسقط المتاع . ..
وما للقلوب . . . التي تعشقيها
سوى الذكريات . . فكان الوداع
* * *
فأقسم . . . أنّك أنتِ الحياة . . .
وأنّكِ موتي . . . ورمز الوجود
وأنّك في العين . . روض نضير . . .!
وأنّك في القلب . . وحي الخلود
وأنّكِ روحي . . . وبلسم جرحي ..
وأنّك إنْ شئت . . . فوق الحدود . .
وانّك يا من . . . عشقتكِ دهرا
أيرحل عنّي . . . كطفل عنيد
وتترك نفسيَ . . نهبا لنفسي . . !
وتترك عيني . . . لنزف الصديد
* * *
وأقسم .. . أنّكِ صومي . . يقينا
وأنّكِ دوما . . . صلاتي وطهري
واقسم أنّكِ حبّّي . . وكرهي
واقسم أنّك ِ قولي . . وجهري
وأقسم أنّكِ . . لن تخذليني . . !
وأنَّكِ عندي . . . ملاذي ونصري
وأنَّك روحي . . . حياة وموتا . . . !
وأنَّكِ للقلب . . . خصبي ونهري
وأنّك فيض اليقين . . . ونور . . . ،
ألوذ إليه . . فيشرح صدري . . !
* * *
وأقسم أنَّكِ مائي . . . وزادي
وأقسم أنَّكِ . . . أنتِ الرجاءْ
وأقسم أنَّكِ . . شمسي وبدري
وأقسم أنَّكِ . . . شمس السماء
وأقسم أنَّكِ . . . صبحي وليلي
وأقسم أنَّكِ . . . نور الضياء
وأقسم أنَّكِ . . . في القلب نبض
ووحي لشعري . . . ورمز الوفاء
سأنذر نفسي . . . وفاءً لودّك .. . !
مادمت حيَّا . . . وحسبي الدعاءْ
* * *
حوار مع الزمن
الإهداء
إلى ولديّ . . .
لؤي وزياد وكل صقور الانتفاضة
في الوطن الجريح فلسطين
أبوكم
د . مسعد زياد
البداية
حوار مع الزمن
زمني يا زمن الشرفاء الأحرار ..
زمن الثوار ..
زمن القهر .. ، ومحق الذات .. ،
المطمورة في جوف القار ..
زمن التاريخ المتعفن ..
في وهج النار ..
زمن الحمقى .. والبلهاء
زمن الزار ..
زمن الموتى .. والأقذار ..
زمن الداء المستشري فوق الأقدار ..
داء الفتك بزمن العار ..
زمن اللامحدود هناك ..
عبر وحول الزبد الممتد إلى الأغوار ..
* * *
زمني ..
يا زمنا مصلوبا مع نجمات الليل ..
ينزف عارا ..
يغتال عرائس أحلامي ..
ينزع مني أيامي ..
يسرق حبي ليل نهارْ ..
يحمل كل رفات الليل القاتل ..
في وحل السيل ..
يحزم أدران الحاضر .. ،
والماضي في نهر الويل
يقتل حتى الوهم القادم من رحم الطين ..
يفتك بالأحياء الموتى ..
يغتال حنين ..
هذا الزمن المقهور الميت .. منذ سنين
هذا الزمن المحروم المنهار .. ،
المتعفن كالتنين ..
يسلب .. يفتك .. يقتل ..
هذا الزمن المجنون ..
زمن الغدر الممتد بجوف الجوف ..
زمن الخوف ..
زمن المتعقب للشرفاء ..
زمن العسكر والعملاء ..
زمن الزيف ..
زمن التسويف .. ، وبيع الطهر ..
اها .. يا زمني المشدود على الأعواد ..
يا زمنا يُوأد فيه الخير ..
يكفي هراء ..
ماتت أيامي الحبلى بالأحلام ..
مات سلام ..
جاء سلام ..
والزمن الميت لا يحيى ..
رغم الأيام .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
غدا نلتقي
سأرحل يوما رفاق الدروب ..
يقولون إني غدا راحل .. !
سأحمل وجدي ..
أخبئ تحت الجفون دموعي ..
على كل كفٍّ سأنقش حُبّي …
سأرسم ذكرى لقاءاتنا ..
هنا .. مع شروق الشروق التقينا ..
هنا .. كنت أعزف شوقي ولحني ..
هناك … هنا ..
وفوق المقاعد ..
وفوق الورود .. وفوق السنا ..
وفي كل شبر زرعت حنيني ..
نثرت الأماني على كل درب ..
وفوق الضلوع نقشت الهنا ..
* * *
يقولون إنِّي غدا راحلُ .. !
سأرحل عنكم كِرامي .. وصحبي ..
سأترك يوما مغاني الهوى ..
سأرحل عنها .. دروب الهيام ..
عن الأمس .. يوم التقينا ..
سيحرق في القلب منّي النوى ..
سأرحل يوما .. ، وفي خاطري ..
تعمق جرح .. يحطم نفسي ..
يمزق منّي شرايين عهدي ..
يطوق روحي نداء غريب ..
ويملأ وجدي شعاع الوداع ..
يقولون إنّي سأرحل عنكم .. !
ولم يعلموا ..
بأن الرحيل هو القرب منكم ..
وفي عمق نفسي لقاء جديد ..
وحبّ مع الصبح أنّى وقفتم ..
ويرسم في النفس عهدا وليدْ ..
وأنّى خطوتم .. وأنّى جلستم .. وأنّى رحلتم ..
سيشرق رغم الرحيل الأصيلْ
فتلك الحياة .. لقاء وقرب ..،
وعيش هنيء .. وظل ظليل ..
وتلك الحياة .. فراق .. وبعدٌ ..
وأيام حزن .. ووجد وسهد .. ،
وليل طويل ..
ورغم الرحيل .. سأبقى لديكم …
صديقا صدوقا .. وخلاّ وفيا ..
ونجما مضيئا .. سأبقى لديكم ..
هنا .. ، أو هناك ..
سأنقش ذكرى لقاءاتنا ..
وفوق الدفاتر .. فوق المقاعد ..
في كل ركن يضم رفاتي …
سأترك يوما لكم ذكرياتي ..
على باقة من ورود الفؤاد
على ريشة من جناح النسيم ...
على هدب عينٍ .. تضم رؤاكم ..
فأحلم أني سأرحل عنكم … ،
وأطمح أنّا غدا نلتقي .
* * *
جدة 1413 ه
البداية
الدموع في ماقي الماذن
تبكي الماذن ما أنمى به الخبرُ
صبيحة الموت لا يغني له حذرُ
كم يحرص الناس في دنيا على أجل
والله يقضي. . إلى ما خبأ القدر
تهوى النفوس بقاء دائما أبدا
والموت يدرك من يخشى ويعتبر
أين المفر بني قومي وقد منيت
أرض القداسات بطشا طعمه قذِر
في كل اونة يغتال أمتنا
ويهلك الحرث والأحقاد تنتشر
في كل يوم يغالي في جرائمه
فيقتل الأمن والأزهار تنتحر
في كل يوم له أطفالنا قربى
في كل يوم له أشبالنا سُعُر
* * *
في كل حين له أرض يحرّقها
ومنزل ها هنا للهدم ينتظر
واليوم ننعى إلى شعبي وأمته
في المشرقين الذي أفضى به الخبر
مات الحسيني ما ماتت ماثره
هو الشهيد سيبقى الفخر ما فخروا
ابن الشهيد ورمز المجد في وطن
في القدس نور وفي أرواحنا أثر
* * *
هو المناضل ما دامت لنا مهج
هو المجاهد ما يحدو بنا غِير
غالت نداءك في رأد الضحى جهرا
عصابة الغدر والتشريد كم غدروا
يا ابن الحسيني يا ابن القدس من حسب
أكرم به نسبا للقدس ينتصر
خضت النضال ولا ترجو له ثمنا
غير الكفاح وهذا القيد ينكسر
* * *
كنت المناضل لا تخشى لشرذمة
من اليهود نكالا حين تأتسر
كنت المناضل لا تسعى إلى أمل
غير البيارق فوق القدس تنتشر
يبكيك شعبك في الأقصى ويردفه
نوح الحمائم أدمى جفنها السهر
تبكي عليك ربوع الشرق قاطبة
فالنيل ينحب واليرموك يعتصر
* * *
وفي الشام نساء خلت أثكلها
فقْد الشهيد وتبكي سيفها مضر
والصبح مكتئب من هول فاجعة
والبحر محزون والشمس والقمر
ابشر فداؤك شعب ثار منتفضا
لن يوقف الزحف أو تُحنى له ظُهًر
وانعم حسيني بالجنات منتصرا
فياسر الشعب لم تهدأ له عُصُر
* * *
قد عاهدوك ونعم العهد ما برموا
حتى يحرر بيت المقدس الظُفُر
وتنجلي غيمة " الصهيون " عن وطن
يأبى الركوع وخيل الظلم تندحر
سقى الإله رياضا أنت ساكنها
فالطل مُغدقها والنبع والمطر
* * *
جدة 1422 ه
البداية
كلمات من بقايا العمر
وكبرت يا زمن الزمن …!
ما عدت تزهو في شرايين الدنا
وغدوت ذكرى للسنين ..
ذكرى جراحات الوطن …
ما عدت تزهو مغردا . . .
كالطير طوّقه الحنين ..
كفراشة تاهت بأحضان الورود ..
ما عدت تجري معربدا …
كالنهر يا زمن الوجود ..
ما عدت تجري يا زمان العمر ..
في جوف المدى …
ما عدت تضحك في ربيع الوجد …
يا زمنا يكبل قامتي ..
ما عدت زنبقة يداعبها الشباب ..
يقبل ثغرَها شهدُ الندى . .
كالبسمة النشوانة الحرَّى ..
ويقتلها الصدى ..
كالريح كالإعصار .. ما عدت يا زمنا ..
كالنهر يا زمن الوجود ..
وكبرت يا زمن الزمن … !
وتجعدت وجنات وجهك كالزمن ..
وعلى جبينك هيكل الأيام تحفره المحن ..
وتغيرت كل الملامح …
ما عدت تضحك كالطفولة بين أحضان الجليد ..
ما كنت تولد من جديد ..
ضاعت تراتيل الحزانى .. والثكالى ..
في تجاويف الظلام ..
حتى نهارك لم يعد ذاك النهار ..
ما عاد بشرى للصغار .. كأنهم في يوم عيد .
ما عدت تشرق بالأمل ..
ما عدت تضحك في وجوه الناس …
يعلوها الركام ..
يا أيها الزمن العنيدُ .. .
قتلت في القلب السلام ..
يا أنت يا زمن الزمان المرتقب …
كانت لنا ذكرى سنينٍ لم تزل ..
أسطورة .. تروي حكايات الحنين إلى الوطن ..
تروي المحن ..
تروي ملامح عشقنا …
تروي حكاية غربتي ..
تروي على مرِّ السنين ..
أنشودة الأطفال مزقها الضياع ..
وبقايا خيمة جدتي ..
ولفافة الشيخ الحزين ..
* * *
ووهنت يا زمن الكابة .. والحزَن …
وغدوت تجتر الملالة والوسن …
وتنوء من ثقل الحياة وزيفها ..
تبكي .. تنوح مع الطيور النائحةْ ..
يا أيها الزمن المشرد مثلنا ..
بددت كل الأمنيات ..
ضاعت ليالينا سدى ..
باتت كأفراخ الطيور التائهة …
تروي أساطير الزنابق .. في الجبال الشاهقة ..
تروي حكاية سندباد الأرضِ .. ،
يمخر عبر شريان المدى .. .
ويجوب ردهات السنين …
يا أيها الزمن الحزين …
إنّي أشاطرك العذاب ..
إني أشاطرك الحنينْ ..
يا أيها الزمن الحزين .. !
* * *
جدة 1421
البداية
" رز بالحليب "
أيضحك دَحْرَج في ليل أنس
على الرز المُطعّم بالحليب
وهذي قصة حدثت قريبا
تضم ثلاثة في بيت طيب
أخوكم مسعد أمسى نديما
لطالب سالم عما قريب
وزادهما المدحرج خير صحب
فكان الجمع في عقد رحيب
تسامر بعضهم والبعض يهوى
قراءة صفحة لابن الخطيب
ودارت نكتة في تلو أخرى
ترنح من تفكهها العجيب
رؤوس أحبتي في ليل أنس
وأكواب تدار على القلوب
وكنا قبل أن نسقى سوادا
ملأنا البطن رزاً بالحليب
وصارت قصة يُروى شذاها
على أسماعنا رغم الرقيب
ويضحك حين يرويها نبيل
ويذرف مسعد دمع النحيب
* * *
1/1/1422 ه
البداية
لو تعلمين
كوني كأنفاس الربيع الهادئة ..
كوني كزهرة ياسمين ..
يا أنت يا قدري المكين ..
لو تعلمين ..
كوني كأحلام الزمان الوادعة ..
كوني زنابق أضلعي ..
ضمأى إلى عبق السنين ..
كوني لأوردتي لهيبا من أوار ..
كوني جوادا جامحا ..
كوني رسولا .. أو شقاءً .. أو دوار .. !
كوني نوارس شاطئي ..
كوني كأشرعة الحنين ..
يا أنت يا حلم الحياة .. وهاجسي ..
يا أنت يا حدسي .. وتكويني الحزين ..
في داخلي .. في عمق شرياني ..
أراك .. وتهربين ..
كم لي أراك .. وكم لطيفك من مدار ..!
كوني كما شاء اللقاء .. ،
فلا اعتذار ..
كوني كأمسٍ ماثل اللحظات .. تمنحه السماء ..
كوني كصبح باسم ..
كوني لأيامي نهارْ ..!
قدري .. لأنيَّ مؤمنٌ ..
لا زلت أعشقها جهارْ ..
* * *
جدة 1415 ه
البداية
ميلاد أمة
الليل خلِّي والنجوم شواعري
والبدر مزدان لفرط مشاعري
والناس من حولي كأن قلوبهم
ورد تفتح في لقاء الشاعر
يا أيها الملأ الذين تحلقوا
حول الغريب تحلق المتازر
كفّوا البكاء فتلكمُ أحلامنا
تنمي عن الأمل القريب الناضر
وأقيموا في درب اللقاء مشاعلي
لتنير هاتيك الدروب لناظر
اليوم جئنا من شتات نفوسنا
وغدا سنبني المجد فوق محاجر
اليوم . . نعلن عن هوية أمة
كادت تبيد فلولا عزم القادر
اليوم أعلنا الوجود . . لأمة
أمل الشعوب ومنية المتحاور
لله . . درك أمة . . فياضة
نفديك بالأرواح أُسْدَ كواسر
نفديك من صلف العدو وغدره
نفديك من محن الزمان القاهر
نحن الأسود وأنت ظل عريننا
كل الولاء لرمز مجد الياسر
والقدس . . عاصمة الخلود لأمة
كانت على الأيام رمز الصابر
مسرى الرسول وملتقى أحبابه
رسل الإله ونعم حسن الناصر
* * *
نفديك بالأرواح رمز عروبتي
ليدوم للإسلام عزّ الغابر
قد كنت للإسلام قبلته التي
كانت ولا زالت عرين قساور
يا قدس يا أمل العطاء وملتقى
كل الشعوب لبائد وحواضر
دومي على مرّ العصور مصونة
من كيد أعدائي وحقد الغادر
يا أيها الشعب الكريم بطبعه
مُدُّوا الأيادي للبناء العامر
روّت دماء الصّيد في ثكناتها
خُضْر الروابي فانتشين لعاطر
ولنا رفاق في السجون وإنهم
عز على الماضي وفيض الخاطر
لن يستكينوا أو تلين قناتهم
كانوا دروعاً في اللقاء الثائر
لم ننسهم أبداً ونحن لنقسم
أن يطلق السجناء رغم الجائر
لم ننسهم ما دام قيدي قائماً
حول المعاصم والسجون مقابري
وليهنأ الشهداء يوم لقائهم
ربَّ الأنام بجنّة وحرائر
ضحوا بأرواح الفداء تطوعا
حتى تعود القدس حلم الحاضر
* * *
جدة 1420 ه
البداية
سامحيني
سامحيني .. غادتي الحسناء ..
إني أغرق ..
نزف ينز من المحاجر .. !
من شرايين أشجاري ..
دماء الحزن أشرعة ..
تبلل جبهتي ..
وأنا .. هناك ..
على رصيف العمر منتظر ..
وخيلي في بحار الوهم .. ،
حينا أحجمت ..
وعلى ضفاف القلب ..
حينا تحرق .. !
* * *
هاتي دواويني وكل دفاتري ..
ما عدت تعنيني ..
أعيديها .. !
وردّي مع دموع الفجر .. الحاني ..
وردّي لي أغاني الطهر التي ماتت ..
أماتت في تجاويفي ..
سنينٌا .. كنت أنسجها …
خيوطا من شغاف القلب ..
أرسمها لاهاتي ..
وأغسلها بدمع من حشاشاتي ..
وسوط الشوق يلهبني ..
ولكني .. نسيت الوعد …
يوم اغتلت في شفتي ..
بقايا من لقاءاتي ..
وتاهت في بحار الزيف أغنيتي ..
فبات الحب منتحرا ..
ومات العشق .. والوجد .. ،
ورغم بكائك الواهي ..
جعلت القلب أشرعة ..
ليبحر في بقايانا ..
وفي أعماق أوردتي ..
ويبحث في سديم العمر ..
عن أشلاء أحزاني ..
التي انتحرت ..
وبعتيها بأبخس ما يباع هواي ..
عند ربيع أزماني ..
سئمتك يا معذبتي .. !
سئمت زماننا الواهي ..
سئمت حنينك المخبوء ..
تحت نزيف أعماقي ..
سئمت خضوع أشواقي
سئمت الزيف والتسويف ..
عند ذريح حرماني ..
فكفّي يا معذبتي .. !
* * *
سأرحل مع رمال الشوق ..
محتسيا لهيب الهجر ..
أبحث في تجاويفي ..
أفتش في خبايا الوجد ..
تحت ركام أوردتي ..
وفي صحراء تكويني ..
عن اللائي تعذبني ..
وتسكن في شراييني .
* * *
جدة 1420
البداية
أتاني شبلكم
أتاني شبلكم في يوم سعد
فأعطيت الكتاب . . وكنت جذلا
تسلمت الكتاب وكنت أصبو
كما يصبو المحب . . هوى ونبلا
كتابا رادفا يروي نداكم
فكان خطابكم للقلب نهلا
تشاغلني الحياة عن القوافي
ففتق بيتكم في الوجد سيلا
منحتَ مودتي لطفا وحبّا
أضاءا خاطري صبحا وليلا
ويكفيني أبا الأفضال أنّي
إذا ضاق السبيل فكنت شُعلا
تنير جوانحي وتغيث نفسي
من الكرم الذي ماعزّ قبلا
وامل أن أنال رضى حبيب
أكن لحبه في القلب وصلا
* * *
وأبشر يا طويل العمر منِّي
إذا شاء الإله أجبت سُؤلا
ولطفك يا صديقي عن قصور
فإن خواطري أوجزن قولا
* * *
جدة 1242 ه
البداية
زمن الحزن
حزينة أنت كالسنين . . . !
كحزن عالمي التثقيل ..
كحزن ليلنا الطويل ..
كسنبل الحقول لحظة الأصيل …
كوردة الربيع في الصباح ..
كومضة الدماء في العروق ..
حزينة أنت كالدموع ..
حزينة كلمحة البروق ..
كالريح .. كالدمع .. كالعويل ..
حزينة أنت كالسنين ..
ما عدتِ تضحكين كالندى ..
أو ترقصين كالنسيم في الصَّبا ..
ما عدت تحلمين بالهوى ..
بالعشق كالشذى العليل …
ما عدت تمرحين كالفراش ..
حزينة كداخلي الحزين .. !
حزينة كقطعة الجليد …
تبعثرت من جديد ..
في جوف شريان الوجود ..
* * *
جدة 1412
البداية
غنت حروفي
غنت حروفي . . فهات الناي والوترا
فالورد والطير .. مع سمارنا جهرا
وللنسيم على وجنات عاشقتي
وشم تعرَّق .. فارتد الهوى خفرا
وفي الفؤاد شموع الوجد أشعلها
حبا وشوقا وعرفانا .. لمن حضرا
عشقي لنبلك عشق الطير أطربه
غصن تمايل . . في الأنداء واختضرا
وللصحاب الأولى في دربك انصهروا
نورا وفكرا وحبا عابقا عطرا
من عمق قلبي أناجيهم فيطربني
صوت المودة في أعماقهم وقرا
وهزَّني الشوق نشوانا بصحبتكم
أجدد العهد لا أعصي لكم أمرا
وما حضرت أودع معكمُ علما
بل التواصل جسر للذي عبرا
أنرتَ مع صحبك الأبرار أعيننا
علْما تضوَّع في الأرجاء وازدهرا
وصنت للنفس أخلاقا يعطرها
عبق الورود ففاض العطر وانتشرا
يا حادي الركب في ليل يبلله
ندى النسيم على الأوداج قد نُشرا
كم كنتُ أطمح في ليلات سامرنا
أن يعبق الشعر فيضا عاطرا نضرا
فأنشد الليل للسمار أغنية
وهل يودع نجم في الكرى قمرا
* * *
1418 ه
البداية
جنية من بلاد الغجر
سمعت يا رفاق ..
من جدتي العجوز …
في سالف الزمن ..
أسطورة السماءْ .. ،
وخالق الأمم ..
في ليلة قمراء ..
والبدر في سكون .. مسافر .. مهاجرٌ ..
ويحمل الهمومْ .. ويمضغ الألمْ ..
يضاجع النجومْ .. دونما خجلْ .. !
يساوم الأيام في ردهة المحن ..
رأيته يا رفاقْ ..
يراود الجوزاء .. !
يقول إنها ربيبة الغجر ..
* * *
وجدتي العجوز تقص في عجل …
أسطورة عجيبة .. كأنها الخيال ..
جنية الجبال .. جاءت بلادنا .. !
تحت أهداب الزوال ..
والناس صائمون ..
والبعض نائمون ..
والشمس في هدوء .. تداعب السماء ..
* * *
يا أيها الرفاق ..
تقول جدتي ..
جنية الغجر .. تبعث الضجر ..
في هدب جفنها جريمة الزنا .. !
والعشق .. والربا ..
تعاقر الخمور ..
تفوح من بعيد .. من جوف جوفها ..
روائح الدهاء ..
والمكر في العيون ..
والكيد والفجور ..
عجيبة يا رفاق جنية القبور ..
* * *
قي كل تينة .. في جزع نخلة ..
في نبت كرمة .. وحبة من طين ..
عششت في الجذور ..
تضاجع الرجال
وتنهب الرمال ..
وتسرق الغلال ..
وتنكر القدر ..
وتشهد النجوم ..
أنها عجوزْ .. ربيبة القمر .. !
* * *
1413 ه
البداية
صرخة الأقصى
تنوح حمائم الأقصى تنادى
وينزف دمعها في كل وادِ
وتهتز المنابر شاكيات
إلى الأحرار ما فعل العوادي
تنمَّر في النهار " بنو يهود "
ودنس نعلها طهر البلاد
وعاثوا في ربا الأقصى فساداً
وبالت خيلهم فوق الفؤاد
وأسمع بطشهم اذان قومي
ولكنْ لا حياة لمن تنادي
تدمَّرت البيوت ومات طفلي
وشُرِّدت النساء إلى الوهاد
تجرِّف أرضنا في كل يوم
وتقلع إن تشأ شجر القتاد
لها في كل اونة . . . طريق
وتغلق مسجدي مع كل ناد
وتفتك بالشباب . . ولا تبالي
أيغضب عَالَم أو لا يعادي
وتنهب في الظلام غلال قومي
وتحرق مهجتي فالظلم باد
وأي ظلامة من قتْل طفل
بريء النفس تسحقه الأيادي
وأي ظلامة أزرى بشعب
تضيء مساءه نار الزناد
وأي ظلامة يُسقى رواها
أشد من الحصار على العباد
* * *
فصبرا . . . يا ماذننا اللواتي
أخال لحزنها يبكي فؤادي
وصبرا . . يا كنائس بيت لحم
ويا كل المساجد في بلادي
فطوبى صرخة الأقصى وطوبى
لكل مناضل ماض العناد
وطوبى للجريح على وسام
سيبقى في الورى رمز الجلاد
* * *
جدة 1422 ه
البداية
تأوه النسيم
أخرجيها من الصدف المكنون … ،
من مخبئها ..
من حمأة الظنون .. ،
من تأوه النسيم تارة .. ،
ومن حدق العيون ..
أخرجيها حقول رمان ..
متى شئت .. ،
وأطياف أمان ..
لا تخافي ..
فأنا فارس أحلامك المجنون ..
أنت ..
يا من تحملين على الصدر ..
بنفسجات من ظنون ..
أخرجي اهة اللظى .. ،
من محجريها ..
أخرجيها من مسافات العصور ..
اعتقيها .. فإن في فك أسرها ..
إحياءها يوم النشور ..
إنها بعض التي أهوى ..
فهل بخلت عطاياك الزهور .. ؟
كيف تحجبين ما يشعل النور لقلبي .. ؟
كيف تحرمين النفس .. ،
من عبق الصدور .. ؟
كيف يقطف الرمان في وقدة القيظ .. ؟
أو تناله سطوة الجسور ..
لا .. لا تقولي :
إن أيامي الخوالي قد تولت ..
فأنا ما زلت فارسك الهصور ..
أخرجيها من بحرك اللجي ..
من هذى العيون .. من الحريق ..
من كل أبعادك اللاتي يعز رسومها ..
يا أنت يا كل البيادر والحقول ..
يا كل نخلات الأصيل ..
كم هزني شوقي إليك .. ،
وكم تمنيت الوصول ..
هل تقبليني فارسا ..
رغم انكسارات النصول .
* * *
جدة 1420 ه
البداية
أطياف العودة
اليوم ... ،
أسرجت خيلي .. عائدا ... ،
من أين .. ؟
من جوف المحن . . !
من بؤرة الظلمات .. ! ، والتشريد . . !
من عين الزمن . . !
اليوم ... ،
لملمت أشيائي ... لملمت أبنائي ... ،
وحزمت أمتعة الزمان بداخلي ...
وحملت أطياف الحزن ..!
وصررت أضلع أمتي .. وشددتها .. !
وشددتها على ظهري ...
على أكتاف أبنائي ... ،
وأحفادي حملناها ..
وعدنا يا رفاق الأمس ..
بعد البؤس ..
بعد الخوف ...
بعد الجوع والحرمان ...!
أقوى من جبال الوهم ..
أقوى من جليد الظلم ..
أقوى من ردى الأزمان ...!
أقسى يا رفاق الدرب ...
أقسى من عصا الجلاد ...
أعتى من لظى الأحقاد ...
أندى من رؤى الأمجاد .
ففي عمقي هوى بلدي ...
يطاردني ..
يلاحقني هوى وطني ..
يعذبني نُؤى الأجداد ..
دعوني أكمل التغريد ...
عصفورا على الشريان ...
على تينهْ ... على كرمهْ ...
على زيتونة صمدت مع الأزمان .
دعوني أكمل الإنشاد ...
عصفورا على " الحيطان " ..
وأمضى العمر محروما ...
ومسلوبا .. ومغصوبا ...
ومدفونا بلا أكفان ..!
هنا في السجن أجدادي ... ،
وأحفادي ..
هنا في الليل .. في داري ..
وفي كرمي ..
إلى الأشجار مشدودٌ ...
مع الأطفال ... والأيتامْ ...
مع الأحلام ... والأنسامْ ..
سنينا من زمان العمرِ ...
قد ضاعت مع الأيامْ ... !
هنا منفاي في صيدا ..
هنا بيروت تشكوني ..
وفي اليرموك ... في صبرا ..
وتل الزعتر الموءود ... في لبنان .. !
وفي عمان ...في الوحدات ..
في الشريان . .،
وفي " عتِّيل " بعض رفات إخواني ... ،
وأبنائي ... ، وأحفادي ..
زرعناها مع الزيتون ...
مع أوراق أحزاني ..
هنا في غزة الثوار ...
في حيفا .. ، وفي يافا ... ،
وفي قدسي التي انجرحت ...
تهوّم كل أطياري ..
لتبقى في عيون الليل ..
رغم الويلِ ...
رغم القهر والحرمان ..
ورغم شراسة السجان ..
ورغم القيد .. رغم السهد والتعذيب ... ،
رغم دناءة القرصان ..
لتبقى الشاهد الماثل ...
على حبي لكِ بلدي ..
وتجلو دمعة الأحزان .
أيا بلدي ... !
أيا رمز الشذى الفيحان ..
دعيني أكمل الألحان ...
في المنفى ..
وفي السجن ..
وعند عواصف الشطان ..
سئمت قساوة الأيام ..
سئمت الضيم والتشريد في المنفى ..
كرهت طلاوة الإحسان ..
وطفلي يائس مثلي ...
بلا مأوى ..
بلا وجه ...
بلا ثوب ... بلا وجدان .
تعشش في دواخله ..
ضراوة سطوة الإنسان ..!
أيا بلدي ...
لقد أسرجت راحلتي ..
وها أنذا ألملم حلمي الباقي ... ،
وبعضا من سنين العمر ..
قد حُفرت على وجهي ..!
سأحملها على راحي ...
على كتفي ..
وفي وجدان أبنائي ... ،
وأحفادي ..
لتدفن في ثرى الأجداد ...
إن شاؤوا ... ،
وإن رفضوا ...
لتدفن في عيون الأرض ...
رمز المجد ... رمز الخلد ...
رمز شموخي الباقي .
***
جدة 1420ه
البداية
إلى صديق
يا أيها الصحب الكرام تحية
أزجي بها في الأمسيات العاطرةْ
الليل يهمس باللقاء مرحِّبا
والغصن يرقص كالفتاة الماهرةْ
وصبا النسيم مع النجوم ملامسا
ومدغدغا هذي الوجوه الناضرةْ
وتدحرجت حُبَبُ الندى .. ريانة
تروي حكايا من سنين عابرةْ
ويحفنا نور الإله .. وفضله
ويظلنا مَلك السماء العامرةْ
جئنا نهنئ فارسا .. مترجلا
لا أن نودع .. ذكريات غابرةْ
وأرى الوفاء .. مع المحبة أقسما
أن يفرح الخلان ... بابن الزاهرةْ
لا تعجبوا إن قلت طلقني الخيا ل
وعشت فردا .. في حياة قاهرةْ
* * *
قد كنت أغزل من دموع العين
أنَّاتي وأحزان العجوز الخائرةْ
واليوم ملهمة القصيد تصدني
وتشيح عنّي في الليالي الداجرةْ
لكنني أشتاق للكلم .. الجميل
وهاج في الأعماق طيف الخاطِرةْ
لحظات أُنس حركت في داخلي
ذكرى سنينٍ .. كالثواني العابرةْ
* * *
هي في شغاف القلب وجد محرق
مخبوءة تحت القديم وحاضرةْ
فتفتق النوار ... من وحي الهوى
وورود عمري في المغاني الساهرةْ
والأقحوان مع السنونو . . راقص
طربا يغازل في وفاء سامرةْ
وأرى الكرى عن جفن عينيَ ينضوي
لِيَشعَ في الأحشاء صحوة مائرةْ
* * *
هي صحوة الاتي يحن لغابر
من فيضه تشفى النفوس الحائرةْ
هي صحوة البذل الجزيل وعزَّة
للمجد ملهمة الشباب القادرةْ
هي صحوة العلم الرفيع ... بنوره
تزهو العقول النيرات الزاهرةْ
يا سعد نجم ... من نجوم سمائنا
ألقى الأمانة للأيادي الطاهرةْ
* * *
وأرى أصيحابي الكرام تعاهدوا
أن يشعلوا درب الدياجي الغادرةْ
يسمو بهم شرف الكفاح ويزدهي
من نوره أمل الشباب الصابرةْ
أمل يلوح لأمة مهمومة
تشكو بنيها .. من حياة صاغرةْ
يا أمتي . . اهٍ لأمّة عزّنا
مهد الأولى صنعوا المعالي الفاخرةْ
* * *
يا أمتي ... طمع الغزاة بخيرنا
فتكالبوا كوحوش غاب كاسرةْ
هُبُّوا إلى دحر الدخيل فإنَّه
يصبو لتمزيق الأماني الزاخرةْ
ها نحن نحفل بالكريم وصحبه
أعطى وأجزل .. للعلوم النادرةْ
جئنا نهنيء جهبذا .. متوشحا
بعباءة العلم الرفيع النائرةْ
* * *
جئنا نكرِّم فارسا أوفى العطا
وبحاره بالعلم .. فيض زاخرةْ
فيض من الخلق الرفيع وعلمُهُ
وسع البلاد .. بكل فضل جاهرةْ
هو مشعل من نور فضلك عابقٌ
يَهدي الضمائر والقلوب النافرةْ
عتبي على صحبي الكرام فإنهم
تركوا كريما للظروف الجائرةْ
* * *
قد كنت دوما حين يجمعنا الندى
خلا وفيا .. والجوانح شاكرةْ
واليوم أشعر في قرارة خاطري
أن الذي قد كان .. أصبح نادرةْ
لا تحسبوا أن الصداقة لقْيَة
بين الأحبة أو ولائم عامرةْ
إنَّ الصداقة أن تكون من الهوى
كالقلب للرئتين .. ينبض هادرةْ
يا أيها الأجواد حسبيَ أنني
قد عشت عمري في الديار العامرةْ
* * *
استلهم الإيمان من عتباتها
ويظلني كرم الإله ونائرةْ
يا أيها الخل الوفيُّ .. تلطفا
قد كانت الألفاظ عنك .. لقاصرةْ
وكبا جواد الشعر يخذل همتي
ولربما خذل الجوادُ مناصِرَةْ
* * *
جدة 1418
البداية
شاعر الوجد
يا شاعر الوجد كم في الليل من وصب
وأنة . . في شغاف القلب .. تختنق
مع نجمة الليل . . تبكي العين في وله
وكم . . تغنت قلوب . . حين تحترق
وكم . . للمسة حبٍّ . . فيك أفزعها
صوت الوشاة وأنت الراحل .. . القلق
أبوح بالوجد . . قد جاءت تهدهدني
فمزق القلب . . . أنفاس . . لها عبق
* * *
من عطرها ترقص الأزهار في دلل
وتنشد الطير .. والأغصان تعتنق
أعلل النفس . . في ليل يؤرقني
أن التي رحلت يوما . . سترتفق !
عودي إلى عشّك الهادي . . . مغردة
عودي إليَّ يكاد القلب ينصعق
ولّت سنون الصِّبا . . تجري معاتبة
وخامر النفس . . في ليلاتها الأرق
* * *
البداية
انتفاضة الأقصى
وطني ..
فداؤك كل أبطال الحجارة . . . ؛
كل شبل في بلادي ..
كل أزهار النضارة ..
كل أم أنجبت أطفال مجدٍ .. ،
كل أم زغردت في فجر عيدٍ .. ،
كل أخت ودعت أملا بعهدٍ .. ،
كل شيخ مات في زمن الحقارة . . . !
كل غصن من غصون العمر . . ،
يشنق في الخميلة ..
كل جرح فاغر ..
في راس مئذنة عليلة ..
كل أجراس الكنائس ..
كل أبراج الماذن ..
غالها جند الرذيلة ..
كل طفل .. قصة الأبطال يرويها بحزنٍ ..
كل بيت هدّه حمق الحضارة .. !
كل أحلام الشباب تمزقت ..
وتبعثرت تحت الات الدمار ..
سرقوا بكارة أرضنا ..
داسوا على كنف الطهارة .. !
داسوا طهارة قدسنا ..
كشفوا القبيح من الوجوه اليائسه .. ،
داسوا على نور القيم ..
أين الأمم . . . ؟
أين أنتم يا رفاق الدرب . .
في زمن العدم .. ؟
أين الهمم . . . ؟
أين صيحات الشعوبِ ..
تثور في وجه المحن . . . ؟
أين الكرامة .. يا حماة القدس ..
في هذا الزمن . . ؟
أين هبات النضال ..
تحرر الأقصى الجريح .. ؟
وطني ينوح .. . !
شعبي ينوح . . !
أم تنوح . . !
طفل بريء .. غاله قزم قبيح ..
أين صرخات البطولةِ .. ،
والدفاع عن الحرم .. ؟
أين القيم .. ؟
تلك أنات الجريح ..
تنادي أصحاب الذمم ..
أين صيحات الجهاد ..
ترددت من كل فم .. ؟
أين عزمات النضال ..
تفجرت عن كل هم .. ؟
أين الألى ضجت بهم دنيا النقم .. ؟
أين الشهادة في سبيل القدس ..
يا خير الأمم .. ؟
أبناء غزة والخليل ..
تعانقوا مع بيت لحم ..
أبناء يافا والجليل ..
تلاحموا مع طول كرم ..
والقدس تحتضن الجنوب .. مع الشمال .. ،
تشد أزر المنتقم ..
في كل شبر من بلادي .. ثورة ..
في وجه جلاد السلام ..
في كل جزء من فؤادي ..
صرخةٌ .. رغم الحِمام ..
في كل جرح من جراحي …
وردة الزيتون تنمو .. !
رغم الات الدمار ..
مع كل فجر باسم ..
تمحى دياجير الظلام ..
مع كل أطفال الحجارة ...
نهدي للدنيا السلام .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
شبل الأبطال
قسما ..
يا بطلا يرفع رايات الثورةْ .. ،
قسما ..
يا طفلا يصنع بالحجر السجيلِ .. ،
نضالا في وجه القسوةْ ..
ينسج من غصن الزيتون المجتد من الأعماقْ .. ،
ينسج خيمه ..
يرسم معجزة الحاضرِ .. في زمن الجلادين . . . ،
ينقش في الصخر المتجلد أغنية النصرةْ ..
يصدع بالحجر المصقول ...
دروع القتلهْ ..
قسما ..
يا شبلا يهب القدس .. ،
براءة نخوهْ .. !
يمنح كل شباب العالم .. ،
أسمى شارات الصحوةْ ..
يروي كل غصون الزيتون
المتجذر في عمق كياني ..
يرفع رايات بلادي .. ،
فوق قباب الأقصى .. ،
يحضن أشلاء الأقصى .. ،
في ليلة عرسْ ..
قسما ..
يا شبلا كان العقدَ .. ،
وكان الدرهْ ..
كان الوهج الساطعَ .. ،
في درب العودةْ
قسما ..
يا درة أطفال العالم .. ،
في يوم النفرةْ ..
قسما .. قسما ..
رددها شعب الغضب الثائرِ .. ،
في وجه الكفرةْ ..!
قسما .. قسما ..
نقش الأطفال دماءك .. ،
في جوف الصخرةْ ..
يا بطلا يصرخ منتشيا .. ،
في حمأة قسوةْ ..
يا غصن الزيتزن الأخضر .. ،
يقصف في وهج الذروةْ ..
أقسم ..
لن ننسى يوم رحيلك .. ،
عن أرض الثورةْ ..
أقسم .. لن نرثيك .. ،
لأنك فوق الشعر .. ،
وفوق جبين الشمس المستعرةْ ..
أقسم ..
لن نقبل غير الثأرِِ ..،
فكل شباب الأرض فداءٌ .. ،
للنجم الدرةْ ..
فلتهنأ . .
يا شبل الأبطال .. بروض الجنةْ ..
وليهنأ . .
كل رفاق الثورةْ .
* * *
جدة 1421 ه
البداية
لحظة الوداع
أحقا رحلت ولمَّا تقولي ..؟
وما كنت أرضى . . . بخل سواكِ
أحقا . . . أحقا تركت الحياة . . ؟
ولم تبلغي من سنيك . . . عُلاك
رحلتِ ولمَّا تقولي وداعا . . !
فأغدو البديل . . . وأمسي فداك . .
رحلت . . ولست أشك بأنّك ِ.. ،
في القلب نور . . . يشع سناك . . . !
متى تلتقيني . . ؟ فإنّي مَشُوق
إلى اللحد يوما . . . لعلّي . . . أراك
* * *
فلست أصدق منك الرحيل . . . !
وأن وجودك . . . ما يستطاع . . !
ولست أصدق ما يزعمون . . .
بأنّ التواصل . . . بات انقطاع . . !
ولست أصدق .. تلك الوساوس
تأكل روحي . . . وطلّ الضياع . . !
وإنّ المنية . . . تسلب خلّي . . . !
فبتُّ وحيدا . . . كسقط المتاع . ..
وما للقلوب . . . التي تعشقيها
سوى الذكريات . . فكان الوداع
* * *
فأقسم . . . أنّك أنتِ الحياة . . .
وأنّكِ موتي . . . ورمز الوجود
وأنّك في العين . . روض نضير . . .!
وأنّك في القلب . . وحي الخلود
وأنّكِ روحي . . . وبلسم جرحي ..
وأنّك إنْ شئت . . . فوق الحدود . .
وانّك يا من . . . عشقتكِ دهرا
أيرحل عنّي . . . كطفل عنيد
وتترك نفسيَ . . نهبا لنفسي . . !
وتترك عيني . . . لنزف الصديد
* * *
وأقسم .. . أنّكِ صومي . . يقينا
وأنّكِ دوما . . . صلاتي وطهري
واقسم أنّكِ حبّّي . . وكرهي
واقسم أنّك ِ قولي . . وجهري
وأقسم أنّكِ . . لن تخذليني . . !
وأنَّكِ عندي . . . ملاذي ونصري
وأنَّك روحي . . . حياة وموتا . . . !
وأنَّكِ للقلب . . . خصبي ونهري
وأنّك فيض اليقين . . . ونور . . . ،
ألوذ إليه . . فيشرح صدري . . !
* * *
وأقسم أنَّكِ مائي . . . وزادي
وأقسم أنَّكِ . . . أنتِ الرجاءْ
وأقسم أنَّكِ . . شمسي وبدري
وأقسم أنَّكِ . . . شمس السماء
وأقسم أنَّكِ . . . صبحي وليلي
وأقسم أنَّكِ . . . نور الضياء
وأقسم أنَّكِ . . . في القلب نبض
ووحي لشعري . . . ورمز الوفاء
سأنذر نفسي . . . وفاءً لودّك .. . !
مادمت حيَّا . . . وحسبي الدعاءْ
* * *
تعليق