لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • جمال الحياة
    عضو ذهبي
    • Nov 2019
    • 850

    لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

    بسم الله الرحمن الرحيم
    الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    نقدم لكم رواية باللغة العربية الفصحى وهي بعنوان

    روايـة لا يجـب قـّول لا لفخامته
    للكاتبة / Chanez

    مقــــــــــــــدمة

    نحن البّشر لسنا معصومين عن الخـطأ ، فتـرانا نتمـايل في طرق مختلفة قد تكون محرمة لكن و لسبيل غايتنا نخطو على ضمائرنا فقلوبنا فعلى عقولنا ،
    و بكلماتي هذه إني لا أعفي غيري و لا نفسي فمبدئي أننا كلنا سواسية
    هكـذا قلت ، و هـذا مبدئي لكنني كالجـميع أقول ما لا أفعل ، و أفـعل ما لا أقول .. فـملخص الحديث
    أنني و بالرغم من نفي لفـكرة الخطيئة و الـخطأ وجدتني أقع فيها رأسا على عقب

    قراءة ممتعة.....
    شـّابتـّر الأول

    بـدّاية الصـّفر – الجـزء الأول

    شـجرة طـويلة تمتـدّ أغـصانها الحـاملة وريقـات وردية الـلون من شـرفة إلى غـاية تلك الـغرفة الـبسيطة ذات الأثاث الـقـديم ، جـدرانها بيضـاء و في وسـط احتل السـرير الـجزء الأكبر من المـساحة و على الـرغم من أنه كـان صـغيرا إلا أنه وجد عليه جسم شـابة نـائمة بكـل راحـة و هـدوء ذات شـعر بـني قـصير أشـعث و بشـرة بيضـاء ، فجـأة رنّ منـبه فـوقفت بسـرعة ليـظهر طـولها المـتوسط و الأقـرب للـقّصر و هاهي قـد فـتحت عينـيها الـبنيتين الـواسـعتين ، كـانتـّا بـرغم من أنهما عـاديتان لكنّ كـالزجاج الذّي يـعكس مـا يـراه من حـوله فـعينيهـا تفعلان الأمر تماما مع مشـاعرها .
    حمـلت منشـفة وغـادرت متـجهة نحو غايتها لتـخرج بـعد دقـائق معـدودة مرتـدية فستـانا أحمـر اللون ريفـي نوعـا ما و على شفتيهـا أحـلى ابتسـامة، فـتحت باب و ظـهر رواق و بخـطوتين منها عـبرته لتصّبح في الصـالة يطـل من الـجهة المـقابلة مـطّبخ و حيث كـان التـلفاز شـغالا ليـطلق صـوت المـذيع في الأرجـاء مختـرقا ذلك الـصّمت
    _ تّم الـعثور على جـّثة امرأة بـمنتصف العشرينيات في منـزلها الـخّاص ، بـعد الكشف عن هويتها اتضح أنها مـجرد مـحامية مبتـدئة لوكالة ديفانس المشهورة ، كانت بـيدها قضيتها الأولى التي تـخّص طلاق زوجة . و الـغريب في الأمر أن هـذه الجـريمة من قبّل كرانغ بعد أن تـركّ بصماته في المسرح و كل المعلومات الأخرى عن سبب و كيفية قتلها مجهولة رفضت الشرطة الإفصاح عنها ، لذلك أيها الـسّادة من فّضلكم تـأكد من إغـلاق الأبواب جيدا قبل خلودكم إلى النوم و أتركوا الـهاتف بـجانبكم على الـدوام فـنحن لا نـعلم من هو الـهدف التالي العشوائي لـكرانغ
    تنهـدّت الفتاة بأسى و هي تـهز رأسها ذات الـيمين و الـشمـّال ليس لأنها استمعت لما قـاله المـذيع تـوا بـل من نفـاذ القـهوة من عنـدها و لا رغـبة لها الآن بالـخروج لشـراء واحدة . فخـرجت من الـشـقة متـجهة نـحو جـاّرتها ، طـّرقت الـباب غـير آبهة لكمّ تشير عقـارب السـاعة ليـفتح و تظـهر امرأة كبيـرة في الـسن و بالـرغم من التـجاعيد التي غـزت وجهها إلا أنها لا تـزال محـتفظة برونـق جمـالها الآسر ، قـالت بإنـزعـاج
    ـ مـاذا تـريدين في الصبـاح الـباكر مـاري ؟
    ابتسـمت الفـتاة المـدعوة بـماري و السـذاجة قد عـلت وجهها ، إن دّل على شيء فـهو لابدّ كونهـا إمـّا بريئـة أو تـدعي البـراءة فـردت عـليها بتـهذيب شديد يتنافى مع طريقة رنها للجرس منذ قليل
    ـ صبـاح الـخير سيـدة فـرانسيس أنـا أريـد أن أستـعير بـضعة كمية من القـهوة فلقد نـفذ مـا لدي و المـحّل القـريب من حينـا يبـعد حـوالي ربـع سـاعة و أنا لا أرغب في الـذهاب الآن مع إحتـمالية إيجـاده مغـلقا ، احم لذلك من فـضلك الـقليل فقط ؟
    كشـرت السيـدة فرانسيس و تمتـمت بشـتائم عـدة في طـريقهـا نـاحية المـطّبخ ، عـادّت بـسرعة و أعطـتها كـيس الـقهوة كـاملا ثـم قـالت بحـدّة
    ـ لا تـعودي إلا و مـعكّ المـال فـالمـهلة المـحددة قـدّ إنتهت الـيوم
    لم تـغادر الابتسـامة فـمّ مـاري عنـدما أجـابتها بالايجـاب و عنـدمـا حـّضرت كوبهـا الدافئ في هـذا الـفّصـل البـارد من الشتـاء اسـتلقت على الكـنبة بكل استـرخاء و قد قررت أنها سوف تـنهي بحثـها الـيوم فـلا شيء آخر لديها لتفعله .
    صبـاح يـوم الاثنين
    وضعت يـديها على خصرهـا بقـلة حـيلة و نـظرة الأسـى قد ارتسمت على وجهها ، نـقطة آخرى مـثل هـذه و سـوف تفشـل بكل تأكيد حسنـا و ما الذي قد بـقى لتستطيع فـعله ؟ فقد ذاكـرت و حفـظت كـل كـلمة في كـل محـاضرة قـد ألقـاها الأسـاتذة لكن لمـا هـذه الـعلامة لا تنـفك إتباعها في حيـاتها ؟ زفـرت بغيض و هي تـهمس لنفسهـا
    ـ كـل هـذا لأن جـاك ألـقى لـعنته علي .
    ـ مـاري .. مـاري
    نـظرت إلى الأمام حيث كـانت تـقف شـابة ذات قـوام ممشـوق كأنها من عـارضـات الأزيـاء ، شـعرهـا الأشـقر المـتموج على ظهـرها و عينيـها الذهـبيتين ، بشـرتها الـبيضـاء الخـالية من أي شـائبة ، فـعـلا إنهـّا مـلكة جمـال .. أكـملت كـلامها بـهدوء
    ـ أيـمكننا أن نـذهب في نـزهة ؟ أريـد التـحدث مـعك في مـوضوع خـصوصي
    استـغربت مـاّري منهـا ، كـلير طـالبة تـدرسّ معها و لا تتـعدى العـلاقة غـير ذلك كمـّا أنه يـمكنّ الـقول أنهـّا تـكنّ بضعة مشـاعر ليس كـره و لا المـحّبة لكنّ أقـرب للـبغض و بالـرغم من هـذا أجـابتها بابتسامة على مـحياها لم ّ تفـارقـها قط
    ـ طـّبعـا كـلير ،
    و فـور أن وافقـت مـاري حـتى أسـرعت كـلير نـاحيتها لـتمسكها من ذراعهـا و هي تـقودها نـحو سيـارتها الـجديدة التي اشتراها لّـها والدها ، صـعدت على متـنها و هي لا تـزال منـدهشة ثـم قـالت بهدوء
    ـ كـلير أيمـكنك إعـطائي لـمحة عن هـذا المـوضوع فـطريقة تصـّرفك غـريبة
    لم تـّقل شيئا و إنـمـّا ضـغطت على المـكـّابح بأقـصى ما تـملك مـن قـوة لـيـّسمع صـوت عـالي إلتفتت إليـه كـل الأنـظار ، أدارت المـّقود بكـل احتراف متـجهة نـحو مـطعم مـا لكـي يتمكنا من الـحديث
    /
    غـّـرفة كـبيرة جـدرانهـّا ذهـبية اللـون تـحتوي على مـكّتبـة عليهـّا مـعظم مـّلفـات العـمّل و مـكّتب فـخمّ أسـود مـطّـرز بـزخـّارف ذهبيـة تمتـدّ من الأعـلى نـاحية الأسـفل ، عـّلق خـلفه صـّورة لـرجـّل كبـير في الـّسن يـرتدي مـّلابس قـديمة لنبـلاء و يـظّهر عليه صـفات الكـبرياء الـغـرور .
    كنـبّـات سـوداء تتـلائم مع تـلكّ الـسجـادة المنـفـوشة وسطـّها مـائـدة زجـّاجيـة وضـعت عليهـّا مـزهـرية بهـّا ورود جــافة ، كــانّ مستلقـّيا على أحـدها شـّاب ببنـّية قـوية نـوّعا مـّا يـده تـلامس الأرّض و الأخـرى على وجهه
    رنّ هـاتفـه فـقـطّب بإنـزعـاج ليحـّاول إسـكاته ، أنـّف مـسـلول و شـّعـر كـحلي حـريري لامـعّ غـطى مـعظم ملامحه ، عـينين داكـنتين حـادّتين تـعـّرفـان على مـدّى خـطّر هـذا الـشـّاب ، في منتـهى الـجـاذبية و بغـاية الـوسـّامة كأنه أحـدّ لوحـّات ليوناردو دافينشي أو بيكـاسو جـّلس بـتعّب ثـمّ رفـعه و قــّال ببـرودة و بـحّة صـوته تتـردد في الأرجـّاء كـالصـدى .
    ـ نـعم ؟ إفـعــل مـا تـريده أنـّا لا أهـتم ،
    ثـمّ أغـلقه و رمـاه بكـل بسـاطة في تـلك الـمـزهرية ليصـمت إلى الأبد .
    /
    في ذلك الجـناح الفـخم كـّان يجـّلس على الـسرير بينمـّا زين فـمه بإبتسـامة خـبيثة و مـاكـّرة لمّ يسـتـطع أنّ يخفيهـّا بـالـرغم من أنـّه ممثـّل نـّافس نـجوم هـوليوود في بـّراعـتهم ، يـرتدي سـروالّ جينـز و منشـّفة بيضـّاء على كتـفيه .
    ذو شـّعـر بنـّي لامـّع مـصّفف بـعناية بـّواسـطة الـّراعي الـّرسمي لكـّل لرحـّلاته ' جـّل ' عـينيه نـّاعـستين بـلون الـعّشب الـنّقي و بّـشرته البـيضـاء الصـّافية من أي شـائبة ، جـسمّ قـوي و مـا الذي قـدّ تـريده الفتـيات آكـّثر من ذلك ؟
    ابتـسـامة سـّاحرة و جـاذبية بـحـّتة مـعّ عضـّلات بـاّرزة و ثـّراء لا حـدود له إنـّه فـّارس أحـلام كل مـّن تـقع عينيها عليه ، فجـأة وقفّت أمـامه إمرأة لمّ تـكنّ تـّقل عنه بمستوى الجمـّال فـّشعـرها الأسود الـحريري انسـّاب بكـّل حـّرية على ظـهرهـّا و بّشـرتها الـبرونزية مـّع مـلامحها الفـاّتنة كـأنها حـّورية تـّسيـر و بذلك الـّثـوب الأحمـّر الذي انسدل على قـوامها بكل تنـّاسب و عنفـوان فـيـمكنّ الـقول عنهـّا .. مـلاك ، تـحدّثت بهمّس مثـير رغمّ أنه لا يوجد أحدّ غيرهما
    ـ عـزيزي مـا رأيـك ؟
    رمـّقها بـسـّخرية و لكنّ لم يستـطّع أن يـخفّي الإعجاب الذّي تـّرسله عيـنيه نـحّوها ففي وجـودهـّا هي و هّي فقـط تــّسقـط جـميع حـواجزه جـّانبـّا و تختـّفي كـّل مقـاوماته و خّبراته كـأنهّ طـّفل يـكـّابر لكـّنه يـريد و بـشدة الحـّصول على تـلك الـحلوى .
    ـ تـبـدّين كـّفتـيات الـليّل إليـزابيث ،
    اقـتربت مـنـّه و عـّلى شفتيها الحـمّـراوتين المتوكزتين ابتسـّامة بـّاردة .. قـبلته بكـّل جـرأة على خـدّه مـع انحـنائها استنشـّق رائـحة عـطّرها فإزداد ارتبـاكاّ ، رفّعت معـطّفها المّصنوع
    من الفـرو و ارتـدته ثـمّ قـالت بخـّفوت و رقّـة
    ـ شكـّرا حـبيبي
    وقف بـعـّصبية و ارتـدى قـميصه على عـجّل رافـّضـا دقـات قـّلبه المـّسـعورة التـّي تنـّبض على صـوتهـّا النـاعـمّ ، قـّال ببـرود نـجّح في إتقـانه
    ـ كـّل شـيء جـاهـز فـّهـل أنـّت مسـتعدة ؟
    وضـّعت يديهـّا حـول خـّصـره و هي تـدركّ تـمام الإدراك بمـدى تأثيـرها عليـه فـهاهي رجـّفته تـنتـّقـل إليهـّا ، قـالـت بتـحـدّي
    ـ طـّبـعا
    /
    تـوقفت شـاحـّنة كبـيرة عنـدّ ذلك المـبنى الـبّـالي فـخـّرج العـمـّال و همّ يحـملون الأثـّاث أخـذينه إلى الـدّور الـثـاني في الشـقة الـيمـنى، وصـّلت سيـّارة خـلفهم و خـّرج شـّاب منهـا . كـانّ شـعـره أسـود طـّويل قـليلا فـقط يـّربط معظمه و يـرتديّ قميصـّا أزرق مـعّ بـنـطّال أسـود و يـّضع نـظارات لتـحميه من أشـّعة الـشمس . رفـّع يـديه عـّالـّيا محـاّولا طّـرد الكـّسـل فجـأة ظـّهرت إمـرأة عـجوز أمـّامه من الـعدم لتـجّعله ينـدهش ، قـالت بصـرامة و هي تـلقـي نـظّرة مـقيمة له
    ـ مـرحبـّا بـكّ في المـبنى و الحـّي بشـكّل عـام ، أنـّا السيـدة فـرانسيس زوجـة الـسيد فـرانسيس الـذّي قـمّت باستئجار الـشـقة من عـنده و أنـّا هنـا لأرحـّب بـكّ فقـط فأهـلا
    ـ مسـّاء الخـير أدعـى ويـليـام دويـل يـمكنـكّ مـناداتي بـويل ، إنـّه لشـّرف لي لقـائكّ سيـدة فـرانسيس
    ابتـسمـّت بخـّفة و قـدّ اعـجبتهـّا طـّريقته في الكـلام إنـّه لبـّق ، قـّـالت بفّضول كعـادتهـّا رامـّية صـرامتهـّا تـلك جّنـبا
    ـ مـاذا تـّعمل ويـليـام ؟
    ضـحكّ بـتوتـّر من سـؤالهـّا المـفـاجئ ثـمّ انـحنى ليـّقـبل يـدهـّا بـكل إحتـرام و هو على شـفتيه ابتسـامة وديـّة
    ـ مـا رأي أن تـدعوني الآنسـة الجـميـّلة لكـّوب شـّاي كي نتـّعرف على بعضّنـا أكـّثر ؟
    احـمّرت وجنتيـّها و هي لا تـنفـكّ تـرديد كمّ هـو لـطّيف و جـذابّ .. ثـمّ سـّارعت بإدخـّاله لشـّقتهـا كـّي تتحـدّث معـه أكثر بينمـّا تـركّ ويليـام مـهمتـه ألا و هـيّ الاشـراف على العـمال لتـرتيب الأثـاث لكّن لاداعـي فليـفعلوا مـا يشاءون .
    الشابتر الأول

    تـّعـارفّ ـ الجـزء الثاني


    غـّيـوم المنتـّشـرة في السمـّاء تعـّلن على قـدّوم عـّاصفـة محـمّلة بأمـطّـار مـدّمرة أمـّا القـمّر فقـد اختفى و
    معـّه ضـوءه الـذّي يـنيـّر طـّرقـات لـندّن من بيـنّ ضـبابهـّا هو يّصـنع طّـريقـّا لجمـّيع سكـانها سـاعـة العـّـاشـرة ليلا
    فتـحتّ مـاري بـواّبـة و على غـّير عـادتهـّا الـبـشوشة لمّ تـكنّ مبـّتسمة.
    ثـّوبـّا الأحمـّر الـريفي قـدّ ابتـّل و عينيهـّا تـظّهـّران حـجمّ الـبؤس و الأسـى الـذّي يـّقبع بـدّاخـّل قّلبهـا، أخـرجـّت مفاتيحهـاّ لكنّ لارتـجّاف أصابعهـّا تسـاقطّت محـدثة ضـجة في ذلك المبنـى الهـادئ .
    انـحنت ّ و رفّعتهـّا مجـددا ثـم أدّخلتها في ثـّقب المخصص لها
    أغـلقت البـاب خّلفهـا بـشرود ثـمّ اتـجهت إلى الأريكة و جـّلست بينـمّا كـلام كـلير يـعـاّد من تـّلقاء نفـّسه
    في رأسهـّا رافّضـا تـّركها و شـأنها
    أن يـّفلس والدها هـو أمـّر اعتـادت عليه بـمرور الـسنين لكـّن لمـاذا فـّعل هـذا بـها ؟ و لمـّا لم تـّخبرهـّا فــلور ؟
    ـ | اسـتمعي إلي جيـدّا ماري لأنني لنّ أقـول هـذا سـوى مـّرة واحـدّة فقـطّ ، لقـدّ أفـّلس والـدّك مجددا ل
    كـّن هـذه المـّرة لا مـفّـر له من الـدّيون و أّصبح مدّينا لـنّا بمّا يـّقـارب 500 مـّليونّ دولاّر فـعّـرض صـّفقة
    لتـنجيه غـّير أنهـا لّيست مـجّرد صـّفقة عـادّية ، إنـهّا تـّخصك أنـت مـّاري . فقـد ّعرض على آرثر أخي
    بـيع أحدكمـّا أنـت أو أختك له مقـّابل تـركّه يدّفع نصّف الـديونّ و بمـّا أن الأمـّر هـكـذا فـأختـكّ كـلير
    قـدّمت نفّسها لحمـّايتك ، و أنـّا قررت أخبـّارك لعلكّ تتصـّرفين في هـذه المـسـألة فـأنت قدّ لا تعـّلمين
    لكّن أخّي آرثـّر متـّزوج و نحن عـائلة غـلوري لا نـريد خـروج الأمـور عن الـسيطرة |
    رفعت هاتفها النـّقال بتـردد فمنـذ أن غـادرت المنـزل لمّ تتصـّل أحدهما بالأخـرى و كـّل ذلك
    من أجـل سلامتها هي .. ضـغطت على رقـمّ بأصـابع مرتجفة ثمّ وضعته عنـد أذنهـّا ، لحظات
    حتـى انتقـل إلى مسـامعها صـّوت هـادئ نـّاعم لم تـخفى نـبرة الحزن منه
    ـ ألـو .. منّ مـعي ؟
    بـّلعت ريقهـا مرارا و تـكّرارا محــاولة إخـراجّ صـّوتها و النـطّق بإسـمّ أختهـا التّي ضـحت بالكـثير و
    لا تـزال تـّفعل من أجـل العـائلة فقط
    ـ فـّلورا ، إنهـّا أنـا ماري ..
    عمّ الـصمت في الجـّهة الأخـرى إنهـّا متـأكدة تماما مـّدى تفـاجئ فـّلور و مـدى رفّضها لمكـالمتها
    لكـّن لا خيـار آخر ، فعـادت تـقول بإرتبـاك
    ـ فــلور ، أنـا أعـلم
    اكتـسى الغـّضب مـلامح فـلور بالـرغم من أنهـّا حـّاولت جـاهدة الحفـاظ على هـدوءهـا
    ـ تعـلمين مـاذا مـاري ؟ أنـت تتصـلين بي الآن بـعدّ رحـيلك عنـّا فجـأة و تقولين أنكّ تعلمين ؟ تعلمين ماذا بالتـحديد ؟
    قـالت بإندفـاع : لمّ يكن لدي خـيار سوى الـرحيل ، فـلور هيـا لا تـكوني هـكذا فـأنا فعلا لمّ أمتلك خيـارا آخر
    ، و هـذا ليس موضوعنا الآن .. فقـد أخبرتني كلير عن ديون أبي الـجديدة و عن الـصّفقة التـي عرضّها
    أريـدّك أن تـ
    فـلور بّصـراخ غـّاضب : تـريدين مني مـاذا بالـضّبط ؟ أن أتخـلى عنه كمـّا فـعلت أنت قـبلا ؟ أم أنّ
    أهـرب بـدون وجـهة مـثـلك ؟ ، لا يـا عـزيزتي مـاري.. أنـا فـلور ،فـلور التي سـوف تفـّعل المـستحيل من أجل هـذه العـائلة ،
    مـاري بإرتبـاك : فـلورا إستـمعي إلي من فـضلك ، أنـا أحـبك فـعلا و أريـدّك أن تمضي في حيـاتك فـوالدنـّا
    لن يصـبح الأب المثـالي الذيّ تـحلمين بـه أبـدا و أظنك تـعلمين هـذا جيـدا لـذلك تـعالي إلي سـأرحب بـك
    و لنـّعش مـعا ، نـحن لسنـا بحـاجة إليه فـهو لمّ يجلب لنـّا غـير المـشقة و التـعّب
    تـنهـدّت فـلور بقـلة حـيلة من إختـها الـصغرى الـجـاهلة ، ابتسـمت بهـدوء ثـمّ قـالت و هي تـحاول
    تخفيف من قلق مـاري الـعارم نحوهـا
    ـ لا داعي ، أنـا بـخير و أفـعل هـذا برضا تـام . لا أريـد المـّقـابل لذلك لا بـأس
    مـاري بـعصبية : أنـت لا تفـهمين ، سـوف أتـي و أخـذك حـتى إن رفـضت سـأجركّ إن اضطررت
    لنّ أسمح له بتـدمير حيـاتك أيضـا .
    فـلورا بـغضب : أخرسي تـبا لكّ تـفقدين المرء عـقله ، لا أريدّ إنقـاذك الـبطولي و لا حـضور فـخامتكّ العـالي
    ، أنـا أفـعل ما أشـاء وقتمـا أشـاء حينمـا أشـاء . لا تتـصلي بي و لا تـحاولي إلـغاء الصفقـة لأنني
    لـن أسـامحكّ مهمـا حييت
    ثـم أغـلقت الخـطّ ، تنهـدت بتعب .. فـلور عـنيدة و قـوية لكـن إلى متـى سـتدوم هـذه الـقوة ؟
    هـزت رأسها طاردة هذه الأفكـار المـتعبة ثم وقفت و اتجهت إلى الثـلاجة فـتحتها و بثانية غـيرت رأيها
    و أغلقتها بـكل عنف .

    بـعد أسبـوع

    كـانت مـاري نـائمة على سريرها تـحتضن دمية بين يديهـّا و تـّضع عـدة أغـطية فوقهـا لتـقيها من مـوجة
    الـصقيع ، المـطر يتسـاقط بـغزارة و السمـاء مـّرعـدة بينمـّا الـغيوم متـراكمة بـكثـرة و الثـلجّ قد بـدأ
    بالـهـطول منـذ نصّف سـاعة تقـّريبا
    لا مـزاج لهـا لذهاب إلى الجـامعة فالـطريق مـقـطوعة على أية حـّال و لنّ يحضـر أحـد بمثـل هـذا الـجو
    ، فـمن المـجنون ليـخـاطر بـحياته من أجل محـاضرة تدوم لسـاعتين فـقط ؟
    رنّ الـجرس فـجأة فقـطّبت و أسـرعت بـوضّع وسـادة فوق رأسهـّا حيث أن الأغـطية لمّ تـكفي لمّنع
    تـّسرب الـصـوت المـزعـج إلى أذنيها. و عـندما لمّ تـيأس الـسيدة فرانسيس من المحـاولة وقفت ماري بانزعاج
    ، كـانت مـرتدية فستـانا أبيض اللون مع معـطّف و تـضّع وشـاحا حـول رقبتهـّا و تـرتدي أيضا جوربين طويلين
    سوداء مع حـذاء منـزل وردي منـفوش بـطريقة أنثوية ، فـتحت الـباب بهـدوء و هي لا تـزال مغلقة عينيها
    بالرغم من أن عـقارب الساعة تشير إلى التـاسعة إلا رّبع . قـالت بابتسامة
    ـ صـباح الـخير سيــدة فـرانسيس .
    تنحـنح ويـليام و هـو يـّرد الـتحية الصبـاحية عليها بـكّل لبـاقة مـانعـّا نفسه من الضـحكّ على هـذه
    الفتـاة الـغـريبة ، أهي تـسير في نـومهـا ؟ لكـن و عندّ سمـاع مـاري ـ لصّـوت رجـولي غـير صـّوت
    السيدة فرانسيس الذي اعتـادت سـماعه طـوال الـسنتين المـاضيتين ـ قـامت بـفتح عينيهـا على
    وسعهـمّا ثـم صـّرخت بـّرعب و أغلقت الباب في وجهه متـناسية أساليب اللبـاقة أو أنوثة الفتيات .
    ضّربت خـدها بـقوة لابدّ أنه الجـار الـجديد الذي لا تـّنفك سيدة فرانسيس ذكر محـاسنه
    أسرعت بالـركّض نـحو الــحمام و غـّسلت وجهها ثـمّ أسنانها ، نـزعت المـعطّف و رمـته على المـكّتب
    ثـم عـادت تـركّض نـحوه لـكن تـوقفت فـجـأة لتـعود إلى الحمام مجددا ، سـّرحت شـّعرها لكن لمّ يـنجح الأمـر
    فـأخـرجّت قـّبعة بيضـاء من الـدولاب و وضعتها على رأسهـا ، لا أحدّ يضع قبعة على رأسه في المنـزل لكن هـذا
    بنـظرها لا يـهم . فتـحت الباب له مجددا و ابتسـامة إحـراج تـعلو وجهها
    ـ أحم أسفه ظننتك شخصـّا أخر ، أنــا مـاري روبـرت و أنـت ؟
    ضـحك ويـليـام و لّم يستطع منع نفـسه هذه المـرّة ، مـدّ أصابعه نـاحية فمها و أزال بقعة معـجون أسـنان
    و قـام بـتقديم صـحنّ به أجـمل الحـلويات المـّغرية التي رأتها ماري و قـال بابتسامة ودودة
    ـ أنـا ويليـام دويـل تـّشرفت بمـّعرفتك آنسة مـاري و عـذرا لأنني لمّ أعرف نفسي سـّابقا
    احمرت وجنتيها من الخـجّل و وضعت يديهـّا خلف ظهرهـّا دلالة على الارتباك كعـادتها ما إنّ تلتقي بالـغربـاء
    لكن قـطّع هـذا الـجو مـرور الـسيدة فرانسيس و هي تـحمّل ورودا جديدة لتضعها في المـزهرية لولا أنهّا
    توقفت عنـدما لمحتهما ، قـالت بسخرية
    ـ مـاري ما هـذا الذي ترتـدينه ؟
    نـظرت مـاري إلى نفسهـّا ملابسهـّا ليست مـرتبة لكنّ ليس بالأمـر الذي يـدعوا إلى الـسخرية و
    ما الـعـمّل إن كانت التـدفئة قدّ تحتـاج إلى إصـلاح ؟ ، ابتسـمت ماري بضحكة و هي تـدور بخفة
    ـ إنهـّا المـوضة سيدة فـرانسيس ، كيـف حـالك ؟
    سيدة فرانسيس بغيض : لا أعـلم مـتى تـكبرين و لا أعـلم لمـاذا لا أزال أبقيك في المـبنى ،
    صبـاح الخيـر ويـليام
    ويـليام بـلطّف : أسـعد صـّباحك سيدة جورجيـا ،
    سيدة فرانسيس بـفضول : ما الذي تـفعله هنـا ويليـام ؟
    تنهـدت ماري بكـره من فـّضولها الذي لا ينتهي و دخـلت إلى المـطّبخ تـاركة البـّاب مفـتوحّ و هي تسـتمع إلى
    حديثهمـّا ، وضـعت الحـلويـاّت على تـلك الطـّاولة الـّصغيرة التي تـكفي شـخصين فـقط .
    تفـاجأت عنـدمّا دخلا كـل من ويـليام و السيـدة فرانسيس من الـباب ، إتجـها إلى الطـاولة و جّلسـا
    بـكل راحـة على الكـراسي بينمـّا هي لا تـزال منـدهشة ، ليست مستغربة من سيدة فرانسيس فهي
    تدخل شقتها بكل بـرودة أعـصاب و بدون إذنها في كثير من الأحيان لكنّ الجـار الجـديد أيضـا ؟
    وضـعت أبريق الشـاي على الفـّرن ثـم مـا إنّ سمعت الصفير حتـى أخـذته و ملأت الفناجيل ،
    جـلست على المنـضـدة تـستمع إلى أحاديثهما المخـّتلفة ،
    ويـليـام بتعجب : أحقـا ؟ لمّ أكن أتـخيّـل أنـك يا سيـدة جورجيـا سوف تتـزوجي بهذه الـطريقة التـقليدية ،
    أنـا أرفـّض هـذا المـبدأ
    سيدة فرانسيس : لقدّ كـنت في الخامسة و الثـلاثين و لمّ يـكن لدّي الكثير من الوقت لأبحث عن فـارس أحلامي ، حينهـّا فـكرت هل أريدّ الـبقاء وحيدة ؟ ماذا إن لم أجـده ؟ لذلك قـّبلت فورا بعرض والدي
    ويـليام : لكن و بالـرغم من هـذا ، ألا تتساءلين ما الذي كـان سيحـدث إن لم تتزوجي ؟ أعـني
    إن كـنت ستقابلين نصفكّ الأخر ؟
    ابتسـمت سيدة فرانسيس بهـدوء و قدّ لمـعت عينيهـّا بنـظرة حـّب و هيـام ، لمّ يسبـق لمـاري
    أن رأتها على وجهها قـبـلا .
    ـ لا لـقدّ قـابلته هو زوجي الآن السيـد فرانسيس بول ، الـرجّل الذّي انتـظرته طـوال حياتي و عنـدمّا
    فقدت الأمل في إيـجاده ، كـان هو قدّ وجدني و بالـرغم من أننّا التقينا عن طريق والدينـا لكنّ لحـظة ما رأيـته
    عـلمت أنه هو الـرجّل المـوعود
    مـاري بـدهشة : أوه سيـدة فرانسيس من يـراك تتـحدثين عنه هـكذا لنّ يصـدّق أنكمـّا تتشـاجران طـوال الأيـام ليـل نـهار و بـدون تـوقف
    رمـقتها سيدة فرانسيس بـحدة فضحكت مـاري و هي تـلف وجهها للـجهة الأخرى فقـالت الأولى بـغـرور
    ـ طـّبـعا لنّ أريه حـبي لـكي يـغتر بنفسه و يذهب للـبحّث عن نسـاء أخريـات ، لا يـا عزيزتي هـكذا أفـضل
    ضحك كـّلا من ويـليـام و مـاري عـلى كلامهـّا و وجهها الذي انقلب ورديـا عنـدمـّا وجدت سيد بـول يـّقف خلفهـّا ،
    وضـع يده على كتفهـا و قـال بـكّبريـاء
    ـ أنـا أعـلم و لا داعي لقـولها فـأنا أسـمعها كل يـوم من نـظراتك التي تنـطّقان عشقـا و هيـاما بي
    مـاري بـمشـاكسة : تـمّ كشـفك
    نـظرت إليهم السيـدة فرانسيس بإحـراج كبيـر ثـمّ وقفت و مشـّت من أمـامه بكّل شـموخ قـائلة
    و الـجدية تـّغلف كلماتها
    ـ أسـرع و أسقي الـزهـور بـدّل الـثرثرة أيهـا الـعجوز الكهل
    زفـّر بـول بـغّيض منها و من عنـادهـّا الذي و بالـرغم من مرور الـسنين لا زالت تـحتفـظ به ثـمّ تبعهـا ،
    جـّلست ماري مكان سيـدة فرانسيس مـكملة ارتشاف الـشـاي بـكّل بـطئ فقـال ويـليـام بـلطّف
    مكمـلا نقـاشه
    ـ مـاذا عـنك مـاري ؟ تـقليدي هو أمّ عن حـّب و هيـام ؟
    ابتسـمت مـاري بـخجل حيث أنهـّا لا تـزال غـّير معـتادة عـّليه بينمـّا لا يبـدوا على ويـليام التـوتّر إنـّه إجتمـاعي ،
    أجـّابته بنـبرة حالمة تـسمـّع كلمـّا تـكلمت عن فارس أحلامها المنتـظر
    ـ لا يـهم فـأنا إنّ أحببت سوف أحب بّقوة و سوّف لن أدعه يّفلت حتى و إن تـركّني سـأتبعه ، و سـأنال
    حّبه بكّل جدارة
    قـطّب ويـليـام و قـّال مـازحـا : أنـت تـبدين كـمتـرصـدة بـكلماتك هـذه يـا ماري ، أنصـحكّ إلا تقوليهـا
    أمام أي شـاب و إلا سـوف يـّفر هـّاربا
    مـاري بإرتبـاك و إحـراج : لا لسـت كـذلك بـل حسنـّا أنـت قد أخطــأت في تفـكيرك ، أحم ثـمّ لمـا لمّ تـهرب الآن ؟
    ضـحكّ ويـليـام بـّقوة و قـدّ دمـعت عينيـه من شـدّة سـذاجتـهّا أو لنقّـل غـبائها ،
    إنهّا غـريبة الأطـوار و لمّ يسـبق له أن إلتقى بـفـتاة مثـلها ، تتحدّث بصراحة عن رأيها و تخـجّل كل ثـانية
    قـال بـود و هو يـّغمز
    ـ لا أنـا مختلف عن كل الشباب ،
    إحتقن وجهها بلون الـدّماء و تصـّاعد الـبخار من أعلى رأسهـا فوقفت بتـّوتر ليسقـط الكرسي الذّي خـّلفها ،
    تلعثمت قـليلا ثـمّ ضحكت بـتوتر و استدارت للخلف قـائلة أنها سـتجلب وشـاحها فإصـطدمت بالـثـلاجة
    لتسقط أرضـا و لمّ يـتوقف ويـليام عن الـضحكّ حـتى لثـانية ، جـّلس على ركبتيه و سـاعدها على الـجلوس
    أيضـّا ثـمّ قـال بخفة
    ـ أنـت ، لا خـّبرة لكّ أليس كذلك ؟
    صّرخت ماري بإحـراج : غـير صـحيح ، أنـا لدي
    لكّن عينيهـّا لمّ توفقانها الرأي فهمـّا تفضحانهـّا دومـّا ، بينمـّا تـّعجب ويليـام من ذلك لقدّ قـال جمـّلة عـادية
    مـازحا مـعها كمّا يّفعل عـادة مع رفيقـاته لكنّ هي مـختلفة فـّعلا ، بالـعشرين من الـعمّر و لا خـّبرة لهـّا في لـندن ؟
    هـذا عـجيب لكن آثـار إعـجابه ، مـدّ يده نـاحيتها ليّصافحها
    ـ أنـّت غـريبة و أنـا أريدّ أن أّتعرف عليك أكـّثر لذلك مـا رأيـكّ أن نصـّبح أصـدقاء مـاري ؟
    ـ لا أعـلمّ ماذا تـّقصد بالـضبطّ فـأنت الذّي تبدوا غـريب الأطوار بـالنسبة إلي لكـّن حسنـّا ، إنهّ لشـّرف لي .
    ابتسـم ويـليـامّ و وقف ليـّرفعها و تّقف هي الأخرى أيضـّا ، كـانت لا تـزال تـّشعر بالـخـجّل لكـّن بدأ بالتنـّاقص
    . قـال فجأة
    ـ مـاري ألدّيك صـديقات يشبهنك ؟
    ـ لا ، كـلير لديها شـّعر أشقر متموج و طـّويل أمـاّ فـلور فشّعرها أحمـّر ناري كأعـصابها المفلتة
    و كلتـّاهما أكثـّر جمـالا لكن لمـا ؟

    ضحك ويـليـام و هو يـّربت على رأسهـّا ، يـالها من طـّفلة ..
  • جمال الحياة
    عضو ذهبي
    • Nov 2019
    • 850

    #2
    رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

    الشابتر الثاني

    بـعد مرور أسبـوع آخـّر - الجزء الأول

    كـّـانت جـّالسة في مقـهى قـريب من المـركّز التجـّاري ، تـّشرب قهـوة سـوداء سـّاخنة لتنشـطّ عقلـها قـليلا فلقدّ
    مـّر يـومين لمّ تستـطّع النـوم و هي الآن مـّواصلة لثـمانية و أربعين سـاعة فـمنّ الطـّبيعي أن تـظهر تـلك الهـالات الـسوداء
    تحـّت عينيهـّا أمـّا وجهها فـكّان شـاحّبا للغاية
    ، تنهـدّت بشرود و هي تـحركّ المـلعقة
    فـلورا رفـّضت أن تستقـبل إتصـالاتها و لمّ تجّب أيضـا على رسـائلها ، إنهـّا خـائفة .. خـائفة جـدّا من إتـمام هـذا العـّرض
    ، لأن فـلور ستعاني بكّل تـأكيد فـعائلة غـلوري لنّ تقبل بهـّا و هي لنّ تـهنئ في عيشهـا أيضـّا
    مـّاري تـّرغب و بـشدّة في الذهـّاب و إنقـاذها من بينّ بـراثـن والدهـّا لكنّ و في نفـّس الـوقت هي مـّـرتعبة و
    بـغاية الـرّعب من مقـّابلته مجددا ، ما الذّي سـتفـعله ؟
    لا تـملكّ المـال لسـدادّ الـدين و لا الجـرأة لمـّقابلة والدهّا مجـددا ، هـذه هي مـّاري الـطّفلة التّي دومـا مـا
    إنّ تتفاقم الأمـور حتى تفـّر هـاربة تـاّركة كلّ شيء خـّلفها و هـذا مـا اعتادت فـلور على قـوله لهـّا .
    وضـّعت رأسهـّا على الـطّاولة محـّاولة الحـّصول على بّعض الهـدوء ، لكـّن و من أينّ تـأتي الـسكينة و الطمأنينة
    عنـدّما تـوشكّ فـلورا على رّمي نفسها في الهـاوية و بكّـل برودة أعصاب أيضا . فـمـّرت نصّف سـاعة و هي عـّلى حـّالتها تـلكّ ، مـغّلقة عينيهـا
    صـّوت سـقوط شيء و ضحكّ إنتقل إلى أذنيهـّا ممـّا جـّعلها تـنزعجّ قـليلا ففتحّت عينيهـا الواسعتين لتنـظر إلى هـذا الشـخّص
    الذّي يتسبب بكـّل هـذا الإزعاج ، كـّان شـّابا ربمـّا في نهاية العـّشرينيـات يـرتدي بـذّلة رسمية بـكّل إهمـال ، شـعّره البني مصّفف
    بعـناية و يبدوا من النـظرة الأولى أنهّ زيـر نسـاء لأن و بجـاذبيته هـذه يستـطيع الحـّصول على كل شيء فهاهي النـادلة الأكثر جمـّالا
    في المقهى تقتّرب منه محـّاولة
    أخـذّ رقمّ هـاتفه و هـا هو يـجيب نـدائها بغـمزة من عينيه اللتين بلّون العـّشب ، همسّ بشيء ما في أذنها فأخذّت تـضحك بكّل راحة
    و غـادّرت مـّبتعدة
    ، سمـّعت صـديقه يـّقول بـإحـباط
    ـ تـّبا لا أمـتلك المـّال الآن سـّوف أعـطيك المـّبلغ عنـدّما أتقاضى راتبي الشـهري ،
    ـ هـذّا لكّي لا تتحـداني في المـّرة القـادمة لأنني لا أهـزمّ ، إنّ أردّت فيمـكنني إعـطائكّ رقمـها فهي تبـدوا سـهلة المنـال على أية حـّال .
    ـ من يـرى تصّرفاتك المـستهترة لنّ يصـدّق أنكّ سوف تتـزوجّ، إنــكّ فـعلا مخـادّع كايل ألا تـخاف أن تـّعلم خـطّيبتك ؟
    ـ لا بـأس ما دمتّ ألم أقلّ نذور الزواج ّبعد .
    وقفّت مـاري أمـامهّما فجـأة و الغـّضب يـعتريها ، إنهـّا غـّاضبة لأنهّ يـذكّرهـا بآرثر الذّي يـّرغب و بالنـّيل من أختهـّا فـلور ، لكّن على
    غـّير النـادلة فهي لمّ تـذهب إليه بقـدميهـّا من أجّل إعـجاب بـّل لهـدّف أسمى و غـّاية أسمـى أيضـّا ، وجـهت إصـبعها نـاحية
    المـدّعو بكايل و قـّالت بـعصبية شديدة
    ـ أنـت ، من تـّظن نفـّسك لتـّلعب بقـلوب النسـاء ؟ أتـظن أنه لـدّيك الحـّق لفـّعل ذلك بـمجّرد أنك ّ تمتلك الـقليل من الجـاذبية ؟
    أيهـا الأخـرق عـديم الإحسـاس لتشـكّر الله أننّي لا أعـّرف خـطّيبتك فـّلو كـّنت لذهبت و أخـّبرتها فـورا لتتـركّك،
    لا أصـدّق أن شـخّصا مثـلك مقّبل على الزواج . هه مـّغفل
    وقف كايل بـهدوء و هو يّصر على أسنـانه رافضّـا فقـدّان أعـصابه ،
    جـذّبها من يـاقة قـميصهـا ليـظهر قـصّر قـامتها إلى العيـان ، قـال بـحدّة
    ـ لا أظنـك تـّعلمين مع منّ تـتحدثين يـا طـّفلة لذّلك يـجّدر بـكّ الاعتذار و المـغادّرة على الـفور مـا دمـّت لا أزالّ محتفـّظا
    بآخر ما تـبقى من هـدوء
    زمـّت مـّاري شـفتيها بعـّصبية و دّفعته على الطـّاولة فـّسكب الـعصير فـوّق مـلابّسه التّي تبدوا باهظة الـثـمن
    ، وّضعت أصبعها أمام عينها ثـم أخـرجّت لسـانها بكّل سخرية كأنها تـّثبت له بأنهـّا فـعلا طـّفلة

    ـ مـغفل أخـّرق ، إنّ رأيتك مـّرة أخرى مع زوجتكّ فـسوف أحـّرص على إخبـارها أيهـّا الأبله عـديم الإحسـاس .
    استدارت إلى الخـّلف و ركـّضت بأقـصى ما تـمتلك من قـّوة ، حـّالمـّا إستعاد كايل تـوازنهّ صـّرخ بـّحـدّة و هـّو يـّراها قـدّ
    إبتعـدت كثيرا عن مـناله
    ـ أيتهـّا السـافـّلة ، تـأكـدّي أنني لن أتـرككّ تـنجين بـّفعلتك
    إختبـأت مـّاري خـّلف زقـاق في زاوية حـّيث لا أحـدّ يستـطيع لمحّها ، جـّلست مـهـدأة نبضات قلبهـا المـجنونة مستـّغربة من
    فـّعلتها الغـّير اعتـيادية تـلك . زفـّرت بغيض كل هـذا بسبب فـّلورا ،
    /
    وسـطّ تـلك الـغّـرفة المـّظلمة حـّيث لمّ يستـطّع نـور الصـّباح الـتّسـلل بـالـّرغم من تـلك ّ النـّوافذّ الكـّبيرة التـّي إحتـّلت مـّعظم الجـدّار
    ، فـّي ذّلك الـّسرير كـّان نـائمـّا و أنفـاسه المـضـطّربة هي الـوحيـدّة التـّي تـّدل على وجودّ كـّائن حيّ قـدّ يعيش بـهذا الـسكون المـخيف ،
    شـّعره الأسـود الحـّريري قـدّ التصّق بـجبهته من شـدّة تّعـّرقه أمـّا وجـّهه فـكّان شـاحّبا لا أثـّر لـدّم به ، يبـدّوا و كـأنه يلفظ أنفـّاسه الأخيـّرة
    بجـّانبه جـّلس شـّاب يـمسكّ بين يـّديه منـّشفة يـّضعها بكـّل إحـكام على جـّبهته و هو يتـأسف على حـّالة التـّي وصـّل
    إليهـّا صـدّيقه الـوحيد ، إنهّ يـتألمّ لكّن لا يستـّطيع مسـاعدته سوى بـوجودّه جـانبه و هّل هـذا يـنّفع في حـّالته ؟
    أمسـكّ الـشّـاب المـّريض بـطّـرف الـّسرير ثـمّ جـّلس بـما تـّبقى من قـّوة لديه ، فـأسّرع صـدّيقه نـاحيته و هو يثّبته بـعدّ أن وّقف
    ، قـّال بـنبرة قـّلقة
    ـ ما الذّي تـظن نفسكّ فـاعلا في حـّالتكّ هـذه ؟
    ـ إبتعـدّ عـني ، سـأذهّب إلى الـعمـّل
    ـ هـل أنـت مـجّـنون ؟ لا لنّ أتـركك ، العـمـّل ؟ سـوف تـخّر سـاقـطّا ما إن أنـزعّ يدي من على كـّتـفيكّ و تـّقـول العـمّل ؟ لا مسـتحيل لا
    ـ أنـّا لمّ أطـّلب رأيـكّ ،
    ـ أريـدّ مصـلحـتكّ و أنـت أدرى بـذّلك فـلا تـجّعلني أستـعـمّل العـنّف لتستـّلقي هـذه المـّرة على الـسـرير إلى الأبد .
    رفـّع مـعطّفـه الأسـودّ ثـمّ وضّـع وشـاحه حـّول عـنقه و إرتـدّي حـذائه بكل صـّعوبة ، نـّظر بـواسـطّة عينيه الـحـادّتين الـدّاكنتين
    نـّاحية صـدّيقه و ابتسـمّ بـكّل بـرود ، فتـحّ بـاب الـشّقـة و خـّرج وسـطّ تـلك العـّاصفة الــثـلجية ، ضـّاربـّا مـّرضه و الجـّو عـّرض الحـائط
    اصطدمت بـه فـتاة كـّاد أنّ تـسقطّه لولا أنه تـماسكّ في آخر لحـظة ، اعتـذّرت بأسـف حقيقي ثـمّ ركـّضـت إلى الأعـلى بينمـّا
    أكـّمل هو طـّريقه نـاحية الأسـّفل غـير مـّعير مـا قـّلق صديقه أي إهتمـام
    الشابتر الثاني

    خـّطوة نـحّو الـحـّرية ـ الجزء الثاني



    ثــالثـّة مسـاءا ـ يـومّ الثـلاثـاء الـرابـعّ عشـّر من شـّهر أكـتوبر ،
    لقـدّ انتهـّت أخـيرا من حـّزم حـّقيبة ظـّهر تـلكّ الـتّي إستـّغرقت منهـّا أيـامّا
    ليّس لتـّرتيبهـّا و إنمـّا لإيجـاد الـشجـّاعة بالإقـدام على هـذّه الخـّـطوة الـجريئة
    مـّرتـدّية جـوارّب طـّولية سـوداء الـلونّ مـّع تنوره حمـّراء قـّصيرة تـّصل إلى أعـلى
    ركّبتيها بقـّليل و قميصـّا قـطّنيـا أصـّفر بـّاهت مـّع قـّبعة حمـّراء ، وضـّعت حّقيبتهـّا
    على ظهرهـّا بعـّزم ثـمّ نـّظرت في المـرآة
    شّـعرهـا الـّبني لا يـزّال غـّير مسـّرحـّا بـطّريقة يـطّمئن لهـّا قـّلبـها لكّن لا وقـّت لذّلك
    ، أغـّلقت باب الـشّقـة بالمفتـّاح ثـمّ نـّزلت إلى الأسـّفل فإلتقت بـطّريقـها الـسيدة فـرانسيس
    الـّتي استـوّقفتهـّا حـّالما رأت حـّالتها الـغّريبة
    ـ مـّاري ، ما الـذّي تـّفـعلينه ؟
    ـ سيـدّة فرانسيس ، قـدّ أغـيب ليّـوم أو ثـّلاثة لـذّلك إهتـمي بالشـّقة أثنـاء ذّلك
    ـ لكـّن إلى أيــّن أنـت ذاهــّبة ؟
    ـ لأخـتّي فقـدّ دامــّت سنـوات منـذّ لقـائنا الأخير لهـذا قـدّ أنـّام لـدّيهـا ،
    أومـأت سيـدّة فرانسيس بـالإيـجّـاب و كـادّت أن تـغـاّدر لولا
    أنهـّا تـوّقفت فـجأة لـّتـعود إلى مـاري الـتّي لا تـزّال في مـكّانهـّا ،
    قـّلت بسخـّرية
    ـ لقـدّ أخبرني ويـّليـام أنّ لدّيه حـّفلة في نهـّاية هـذّا الأسـبوع و هو
    لا يـزّال متـّرددا بـشـأن الفتـّاة الـتّي سوف يـّصطـحّبها مـّعه لـذّلك رشـحّتك
    ، لعـّلك قـدّ تـجدين رفيقـّا هنـاكّ و إلا سـتّبقين للأبد وحيـدة
    إحمـّرت وجنتي مـاّري من الخـّجل و صـّرخت بـكّل إحـراج
    ـ أنـّا أمتـلكّ رفيـّقا ، فـعلا لمـاذا لا تصـدقونني ؟
    سيدة فرانسيس بـّسخرية عـاّرمة :
    ربمـّا لأنكّ لا تمـلكيّن واحـدّا صـدّقـا
    زفـّرت مـاري بـّغيض و ركـّضت مـّسرعة خـاّرجة من المـّبنى بـأكمله ،
    فليّس لدّيهـا الـّوقت لتتبـادّل الأحـاديث الـودّية أو المنـّاقشـات العقيمة
    مع جـّورجيـّا لأنهـّا و الآن على وشـكّ أخـذّ أكـبر مـغـّامرة في حيـّاتها
    ، و للمـّرة الأولى استجمعت شجـّاعتها فقطّ لآجّل و من أجـّل فـلورا
    /
    تـّوقفت الحـّافلة عنـدّ مـحـّطة قـدّيمة لا أثـّر للحيـّاة بهـّا ،
    الـجّرائـدّ مرمـّية في كـّل مـّكان و الـّريـّاح تـّهب بشـّدة جّـاعلة الأمـّر يـبدوا كمـّا
    لو كـّأنـّه فـّلم رعـّب ربمـّا هـذّا من وجـّهة نـّظر مـّاري فبالرغم من النـّاس
    الأقـلة الذّين يـّسيرون ، هـّي لمّ تـّرهم
    بـّلعت ريّقهـّا مرارا و تـكـّرارا بينمـّا قـدّميها تـّرتجّفان من شـدّة التـّوتر
    و الإرتبـّاك فـكّل الـشـجّاعة قـدّ ذهبت أدراجّ الـريـّاح كـتلك الـجرائد تمـّاما ،
    وقفـّت أمـّام منـّزل هـّادئ ، أنـواره مـّضـاءة و لا أثـاّر للحـّركة به ..
    تـّراجعّت للخـّلف ثـمّ فتّحت فمهّـا لتـدّخل أكـّبر كـّمية من الهـواء تـّستطيـع حمّلها ،
    هـل تسرعت في قرارها يا ترى ؟ لكن لا مـجّال لتفكير في حـّل آخر خصـّوصـّا
    أنهـّا لا تـّعلم متـّى يـتّم توقيع العـّقد ، و لا مجـّال لـعـودة أيضـا بـعد قـطعها كل هـذه المسـافة
    تـّقدمت ثمّ طـّرقت الباب بـّخفوت ، لمّ يجّب أحد فـّرنت الجـّرس ..
    إنتـظّرت قـليلا ثمّ فتح البـاب على مصـّرعيه ليـظهّر رجـّل جميـل
    المـظهر في الأربعينات من العـمّر ، شـّعره البني الذّي تخللته خـّصلات بيضـّاء
    و جسّمه قـّوي البنية ، تـوترت مـّاري و كـادّت أن تـهّرب ربمـّا لأنهـّا خائفة
    و مـّرتعبة من عـدّم تقّبلهما لهـّا من جـدّيد و ربمـّا حـنيّـنا و إشتيـاّقا لتـلكّ
    الأيـامّ التّي بـالرغـمّ من سـوادهـّا إلا أنهـّا كـّانت أفـّضل ذكرياتهـّا فـلا تمـّلك
    سواها شاءت أم أبت ، ارتجّفت شّفتيها و هي تقـول بهمس
    ـ مـرحبـّا والـدي
    نـظّر إليـها جيـدّا من الأسـّفل إلى الأعـلى ، تلكّ النـظّرة تـّعرفها مـّاري تمـّاما
    .. حينمـّا يوشكّ على تـّوبيخـها ، عنـدّما تمتـدّ يـدّه لتمسّك شـّعرهـّا و يـّقوم
    بـضّرب رأسهـّا على الجـدّار بكـّل مشـّاعر حـاّقدة ، هل سيـّفعل ذلك الآن ؟
    بـالرغم من أنهـّا تـّبلغ العـّشرين هـّل سيـّضربها ؟ ، دّمـعت عينيهـّا ضـّعفـّا
    و قـّالت متلعثمة
    ـ لقـدّ عـدّت
    ضـحكّ بـسخرية ، تـلكّ الفـّتاة لمّ تتغـّير أبـدا .. ظـنّ أنهـّا ربمـّا و بـّرحيـلها
    سـّوف تكتـّسب قـّوة شـّخصية و ستـّصبح لا تـّخشى شيئـّا لكـّن لا زالت نـّفس
    الـطّفلة الخـّائفة فقـطّ من نـّظراته ، قـّال بـبطء
    ـ من أنــت ؟
    ـ مـ مـ مـاري
    ـ حـّقـا ؟ و لمـاذا عـدّت يـا مـّاري ؟ لأنـكّ سـمعت بإفـلاسي و أتيت لكـّي تتشـمتي بـّي ؟
    بـوالدكّ العـزيز الـذّي أحسنّ تـّربيتك و في المـّقـابل رحـّلت و تـرّكته وحيـدّا
    بـدّون إهتمام لمـّا قـدّ يـحدّث له ؟ أليـّس هـذا مـا أعـّلنته عنـدّما رحـّلت ؟
    أنـّه لمّ يـعدّ لكّ عـلاقة بي ؟
    لهـجّته الـغـّاضبة جـّعلتها تـبكّي بـكّل ضـّعف ،
    و بـالرغمّ من دموعهـّا التي شـّقت طّريقـّا نـحوّ خـدّيهـّا أجـّابته بـنـّبرة متحشرجة ،
    كـّل مـا تبقى من شـجّاعتها
    ـ أنـّا هنـّا لرؤية فـّلورا بـشـأن الـصفّقة
    ـ أهـا إذنّ هـل أتيت لتـحلّي مكـان فـّلورا ؟
    بـّلعت ريقـها خـّائفة من فـكّرة عـّرضهـّا لآرثـر ، ليتهـّا لمّ تـّعدّ إنهـّا ليست نـدّا له فـلماذا
    لمـاذا أتـّت ؟ مـا دمت تـرهبه لهـذه الـدّرجة لمـّا ؟ أحكـّمت على قـّبضتهـّا
    ثـمّ قـالت بـّصـراخ
    ـ أنـّا هنـّا لأنـقـّذهـّا من مـخـّالبك ، سـوفّ نـّهرب و لنّ تـرانـّا مـجـ
    دوى صـّوت صـّفعة في المكـّان كـالـصدّى لتسـقطّ مـّاري بـكّل دهشة و هي تـنـّظر إليه ،
    إنهّ لا يـزال يـكّرهها لـجّرم لمّ تـّرتكـّبه .. حـّتى بـعدّ أن مضـّت سنتين هو لمّ يشـّتق إليهـّا
    و لمّ يمنـّع يده من أن تمـّتد نـّاحيتها فـّي هـذه الدّقائق الـّقليلة التّي مضـّت ، تؤلمهـّا الـضّربة
    فـّعلا لّكن لّيس كسـّهم الذّي أوجّع قّلبهـّا لحـدّ الثـمالة ، قـّال بـحدة
    ـ لا تـحـّاولي أخـذّ فـلورا منـّي فـلوّ فـعلت سـّوف أقـوم بـّقتلك و لنّ أهتـمّ ،
    أسمـّعت أيتهـّا الحـقيرة ؟ لقدّ قـّلت لكّ قـّبلا و سـّوف أقـول لكّ هـذا مجددا لـّعلكّ نسّيته ،
    أنـّا لا .. بـّل نحن لا نـّريـدّك كـجزء من الـعائلة و إن تـجرأت يومـّا مـّا على الإتصـّال بـفلورا
    فـثـّقي أنـها سـتكون أخر مـّرة تـّسمعين صّوتها، حـّقا سيـكون يومّ فـّرحي عنـدّما يـّتم الإعلان عن مـّوتك
    وقفـّت بـّسرعة عنـدّما رأتّ أختهـّا تـّقف من بـعـيدّ عـلى سلالمّ ذلك المنـزّل
    و عينيهـّا قـدّ امتلأت بالـدّموع ، أمسـكّت يـدّه بـكّل ذل و هي جّالسة على ركبتيها
    بينمـّا الخـّوف قـدّ كسى كـّيانها بأكمله
    ـ لا أرجـوك لا .. إلا فـّلـورا ، إلا فـّـلورا .. فـّلـورا أرجـّوك لا تتـخّلي عني ،
    فـّلورا أنـّا أحـبكّ أرجـّوكم لا ذنب لي ، فـّلورا أنـّت تـّعلمين أنني بـريئة .. فـّلـورا لا تتـركني
    ركـّلها على بطـّنها فـسـقطّت بألم على الأرض ، لمـاذا فـّعل هـذا ؟ إنهـّا لمّ تـّقـل سوى الـحقيقة و
    الحـّقيقة فـقط فلماذا يـّعاملها بـهذه الرداءة ؟ كـأنها ليّست ابنته ،
    أسرعت فـلورا نـحوها و أمسكّتها من ذراعها بكـل صدمة
    ـ لماذا تـّفعل هـذا والدي ؟ مـّاري لقد عـادّت أليس هـذا مـا أردّته ؟
    ـ أردّت عودتها لفـّعل هـذا بهـّا ، أدخلي فـلورا بـّسرعة
    نـظرت فـلورا نـّاحية أختهـّا الـصغرى بـّقـلة حـيلة ثـمّ تنهـدّت و هي تـعود خـّائبة إلى المنـزل ،
    إبتسـم جونـاثان ببـرود و إنحنى لـيربتّ على رأس مـّاري بلطـّف لـيّقول بسخرية
    ـ إنّ أحـّضرت 500 مـّليون دولاّر إلي سـوفّ أسـامحّك و قـدّ أختفي من حيـاتك للأبد ،
    ألـيس هـذا مـّا تـردينه ؟
    ضحك بـّقوة ثـمّ دّخل ليـّغلق الـباب بكـّل قـوة في وجههـّا ، بـّقت هنـاك لـسـّاعتين ..
    جـّالسة في نفـّس المكـّان تنـظر إلى نفـّس الـبّقـعة ، يـّاله من تـّغير في الأحـداث ..
    وقفت بـصّعـوبة ثـمّ ابتـسمـّت و الحـزنّ على محياها ، همـّست بـشرود
    ـ لـو أمـّي هنـا مـاذا كـّانت سـّتـفّعل ؟ أتساءل ؟
    /
    أخفـّضت ستـّار الـنـافذة عنـدّما رأتها تـغـاّدر ، اتجـّهت إلى سـريرهـّا
    ثم جـّلست عليه بـقّلة حيلة كعـادّتهـا ، ألمّ تـخّبرهـا ألا تـأتي ؟ ألـمّ تـّقل لهـّا أنهـّا
    ليست بـحّاجتها ؟ تـلكّ الـطـّفلة الـغّبية بالـرغـمّ من خـّوفهـّا إلـا أنهـّا أتـّت و
    وقفـّت في وجـّه والـدّهمـّا ، بالـرغـمّ من أنّ سـاقيها كـاّنتـا ترتجفـّان بـشدّة و
    كلمـّاتها المـتّقـطعّة و وجـّهها الـشـاحّب ، هـّي نـّظرت إليه و قّـالت مـا تـّريده فـعّلا .
    تنهـدّت و استـّلقت لتـوجه عينيهـّا الـزرقـاوتين نـحو الـسـّقف بـكّل شـرودّ ، يـّا تـرى
    لو والدّتهمـّا لا تـزال هنـّا هـّل كـّانت سـتـّلومهـا لـّترك أختهـّا الـصغرى وحـّدها في
    هـذا الـعـالم ؟ هـّل كـّانت لتـّسـامحهـّا على خـطـأها هـذا ؟
    استـدارت إلى الجـّهة الأخرى و قـدّ بـدأ رأسها يـؤلمـّهـّا من شـدّة التـفكـّير ،
    مـاذا عن مـّاري ؟ تـلكّ الـطّفلة لمّ تـكّبر كيـّف سـتّواجه أمـّر عيشهـا وحيـدة
    و هي تـّخاف من ظلها ؟ هـّل ستسـامحّها على تـركّها ؟
    ابتسـمّت بـهـدوء ، طـّبـعا سـتّفـعل
    /
    في أحـدّ النـوادي الـّليـلية حيـّث كـّانت صـّوت المـّوسيـقى الـصـّاخبة يـعـمّ المـكّان
    و النـّاس تتمـّايـل ذات الـيمين و الـشمـّال بـكّل سـعادة ، بينمـّا ذلك الـشـّاب ذو
    الشـّعر الأشـّقر الحـّريري المـّربوط خـّلف أذنيه و بـأذّنه اليسرى حـّلقة صـّغيرة سـوداء
    تنـّاسب شـكـّله .. يـّضع قدّما فـوّق الأخـّرى و قـدّ فـتحّ أزار قـمّيصه الـعّلوي
    بـكّل ضـّجر من شـدّة الـحرارة ، كـّانت مـعظم النـّساء تنـظّرن نـحوه متمنـّيات
    و لـّو لمـحّة من عـّينيه الـناعستين الجـاذبتين لكـّنّ لمّ يـبالي هـذّه المـّرة فـمـزاجّه مـتّعكر
    و لا يسمـّح بالـلهو هنـّا و هنـاكّ
    سمـّاعة لا تـزال تـّرن و تـّرن لكـّنه يـأبى الـردّ ، ذّلك الأحمـّق المـّغـرور ..
    ألهـذه الـدّرجة يمـنـّعه كبـريـاءه الـعتيد من إظـهـّار ضـّعفه لصـدّيقه الـوحيد ؟
    زفـّر بـغّيض و رمـّى هـّاتفه على الـطـّاولة بـكّل عـّصبية ،
    إنّ رأى وجـّهه فـسـّوف يـتـأكدّ أنّ يـلكمه بـأقصى مـّا يمتـلكّ من قـّوة
    لـّعله يـّصحو من هـذّه الحـمّـاقة التّي أصـابته و هـاهي أمنـّيته قـدّ تـحـّققت فقـدّ دخـّل شـّـاب
    ذو شـّعـر أسـودّ حــريري ينـّسدل على جـّبهته بـكّل حـّرية أمـّا عـينيه الحـّادتين فـكّانتـّا تنبئان بمدى
    خـطّورته ، طـّريقه سيـّره تنـّب عن الـّثقة المطـّلقة و الأهـمّ نـظّرة الكـّبـريّاء الّتي عـّلت مـّلامحـّه ..
    بـرودّة ، حـدّة ، غـّرور ، كبـّريـاء و ذكـّاء ، إتجـهت إليه جمـّيع أعين النـاّس يتهـامّسون حـّوله .
    سـحّب الكـّرسي و جـّلس فقـّال الـشـّاب الآخر بـّسخرية
    ـ أخيـرا قـّرر الـملك الـظـهور ، كـّيف حـّالك الآن؟
    لمّ يـجّبه بـّل طّلب من النـاّدل كـأس شّـرابّ قـوي ، ثـمّ التفت نـّاحيته ..
    رغمـّا عن كـّل هـذه الـّصفات التي رآها العيـّان هو الـوحيـدّ الـذّي يـرى فعـّلا مـا بـدّاخله ،
    قـّال بإبتسـامة كـّسولة بـّاردة
    ـ أحســّن ، إذّن هل وجـدّت حثـّالة أخرى تتسـّلى بهـّا في ظـّل غـّيابي القـصير؟
    ـ مـاذا ؟ لقدّ جـّلست هنـّا كالمـّغفل أنتظـّرك لمـدّة سـّاعة ، دّعنـّا من هـذّا .. كـّيـف أحـّوال العـمـّل ؟
    و مـّا أخـّبـاركّ فـعلا ؟
    نـّظر شـّاب ذو الـّشعر الأسود نـحّو صـدّيقه بـحدّة كـأنهّ يـّحـّذره بـتـّخطيه حـدّوده معه و لمّ يجـّب على
    سـّؤاله التـّافه بـرأيـه ، أتـى النـاّدل بـّشرابه المـّفضل فاحتساه بـّرشـفة واحدّة
    و أخـذّ يـّقـّلب الكـأس بـيّن يدّيه و الـضجـّر يـّعلو وجـّهه
    ـ أنـّا مـّستمع جيـدّ كمـّا تّعـلم ،
    ـ ويـّل مـّا رأيـكّ أنت تّغـلق فـمكّ لـبّرهة فـأنت تـبدّو كالنسـّاء بـّثرثـّرتك هـذّه لذّا إخـّرس
    زمّ ويـّليـام شفتيه على مضض متقـّبلا مـزاجّه العـكّر بـّرحابة صـّدر فقـدّ
    وضع يـدّه حول كـّتف صـدّيقه و قـّال بابتسـامة جـذابة أطاحـّت بـّعظم النـّساء
    ـ أتـّعلم أن الـّبعض يـتمـّنى لو كّلمة من فـمّي أنـّت مـحظوظ يـّا رجـّل مـحـظوظّ
    بـحّصولك علي هيـّا ابـتّسم
    ضحكّ صـدّيقه لـوهّلة لا تتـعدّى خمّس ثـواني و هو يـّضربه على كـّتفه بمـّزاح،
    ثمّ قـّال بنـّبرته المـّبحوحة الـمميزة
    ـ أحـّمق
    تـهامّس أحـدّ الفتيـّات الجـّالسـّات على مـّقربة منهمـّا جـّعل ويـّليـام يـّنفـجّر
    ضحكـّا بـعدّ سمـّاعه لحـدّيثهن الـمشـّوق
    ـ أخـّبرتك أنّه يـنتـّظر صـدّيقه ، لكـّن فعـّلا مقـولة الـوسيمـّين لنّ يصـاحبوا
    إلا الذّين بـمّثل وسـامتهم ،
    ـ هششش لقدّ سـمعـّونا ، مـا رأيـكّ بـأن نـّذهب نحوهم ؟ أنـّت خـذّي الـشّـاب
    ذو الـّشعر الأشـّقر و أنـا الآخر
    ـ حسنـّا
    قـطّب شـّاب ذو الـشّـعر الأسـود بـانـزعاج فـهـّاهي تـّضع يدّها النـاّعمة
    على كتّـّفه بـكّل رقـّة بـعدّ أنّ وصـّلت إليـه ، قـّالت بـنـّعومة بـّالغة
    ـ هـّل أنـّت مـّتـفرغ ؟ مـا رأيـكّ أن تـنظم لنـّا و سـأؤكـدّ لكّ أنـكّ لن تشـّعر بـالملل أبـدّا
    زفـّر بـغّيض ثمّ أمسـكّ كـأس ويـّليـام و استـدّار نـّاحية الفتـّاة راسمـّا على
    شـّفتيه ابتسـّامة بـّاردة كـّقلبه تمـّاما ، رمـّى مـّا فيه على وجّهها فـّشهقت بـّدهشة
    و تـّراجّعـت إلى الـخّلف بينمـّا وقف هو بـّشموخ قـّائـلا ببـحّة و حـدّة
    ـ لا تـّلمسيني بـّيدك الـّقذرة ، ويّليـام أنـّا مـغـادر
    سـّار بّسـرعة بينمـّا لا زالت الفـّتاة واقفـّة بـصـدّمة ، رغمـّا عن جمـاّلهـا الـأخـاذ
    إلا أنهّ لم يـّلقي و لو نـّظرة بـسيطة عليهـّا ، أمسـكّ ويـّليـام بـمنديـله
    و مسـّح وجهها بكـّل رفّق ثمّ قـّال و نبـّرة الأسـّف واضحة
    ـ عـذّرا آنستي فـصديقي في مـزاج مـّتعـكّر الـّيوم ، إنّ أردّت فـيمكنك إرسـّال ثـّمن فـّاتورة
    غـسـّل ثـّيابك إلي و أنـّا سأكـّون ممتنـّا
    رحـّل هو أيضـّا
    الشابتر الثالث

    الحـّفـلة ـ الجزء الأول

    سمـّاء مـّلبـدة بالغـّيوم كالعـادّة و ضـّبـاّب منتـّشـر في الـشـوارّع بـكّثرة ،
    تـلكّ الـشجـّرة ذّات الـوريّقـات الـوردّية قـدّ تـّسـاقطّت كـّلها دّاخل تـلكّ الـّشـرفة الصـّغيرة و
    قدّ كانت تّحولت للـّون الأصـّفر الـّباهت ،
    مسـّتلقية على أريـكةّ ذّات لونّ ازرقّ مخططّ بالأسودّ تـّلفها عـدّيد من الأغـطّية عينيهـّا تـّوجهتـّا
    إلى مكـّان الـوحيد الـذّي يـّصدر منـّه الـضـّوء الـتـّلفـاز حيـّث أنّ فـّيـلما قـدّيمـّا قدّ قـّرر
    إعـادّته لذّلك هّي فـّضلته على الـذّهـّاب إلى الجـّامعة الـيّوم لأنهـّا لمّ تكـّمله سـّابـّقا.
    أدّخلت المـّلعـّقة في فمهـّا لكّن لمّ تشّعـر بـشيء ينسـّاب عبـّر ريّقها فنـظّرت إلى
    المـّلعقة الفـّارغة ثـمّ إلى المـثـلجّات التي قدّ نفـذّت ، تنهـدّت بـكّسل لا رغـّبة لهـّا بالذّهـّاب
    الآن إلى سـّوبر مـّاركت مشيـّا على الأقـدّام الـذّي يبـّعد مسـّافة شـّارعين .
    الـيـّوم هو يـّوم الإعـتـكـّاف المنـّزلي الـعـّالمي و لا أحـدّ سـّوف يـّخرجـّها من هـذّه
    الـّشقة حـّتى لو تطـّلب الأمـّر مـّوتهـّا ، رنّ الـجّرس وقفـّت بـبـّرود ثـمّ صـّرخت بـّقوة
    و هـّي تـّقـول مخاطّبة الـقـاّدم بكّل غّضـب

    ـ أنــــــــــــــــا لسـّت هنــــــــــــــاّ

    تـّوقف الـجّرس عن الـّرنين فتنهـدّت بـراحـّة ،
    الآن بمـّا أنهـّا قـّد وقفـّت سـّوف تـّذهب لإحضـّار الـشيـكولاطة إنهـّا بـدّيـل نـّافـّع للمثـلجـّات ،
    عنـدّمـّا وصـّلت إلى المـطّبخ و نـّظرا لأنـّه يبـعدّ خـطّوتين عن الـباب الخـّارجي
    سـمّعت همسـّات خفـّيفة أمـام بـّاب شـّقتها ، أحـدّها لـسيدّة فـرانسيس و الأخـّرى لـشـّاب ،
    إنهّ ويـّليـام
    فـتّحته على مصـّرعيه و نـظـّرت إليهمـّا ببـرود ، يـّا لهمـّا من جيـّران طـّيبين لا يـدّخلون
    أنوفهمّ في شـأنّ الآخـّرين ، ابتسـمّ ويـّليـام إبتسـامته الـجـذابة الـشـهيرة بينّ النـّساء
    و قـّال بـودّية
    ـ مـّرحبّا مـّاري ، كيـّف حـّالك ؟
    لمّ تـستـطّع مـّاري أنّ تـّبقي على مـزاجّها السيئ و هو يرمـّقها بهـذّه النـظرات الـبريئة
    و الـلطـّيـفة فابتسـمت بـخّفة و هي تـّرد عليه بـودّية أيـضّا
    ـ أهـّلا بـكّ ويـّليـام ، آسـّفة لأننـّي صـّرخت قـّبلا لقدّ كـّنت مـنـزعجّة قـليلا
    تذّكـّر ويـّليـام صـدّيقه ذو المـزاجّ المتعكر دومـّا و بدّون سبب في كـّثير من
    الأحيـّان و الـذّي يـّؤدي لصـّراخه عليه كـّل يوم ، فقـّال بـضحكّة
    ـ لا بـأسّ أنـّأ معـتاد على ذّلك ،
    أمـّا ماري فقدّ إحمـّرت وجنتيها و هي تـّظنه يقصدّها بكـّلامه ،
    لأنهـّا كـّلما قــّابلته كـّنت إمـا تّصـرخ أو تشـتمّ و هـذّا قدّ يكون كـّون صـّورة سيئة لها بـنظره ،
    قـّالت السيدة فرانسيس بغيض مقـاّطعـة حديثهمـّا
    ـ مـّاري ، آمـّل أنـكّ لم تـنسي الحــّفلة
    مـّاري بتسـاؤل : أيـّة حـّفلة سيدة فرانسيس ؟
    زفــّرت الـسيدّة فرانسيس بـّغيض و هي تمسـكّ رأسهـّا بكـّلتـّا يدّيها ،
    هـّي تـحـّاول جـاّهدة أن تجـدّ لهـذّه الـطّفـلّة الـغّبية شـّابا يـؤنسهـّا عن وحـدّتها لكنّ
    بـلاهتهـّا تمنـّعها من الاستمرار ، رفـّعت أصـّبعها أمـاّم مـّاري المسـّتغربة و
    هي تـّقول بـكّل وعيـدّ
    ـ إنّ لمّ تجـدّي حبيبـّا سـوّف أقـتّلك بـيداي هـّاتين
    ابتسـمّت مـاري بارتبـاك و هي تضـع يدها خلفّ شـّعرها بينمـّا اقتـّرب ويـليـام منهـّا ،
    تفحصهـّا بعينّي رجـّل خّبير في النـّساء من بيجامتهـّا ذات الدّب الكـّبير إلى شـّعرها البني الأشعث
    و الهـالات الـسوداء تحـّت عينيهـّا ، كـّانت أقـل ما يقال عنها انتحـار في الموضة ،
    قـال بعدم رضى
    ـ تـبدين كشبحّ ، هـذا لّيس جيدّ يجـّب علينـّا إعـادة تـّرميم شـكّلك بالكـّامل
    وافقّته سيدة فرانسيس الـرأي فورا فـقّطبت مـّاري و كـادّت أن تـعّود لولا أنّ ويـّليـام قدّ حمـّلها
    على كـّتفه بسـّهولة كمـّا لو كـأنها ليست شيئا يذكّر ،
    صّرخت ماّري من شدّة الإحـّراج و قـّالت بخـجّل مدموجّ بعصبية خفيفة
    ـ ما الذّي تـّظن نفسكّ فـاعلا ويـّليام ؟ أنـزلني فـّورا
    ـ لا يـا عـزيزتي ، أنـّا أريـدّ من رفيقتي أنّ تكون أجمـّل جميـّلات الليـلةّ
    لذلكّ هيـّا جـّارني قـليـلا و لنـمّرح الـّيوم
    ضحكّت مـاري أجابته : حسنـّا ، حسنـّا لكّن دعني أغـّير ثيـابي أولا

    ـ لا طبـّعا لكيّ تعودي إلى الاختباء في جحركّ، أريـدّك أن تغيري وجـّهك العـابسّ إلى
    سعيـدّ .. هـّلا فـّعلت ذلك من أجـّلي ؟ فـأنا أريدّ رؤية ابتسـامتك المـّشرقة تلك

    ضحكـّت ماري على تـّعليقه و تشّبيه شّقتها بالجـّحر و الذّي هوّ حـّقيقّي تمـّاما بينمـّا أتت
    سيدّة فرانسيس مـّسرعة خـّلفهما و هي تـّرتـدّي مـعطّفها مع قّبعتهـّا ،
    ركـّبت سيـّارة ويـّليـام بـّرفقة مـّاري و إتجـّهـا إلى أفـخمّ مـحّل لفساتين الـسهـّرات بلندّن أكملّـها ،
    لقدّ لاحـظـّت جورجيـّا أنّ مـاري لمّ تـعدّ كمـّا كانت قـّبلا ،
    تـلكّ الطـّفلة البـّشوشة التّي لمّ تـزّل الابتسـامة من على محياهـّا لمـدّة فترة
    عيشهـّا معهـّا .. لذّلك قّررت و بـّرفقة ويـّليام أن يدّعاها تـّخرج من جّوها الكـئيب هـذّا
    و تغـادّر لتـّقابل أنـّاس جددّ بالرغمّ من أنهـّا ليست إجتمـّاعية بـطّبعها لكنّ المحـّاولة
    أفـّضل من عـدّم المحـاولة على الإطـّلاق .
    وصـّلوا إلى المـحّل المـوعـودّ فـنـزّل الـثـّلاثة من بينهم مـّاري التّي تكـادّ تّغرق إحراجّا
    من نـظرات النــّاس حولهـّا لملابسهـّا الطـّفولية تـلكّ
    جـّلست على كـّرسي الإنتـظار بينمـّا سيدّة فرانسيس و ويـليـام مع الـبـائعة يحـاّولون جميعهـّم إختيـّار شيء ينـّـاسب بشّرتهـّا و جمـّالهـّا الـبسيطّ ،
    في الأخـّير إختـاروا فستاناّ أزرق دّاكن اللون طـّويل عـاّري الكـّتفين بـّه فتـّحة صـّغيرة
    في الـظهّر مع قـفّازين بـيضاء ، و حـذاّء بنفـّس اللون ذو كـّعب عـّالي لعلهـّا تـّصل لكـّتف ويـّليام ،
    ثـمّ اتجهوا إلى صـّالون الحـلاقة حيـّث صـّففت شعـّرها بـطّريقة جميّلة بسيطّة فقدّ رفعت
    بضعة خـّصلات من الخـّلف على شـكّل وردّة و تركـّته منـسدّلا على ظهرهـّا بـعدّما قدّ
    أضـافت الحلاقة بـّضعة خـّصلات تـّشبه شعرهـّا الأصـّلي لتـجّعله يّصل إلى منتـّصف خّصرهـّا
    و بكثـّافة أيضـّا .وضـّعت أحمـّر شـّفاه و أخـّفت تلك الهالات الـسوداء ثـمّ ألصّقت عدّسات
    زرقـاء كـّلون سمـّاء إنتهـّى الأمـّر و خـرجّت من غـّرفة تـّبديل كـأنهـّا ليست مـّاري نفسهـّا
    التي دّخلت منذّ دقائّق عدّة
    إنبهـّر ويـليـام ـ سيدّة جورجيـّا ـ بـائعة الثـّياب ـ الحـّلاقة الجمـّيع من مـدّى جمـّالها المـّبهر ،
    إنهـّا رائـّعة ، لـّيست كمـعظم النـّساء ذّات هـالات طـّاغية من الأنـوثة أو شديدة الجمـّال
    لكـّن هنـاك شيء واحدّ فقطّ يميزّها عنهن ّ،
    تـلكّ الهـّالة من الـبـراءة و الـسذّاجة التّي نسّجّتها من خـّلف جـمّال وجّهها الطـّفولي و
    الأنثوي في نـّفس الـوّقت ، فـّريدة من نـّوعهـّا حقـّا .
    تـّوردّت وجنتيهـّا طّبيعيّا من الخـجّل و أغـّلقت عينّيها بإحـّراج لتـّظهر رموّشهـّا
    الطـّويلة المـّثيرة و الـبّريئة في آن واحدّ ، غـطّت وجّهها بكـّلتا يدّيها الـّصغيرتين
    و هي تقـّول متـّوترة

    ـ أنـا قـبيحة أليس كذلك ؟ لقدّ أخبرتـكمّ أنّه لا جـدّوى من فـّعل هـذا ،
    أعـلمّ أننّي أفـسدّت حماسكمّ أنـا أسفه ويـليـام ، كّنت أرجّوا أنّ تـّكون بـّرفقة إمـرأة
    جميّلة لكّن لمّ يّفت الأوان بّعد يمكّنك الإتصـال بأحدّ زميـلاتـكّ أو إنّ لمّ تـكّن
    أحدّاهن متـفّرغة فـسأجّعل كلير تخّرج معكّ ، إنتظر سـأتصّل بها فـّورا

    ضحكّ ويـّليام و جـذّبها من ذّراعهـّا نـاّحيته ، قّبل يدّها بكـّل شـّاعرية و هـّو يـّقول مـّبتسما
    ـ لـقدّ سـّرقـّـت عـّقلي بـحـّضوركّ الطـّاغي فإعـذّريني إنّ لمّ أجـّبك لأننّي
    مشـّغول بتـأمّل جمـّالك الأخـاذ يا آنستي
    صفقـّت سيدّة فرانسيس بحـمّاس بـّالـغ و إحتضـّنت البـائعة بكـّل فـّرح ،
    إنهـّا تعتبٍّر مـاري إبنتـهـّا التـّي لمّ تـرزّق بها و أنّ تراها في منتهـى تأنقهـّا هو حـّلم يتـّحقق .
    لا تكـّاد تنتـظر حتى تـّرى ما الذّي قدّ يحدّث في الحـّفلة ،
    فإنّ كان ويليام المعـتاّد على لقـّاء عارّضات الأزيّاء قدّ أعـجّب بها فـلما لا يّفعل الغـير ؟
    الـيّوم بكـّل تـأكيدّ لن تـعودّ خائبة الأرجـّاء .
    /


    تعليق

    • جمال الحياة
      عضو ذهبي
      • Nov 2019
      • 850

      #3
      رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

      الشابتر الثالث

      الجزء الثاني

      عـادّت سيدّة فرانسيس إلى المبنـّى بينمـّا إتجـّه كلا من ويليـام و مـّاري نـّاحية
      الحـّفل فيّ سيـارته الفـّارهة بـعدّ أن غـّير ثيّابه هو الآخـّر إلى بـذّلة رسميـّة و طـّوال الطـّريقّ لمّ يصمـّت بـّل
      كـّان يتـحدّث في مـواّضيع عـدّة فقطّ ليـّخرج مـّاري من تـّوترهـّا .
      لمـحّت مـّاري قـصـّرا من بعـيد ، كـّان أبّيض اللون يشبـه البيت الأبيـّض في تـألقه و جمـّاله فأشـّارت
      نـّاحيته بإعجـّاب عـّارمّ و هي تقـّول متـّحمسة كالأطـّفال تماما

      ـ ويـّل ويـل أنـظر هـّل هـذا هو بيتّ رئيس الـولايات المتحـدة الأمريكية أوبـّاما ؟ إنهّ يبدوا كـذّلك .

      ضحكّ ويليـامّ و لمّ يـّقل شيئـا ، تفـاجأت مـّاري عنـدّما رأتّ أن سيـّارتهمـّا تتجـّه نـحو ذلكّ الـقّصر ،
      الـبـوابة الحـدّيدية مـفّتوحة على مصـّارعها و الحـّراسّ يـحّرسون المـّدّخـل بينمـّا هنـاك سيـاّرات
      عـديدّة تـأتّي من كـّل مكـّان و جميـّعهـّا ذات آخر صيحـّة ،
      ركـّن ويـّليـام سيـّارته بّي أم دبليو ثـمّ إتجه إلى مـّاري و وضـّع يدّها بكـّل رفـّق حـّول ذّراعه ،
      أمـّا مـّاري فـلا تـزّال منـدّهشة ، هـّل يـّعرف ويـّليـام أناسـّا بمـّثل هـذا الـثراء و هو يـّعيش في
      مبـنى بمـّثل مبـناهم ؟ همسّ بودّ

      ـ أغـّلقي فـمكّ يـا مـّاّري و إلا سـتبتلعين بعوضة

      أومـأت مـّاري بـرأسهـّا إيجـّابا و هي غـّير قـادّرة على الكـّلام ، أتـت امرأتين ترتدّيان زّي الخـدّم و
      أخذّتا منهمـّا مـعطّفيهمـّا و الـدّعوة كـذّلك ثـمّ سمـحوا لهمـّا بالـدّخول إلى الـقاعة الـرئيسية حـّيث
      الـحـّفل الـحقيقي .
      بـّاب كـّبير مزيـّن بـزخـّارف ذهبيـّة يـّقف في كـّل جـّهة حـّارس و عنـدّ وصولهمّـا تـّقدما الـحّارسين و
      فـّتحا البـّوابة بإحتـّرام لتشـّهق مـّاري و الدّهشة قدّ أكـّلت لسانها ، مـا كل هـذا التـّرف ؟
      نسـاء يـّرتدين أبـهى الحـّلل من أشهـر المـصممين أمـّا الرجـّل فـجميعهم ببدلات رسميـة يـبدوا عليها
      الغـلاء ، ثـريـّا من ألمـاس و الجـدّران التـّي تـحتوي على أشهـّر اللـوحـّات لأعـظم الـفنانين ،
      طـّاولات بهـّا أغـلى شّـراب و أكـّل لمّ تـّرى بـمّثل لذّته قطّ .
      لكـّن الـذّي لفـّت إنتبـاهها من بين الجميع هي تلك الـشـّابة التـّي صـّرخت الأنوثة في حـّضورها ،
      فـّشعرها الأسـودّ كـّسوادّ الـليل قـدّ رفـّع على شكّل شين يون جميـّل جـدّا لنسـّدل خصّلات قـليلة على
      جّبهتهـّا ، فستـّانهـّا حكـّاية آخرى حـّورية منـسدّل على جسمـّها ليـّظهر تفـاصيل قـوامهـّا المـتناسّق ،
      ابتسـامتهـّا بـحدّها فـّتنة أمـّا عينيهـّا فـتشـّعان كالـنـجّوم بـّضوئهما الـمبّهـّر ، شـّعرت مـّاري أنهـّا
      مقـّارنة بهـّا هي لا شيء يـذّكر ، تقـدّمت تــلك الـشّـابة نـّاحيتهمـّا بكـّل ثـّقة و غـّرور ، عنـدّ وصولهـّا
      قـّالت بـهدوء و ابتسـّامة لمّ تفهم ماري مـّغزاها

      ـ ويـّليـام ، أهـّلا بـكّ .. كـّنت أظنـكّ لن تـحّضر لكّن حـّقا أنتّ دومـّا مـا تفـاجئني بتصّرفاتك الـغـّير
      متـّوقعة

      نـظر إليهـّا ويـليـام بـطّرف عينيه ثـمّ إنـحنى بـكـّل رشـّاقة لـّيقبل يدّهـّا و هو يـّقول بـمغـزى أيـّضا

      ـ لّيـّس أنـّا فقطّ من تـّصرفاته غـّير متـّوقعة إليـزابيث ، تهـّاني الحـّارة على زفّـافكّ و أتـمنى لكّ
      سـعادّة
      ـ شكـرا لـكّ عـزيزي

      فجـأة أتـّى شـابّ بمنتهى الأنـّاقة و الـوسـّامة ليـحتّضن تلك الشـّابة المـدّعوة بإليزابيثّ ،فشـّهقت مـّاري
      و قـدّ تـعّرفت عليه ، إنهّ ذلك الـشـّاب في المـقّهى الـذّي كـّان يـتحدُّث بـكّل عدّم إحتـرام على النـسـاء ،
      الـيّوم زفـافه ؟ و الأهـمّ أنهّ في غـّاية الـثـراء ، ما الذّي كـّانت سـتفعله إنّ ألـقى الـقّبض عليها ؟
      حيـّاتها ستنتهي ، إختبـأت خـّلف ويـّليـام و تظـاهرت بـأنهّا مـنشغلة بهـّاتفهـّا لـحـظة مـّا قال كايل
      بـابتسـامة خبيثة
      ـ ويـّليـام لمّ أكـّن أتـّوقع قـدومـكّ لكـّنّ كلنـّا نـّعلم سـّبب الـوحيدّ الذّي دّفعك للمـجيئ على أيـّة حـّال ،
      و إنّ كـّنت تـّبحّث عن فـتاتـكّ فـهّي في الأعـلى تبـكّي على حظهـّا
      رمـّقه ويـّليـام بـعّصبية بـّالغـة و كـادّ يـده أن تمتـدّ نـّاحية يـّـاقة كـّايل ليـخّنقه أو يـّقتله لكنّه تـذّكر
      الـصـحّافيين الـذّين يـّعجون بالمكـّان ، زفـّر بـّغيض ثمّ قـّال بحـدّة

      ـ إحـتّرم نـفسكّ و إنّ كـّنت تتـجرأ فـّقل هـذّا في حـّضوره أيـهّا الجـّبان

      أمسـكّه كـّايل من يـّاقة قـميصه متظـاهرا بـأنهّ يـعدّله،غـمـّز لـهّ بكـّل مـكّر ثـمّ قـّال بـبرودّ شديد
      ـ لمـّا لا يـقّـابلني وجـّها لوجـّه و سـّوف أريـكّ من الـجّبـان ، بالمـّناسبة من رفـيّقتك ؟ يبـدوا أنني
      رأيتهـّا في مكـّان مـّا ؟ هـّل أنـتّ واثقّ أنهـّا لمّ تكنّ من بينّ لائحـّة حبيبـاتي الـسّابقات ؟
      نـظرت إلـيه مـّـاري بـعـّصبية لأنهّ أهّان ويـّليـام تـّوا ، ويـّليـام الذّي إعـّتبرته صـدّيقا منذّ الـوهلة الأولى
      الـتّي سـقّطت عينيهـّا عـليه ، إنهّ يـهينه كمـّا لو كـأنهّ ليس بـشيء يـذّكر ، قـّالت مـّاري بإبتسـامة ودّية
      و هي تتـقدّم

      ـ عـذّرا لمّ أعـّرف نفسي بـعدّ لكمـّا ، أنـا أدعى مـّاري روبرت رفـّيقة ويـّليـام و لا أتـذّكر لـقاءكّ قـبلا
      سيدّ كـّايل فـوجّه كـوجّهك أو ّ حـدّيثك يصعب على أيّ أحدّ نسيـّانه ،
      كـّايل بـتّمعن : لا أنـّا واثـّق أنني رأيـتكّ في مكـّان مـّا ،
      أمسـكّ ويـّليـام ذّراع مـّاري بـهدوء و جـّعلها خـّلفه كـأنهّ يـّرفضّ أنّ تعـلمّ طـّفلة مـّثلها
      بـوجودّ أنـّاس هـكـذّا ، متـجّردين من جمـّيع مشـّاعر الإنسـّانية ، قـّال بـابتسامة جـافة على
      غير عادته
      ـ عـذّرا لمحـّت صديّقا لّي يـنـاديني، عنّ إذنكم .. هيـا مـّاري
      كـّانّ الثـلاثة يـّعـلمونّ أنهـّا مجـّرد حـجّة واهية لتـّخـّلصّ من بـّعضهمّ الـبّعض لكنـّهمّ تـّقبلوهـّا بـصّدر
      رحـّب و همّ يـستـدّيرون في جـّهات متـعـاكّسة، و بـعدّ هـذه المّشـادة الكلامـّية العنيفة رحـّل ويـّليـام
      باتجاه بضعة رجـّال يـّعرفهم بـعدّ إن أستأذن من مـّاري و جـّعلها تـجّلس في كـّرسي حـّيث تـكونّ تحت
      نـظريه إذ أنهّ لم يـّردها أن تـضجـّر من حـدّيث عن الـعمـّل ،
      أمـسكـّت قـطّعة حـّلوى بـدّت مـّغرية جـدّا لهـّا ، قـّضمت الـقّليل منهّا بـتـلذذ لكنّ شـّهقت فجـأة
      ممـّا جـّعلها تـكّح بـّقوة ، أمسكّـت كـأس العصير و شـّربته بـأكمله ثـمّ تنهـدّت ، مـا أكثـّر صدمـّات
      الـيوم ، أليـّس ذلكّ توم كـروز الممثـّل المشهـور ؟
      وقفـّت بحمـّاس لكّي تحصـّل على تـّوقيعه لكـّن وجـدّت شيئـا أكثـّر أهمية ، هنـاكّ يقف آرثر و
      مجـموعة من أصدّقائه مـّلتفونّ حـّول بـّعضهم و يـّتحدثونّ بكل استمتـّاع ، يـال سخّف لابدّ أنهمّ يـّعـّرفون كـّايل ، قـطّبت
      عنـدّما رأتّ آرثـّر بـّرفقة شـّابة مـّا غـّير زوجـته و لـّيست أختهـّا أيضـّا ..
      صـعدّا الـسـّلالمّ متـّجهين إلى الطـّبقة الـعّلوية ، يـّاله من زيـّر نسـّاء
      وقفـّت و قدّ خـطّرت في بـّالها فـّكرة ، لمـّا لا تتّبـع آرثـّر الآن و تـّلتقّط لّه صـّورة معّ تلك الـمـرأة ثمّ
      تهدده بـّفضحه عندّ العـّائلة إنّ لمّ يـتّخلى عن الـصّفقة التّي تهدد حـّياة أختهـّا الـغّالية ؟ ، مـّا دامت لا
      تّستطّيع أنّ تـجـّمع المـّال فـلمّا لا تـحـّاول ؟ ضحكـّت بـخّفوت و أمسكـّت هـّاتفها بـشدّة ، إنه مـنجيها
      الوحيـدّ الآن .. صـعدّت إلى الأعـلى بـّسرعة متحمسـّة ،
      وجـدّت الطـّابق العـّلوي خـّاليـا من أّي شـّخص ، بـه الـعديد من الـغّرف المنتـّشرة بكّثرة و نـّصفـها
      مـّغـّلق ، أخـذّت تنـظّر من ثـّقب الـمفـّتاح داّخل الـغـّرف لّعلها تـجدّ غـّايتها ، قـّالت بـهمّس مـاكّر و هي
      تـضحك
      ـ قـدّرك أّن يتمّ كشـفكّ على يـدّي ها
      فجـأة سمـّعت صـّوت خـطّوات كـّعبّ عـّالي ثـمّ همـّسـات ، تـبدوّا كمـّا لو كـأنهـّا إلـيزابيث لابدّ أنهّا هي
      فـّصوتها ممـيز جدّا ، إرتبكـّت و نـظّرت حـّولهـّا بينمـّا قدّ بـدأ الـّرعب يـنساب إلى قـّلبها ، فـتحـّت أحدّ
      الـغّرفة بـّصورة عشـوائية و أغـّلقت الـباب خـّلفهـّا و هي تـّلهث من شدّة الـخوّف ،
      كـّانت مـّظلمة لا أثـّر لـنـّور بـّها ، و صـّوت الخـّطوات يـّقترب أكـّثر .. ركـّضت مـّاري مـحّاولة
      إستكـّشاف المـكان لعـّلها تجّد مـخبأ مـلائمـّا ، قـّالت بـّرعب و هي تـّضرب رأسها مرارا و تكـرارا

      ـ تـّبا تـّبـا تـّبا لـكّ ماري و لفـّضولكّ الـذّي لا يـنتهي ، لمـّاذا أتـّيت أنـّا هنا ؟ مـا الـذّي أفـّعله ؟

      قطّعت كـّلامهـّا عنـدمـّا داست بحـذائها على طـّرف فـستانهـّا الطـويـّل فـصّرخت بـرّعب و هي تـّرى
      نفـّسها تـسـقطّ ، فـتحـّت عينيهـّا بـبطء و نـظّرت حـّولها .. لـّيست على الأّرض ، تلمّست بـواسـطّة
      أنـاملهـّا الـصـّغيرة الـشيء الذّي سـقطّت عليه ، أريكة ؟ لكـّن تـبدوا صـّلبة ، أنـفّاس ؟ شـهقت و كـادّت
      أن تـّقف لولا أنّ خصـّلات شعـّرها قدّ علقت بشيء مـا ، سـمـّعت همسـّا خـّافـّتا مـبحوحّا حـادّا

      ـ إرفـّعي جسـمكّ المـتّرهل عني


      تعليق

      • جمال الحياة
        عضو ذهبي
        • Nov 2019
        • 850

        #4
        رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

        شـّابتـّر رابـعّ

        الـ 500 مـّليون دّولار


        صـّوت الـموسيـقى النــّاعمة فيّ وسـطّ ذلكّ الـليـّل كـّانت بـمثـّابة سيـمفونية لجمـّيع الحـّضور
        جميـعهم باستثناء مـاري فـلمّ تعدّ أذنيهـّا تـّلتقـطّان شيئـا بـعدّ تـلك الـجمـّلة المـريبة الـتّي سمعتهـّا ،
        و كـأنهـّا قدّ غّابت عنّ عـّالمهـّا فـّلم تستـطّع فـّعل شيء سـّوى البـّقاء في مكـّانهـّا بـّلا حـّراك ،
        فجـأة فـتّح بـّاب الـغـّرفة و أنيـّر المكـّان لتظـّهر إليـزابيثّ التـّي مـا إنّ رأتّ وضـّع مـّاري المـّريب
        حـّتى شـهـّقت بـصدّمة ، بجـّانبـّها كـّايـل و مـّعه رجـّل كـّبير في الـسنّ تـبدوا عليه الـصّرامة و
        الـجـدّية
        أمـّا مـاري فـمّا إنّ رحـّلت الـظّلمة التّي كـّانت تحـجّب عنهـّا رؤية صـاحّب هـذّا الـصّوت إستـدّارت
        نـاّحيته و عينيهـّا قد أغـّرقت بـالدموع كعـّادتها ، لمّ يـكّن يـّفصل عنهّا و عنّ هـذا الـشـّاب شيء
        ذّو شـعّر أسـودّ لامـّع إنسـدّل على جبّهته بـكّل عنفوان و حـّرية أمـّا عينيهّ كـّانتـّا مـّلتفـّتان بـّغموضّ
        موقّد كـانتّا حـادّتين جـدّا و خـطّيرتـّان بينمـّا مـّلامحّ وجهه تـنـطّق بالـّرجوّلة و الجـّاذبية تـدّل على
        الإنـزعـاّج و مـّاري فـّوقه يـدّيها على صـدّره و لا يـّبعدّ عنه بشّبر واحـدّ حيثّ أنّ أنفـاّسه الـباردّة تـّلفحّ
        وجنتيهـّا ،
        لابدّ أنّ الـله قدّ عـّاقبها لتـّفكيرها الـمنـحّرف في فـّضح آرثـّر و لذلكّ هي قـدّ وقـّعت في هـذه المـصيـّبة ،
        سـمّعت صـّوت إلـيزابيثّ و هي تـّقول بـغّضب
        ـ مـا هـذا الـذّي تـّفعـلانه ؟ نـّاي أخـّبرني ما الذّي تـّفعله لـّيـلة زفـّافي ؟
        وضـّع نـّاي يـدّه حـّول خصـّر مـاري و جـذّبها نـاحّيته أكـّثر فـأّصبح وجههـّا غـّير ظـّاهر لـكّن
        إليـزابيـّث لمّ تـنسى الفـتّاة التّي إصـطحّبها عـدوهـّا ، قـّالت بـصدّمة أكـّثر
        ـ مـاري روبرت ؟ أنـتّ رفـيقة ويـّليـام ما الذّي تـّفعلينه بـحّق الـجحيم رفـّقة نـايت ؟
        تنهـدّ نايتّ بـكـّل بـّرودّ ثـّم استقـّام فيّ جلّسته و نـّزع خـّصلات شـّعر مـّاري العـّالقة بـّزر قـمّيصه ،
        فّي مـّعظم الأحيـّان إنّ سـأل نـّايت شيئـّا فـّهو لنّ يـجّيب و سـّوى يـّجدّ السـّائل فقطّ الصـمـّت كـّإنـذّار
        لتـّدخله فيّما لا يـّعنيه لكّن .. لكّن هـذه المـّرة ابتسـمّ نايتّ بجفـّاء و قـّرر الإجـّابة بـكـّل لا مـّبالاة
        و عـدّم اهتمام
        ـ هـذّه خـطيبـّتي أنـّا و طـّلبت من ويـّليـام إحـّضارها مـّا دمنـّا قدّ قررنـّا أنّه لا يـمكّن لأحدّ اكتشاف عـلاقتنا بعد
        وقـّف و جـذّب مـاري من ذراعهـّا لتـّقف هي أيضـّا ، كـّانت آثـار الصـدّمة واضـحّة على وجوههم
        جميـّعـا دون إستثـناء و حـّالمـا تـداركـّت مـاري الـموقّف قـّالت محـّاولة الـتوضيح
        ـ لا إنّـه أنـّا
        عـمّ السـكونّ عنـدّمـّا انـحنى نـّايت بـطـّوله نـّاحيتهـّا و امتـّزجتّ شفتيهمـّا فّي قـّبلة عـمّيقة و
        رومـّانسية جـّعلـّت ثـّلاثتهمّ تـّلجمهمّ الصـدّمة و يصّبحونّ عـّاجزينّ عن التـّعبير ،
        و فّي نفـّس اللـّحظة دّخل ويـّليام إلى غـّرفة نـّايت بـّعدّ أن استعصى عليه إيجـادّ مـّاري ليبهّت
        وجهه هو الآخـّر من الدّهشة ، قـّال الـرجـّل العـجوز بـحدة مستـدّركا الـوضّع
        ـ دّعنـا من هـذه المـهـّزلة ، كـّايل إليـزابيثّ إنـزلوا إلى الأسـّفل فـضيوفكمـّا في إنتـظاركّم أمـّا
        أنت يـّا نـّايت فـلي حـدّيث آخـّر مـعك .
        خـّرج العـجوز و تـّلاه كـّايل الذّي يصّحـّب إليـزابـيث مـّعه بـعـنّف بـعدّ أن رفـّضت تـّرك المكـّان إلا
        و هّي تـّعلم ما الذّي يحـّاول نايت الـوصّول إليه ، أغـّلق ويـّليـام الـبـّاب خـّلفه ثـمّ تـقدّم نـّاحيتهمـّا
        حـّيث كـّانت تـّقف مـاري المـشدوهة ، نظــّر إلي نايت و قـّال بـهدوء محـّاولا الحّفاظ على آخر
        مـا تـّبقى من أعــّصابه
        ـ نـّايت أخـّبرني بـّصراحة ما هـذّه المـسرحة الـهزّلية التـّي قدّ قدّمت بـتّمثيلها تـّوا ؟
        و رفقـّة من ؟ رفـّقة مـّاري صـديقتي
        جـّلس نأيت على الكـّنبة حـّيث كـّان مسـّتلقيا قـّبلا غـّير مـّعير إي إهتمـام لإنفـجّار ويـليـام الذّي
        نـادرا مـّا يحـدّث و وضـّع قـدّما على الأخـّرى ، قـّال بـلا مـّبالاة
        ـ لا عـّليك يمـكّنك الـحصـّول على واحدة أخرى الـّليـلة كالـعادة
        سـدّد ويـّليـام قـّبضته نـّاحية نـّايت الذّي تـفـاجئ لكّن هـذا لمّ يمـّنعه من صدّها أو التـّخلص من بـّروده ،
        أمـّا ويـّليـام فـقـّال بـّعصبية بـّالغة و هو يّشير نـاّحية مـّاري التّي لمّ تستوعب شيئـا بـعدّ
        ـ جـّميعهن لـكّ لـكّن هـذه لا ، إلا هـذّه .. إنهـّا فـّتـاة بـريئة فـلمـّاذا قـّمت بـحق الـسماء
        في إقـحامهّا بـخططك الـغّبية ؟ أفـّق أيـهّا الأبـّله أفقّ من عـّالم أحـّلامكّ
        ـ سـأسـامحكّ هـذه الـمّرة فـقطّ لأنّ الـصدمة آثـّرت عليكّ
        صـّرخ ويـّليام بـّقهر و كـادّ أن يـّضربه لوّلا أنّ مـّاري أمسكّت بـقـّبضته ، وقفـّت أمـام نـايت
        و نـظّرت إليه بـكّل تـّصميم و تـمعنّ
        ـ كمّ ستـدّفع ؟ مـّقابل أنّ أصبحّ خـطيبتك الـوهمية كمّ ستدّفع ؟
        صـدّم ألجـّمت لسـّان ويـليـام بينمـّا ابتسم نـايت بـّسخرية ، جميـّعهن متشـّابهـّات ..
        أمسـكّ بكـأس النـبيذّ و إرتشف القليـّل ثـمّ قـال ببحة
        ـ كمّ تـّريدين ؟
        ـ 500 مـّليون دولّار و الآن
        رمـّى نـّايت الـشيكّ عليهـّا بـعدّ أن كّتب الـّرقم بـلا مـّبالاة فـأمسكّته و هي تـشدّ عليه ،
        لا بـأس مـا دامّ هـذا يـعني التـّخلص من الـعـّار الذّي يـّلاحّق أختـّها فـلا بـأس بأنّ تـّجثو على ركبّتيها
        و تـطّلب المـّال ، لا بـأس ، قـال ويـليام بصدمة
        ـ مـاري
        ابتسمت مـاري و هي تـّعلمّ أنه و بـهذه اللـحظة قـاّمت ببيـّع كـرامتـّها و عـزّة نفسهـّا لكن ما
        الذّي قـدّ تـّفعله غـّير ذلك ؟ لقـدّ حـّان وقتها هي لـّتضحي من أجـّل العـائلة ، قـالت ماري بـبلاهة
        ـ لا داعي لتـعجـّب ويـّلي فـأنـّا فقطّ أنفـذّ وعـدّي ، بالمنـّاسبة لمّ نتـّعارف بـشكّل لائـقّ ..
        أنـا أدعى مـاري روبرت جـّارة ويـّليام كمـّا ترى ، مـاذا عنك ؟
        ـ نـايت آل لبير
        حـّالمـّا قـال نـايت إسـمّ عـائلته اتسـعت عينيهـّا من الدهـّشة و الـصدّمة ، عـائلة آل لبـّير إنهـّا تلك
        العـائلة المـّالكة ذّات الدّم العـّريق و النـّبيل تـّمتـلكّ البـنوكّ العـّالمية و تسيـّر السّوق و التـّي تمـّتلكّ
        العـدّيد من المشـّاريّع المذّهلة و الفـّخمة ، الـتّي ثـّروتهـّا لا تـّقدر بالأرقـّام ،
        أفـّراد عـّائلة جميـّعا مـّعـّروف عنـهمّ بالشدّة و الصـّرامة ، سمـّعت شائعات عنّ نايتّ منهـاّ
        من يقـّول أنّ نـظرة من عينيه سـتـؤدي بـكّ إلى الجـحيم و الآن هي تتجـاذّب أطـّراف الحـدّيث معه
        بـكّل سهولة كمـّا لو كـأنهّ ليس شيء يـذّكر ، ابـتسمّت بسـعادة و قـالت بدون أي شـعور
        ـ تـعـال لتـّقـابل والدي ، سيـجّن بكل تـأكيد
        أمسـكّ ويـليـام رأسهّ غـّير متـّقبل لمنحـى الأحـدّاث و إسـتلقى ببـطء على الكـّنبة المـقـابلة لهمـّا ،
        لمـاذا أحـّضرها إلى هنـا ؟ ما الذّي ستقوله سيدة فرانسيس عنـدّما تـّعلم بهـذا ؟ لـقدّ أخـذّها فقطّ
        لتـّخرج من تعاستها و تشـّارك الـعالم أخـّباره لا أنّ تـخطّب من نـايت ، إنّ كـان شخصّا لطيّفا لكـان
        هـذا ليّسره لكنّ نـايت نـقيض الـلطـّافة بـأكملها ، هو صـدّيقه و لا يتـحمّله في كـّثير من الأحيــّان إذن
        مـاذا عن مـّاري ؟
        مـاّري الـفـّتاة اللـطّيفة ما الذّي قـّالته تـوّا ؟ كم تـّدفّع ؟ 500 ملـيون دولار ؟ لتشـّارك من في هـذه
        المسـّرحية الفـّاشلة التّي ألفها ذلك الـغـّبي ؟ قـّال بـأسى
        ـ لا أصـدّق ، أحتـاج إلى طـبيب نفـساني
        ضحكـّت مـّاري بـتّوتر و هي لا تـعّلم مـاذا تـّفـعّل الآن ؟ تـّريد أن تـّركض مـّسرعة إلى
        والدّها لكّنها خـّائفة من نـايت ، جـّلست على الكـّرسي ثـمّ تنحنـحّت قـليـلا .. قـّالت بـّصدق
        ـ أنـا آسفة ويـليـامّ لمّ أكن أريـدّك أن تخـطئ الـظّن بي لكّنني و في هـذه الـفّترة بـحاجة عـّارمة
        للمـّال و لا يـهمّ كـّيف أجـّمعه ، لـذّلك أريـدّكمّا ألا تـظنا بـي سـوءا فـأنـّا لـّست كمـّا في ذهنـكّ
        على الإطلاق ،
        ـ مـاري ؟
        /
        في نـّفس الـليـلة تـّوقفت سيـارة أجـّرة أمـام مـنزل روبرت لتـّخرج مـّاري منهـاّ و هي تـحمـّل
        بين يدّيهـّا حـقيبتين سـوداوتي الـلونّ ، رّنت الجـّرس ثـمّ إنتـظرت قـليلا و قـّد عـّلت نـّظرة الـعزم
        مـلامحّها ، فـتّح الـباب لـتـّظهر فـلورا بجّسمها الهـزيل و شـحّوبها الـغّير طبيعي
        تجـّاهلتها مـّاري نـّظرا لقـرار والدّهما الـصّارم بـعدّم رؤية بـّعضهما الّبعض من الآن
        فـّصاعدا و إنّ تـجّرأت إحداهمـّا فـستـدّفع الأخرى الـثّمن غـّاليـّا هـذّا مـا وضحّه خلال كـّلامه
        الفّترة الـسابـّقة ،
        دّخلت إلى المنـزل و نـادّت والدّها ، أتـى من الطـّابق الـعـلوي و على وجهه الـضـجّر و الـعبوس ،
        رمـّت مـّاري الحـقيبتين في الأرضّ و قـالت بـتصميم
        ـ 500 مـليون دولار ، الآن أعـدّ أخـتي إلي
        رمقـّها سيدّ جوناثان ببـرودّ ثـمّ نـزل لفـّتح الـحقيبتين لابدّ أنهـّا تـمزحّ فلا يمـكّن لأي أحـدّ أن
        يـجمع 500 مليـون دولاّر خـلال ثـلاثة أيـّام لكنّ مـا إنّ فتحهمّا حتى سـقـطّت ذراعيه جّانبـا
        و هو لا يـزال منـّدهشـّا
        ـ إنـّه مـال حـقيقي ألـيس كذلك ؟ لـّيس مـزورا ؟ لـيس مـسّروقـا ؟
        نـظّرت إليه مـاري بـكّل حقـدّ ، لـّقد سلبهّا الشعور بدفء العـائلة و سـّلبهـّا حقّها في العـّيش بجـّانب
        أختهـّا أمـّا الآن فـشبابهـّا و أحلامهـّا جميعـّا ، حـتى و إن بـكّى دمـّا لنّ تسامحه ، قـالت بإحتـّقار
        ـ نـعمّ ليس مـّسروقـا فـلا تـّخف
        ـ كيـّف حصّلت عليه ؟
        ـ ليـّّس مهمـّا ، المـهم أنّ ديـونّ سـتّدفع و الـصفقة مـّلغـاة أمـّا أخـتي فستعودّ معـي
        و أنـّت من الآن فـصـاعدّا ممـنوع عليك الـحدّيث أو الكـّلام معـها كمـّا وعدّت تـماما . هيـا فـلورا
        كـّانت فـلورا تـّقف منصـدّمة من كّمية المـّال المـّلقـاة في منـّزلهم الـصّغير هـذا ، ما الذّي قدّ فـعلته
        مـّاري لـتحّصل عليه ؟ ، استقضت من صدّمتها عندمـا وجدت مـاري تسحبهـّا معهـا ، صـّرخت فجـأة
        ـ اتركيني
        تـّوقفت مـاري عن سـحّبها و استدارت لتـنظر إليهـا حيثّ كـانت فـلورا مـّرتعبة و خـائفة ،
        ليّس بـّسبب المـال لكّن لشيء آخـر تكتمـّه في قـّلبها بينمـّا كان جونـاثان يـّراقب إبنتيه
        بـقلة حـّيلة فـأكـثر ما يـهمه هو المـّال و وعـدّه هو مـجّبر على تنفـيذه لـذّا لا حـّيلة له ، قـالت
        فـّلورا بـتصميم
        ـ سـأبقى هنـا
        تـركّت مـاري ذراعّ أختهـّا بـعدّم تصـدّيق جميـّع ما عـانته في طـّريقها لجّلب المـّال هي لمّ
        تقدّرها و لمّ تـحـاول الذّهـاب معهـا ، أكمـّلت فلورا كـلامها بـّتوتر و هي تـّرى ملامحّ ماري المـتـألمة
        و المصدومة
        ـ أنـا لا أستطيع المغـادّرة آسـفة مـاري فـّعلا ، لقدّ إعتدت العيش هنـّا و لا أريدّ الـرحّيل إفـهميني
        أرجوك ، أنـا أنــا لا أستـطيع
        ابتسمت مـاري بـهدوء ، رغـمّ كـل شيء هي لا تـزال مـكـّروهة من قـّبل عـائلتهـّا ..
        لقدّ حـّاولت مـّرارا و تـكرارا أن تـّثبت نفسها كـفّرد من عـائلة روبرت ، منـذّ نشـأتها لكنّ الآن
        و هي تـّراهم يـنظرون نـاّحيتها بـعدّم تصديقّ و يتـفادّيان عينيهـّا ، كيـفّ ستشعر ؟ ،
        دّمعت عينيهـّا ثـمّ رحـّلت بـدون كـّلام . و هـذه المـّرة للأبد دون عـودة
        فتحـّت البـّاب و أغـّلقته خلفها بـكل هـدوء ، تـّقدمت فّي خـطّواتهـّا قـّليـّلا ثمّ تـّوقفت .
        ضحكـّت بـّخفوت و الدّموعّ قدّ أغرقتّ عينيهـّا الزجـّاجتين فـّظهـّر ألمها، قـّالت بهمسّ
        ـ حـّتى أنتّ يـّا فـّلور ، حـّتى أنـّـت تـّخليتّ عنّي
        أكمـّلت طـّريقهـّا بدون وجـّهة ، كيـّف سيكـّون إحسـّاسكّ عنـدّما يتـّخلى عنكّ جميع أفـّراد عائلتك ؟
        عنـدّما تـّفعل المسـّتحيل من أجـّل سـّعادتهمّ ، عنـدّما تـّضـّع حيـّاتكّ أنت على المحـكّ لأجـّلهم لكّن
        فيّ النهـّاية همّ يـّرمونـكّ كمـّا لو كـأنّ وجودّك أو عـّدمه سيـاّن .
        /
        كـاّن جـّالسـا في غـّرفة المـعيشة على الأريكة يـشاهد فلمـّا كوميـدّيا و هو يـأكّل رقـائق الشيكـولاطة
        بينمـّا هـو مـّبحـّر في ذّكريـاته ،
        ـ قـّبل يوميـّن ، في مقـهى عـامّ كـعـادّته كـان ينتـظر حـّضور صـدّيقه ليستمـّع منه إلى تفسيـر
        مـعقول بـعدّ حـادّثة الحـّفلة التّي لا تـزّال لـغـّزا للجميـّع و بينّ يدّيه كـّانت صّحيفة اليومّية حـّيث كـّتب
        بـلونّ كـّبير في الصّفحة الأولى ـ كشـّف عن عـّلاقة نـايت آل لبيـر بـإحـدى الفتيات المـحـّليـات ـ قـطّب
        بـانزعاج فدوما ما تـّبالغ الصحافة في سّرد الأحـداّث ، سـحّب نـايت الكـّرسي و جـّلس كـعادّته بثـّقة و
        كبـّريـاء ، تنهـدّ ويـليـام ثمّ قـال بـهمس و هو يـّلوح بالجريدّة أمامه
        ـ لتـبدأ الـشّرح يـا سيدّ
        ـ لمـا لا تـبدأ أنت أولا ؟ أعنـّي ويـّليـام ما سـّبب إنتقـّالك لحّي قـذّر مثـل ذاك ؟
        نـظر إليه ويـليـام بـّغيض ، لا يـّحب أن يـتـدّخل أحدّ في خصوصيـّاته و لا أنّ يـسـأله أحدّ عن سبب
        أفـّعـاله و نـّايت يـّعلم هـذّا جيـدّا لكّنه يـحـّاول إثـارة أعـصابه و إبـعـادّه عن الموضوع الـحقيقي ،
        ـ كمّ مـرة أخبـّرتك أن لا تّضع جـرذانكّ حولي ؟
        ابتسمّ نـايت ببـرودّة و رفّـع يدّه ليـطّلب من ذلك الـنـاّدل كـّوب قـّهوة سـوداء بـلا سـكّر سـاّخن كـّمّ
        يستمتـّع عنـدّما يـّفقد ويـليـام أعـصـابه ، قـال بـبحـّة
        ـ لـيسّ أنت من وضـّعت جـرذاني الـصّغيرة حـّوله و إنمـّا حـّول فـتاتي الـصـّغيرة ذات الـ 500 مـليون
        دولارا
        ـ مـاري ؟ أتـقصدّ مـاري ؟
        رمـّقه نـايت بـحدّة و هو يـّرتشف الـقليل من الـقهوة ، ابتسم ويـليـام بـبسـاطّة دلالة على استدراكه
        لسؤاله الغبي فـأكمـّل نـايت حـدّيثه
        ـ تـلكّ الـطـّفلة لقدّ أخـذّت 500 مليونـّا و وضّعتهـا في رعـّاية والدّها لتّخلصه من ديونـّه يـّالها من مثـّال
        يـحتـذّى به ،
        رمقه ويليام بكل دهشة و صـدمة ، لـدّيهم دّيون بـقيمة 500 ملـيون دولار ؟ لـوّ أخبـّرته لكـّان سعيـدّا
        في إعـطائها الـمـّال و بـدّون مقـابل أيضـّا فـلمـاذّا لجـأت لنـايت ؟ عنـدّما رأت الـفرصة المنـّاسبة طـّلبت
        منه المـّال مقـّابل تـمثيلية سـخيفة حتى الآن لا يـّعلم الـغاية منها ، تـذّكر كـلمات مـّاري عنـدّما كـّانت
        تتـحدّث عن فـارس أحلامهـّا كـّيف سوف تتـمسكّ بـه و لنّ تتـركه الآن مع هـذه الخـطّبة المزيفة كـّيف
        ستـحصّل على حـّبيب أول ؟ تنهـدّ و نـظّر إلى نـايت ، قـال بـيـأس
        ـ حـتى لو ، نـايت أنـتّ على وشـك إدخـال مـاري في حـّرب هي لا تـّقدر عليهـا لذّلك أرجوك أبـحّث عن
        إمـرأة أخـرى تـكون أكـّثر قـوة و أكـّبر مـقدّرة في التـحمـّل و الـصّبر
        ـ فـّات الآوان على ذلكّ بمــّا أنني تـحدّثت مع جـدّي بـخصوصّ هـذا المـّوضوع ، كمـّا أنّها مـجّبرة على
        التـحمل سواء أرادّت ذلك أم أبـتّ لا يحـّق لها التـّفوه بـأي شيء بـعدّ تسديدي ديونهـّا
        ـ نـايت إعـتّبره تّبرعـا خيـّريـا فـكلانـّا نعـلمّ أن مـّبلغـا كـهذا لا يـعني شيئـا لكّ
        رمـّقه نـايت ببـرودّ حـتى لو إستـطاع فـّلن يـّفعل ، فسـّبق و قدّ إقتحـمـّت حيـاته و لنّ تـخرجّ بنفس
        الـسهولة التـّي دّخلت بهـّا ، وقـّف و قـّال بهدوء
        ـ لدّي عـمّل لذا أكـّلمك لآحقـا
        /
        بـّعـد مـرور يـّومين على إنتهـاء حـّفلة زفـّاف كـّايل و إليـزابيث الأسطـّورية
        بـعدّ انتهاء جميـع محـاضراتهـا لهـذا الـيـّوم إتجـهت إلى مقـر عـملهاّ ، ليـس بالأمـر المـذّهل فـعـملها
        يتـمّثل بـكونهـّا نـادلة لأحـدّ المـطاعـمّ الـعـادّية ، قـّررت بـعدّ تـفكير عـميق أنهـّا لا تـستطيع إنتـظارّ
        عـامين من أجـّل تـخرجّها و تـوظيفهـا كـمعـلمة للغـة الـفّرنسية لتـبدأ بـتسديد الـ 500 مـليون لهـذّا رأت
        أنّ تـجمّع و لو الـقليل من المـّال ابتداء من الـبارحة
        إرتـدّت ملابسهـا الرسمية المـكّونة من قـميّص أبيـّض بأكمـام و تـنورة سـوداء لحـدّ الـركبة حيثّ أن
        مـالكّ المـطّعم يحـّاول تـقـليدّ الأسـلوب الإيـطالي ـ الـفّرنسي بـطّريقة لا يـفّهمها الـعـاملون و لا حـّتى الـزبـائن .
        نـظّرت إلى اللـوحة الـكبّيرة التي تـّعـلو المـكـّان كـّان قـدّ كتب عليهـّا بـخـطّ كبير منسّق و جمـّيل مـطّعم
        بـاستا الـمبتسمة ، وقفّت هي بالـخـاّرج حـّاملة عدّة منشـورات تـوزّعها على المـّارين بمنـّاسبة
        الكريسماس القـريبة يـّقيم السيدّ باولو أطـّباقـا جديدة و تـخفيضـّات ،
        ـ يـال حيـاتي التعيسة
        رأت أحـدّ رجـّال مـارين بدا مـّريبـا لها يـرتدي معـطّفا أسود بالكـّامل و يـّضع نـظارتين بالرغمّ من أنهّ
        فـصل الـشتـاء ، قـطّبت و رمـّقته بـكل إستغـّراب حـتى دّوى فـجأة صوت فلاّش كاميـرا ممـّا جّـعلها
        تستـّغرب أكـّثر ، لمـّا يـلتقطّ لها صورة بالـرغم من أنها ليّست بذلك الجمال المدهش ؟
        أتى رجـّل آخر و قـام بإلتقـاطّ صورة ،نـظرت إلى المـطّعم ثّـم عـادّت بـنظراها إلى أولائك المصـورين
        حـّتى وجدّت أن عـددهم قـدّ تضـاعف ، ابتسمت ماري بفّرح و هي تـركّض عائدة إلى الدّاخل
        ـ سيـدّ بـاولو ، سيـدّ بـاولو
        خـّرج سيدّ بـاولو من الـمطّبخ و هو مقـطّبا حـاجّبيه دلالة على انزعاجه من صـّوتها العالي الصـاّخب ،
        وقـّفت مـاري أمـامه و قـالت بسعادة
        ـ سيدّ باولو هنـاك العـديد من الصحفيين الذّين يـلتقطون صّورا لمـطّعمك سـوّف تصبحّ مشهورا .
        خـّرج بـاولو مسـّتغربـا يتفحّص الأمر و بـّرفقته عديد من العـامّلين ، حـّالما فـّتحوا الـباب دّخل العـديد
        من الصـحافيين متـدافعين فيما بينهمّ حتّـى وصـلوا أخيـرا إلى مـاري الـواقفة بكـّل حيـّرة ، إنّ كـانوا
        هنـا من أجّل المـطّعم فـلماذا تجاهلوا السيد بـاولو ؟
        ـ آنسة مـاري روبرت ما هي عـلاقتك بنايت آل لبير و كيـّف إلتقيتما ؟
        ـ هـل صحيح أنّكما مخـطوبان و منذّ متى ؟
        ـ كـّيف رضى سيـد نايت آل لبير بـتـكوين عـلاقة غـرامية مـعكّ أنـت شـابة ذّات المستوى المعيشي
        الـمحدودّ و الفـقير ؟
        ـ هـّل قـمت بابتزازه ؟ إغـّوائه ؟ ما الذّي فـّعلته كيّ تـّحصّلي على مقـّعد الذّي كافحتّ من أجـّله أفـّضل
        النـّساء ؟
        نـظّرت إليهم مـّاري بـعدم استوعـاب للحـظات ثـمّ ابتسمت بـإرتـباك بينمـّا هي تـهز يدّيها أمـامهـّا ذات
        الـيمين و الـشمـّال دلالة على الـتوتر ، قـالت متلعثمة
        ـ لا .. أعني أنـا ، حسنـّا .. نـايت هو كمـا تـعلمون ، إنـهّ ذلك .. أجـّل نوعـّا ما .
        استـدارت و ركـضت بـأقصى ما تمتلك من قـّوة نـاحّية المـخـّرج الـخاّص بالعـمال فـوقّف سيدّ بـّاولو أمـّام الـمخّرج
        رفقّة العمـّال مـّانعّا إيـّاهم من التـّقدم و قـد ّ صـّرخ بـّلكنة إيـطالية حـادّة نـّاحية ماري
        ـ اسـّرعي بالمغـّادرة
        لكـّن ذّلك لمّ يمنعـّهم من إيجـّاد طـّريقة أخـّرى خـّرجت إلى زقـاق مـظلم و خـّلفها الـعديد من
        الـصـحافيين ، تـّسلقت سـلمّ الـطوارئ و صـعدّت إلى الـسقف ثـمّ أخـذّت تـركّض مسرعة و هي تـّنـظر
        خـّلفهـا لم تـستـطـع أن تـضلل أحـدّا ،
        نـّظرت إليهمّ ، كـّان عـّددهم يـّفوق العشـّرة و جـّميعهمّ يـحمـّلون أوّراق و قـّلم أمـّا الأقلية فكاميـّر
        ا كبيـّرة تسـّاعد على تصـّوير كـّل شيء .
        بـّلعت ريـّقهـّا بـّصعوبة و هيّ تتخـّيل ردّة فـّعل نـّايت مـّا إنّ تـّمّ أخـذّ مقـّابلة بـدونّ عـّلمه ؟ قدّ يسـحّب
        المـّال و قـدّ يـّقومّ بشيء أسوء من هـذّا فـّهو ليّس بالشخًّص الـلطّيف . همسّت بّقلق عـّارم
        ـ سّوف يّقتلنّي
        فجـأة أعترى العـّزم مـّلامحـّها و هّي تنـّظر إلى الأسـّفل ، ابتسـمّت بتـحدّي و عـّادت تنـّظر نـّاحية الصّحافيينّ ،
        لـّن تـّدع الـ 500 مـلّيون دّولار تـّضيعّ من بينّ يديّها حـّتى لو عـّنى ذّلك القـّفز من الـطّابق الثـّالث .
        شـّابتر خـّامس

        لقـّاء بـوالدّي في القـّانون


        فمن الطـّابق الثـالث نـّاحية الأسـّفل غـّير مـّعيرة
        عـّواقب أّي اهتمام يكفيّـها فـكـّرة أخذّ الـ 500 مـّليونّ دولاّر من بينّ يدّيهـّا و يكفـّها فـكّرة تـّخلي نـّايت
        عنهـّا و ضيـّاع فـّرصتهـّا في تسـّدينّ دّيون والدّها ،
        عـّقدت العـّزمّ و قفـّزت بـّجنـّون و هـّي تصـّرخ ممسـّكة بـطـّرفة فستـّانهـّا ، لتـّسقطّ على حـاّوية القـّمـّامة
        فـأسّرعت بالوقّوف و الـّخروجّ سـّعيدة لأنهـّا نـّجت من المـّوت الـحتـّمي ، لكـّن و بـعدّ خـّروجّها تـّعثرت
        بقّشرة مـّوز فيّ الأرض فـّسقطّت على وجـّهها بـكـّل قـّوة ، سمـّعت أصـّوات المـّراسـّلين و همّ يـّتذمرونّ
        بـكـّل أسى
        ـ لا مسـتحيل.. المقـابلة الحّصرية
        ـ كيـّف تـمّ هـذا ؟ آنسة مـاري هل كـّنت تـمارسين ريـاضة الجمـّباز في صـّغرك ؟
        وضـّعت مـّاري يدّها على قـّلبهـّا و هـّي جـّالسة على الأرّض لا تـّقوى قـّدميهـّا على رفـّعهـّا ، فجـأة أتـّى
        رجـّل مـّا من الخـّلف و قـّام بـّحمـّلها من خصـّرها مسـّاعدا إيـّاها على الوقـّوف ثـمّ اختفيا خلف زاويـّة
        فّي زقـّاق مـظّلم ،
        ـ تـّبـا لقدّ إختفت ، لننقـسمّ هيـا لنّ أدّع مقـاليّ يـرحّل عني بهذه السـهولة
        تنهـدّت ماري بـراحّة بـعد أن رحـلوا ، استـدارت هي تـشكـّر منقـذها لكّن الكـلمّات أبت أن تـّخرج ، لـمّ
        يـكنّ سوى كـايل .. الشـّاب الذّي لا تـّرغب أبدا بـاللقـاء به مجددا ، قـال بـهمسّ
        ـ كـنت متـأكدا أنني أعـّرفك ، فتـاة المـقهى سـأخبر زوجتـك أليس كذلك ؟
        رمقـته ماري بنفور و أبـعدّت ذراعه عنهـّا مبتعـدّة بـعدّ أن تـمتمت بـبضعة كلـمّات شـكّر لكـّن كايل لمّ
        يـتركّها و شـأنها بّل صـّار يسير بجّانبهـا و على فـمه ابتسـامته الخـبيثة المعهودة
        ـ أردّت أن أتـأكدّ بنفسي من خـطيبة نـّايت بـعيدا عن الإشـاعات
        ـ أهـا ؟ إذّن بـعدّ تـأكـدّك أيمـكنكّ الـرحيل ؟ لأنه لـدّي عمل مـهم كمـّا تـّعلم
        تـّوقف كـايـل أمـامهـّا و نـّظر إليها من الأسـفل إلى الأعـلى ثـمّ هـز رأسه نفيـّا دلالة على أنه لا
        يصـدقهـّا ، نـايت من المـستحيل بـل من سـّابع المـستحيلات أن يـتـخـذّها كـخطيبة لأن ذّوقه لا مثـيل له و
        هـذه الفتـاة تـبدوا كالـمتسولين تـماما ، قـال بـشكّ
        ـ مـتى إلتقيتمـّا ؟ و كيـف تـمّ الـلقـاء ؟
        ـ لـست مـضّطرة لأن أجـّيبك ،
        ـ أنـّا ربـما لا لكّن مـضـطّرة لـقول الـحقيقة في النهـّاية ، كمـّا أنني لمّ أتي لأراكّ فقـطّ بل لأخـذّك مـعي
        أيـضـّا ، فـقدّ طـّلب الـجدّ بـحضـّوركّ شخصيـّا
        ـ حقـّا ؟ أنـا لا أصـدّقك
        ـ و أنـا لا أصـدّقك أيضـّا بـهذا نـحن متعـادلان لـذّا تـعالي مـّعي
        تنهـدّت مـاري و القـّلق يـعتريهـّا، كـّايل بذات لا تـستطيع تصـديقه .. بـعدّ مشـاحناته مع ويـليام قـدّ يكون
        هـو الـعـدّو الذّي يـجّب عليها الإحتـراس منه لكّن مـادامّ هـذا طـّلب الـجدّ فـلا تـستطيع الـّرفض ،

        استـنتـجّ من خلال صـمّتها أنـها مـوافقة لذّلك سـّار أمـامها و هي خـّلف بـكّل بـطء ، إتجـها إلى سيـارة
        سـوداء مـركّونة قـريبـّا و مـضللة أيـّضا .

        /

        تـلكّ الـليـلة كـّان الـقـّصر مـّظلمـّا على خـّلاف يـّوم الـحـّفـلة لـمّ يـكّن هنـاك أي أثـّر للحيـّاة بـهّ خـّالـيـا و
        مـوحشّـا ، مـرّعبـّا و مخـّيفـا حـّيث يـعيش أفـرادّ أسـرة أل لبير
        أشـهـّر عـّائـلة عـّرفـتها لـنـدّن و أمريـكـّا بـأكـّملها ، يـتولى الجـدّ قيـادّتها و تـّسير الـسوق كمـّا يشـاء و
        إبنيـه أيضـّا . بـّلعت مـاري ريـّقهـا بـّتوتر ثـم إنـحنـتّ لـتفـركّ ركـّبتيهـّا ، تـقـدّم كـايـّل منهـّا و نـظّر إلى
        سـاقيهـا قـال بـسـخرية
        ـ بالمنـاسبة الـقفـّزة لـّيست سيـئة أبـدا ، حينـمّا رأيـّتك أكـادّ أقـسمّ أنكّ كـّنت تـطيرين
        ـ هـذّا ليس مضـحكـّا لقـدّ كـنت في مـّوقف حـّرج فـعلا و كّان عـقلي فـّارغـّا لذّلك لمّ أحّـاول أن أفـكّر
        أبـدّا فـأسـّرعت بالـقفـز
        ـ مـجنـونة
        نـظّرت إليه مـاري بـغـّضب فضـحكّ ، أخـّرج مـنـديله من جيبّ قـميصه و مـسحّ بـقعة الـوحّل على
        وجـهها ثـمّ مشـطّه الـخّاص و قـام بـترتـّيب شـعـّرها الأشـّعث قـليلا ، إن رأى الـجدّ مـّاري في هـذه
        اللـحظة فـحتمـّا سيـصّاب بسـكتة قـّلبية ، تـبدوا فـعلا كالـشحـاذين
        تـّبعته و هـذه المرة لمّ تلتـفت لتـلكّ الـتحف الأثرية الثـمينة أو تـلكّ اللـوحات الـمشهورة، نـظّرت بقـّلق
        نـاحّية أحـدى الـغـّرف في الـطّابق الـثاني حيـّث كـّان يسـّمع صـوت خـطواتهما الـهادئة ، قـّالت بـتوتر
        ـ كـايل ، سـأنـادي نـايت
        ـ لا فـجدي يـّرغب في رأيتكّ لـوحدكّ
        ـ لكّـن ، أريـدّ نـايت
        تـّوقف أمـّامهـّا فـظهر طـّوله الفـّارع ، إنحنـى نـاحيتها و وضـّع ذراعيه حـّول كـّتفيها حيّث لا تـّبعدّ عنهّ
        سـوى سنتمتـّر أو ثلاثة ، كـّان شـّعره مـّرفـوعـّا بـكّل أنـّاقة للأعـلى فتـّظهر عينيه النـاعستين و
        الـخبيثـتين ، قـال بهمـّس سـاحّر
        ـ ألا أكـفيكّ أنـا ؟ لمـّا لا تــتّركي نـايت و تـأتي إلي ؟
        وضـّعت يديهـّا على وجههـّا بـخوف عنـدّما إنحنى أكثـّر لكـّن سمـّعت صـّوتـا آخـّر ، أنثوي و ذّو نـعومة
        صـّارخـة تّضع مـّاري جـّانبا
        ـ كـايل ، تـّوقف عن المـزاح مع الفتاة الصـغيرة
        ضـحكّ كـايل و إقترب من إليـزابيثّ ثـمّ أحتضنها بـخّفة ، نـظرت إليهـمّا ماري بـعدّم تصديق كـّيف لها أن
        تـّرى زوجها يحـّاول تقبيل إمـرأة أخرى و لا تـزاّل مبتسـمة ؟ تـأففت مـّاري بـّضيق من وجودهـّا
        بجانبهـّما و اسـتغلت انشـغالهمـّا ببعضهما البعض لتـّدخل إلى نفس الغـّرفة التي كـّان بها نايت سـّابقا

        لمّ تـستـطّع أن تـّرى شيـئا فـالظلام دامّس و الـبرودّة تعّم الأرجاء كمـّا لو كـأنّ هذه الـغّرفة ليست جـزءا
        من هـذا الـقّصـّر ، اقـتربت ببطـّء و وّضـعت يديّها على الأريكة .. خـائّفة من نايت لكّن مـّرتعبة من
        الـمواجهة لوحـدّها ،
        سحـّب ستـائر نـافذة التـّي تمتدّ من أعلى الجـدار إلى أسـّفله و ظـّهر ذلك الـقمـّر الذّي ينـّير سـماء فـأنـّار
        بـدّوره القـليّل من أرجـاء الـغـّرفة ،
        كـّان واقفـّا بـعيدّا عنها لمّ يشعر بدخولهّا و يـطّغى حوله هـّالة من بـرودة و تعاسـّة بـطّريقة مـّا ، عينيـّه
        الحـّادتين قـدّ خفتّ خـطّرهمـّا و همـّا تراقبـّان لمـّعان الـنـجّوم بينمـّا تـّقوس حـاّجبيه قدّ اختفى فكـّان
        وجهه تبـدوا عليـّه ملامـّح حـّزن عـمّيق ، شـّعره الأسـودّ الحـّريري انسـّدل على جّبهته بينمـّا بضعة
        خصـّلات تتّراقّص مع الـّريـاح كـأنهّ أميـّر من العـّصور الـوسطّى .
        حينهـّا تسـّللت أفـكاّر عـدّة إلى رأسهـّا ، لمـا يعيـش وحيـدّا ؟ لمـّا هو هكـذا ؟ ما سبّب حـّزنه ؟ استـدار
        بـهدوء و بـّرودّ قدّ عـاّدت نـظّرته الـخطيرة إلى عينيهّ ، قـّال بـهدوء
        ـ ما الذّي تـّردينه ؟
        ـ نـايت ، سيـدّ نـايت .. لقدّ أحضـّرني كـّايل لأنّ سيدّ آل لبيـر يـريـدّ مقـابلتي و أنـّا لا أعـّرف كيـّف
        أتـّصرف
        تنهـدّ و تـقدّم نـّاحيتهـّا و عنـدّما وصّل فتّح في نفّس اللـحظة بـّاب غـّرفته بكل قـّوة ليـّظهر كـايّل الذّي
        يبـدو عليه الـغّضب ، لمّ يتـّوقع وجودّ نايت هنـّا بالمنـّزل فـهو لا يـعودّ إلا نـادّرا ، نـظّر إلى مـاري التّي
        اختبـأت خّلف نايت . زفّر بـغّيض
        ـ جـدّي يـّريدّ رؤيـة ماري لذا دّعني أخـذها
        رمقـّه ببـّرود ينـّافس الصـقيع في شدّته ثـمّ إرتـدّى قـميصه بـعدّم إهتمـام و أمسـكّ بيدّ مـاري ، كـادّ أن
        يـمّر لولا أنّ كايل وقف في طـّريقه و هو يـّقول بحدّة
        ـ ألم ّ تسمّع ؟ هل أنت أصمّ ؟ لقدّ قـلت لكّ أن جـدّي يـريدّ رؤية مـاّري و لوحـدّها
        تقـدّم نـايت ناحيتهّ ثم همس بشيء في أذنه جـّعل كايل يـجّفل ، نـظّر إليه بـحقدّ و استدار عـائدّا من حّيثما
        أتى ، سـّارا في رواق طـّويل ثـم تـّوقف عندّ المصـعدّ ، ضغـطّ على زّر مـّا و فـّتح ليدّخل الاثـنين ،
        ـ نـايت هـّل هو مـّوافق مبـدئيا ؟
        لم يجب كعادته فهو قليل الكلام لا يتحدث إلاّ للحاجة ، فتـح المصـعدّ فظـهر رواق طـويل و عـّريض يمتـدّ
        إلى غرفة وحيـدّة فقط ، اتجـه إليها نـايت و دّخل خـّلفه ماري
        مكـّتب كبيـر و تـحّف فنية مع مكـّتبة واسـعة و تشـمل جميع الميـادين ، في كرسي جـّلس عليه رجـّل
        تبدوا عليه صّفـات الصـّرامة و الحـكّمة ، لهّ أنف سليل كالسيـّف و بـّشرة بيضـّاء لمّ تـخلوا من
        التجـّاعيد مـّع طـّول فـّارع ظـّهر عليه و بالـرغم من جلوسه

        تـقدّم نـايت ناحيـّته و لمّ يكنّ مبـاليـّا بهـالة الكـّبرياء و الجدّ التي طـّغت على المكـّان بـأكمله ، جّلس
        على أريكة منفردّة ثـمّ قـال ببرود
        ـ لقدّ سمـّعت من كـايلّ أنك طـّلبت رؤية خطيبتي ، فهل هنـاك خطـّب ما ؟
        ـ أريـدّ رؤية خطيبة إبن ابنتـي فـهل يستدعي ذلك خطبـا ؟
        رمـقه نايت بحـدّة و قـدّ صـّار رفـّضه التـام لهـذه المقـابلة واضحـّا تمامـّا فـبادّله جـدّه نـظرات بنفس
        الحـدّة و الخـطّورة ، اقـتربت مـاري بـتوتر عـاّرم و هي تـّنفض الغـّبار عن ملابسهـّا ، انحنـتّ بلبـاقة
        للجـدّ و هي تمسـكّ بفستانهّا من الجـّانبين ، و قـّالت بإرتبـاك
        ـ مرحبـّا أدعى مـاري روبرت و إنـّه لشّرف لي لقـّائك وجهـّا لوجه سيـدّ آل لبير
        ـ بالـطّبع سيكونّ شـّرفا الآن دّعنـا من التـمّلق و لنـتّحدث بجدية ، نـايت أريدّ تصّريحـا شاملا لمـّا يحدث
        هنـّا
        اتجـهـّت ماري لنايت و وقفـّت بجانبه ، لابدّ أنهّ غير راضي بهـا كـخطيبة لنـايت فتحـدُّث الأخير بـهدوء

        ـ لقدّ نفـذّت مـّا أمرتنّي به ، و هـذّا لا يحـّتاج إلى شـّرح
        سيدّ آل لبير : أجـّل و أنـّا سعيـدّ لذّلك لكـّن لّيس بـهذه الـطّريقة المفـاجئة ّ أنّ تـّختـّار فـّتاة من الـعدّم
        لتـّكون كـّنتيّ و حـّاملة اسمّ آل لبيّر ، نايت إذّا كـنت تفعل هـذا من أجـّل كايل و إليـزابيث عنـدّها أنـّت
        جبـان فـعلا لتنسـّاق خلفهما
        أحكم نايت الإمساك بقبضته لدّرجة ابيضاضها و قـدّ ظهـرت عـليه ملامـحّ الـغّضـب و السـخـطّ الشديد ،
        كيـّف لا و جـدّه يّصفه بالجبـّان ؟ قـال بـحدّة
        ـ لنّ أنسـاق خّلف تصّرفات الأطفـّال طبـّعا أو تـظنني بهـذا الانحـطاطّ و البـلاهة ؟ أنـا أردّت أنّ تـكون
        مـاري خطيبة لّي لأننّي أريدّ شخصـّا بجانبي و كـّان الوقت قدّ حان للانتقـال إلى المرحلة التالية من
        علاقتنـّا
        تنهـدّ بقلة حيلة ثمّ نـظر إلى ماري ، كـانت تبدوا لطـّيفة من اللمحة الآولى و عـّثة الملابس كمـّا أنّه
        يبدوا عليها نوّع من الغـباء ، قـال لها فجـأة
        ـ إن كـّنت تّـريدّ مني تصـدّيق أنكمـّا فـّعلا تـّعرفـّان بعضكمـّا قـّبلا فأجيبيني كيـّف التقيتما ؟
        تـّعلثمت مـاري في كـّلامهـّا و كـادّت أن تـّرد لولا أنّ نايت قدّ سبقها في ذلّك ،
        ـ في نـادّي ليلي ، كـّنت بّرفقة ويليـامّ و كـّانت هي نـادّلة قدّ سكبت عن طريق الخـطأ كـّأس نبيذّ على
        سترتيّ
        ـ حقـا ؟
        ـ نـعمّ ، أردّت الإنتقـام منهـّا بـطريقتي الخـّاصة فقمـّـت بطـّردها من جميـع الأماكن التي أرادت العـمل
        بها أمـّا هي فلمّ تستسـلمّ فكـاّنت تحـاول بإستمـرار و هـذّا ما جذبني نـاحيتهـّا
        ـ آهـا ؟ إذّن كيـّف لك يا ماري آن تحبي شخصا أراد الإنتقام منك ؟
        ارتبكـّـت ماري ثـمّ قررت أن تجيبه دونّ خوف أو قـلق
        ـ ليسّ تمـاما ، كـنت أكرهه في البـداية لكّن وجـدّت نفسي أنـجذّب ناحيته دون أدراكّ مني حتى وقـعت في
        شبـاكه
        احمرت وجنتيها من الخـجّل و تـلعثمت في كلماتهـّا ، ممـّا جعل الجـدّ ينهي و لو حتى القليل من شكوكه ،
        طريقة لقائهما قدّ تكون صحيحة لأن هذه هي تصّرفات نايت و كبريائه العاليّ أمـّا حبّه لهذه المدعوة
        بماري فقدّ يكون كذبا ، قال فجـأة
        ـ هل تحبها أنت يا نايت ؟
        أجابه بهدوء و برود : أن أحبهّا هو شيء يخّصنا نحن الاثنين فقط ، المهمّ هو أننّا مرتاحين مع بعضنا
        البـعضّ ،
        تنهد الجد بيتر بقلة حيلة و أشـار بيده فوقف نايت و معه ماري ليغادّرا ، جملته تلك ، أجل هذا هو نايت
        و لم ّيتغير ، أمسكّ رأسه و هو يهزه يمينا و شمالا ثـم قال بتعب
        ـ لمّ يكن تربية أبنائي بصعوبة تربية أحفادهم

        /

        فيّ قـاعة واسـعة المساحة ، كـانّ يقف الأستـاذّ حـامّلا الميكـروفون بيدّ و يكـّتب بواسـطة الأخرى على
        اللـوحة شـارحّا أسس الشـّعر الفـرنسي ، من أجـّودّ الأشـعار الذّي عّرفها العشـاق

        في خـّلف تمـاما كـّانت ماري مـّرتدية فستانـّا أبيضّ بسيطّ مـع ستّرة من قمـّاش خفيفة ذات اللونّ
        الـوردّي ، شـّعرها البني القـّصير رفـعّت نصفه على شـكّل وردّة و تّركتّ النصف الأخر حّرا ، بجـّنبهـا
        زميـلتها كليـّر الشـابة الأكّثر جـّاذبية ،
        انتهت المحـاضرة فـرّفعت مـاري دّفترها و أقلامهـّا لتـّضعهم بدّاخل حقيبتهـا الصغيرة ، تـّوقفت فجـأة و
        قـّالت بإستـدراك
        ـ آهـ كلير هـّل يمكنني إستعارة حاّسبك المـحمول ؟ لقّد نسيتّ أن أنقـّل بضعة ملاحظـات ؟
        كـاّنت كلير مستعدة لرحيـّل لكّن تـحدّث ماري معها جّعلها تتوقّف قليلا و تـؤجـّل موعـّدها ، تنهـدّت و
        وّضعته أمـّامهـّا ثم قـالت باستفسـار
        ـ مـاري ، لقدّ قـال آرثـر أنـه رآكّ في حفـّل زفـاف كايل آل لبير و إليـزابيث هل هـذا صحيح ؟
        ابتسمـت ماري بـلطّف و لمّ تـكّن عينيهـّا على ملامحّ كليـر ، فقدّ كـّانت منتبهة جـدّا لنّقل كيّ لا تخـطأ
        لأنهـّا لا تمتـلكّ القلم المصـححّ ،
        ـ نـعمّ ،
        جـّلست كليـر أمامهـّا و ودّعت موعدّهـّا بلا مبـّالاة ، لابـأس سـّوف تـعوّضه غـدّا أو الليـلة لكّن مـّاري
        نـادّرا مـا تـّبقى في الجـامعة بـعدّ المحـاضرات و هذه هي فّرصتهـا كّي تسـألها عن مـدّى صحـّة
        الإشاعات و الأقـاويل المـوجودّة في الصـحّف المحلية
        ـ حقـّا ؟ كيـّف إستـطّعت الدخول و أنـّت مفـلسون ؟ فحـّتى نحن عـائلة الغـلوريّ لمّ نستطـّع الحصـّول
        على دعّوة و آرثـر دّخل فقطّ لأن من إصطحّبها معه قدّ دّعته ليكون رفيقـها ؟
        تـّوقفت ماري عن الكتابة و نـظرت إلى كليـّر ، قـّالت بهدوء
        ـ بـذّكر هـذّا ، ألم تقـولي يـا كلير أنّ لآرثـر رجـّل مـّرتبطّ و هو متّزوج ؟
        كليـر بإرتبـاك : أحقـا ؟ نعـمّ و تلـكّ هي
        تنهدّت ماري ، قدّ تكون حمـقاء في معـظم الأحيـّان و بـلهاء في أسـاليبّ الحيـّاة لكنهـّا ليست بذّلك الغباء
        لتصّدقّ كذبة واضحـة مثّل هذه ، إنّ كـّانت هي و أخيهـا لا يّرغبان بأختهـا هي فـيجّب عليهما قّول ذّلك
        مبـاشّرة دّون اللجوء إلى طّرق ملتوية ، سّمعتها تقّول مجددا
        ـ دّعينـّا منـّه ـ لمّ تـخبريني كيّف إستطّعت الدّخول ؟
        أغـّلقت الحّاسوب المحمول و وضّعت أشيـائها بداّخل حقيبتهـّا ، كـّان واضحّ من خلالّ نظراتهـّا أنهـّا
        إكتشـّفت كذّبة كليـّر ، قـّالت بخفـّوت
        ـ أتعـّرفين نايت آل لبير ؟
        ـ نـعمّ و من لا يـّعرفه ؟ مـاري لا تخبريني أنـّه هو من أعـطاكّ دعوة ؟
        رمّقتهـا باستهـزاء ، هلّ يصّعب عليهـا أن تـّصدّق بـأنّ فتاة مثلهـّا فقـيرة و لّيس لهـا أيّ خّبرة مسّبقة قدّ
        تـّعرفت بشـّاب مثـّله ؟ ابتسمـّت بلطّف و قـّالت بوداعةّ
        ـ إنـّه زوجي المستـّقبلي
        وقّفـت كلير بصـدّمة ، هـذّا غـّير معـّقول .. لقد ّقـرأت في ّالصحـف أن لنـايت خطيبـةّ خّفية تـدّعى ماري
        روبـرت لكّن أن تـكون هي مـاري ، مـاري التّي تعرفهـا لهو أمر مستحيـّل ، كيـّف لفتاة مثّلها محدودّة
        الإمكانيات و الجـمّال أن تتّعرف بّشخص مثله ؟ ، و مـا إنّ ألتفت لتـّستفسر مجـددا منها كـّانت الأخرى
        قدّ رحـّلت
        /
        فيّ إحـدى المـّلاهي الليـّليةّ ،
        كـّان هنـاكّ شـّاب ذّو شـّعر بنّي نـّاعم مصّفف بكـّل أنـّاقة للأعـّلى مـّع عينينّ ناعستينّ تجـّذبـّان الكثـّير و
        الكـّثير من الفتيـّات ، يـّرتدّي بنطـّالا أسودّ مع حـذاّء ريـّاضي و قميّص خفـّيف جـدّا أبيّض اللونّ لتظهـّر
        عـّضلاته ،
        يمسـكّ بيدّ سيجـاّرته الأخيـّرة و الأخرى كـأّسـّا ، كأّنّ مـّثـّالا لرجـّل اللا مبالي .. تـّقدمّ منهّ صدّيقه و
        صـّافحـّه بحـّرارة ثـمّ قـّال بـلهجة مشـاكسة
        ـ مـّا رأيكّ بالمـلهى الذّي افتتحته ؟ أهـّو رائـّع أم مـاذا ؟
        ـ جميـّل لكنّ ينقـّصك الـزبـّائن
        ضحكّ مـدّير بّصوت عـّاليّ ثمّ وضـّع يدّه على كـّتف ذّلك الشـّاب و غمـّز لهّ قـائـّلا
        ـ أعـّلم و لهـذّا استدّعيت المـّثيـّر آرثـّر ، هـذّه مهمتكّ أنـّت
        ضحكّ الأخيـّر بغـّرور و قـّال محدّثا صدّيقه

        ـ دّع هـذّا ليّ إذّن ، ـّي تـّلك اللـحظة انـّتاب مـّاري تفكـّير جـّنونّي بالقفـّز ،

        شـّابتـّر السـّابـّع

        ـ المسـّرحية و الـدّمى ـ


        نـّور تلفـّاز المـّوضوع ّ على قـنـّاة بهـّا فيـلمّ رومـانّسي أمـّامه تـلكّ الـشـّابة تـأكّل المـثلجـّات
        و الحمـّاس بادّي على ملامحّ وجهها الطـّفولية
        لـمّ تستـطّع النـّوم و تّفكيـّر في مستقّبلها المجـّهـول يؤرقـهّا ، تـورطّهـا مع عـائلة آل لبير جّعلهـا تـحّرم ّ
        من الـراحـّة و كلّ ما يجـّول في رأسهـّا هو متـّى الـخـطّوة التالية ؟ مـتّى يأمرهـّا نايت بـّفعل شيء مـّا
        ؟ لذّلك قـّررت أنّ تـّقوم من على سريرهـّا و تتـجّه إلى التـلفـّاز أنيس وحدتهـّا
        و بالـرغمّ من أن قـّصة الفلمّ رائـعة تمّس جـوانّب عدّة من الحـّياة فـمـّاري لمّ تلقي لهـّا بالا و عـكّس
        مـلامحّ وجهها المتـحمّسة كـّانت دّقـات قـّلبهـّا تنبـّض خـّوفـّا ، إنهـّا ماريّ الفتاة التّي بـٌّقت ثـمانية عشـّر
        عـامّا تستـجمّع شجـّاعتهـّا لتغـادّر المنـّزل لكنهـّا طّردت منه و عـّامين محـّاولة تـّوضيح لكـّنهـّا طّردت
        مجددا منـّه ، و هـّل يعقل أن تـّستطيع مجـّاراة مهمـّا كانت خـطّة نايت ؟
        قـطّبت حـّاجبيهـّا و هي تـأخـذّ قضمة أخرى ، لاّ طّبـعا لا .. تـّعلم ذلكّ و هو يـّعلم هـذّا لكـّنها لا تستـطّيع
        الاستسـّلام الآن خصـّوصـّا بـعدّ أخـذّهـّا الخمسين مـّليون دولار لتسـديدّ ديون والدّها و في النهـّاية فـّلور
        لمّ تـأتيّ لتعيّش معهـّا ، إنهـّا مجـّرد غفـّوة أخرى تسـقطّ بهـا
        فـكّرت قـليـّلا ، لا لـّيست غـّفوة و لا خـطـأ في النهـّاية هي خـّلصت والدّها من الدّين و بالـرغمّ من أنهـّا لا
        تـحّبه فهي لا تـّكرهه أيضـا ، هيّ بكل بسـاطة لن تستطيع التـّخلص من رابـّطة الدّم التّي تجمّعهمـّا .
        وّقفت و إتجـّهت إلى الـّشرفة المـّوجودّة في صـّالة الاسّتقـّبال ، كـّان بهـّا وّردّ جمّيل الـرائـّحة قّررت أن
        تقّوم بـّزرعه عنـدّما أدّركت أنهـّا لا تستطيّع تحمل مسـؤولية تّربية حّيوانات أليّفة ، جـّلست فّي ذّلك
        الـكّرسي الـهزاز الّذي وّضع عـليه ملاءة قـدّيمة صّوفية ثّـم رّفعت قـّدميـّها على سّور الـشّرفة و أغـّلقت
        عينيهـّا فتـراءت لها ّ صـّورة نـّايت عنـدّ نـّافذة غـّرفته و القـمّر قـدّ أسدّل ستـّار ضـّوءه عليه فإبتسمت
        بـحالمية كعـّادتها
        ـ وسيـمّ و جـذّاب جـدّا
        ـ من هـّو هـذّا ؟
        فّتحت عينيهـّا بدهشة و استـدارت مّسرعة مسـّتقيمة في جّلستهـّا إلى حّيث مّصدر الصـّوت ، رأتـّه يـّقف
        بكـّل ثقـّة و بـّرود ، يـّرتدي معـطّفا متوسطّ الـطّول رمـاّدي اللـّون مـّع قـمّيص أسـودّ خّفيف و وشـّاح
        بـنّفس لونّ المـعطّف مع سـّروال جينز أزّرق و حـذّاء ريـّاضي، تحّت عينّيه تـّوجدّ هـّالات بّنفسجية قّليلة
        أخّفاها بخّصلات شّعره التّي انسدلت على وجهه كالعـّادة ، سـحّب كـّرسيـّا و جـّلس ثـمّ نـّزع القفـّازات من
        يـدّيه و هو يقـّول بـبحّة و خـّفوت
        ـ قـّهوة سـوداء مـّع مـّلعقة من الـسكّر
        ـ آ حـاّضر
        أسّرعت إلى المـطّبخ و حـظرت القـّهوة سـّريـعّا بينمـّا هنـاكّ سـؤال يـدّور في رأسهـّا ، كيـّف دّخل إلى
        شّقتهـّا و هي متـأكدّة من أنهـّا أغلقتهـّا بالمفـّتاح ؟ هـّزت كّتفيهّا دلالة على عدّم الإهتمـّام ، لّيس هو
        الشّخص الأول الذّي يدّخل بدّون إستئذّان ،
        وضـّعت كـّوب القـّهوة أمـّامه على تّلك الطـّاولة الصّغيرة ذّات الـزينة و إعتـذّرت لتـأخّرها ، جـّلست أمـّامه
        على الكّرسي الهـّزاز و رّفعت قـدّميهـّا لمّستوى صّدرهـّا محّتضنة إياهمـّا أمـّا عينيهـّا فكـّانتا تـّراقّبان
        بـفّضول نـايت
        كّيفية إمسـّاكه بالفنجـّان ، طـّريقة إرتشـّافه القـّهوة ، نـّظرته ذّات الكـّبريـاء العـّالي ، كـّل شيء به مـثـّالي
        ـ مـّا رأيكّ ؟
        رّمشت مـّرارا و تكـّرارا ثـمّ قـّالت مـّتعـّلثمة : أرجـّوا المـعذّرة ؟
        ـ ألّست كّنت تتفّحصنني تـّوا ؟ أردّت أخـذّ تـّقييمك
        إحمـّرت وجّنتيهّا من الإحـّراج و أطـّرقت بنـظراتهـّا للأسـّفل بينمـّا هي تـّلعب بـأنامّلها دّلالة على تـّوترها
        فـّرمقهـّا نايت بغـّيض ، هـّل هي بـّلهـاء ؟ أمّ هو قـّال مـدّيحا تّوا ؟ زّفر ثـمّ قـال ببـّرود
        ـ لا يـهمّ ، لقدّ أتيت لأنـّاقش بّضعة أمور ، أوّلهـاّ هيّ هـذه التـمثّيلية .. لا أعـّلم كّم ستـّدوم و لا كيّف
        سينتهّي المـطّاف
        لمّ تـّعلم مـاريّ لما شـّعرت حيّنها بنوّع من عدّم الاطمئـّنان فـأخذّت تتحدّث بصـّورة متوتـّرة و خاّئفة
        ـ ما الذّي تقّصده ؟ هـّل لا تعـّلم حقـّا ما هذه المـدّة التّي يجّب فيهـّا أن نـّلعّب دّور المتحـّابين ؟ أقـصدّ مـاذّا
        إنّ اضطررنا للقّيام بهـذّا إلى الأبد ّ ؟ أو مـاذّا إذا تـّم كّشفنـا ؟
        ـ لمّ يـحدّث ، لأنـكّ سوف تـّقـومينّ بإحـتّراف التـمّثيلّ و إتـّقان دّوركّ لدّرجة المثـّالية
        تقـدّم منّهـا ثـمّ إنحنى بـكّل هدوء لمّستوى وجههـّا ، عينيه داكـّنتينّ تجّولانّ بكـّل بّرود حـّولها منّ
        ابتسـامّتها المـّرتبكة إلى حـّاجبيهـّا المـّعقودين بكـّل تـسـاؤلّ إلى نـّظرتهـّا الخـّجولة ، وّضع يدّيه حـّول
        كـّتفيهـّا وجـذّبها فيّ تـلكّ اللحـّظة سـّارعت ماّري للإبتعاد متـذّكرة ما حدّث في المرة السـابقة .
        كـّيف أخذّ منهـّا قّبلتهـّا الأولى بدّون مشـّاعر .. كـّان يّرمقهـّا حينهـّا كمـّا لو كـأنهـّا و المـّزهرية واحدّ لا
        يحـّركان بـّقلبه نبّضـات ، بينمـّا كّان هو يـّحاول أنّ يّجّرب رّدة فعلهـاّ فقط قـّال نـايت بّسخرية لاذّعة و
        شدّيدة اللهجة
        ـ قّبلة و أنت خـّائفة ؟ مـاذّا إنّ تمـادّيت أكثـّر هل سيـّغمى عليك ؟
        أجـّابته مـّاري بـغّضب محّتقن كّيف لا يكّسوها الـغّضب و هو يهّين أحـّلامهـّا ؟ أمنيـّاتها التّي تخص
        فـّارسّها ؟
        ـ لا أنت مخـطئ ، القـّبلة لّيست مجـّرد قـّبلة .. إنهـّا تـلكّ اللـحظة التـّي تتـّولدّ فيهـاّ أشـّواقكّ تـلكّ الـثـّانية
        التّي يـطّغوا فيّها حـبكّ على كّل كيـّانكّ فـتـّقوم بّتقبيـّل حبيبـكّ بـكّل رقـّة ، كـّل عـّشق و غـّرام لمشـّاركته
        أحاسيـسكّ ، لجـّعله يـؤمنّ بأنّ قلبكّ لمّ يـعدّ ملككّ .. ليّصدق أنكمـّا صّرتمّا كيـّانا واحـدّ
        إستنـدّ على الشـّرفة و هو يـّقابلهـّا ، إنهـّا تلهُّث كـأنهـّا قـامت بمجهـّود عـظيمّ .. شـّفتيها تّرتجفـّان و
        تـوشكّ على البـكّاء فقطّ لأنهّ قـال أنّها لا تعنّي شيئـا ، أكـمّلت حديثّها بـتّوتر
        ـ لا يمكنـكّ تقبيـل من تشـاء سـّاعة من تشـّاء ، و أنتّ تصّف قـبـلتّنا الأولى كمـّا لو أنكّ قبلتّ كّلبـا ازدرى
        لعابه على ثيابكّ
        ابتسـمّ بخـّفوت و همـّس قـّائـلا
        ـ لقـّولكّ كلامـّا كهـذّا أنت مجـنونة و إنّ صـدّقت بـتّراهات مثـّل هذه فسّينتهي بكّ المطـّاف بـّميتة وحيـدّة
        تعيسـّة ،
        إنعكّس من خّلال عينيهـّا الزجـّاجيتن الصـدّمة الواضـحة و التّي حـّاولت إخفـائهـّا ، شـدّت بواسـطّة
        قّبضتهـّا على فستـانّها و هيّ تقول بتّصميم
        ـ لا أنـت مخـطأ ، أنـّا لنّ أمـّوت وحيـدّة .. سـأجـدّ شـخّصا أحبـّه و حـّين أفـعّل لنّ أتـركّه يغـّفوا عن نصـّب
        نـظّري ، سـأقـاتّل من أجّل حبي أنتـظّر و سـتّرى
        ضحكّ قـليـّلا إنهـّا متّرصدة و لوهـّلة ظنـّت ماّري أنهّ هو المـطّلوب ، من كـّانت تبحّث عنه لكّنهـّا استعادتّ
        واقعهـّا عندمـّا رأتهّ يتجـّه إلى الصـّالة ، تـّبعته
        ـ معتقـداتكّ و أنـتّ حرة لكّن لا تـّفسدي مخـططّي
        ـ أجـّل أعـلمّ ، الآن أنا أوفّر روحيّ القـتالية من أجـّل حـّربكّ لذّلك لا تـّقلق لكـّن نـّايت .. مـا سبب هـذّه
        التمثـيلية ؟
        أجـّاب ببـرودّ و هو يـّهم بالـرحّيل : لّيس مهمـّا معـّرفتكّ بسببّ
        ـ إنتـّظر لمّ ينتهي نقـّاشنا بـعدّ ،
        أمسكته من ذراعه مانـعة إياه من الذهاب إلى أيّ مكـّان ، فـتّوقف و نـظّر إليهّا منتـظّرا ما ستـّقوله ،
        عـّلت التصـّميمّ مـّلامحهـّا و هي تقـّول بجدّية
        ـ أعتـقدّ أنني أستـحّق إجـّابة واضحـّة ، نـايت هلا أخبرتنيّ من فـّضلك ما سبب الذّي جـّعلك تـّقومّ بصنـّع
        هـذه التمثيـّلية ؟
        تّردد للحـّظاتّ ثمّ تنهـدّ و قـّال بـهدوء بينمـّا عـّقله مبحر فّي ذّكريـّاته
        ـ إنهّ سـّر
        فتـحّ البـاب مسـّتعدا و خرّج فإرتـدّت ماّري معـطّفها الأحمـّر و حـذّائهـّا مـّع وشـّاح خفيفّ بّسرعة مـذّهلة
        و أغـّلقت الشـّقة خّلفهـّما ، فّرمقهـا نـّايت بغّيض و سـّارع في خـطّواته .. أمسكـّته مـّاري من ذّراعه و
        إحتّضنتهـّا فيرى النـاّظر أنهـمّا فـعّلا حّبيبينّ و هـذّا ما لمحّته سيدّة فرانسيسّ عندّمـا كـّانتّ خـّارجة هي
        أيضـّا حـّاملة حّقيبتهـّا و بّرفقتها كلا من السيدّ بول و ويليـامّ ، قـّالت بدّهشة
        ـ يـا ألاهي هـّل هـذّه فعلا أنت مـّاري ؟ لا أصـدّق بـعدّ سنواتّ من فقدّان الأمـّل تجـّدينّ شابا و شديدّ
        الوسـامة أيضـا ؟ ظننّت أنّه سينتهي بكّ المـطّاف في دّار المسنين بـعدّ عـجّزكّ عن العّيش لوحدّك
        إحـمّر وجّه مـارّي من الـخجّل و تـّوردّت خدّيهـّا باللـونّ الـوردّي ، تـركّت ذّراع نايتّ و لمّ تلاحـظّ نـّظرات
        الغـّامضة بينّ الصدّيقين ، قـّالت بإحـراج
        ـ سيدّة فرانسيسّ توقفي عنّ هـذّا ، لقدّ أخبرتكّ سابقـا أنني أنتـظر الـرجّل المنـّاسب أم نسيت ؟ ثمّ لماذا لا
        ينفك الجميع ذكر دار العجزة ؟
        ـ أعـلمّ ممتـطّيا حصـّانه الأبيـّض و حـّاملا وردّة الأوركيد هـائمـّا الكـّرة الأرضيـّة بـّاحثـّا عنـك ، كلنـّا نعـلمّ
        ابتسـمّ نايتّ بسخـّرية لمّ ليلمحـّها سوى ويليـام المـقطّب بشّرودّ ، إنهـّا لمّ تخبره هو فقـطّ بمواصفـّات
        فـّارسهـّا و إنمـّا جميـعّ من تـّعرفه ، أو ليسـّت بلـهاء ؟ اقـترب من سيدّة فرانسيسّ و إنحنى بخفـّة مـّعرفـّا
        عن نفسه
        ـ أسـعدّ صبـاحكّ سيدّتي ، أدعـى نـّايت أل لبيـّر و أنـا خـطّيب الآنسة مـّاري روبرت .. تشـّرفت بـلقـائكّ
        شـّهقت سيدّة فرانسيّس من الـدّهشة ، لّيس لأمّر الخـّطبة بّل لمـدّى لبـّاقة هـذا الشـاب الواقفّ أمامهـّا ،
        كــّان جـذّابـا بـوقفـتهّ الواثقـّة و نـّظرة الكبـّريـاء مـّع شـّعره الأسودّ الحريري اللامـّع كسـوادّ الليـّل تمـّاما
        ، يـذّكرها بـالرجـّال الارستقراطيين قـدّيمـا فهـّو و بـطّريقة مـّا يـّتـركّ هـّالة من الجـاذّبية و النبـّل تـحومّ
        حـّوله ، قـّالت بلا إستوعاب
        ـ حقـّا ؟ لو كـّنت ثـلاثّّين سـّنة وراء لمـّا تـّركتكّ تـذّهب بسـّهولة ،
        ضحكّ نايتّ بوداعـّة مصـطّنعة و هو يقبـّل يـدّها ثـمّ سـحّب ماري من كّتفيهـا و قـّال بابتسامة بـسيـطّة
        ـ للأسـف يـا سيـدّتي فـأنـّا مـّرتبطّ ، الآن أرجـّوا المـعذّرة لقدّ وعدّت أن أخذّها لمـطّعم فـاخّر تـعويضـّا على
        ما فاتنـّا
        ـ أجـّل ، طبـعا .. أعـذّر سخـافتي
        تـقدّم الاثـنينّ و خـّلفهـمّا ويـّليـام ، إتجـّه الثـلاثّة إلى سيـّارة سـوداء مـّركونة مـضللة .. فصـعدّ ويـليـامّ
        خـّلف الـمقّودّ بـعدّ إنتـزاعه المفـاّتيح من أصـّابع نـّايت الذّي جـّلس بجـّانبه ، تـّوقفت مـّاري بـتّرددّ ،
        خصـّوصـّا عندّما لمحـّت نـّظرات ويـّليـام الغـّير طـّبيعية فقـّررت أنّ تـأجّل أسـئلتهـّا إلى مـّرة أخرى ،
        قـّالت بـتّوتر
        ـ آ لقـدّ تـذّكرت أنهّ لدّي مـحـّاضرة الـيّوم بـعدّ سـّاعة لـذّلك أنـّا أعـتّذر ،
        رمّقهـا نـّايت بـّبرودّ شديدّ ثـمّ إلتفت نـّاحية ويـّليـامّ الذّي يكـّاد يـّنفجّر من الغـّضب ، و قـّال بـّسخريته الـدّائمة و اللاذّعة
        ـ و منّ كـّان يـّنوي أخـّذكّ مـّعه ؟ أنـّت من عـّزمت نفـّسك ،
        نـّظرت إليهّ مـّاري بـّغيض ، هو منّ كـّان يـتّحدث عن إحتـّراف التـمثـّيل حسّنا يـّاله من ممثـّل بـّارعّ ،
        قـّالت ببـّرود هي الآخرى مـحـّاولة تـّقليدّه
        ـ لا تـّظن أنكّ تخّلّصت منـّي، لنـّا لقـّاء أخـّر ، وداعـّا ويـّليـام
        و حـّالمـّا أنهـّت جـّملتهـّا أدّار ويّليـام المقّود بـطـّريقة عـّنيفة فـأطـّلق المـحركّ صـّوتـّا مخّيفـّا ، عـّاد
        للخـّلف ثـمّ إنـطّلق مسّرعـّا بـّسرعة خـّيـّالية جـّعلت مـّاري تـشّهق مـّرتعبةّ ، هـّزت رأسهـّا يميـّنا و شـّمالا
        ـ تّسك تـّسك تسـكّ يـّالهمّا من صـدّيقينّ ، أنـّا أتساءل إنّ كـّان ويـّليـّام بـخّير؟

        /

        فّي ذّلك السـرير الـّضخم عـّليه عـّدة وسـّائدّ و غـّطاء أحمـّر أجوّري حّيث كـّان كـّايل نـّائمـّا و قـدّ إختـّفت
        مـّلامحـّه الخـّبيثة التّي كـّان دومـّا مـّا يحـّملها ، فجـأة أنيـّر ضوء الغـّرفة مّسببـّا له الإزعـّاج ، قـطّب و
        صـّرخ بـغّضب
        ـ إليـزابيـّث أطـّفئيه
        تقـدّمت مـّنه إليـزابيـّث، ـ الشـّابة التّي تـّوجدّ صـّورتهـّا على غـّلاف مـّجلة المّوضوعة فّوق الطـّاولة
        الزجـّاجية ـ وّضعـّت يدّهـّا على كـّتفه و هـّزته بـّقوة بينمـّا كسى الانزعاج وجههـّا الجمـّيل ، قـّالت بـّحدة
        ـ استيقظ إنهـّا العـّاشرة و أنـّت لا تـّزال نـّائمـّا
        قـطّب و إستـدّار إلى الجـّهة الأخرى فتـأففـّت إليـزابيثّّ بـغّيض شـدّيد ، إتجـّهت إلى تـّلك المـّزهرة التـّي
        حّصلا عليهـّا كـّهدية فـّاخرة من قـّبل مـدّير مـّجموعة هيـّون و نـّزعت الأزهـّار غـّير آبهة بـمدّى عبقّ
        رائـحتهـّا ثـمّ أفـّرغت مـّياههـّا على كـّايل
        شـّهق بـّقوة و استقـّام فيّ جـّلوسهّ ، و بـّحركة مفـاجئة كـّان يـّضع يـدّه حـّول رقـّبة إليـزابيّث كـّايـّل يـّعرف
        بـالعصّبية الـشدّيدة و كمـّا أنّ جمـّيع منّ يـّعرفه يـّتجّنب إغـّضابه و يّسعى للحّصول على رّضـاه فـكّيف
        لزوجـّته أنّ تـّفعل مـّا فّعـلته ؟ ، قـّال بـّصراخّ
        ـ أتـّقي الشـّر يـا إليـزابيـّث ، إتقـيه قـّبل أنّ أقـّوم بـّقتلك و الآن
        وضـّعت إليـزابيثّ يـدّيها حـّول رقـّبته هيّ الأخرى و احتضنته بـخـّفة فهـدأ ، ابتسـمّت ببـّرود قـّائـلة
        ـ عـّزيزي أعـّلم أنـكّ غـّاضب بشـأنّ الـّصور لكّن لقدّ أخـّبرتكّ أن هـذّا هو عـّملي و لا خيـّار أخر لـّي ، و
        أنـّا أسـّفة لأننّي رمـّيت المـّياه عليـكّ فـقدّ كـّنت أنـّا أيضـّا غاضّبة لأنـكّ قـّمت بـتجّاهلي ، أنـّا أسـّفة
        عـّزيزي أعـدّك أننّي لنّ أكّررهـّا
        تنهـدّ كـّايل و أبـّعدها عـّنه ثـمّ إتجـه إلى الحمـّام ، أغـّلق البـّاب خـّلفه بـّقوة .. و عنـدّما تـأكدّ أنهـّا لا تّـراه
        ابتسـمّ بـلطـّف ثـمّ قـّال يـّحدثه نـّفسه
        ـ تـّظنينّ أننّي لا أعـّلم لـكّنكّ مخـطـئة ، لـّو أنّ هـذّا القـّلب لا ينـّبض بـأسمـكّ و لو أنّ هـذّه الـعّروق لا
        تسيـرّ بـأنفـّاسكّ لكـّان لّي حسـّاب آخـّر مـّعك ..

        /

        فيّ إحدى الحدائقّ المـّليئة بقطـّرات النـدّى و همسـّات القـّليل من الأطفـّال الذّين يـّلعبونّ هنا و هنـاكّ ، لمّ
        يكنّ يوجدّ الكثيـّر من الأشخـّاص و هـذّا مـّا سـّاعد السيدّ جوناثان في أخذّ راحتـه معّ صديّق عـمّره
        روبـّرت ، متـّناولا تـّلك السيجارة بينّ يدّيه ، فقـّال روبرت بهدوء و هو يـحاول أن يطمئنه
        ـ يـّا صديقّي ، ألّيس الوقت منـّاسبـّا لدّخولكّ الى المستشفى ؟
        رمقّه سيدّ جوناثانّ بحدةّ لّيبتسم روبرت و هو يـّهز رأسه نـّفيـّا ،
        ـ لا ، لا تـّرمقني بتـلكّ النـظراتّ أنـّا أقـّول الحّقيقة ، أريدّك أن تـّهتمّ بـّعلاجّك فقطّ
        ـ روي أنا لا أستطيـّع لدّي الكثّير من الأعمـّال و عّلاجّي هو آخرّ همّ بّنسبة لّي ، كمـّا أنهّ توجدّ مشـكّلة
        ماري لإصلاحها ،
        ـ أنـّا سـّوف أهتمّ بكّل شيء ،
        قطّب سيدّ جوناّثان و هو يـّفكر ، ثمّ ارتشف نفّسا عميقـّا من سيجـّارته الأخيرة و رمـّاها أرضـّا بـّعدهـّا
        قـّال بجدية
        ـ لا ، هذه مشـّكلتي و هـذه عـّائلتي ، صدّقني روي أنـّا ممتـّن جدّا لـّوقوفكّ بجـّانبي طـّوال الوّقت و السيـّر
        فيّ خطّطّي لكّن آن الأوانّ ليّ أنّ أتولى الأمـّور بـّنفّسي على الأقّل لهـذه الفتـّرة ، قـّبل أنّ تشـاهدّ عيناي
        هـّاتين نـّهايتهمـّا
        تنهـدّ روبـّرت بـّقـّلق و ضـّم صدّيقه بخـّفة بـّعد أن تـّلاشت العـّبارات من فـّمه لحـظة ذكر جون المـّوت ،

        /

        كـّان نـّايت جـّالسـّا فيّ مقـعدّه بـكّل راحـّة و الـّبرودّ ظـاهر على وجههّ ، يـّضع يدّه على حـّافة النـّافذة و
        يـّراقـّب الـطـّريق كـّيف تـحتـّك عـّجلات السيـّارة بـهـّا مـّخلفة آثـار واضحـة ، تنهـدّ بـضجـّر عـندّما زادّ
        ويـّليـام فيّ سـّرعة فإلتفت إليه لآنه تـّجاوز الحـدّ و قدّ يصـطّدمـّا بأي شـيء و بـالـّرغم من أنهّ لا يمـانـّع
        فـّعلا المـّوت لكّن قـّرر الكـّلام
        ـ مـّا الذّي يـّزعجـكّ لـدّرجة جّعلنـّا نموت مـّعا ؟
        تـّوقف ويـّليـام و قـدّ ضـغطّ على الكابح فصدّر صـّوت مـّخيفّ و دّارت السيـّارة مـّرارا و تـكـّرارا قـّبل أنّ
        تستـّقر فيّ وسـطّ الطـّريق ، رمقـّه ويـّليـام بـّغضب ثـمّ ابتسمّ فـجأة و وضـع يدّه على كـّتف نـّايت ضـّاغطـّا
        بـّقوة
        ـ عـزيزّي نـايت أل لبيـر إنّ كـّنت تـّريدّ مني خـّدمة فـّيمكنكّ الـطّلب و سـأكونّ سـعيدا لتّلبيتهـّا إن كـّنت
        أستـطّيع ، لا أنّ تـأمـّرني بـّفّعل مـّا تـّريد و بالـطّريقة التـّي تـّريدهـّا وقتمـّا تـشّاء و لا يـحّق ليّ الـّرفض
        ـ آه إذّن هـذا مـّا يـّزعجـك ؟
        ـ بالـطـّبع لـّيس هـذّا مـّا يـّزعجني فـانـّا مـّعتـاد على وقـّاحتـكّ و إنعـدّام أخـّلاقك لّكن الأمـّر الذّي لمّ أقبـّل به
        هوّ مـا طـّلبته بالـحدّ ذاته ، أخـّبرنيّ ما الذّي تـحاّول فـّعله لعـّلني أعـّذرك و أكونّ يـدّك الـيّمنى ؟
        قـطّب نـّايت و نـّزع يـدّ ويـّليـامّ من عـّلى كـّتفه ثـمّ زفـّر بـغـّيض ، أحـدّ الأشيـاء الـتّي يـمّقتها هو تـّفسير
        تـّصرفـّاته للآخـّرين ، فـإحتـدّت عـّينيه بـشكـلّ واضـحّ و أخـذّت هـّالة الخـطّر من حـّوله تـّنتشـّر أكـّثر قـّال
        بـحـدّة
        ـ إنّ لمّ تـّرد فـّلا بـأس أستـطّيع عـثورّ على شـّخص آخـّر
        ـ هـذّا لّيس مـّا أعنـيه ، تّـبا لكّ تـّفسر الأمـّور على منـّحاكّ .. كـّل مـّا أقوله أننّي أحتـّاج تـّفسيّرا فـأناّ قلق
        عليكّ و أنــّت تـّدركّ أنّ مـّا تـّفعله هو الخطـأ بعـّينه لذّلك أّريد منك التـّراجـّع قـّبل فـّوات الآوان
        كـّز نـّايت على أسنـّانه بـعـّصبية ثـمّ قـّال بـهـدوء رغـمّ أنّ مـّلامحـّه و حّركاته عـكّس ذلك تـمّاما
        ـ ويـليّام أنـتّ قـدّ تـخـطّيت حـّدودّك إخـّرس
        حـّرك ويـّليـام الـسيـّارة عـندّما لمـّح شـّاحنة قـّادمة من بـّعيد و سـّارع بالإبتعـّاد ، شـدّ على المـّقودّ
        بـإنـزعـّاج و تـّحـدّث مـجّددا
        ـ إستـمـّعّ إلى مـّا أقوله بـحـّق السمـّاء نـّايت ، أنـّت تـّلـّعب بـجّانب الهــّاوية و لـّيس لـوحـدّك بل بـّرفقة
        مـّاري .. إنهـّا طـّفلة و لا تـّدركّ ما أقـحمـّت نفّسهـّا بـه و أنـّت تـّستعـمّلها كمـّا لو كـأنهـّا دّمية تّحركهـّا
        مـّثلمـّا تـّشاء ، إنّ كـّان بشأن الـ 500 مـّليون دولار فـأنا مسـّتعد لدّفعهـّا عـّوضـّا عـّنهـا لذّلك أتـّركهـّا و
        عـّائلتهـّا
        ـ لّست مـّهتمـّا بالـنقّود و أنـّت تـّعلمّ أمـّا بالنـّسبة لهـّا فـلقدّ قـّامت بـتحديدّ ستّعرها بـّنفسها و قـّامت هّي
        ببـّيع نفـّسها لّي لذّلك لّيس لهـّا الـحق فيّ قـّول لا ، كمـّا أن هـذّا لا يـّعنيكّ
        ـ نـّايت أرجـّوك إفـهمنـّي ، أنـّت صـدّيقي الـّوحيدّ و الـّفرد الـوحيـدّ المتـّبقي من عـّائـّلتي أنـّا فـّعلا لا أريـدّ
        أن أخـّسرك بـّرغبة انتـّقام الـتّي تـّغمركّ
        ـ ويـّليـام بـحّق الـجحيـمّ إنّ لم تـخرس و الآنّ فـسّوف أحّرص عـّلى أنّ يـّكون أخـّر مـّا تـّراه هو فـّوهة
        مسـّدس المـّوجهة نـّاحية قّلبك
        رمقـّه ويـّليـام بـأسى و قـدّ ظـّهر الـوجـّه الحقـّيقي لنـّايت ، كـّان و بـهـذّه اللـحـّظة لا يـّقوى على التـّنفّس
        أمـّا بـّشرته فقـدّ إزدادت شـّحوبـّا كمـّا لو كـأنهّ رأى المـّوت بـّعينيه ، حبـّات الـعّرق قـدّ شّقت طـّريقـها
        نـحوّ ذقّنه ، ابـتسمّ ويـليـام و قـّال بـخـّفوت
        ـ حسنـّا ، لا داعـّي لكّل هـذّا الإنفـّعال نـّايت أنـتّ تـّعلم جيـدّا أننّي مـعّك في كـّل خـطّوة تـّخطوهـّا و أنـاّ
        مسـتّعد للمـّوت إنّ كـّان هـذّا يـعنّي سـّعادتـكّ فقـطّ ، فقـطّ أنـّا قـّلق عـّليكّ
        أجـاّبه نـّايت ببـرود بعد أن وجه نـظراته إلى الأمـّام ،
        ـ أنتّ كـّثير الـّقلق بـدّون أي شيء يـّذكر ،
        ـ أعـّلم ، ألا يـحّق لي ؟ خـّصوصـّا و أنـكّ قـدّ بـدأت الـّتصـّرف بـغـّرابة ، فقـطّ عـدني أنـكّ لـن تـّذهب إلى
        التـّهلكة ؟
        ـ أجـّل أجـّل كمـّا تـّشاء فقـطّ إخّرس و قـدّ أنـّا جـّائع
        ابتسـم ويليـام بـودّية و قـامّ بـضـّرب نايت على خصـّره فـتأوه الأخـير من شـدّة الألمّ و شتم بـحدّة ليضـحكّ
        ويـليـام أخيـّرا ثـم قّال بـلهـجة مـّازحة
        ـ هـذّا لأنكّ جـّعلتني أصّاب بالـجّنون

        تعليق

        • جمال الحياة
          عضو ذهبي
          • Nov 2019
          • 850

          #5
          رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

          الشـآبتر الثـّامن

          نـحـّوك ـ عـزيزي


          أحيانا بل في معظم الأحيـانّ لا يستـطيع الإنسـان الإستمـّرار حينهـّا يكونّ قدّ أعلنّ الفـشّل و رفـّع رايـة
          الاستسلام ليـّس لأنه فقـدّ الأمـّل أو يـأس من الحيـّاة بـّل يـمكنّ الـقول أنهـّا النهـّاية و النهـّاية فقط .
          أجـّل إنهـّا تـلك النهـّاية التّي تـجّعل الشـّفاه عـّاجزة عن التـّعبير و تـّصبح الـعّينينّ بالـّرغم من صـحتهمـّا لا
          و لنّ يـّستـطّيعان الـرؤية سوى الـظّلام من الآن و صـّاعدا .
          فـّي ذلك الـّركن الـّصـغير ، حيـّث لا يـّقدر أحـدّ على لمحـّه كـّان هو جـّالسـّا مستنـدّا على الجـدّار الذّي
          خـّلفه و الـشـهـّقات تصـدّر منهّ كمـّا لو كـأنهـّا سيمفـّونية حـّزينة و مـّؤلمة ، يـمسكّ رأسهّ بين يدّيـه و
          يـّضغط عليه بـكّل قـوة .
          ضـغطّ على قـّبضته و إنهـّالت فـكّرة جـّنونية إليه فجـأة ، مـاذّا عن الإنتحـّار ؟ مـاذّا عن قـّتل نفـّسه ؟ مـاذّا
          عن رفـّع الـسكين و قـطـّع شراييـّنه إلى آخـّر قـطّرة دّم ؟ لـكّن و إنّ فـعّل فـهل سيـموّت ميـّتة هـنيئة ؟
          ارتسـمّت على شـّفتيه الجـّافتين و البيّضـاوتين من شـدّة المـّرض و الألمّ مـعّا ثـمّ همـّس و نبـّرته
          المحـطّمة قـدّ وأنسته وحـدّته المـّروعة هذه
          ـ أنـّا قـّادم إلـيكّ يـا عـزيـزتـّي ، أنـّا قـادّم انتظريني فقـدّ حـّان مـّوعد لقـائنـّا

          /

          فّي ذلك المنـّزل البسيـطّ كـّانت فـّلور تـلكّ الشـّابة ذّات الـّشعر الأحمـّر المـّرفوع إلى الأعـّلى تـحـّضر
          الغـذّاء بـكّل هـمة و نشـاطّ فـالسـّاعة تشيـّر إلى الثـّانية عـّشر و لمّ يبـقى على قـدّوم والدّها سوى ربـّع
          سـّاعة ـ عـندّما رنّ الـجّرس و كـّان نـّادرا مـّا يـّرن لإنعـّزال عائلة روبرت عن بـّقية الحّي .
          نـّظرت من الـعّين الـسحـّرية نـحو القـّادم فـرأتّ شـّابا ذوّ شـّعـّر أشـقر لامـّع يـمّيل للـّون الـذّهبي رّفع
          نصـّفه و تـّركّ القـّليل ، يـّضع ذّراعه على الجـدّار و تبـدّوا عليه مـّلامح الـسـخطّ و الـغَّضب ، بدا لفـّلور
          كشـّاب مشـّهور فـما الذّي يـّفعله هنـّا ؟
          نفـّضت يـدّيهـّا من الـطّحين و نـّظفت وجّهها ثـمّ فـّتحت البـّاب ، إعـتـدّل في وقفـّته لـّكن لمّ يـغـّادر الضـجّر
          وجـّهه فقـّال بـّغيض
          ـ هـّل هـذّا منزل السيـدّ جونـاثانّ روبرت ؟
          توخت حينهـّا فـّلور الحـذّر و قـّدّ ظهـّرت ملامـحّ البـّرود على وجههـّا ، كـّانت عـكّس مـّاري تمـّاما ،
          ـ و إنّ كـّان ؟ ما الذّي تريـدّه ؟ مـّن أنت ؟
          قـطّب الشـّاب بـعصّبية و نــّزع نـّظارتيه ، دومـّا ما يكـّلف بالمهـّمات السـخيـّفة .. لمـّاذا ؟ تـأفف ثـمّ قـّال
          بـغّضب
          ـ ليّس لدّي وقـّت للـعّب الأطـّفـال ، نـادّي سيدّ جونـّاثـان
          ـ و لا أنّا أيضـّا يـّا سيـدّ ، فـما رأيكّ أن نخّتصر الحـدّيث و نصـّل إلى المـّطلوب .. ما الذّي تريـده من والدّي
          ؟
          زفـر ويـليـام ، و فتحّ البـّاب على مصراعيه ثـمّ دخـّل .. المـطّبخ ثـمّ الصـّالة ، صـعدّ إلى الأعلى و فـّتح
          جميـّع الغـّرف بينمـّا فـلور تصـّرخ بـّرعب و هيّ ترى هذا الشـّاب المجـّنون يـقتحمّ منـزلهمّ عـّنوة بينمـّا
          هيّ موجودة ؟
          عنـدّمـا لمّ يستـطّع إيجـاده تـأففّ بصـّوت مسـّموع ثـمّ كـادّ أن يــرحّل لولا أنّ فـلور وقّفت بـطّريقه ، رمقـّها
          بـسخـّرية ، ليسـّت مثـّل أختهـّا على الإطـّلاق .. أمسـكّته من يـّاقته و سـحّبته نـحوهـّا ، بالـّرغم من أنهـّا
          ليست بالقـّصيرة لكـّن لمّ تستـطّع حتى أن تـّصل إلى مستوى كـّتفيه ، قـّالت بـحدّة
          ـ بـحّق الجحيـمّ من تـظّن نفسك ؟ لتـقتحـم منزلي عنـّوة و أنـّا موجودة به؟ ألمّ أملئ نـظّر عينـّيك ؟ أمّ
          أبـدوا مخـفـّية ؟ سـأتصـّل بالشـّرطة
          أبـعدّ يدهـّا عنه باحتقان شديد ثـمّ فجـأة ابتسـم كمـّا لو كـأنهّ قدّ عـاد إلى وعـّيه ، ضحكّ بـخفـّوت دومـّا مـّا
          يـّخرجه نايت عن طـّوره ، إنحنـى و قـّال بـنّبرة سـّاخرة
          ـ حـّاولي عـّزيزتّي ، أنّ متـأكدّ أن الشـّرطة ستـحّل مشـّكلتنـّا ، و إن كـّنت تـّردينّ سوف أتصـلّ بهـّا أنا
          شتمت بعصبيـّة و ابتعدت ، لابدّ أنه من الدائنينّ و إن كـّان كـذّلك فـّلا يجّب إقـحام الشـّرطة لأنهّا و بكـّل
          تـأكيد ستـخّسر القـّضية ، رأتهّ يـغـادّر فتمـّتمت
          ـ تـّبا حتى و أنتّ بمنـّزلك لا يـّتركونـكّ و شـأنكّ

          /

          فـّي صـّالة كـّبيرة بـهـّا طـّاولة عـّليها عـدّة كـّراسيّ وضـّع فـّوقهـّا عـدّة أطـّباق من أشـهى المـأكولاّت
          و قـدّ زيـّنت بـّبضعة أزهـّار فّي الـوسـطّ
          تـرأّس الـطـّاولة الجـدّ و قـدّ كان يـّرتدي بـّذلة عـّملة الـرسمية بـجانبه الأيمن جـّلس رجـّل ربـما في
          منتصف الأربعنيـات كـان يـشبه الجد لحدّ كبيـّر من نـاحية الـوجه أو الجـسمّ او حـّتى تـّعابيرّ بجـانبه
          كـّان كـّايل الـذّي بـرفقة إليـزابيث الـمرتدية فسّتان سـّهرة أبـّرزّ بـّشرتها البرونزية أكـّثر
          و فيّ الجـّانب الأخـّر و بالـجّهة الـيسرى للجـدّ كـّان يـجـّلس نـّايت و شـّعره الأسودّ قـدّ غـطّى
          حـدّة عينيـهّ ، يـّضع وشـّاحـّا و يـّرتدّي قـميّصا خفـّيفا مـّع سـّروال جينـّز ،
          أثـّناء فـّترة الـغـذاء لمّ يسمـّع سوى صّوت المـّلاعـّق و منّ حانية إلى أخرى صـّوت أحـدّهم يـأمر
          الـخـادّمات الواقفـّات في الخـّلف بـجّلب صـحنّ ما كـّان بـعيدّ عن مـتّناول يـدّيه ، تحـدّث الجـدّ فـجأة
          مكـّلما نـّايت
          ـ ألنّ تـأتيّ خطيبـتكّ لـزيـّارتنـّا إلا بـدّعوة أم مـّاذا ؟
          تنحنـّح كـّايل و علىّ شـّفتيه إبتسـامّة سـّاخرة ، قـطّب نـّايت بينمـّا رفـّع حـّاجبه دّلالة على عـدّم
          حيازة حركة كايل على رضاه ثـمّ التفت إلى جـده و قـال بـلـباقة و تهذّيب شديد
          ـ لـديهـا محـاضّرات و عـمّل لذّا هيّ غـّير مـتّفرغة معـظم الـّوقت لكّن إن كـنّت تـّريدّ
          رؤيتهـاّ فـيمكننّي الإتصـّال بها
          كـّايل بـسخرية : حقـّا ؟ و من هـذّه التّي تنشـّغل عن خـطّيبهـّا الملياردير ؟
          ألّيست كـّل الفتيـّات يـّردن الـخّروج و الاستمتـّاع ؟
          نـايت بـبرودّ : تـّلك هـّي زوجـتّك ،
          أكمـّل طـّعامه غـّير آبه بـتّغير مـّلامحّ إليـزابيّث أو بهيـجـّان كـّايل الـواضـحّ ، فقـّال الجـدّ بعـدّم راحـّة
          و هو يـّرمقّ حفيديه
          ـ لـدّينـّا حـّفـّل الـلـيـلة بـمنـّاسبة ذّكـرى الـسنوية لإفتتـّاح الـشّركة لـذّا أريـدّ من الـجّميع الـحضـّور
          دون استثناء
          كايل بـسخّرية : أسـمعـّت هـذّا الكـّلام موجـّه لـكّ يـاّ أيهـّا المـدّير الّعام
          قـطّب كـّايل و شـدّ قبضته عندما لم يرى أي انفعال من قبل نايتّ ، كمّ يثير غّضبه برودّه الدّائم لذّا قـّال
          مجددا بلهجة مستفزة
          ـ لا تـّنسى إحـضـار متسّولة الصغيرة
          رمقــّه نـايتّ ببـرودّ شديدّ غـّير آبـه لإهـّانته لـكّنه شـّعر بنـّظراّت متّجهة نـّحوه فرّفـع عينيـه الحـادتين
          لمـّهما كـّان ذلكّ الـشخّص يـّقف ، كـّانت إليـزابيـّث بـكّل ثـّقة تـّقف و يـدّيهـّا ملتفتيـّن حـّول ذّراع كـّايل ..
          تـّنـّظر إلـّيه بـطـّريقة لمّ يسـتطّع أن يـّفسر أحدّ غـّيرهمـّا سـّرهـّا ، ابـتّسـم نـّايت بـهـدوء ثـمّ قـّال بـّلهجة
          غـّامضّة
          ـ و لا تـّنسى الإنتـّباه لـتّصـّرفـّات زوجـّتك
          تـّخطى كـّايل المـّسافة التـّي بينهمـّا فيّ ظرّف ثـّانية و قـّام بإمسـاكّ الاخـّير من يـّاقته و رفـّعه ليّسقط
          الـكـّرسي الـذّي كـّان جـاّلسـّا عليه ،
          ـ إيـّاك و إيـّاك إهـّانة إليـزابيثّ و إلاّ سـّترى ما الـذّي يمكننيّ فّعله ؟
          ضّرب الجـدّ الطـّاولة بـّعصبية بـّالغـّة بينمـّا لا تـّزال مـّلامحّ نايـّت بـّاردة غـّير متـأثـّر من أخناق كـّايل له
          ـ سـّحقا لكّ كـّايل كمّ مـّرة يـجّب علي القـّوّل لكّ أن تـّحتـّفظ بـّتصرفـّاتك المـّجنونة لنفـّسك ؟ ألا يـّكفـيني
          مشـّاكلك الـتّي بالعـمل فــّتقوم بإضـّافة مصـائب أخرى ؟
          قـطّب كـايل و تـّرك نـايتّ الذّي قـّام بتـّعديـّل يـّاقته ثـمّ إنحنى بـّلباقة نـّاحية جـّده و قـّال بـبـّرود يشـّابه
          الـّصقيع
          ـ عـذّرا جـدّي ، لدّي أعـّمال مّهمة أستـأذّنك
          بـخـطّوات كـّسولة و واثـّقة مـغـادّر الغـّرفة بـعدّما لمـّح كايلّ ابتسامة سـّاخرة و حـاقدّة ارتسـمتّ على
          مـّلامحّ وجـهه الجـّامدة ، دومـّا مـّا يـّجعله يّفقد أعـّصابه و دّومـّا مـا يـظهره بـمـّظهر الـرجّل الـشّرير الذّي
          يـّسعى للإنتقـّام لكنّ أليسّ هو من يـّسعى لذّلك ؟ أليس هو من بنـظّراته الـيومية رغـّبة واضـحّة في قـّتلهم
          فـّردا بـّفرد ؟
          لمـّا لا يـّرى أحـدّ غـّيره و غـّير إليـزابيثّ خططه المستـمّرة و المـّخفية المحـّاولة الاستيلاء على عـّرشّ
          الـشّركة ؟ لمـّا لا يـّلمح أحـدّ تـّلك النـّبرة المستهزئة التّي تـّلف جـّميع جـّمله ؟ إنه هو من يسـّتحق النـّفيّ
          و الـتّوبيـّخ ليسّ كـّايل

          /

          في قـاعة حيـّث كـّان أستـاذّ يشّـرح بـكّل تـّعمق فّي أسّرار الشـّعر الفـّرنسي ، حيّث الـرومانسية و العـّشق
          و حـّيث عـّرفت قـّصة رومـّيو و جـّوليت الـمّشهورة ، و لمّ تـّكن هي الفـّتاة الوحيـدّة المسـّتمعة إلى
          المحـّاضرة بـكّل حمـّاس و حـّب بّل مـّعظم الفـّتيات و قـّليل من الشـّباب ،
          الـّشعر الفـّرنسي هو الـجّودة ، هـّو من عـّرف العـّالم على أسّس الـحـّب و الرغـّبة .. عّلى أسـمى أنـّواع
          الـّروايـّات و أفـّضل القـّصـائد الـتّي ألقـّاها المحـّبون لأحبـّائهم ، و فّي هـذّه اللـحظّة بـالذّات عنـدّما كـّان
          الأستـاذّ و بـكّل سـعّادة يّصف هـذّه المـّشـّاعر الـسـّامية الخـّالية من الـحقدّ أو الـكـّراهية ، مـّنّ الانتقـّام أو
          الـجفـّاء ـ كـّانت ماري تّتمنـى لو أنّ خـطّبتها حقّيقية لا تـّوجدّ بها هـذه التعـّقيدات
          فقـط هي تـّحبـّه بـكـّل جـّنون و هـّو يبـّادلها الـّشـعور أيضـّا لـكنّ لّيس كـّل مـّا يتمـّناه المـّرء يـدّركه و في
          كـّثير من الأحيـّان تـجدّ نفـّسك واّقفـّا أمـّام أمـّر الـواقـّع و هـذا هو حـّال مـاري
          زمـّت شّفتيهـّا بأسـى و نـّظرت إلى كـّلير ، هـذّه الفتـّاة التـّي يحـيطّ بهـّا الـكّثير من الـمعـّجبين و لوّ رغـّبت
          لأشـّارت بأّصبعهـّا فـأتى أحـدّهمّ لّيضعها فـّوق كـّل اعتبار لـّيس مثّلها هـّي الـطّفلة الـّريفية بالمـّلابّس
          القـّروية و صـّفات الصّبيانية
          لاّبد أن الجمـّيع يتـّساءل كيـّف استطاعت نيـّل حـّب نـّايت ؟ حسنـّا هـذّا لّيس صـحيحـّا على كـّل
          حـّال و هّو لا يحّبهـّا على الإطـّلاق .
          نـّفت هـذّه الأفكـّار من رأسهـّا ، لـيست بـحـّاجة إلى تـفكـّير سّلبي يـّكفيهـّا مـّا تـّلقته من أختهـّا الوحيـدّة .
          فجـأة رّن هـّاتفها بـّرقم غـّريب و بصـّوت مـّزعج أيضـّا ، التفت اليها جميع رفقاءها في الدرس فتمتمت
          باعتذارات عدة و هي تقوم بوضعه على الصامت .
          عـادّ يتحرك فّي جيب معطفها فأخرجته و نظرت إلى تـلك الـرسـالة التّي وصّلتهـّا تّوا ، فّتحـّتها ثـمّ قـرأت
          بـكّل فـّضول
          ـ ارفعي السمـاعة حـّالا
          قطـّبت ، من هـذّا الذّي يـّرسل جملة سخيفة كهذه ؟ قررت أن تـطفئ هاتفهـّا لولّا أنه رنّ مجددا . رفعـت
          السمـّاعة و انحنت متـظاهرة بـّالتقـاط قـّلمها بعدمـا أسقطتّه ثـمّ أجـّابت بهمّس و خفـّوت شدّيدين
          ـ مـّرحبـّا ، منّ معي ؟
          ـ المـّرة القـادمة التي يـّرن فيها الهـّاتف أريدّ منك رّفع السمـّأعة فورا و قّبل أن يّرن ثانية ،
          هـل هـذّا مفـّهوم ؟
          هـذه النبرة المبحوحة، كّيف لها أن تنساها ؟ و هـذه اللـهجة ذات السخرية اللاذعة و المشبعة بالنهي و
          الأمرّ كـّيف لهـّا أن لا تتـذّكره ؟ إنه سيد نايت آل لبير خطيبهـّا حالّيا و زوجّها المستقـّبلي ، قـّالت بهمس
          ـ ما الذّي تريده ؟ إنني في وسطّ محاضرة مهمة و لا استطيع التحدث معك الآن
          ـ و من يـريد تـّبادل الكـّلام معـّك ؟ أخبريني في أي قـّاعة أنت ؟
          ـ لمـاذّا ؟ لقدّ أخبرتك أنني وسطّ محاضرة مهمة جـدّا و لا استطيع تـّفويتها كمـّا أن الأستاذ صّارم
          لذا سوف اتصل بك بـعد أن أنتهي حسنا ؟
          سمـّعت صوتّ إغلاق الهـّاتف بـّعنف فرمّشت عدّة مرات غيّر مستوعبة ما الذّي فـّعله توّا ؟ كيـّف له
          أن يـّغلق السمـّاعة و هي لمّ تنهي جملتهـّا بـعد ؟ أليست لديه ذّرة لباقة ؟ و يقال عنها أنها خطيبته ؟
          و المدة التي استغرقتها لتـّرفع رأسها و تضع هاتفها فّي مكانه القـديم كـّان نـّايت قدّ إقتحم القـّاعة
          و اتجـّه إلى الأستـاذّ بينمـاّ كل مـّتعجب و أكثّرهم استغرابـا و ذهولا هـّي ماري التـّي سـّارعت بالـوقوف ،
          اتـجه نـايت نـّاحيتـّها ثـمّ رفّع حقّيبتهـّا و أمسـكّها من ذّراعهـّا ، سـحّبهـّا مـّعه إلى الخّارج و الهمـّسات
          حولهمـّا تـّعـّلوا ، ـ هـذا نايت أل لبير ـ إذن الإشاعات صـحيحة ؟ ـ أهذه خطيبته ؟ ـ يـال ذّوقه الـرديء ،
          ركـب السيـارة و بجـّانبه مـّاري ثـم أنـطلق مسـّرعـا .
          تـمسكـّت ماري بالمـقـعدّ و أغـلقت عينيهـا بـذّعر تـّام ، يـّبدوا مـّجنونـّا و قدّ لا يكون بـوعيه
          ثـمّ كيـّف عـّلم بمـّكان تـّواجدها و القـّاعة أيضـّا ؟ ما الذي قد قـاله للأستاذ كي يسمح لها بالخـروج
          وسط هذه الفوضى ؟ و ما الذي جلبه في المقـام الأول إليها ؟ هـل حدث أمر طارئ ؟ سـألته بـترددّ
          ـ نايت ما الأمـر ؟ ما الذّي حدث ؟ تـبدوا غـريبـا
          قـّال بـلهجة جـادّة و هو يـقـّود بكـلّ تـّركيـز بينمـّا يبـدوا عليه تـّفكير العـمّيق
          ـ هنـاك فـّستـان فيّ الـمرتبة الخـّلفية ، بـعدّ أن أخفف السـّرعة اقفزي للـخلف و ارتـديه ،
          نـحن لا نـمتلك الـّوقت
          شهقت بّرعب شدّيد و وضعت يدّها على صّدرها ثمّ هزت رأسها ناّفية و فيّ نبرتها الكّثير من الخوف
          ـ مـاذا ما الذّي تقوله أنت ؟ لا يـمكنني تـّغيير ملابّسي في السيـّارة أمام الـملء و أيـّضا أمـامكّ مسـتحيل
          أن أفـّعل هـذّا ثـم ما الذّي يحدث ؟ نايت أنت تخيفني
          استـدّار بـّسرعة نـّاحيتها تّاركا السيـّارة تسّير لوحـدّها ثـمّ قـّام بإمساكها من خـّصرها بـّكل سـهولة
          غـّير مـّعير أي اهتمـام للمـخاطرة التي يـّقوم بهـّا ، رفّعها و دّفعها للـخـّلف ثـمّ قـال ببـرود
          ـ السيـارة مضللة و أنـّا لنّ أنـظر إلى فـّتـّاة لا تـّمتلك أي مقّومات للأنوثة لذا اطـمئني
          صـّرخت بـغّضب و لكّن لمّ تـّستطّع أن تـّقول المـّزيد أو تـّعترض أكثّر عـندما قـّام بـّرفع حـّاجز بينهمـّا
          فـأصّبحت لا تـُرى ، فـّتحت العـلبة بإنـزعاج و أخـّرجت الفـّستان ، كـّان ورديّ اللون قـّصير لحدّ
          الـركبتين و منفـّوش ، إرتـدته فـّوق ثّوبها على عـجّل و هي تـّختلس النـظر في كل ثـانية نـّاحية نايت
          لتـّرى مـا إن كـّان يـنظر ، نـّزعت ثّوبها بـّعدما اطـمئت ثـمّ ارتدّت حـذاء ذو الكـّعب العـّالي .
          كـادت أن تـطّرق على الحـاجز لولا أن السيارة توقفت فجـأة ممـا جـّعلها تـرتـطّم بالنـافذة ، أمسـكّت
          جّبهتهـّا و هي تـتأوه مـتـألمة ،
          و بـدّون أن يمنحـّها نـّايت فـّرصة لراحة قـّام بفّتح البـّاب ، سـّحبـّها من ذراعها مجددا و أدّخلها إلى
          صـّالون حيـّث تـّم إعـادة تـّرميم شّكـّلها كمـاّ قـّالت سيدة فرانسيس مسبقا ،
          وضـّعت قـليل من الماكياج النـّاعم و زادّت بّضعة خـّصلات لّشعرها الّبني فأصبحّ مسترسـّلا على
          ظهرهـّا بكـّل نـّعومة ،
          خـّلال هـذّه الفـّترة إرتـدّى نـّايت بـذّلة سّوداء رسميـّة بـعـدّم اهتمـام ، تـّاركـّا اليـّاقة مفّتوحة
          و ربـطّة العـنّق مـّائلة إلى جـّنب فزادّه مـّظهره اللامبـّالي جـّاذبية أكـّثر

          /

          عنـدّما كانت الساعة تشير إلى السـادسة و النـّصف تـّماما ، كـّان ويليـام يـّقف مجـددا على
          عـّتبة مـّنزل عـّائلة روبـّرت ، حـّاملا فيّ يديه عـّدة أكيـّاس .
          رّن الـجـّرس فأتـّت فـّلور مسـّرعة ، نـّظرت من خـّلال الثقـّب و حـّالما رأته عـّادت أدّراجها
          و قـّامت بإخفـّاض صـّوت الـتـّلفاز ثـمّ أطـفئت جميع أنـّوار الـّغرف ، اقتـربت مجـددا من البـّاب
          و أخـذّت تـنـظر إلى ويـليـام منتـظرة رحـّيله ، لكـّن الأمـّر الذّي لمّ تتـّوقعه هو وصـّول والدّها ،
          تـّوقفـّا جـّانبا يتحـدّثان معّ بعضهمـّا البـّعض ثـمّ قـّام السيدّ روبـّرت بدّعوته للـدّخول ،
          ـ أهـّلا بـكّ سيدّ دوينّ تـّفضل بالدّخـول
          ـ لا أشـكـّرك سيدّ روبـّرت لكّن أنـاّ على عـجّلة و لا أستطيـّع البـّقاء أكثـّر من هـذّا ،
          عـّلى كـّل تـّفضـّل هـذّه الدعّـوات لكّ أنـتّ و ابنتـكّ مـطـّالبـّان بالحـّضور الافتتاح السنوي
          لشـركّة لبير
          ـ حقـّا ؟ هـذّا لشـرفّ كبيـّر لكـّن أنـّا متـّعجب قـّليلا فـنحن لا نـّعرف عـّائلة أل لبيـر على الإطـّلاق
          لذّا هل أنت متـأكد من أنكّ تـّسلم الدعوات للمنزل الصّحيح ؟
          ـ طـّبعا و لقدّ قـّمت بالاشـّراف على الأمـّر بنفسي ، كمـّا أنّه و من الضـّروري حـّضوركّ فقـدّ تمـّت
          دّعوتـك من قـّبل نـايت أل لبـّير شخصيـّا المـدّير الأعّـلى و اليـدّ اليمنى لسيدّ أل لبير
          ـ أهّ أنـّا لا أعـّلم مـّا أقـولّ ،
          ـ فقـطّ إحضـّر الحـّفلة أنـّت و ابنتـكّ أيضـّا
          ـ حسنـّا إذّن .
          ابتسـمّ ويليـام بـّلطـفّ كعـّادته ثـمّ سـّلمه الأكيـّاس بينمـّا إزداد تـّعجب سيدّ جونـاثان أكـّثر ،
          قـّال لـه بـاستغراب
          ـ مـا هـذّا ؟
          ـ إنهـّا هـدّية ، وداعـّا سيـدّ روبرت
          غـّادر ويـّليـام مسّرعـّا متجّها إلى سيـّارته الفـّضية المـّركونة و حـّالمـّا إخـّتفائه عن الأنـّظار
          فـّتحت فـّلور البـّاب و رمقـّت والدّها بـّتعجب و كـّذلك فـّعل هـّو ، كـّيف لنـايتّ آل لبيـر أن يـّعرف

          أحدا منهـم ؟ لقـدّ بـّات مـّرعبـّا لكن يـّجب عليه الذهـّاب لمعـّرفة مـا الذّي قدّ يريده منه


          تعليق

          • جمال الحياة
            عضو ذهبي
            • Nov 2019
            • 850

            #6
            رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

            الشـّابتر التـّاسـّع

            ذّكرى الـخمّسينّ السنـّوية للافتتـّاح


            صـّوت المـّوسيـّقى الهـّادئة الكلاسيكية قـدّ انتشر في الأرجـّاء بينمـّا و فيّ تـّلك الصـّالة الكـّبيرة حيـّث
            المـأكولات و الشـّراب المجـّاني ، فّي تـّلك الطـّاولة الممـّيزة التـّي بهـّا كـّعكة صـّنعت من قـّبل أفـّضل
            الطـّباخيـّن ، كتب عليـّها إحتفـّال ذكـّرى السـّنوية لـ 50 لافتتـاح شـركة لبيـر
            بـعدّ أن ألقـى الجـدّ خـطـّابه إجتـّمع العـدّيد من رجـّال الأعـمّال في جمـّاعات متـّفرقة يـتّحدثون عن صـّعود
            الأسـهم أو عـّقد شـّركاتّ فيمـّا بينهـمّ ، بينـمـّا كـّايل و إليـزابيـّث يتصـدّران الغـّرفة و يـّقومـّان بـّرد التـّحية
            و على وجهيهمـّا أجـمّل ابتسامة و قد كـّان مـاّري و نـايت عكسـّهما ،
            بالـّرغم من أن نـايتّ مـدّير العاّم لشـّركة فـقدّ كـّان منعـّزلا فـّي إحـدّى الطـّاولات المـّنتشرة بـكـّثرة ،
            جـّالسـّا بكـّل كـّسـّل و عينيـّه تـّجولانّ المـّكان بـجـّانبه كـّانت مـاّري تـّقف متـّوترة ممسـكّة بكـّتفه و هـّي
            خـّائفة من الهمسـّات الـتّي تـّعلوا شيء فشيء عنهمـّا غـّير أنّ نايت لّيس مبـّالي كعـّادته
            فـّي الـجّهة الأخـّرى كـّان ويّليـام يـّقف مـّرحبـّا بـكّلا من السيـدّ روبّرت و الآنسة روبـّرت فقـدّ وصـّلا تـّوا
            ، رفـّع هـّاتفه و إتصـّل بنـّايت و حـاّلمـّا رأى الأخـّير اسـمّ ويـّليام يـنير شـّاشة هـّاتفه ابتسـمّ ببـرودّ . نظر
            إلى ماري بطّرف عينه و قالّ
            ـ أنـّت ، إتبعـّيني
            تـمسـّكت مـّاري بـّذراعه خـّائفة بينمـّا كـّان هو يـّـتقدم بـكّل ثـّقة نـحو المـّنصة التـّي قـّام جـّده تـّوا بشـّكر
            الحـّضور على متـّنها .
            أمسـكّ مـّيكّروفون فنـّظر إليه جميـّع الضيـّوف دون استثناء ، شـدّت مـّاري قّبضتها على ذراعه و هـّي
            تـّرى هـذّه النـّظـّرات ، معظمها حـّاقدة و الـكثـّير منهـّا سـّاخرة لكّنها لا تـّخلوا من الخـّوف و الـّرعب
            فرّغما من أنهمّ يكرهونه إلا أنّ قّلوبهم تقدّح خوفّا فقطّ بمجردّ نظرة منه ، قـّـال بـّنبرة مبـّحوحة هـّادئة
            ـ أودّ شـكّر جميـّع ضّيوفنا الكـّرام على حضـّورهمّ لافتـّتاح الخـمسينّ و بمنـّاسبة هـذّه الـذّكرى الـّسعيـدّة
            قـّررت إعـّلان خـّطوبتـّي رسميّآ أمامكمّ من الآنسة مـاّري روبرت
            صـّفق الكـّل من هـذّه النبـأ الغـّريب مـطّلقـّين أحـّر التهـّاني ، فتـقدّم نايت من مـاري المـّنصدمة ثـمّ وقّف
            أمـّامها و قـّام بـتّقبيـّل خـدّها بـكّل رقـّة بـعدّ أن أمسكّ خصّرها ، كـّان يّعـلم أنهـّا سـّوف تنصـدّم و قدّ تنـهّار
            حـّتى ، قـّال بـحدة
            ـ تـماسكي ، مـاذا بـك ؟
            لـمّ تـكّن مـّاري مندّهشة بـّسبب إعـّلان الخـّطوبة المفـاجئ أكثـّر من تفـاجئها بـقدوم والدهـّا و أختها إلى
            هـذه المناسبة ، كـّانت مـّلامحّ وجهيهـمّا شـّاحبة و لمّ تـّختلف عنهمـّا أيضـّا لكّن تـّذكرت أنهـّا ليسـّت
            بموقف يسمـّح لها بـّتفـكّير فابتسـمت بلطّف مصطّنع حينهـّا قـّام نايت بتركها
            نـّزلا من المنـّصة و هو يشـعّر بنـّظرات تـحـّرق ظّهره فالتفت نصـّف دورة و رمـّق كـايل بسخرية لاذعة
            ثـم ابتسـمّ بكـّل بـّرود و قـّام بـّوضع يدّه حـّول كـّتف مـّاري .
            بينمّا شـّهقت فـّلور و كـّادت أن تـّقوم بذهاب نـّاحية أخـّتها لولا وقـّوف ويـّليام المفـاجّئ أمـّامهمـّا و
            على شّفتيه ابتسـّّامه هـادئة ، قـّال بـخـّفوت
            ـ أنـّا لم أطـّلب منكمـّا الحـّضور لتـّخريب حـّفلة الخـّطوبة أو ذكرى الـ 50 لكـّن سـأكون ممـّتنا إنّ فقـطّ
            وقفـّتما بـجـّانب ماري في هذه اللحـظة .
            شـدّت فـلور على قّبضتهـّا و هي لا تـّصدق أن تـلكّ الشـّابة الواقفـّة هنـّاك هي أختهـّا ، تـّبدوا مخـّتلفة
            و بشـدّة ، ابتسـّامة التـّي ارتسمـّت على مـلّامحهـّا أو خـّطواتهـّا الواثقـّة ، حـّولت نـظرها إلى الشـّاب
            الواقفّ بجـّانب أختّهـّا ، غـّير مـّعـّقول .
            هـذّا هو خـطّيبهـّا ؟ السيـد نايت أل لبيـّر المـّعروف بـأنه أقـّسى من الجـّليد ؟ ذّلك التـّي حـّاولت أحدّى
            العارضـّات المشـهورات نيـّل قـّلبه لكـّنه رفّضها و باحتقار أيضـّا، مستحـّيل فـماري لنّ تستـطيع أبدا
            الفـّوز بـحـّب شخصّ مثـّله، هّي لنّ تستـطّيع أبـدّا أنّ تـّنزع الجـّليد الذّي يـّغلف قـّلبه
            أختهـّا الخـّأئفة و الغـير واثقـّة من نفسهـّا تـّبدوا مخـّتلفة تمـّاما الآن ، أليست هّي من تـّمنت أنّ تصبّح
            على هـذه الحـّال ؟ أن تصبـح ماري تـّعتمد على نفسها أكثـّر و بعدها لنّ تقلق بشـأنها ، لكـّن لما و بهذه
            اللـحظة بدت أمنيتها عديمة الجدوى ؟
            تدّاركتّ شرودها فرمشّت بعينيهاّ لتعودّ إلى الواقّع ، رمقّت ويّليام المبتسمّ بغّضب ثمّ كّزت على أسنانها
            محاولة الحفاظ على أعصابها و هي تحدثه بلهجة شديدة التهديد
            ـ و من أنتّ لتـّقف وسـطّ شؤوننـّا العـّائلية ؟ فقطّ غـّادر قـّبل أن أقـّوم بصّنع خـّريطة في مـّلامح وجهكّ
            الجميـّلة هـذه
            ويليـام بـضحكة
            ـ لا أعـّلم إن كـّان مـا قـّلته تـّوا يفّترض به أن يكـّون مديحـّا أو شتمـّا لكنّ أنـّا واثـّق أننيّ لن أتـحـّرك من
            مـكانّي الآن ، إنّه يعـجبني
            ـ حسنـاّ ابـقى هنـّا أنا من سوف يغـادر
            كـّادت أن تّرحل لولا أنّ سيدّ جوناثـان أمسـكّ بذراعهـّا ، كـّان يـّنظر إلى مـّاري بـعدّم تصـدّيق لكـّن هـذّا لن
            يـّغير شيئا ، كونهـّا على مقـّربة من الزواج بـّملياردير لنّ يغـّير كونهـّا فـّرد غـّير مرغـّوب فيه ، قـّال
            ببرود
            ـ كـفى فـّلور ، إن تـّقدمت خـطّوة واحـدّة نـّاحية تـّلك الحقّيرة فـأنّا لا أعـّرفك بـعدهـّا لـذاّ دعينـّا نـّرحل
            بـهدوء كمـّا أتـّينا
            ـ لكـّن والدّي ، إنّ مـاري ليسـّت .. هـذّه لّيست مـّاري أقسمّ لك ، دّعني فقط ّ أتـحدّث معها سوفّ لن أفّعل
            شيئا غـّير الكـّلام معها فقط .
            ـ فـّلور ، من تـّخلى عنـّا تخلينا عنه نحنّ أيضـّا ، و أنا الذّي كنت أتسـاءل من أينّ لها جميع هـذه النقّود ؟
            قـطّبت فـّلور بعدم رضـى ثم غـادرتّ مع والدهـّا و هي تـّرمق ويـليـام بحقـدّ واضـحّ ،

            /

            كـّانت مـّاري تـّجلس على نفـّس الطـّاولة سّابقـّا ، تـنـّظر نـّاحية كـّلا مـّن والدهـّا و فـّلور اللذان يتحـدّثان
            مـّع ويليـّام ، إلى حيـّن مغـّادرتهمـّا لابدّ أن لنـّايت يـدّ بهـذّا فـهو لاينفكّ مفاجئتهـّا ، نـظّرت إلى يـدّها حيّث
            زّين اصبعها خـّاتم جميـّل مرّصع بالألماس الخـّالصّ ، ما الذّي أقحمت نفسها به ؟
            ـ نـايت ، أريـد منكّ شرحـّا مفصـّلا لمـا يحدث و لا تحـاول الـ
            قـطّبت عندمـّا لمّ تـجده بجـّانبهـّا و فجأة انتابها الذّعـر كـأن قـّوتها التّي كانت تتسلح بها قدّ اختفت ،
            وقفـّت بسـّرعة ثـمّ نـظرت إلى السـّلالم حـّيث أشـّار قـّلبها و رأته .. أسـّرعت فيّ سّيرهـا لكّي تـّلحقه
            صّعدت السـّلالم و عـّبرت الـّرواقّ ، فـّي تـّلك الزاوية المـظلمة كـّان يقّف نايت و لمّ تـكن ماري لتلحظه
            لوّلا نبـّرته الحـادّة المـّبحوحة ، هو بـّرفقة شخّص مـّا .. كـاّدت أن تـناديه لولا أن شخصـّا ما أمسـكّ بها
            لتصبـّح هي أيضـّا فيّ ركنّ ،
            كـّانت تـّصرخ بـّصّوت مـكّتوم و هي تـّقاوم بكـّل ما تـّمتلك من جـّهد لولا أن ذّلك الخـاطّف همـّس في
            أذنهـّا بانزعاج
            ـ إخـّرسي سحـّقا ، لا أستطيـع سمـاّع شيء
            رّفعت ماري عـّينيها الزجاجيتين و اللتان في هذه الدقيقة كانتا تعكسان مدى خوفهـّا الشديد ناحية كـاّيل
            فقدّ كـّان هو الأخر ممسكـّا بها بكـّل إحكـاّم و يّضع يدّه على فـّمها بينمـّا يبدوا عليه التـركيز ، قـطّبت و
            قـّامت بضّربه بواسطة كوعها في معدته فـتأوه بـألم و تركها ، تحدثت ماري بهمس غاضب
            ـ ما الذي تظن نفسك فاعلا بالتنصت على خطيبي ؟
            ـ اخرسيّ سحقـاّ لقد فوت كـّل الحـديث ثـمّ من هـذّا الذّي يحـّاول التنصـّت على خـطيبك ؟ أنـّا فقـطّ
            أريدّ مـّعـرفة ما الذّي كانا يتحدثان عنه بكـّل هذه السرية
            ـ أجّل و هـذا لا يـّعد تنصـّتا يـّالك من كـّاذب
            زفّر بـّغيض و دّفعها إلى الجـدارّ ثـم اقـتّرب قـّليلا فـّصرخت مـّاري بـسـّعادة مصـطنعة و هّي تنـاّدي
            نـّايت بينمـّا رمقهـّا كايل بكل غـّيض
            ـ نـّايت عـزيزي لقدّ بحثت عنكّ في كـّل مـكان ،
            ابـتّعد نايت عن الظـلام فظـّهر رفـّيقه ، كـّانت إليزابيـّث بجمالها المـّبهر و الخـّيالي تـّقف على مقربة
            شديدة منـّه و على قدّ بدا عـّليها الانزعـاج ، التفت ماري ناحية كايل مستغربة خـّروجه من الـركّن
            فقـّال هو بضـجّر هامسا لمـاري
            ـ تبـّا إليـزابيـّث ، لقـدّ ظننـّتها شخصـّا آخر
            نـّايت ببـرود
            ـ مـاري ، مـا الذّي تـّفعلينه هنـّا ؟
            كـّانت لا تـزال مستغـّربة من تـّواجدّهم معـّا ، نـّايت و إليـزابيث و هـّي مـّع كـّايل ، تـقـدّمت بإتجـاّه
            نايت و هي تـّقول بتـّردد
            ـ ما الذّي كـّنت تتحـدّث معه مع السيدّة إليزابيث ؟
            نـظّر نايت ناحية إليزابيث المنزعجة بّبرودّ ثمّ أجـّابها بلهجة جـّافة ، فإنّ كانّا لوحدّهما لمّا كان لّيعير
            سـّؤالها اهتماما لكنّ وجودّهما بجّانبّ كاّيل و إليّزابيثّ أجبّره على الكّلام
            ـ لا شيء مـّهم ، فقـطّ عنّ مـدى تـّفاجئها بالخـّطبة فهـّي كـّانت تّـريدّ أن تـّقيم الحفـّلة بنفسهـّا أليـس كـذّلك
            ؟
            رّفعّت عّينيهـّا بتشـّامخّ و حـّركتّ شّعرها الحّريري الـطّويل بكّل غـّرورّ قـّائلة
            ـ ما الذّي تـّقوله أنت ؟ طـّبعـّا لا . أنـّت فقـطّ خـّربت ذكـّرى السنوية لافتتـاّح بإعـّلانك لـخـّطوبتكّ
            هـذّا مـّا قـّلته
            ابتسـم نايت بـسخرية
            ـ أنـّت الا يّـمكنـكّ المجاملة ؟ فـأنا لا أريدّ لخـطيبتي أن تأخذ انطباعا سيئا عن الـعائلة بـعدما
            أصبحت فرّدا منها
            شّعرت ماري بجوّ من الحقدّ و الكره يّعمّ المكّان فـإقتربت من نايت و أمسكّت بذّراعه بلطّف شديد
            لتقّول بنبرتها المازحـّة
            ـ لقـدّ ظننـّت أنـكّ تـركـّتني و رحـّلت
            تحـدثت إليزابيث بحقد
            ـ لا تـقلقي عـزيزتي فـّلن يستغـرق الأمر الكثير من الوقت قبل أن يقوم بالتخلص منك سّريعـا ،
            هـذّا ما هو نـايت ماهر في فـّعله ، رمي النـّاس بـعيدا و خصـوصـّا الريفيون منهمّ
            كـّايـل بهدوء
            ـ إليـزابيث دّعينـّا من هـذا الجـدال العـقيـمّ فـّهذا لّيس بالـوقتّ المنـّاسب و الـضـّيوف في الأسـّفل
            ينتـظرون كمـاّ أن جـدّي يـتّوقع منـّك تـّفسيرا
            نـايت بسخريته اللاذعـةّ
            ـ منـذّ متى و انت تستخدمّ عقلك ؟
            تـحول الأمر من مـجّرد كـّلام إلى عـّراكّ فهـا قدّ تـّقدم كـّايل من نـّايت بـعد أن دّفع مـاري لـتّسقطّ أرضـّا ،
            حـّاولت إليـزابيث أن تـّبعد كـّايل لكنهـّا لم تستـطّع فإبتعدت بدورهـّا خـائفة من أن تتـّلقى لكـّمة من لكـّمات
            كايل المتـّهورة بينمـّا أمسكّ نـّايت قـبضة كـايل بـهـدوّء قـّبل أن تصـّل إلى وجـهه ،
            عـادّت إليـزابيـّث بـعدّ أن رأت الأمور تـّخرج فـّعلا عن السيـطّرة و لن يتـّوقف كـّايل هذه المرة عنـدّ
            إمساك ياقة نايت فقط فتشجّعت قّليلا و وقفـّت أمـّام فـّردي لبيّر المشهورينّ بحدة المزاجّ بكّل جـرأة ثـمّ
            قـّالت بحـدّة
            ـ أتريدان أن تـّصل هذه الأحداث إلى الصـّحف غـدا ؟
            ارتبـكـّت ماريّ و وقفـت هي الآخرى أيضـا لكّن لمّ تتقـدّم ، لأنهـّا ببسـاطـّة لّيست فـّعلا فـّرد بهـذه العـّائلة
            و كمـّا قـّالت إليزابيث هي ليسـّت سوى مجـّرد فـّتاة مؤقتة لـذّا
            بينماّ ظهر ويّليام فجـأة خـّارجّا من إحدى الـغّرف فـرأى الشـجـّار ليتجـه إلى حيـّث يـّقف الأربـّعة و
            قـّبل وصـّوله ابتـعدّ كـّايل عن نـّايت و كـذّلك فـّعل الآخر ، زفـّر بـّغيض من تّصرفـّات كايل غـير مدروسـّة
            و قـّال بـصـّوت عـّالي مـّرح محـّاولا إخفـاض الجـوّ المشحون
            ـ أهـلا بـمـاري و نـايت أهـلا ، كـّيف لكمـّا أن تـّخفيـا هذه النبـأ السـاّر عني أنـّا صديقكمـّا الوحيد ؟
            نـّظرت إليه مـّاري براحة شديدّة ففقطّ و بوجودّ ويّليام تشعرّ بالـراحةّ ، نـّظر إليها جـارها متسـائلا
            عنّ عينيها الخـّائفتين ثمّ قـّال بإبتسامة لطيّفة وسيعة مصّفقا بكلتا يديه
            ـ ما الذّي تفعلونه هنا جميعا و الموسيقى المدهشة في الأسّفل ، دّعونا نحتّفل
            ابتسمتّ ماريّ بسعادة لأنهّ يحاّول تلطّيف الجـّو فاقتربت من ويليام و وضعت ذراعها بذراعه مرتبكة
            لكنها حاولت التمثيل فقـّالت باستياء
            ـ أرأيت يـّا ويليام ؟ لقدّ أعّلن خطوبتنـّا و هو يّرفّض حتّى أنّ يّشاركني الـّرقّص ألا يستحقّ العـّقاب ؟
            ركـزّ نـايت نـظره نـّاحية مـاري متمـّعنا فّي حركاتها فهي تـّقن دورهـّا لـدّرجة جـّعلته يّشعر بالـذهـّول ،
            و هو الـذّي ظـّن أنهـّا سوف تـّبقى مـّرتبكة طـّوال الحـّفلة و فـّعلا هي كـذّلك لكّن على الأقـّل نـجّحت في
            إخفـاءه . تـقـدّم منهـّا ثـمّ وضـّع يدّيه حـّول كـّتفيها مـّبعدّا ذراع ويـّليام و مـّقربـّا إياها منه كـادّ أن يقبلها
            لولا أنها وضعت يدها على فمهـّا و ابتـعدت عنه ، قـال نايت بغـيض
            ـ ماذا بـك ؟ إنه عـربون اعتذاري ؟
            أحمرت وجنتيها من الخـجـّل و تـحـدّثت بلهـجة صـّاخبة و غـيّر متـزنة
            ـ ماذا ؟ ما الذّي تـّقصده ؟ من قـال أنني كنت غـاضبة ؟ أنـّا
            ركـضت مسرعة إلى الأسـّفل فتنهـد نايت بـبـرود ، من قـال أنها كانت تـجيد التـمثيل ؟ لـمسة واحدة منه
            كـفيلة بجّعلها تفقـد الوعـّي ، تـحدّث بـبـّرود شديد إلى مـّاري التي تـّركض في الرواق غـّير مـّلتفة للخـّلف
            ـ انتـظري ، هـّل أنـت واثقـة أنك لسـّت غـّاضبة ؟
            صـّرخت بـإحـّراج
            ـ لا
            بـعدّ أن إختـّفى نايت و مـاري من أمـّام أنـظار الـثـلاثة ، تـغـّيرت ملامحّ ويـليـام الودّية و الـلطيفة إلى
            أكـّثر جـدّية و صـّرامة ، كـّان يـّقف مستنـدا على الجـدّار الّذي خـّلفه و هو يـنـظر إلى كـلا من إليـزابيث
            المنـّفعلة و كـاّيل الهـادئ عـلى غـّير عادته ، استقـام فّي وقفـّته و سـّار من جـّانبهمـّا عـائدا إلى الحـّفلة
            بينما هو يـّقول بـّلهجة غـّامضة محـذرة
            ـ إنّ نـايت جـّاد فـّي عـّلاقته مـّع مـاري لـذّا إليـزابيـّث ، كـّايل كـّفا عن اللـّعب بـذّيلكمـّا حوله فـأنـّا و
            هذه إنّ أرادّ النّيل منكمـّا المـّرة لنّ أوقفـّه

            /

            كـّانت السـّاعة تشـّير إلى العـّاشرة و النـّصف تمـّاما قدّ أخـذّ خـادمي القـّصر جميـّع الضيـّوف نـّاحية
            قـّاعة الطـّعـام ، حـّيث أنه فـّي قـّاعة كـّبيرة جـدّا وجـدّ طـّاولات مستـديرة عليهـّا أغـطّية باللـون الأحمر
            ألأجوري و مـّّزهرية بهـّا زهـّور الأوركـيد النـّادرة و قدّ أخـذّ الخـدم كـّل شـخص إلى الطـّاولة المخصصة
            إليه بجـّانب الشـّركة المتـّعاقد معهـّا و تـمّ تـجّنب وضـّع الشـّركـّات المتـّعادية بجـّانب بعضهـّا البـّعض .
            جـّلست مـّاري مـّع كـّل من نـّايت و إليـزابيـّث ، كـّـايل و ويـليـام ، سيـدّ آل لبيـر و والدّ كـايل تـّوماس
            مـّع صدّيق الجـدّ الـعزيز ألبرت .
            كـّانوا يتـّناولون عـّشائهم بـهدوء و هـمّ يسـتّمعون إلى حـدّيث جـدّ و سيدّ ألبرت حـّول ذّكريـّات طـّفولتهمّ
            أمـّا ويـّليـام الـجّالس على يسـاّر مـاري كـّان يـّريها و بـطرّيقة مضحكة و خـّفية أي شـّوكة تستـّعمل أو
            أّي مـّلعقة فـكـّانت تـّنـظر إليه بـتّمعن و تـّقلده
            سيـدّ تومـاس ينـّاقش أحـوال العـمـّل مـّع كلا من نـّايت و كـّايل ، أمـّا إليـزابيث فقـدّ كـّانت مـجّرد
            مسـتّمعة لجميـّع أحـادّيثهم الجـّانبية ،
            تنهدّت مـّاري بـّضجر و وضـّعت الشـّوكة جـّانبا بـّعد أن استعصى عليها حملها بالطريقة الصحيحة
            التي أخبرها عنها ويـليام ثـم تـحدثت بملل واضح و هي تزمّ شفتيها
            ـ إن لمّ أأكل فستحـّل المشـّكلة ، ويـّل دعنـّا من هـذا
            ـ مـّاري مـاذا بـّك ؟ إنه لـّيس بالأمـّر المـّستحيل كـّل مـّا عـّليك فـّعله هو إمسـّاك الـّشوكة جيدا
            على الـطّريقة التي أخبرتّك بهـّا توا و سـّوف ينـجح الأمّر ، هـّيا حاولي
            حـّاولت مجـددّا رفـّع الـشوكة ثـمّ حمـّلت قـطّعة لحم بـهـّا كـّادت أن تـّقضمها لولا أنهـّا سقـطّت على
            فستانها لترتعبّ بشدة فحاولت أن ترجّعها إلى الصحّن لكنها سقطّت أرضـّا بالقّرب من قدّم إليزابيث ،
            رمقـّت ماري حينهـّا ويـّليـام بـغّيض فأبتسم هو بـكل ودية ،
            مـاري بـبرودّ
            ـ حقـّأ ؟
            ضحكّ ويـليـام بـقـوة فالتفت إليه الكـّل بينمـّا ماري محـّرجة ، ضـّربته بكوعهـّا في معـّدته فـتوقف
            عن الضـحكّ و كـحّ قـليـّلا ثـم قـّال باعتذار بـّعد أن وجدّ أنه محـط أنـظارهم
            ـ نـكتة طريفة ،
            رمقـته ماري بـإحراج كبير ثـّم وقفـّت بـخجـّل و انحنت بـكّل لبـّاقة .. قـّالت بـإحـّراج شديد
            ـ عـذّرا
            كـانت تـسير باستقامة و هي تضع ابتسـامة لطيـفة على شفتيها فمـّن يـّرها لـن يصـدق إنها مجرد فتاة
            من العامة ، حيـّن اختفت عن أنـظارهم نـّزعت حـذائهـّا و ركـّضت نـاحية الحـمام بينـّما الـخـدّم
            يـّرمقونها بكـّل استغـراب
            تـّوقفت فجـأة فزادّهم استغـرابـّا، اقتربت من إحدى الفتيات الخادمـّات و قـّالت بابتسـامة بـلهاء
            ـ عـذرا ، أين حـمام ؟
            ـ من هنـّا سيـدتي ، دعـيني أرشـدّك
            سـّارت بـّرفقتهـّا و هـّي تتـألمّ و تنـّظر تـّارة إلى الـطّريقّ و ثـاّنية إلى قـّدميهـّا اللـّتان قـدّ تورمـّتا من ارتـداء الحـذّاء ذو الكـّعب العـّالي

            /

            كـّان ويـّليـام لا يـزالّ مبتسـّما و هو يـّحتسي القـّليل من النبـّيذ ، فـّرمقـّه كـّايـّل بسـّخرية ،
            إنـّه لا يتـّوقف أبـدّا عن الـضحـّك عـّلى شفـّتيه دومـّا و مـّهمـّا كـّان المـّوقف ابتسـامة عـّريضة ،
            قـّال بـجفـّاء
            ـ مـا الأمـّر ويـّليـام ؟ أخـبّرنـّا لمـّاذا أنـّت بـمزاجّ سـعيـدّ هـكـذاّ ؟ أيـّعقل أنـكّ قـدّ أنهيت اللـحّن
            القـّادم و المـّوعود ؟
            ـ لـحنّ ماذا ؟ آهـّ تـّقصّد البـّيانو لا لـمّ أنهـّيه بـّعد فـهـذا لـّيس سهـّلا ، لـكّن لمـّاذا تّبدوا مـهتما
            بـمزاجّي سيـدّ كـّايل ؟
            ـ لا شـّيء إنـّي و فقـطّ قـدّ اعتراني الفـّضول
            ويـّليـام بـّودية : حـّقـا ؟
            قـّاطعـّت إليزابيث حديثّ زوجّهـّا كـّايل و هـّي تـّضع مـّلعقة من الحسـاّء فيّ فـّمه بينمـّا ابتسـّم هو
            بـكـّل هيـّام و قـدّ تنـّاسى كـّلامه ، فنـظّر إليهمـّا الجـدّ بفـّخر من هـذّه العـّلاقة السميـكّة و الودّية ثـمّ
            قـّال بمـّزاح
            ـ عـّلى الـّرغم من أنكمـّا قدّ تـّزوجتمـّا قـّريبـّا لكـّن أنـّا فـّعلا أتمنـّى وجودّ حـفيدّ
            غـّص كـّايلّ و أخـذّ يكـّح بـّقوة فـمـدّ له والدّه القـّليل من الماء ليـّشربه دّفعة واحـدّة ، قـّال بإحـّراج
            شديدّ و ذّعر فّي آن واحـدّ
            ـ ما الذّي تـّقصده جـدّي ؟ أنـّا لسـّت مسـّتعدا لأكونّ أبـّا الآن
            ضحكّ الجـدّ بيتـّر بـّخفوتّ و غـمـّز نـّاحية كـّايل
            ـ منّ يـّحضر لّي حفـيدّا أوّلا سـّوف ينـّال نصيـّب الأسدّ ، لذّا
            كـّايل بتلاعـّب : حقـّا ؟ إذّا لابدّ أن يكونّ أنـّأ
            جـدّ بيتـّر بـسخرية : أجـّل ، أجـّل
            ضحكّ الكـّل على مـّزاحّ جـدّهمّ حيّن لمـّح نـّايت وجـّود جـّلبة صـّغيرة بيـّن الخـدّم و ارتباك فيّ
            عمـّلهمّ فوّقف بـهدوّء و هو يمـّسح بكـّل لبـّاقة فـّمه ، قـّال ببـّرود
            ـ عـذّرا سـأذّهب للبـّحث عن مـّاري فلابدّ لنـّا أن نحـّاول جاهدين
            و سـّارّع بالـّرحيـّل بينمـا لـّم يستـّوعب أحـدّ أنّ نـّأيت قدّ قـّال لتـّوه مـّزحة فـهـذّا ليّس من شيمه أبدّا ،
            ضحك ويليام بتوتر لرؤيته ملامح الجميع الجامدة من الصدمة
            ـ انه يمزحّ ، يـمزح لـمّّ يمر على خطبتهمـّا سوى سـّاعة ها إنه يمزح

            تعليق

            • جنوون صنعانيه
              V - I - P
              • May 2020
              • 7306
              • لو يطول الوقت ياعمري سنين

                غير حسك وعيونك ماعشقت





              #7
              رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

              تسلمي اختي جمال الحياه

              تعليق

              • جمال الحياة
                عضو ذهبي
                • Nov 2019
                • 850

                #8
                رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

                المشاركة الأصلية بواسطة جنوون صنعانيه
                تسلمي اختي جمال الحياه
                عفوا حبيبتي

                تعليق

                • قيثارة السلام
                  V - I - P
                  • Mar 2020
                  • 1976
                  • .....

                  #9
                  رد: لا يجب قول لا لفخامته / للكاتبة Chanez ،

                  تسلمي ياعسل مرررره جميله

                  تعليق

                  google Ad Widget

                  تقليص
                  يعمل...