تويت
أسطورة الكهف (اليقين المطلق)
أسطورة الكهف الأفلاطونية لها معنى فلسفي يتصور الناس سجناء في كهف وليس بإمكانهم الخروج منه بحيث يرون الشمس الساطعة الموجودة فوق الكهف . وعندما يتمكن البعض من الخروج من هذا الكهف ومن رؤية تلك الشمس التي تبهر بنورها القوي , يعسر عليهم فيما بعد النزول من جديد إلى نفس الكهف والعيش من جديد في ذلك الظلام الحالك الذي كانوا فيه .
هذه الأسطورة تعبير رمزي عن معنى فلسفي كشف عنه أفلاطون نفسه بعد سرده لمحتوى هذه الأسطورة .
فحالة السجناء تعني حالة المعرفة الحسية وهي حالة الجهل والظلام المعرفي , أما مجال الشمس فيمثل ميدان المعرفة الحقيقية وهوعالم المثل ... والفلسفة عند أفلاطون هي وحدها القادرة على ضبط جواهر الأشياء , وهي وحدها القادرة على التحليق في مجال الحقائق الأزلية . والواقع أنه لايمكن تدريس نتائج فلسفية ثابتة , بينما يحصل العكس عندما يتعلق الأمر بالنتائج العلمية , فباستطاعة أستاذ العلوم أن يدرس حقائق علميّة يقينية , وقد يستحيل على أستاذ الفلسفة أن يقدم إلى طلبته معلومات فلسفية ثابتة .
إن الفلاسفة لايذكرون في نهاية الأمر إلا أفكارهم الشخصية أو يرددون أفكار غيرهم . وهذه الذاتية الفلسفية تؤدي إلى عدم إجماع وإلى تناقض , بينما ينجم عن الموضوعية العلميّة اليقين , أي الاجماع .
وأسوأ مافي الأمر بالنسبة إلى إنسان يؤمن بالعلم أن الفلسفة لاتقدم قاطعةً معرفة يمكن امتلاكها . لقد حصلت العلوم على معارف يقينية تفرض نفسها على الناس جميعاً , أما الفلسفة فلم تنجح في ذلك رغم جهد الاف السنين .
إن الفلسفة تبحث في أسس الأشياء ومبادئها , أي عن الركيزة الأساسية للموضوع , فهي تهتم بأسس الأخلاق وبمبادىء المعرفة .. الخ فقد اهتم كانط بميتافيزيقا السلوك , وحدد أفلاطون من ناحيته ماهية العدل في الجمهورية , وأبرز هيجل حقيقة الحق في فلسفة الحق ... ومن ثم بقوا في مستوى الخطاب العقلي التأسيسي .
إن لوك وهيوم مثلاً لم يخوضوا فعلاً في الواقع التجريبي المحسوس بل نظروا له وضبطوا أسسه وأسبابه , ومن ثم بقوا في مستوى الخطاب العقلي التأسيسي . إنهما لم يجربا فعلاً كما فعل أصحاب التجارب العلمية في مختبراتهم حيث يتصارعون مع الواقع ويحاولون امتلاكه .
والفلسفة العلميّة ذاتها , الحريصة على تقليد العلوم وعلى الابتعاد عن الفلسفة التقليدية , لم تبحث في الواقع الحسي مباشرة بل في معاني النصوص العلمية , وهي بلاشك طريقة غير صحيحة للبقاء في ميدان العقل والتأسيس والتفلسف , فالفلسفة عقلانية تأسيسية في كل الحالات لكنها متضاربة ومتناقضة .. ففي المجال المعرفي مثلاً انقسم الفلاسفة على أنفسهم إلى تيارات مختلفة واختلفوا حتى داخل الاتجاه الواحد .. أما الخطاب حول واقعية العلم فيقترن بالحديث عن التجربة العلمية . لقد كان أنشتاين يلح في مؤلفاته الأساسية على ضرورة التجربة في العلم فهو يقول في تطور الأفكار الفيزيائية مامعناه : ( من الضروري أن تتلاءم النظريات مع الاختبارات التجريبية , كما يجب إبعاد كل النتائج التي تتضارب مع هذه الاختبارت ... ) .
إن الفلاسفة أصحاب النظريات المعرفية , حتى التجريبيين منهم , لايمارسون التجربة بمعناها الواسع بل يقفون عند حدود الخطاب والنظر . ولم يكن في إمكانهم القيام بغير ذلك وإلا انقلبوا إلى علماء ...
وإذا كانت النتائج العلمية تتسم باليقين بمعنى الإجماع , وأن النتائج الفلسفية متناقضة , فلابد أن نسأل : هل اليقين العلمي مطلق أم نسبي ؟
لاشك أن النتائج العلمية نسبية وهو أمر لاينكره أحد نلمس هذا مثلاً في التحول الذي حدث من الفيزياء النيوتونية إلى فيزياء النسبية .
لأن العلم يتطور شكلاً ومضموناً . فعلم الفيزياء مثلاً تطور كثيراً انطلاقاً من أرسطو إلى عصرنا الحاضر . فنيوتن يقول إن الزمان والفضاء مطلقان , أما أينشتاين فيذهب إلى القول بأنهما نسبيان . وبخصوص الكتلة فهذا المفهوم لم يكن له وجود علمي دقيق قبل نيوتن الذي حددها بأنها كمية المادة والذي قال إنها لاتتغير , فيما أبقى إينشتاين على إيجابية الكتلة , لكنه قال إنها مقدار متغيّر .
لقد وصلت الفيزياء إذن إلى نتائج مختلفة ولعلها في بعض الأحيان متناقضة (الكتلة بين الإجابية والسلبية) وذلك خلال تطورها . فمن الضروري والحال هذه أن نقرّ بنسبية النتائج لأن اليقين المطلق هو نقيض التطور .
هذه الأسطورة تعبير رمزي عن معنى فلسفي كشف عنه أفلاطون نفسه بعد سرده لمحتوى هذه الأسطورة .
فحالة السجناء تعني حالة المعرفة الحسية وهي حالة الجهل والظلام المعرفي , أما مجال الشمس فيمثل ميدان المعرفة الحقيقية وهوعالم المثل ... والفلسفة عند أفلاطون هي وحدها القادرة على ضبط جواهر الأشياء , وهي وحدها القادرة على التحليق في مجال الحقائق الأزلية . والواقع أنه لايمكن تدريس نتائج فلسفية ثابتة , بينما يحصل العكس عندما يتعلق الأمر بالنتائج العلمية , فباستطاعة أستاذ العلوم أن يدرس حقائق علميّة يقينية , وقد يستحيل على أستاذ الفلسفة أن يقدم إلى طلبته معلومات فلسفية ثابتة .
إن الفلاسفة لايذكرون في نهاية الأمر إلا أفكارهم الشخصية أو يرددون أفكار غيرهم . وهذه الذاتية الفلسفية تؤدي إلى عدم إجماع وإلى تناقض , بينما ينجم عن الموضوعية العلميّة اليقين , أي الاجماع .
وأسوأ مافي الأمر بالنسبة إلى إنسان يؤمن بالعلم أن الفلسفة لاتقدم قاطعةً معرفة يمكن امتلاكها . لقد حصلت العلوم على معارف يقينية تفرض نفسها على الناس جميعاً , أما الفلسفة فلم تنجح في ذلك رغم جهد الاف السنين .
إن الفلسفة تبحث في أسس الأشياء ومبادئها , أي عن الركيزة الأساسية للموضوع , فهي تهتم بأسس الأخلاق وبمبادىء المعرفة .. الخ فقد اهتم كانط بميتافيزيقا السلوك , وحدد أفلاطون من ناحيته ماهية العدل في الجمهورية , وأبرز هيجل حقيقة الحق في فلسفة الحق ... ومن ثم بقوا في مستوى الخطاب العقلي التأسيسي .
إن لوك وهيوم مثلاً لم يخوضوا فعلاً في الواقع التجريبي المحسوس بل نظروا له وضبطوا أسسه وأسبابه , ومن ثم بقوا في مستوى الخطاب العقلي التأسيسي . إنهما لم يجربا فعلاً كما فعل أصحاب التجارب العلمية في مختبراتهم حيث يتصارعون مع الواقع ويحاولون امتلاكه .
والفلسفة العلميّة ذاتها , الحريصة على تقليد العلوم وعلى الابتعاد عن الفلسفة التقليدية , لم تبحث في الواقع الحسي مباشرة بل في معاني النصوص العلمية , وهي بلاشك طريقة غير صحيحة للبقاء في ميدان العقل والتأسيس والتفلسف , فالفلسفة عقلانية تأسيسية في كل الحالات لكنها متضاربة ومتناقضة .. ففي المجال المعرفي مثلاً انقسم الفلاسفة على أنفسهم إلى تيارات مختلفة واختلفوا حتى داخل الاتجاه الواحد .. أما الخطاب حول واقعية العلم فيقترن بالحديث عن التجربة العلمية . لقد كان أنشتاين يلح في مؤلفاته الأساسية على ضرورة التجربة في العلم فهو يقول في تطور الأفكار الفيزيائية مامعناه : ( من الضروري أن تتلاءم النظريات مع الاختبارات التجريبية , كما يجب إبعاد كل النتائج التي تتضارب مع هذه الاختبارت ... ) .
إن الفلاسفة أصحاب النظريات المعرفية , حتى التجريبيين منهم , لايمارسون التجربة بمعناها الواسع بل يقفون عند حدود الخطاب والنظر . ولم يكن في إمكانهم القيام بغير ذلك وإلا انقلبوا إلى علماء ...
وإذا كانت النتائج العلمية تتسم باليقين بمعنى الإجماع , وأن النتائج الفلسفية متناقضة , فلابد أن نسأل : هل اليقين العلمي مطلق أم نسبي ؟
لاشك أن النتائج العلمية نسبية وهو أمر لاينكره أحد نلمس هذا مثلاً في التحول الذي حدث من الفيزياء النيوتونية إلى فيزياء النسبية .
لأن العلم يتطور شكلاً ومضموناً . فعلم الفيزياء مثلاً تطور كثيراً انطلاقاً من أرسطو إلى عصرنا الحاضر . فنيوتن يقول إن الزمان والفضاء مطلقان , أما أينشتاين فيذهب إلى القول بأنهما نسبيان . وبخصوص الكتلة فهذا المفهوم لم يكن له وجود علمي دقيق قبل نيوتن الذي حددها بأنها كمية المادة والذي قال إنها لاتتغير , فيما أبقى إينشتاين على إيجابية الكتلة , لكنه قال إنها مقدار متغيّر .
لقد وصلت الفيزياء إذن إلى نتائج مختلفة ولعلها في بعض الأحيان متناقضة (الكتلة بين الإجابية والسلبية) وذلك خلال تطورها . فمن الضروري والحال هذه أن نقرّ بنسبية النتائج لأن اليقين المطلق هو نقيض التطور .
تعليق