قصائد نثريه ايفان تورغينيف

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • فيصل الدوسري
    عـضـو فعال
    • Feb 2016
    • 108

    قصائد نثريه ايفان تورغينيف

    و الهول رمل رمادي مصفر، هش من الأعلى، متماسك وصلب في الأسفل، رمل بلا حدود، وعلى إمتداد البصر، أينما يممت بصرك ثمة رمل. وعلى هذه الصحراء الرملية، وفوق هذا البحر من الغبار الميت، يعلو رأس أبي الهول المصري.ماذا تريد ان تقول هاتان الشفتان الضخمتان، البارزتان، وهذان المنخران العريضان، الساكنان، وهاتان العينان.. هاتان العينان الناعستان، المتأملتان، تحت قوسي الحاجبين المرفوعين عاليا..؟ماذا تريدان ان تقولا. إنهما تنطقان، لكن أوديب وحده يمكنه حل اللغز، وحده يفهم الكلام الصامت.ياه.. إنني أعرف هذه الملامح، لم يعد فيهما أي شيء مصري، فالجبين الأبيض الضيق، والوجنتان الناتئتان، والأنف القصير المستقيم، والفم الجميل ذو الأسنان البيض، والشارب الرقيق، واللحية بشعرها المجعد.. هاتان العينان الواسعتان والمتباعدتان .. وعلى الرأس فروةمصفوفة من المفرق.. نعم.. هو أنت ياكارب، ياسيدور، وياسيمون، أيها الفلاح من يارسلاف أو ريزان، يابن موطني، أيها الروسي الأصيل، أتراك تحولت الى أبي الهول؟ أتريد أن تقول أنت شيئا أيضا؟ نعم..؛ فأنت أبو الهول أيضا.. عيناك، اللتان بلا لون، لكنهما العميقتان ايضا تقولان شيئا كذلك؟ كلاهما صامت وماغز أيضا، ولكن أين (أوديبك)؟أواه.. لا يكفي أن يضع المرء قبعة (مورمولكا) على رأسه، كي يصير (أوديبك) يا أبا هول روسيا كلها..!كانون الأول 1878جماجمصالة فارهة، شديدة الإضاءة، سادة وسيدات. الوجوه مليئة بالحيوية ومنتعشة، والحديث جسور وحماسي، حديث طنان وممل يجري عن مغنية شهيرة. إنهم يعضمونها حد القداسة، ويخلدونها.. اه.. كم كان رائعا شدوها الأخير مساء أمس.وفجأة، وكأنما بضربة عصا سحرية، انسلخت قشرة الجلد الرقيقة عن جميع الرؤوس والوجوه، وللحظة واحدة، ظهر شحوب الجماجم الميت، وبرزت الثنايا وعظام الوجنات العارية ذات اللون القصديري.برعب نظرت الى هاتيك الثنايا وعظام الوجنات وهي تتحرك وتهتز، والى تلك الكرات الصلعاء اللامعة وهي تستدير تحت ضوء المصابيح والشموع، وفي محاجرها تدور كرات صغيرة أخرى، إنها حفر العيون الفاقدة للمعنى. لم أجرؤ حتى على لمس وجهي، ولم أجرؤ على النظر لنفسي في المراة.. بينما الجماجم ظلت تتحرك كما كانت سابقا، والألسن الطليقة تومض وتتقافز كقطع صغيرة من القطيعة الحمراء بين الأسنان المكشرة، مستمرة بهذيانها عن روعة المغنية الخالدة. نعم.. المغنية الخالدة التي قدمت تغريدتها الأخيرة الرائعة.نيسان 1878استيقظت ليلاإستيقظت ليلا في فراشي، خيل إلي هناك من يناديني بإسمي، هناك، من وراء النافذة المعتمة. ضغطت وجهي على زجاج النافذة، ولصقت عليها أذني، وحدقت ببصري، وبدأت الانتظار.لكن، لا أحد هناك، وراء النافذة، غير الاشجار التي كانت تضج برتابة وغموض، وغير السحب الكثيفة كالدخان، والتي رغم حركتها السريعة، تبدو وكأنها باقية دونما حركة.لا نجمة في السماء، لا شعلة ضوء على الأرض.ضجر وظلمة هناك، كما هنا، في قلبي.لكن، فجأة، ثمة صوت شاك إنبعث من البعد، وراح الصوت الشاكي يقترب شيئا فشيئا، وتيضح في صوت بشري، ليمر بي، ثم ليتلاشى.خيل إلي ان الرنين المتلاشي كان يقول: وداعا، وداعا، وداعا. اه، ذلك كان هو الماضي كله، سعادتي كلها، كل ما أحببته وحافظت عليه، يودعني الان والى الأبد، ودنما رجعة.لقد ودعت حياتي التي مرت بي بشكل خاطف، ورجعت لأرقد في فراشي وكأنني أرقد في قبر.اه.. ليته كان قبرا.حزيران 1879

google Ad Widget

تقليص
يعمل...