أحيانا نتصور أن بعد بلوغنا عمرا معينا نكون قد كبرنا، ونقنع أنفسنا بأن تحقيق هدفا من جديد أمرا صعب المنال، فمنهم من يضع كل أحلامه في أولاده، ناسيا نصيب نفسه من الأحلام، وبعضهم من يدور في الروتين اليومي الممل دون الطموح لتحقيق هدف معين، فيكونون – في كلا الحالتين – قد ماتوا قبل أن يأتيهم الموت حقيقة، والغريب حقا أن نرى شبابا في أزهى عمرهم قد أصابهم اليأس ونال منهم، وفعل بهم ما فعل. وهنا سنذكر أحلاما حققها أصحابها بعد أن بلغوا الأربعين من العمر، علهم يكونون بصيصا من الأمل لهؤلاء الذين قتلهم الروتين والإستسلام للواقع الممل، أو دافعا لهؤلاء الذين في مقتبل الحياة.
دونلد فيشر – مؤسس “GAP”
مؤسس GAP والتي لديها الان 3076 متجرا حول العالم وقد قدرت إيرادات المجموعة بنحو 15.7 مليار دولار في عام 2012، ربما ستعجب عندما تعرف أن ذلك النجاح الكبير بدأه دونلد فيشر وزوجته دوريس بعد أن أتم عمره الأربعين بعام، اشترى فيشر سروالا واكتشف أنه ليس مقاسه، ووجد صعوبة في إسترجاعه، وذلك لأن المتاجر وقتها لم يكن بها مكانا مخصصا لقياس الملابس قبل شراؤها، ومن هنا جاءت فكرة إفتتاح محله التجاري بسان فرانسيسكو، وقد أسماه (GAP) أي فجوة، والإسم مشتق من (Generation Gap) أي الفجوة بين الأجيال، وكان متجره يحتوي على غرف قياس ومجموعة متنوعة من الملابس.
هارلاند ساندرز – مؤسس “كنتاكي”
ساندرز أسس سلسلة مطاعم كنتاكي والتي تنال اليوم شهرة على مستوى العالم، وكان ذلك بعد أن واجه صعوبات منذ أن توفى والده وهو مازال صاحب الست سنوات، كان ساندرز يحضر الطعام لأخوته في حين كانت أمه تذهب للعمل، أتقن ساندرز فن الطبخ إلى حد كبير، وبدأ مشروع مطاعم كافي ساندرز بعد أن بلغ من العمر 39 عاما، ولكن أنتهت تلك التجربة بالخسارة واضطر لبيع المطعم.
وبعد تلك الخسارة بدأ بتحضير الخلطة السرية وبدأ بعرضها على المطاعم ولكن لم ينجح في هذا الأمر بالصورة التي تخيلها، لم يستسلم واستطاع تأسيس مطاعم كنتاكي وكان قد بلغ 62 من عمره.
موموفوكو اندو – مخترع النوودلز
هو رجل صيني الأصل وسافر إلى اليابان ليبدأ في تأسيس عمله الخاص، وبالفعل أسس أكثر من شركة لتجارة الملابس، ثم حدث خطأ محاسبيا في سجلات احدى الشركات، فذهب إلى الشرطة اليابانية ليعرف أكثر عن تلك السرقات، ولكن تم القبض عليه هو، وهزمت اليابان في الحرب العالمية الثانية مما عجل بخروجه من السجن، وخرج ليجد مصانعه وشركاته هي والأرض سواء، بعدها بسنوات أسس مصرفا (بنك)، إلا ان الحكومة ألقت القبض عليه لمدة عامين بسبب خطأ محاسبي، خرج من السجن ليجد أن البنك أفلس!
بعدها اختار تصنيع منتج غذائي مكون من المعكرونة، ما أن تضيف الماء عليه وتصبر 3 دقائق، حتى يمكنك أكله فورا، ونجح في هذا الأمر بعد تجارب في مطبخ بيته مع زوجته لمدة قاربت السنة، وكان حينها عمره 48 عاما.
جوزيه ساراماغو – روائي وكاتب
” إذا كنت قد توفيت قبل الستين، لم يكن ليعرفني أحد” هكذا يقول ساراماغو، والذي ولد لأم وأب لا يعرفان القراءة والكتابة، كان فقيرا ووصل به الحال إلى أن يمشي حافيا في قريته حتى بلغ الرابعة عشر من عمره، تخبط في حرف كثيرة، فعمل كحداد وميكانيكي، وبعد 40 عاما من المعاناة عمل كمحرر صحفي، ولكن لم يسلم ساراماغو من تقلبات الحياة بعد، فطرد من عمله بسبب مواقفه الثورية وأفكاره اليسارية، وبعد أن طرد من عمله تفرغ للكتابة، يعلق على طرده من العمل قائلا “كانت أكثر حادثة حظ سعيد في حياتي”. بعدها صار ساراماغو روائي قدير، ولك أن تتخيل أنه فاز بجائزة نوبل في الاداب!
هنري فورد – مؤسس “فورد”
فورد هو صاحب ومؤسس شركة “فورد” لصناعة السيارات، ومخترع فكرة “خط الإنتاج” الشهيرة في الصناعة، ربما ستتعجب عندما تعرف أنه أفلس 5 مرات في حياته، وأنه كان يعمل بوظيفة يتقاضى منها 11 دولار أسبوعيا ولمدة 10 ساعات في اليوم، ولكن عندما يرجع من العمل لم يكن يستريح أو يمضى وقته أمام التلفاز، ولكنه كان يرجع ليستأنف محاولاته لصنع موتور سيارة، وربما ستتعجب أكثر عندما تعرف أنه نجح وأسس شركته الخاصة “فورد موتورز” في سن الأربيعن من عمره، ولكن لم يحقق نجاحا وشهرة إلا بعد الخمسين من عمره، وبفكرة “خط الإنتاج” استطاع إنتاج مليون سيارة في السنة، أي سيارة كل 24 ثانية!
بعد التعرف على تلك النماذج الناجحة، والتي حققت إنجازاتهم العظيمة بعد سن الأربعين، بل وبعضهم بعد سن الخمسين، مما يعطينا جميعا الدافع للنجاح وبدل الركون إلى اليأس واللا فعل، ومازال للحديث بقية، ونماذج النجاح لن تنتهي، ودائما ضع تلك المقولة لهنري فورد نصب عينيك: “عندما يبدو أن كل شيء يعاندك ويعمل ضدك .. تذكر أن الطائرة تقلع دائما عكس إتجاه الريح، لامعه.."
تعليق