**أخوة الشقاء..!
.
،،قال: حزنت كثيرا حين مات ،،كان يقف أمامي دائما في الطابور ونحن نصطف لاستلام - البقج - التي كانت ترسلها وكالة غوث اللاجئين ،،لا أدري أين ذهبوا بعد تلك الطوابير ،،! كنت إذا لقيت أحدهم حيا بعد سنوات ،،أستغرب أنه مازال حيا !!،،كنت أحسهم وأحس نفسي كمن يصعد حافيا منزلقا جبليا ،،فلا تصدق أنه سيصل إلى قمة الجبل حيث الحياة والناس فيها يمشون ويضحكون ،،،!!
.
،،كنا نرى بعضنا في الخيام ،،عيوننا تلمع سعيدة بضوء أسرجتنا االصفراء الخافتة ،،وننظر في الظلام الممتد بعد باب الخيمة ،،وتستعد بشجاعة دائما لتبدأ رحلتك في الظلام الشاسع ،،!
.
مرة سأله الأستاذ/ ولم يحضر عقله للإجابة ،،فتعجب الأستاذ لأنه كان طالبا نجيبا ،،!فقال للأستاذ : قدماي لا تتحركان ،،!، كل يوم تغرق قدماي في الوحل حول خيمة المدرسة ،، فيدخل الطين من ثقوب صندلي الصيفي إلى أصابع رجلي ،،وأنا أحرك أصابع قدمي باستمرار كي لا تتجمد ،،،،!!وبالأمس دخلت مياه السيل علينا وكنا طوال الليل ننام فوق الماء ،،!
.
،،مشى الأستاذ إلى باب الخيمة وعيناه تدمعان وقال: أي جبل زلق تصعدون أيها الأشقياء !!سوف تفكرون في كل شيء وسوف تصارعون كل شيء قبل أن تلقوا أنفسكم وحياتكم ،،الوطن قوة أنتم خسرتموها ،،وقوة أنفسكم اليوم هي وطنكم الدافىء ،،وإلا فالموت في طريقكم ،،،،! ولكن لا تنسوا أن تنظروا إلى السماء كل ساعة ،لتستأنسوا بالله وأنتم ضائعون ،،وتأخذوا الهدى والقوة منه ،،فإذا احتجت الله تعش حكيما لأنه هو من يرشدك ،،وتعش قويا لأنك تستعين بقوته !!
.
،،وأنا الآن أنظر إليه وهو ميت ،،وربما أخذه الله إلى الجنة ليذوق طعم الحياة ،،! أتذكره وهو طفل صغير ينادي ويضحك وهو يركب الشحن الذي يحمل أغراض أهله ،،الراحلين من فلسطين ،،يضحك لأن شحنهم سبق الشحن الذي يحمل أغراضنا ،،! وهما يمشيان في المطر والغيوم القاتمة ،،،والرعد يقصف كل حين ….
.
وكنت أمر من باب خيمته وأبوه يعد السلطة قبل المغرب في رمضان وهم يجلسون أمام الخيمة ،،وأشم رائحة الخيار الجميلة ،،وهو يضحك ويقول لي : تفضل ،،،أمضي وأنا لا أدري أين أراه في هذه الحياة ،،!أفكر فيه كما تفكر بورقة في عاصفة شديدة : أين يمكن أن تلقيها الريح ،،،أو تمزقها إربا ،،،،! فلما مات ،،استغربت أنه قطع كل تلك المسافة ،،في الجبل الزلق ،،فبعضنا مات في ليلة برد جرفته السيول وبعضنا مرض ومات بسبب ضعفه ،،وآخرون قتلوا أو عذبهم الفقر والجوع ،،،،،،فأنت حين تخرج من وطنك ،،يعاديك كل شيء ،،،!
.
كنت ألقاه ،،وإذا دخلنا أحياء اؤلئك الذين يسكنون المدينة ،،نمشي وننظر اليهم ،،لانفهم لم هذا الإختلاف ،،،،ويخطر ببالنا أن نمسك جلدهم ونتحسس مادتهم ،،ولقد تأكدنا أنهم مثلنا فيما بعد ،،،ولكن أهلنا قد تعرضوا للحوادث ،،،وهؤلاء لم يتعرضوا لها ،،كنا نحن مثل زهور داسها ماش غليط فهرسها ،،وكانوا هم مثل زهور سلمت ،،لم يدسها انسان لئيم ،،فحظنا من الإنسان هو ما يجعل حياتنا جميلة أو قبيحة ..!
.
،،لو يعلم الآخرون كم هو مهم عونهم ورفقهم ،،،وكم هو مدمر ظلمهم ولؤمهم ،،،! ولكن الإنسان لا يحب أن يكون مهما إلا لنفسه ،،! وفرح الإنسان بك هو ما يحسبه الله لك ،،لأنه عمل يحتاج إلى كل محبتك لله ،،،وأما ما تعمل لنفسك فلا يحتاج إلا لمحبتك نفسك ،، مثل جميع الوحوش
.
.
.
.
.
عبدالحليم الطيطي
.
،،قال: حزنت كثيرا حين مات ،،كان يقف أمامي دائما في الطابور ونحن نصطف لاستلام - البقج - التي كانت ترسلها وكالة غوث اللاجئين ،،لا أدري أين ذهبوا بعد تلك الطوابير ،،! كنت إذا لقيت أحدهم حيا بعد سنوات ،،أستغرب أنه مازال حيا !!،،كنت أحسهم وأحس نفسي كمن يصعد حافيا منزلقا جبليا ،،فلا تصدق أنه سيصل إلى قمة الجبل حيث الحياة والناس فيها يمشون ويضحكون ،،،!!
.
،،كنا نرى بعضنا في الخيام ،،عيوننا تلمع سعيدة بضوء أسرجتنا االصفراء الخافتة ،،وننظر في الظلام الممتد بعد باب الخيمة ،،وتستعد بشجاعة دائما لتبدأ رحلتك في الظلام الشاسع ،،!
.
مرة سأله الأستاذ/ ولم يحضر عقله للإجابة ،،فتعجب الأستاذ لأنه كان طالبا نجيبا ،،!فقال للأستاذ : قدماي لا تتحركان ،،!، كل يوم تغرق قدماي في الوحل حول خيمة المدرسة ،، فيدخل الطين من ثقوب صندلي الصيفي إلى أصابع رجلي ،،وأنا أحرك أصابع قدمي باستمرار كي لا تتجمد ،،،،!!وبالأمس دخلت مياه السيل علينا وكنا طوال الليل ننام فوق الماء ،،!
.
،،مشى الأستاذ إلى باب الخيمة وعيناه تدمعان وقال: أي جبل زلق تصعدون أيها الأشقياء !!سوف تفكرون في كل شيء وسوف تصارعون كل شيء قبل أن تلقوا أنفسكم وحياتكم ،،الوطن قوة أنتم خسرتموها ،،وقوة أنفسكم اليوم هي وطنكم الدافىء ،،وإلا فالموت في طريقكم ،،،،! ولكن لا تنسوا أن تنظروا إلى السماء كل ساعة ،لتستأنسوا بالله وأنتم ضائعون ،،وتأخذوا الهدى والقوة منه ،،فإذا احتجت الله تعش حكيما لأنه هو من يرشدك ،،وتعش قويا لأنك تستعين بقوته !!
.
،،وأنا الآن أنظر إليه وهو ميت ،،وربما أخذه الله إلى الجنة ليذوق طعم الحياة ،،! أتذكره وهو طفل صغير ينادي ويضحك وهو يركب الشحن الذي يحمل أغراض أهله ،،الراحلين من فلسطين ،،يضحك لأن شحنهم سبق الشحن الذي يحمل أغراضنا ،،! وهما يمشيان في المطر والغيوم القاتمة ،،،والرعد يقصف كل حين ….
.
وكنت أمر من باب خيمته وأبوه يعد السلطة قبل المغرب في رمضان وهم يجلسون أمام الخيمة ،،وأشم رائحة الخيار الجميلة ،،وهو يضحك ويقول لي : تفضل ،،،أمضي وأنا لا أدري أين أراه في هذه الحياة ،،!أفكر فيه كما تفكر بورقة في عاصفة شديدة : أين يمكن أن تلقيها الريح ،،،أو تمزقها إربا ،،،،! فلما مات ،،استغربت أنه قطع كل تلك المسافة ،،في الجبل الزلق ،،فبعضنا مات في ليلة برد جرفته السيول وبعضنا مرض ومات بسبب ضعفه ،،وآخرون قتلوا أو عذبهم الفقر والجوع ،،،،،،فأنت حين تخرج من وطنك ،،يعاديك كل شيء ،،،!
.
كنت ألقاه ،،وإذا دخلنا أحياء اؤلئك الذين يسكنون المدينة ،،نمشي وننظر اليهم ،،لانفهم لم هذا الإختلاف ،،،،ويخطر ببالنا أن نمسك جلدهم ونتحسس مادتهم ،،ولقد تأكدنا أنهم مثلنا فيما بعد ،،،ولكن أهلنا قد تعرضوا للحوادث ،،،وهؤلاء لم يتعرضوا لها ،،كنا نحن مثل زهور داسها ماش غليط فهرسها ،،وكانوا هم مثل زهور سلمت ،،لم يدسها انسان لئيم ،،فحظنا من الإنسان هو ما يجعل حياتنا جميلة أو قبيحة ..!
.
،،لو يعلم الآخرون كم هو مهم عونهم ورفقهم ،،،وكم هو مدمر ظلمهم ولؤمهم ،،،! ولكن الإنسان لا يحب أن يكون مهما إلا لنفسه ،،! وفرح الإنسان بك هو ما يحسبه الله لك ،،لأنه عمل يحتاج إلى كل محبتك لله ،،،وأما ما تعمل لنفسك فلا يحتاج إلا لمحبتك نفسك ،، مثل جميع الوحوش
.
.
.
.
.
عبدالحليم الطيطي
تعليق