دقت الساعة الواحدة بعد منتصف الليل وقد بدى منزل تويستر كمنزل للأشباح ...الظلام يلف كل أرجاء المكان ..والسكوت المخيف يعم كل زاوية من زاوياه..جميع اليتامى نائمون إلا واحدا فتى الحادية عشر عاما "هنري ايفالين",كان ضوء القمر ينعكس من النافذة على عينيه فقد كان سريره يقابل النافذة تماما وبالرغم من ذلك فقد بدى مرتاحا فهو معتاد على السهر طويلا وفي نفس الوقت يستيقظ باكرا ..ولم تكن هذه الليلة مختلفة عن سابقاتها القمر مكتمل والسماء صافية ..بقي هنري ينضر الى السقف لبرهة ثم حرك رأسه باتجاه سرير تحت النافذة .. ثم تنهد وقال :" .. مارك أعرف أنك مستيقظ ما الأمر ؟؟ .."
كان مارك فتى في العاشرة أشقر قصير القامة ...كثير الحركة و الكلام ..ثم خرج من تحت الغطاء و جلس بجانب هنري و قال بعد أن أخرج زفرة طويلة :" اشعر بالملل ...وماذا عنك؟؟ ",, عندها نهض هنري و أجابه قائلا :" ....وأنا مثلك...."
فوقف مارك واتجه نجو النافدة ثم قال :" لقد أرسلونا الى النوم مبكرا اليوم أيضا .."
....هذا لأن جورجيا وادوارد لم يعودا بعد ...
...أليس من المفترض أن يعودا اليوم؟؟..
فضحك هنري ضحكة خفيفة ثم قال:" ..لماذا هل اشتقت اليهم يا مارك .."
"...ليس الأمر هكذا ولكن عليك أن تعترف حتى طعام جورجيا أفضل من الذي يقدم لنا الان.. "
"..أنت محق في هذا .. لقد حل الظلام الان ولن يعودو حتى صباح الغد .."
فابتسم مارك ابتسامة خبيثة يعرف هنري معناها جيدا و قال :"..لقد مللت لنخررج ولنصطد بعض اليراعات .."
فقفز هنري من السرير استعدادا للخروج ولكنه قبل ذلك أخرج شيئا من تحت السرير ووضعه في جيبه , وقد نظر اليه مارك باستغراب وقال له :" ما الأمر لا أظن أنك بحاجة الى ذلك الخنجر.." , ولكن هنري لم يرد عليه و خرجا.
تسلل الاثنان من المنزل بهدوء وابتعدا حتى وصلا إلى وسط الغابة ..ثم رمى مارك بنفسه فوق الأرض و قال بصوت يشوبه الكسل :" ...لقد مشينا طويلا ولم نصطد يرعة واحدة .."
".. فلنبحث مرة ثانية .."
عندها قال مارك بصوت مرتفع:".. ولكن لأين؟؟.. لقد ابتعدنا كثيرا ..و ..:
وفجأة توقف عن الكلام لأن هنري وضع يده على فم مارك و قد لمعت عيناه الخضراوتان حتى بدى كالقط و قال بصوت خافت :".. انظر الى هناك .."
كان هنالك عربة وبجانبها ثلاثة رجال ,اثنان منهم يحملان خناجر والاخر يحمل مسدسا , وقد بدو أنهم ينتصرون شيئا ما , ثم قال مارك بصوت خافت حذر:".. هل هم تجار ؟؟.."
أما هنري فقد اقترب اليهم أكثر وراقبهم من وراء الشجرة ثم عاد الى هنري و قال بنبرة يشوبها يعض القلق :" ..كلا الأغلب أنهم قطاع طرق .."
"..ماذا ؟؟...هذه مشكلة هيا لنبتعد من هنا بسرعة .."
"...أنت محق هيا بنا لنبتعد من هنا .."
ولكن قبل أن يغادرا ..توقف هنري فجأة و بقي متسمرا في مكانه ..فالتفت اليه مارك ثانية و قال :"...ما الأمر لمادا توقفت ؟؟.."
"...إنها ...إنها عربة إدوارد وجورجيا .. إنها تذهب في اتجاه قطاع الطرق .."
كانت العربة تسير بهدوء..و فعلا لاحضها قطاع الطرق و أوقفوها عندها نزل ادوارد و جورجيا وقد كان الخوف و التوتر واضحا على كليهما ..قفد كانت جورجيا امرأة في الثلاثينيات أما ادوارد فقد كان في الستينيات و لم يكن قادرا حتى على حماية نفسه , أما هنري ومارك فقد كانا يراقبان من بعيد ,ثم قال مارك بصوت يشوبه القلق :",,مادا نفعل ؟؟...هنري تكلم ..", أما هنري فقد بقي جامدا وهو لا يدري مالذي يفعله ..
ثم قال ادوارد بصوت جاد حذر :"... ماذا تريدون تكلموا ؟؟..."
فضحك الرجال الثلاثة وقال صاحب المسدس :"..ماذا تظن سنأخذ العرية ومافيها ..:, ظ أماء الى مساعديه فبدءا بتفتيشها ثم قال أحدهما بنبرة ساخرة :"...الكثير من الغنائم اليوم ..طعام كثير و الكثير من الأقمشة .."
فابتسم صاحب المسدس ثم نظر إلى إدوارد وبدى أنه يستعد لإطلاق النار عليه , وانطليقت صرخة مدوية لجورجيا ,, ولكنه قبل أن يطلق النار قال أحد مساعديه موجها اصبعه الى وسط الغابة :"... حريق .. من جهة عربتنا اسرعوا ..."
عندها ركض الثلاثة الى جهة الغابة تاركين وراءهم ادوارو و جورجيا ..أما مارك فقد وضع يده على كتف هنري وأشار الى عربة قطاع الطرق و قال :"...لقد اشتعلت النيران ... يا لها من مصادفة ..:,وقبل أن يكمل كلامه قاطعه هنري قائلا :"...هنالك ولد زراء العربة لابد أنه هو من أشعل النار ...."
مارك :"... يا الاهي لقد رأوه .."
فبقي هنري واقفا ثم نضر الى مارك فجأة وقال بصوت أكثر جدية :"..اذهب الى ادوارد و جورجيا و أخبرهم أن يبتعدوا .. بسرعة .."
" ...و ماذا عنك ؟؟ ... ماذا ستفعل ؟؟.."
فركض هنري وقال :".. سأحاول مساعدة ذلك الفتى ..اذهب ..."
كان الرجلان يحاولان اطفاء النار أما صاحب المسدس فقد لاحظ وجود ذلك الفتى وبدأ يلاحقه ويطلق وابلا من الرصاص نحوه ولكنه لم يصبه لأن الغابة كانت كثيفة الأشجار .. أ/أ هنري فقد التقط بعض الحصى و بدأ يقذفه بها من كل الاتجاهات و يبدو أن هذا قد شتته فقد أصبح يطلق الرصاص من كل مكان , ثم ركض هنري بسرعة وتوقف عندما وجد ذلك الفتى أمامه تماما , كان ذلك الفتى بطول هنري كان يرتدي معطفا كبيرا عليه ..وكان سرواله ملطخا بالوحل بالرغم من أن المكان جاف .. و بالرغم من المظهر الرث الذي بدى عليه الا أن عيناه الرماديتان تلوحان بالعلو والتصميم .. و بقي الاثنان ينظران الى بعضهما البعض و القلق يملأ وجهيهما, والتفتا مرة أخرى بعدما سمعا دوي رصاصة أخرى قريبة منهما ثم قال ذلك الرجل :"..اخرجا بسرعة ... وإلا سأقتلكما .."
و قال هنري موجها الكلام إلى دلك الفتى :"..ماذا نفعل؟؟...إنه يقترب منا .."
فأجابه الفتى بهدوء :"...اصبر لا تتحرك ..."
".. ولكنه سوف يقتلنا ... علينا الهروب .."
"... ليس بعد..اصبر ..."
ولكن هنري لم يكترث له وركض بأقصى سرعة لديه و لكن الرجل راه وأطلق النار نحوه ..وإذ بهنري يسقط أرضا ثم رفع رأسه وقد صعق لرؤية ذلك الفتى ينزف من ذراعه بعدما أبعد هنري في اللحظة الأخيرة , ثم قال ذلك الرجل:".. شجاع ...ولكن سوف أقتلكما معا .."
نظر اليه هنري والخوف يملأ عينيه ولكن كل ذلك تغير بعدما رأى ذلك الفتى مسترخيا ومبتسما وقد تقدم نحو الرجل و قال :"... حسنا ...أطلق علي النار .."
عندها وجه الرجل مسدسه نحو الفتى ويبدوا أن الكلام قد أثر عليه فقد بدى متوترا وهو ينظر الى وجه الفتى الخالي من كل تعابير الخوف ,كان هنري جالسا هناك وغمه مفتوح فقد كان منظرا مرعبا حقا ..الفتى يمسك بذراعه اليسرى و الدم ينزف منها و الرجل موجه المسدس نحو رأس الفتى بدون أي تردد..عندها بدأ هنري يقرب يده نحو جيب سرواله , ولكن الرجل أمسك الزناد وأطلق النار ...و يا للمفاجئة فلم يحدث شيئ .. وحاول الرجل الإطلاق مرة أخرى كمحاولة فاشلة منه ولكنه لم ينجح , عندها حاول أن يضربه بالمسدس ولكن شيئا ما حال بينه وبين فعل ذلك فقد أوقفه هنري بخنجره ودفعه بعيدا ..ثم ابتسم و قال :".. لقد خسرت اللان ...", و أمسك الفتى وهرب الاثنان الا أن أصبحا قريبين من الميتم ..و توقفا عندما وجدا جورجيا وادوارد في الانتظار , و ما أن رأوهم حتى أسرعت جورجيا نحو هنري و أمسكته من كتفيه و قالت بصوت مرتفع :"..ما كان عليكما الخروج لقد كدتما أن تموتا ..",و لكنها توقفت عن الحديث بعدما الفتى الاخر وقد بدى محرجا , وقالت له :"...مالذي تفعله هنا ؟؟...."
فقال لها هنري :".. لقد أشعل النار في عربة قطاع الطرق وبذلك أنقذ حياة الجميع.."
ثم تقدم ادوارد و قال :"..هذا ليس مهما الان ..هيا ادخلا علينا معالجة الفتى .."
أرسل ادوارد هنرس الى النوم وأدخل الفتى الى غرفة صغيرة أسفل الدرج حتى يعالجه ,كان هنري يجتاز السلالم بكسل ولكنه توقف عندما رأى جورجيا و قد بدى أنه سيغمر غليها فتقدم نحوها بسرعة و قال :".. هل أنت بخير ؟؟.."
"..لا عليك أنا متعبة و حسب .. كنت ساخذ الضمادات لادوارد حتى يعالج الفتى .."
فرد هنري بحماس :"..اذهبي و ارتاحي..أنا سأساعد ادوارد...."
فابتسمت و قدمت له الضمادات و ذهب هو بدوره نحو ادوارد ودخل الغرفة ,كان الفتى جالسا فوق السرير وادوارد يقوم بتطهير الجرح في ذراعه ..و بقي هنري عند الباب وهو يراقب دلك الفتى , ثم التفت اليه ادوارد و سأله عن جورجيا فأخبره أنها متعبة , عندها وضع المطهر جانبا و قال وهو موجه الكلام الى الفتى :"...من حسن حضك الرصاصة لم تصبك مباشرة ..أن الجرح سطحي .."
و قال له الفتى وابتسامة تعلو وجهه :"... شكرا لك على مساعدتي..."
و تابع ادوارد كلامه قائلا أنا لا أصدق أنك تبعنا ... وليس هذا فقط بل يبدوا أنك تبعتنا سيرا على الأقدام..."
هنري :"....تبعكم ؟؟... لماذا ؟؟...."
ادوارد :"...هذا الفتى يتيم مثلكم ...لقد كان في ميتم من "كورتوبا".. وكما تعرف الحال سيئة هناك..لقد كان مصرا للقدوم الى هنا و لكننا لم نقبل.... فنحن لم نأخذ اذنا من وايت بعد .."
عندها نظر هنري الى الفتى الذي كان وجهه موجها للأرض, أما ادوارد فقد وقف وهم بالخروج ثم قال و ظهره للفتى :"...لقد أنقذت حياتنا ...سوف تبقى هنا حتى بأتي وايت..سوف أحضر لك شيئا تلبسه ...و أجد لك مكانا تنام فيه ...فحتى تويستر أصبح مكانا مكتضا ..:, فقال له هنري بحماس :"...يمكنه أن ينام في سرير ريكس فقد غادر الميتم .. و سأعطيه من ملابسي ...", فنظر اليه ادوارد والدهشة بادية عليه ثم تابع كلامه وابتسامة تعلو وجهه :"...حسنا ...ضمد جراحه ...ثم اخلدا الى النوم ..."
خرج ادوارد وترك هنري يقوم بتضميد جراح الفتى في صمت ..وما ان انتهى حتى وجد الفتى يمد يده اليمنى له بنية مصافحته و قال له :"...أنا سعيد جدا بلقائك شكرا لك على مساعدتي ...أنت فتى شجاع .."
ويبدو أن هنري قد تفاجئ من ذلك , و أصبح وجهه أحمرا مثل لون شعره و صافحه بدوره قائلا :"...تبا ..لقد سبقتني ...أنا من عليه أن يشكرك ...جرحك هذا بسببي ..."
"..انه لا شيئ ...اسمك هنري أليس كذلك ..أنا واين ..."
فابتسم هنري ثم وقف عند النافذة و قال :"..اخبرني بدى لي و كأنك كنت تعرف ما الذي تفعله ..ماذا حدث ...اشرح لي ..."
"...الحقيقة انني عندما كنت أتبع جورجيا و ادوارد ..لاخظت وجود قطاع الطرق ..وقد بدو لي أنهم كانوا يحرسون غنائمهم و حسب .."
هنري :".. تلك هي طريق مختصرة وعادة يمر منها التجار ...في أوقات معروفة ..
"..أجل ...و عندما رأو بأن العربة لم يكن فيها سوى رجل و امرأة ...لم يستطيعو أن يضيعو فرسية سهلة كهذه
تعليق