بقلم الصحفى حازم مهنى
اعذرنى يا ولدى إن قصرت يوما بحقكم ،فستعرف لاحقا كم عانيت من أجل إسعادكم ،ولم أفلح فى نظركم ؟ لكنى أحبكم ؟ كم أحبكم ؟هل تحبوني كما أحبكم؟؟
فكل أب لا يرضى عن نفسه أبدا و لو وضع الدنيا بكف أولاده ، ولو اغترف الدنيا بكفه وسقاهم إياها بملعقة من الذهب ما رضي عن نفسه ،
ولدي الحبيب قد تقرأ كلامي لكن لن تدركه إلا بعد حين يعلمه الله ،ستفاجأ حينها وكم تحملت من أجلكم بكل حب ،وسعادة ؟
و كم صبرت على الحياة من أجلكم ؟ وحدكم ؟
يا ولدى: الوالدان هما الإنسان الوحيد الذى يطير فرحا ليرى أبناؤه أفضل منه ، لكن لا تأتى الرياح بما تشتهى السفن ؟ لكن الحياة لم تكن يوما دار سعادة فقط ، بل دار عمل ،و كل شئ فيها يتغير، وينتهي ويبقى أثر ما غرست يداك ، فلا فرح دائم ، و لا حزن دائم ،أيام يداولها الله بين عباده ،و أرزاق مقسومة تعب و راحة ، يوزعها بين خلقه ،بأنواعها المختلفة ، هكذا الحياة مد وجزر ، فدوام الحال من المحال ،هكذا طبيعة الحياة كما خلقها الله .
فكن مطمئنا يا ولدى بأن خالقك لن ينساك ،لكن إياك أن تنسى ذلك ؟ فمن الحكمة أن تتأمل فى نفسك ،وما حولك ، وتعرف ما لك ، وما عليك ؟ و من أوتى الحكمة فقد أوتى خيرا كثيرا . يا ولدى العقل هو الأمانة التي ميز الله بها بني ادم على كل مخلوقاته ،افهم ذلك فمن لم يعرف قيمة عقله ،أوردته نفسه المهالك ؟
يا ولدى عليك بيقظة العقل ،و يقظة الضمير بهم تسمو روحك ،و يرقى عقلك ،و تصفو نفسك بالحب والعلم و ذلك نور من الله يؤته من يشاء من عباده فاقترب من الله يمنحك من فضله العظيم كل عظيم ،فهو الرازق الجواد الكريم ،فربك الذي علم بالقلم ،علم الإنسان ما لم يعلم .
يا ولدى لم أطعمكم يوما إلا الحلال ،كما أطعمني أبى رحمه الله ،و أوصاني بها و أنا أوصيكم ،و لم أغرس فيكم يوما إلا الحب ،رغم غبار الكراهية والحسد والأحقاد التي ملئت دنياكم ، و نعانى منها جميعا ،أسأل الله أن يحفظكم ،و يكفيكم إياها.
سامحني يا ولدى إن قصرت نحوكم ،فهو رغما عنى ،فكما تعلمون الحياة أمست صعبة ،وما أصعب لقمة العيش ؟ وما أصعبها فى عالم تموج به الشرور ، والأحقاد ،فانتشر الظلم ،و مات الضمير ،و ضاع الحق ،و ذهب العدل ،وانقلب الميزان ،وعم الفساد حتى صار أصحاب الضمير ،والمبادئ مختلفون ، و " متخلفون " ، متخلفون عن كل ما يخالف ضمائرهم ،متخلفون عن مواكبة أمواج النفاق و الخداع ،والفساد ،وأنا منهم ،وهذا يسعدني رغم الضريبة الفادحة التي نتحملها جميعا أنا ،وأنتم ،
ألم أقل لكم : يقظة الضمير كنز ؟ لكن ليس سهلا .
يا ولدى : الحب ،والمبادئ ،والضمير،والعلم ،والعقل ،رزق كبير لا تساويه كنوز الدنيا كلها ،لأنهم الطريق إلى الله خالق الكون لا إله إلا هو ،و تلك حقائق لا مراء فيها .
أبنائي جميعا : أبناء هذا الجيل العربي المسكين ،الذى شاء قدره أن يولد فى نهار غائم ،تزداد غيومه وهمومه كل يوم ، لأنه يتواجد على ظهر أمواج عاتية من الظلم ،والعنصرية ،والاضطهاد ،و الاضطراب العالمي ، قاوموا هذه الأمواج ، امتطوها إلى غد أفضل و مستقبل قريب ،امتطوها بالقوة ،قوة العلم ،والحق ، والإيمان ،و العزيمة ،قوة الإرادة فى نفوسكم ،قوة اليقين ،والطموح الذى يسكن بنفوسكم ،و قلوبكم ،و عقولكم ،ويجرى بعروق دمائكم ،
أنتم الأمل أيها الجيل الجديد ، ثوروا على أنفسكم ،ورغباتكم ، انتصروا على ضعفكم ،فجروا الطاقات الكامنة بأحلامكم ، حققوا أهدافكم نحوا طموحاتكم ،
وأنا واثق بكم ،وكلى إيمان بأحلامكم ،اجعلوها حقيقة أمام عيونكم ،اجعلوها لنا شمسا تمزق عتمة الظلام ، فتضئ ليلكم ،،
اعذرنى يا ولدى إن قصرت يوما بحقكم ،فستعرف لاحقا كم عانيت من أجل إسعادكم ؟ لكنى أحبكم ؟ كم أحبكم ؟ هل تحبوني كما أحبكم ؟؟؟؟
- قرأته فأعجبني أرجو ان يروقكم -
تعليق