دفتري الأزرق الصغير
ركضت مسرعة تملؤها السعادة داخل أسوار حجرتها التي تركتها مفتوحة لكي يدخل النور من نافذتها وراحت تبحث عن دفترها الأزرق
الصغير حتى وجدته ، جلست تتحدث إليه وتكتب على صفحاته الزرقاء الجميلة.
تذكرت كم كانت سعيدة عندما اشترته ومنذ ذلك الوقت كان يرافقها دائما يضحكان ويتحدثان معا ابتسمت وهي تتذكر كيف كان يفرح وهي تكتب على صفحاته كل ما هو رائع وجميل وكيف كان يغضب عندما تعبر عن ألمه وأحزانها كان دائما يقول لها: لا تكتبي عن الألم والحزن انظري دائما إلى الجانب المشرق من الحياة كم هي جميلة الحياة عندما نريدها أن تكون جميلة مبهجة
كانت تتذكر كيف يأتي وينام بقربها كل يوم وكيف كانت تسافر على صفحاته إلى مكان أرادت الذهاب إليه كانا معا رفيقان حقيقة لا يفترقان ينظران معا إلى النجوم في السماء ويتمنيان الأماني وعندما يحل الظلام والسكون يتحدثان لبعضهما البعض
وفي الصباح كانت تراه نائما بقربها كانت سعيدة جدا ببدفترها فهو لم يكن لها مجرد دفتر تكتب عليه الذكريات بل كان بمثابة إنسان يسامرها ولهما معا الكثير من الذكريات الجميلة التي تمر بين الأمل والألم والحزن والفرح.
من شدة سعادتها به وشوقها الدائم لمناجاته كانت تكتب عليه كثيرا وتقلب صفحاته ،وفي يوم من الأيام بحثت عنه كثيرا ونادته ولكن لم تجده وواصلت البحث حتى وجدته في أحد الأدراج مختبئا بين الأوراق حيث اعتاد الاختباء
سألته بحيرة: لماذا اختبأت عني؟ ولما لم ترد على نداءاتي؟
أجاب بحزن: لا أريدك أن تكبتي علي دائما فأنا أريد أن أبقى معك أطول فترة ممكنة لي من عمري لا أريد أن أفقدك لما لا نبقى هكذا دائما نتسلى ونتحدث لبعض؟
ضحكت من كلامه وهي تحتضنه ولم تعرف ما كان يقصد حملته إلى السرير وهي سعيدة بقربه منها
واصلت الكتابة شيئا فشيئا وصفحة تليها صفحة بدأ يضعف ذلك الدفتر وبدأ البريق في عينيه يخبو والحزن مسيطر على ملامحه لم تعرف ما الذي حل بدفترها ورفيق أيامها كانت تتساءل لماذا أصابها الوهن والهزال ما الذي حدث لك يا دفتري الصغير؟؟؟ لكنها لم تعرف الإجابة
جاء ذلك اليوم الذي وصلت لأخر صفحة من صفحاته كتبت أخر سطر من سطوره ابتسمت له فقال بحزن مودع إياها: الوداع وأغمض عينيه لتنزل دمعه بللت أوراقه الزرقاء قبلته وتركتها على الطاولة ظنا منها أنه سيأتي وينام بقربها كعادته ولكن!!!! عندما استقضت صباحا تفاجأت بعدم وجوده قربها نظرت إلى الطاولة وجدته نائما حيث وضعته بالأمس لم يتحرك وعيناه مغمضتان نادته ولكنه لم يرد حاولت معه أكثر من مرة عله يستيقظ ولكنه لم يفعل فعرفت ما كان يعني من طلبه المتكرر بأنه يريد البقاء معها تذكرت كلماته وأدركت ما كان يقصد آنذاك بكت عليه وحزنت كثيرا تذكرت ما كانا يفعلان أخذته بحزن ووضعته بإحدى الأدراج حيث اعتاد الاختباء عنها قائلة له: أنت بالنسبة لي كالشمس التي تغيب في المساء ولكنها حتما ستشرق مع صباح يوما جديد لم تكن بالنسبة شيء للتسلية لم تكن أبدا جمادا اكتب عليه بل كنت إنسان يفهمني دون أن أتكلم
![.](https://v.3bir.net/core/images/smilies/drd.gif)
![.](https://v.3bir.net/core/images/smilies/drd.gif)
![.](https://v.3bir.net/core/images/smilies/drd.gif)
وداعا أيها الدفتر
وداعا يا صديق العمر
يا مصباحي الأخضر
ويا صدر بكيت عليه
أعواما و لم يضجر
نزار قباني
بــــ: قلمي /
أنة حرف
تعليق