إن نظرة عامة إلى المجتمع الإنساني لتكشف لنا عن أن مجتمع الألفية الثالثة هو مجتمع التغير السريع وإننا كعرب أمام تحديات كبيرة بالإضافة إلى أن الهوة كبيرة بيننا وبين المجتمعات المتقدمة ولكي نردم هذه الهوة و نجابه تلك التحديات لابد لنا من إعادة النظر ببعض القيم والمفاهيم الخاطئة المتعلقة بدور المرأة في التنمية الشاملة سواء على صعيد عملها داخل المنزل أم خارجه .
يقول هشام الشرابي:»لا أبالغ في قولي أنه من المفجع أن يولد الإنسان أنثى في مجتمعنا ،إنني لا أعرف مجتمعا في العالم –حتى المجتمعات البدائية –وضع الأنثى فيه مثل وضعها في المجتمع العربي ومهما حاولنا إخفاء هذا الوضع أو تبريره فالحقيقة بارزة أمامنا وهي تصفعنا كل يوم«
( الشرابي , 1981 , ص8)
ولا يمكن لمجتمعنا العربي أن يواجه تحديات العصر ويساير ركب التطور والتحديث مادامت المرأة العربية في وضعها الراهن وذلك لأنها صانعة الإنسان العربي ،وطالما أن المرأة العربية لم تتغير بعد ولم تتغير نظرة المجتمع الدونية عليها وعلى دورها في التنمية الشاملة ، فالإنسان العربي غير قابل لمواكبة التطور الحضاري الذي يشهده عصر العولمة وتهميش الحضارات .
إن المرأة على مر العصور وقفت في قفص الاتهام دون جريمة تذكر،إلا كونها أنثى،والقاضي بجميع الأحوال هو الرجل الذي أهدر حقوقها بدعوة تفوقه عليها .
فلقد تعرضت المرأة عبر التاريخ إلى ظلم مزدوج،فمن جهة الظلم الواقع على الطبقات الدنيا وعلى المجتمع كله الظلم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الاستغلال والاستلاب ،ومن جهة أخرى ظلم الرجل المباشر الذي استطاع من خلال الظروف أن يكون الامر الناهي والسيد المطاع ،له كل الحقوق وعليها كل الواجبات،وصار تاريخ المرأة فعلا هو تاريخ اضطهادها كما قال (بيبل ) .
( العودات , 1996 ,ص23 )
وكان المجتمع خلال حقبات التاريخ يجد المبررات الأخلاقية والقانونية ليظلم المرأة،فتارة هي الشيطان، أو أخت إبليس وطورا هي الغاوية وذات المكيدة التي لا يؤمن جانبها، وغير ذلك من النعوت التي تبرر للرجل والمجتمع أن يلحقا الحيف بها ويهمشانها ويستغلانها ويستعبدانها .
يقول اوغستين: ( المرأة بوابة الشيطان, و طريق الشر , ولدغة الحية , و في كلمة موجزة المرأة موضوع خطير )
فاليونانيون كانوا في أوج حضارتهم ينظرون إلى المرأة نظرة ازدراء و احتقار و يعدونها تابعة للرجل ، ولا تسهم بشيء في الحياة الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية للمدينة ، وباستثناء الحالات النادرة جدا المتعلقة ببقايا الترف والمحظيات ، تبقى القاعدة العامة التي صاغها سقراط نفسه: (للرجال السياسة وللنساء البيت ) .
(غارودي , 1982 .ص26 )
وينحصر دور الزوجة بإنجاب الأطفال و إمتاع الرجل وإدارة عالم مغلق . ولم تكن مكانة المرأة عند الرومان بأحسن جال مما كانت عليه عند اليونانيين حيث كانت كما مهملا وفي منزلة أدنى من الرجل الذي عد سيدا لها.
( زهري ,1984 ,ص47 )
أما العرب في الجاهلية فكانوا يحكمون عليها بالوأد منذ اللحظة الأولى التي تطأ قدماها عالم الوجود الكوني.
تقول سيمون ده بوفوار: (إننا لا نولد نساء أو رجالا ، وإنما نصير كذلك أثناء عملية النمو ،فإن النظم الثقافية والقيم الحضارية في المجتمع تؤثر في نسائنا ، وهي التي تحدد الأوضاع النفسية بالنسبة للجنسين وهي التي ترسم أنماط السلوك لكل منهما ).
( مجلة العلم و المجتمع ,1971 ,ص25 )
تعود أهمية البحث إلى ما تتعرض له المرأة العاملة من مشكلات
ومعوقات أثناء قيامها بعملها و في طريقها إليه وإبراز الظواهر السلبية التي لا تزال تعيق عملية تقدم المرأة العاملة و الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل على أطفالها وعلى زوجها وعلى المرأة نقسها ومدى وعيها لحقوقها وقضاياها ،والضغوط النفسية والاجتماعية والحوادث التي تتعرض لها أثناء العمل والى أشكال التمييز الجنسي في العمل وعدم امتلاكها لقرارها وتبعتها للرجل و نظرة التخلف وجمود الأنظمة الموجه ضد المرأة العاملة من صاحب العمل والأسرة والمجتمع
مشكلة البحث :
تكمن مشكلة البحث في طبيعة العمل المزدوج للمرأة العاملة داخل المنزل وخارجه وما يترتب عليه من نتائج مختلفة فالمرأة العاملة حتى وقتنا الحاضر ما زالت تمارس عملا مزدوجا ، فلم يترافق عمل المرأة خارج المنزل بتخفيف الأعباء المنزلية عنها كما يجب الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق المرأة العاملة جسديا واضطرابها نفسيا وينعكس ذلك سلبيا عليها وعلى أطفالها وزوجها وعلى الأسرة بشكل عام .
وهذه المشكلة لم تلق الاهتمام الكاف من قبل الباحثين الاجتماعيين ولهذا أجد من الضروري تسليط الضوء على هذه المشكلة وما يترتب عليها من نتائج سلبية, هادفا الوصول إلى بعض المقترحات والحلول التي يمكن أن تسهم في حل هذه المشكلة .
فعلى الرغم من ممارسة المرأة لحقها في العمل إلا أن النظرة لها كأنثى لم تتغير، وأصبحت تدفع ثمن أنوثتها في كل أدوارها الاجتماعية، فقد تعرضت المرأة العاملة للعديد من مظاهر العنف الموجه لها من صاحب العمل والأسرة والمجتمع، بأشكال ومظاهر مختلفة سوف تقف الدراسة عند حدودها، إذ مازالت المرأة تعاني تمييزا كبيرا على أساس النوع في حصولها على الفرص الاقتصادية وتمكينها الفعلي اقتصاديا،، ففي معظم مناطق العالم لا تزال المرأة محرومة من التحكم في صنع القرار أو المشاركة على المستوى الرأسمالي والقروض والملكية والتكنولوجيا.
أهداف البحث :
يهدف البحث للتعرف على :
1- تغير دور المرأة عبر التاريخ
2-مشكلات وصعوبات المرأة في العمل
3-الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل :
أولا:على صعيد الاجتماعي:
أ- الاثار السلبية على الطفل
ب- الاثار السلبية لعمل المرأة على زوجها
ج-تأثير الوالدين في عمل المرأة
ثانيا:على الصعيد النفسي
أ- الاثار السلبية لعمل المرأة على نفسها :
ب- السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية
ج- وما هي الاضطرابات النفسية التي تتعرض لها
4- التمييز تجاه المرأة
5- التحرش الجنسي بالمرأة العربية العاملة
6- المرأة في سورية
7- استغلال المرأة العاملة
8- ظاهرة العنف ضد المرأة
التعريفات الإجرائية :
العنف: هو كل فعل قائم على أساس الجنس يترتب عليه أو من المحتمل أن يترتب عليه أذى بدني أو نفسي أو جنسي أو قانوني أو اقتصادي للمرأة.
العنف ضد المرأة العاملة (الوظيفي): هو العنف الموجه للمرأة العاملة من صاحب العمل ورب الأسرة والمجتمع والذي يقوم على أساس التمييز الجنسي وعدم المساواة والعدل في الحقوق والواجبات ويترتب عليه أذى بدني ونفسي وجنسي وقانوني واقتصادي للمرأة.
التحرشات الجنسية: وهي القيام بأي عمل من أعمال الجنس التي تخدش الحياء والخلق والدين، وتعد من الخصوصيات الشخصية التي يجب عدم مساسها، ويأخذ شكل الكلام، اللمس، والهمس، والموقعة الفعلية.
العنف الجندري: هو العنف القائم على الأدوار الاجتماعية التي يشكلها المجتمع بناء على الدور البيولوجي لكل من الجنسين، معتمدا على منظومة من القيم والعادات والتقاليد التي تؤدي إلى عدم المساواة القائمة على أساس الجنس البيولوجي.
العنف المجتمعي: وهو يعني الأفعال الموجهة للمرأة العاملة من أبناء المجتمع على شكل اتهامات أو تحريض أو عدم تقبل لدورها الوظيفي.
انتهاك الحقوق القانونية للمرأة العاملة: هو القيام بأي عمل أو فعل يخالف القوانين الصادرة في قانون العمل .
الإطار النظري
1- تغير دور المرأة عبر التاريخ
كانت المرأة في النظام المشاعي تقف جنبا إلى جنب مع الرجل في السعي من أجل القوت . وقد اكتسبت بفضل الدور الحاسم الذي تلعبه في الحياة من المزايا والحقوق ما لم تشهده في المراحل التاريخية اللاحقة كافة . ومن هنا فقد أطلق على هذه المجتمعات (الأموية ) نظرا لسيادة النظام الأموي الذي يمنح المرأة حق الوراثة ونسب الأبناء.
ومن الجدير أن نشير إلى أن انتهاء الانتساب للأم هو الهزيمة التاريخية العالمية للجنس النسائي , فقد سيطر الرجل على السلطة في المنزل وانخفض شأن المرأة وأصبحت عبدة لشهوة الرجل والة لتربية الأطفال .
والسؤال الذي يطرح علينا بإلحاح كيف وصلت المرأة إلى هذا الوضع ؟ إن هذه الوضعية التي الت إليها المرأة نتاج تطورات معينة حدثت مع نشأة الملكية الخاصة والدولة والأسرة.
فمع زيادة الإنتاج ونموه نشأ أول شكل لتقسيم العمل ،وظهر نظام التبادل الذي أدى إلى نشوء الملكية الخاصة فشهد التاريخ الإنساني بذلك أول شكل من أشكال المجتمعات الطبقية .ومع نشأة نظام تقسيم العمل بدأ دور الرجل يزداد أهمية فتولى الحكم سواء داخل البيت أو خارجه وتجردت المرأة من الحقوق التي كانت تتمتع بها في ظل النظام العشائري وانحطت مكانتها وتحولت إلى مجرد سلعة وأداة للمنفعة .فالزواج كما يرى (انجلز) لم يظهر في التاريخ بكونه توافقا بين الرجل والمرأة،بل على العكس بكونه خضوعا من جنس لجنس اخر .
يقول انجلز : ( إن التقسيم الأول للعمل هو تقسيمه بين الرجل والمرأة من أجل تربية الأطفال .وإن أول صراع طبقي ظهر في التاريخ كان بين الرجل والمرأة في ظل الزواج).
وتشدد( الكسندرة كولونتاي) أيضا على عاملين اثنين كان لهما أبلغ الأثر في تعميق اضطهاد المرأة من خلال إبعادها عن دائرة العمل المنتج .
العامل الأول: تقسيم العمل الذي قام على تمايز الجنسين فيزيولوجيا .
العامل الثاني: ظهور الملكية الخاصة الذي ترتب عليه انفصال الاقتصاد
العائلي عن الاقتصاد القبلي ، هذا الذي تميز بطابعه الجماعي وتجانسه
وتحرص ( الكسندرة كولونتاي) على توضيح حقيقة ما كانت لتؤدي إلى استعباد المرأة وتشديد اضطهادها لو لم تكن المرأة قد فقدت مكانتها كمسؤولة أساسية عن تأمين حاجات القبيلة تقول:
(لقد عجل ظهور الملكية الخاصة بسيرورة إبعاد المرأة عن العمل المنتج تلك السيرورة التي كانت قد بدأت فعلا منذ عصر المشاعية البدائية عند مربي الماشية )
( مجلة الفكر العربي , 1980,ص325 )
إنها تربط اضطهاد المرأة بتقسيم العمل أساسا ،هذا التقسيم القائم على تمايز الجنسين أتاح للرجل أن يحتكر كامل العمل المنتج
وترك للمرأة المهام الثانوية وقد تجلى ذلك واضحا بتقسيم العمل داخل الاقتصاد المنزلي إذ احتكر الذكور شتى الأعمال الخارجية فيما حكم على المرأة بأن تصبح أسيرة البيت و المطبخ.
ومع اكتمال تقسيم العمل وتطوره ترسخ خضوع المرأة واشتدت تبعيتها أكثر فأكثر إلى أن الت إلى حالة من العبودية الصارخة.
فمع تطور الأنظمة الطبقية ونشأة المجتمعات الإقطاعية والرأسمالية وتطور علاقات الإنتاج القائمة على الاستغلال اكتسب الرجل المزيد من القوة والسيادة في مقابل التبعية والخضوع الكاملين من جانب المرأة التي استبعدت عن النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحصرت نشاطاتها ا وقدراتها الإنتاجية والإنسانية في الحدود البيولوجية وهي عملية الإنجاب .
وهكذا فإن الدور الملقى على عاتق المرأة كان حتى بداية القرن العشرين دورا تقليديا،تجلى في الحفاظ على التقاليد والدفاع عن التراث الأسري . فدور المرأة الأساسي في كل المجتمعات الأبوية التي نشأت في الشرق والغرب انحصر بالدرجة الأولى في إنجاب الأطفال والقيام بمهام البيت والأعمال المرتبطة به .
وكانت فلسفة هذه المجتمعات تؤكد على هذا الدور بشكل أو باخر وتنتقد بل تنبذ المرأة التي كانت ترفض الإذعان والقبول بهذا الدور التقليدي فأي محاولة للمرأة للخروج عن هذا الدور المنمط اجتماعيا كان يلقى المعارضة والمقاومة العنيفة . ولم تكن المرأة قادرة على كسر هذا الحاجز إلا إذا كانت تتمتع بشيء من القوة المستمدة من الأهل أو الزوج أو الأبناء أما النساء الأخريات فكن في حالة ضياع لأنهن مهيئات منذ الصغر لهذا الدور ويشعرن بالذنب والغربة إن حاولن تغييره ،كما يخشين رد فعل المجتمع على سلوكهن في حالة رفضهن العادات والتقاليد المتعارف عليها.
ولكن مع بداية الستينات من القرن العشرين احتل موضوع المرأة والتنمية حيزا كبيرا من اهتمام أغلب المنظمات الدولية والعربية ،حيث بدأت الخارطة الاجتماعية والاقتصادية لمشاركة المرأة المجتمعية تؤشر بشكل واضح إلى تطورات نحو تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الرجل والمرأة فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة السورية في النشاط الاقتصادي منذ عام /1970/ وحتى أواخر التسعينيات أكثر من (10 % ) وبدأت المرأة تدخل مهنا جديدة كانت سابقا مغلقة , حصرا لصالح الذكور وقد عملت الدول العربية على مراجعة العديد من قوانينها باتجاه ترسيخ حقوق المرأة ومساواتها بالرجل بل أصبحت الدول العربية تعيد النظر ببعض مهامها وأدوارها باتجاه تسهيل مشاركة المرأة بالنشاط المجتمعي من خلال التزامها بتوفير المرتكزات اللازمة للمشاركة.
غير أنه رغم التقدم الحاصل فإن الدول العربية لا تزال تفصلها مسافات واسعة عن هدف تحقيق ديمقراطية فعلية لمشاركة المرأة في التعليم أو قوة العمل أو غيرها من نشاطات المجتمع .
ففي معظم الدول العربية ما زالت نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي أقل من ( 30% ) ، وهي أقل من (10% ) في ثمان دول عربية منها /السعودية ، العراق ، الجزائر
( مجلة العمل العربية , 1971 ,ص25 )
ويجدر أن نشير إلى أنه لم تحسم المسائل الخاصة بحق المرأة العربية في المشاركة التنموية على الصعيد الإيديولوجي .فقد تعددت وجهات النظر وتباينت ، وهذا طبيعي بسبب الاختلاف في الخلفيات الثقافية والحضارية التي ينتمي إليها المفكرون والباحثون . وللأسف فإن معظم الدراسات التي تناولت هذه المشكلة كانت ذات نظرة سطحية لم تبحث في الجذور الأصلية للمشكلة ولم تنطلق من أرضية صلبة . فهي لم تحاول استئصال المرض من جذوره أو كشف الداء الحقيقي قبل وصف العلاج.
2-مشكلات وصعوبات المرأة في العمل :
1- مشقة الجمع بين العمل والواجبات المنزلية والأسرية.
2- عدم تناسب مكان العمل والسكن والمواصلات المنتظمة.
3- عدم وجود حضانات ورياض للأطفال في المرافق أو بالقرب منها أو مناطق السكن وبأسعار مقبولة تتناسب مع دخل المرأة.
4- معاناة بعض النساء من السلوكيات غير المقبولة من قبل الذكور سواء في العمل أو في الطريق من العمل وإليه أو من التحرش بالعاملات في النوبات الليلية أو الأعمال المنزلية ( بالنسبة للعاملات في خدمة المنازل من الشغالات).
5- قساوة ظروف العمل لبعض النساء وخاصة في الأرياف سواء كانت لظروف جغرافية طبيعة أو لطبيعية العمل العضلي للمشتغلات في الزراعة والمصانع وغيرها وان كانت لأعمال محسوبة الأجر.
6- تأثير بعض الأعمال على صحة الأمهات العاملات في بعض القطاعات ومنها الأعمال الكيميائية.
7- التدخل في خصوصيات المرأة من حيث الشكل والملبس والحديث والمواعيد والزيارات من صاحب العمل أو بعض العاملين أو من الأسرة.
8- وهناك مشكلة هامة تؤرق الكثيرات من العاملات وهي مخاوف العنوسة وذلك بسبب النظرة القاصرة تجاه من يعملن والتي مازالت سائدة حتى يومنا هذا وإن خفت حدتها في وقتنا الراهن.
فوزية بامر، حول التشريعات والقوانين المتصلة بعمل المرأة دراسة تحليلية متخصصة.
9-طول ساعات العمل:فطول ساعات العمل هو ما يزعج المرأة العاملة لما تحسه من تقصير دائم في حق أسرتها بسبب غيابها الطويل عنهم وعدم إشرافها عليهم، خصوصا في المراحل الأولى من طفولتهم، حيث يحتاج الطفل إلى رعاية دائمة ومباشرة من قبل أمه. وهذه المشكلة المهمة بالإمكان تجاوزها أو التقليل من سلبياتها بتوفير حضانات وغرف رعاية في أماكن عمل المرأة بأسعار رمزية تغطي احتياجات تشغيلها، وتوظيف حاضنات مدربات للإشراف عليها، لتتمكن المرأة من الاطمئنان على أطفالها وملاحظتهم بين فترة وأخرى، وخصوصا في حالات مرضهم، وقضاء أوقات معهم في فترات الراحة أو الغداء، وهذه خدمة مهمة معمول بها في كثير من الدول المتقدمة التي تهتم بالمرأة وبوضع الأسرة فيها. وما نلاحظه في كثير من المستشفيات والمراكز الصحية أو أي مؤسسة عامة هو غياب غرف الحضانة أو الرعاية في مكان العمل . فسواء قصر وقت العمل أو طال من حق الأم أن تكفل لها مكانا امنا تضع فيه أطفالها وفي مقدرتها الوصول إليه للاطمئنان .
10- دورا لحضانة:وكم سمعنا عن معاملة الأطفال السيئة في الحضانة واعتمادها على موظفين عاديين مع وجود عدد كبير من الأطفال الذين يصعب التحكم بهم إلا عن طريق تخويفهم.
مما يسبب الأثر النفسي على الطفل ، وخاصة إذا كان صغير السن
كما أن عدد الأولاد وأعمارهم ومدى احتياجهم إلى الرعاية كل هذا من شأنه أن يوجد مشاكل ومعوقات للمرأة العاملة مع نفسها لإحساسها الدائم بالتقصير، وتنامي عقدة الذنب لديها لتغيبها عن أبنائها، ومع من هم محيطون بها وما يصاحب ذلك من مشاكل أخرى مثل ترك الأولاد وعدم القدرة المادية لتامين الخادمات بأجور معقولة تتناسب مع الدخول المادية للشرائح المختلفة من أفراد المجتمع. فلو قمنا بعمل دراسات ميدانية عن أسباب تغيب المرأة المفاجئ عن العمل لوجدنا معظمها ينحصر في مرض الأطفال وهروب الخادمات أو عدم ثقة المرأة العاملة بهن.
من مشكلات المرأة العاملة:نظرة المجتمع وجمود الأنظمة...الرجل!
د.شروق الفواز A:\الحزب الشيوعي السوري - صحيفة صوت الشباب.htm
3-الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل :
أولا: على الصعيد الاجتماعي
عندما نشير إلى المشكلات الاجتماعيةفاننانقصد تلك العوائق والصعوبات التي تعترض لهالمراة العاملة كونها زوجة وأم وربة منزل أي أنها مسؤولةعن اسرتهاوعملها في واحد لهذا فان عملية التوفيق مابين المهمتين (الأسرة والعمل) تخلق عندها تغيرات كثيرة*
سيكولوجية المرأة العاملة د0سليم نعامة
هناك اثارا سلبية عظيمة لخروج المرأة من منزلها إلى العمل خارج منزلها ، ويمكن أن نقسم تلك الاثار كما يلي :
أ- الاثار السلبية على الطفل :وأبرز تلك الاثار
1- فقدان الطفل للرعاية والحنان
2- وعدم وجود من يشكي له الطفل همومه ،
3-عدم وجود من يوجه الطفل إلى الطريق الصحيح ، ويبين له الصواب من الخطأ
4-كما أن فيه تعليما للطفل على الاتكالية نظرا لوجود الخادمات
5- وإلى ضعف بنية الطفل –إذا كان رضيعا.
6- إضافة إلى المشاكل التي تحدث عند رجوع المرأة متعبة من عملها كالضرب للأطفال ، وتوبيخهم ، والصراخ عليهم ، مما يسبب الأثر النفسي على الطفل ، وخاصة إذا كان صغير السن.
7- إضافة إلى الأضرار الأخلاقية والعادات السيئة التي يكتسبها من وجود الخادمات وعدم وجود الرقيب الحازم عنده ، وبالتالي حرمان الأمة من المواطن الصالح النافع للأمة تمام النفع .
[7] انظر: 1- وهبي سليمان الألباني . المرأة المسلمة ، صفحة 228 .
ب- الاثار السلبية لعمل المرأة على زوجها
يظل الزوج هو النقطة الأساسية والمحورية في ظروف المرأة الأسرية فمتى ما كان الزوج متعاونا ومتفهما لظروف زوجته وواجباتها في العمل انحلت معظم المشاكل وزالت الصعوبات وخفت معها المسؤوليات. أما إذا كان الزوج غير متقبل لفكرة عمل المرأة ولطبيعة عملها وغيابها عن البيت لساعات معينة، فإن ذلك سيخلق مشاكل كثيرة لا حصر لها في البيت ستنعكس بالتالي على عملها وأدائها له، كما أنه في بعض الأحيان قد يتطور بها إلى تهديد استقرار حياتها الزوجية والأسرية وربما يقودها إلى اضطرابات نفسية وعقلية قد تنتهي بها إذا ما تطورت الأمور ولم تحسم في بدايتها وتبحث بشكل عقلاني إلى الطلاق الذي يقود المرأة إلى مشاكل وتداعيات أخرى تؤثر في كفاءتها في العمل وتزيد المهام المالية والاجتماعية عليها بما يقد يتبع ذلك من صراع حول حضانة الأولاد والإنفاق عليهم، وغيرها من المشاكل التي تضعف من قدرة المرأة على العطاء، وتجعلها أكثر عرضة للفشل وفريسة سهلة للأمراض العضوية والنفسية.***
فعملها له اثار نفسية سيئة على زوجها ، خاصة إذا كان يجلس في البيت لوحده ، كما أنه يفتح بابا للظنون السيئة بين الزوجين ، وأن كل واحد منهما قد يخون الاخر ، كما أن عملها قد يسبب التقصير في جانب الزوج وتحقيق السكن إليه ، وإشباع رغباته ، الأمر الذي يشكل خطرا على استمرار العلاقة الزوجية بينهما ، ولعل هذا يفسر ارتفاع نسبة الطلاق بين الزوجين العاملين [7] .
يقول هشام الشرابي:»لا أبالغ في قولي أنه من المفجع أن يولد الإنسان أنثى في مجتمعنا ،إنني لا أعرف مجتمعا في العالم –حتى المجتمعات البدائية –وضع الأنثى فيه مثل وضعها في المجتمع العربي ومهما حاولنا إخفاء هذا الوضع أو تبريره فالحقيقة بارزة أمامنا وهي تصفعنا كل يوم«
( الشرابي , 1981 , ص8)
ولا يمكن لمجتمعنا العربي أن يواجه تحديات العصر ويساير ركب التطور والتحديث مادامت المرأة العربية في وضعها الراهن وذلك لأنها صانعة الإنسان العربي ،وطالما أن المرأة العربية لم تتغير بعد ولم تتغير نظرة المجتمع الدونية عليها وعلى دورها في التنمية الشاملة ، فالإنسان العربي غير قابل لمواكبة التطور الحضاري الذي يشهده عصر العولمة وتهميش الحضارات .
إن المرأة على مر العصور وقفت في قفص الاتهام دون جريمة تذكر،إلا كونها أنثى،والقاضي بجميع الأحوال هو الرجل الذي أهدر حقوقها بدعوة تفوقه عليها .
فلقد تعرضت المرأة عبر التاريخ إلى ظلم مزدوج،فمن جهة الظلم الواقع على الطبقات الدنيا وعلى المجتمع كله الظلم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الاستغلال والاستلاب ،ومن جهة أخرى ظلم الرجل المباشر الذي استطاع من خلال الظروف أن يكون الامر الناهي والسيد المطاع ،له كل الحقوق وعليها كل الواجبات،وصار تاريخ المرأة فعلا هو تاريخ اضطهادها كما قال (بيبل ) .
( العودات , 1996 ,ص23 )
وكان المجتمع خلال حقبات التاريخ يجد المبررات الأخلاقية والقانونية ليظلم المرأة،فتارة هي الشيطان، أو أخت إبليس وطورا هي الغاوية وذات المكيدة التي لا يؤمن جانبها، وغير ذلك من النعوت التي تبرر للرجل والمجتمع أن يلحقا الحيف بها ويهمشانها ويستغلانها ويستعبدانها .
يقول اوغستين: ( المرأة بوابة الشيطان, و طريق الشر , ولدغة الحية , و في كلمة موجزة المرأة موضوع خطير )
فاليونانيون كانوا في أوج حضارتهم ينظرون إلى المرأة نظرة ازدراء و احتقار و يعدونها تابعة للرجل ، ولا تسهم بشيء في الحياة الاقتصادية أو السياسية أو الثقافية للمدينة ، وباستثناء الحالات النادرة جدا المتعلقة ببقايا الترف والمحظيات ، تبقى القاعدة العامة التي صاغها سقراط نفسه: (للرجال السياسة وللنساء البيت ) .
(غارودي , 1982 .ص26 )
وينحصر دور الزوجة بإنجاب الأطفال و إمتاع الرجل وإدارة عالم مغلق . ولم تكن مكانة المرأة عند الرومان بأحسن جال مما كانت عليه عند اليونانيين حيث كانت كما مهملا وفي منزلة أدنى من الرجل الذي عد سيدا لها.
( زهري ,1984 ,ص47 )
أما العرب في الجاهلية فكانوا يحكمون عليها بالوأد منذ اللحظة الأولى التي تطأ قدماها عالم الوجود الكوني.
تقول سيمون ده بوفوار: (إننا لا نولد نساء أو رجالا ، وإنما نصير كذلك أثناء عملية النمو ،فإن النظم الثقافية والقيم الحضارية في المجتمع تؤثر في نسائنا ، وهي التي تحدد الأوضاع النفسية بالنسبة للجنسين وهي التي ترسم أنماط السلوك لكل منهما ).
( مجلة العلم و المجتمع ,1971 ,ص25 )
تعود أهمية البحث إلى ما تتعرض له المرأة العاملة من مشكلات
ومعوقات أثناء قيامها بعملها و في طريقها إليه وإبراز الظواهر السلبية التي لا تزال تعيق عملية تقدم المرأة العاملة و الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل على أطفالها وعلى زوجها وعلى المرأة نقسها ومدى وعيها لحقوقها وقضاياها ،والضغوط النفسية والاجتماعية والحوادث التي تتعرض لها أثناء العمل والى أشكال التمييز الجنسي في العمل وعدم امتلاكها لقرارها وتبعتها للرجل و نظرة التخلف وجمود الأنظمة الموجه ضد المرأة العاملة من صاحب العمل والأسرة والمجتمع
مشكلة البحث :
تكمن مشكلة البحث في طبيعة العمل المزدوج للمرأة العاملة داخل المنزل وخارجه وما يترتب عليه من نتائج مختلفة فالمرأة العاملة حتى وقتنا الحاضر ما زالت تمارس عملا مزدوجا ، فلم يترافق عمل المرأة خارج المنزل بتخفيف الأعباء المنزلية عنها كما يجب الأمر الذي يؤدي إلى إرهاق المرأة العاملة جسديا واضطرابها نفسيا وينعكس ذلك سلبيا عليها وعلى أطفالها وزوجها وعلى الأسرة بشكل عام .
وهذه المشكلة لم تلق الاهتمام الكاف من قبل الباحثين الاجتماعيين ولهذا أجد من الضروري تسليط الضوء على هذه المشكلة وما يترتب عليها من نتائج سلبية, هادفا الوصول إلى بعض المقترحات والحلول التي يمكن أن تسهم في حل هذه المشكلة .
فعلى الرغم من ممارسة المرأة لحقها في العمل إلا أن النظرة لها كأنثى لم تتغير، وأصبحت تدفع ثمن أنوثتها في كل أدوارها الاجتماعية، فقد تعرضت المرأة العاملة للعديد من مظاهر العنف الموجه لها من صاحب العمل والأسرة والمجتمع، بأشكال ومظاهر مختلفة سوف تقف الدراسة عند حدودها، إذ مازالت المرأة تعاني تمييزا كبيرا على أساس النوع في حصولها على الفرص الاقتصادية وتمكينها الفعلي اقتصاديا،، ففي معظم مناطق العالم لا تزال المرأة محرومة من التحكم في صنع القرار أو المشاركة على المستوى الرأسمالي والقروض والملكية والتكنولوجيا.
أهداف البحث :
يهدف البحث للتعرف على :
1- تغير دور المرأة عبر التاريخ
2-مشكلات وصعوبات المرأة في العمل
3-الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل :
أولا:على صعيد الاجتماعي:
أ- الاثار السلبية على الطفل
ب- الاثار السلبية لعمل المرأة على زوجها
ج-تأثير الوالدين في عمل المرأة
ثانيا:على الصعيد النفسي
أ- الاثار السلبية لعمل المرأة على نفسها :
ب- السلبيات المرتبطة بعمل المرأة من الناحية النفسية
ج- وما هي الاضطرابات النفسية التي تتعرض لها
4- التمييز تجاه المرأة
5- التحرش الجنسي بالمرأة العربية العاملة
6- المرأة في سورية
7- استغلال المرأة العاملة
8- ظاهرة العنف ضد المرأة
التعريفات الإجرائية :
العنف: هو كل فعل قائم على أساس الجنس يترتب عليه أو من المحتمل أن يترتب عليه أذى بدني أو نفسي أو جنسي أو قانوني أو اقتصادي للمرأة.
العنف ضد المرأة العاملة (الوظيفي): هو العنف الموجه للمرأة العاملة من صاحب العمل ورب الأسرة والمجتمع والذي يقوم على أساس التمييز الجنسي وعدم المساواة والعدل في الحقوق والواجبات ويترتب عليه أذى بدني ونفسي وجنسي وقانوني واقتصادي للمرأة.
التحرشات الجنسية: وهي القيام بأي عمل من أعمال الجنس التي تخدش الحياء والخلق والدين، وتعد من الخصوصيات الشخصية التي يجب عدم مساسها، ويأخذ شكل الكلام، اللمس، والهمس، والموقعة الفعلية.
العنف الجندري: هو العنف القائم على الأدوار الاجتماعية التي يشكلها المجتمع بناء على الدور البيولوجي لكل من الجنسين، معتمدا على منظومة من القيم والعادات والتقاليد التي تؤدي إلى عدم المساواة القائمة على أساس الجنس البيولوجي.
العنف المجتمعي: وهو يعني الأفعال الموجهة للمرأة العاملة من أبناء المجتمع على شكل اتهامات أو تحريض أو عدم تقبل لدورها الوظيفي.
انتهاك الحقوق القانونية للمرأة العاملة: هو القيام بأي عمل أو فعل يخالف القوانين الصادرة في قانون العمل .
الإطار النظري
1- تغير دور المرأة عبر التاريخ
كانت المرأة في النظام المشاعي تقف جنبا إلى جنب مع الرجل في السعي من أجل القوت . وقد اكتسبت بفضل الدور الحاسم الذي تلعبه في الحياة من المزايا والحقوق ما لم تشهده في المراحل التاريخية اللاحقة كافة . ومن هنا فقد أطلق على هذه المجتمعات (الأموية ) نظرا لسيادة النظام الأموي الذي يمنح المرأة حق الوراثة ونسب الأبناء.
ومن الجدير أن نشير إلى أن انتهاء الانتساب للأم هو الهزيمة التاريخية العالمية للجنس النسائي , فقد سيطر الرجل على السلطة في المنزل وانخفض شأن المرأة وأصبحت عبدة لشهوة الرجل والة لتربية الأطفال .
والسؤال الذي يطرح علينا بإلحاح كيف وصلت المرأة إلى هذا الوضع ؟ إن هذه الوضعية التي الت إليها المرأة نتاج تطورات معينة حدثت مع نشأة الملكية الخاصة والدولة والأسرة.
فمع زيادة الإنتاج ونموه نشأ أول شكل لتقسيم العمل ،وظهر نظام التبادل الذي أدى إلى نشوء الملكية الخاصة فشهد التاريخ الإنساني بذلك أول شكل من أشكال المجتمعات الطبقية .ومع نشأة نظام تقسيم العمل بدأ دور الرجل يزداد أهمية فتولى الحكم سواء داخل البيت أو خارجه وتجردت المرأة من الحقوق التي كانت تتمتع بها في ظل النظام العشائري وانحطت مكانتها وتحولت إلى مجرد سلعة وأداة للمنفعة .فالزواج كما يرى (انجلز) لم يظهر في التاريخ بكونه توافقا بين الرجل والمرأة،بل على العكس بكونه خضوعا من جنس لجنس اخر .
يقول انجلز : ( إن التقسيم الأول للعمل هو تقسيمه بين الرجل والمرأة من أجل تربية الأطفال .وإن أول صراع طبقي ظهر في التاريخ كان بين الرجل والمرأة في ظل الزواج).
وتشدد( الكسندرة كولونتاي) أيضا على عاملين اثنين كان لهما أبلغ الأثر في تعميق اضطهاد المرأة من خلال إبعادها عن دائرة العمل المنتج .
العامل الأول: تقسيم العمل الذي قام على تمايز الجنسين فيزيولوجيا .
العامل الثاني: ظهور الملكية الخاصة الذي ترتب عليه انفصال الاقتصاد
العائلي عن الاقتصاد القبلي ، هذا الذي تميز بطابعه الجماعي وتجانسه
وتحرص ( الكسندرة كولونتاي) على توضيح حقيقة ما كانت لتؤدي إلى استعباد المرأة وتشديد اضطهادها لو لم تكن المرأة قد فقدت مكانتها كمسؤولة أساسية عن تأمين حاجات القبيلة تقول:
(لقد عجل ظهور الملكية الخاصة بسيرورة إبعاد المرأة عن العمل المنتج تلك السيرورة التي كانت قد بدأت فعلا منذ عصر المشاعية البدائية عند مربي الماشية )
( مجلة الفكر العربي , 1980,ص325 )
إنها تربط اضطهاد المرأة بتقسيم العمل أساسا ،هذا التقسيم القائم على تمايز الجنسين أتاح للرجل أن يحتكر كامل العمل المنتج
وترك للمرأة المهام الثانوية وقد تجلى ذلك واضحا بتقسيم العمل داخل الاقتصاد المنزلي إذ احتكر الذكور شتى الأعمال الخارجية فيما حكم على المرأة بأن تصبح أسيرة البيت و المطبخ.
ومع اكتمال تقسيم العمل وتطوره ترسخ خضوع المرأة واشتدت تبعيتها أكثر فأكثر إلى أن الت إلى حالة من العبودية الصارخة.
فمع تطور الأنظمة الطبقية ونشأة المجتمعات الإقطاعية والرأسمالية وتطور علاقات الإنتاج القائمة على الاستغلال اكتسب الرجل المزيد من القوة والسيادة في مقابل التبعية والخضوع الكاملين من جانب المرأة التي استبعدت عن النشاطات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وحصرت نشاطاتها ا وقدراتها الإنتاجية والإنسانية في الحدود البيولوجية وهي عملية الإنجاب .
وهكذا فإن الدور الملقى على عاتق المرأة كان حتى بداية القرن العشرين دورا تقليديا،تجلى في الحفاظ على التقاليد والدفاع عن التراث الأسري . فدور المرأة الأساسي في كل المجتمعات الأبوية التي نشأت في الشرق والغرب انحصر بالدرجة الأولى في إنجاب الأطفال والقيام بمهام البيت والأعمال المرتبطة به .
وكانت فلسفة هذه المجتمعات تؤكد على هذا الدور بشكل أو باخر وتنتقد بل تنبذ المرأة التي كانت ترفض الإذعان والقبول بهذا الدور التقليدي فأي محاولة للمرأة للخروج عن هذا الدور المنمط اجتماعيا كان يلقى المعارضة والمقاومة العنيفة . ولم تكن المرأة قادرة على كسر هذا الحاجز إلا إذا كانت تتمتع بشيء من القوة المستمدة من الأهل أو الزوج أو الأبناء أما النساء الأخريات فكن في حالة ضياع لأنهن مهيئات منذ الصغر لهذا الدور ويشعرن بالذنب والغربة إن حاولن تغييره ،كما يخشين رد فعل المجتمع على سلوكهن في حالة رفضهن العادات والتقاليد المتعارف عليها.
ولكن مع بداية الستينات من القرن العشرين احتل موضوع المرأة والتنمية حيزا كبيرا من اهتمام أغلب المنظمات الدولية والعربية ،حيث بدأت الخارطة الاجتماعية والاقتصادية لمشاركة المرأة المجتمعية تؤشر بشكل واضح إلى تطورات نحو تحقيق قدر أكبر من المساواة بين الرجل والمرأة فقد ارتفعت نسبة مشاركة المرأة السورية في النشاط الاقتصادي منذ عام /1970/ وحتى أواخر التسعينيات أكثر من (10 % ) وبدأت المرأة تدخل مهنا جديدة كانت سابقا مغلقة , حصرا لصالح الذكور وقد عملت الدول العربية على مراجعة العديد من قوانينها باتجاه ترسيخ حقوق المرأة ومساواتها بالرجل بل أصبحت الدول العربية تعيد النظر ببعض مهامها وأدوارها باتجاه تسهيل مشاركة المرأة بالنشاط المجتمعي من خلال التزامها بتوفير المرتكزات اللازمة للمشاركة.
غير أنه رغم التقدم الحاصل فإن الدول العربية لا تزال تفصلها مسافات واسعة عن هدف تحقيق ديمقراطية فعلية لمشاركة المرأة في التعليم أو قوة العمل أو غيرها من نشاطات المجتمع .
ففي معظم الدول العربية ما زالت نسبة مشاركة المرأة في النشاط الاقتصادي أقل من ( 30% ) ، وهي أقل من (10% ) في ثمان دول عربية منها /السعودية ، العراق ، الجزائر
( مجلة العمل العربية , 1971 ,ص25 )
ويجدر أن نشير إلى أنه لم تحسم المسائل الخاصة بحق المرأة العربية في المشاركة التنموية على الصعيد الإيديولوجي .فقد تعددت وجهات النظر وتباينت ، وهذا طبيعي بسبب الاختلاف في الخلفيات الثقافية والحضارية التي ينتمي إليها المفكرون والباحثون . وللأسف فإن معظم الدراسات التي تناولت هذه المشكلة كانت ذات نظرة سطحية لم تبحث في الجذور الأصلية للمشكلة ولم تنطلق من أرضية صلبة . فهي لم تحاول استئصال المرض من جذوره أو كشف الداء الحقيقي قبل وصف العلاج.
2-مشكلات وصعوبات المرأة في العمل :
1- مشقة الجمع بين العمل والواجبات المنزلية والأسرية.
2- عدم تناسب مكان العمل والسكن والمواصلات المنتظمة.
3- عدم وجود حضانات ورياض للأطفال في المرافق أو بالقرب منها أو مناطق السكن وبأسعار مقبولة تتناسب مع دخل المرأة.
4- معاناة بعض النساء من السلوكيات غير المقبولة من قبل الذكور سواء في العمل أو في الطريق من العمل وإليه أو من التحرش بالعاملات في النوبات الليلية أو الأعمال المنزلية ( بالنسبة للعاملات في خدمة المنازل من الشغالات).
5- قساوة ظروف العمل لبعض النساء وخاصة في الأرياف سواء كانت لظروف جغرافية طبيعة أو لطبيعية العمل العضلي للمشتغلات في الزراعة والمصانع وغيرها وان كانت لأعمال محسوبة الأجر.
6- تأثير بعض الأعمال على صحة الأمهات العاملات في بعض القطاعات ومنها الأعمال الكيميائية.
7- التدخل في خصوصيات المرأة من حيث الشكل والملبس والحديث والمواعيد والزيارات من صاحب العمل أو بعض العاملين أو من الأسرة.
8- وهناك مشكلة هامة تؤرق الكثيرات من العاملات وهي مخاوف العنوسة وذلك بسبب النظرة القاصرة تجاه من يعملن والتي مازالت سائدة حتى يومنا هذا وإن خفت حدتها في وقتنا الراهن.
فوزية بامر، حول التشريعات والقوانين المتصلة بعمل المرأة دراسة تحليلية متخصصة.
9-طول ساعات العمل:فطول ساعات العمل هو ما يزعج المرأة العاملة لما تحسه من تقصير دائم في حق أسرتها بسبب غيابها الطويل عنهم وعدم إشرافها عليهم، خصوصا في المراحل الأولى من طفولتهم، حيث يحتاج الطفل إلى رعاية دائمة ومباشرة من قبل أمه. وهذه المشكلة المهمة بالإمكان تجاوزها أو التقليل من سلبياتها بتوفير حضانات وغرف رعاية في أماكن عمل المرأة بأسعار رمزية تغطي احتياجات تشغيلها، وتوظيف حاضنات مدربات للإشراف عليها، لتتمكن المرأة من الاطمئنان على أطفالها وملاحظتهم بين فترة وأخرى، وخصوصا في حالات مرضهم، وقضاء أوقات معهم في فترات الراحة أو الغداء، وهذه خدمة مهمة معمول بها في كثير من الدول المتقدمة التي تهتم بالمرأة وبوضع الأسرة فيها. وما نلاحظه في كثير من المستشفيات والمراكز الصحية أو أي مؤسسة عامة هو غياب غرف الحضانة أو الرعاية في مكان العمل . فسواء قصر وقت العمل أو طال من حق الأم أن تكفل لها مكانا امنا تضع فيه أطفالها وفي مقدرتها الوصول إليه للاطمئنان .
10- دورا لحضانة:وكم سمعنا عن معاملة الأطفال السيئة في الحضانة واعتمادها على موظفين عاديين مع وجود عدد كبير من الأطفال الذين يصعب التحكم بهم إلا عن طريق تخويفهم.
مما يسبب الأثر النفسي على الطفل ، وخاصة إذا كان صغير السن
كما أن عدد الأولاد وأعمارهم ومدى احتياجهم إلى الرعاية كل هذا من شأنه أن يوجد مشاكل ومعوقات للمرأة العاملة مع نفسها لإحساسها الدائم بالتقصير، وتنامي عقدة الذنب لديها لتغيبها عن أبنائها، ومع من هم محيطون بها وما يصاحب ذلك من مشاكل أخرى مثل ترك الأولاد وعدم القدرة المادية لتامين الخادمات بأجور معقولة تتناسب مع الدخول المادية للشرائح المختلفة من أفراد المجتمع. فلو قمنا بعمل دراسات ميدانية عن أسباب تغيب المرأة المفاجئ عن العمل لوجدنا معظمها ينحصر في مرض الأطفال وهروب الخادمات أو عدم ثقة المرأة العاملة بهن.
من مشكلات المرأة العاملة:نظرة المجتمع وجمود الأنظمة...الرجل!
د.شروق الفواز A:\الحزب الشيوعي السوري - صحيفة صوت الشباب.htm
3-الاثار السلبية لخروج المرأة إلى العمل :
أولا: على الصعيد الاجتماعي
عندما نشير إلى المشكلات الاجتماعيةفاننانقصد تلك العوائق والصعوبات التي تعترض لهالمراة العاملة كونها زوجة وأم وربة منزل أي أنها مسؤولةعن اسرتهاوعملها في واحد لهذا فان عملية التوفيق مابين المهمتين (الأسرة والعمل) تخلق عندها تغيرات كثيرة*
سيكولوجية المرأة العاملة د0سليم نعامة
هناك اثارا سلبية عظيمة لخروج المرأة من منزلها إلى العمل خارج منزلها ، ويمكن أن نقسم تلك الاثار كما يلي :
أ- الاثار السلبية على الطفل :وأبرز تلك الاثار
1- فقدان الطفل للرعاية والحنان
2- وعدم وجود من يشكي له الطفل همومه ،
3-عدم وجود من يوجه الطفل إلى الطريق الصحيح ، ويبين له الصواب من الخطأ
4-كما أن فيه تعليما للطفل على الاتكالية نظرا لوجود الخادمات
5- وإلى ضعف بنية الطفل –إذا كان رضيعا.
6- إضافة إلى المشاكل التي تحدث عند رجوع المرأة متعبة من عملها كالضرب للأطفال ، وتوبيخهم ، والصراخ عليهم ، مما يسبب الأثر النفسي على الطفل ، وخاصة إذا كان صغير السن.
7- إضافة إلى الأضرار الأخلاقية والعادات السيئة التي يكتسبها من وجود الخادمات وعدم وجود الرقيب الحازم عنده ، وبالتالي حرمان الأمة من المواطن الصالح النافع للأمة تمام النفع .
[7] انظر: 1- وهبي سليمان الألباني . المرأة المسلمة ، صفحة 228 .
ب- الاثار السلبية لعمل المرأة على زوجها
يظل الزوج هو النقطة الأساسية والمحورية في ظروف المرأة الأسرية فمتى ما كان الزوج متعاونا ومتفهما لظروف زوجته وواجباتها في العمل انحلت معظم المشاكل وزالت الصعوبات وخفت معها المسؤوليات. أما إذا كان الزوج غير متقبل لفكرة عمل المرأة ولطبيعة عملها وغيابها عن البيت لساعات معينة، فإن ذلك سيخلق مشاكل كثيرة لا حصر لها في البيت ستنعكس بالتالي على عملها وأدائها له، كما أنه في بعض الأحيان قد يتطور بها إلى تهديد استقرار حياتها الزوجية والأسرية وربما يقودها إلى اضطرابات نفسية وعقلية قد تنتهي بها إذا ما تطورت الأمور ولم تحسم في بدايتها وتبحث بشكل عقلاني إلى الطلاق الذي يقود المرأة إلى مشاكل وتداعيات أخرى تؤثر في كفاءتها في العمل وتزيد المهام المالية والاجتماعية عليها بما يقد يتبع ذلك من صراع حول حضانة الأولاد والإنفاق عليهم، وغيرها من المشاكل التي تضعف من قدرة المرأة على العطاء، وتجعلها أكثر عرضة للفشل وفريسة سهلة للأمراض العضوية والنفسية.***
فعملها له اثار نفسية سيئة على زوجها ، خاصة إذا كان يجلس في البيت لوحده ، كما أنه يفتح بابا للظنون السيئة بين الزوجين ، وأن كل واحد منهما قد يخون الاخر ، كما أن عملها قد يسبب التقصير في جانب الزوج وتحقيق السكن إليه ، وإشباع رغباته ، الأمر الذي يشكل خطرا على استمرار العلاقة الزوجية بينهما ، ولعل هذا يفسر ارتفاع نسبة الطلاق بين الزوجين العاملين [7] .
تعليق