أجلس وحدي على رصيف خيبتي ، رصيف ألمي ، رصيف كان أحرى به أن يحتضن سعادتي لكنه احتضن قهري وبؤسي .. رصيف كلما لمحته من بعيد خيل إلي أنني ألمح شبحا أسود لم يكن سواده الا سواد أفعالي وقلبي ..
كم جلست على هذا الرصيف .. وكم رافق أيام حياتي الماضية ؛ لم يكن يمضي يوما في السابق من دون أن أجلس هنا ، يفترض بي أن أحبه ، لماذا أكرهه يا ترى ؟ لماذا ؟
رفع أسامة رأسه بتثاقل بعدما كان يضمه بكفيه بيأس .. نظر حوله فلم يجد إلا شارع فارغ لا يتحرك فيه إلا بعض أوراق الأشجار التي تسير ببطء مع نسمات الهواء الخفيفة ، نظر للساعة وكانت الثالثة فجرا : يا ويلي شو قاعد أنا بعمل هون لهسا !! والله ابوي لو يعرف اني مش بالبيت ليطردني ويمسح بوجهي كل بلاط الدار ...
وقف وتوجه لبيته بخطوات مسرعة خوفا من والده الساخط عليه منذ زمن !!
فتح الباب البيت ببطء وتوجه لغرفته من دون أن يشعر به أحد .. فتح باب غرفته وأشعل المصباح لكنه تفاجأ بوالده يجلس على سريره وينتظره بنظرات يقدح منها الشرر ، شعور أسامة الان لم يكن إلا صدمة.. خوف.. حيرة بماذا يقول أو يفعل
أبو محمد (والده) بحده : شو بتعمل لهسا برا ؟ ولا حضرتك مش شايف كم الساعة ؟
أسامة : يابا كنت مش منتبه للوقت .
أبو محمد ارتفع صوته بالصراخ وخرجت شياطين غضبه : ولك متى ناوي تكبر إنت اه ؟؟ احكيلي ؟ مش ناوي تصير زلمة ؟ ولك احكي ليش ساكت ؟ الي بعمرك تجوزو كلهم و صار عندهم نفر ولاد وانت مش ناوي تخلص من حركات المراهقين هاي ! ولك اعقل اعقل خزيتنا بين الناس اعقل !!
أسامة : يابا انت مفكر انا بدي هيك ولا مبسوط هيك !! يعني مهو أنا ...
أبو محمد: إخرس !! ولا كلمة !! أنا أعطيتك كل الي بدك اياه وصرفت عليك أكثر واحد بإخوتك بس شكلو هاظ الي خلاك ما تعرف تكون زلمة ! إسمع وله أحكيلك بدك تحوش وتتجوز لا تظل قاعد بوجهي أنا زهقت من هاظ الزقم فاهم ؟؟ ..
وخرج مغلقا خلفه الباب بعنف واضح من صوت ارتطامه .
أسامة رمى نفسه على السرير بقهر من دون أن يغير ملابسه ونام حتى ضجت غرفته بصوت أمه توقظه صباحا : أسامة يما قوم الله يرضى عليك ...
وأكملت وهي تقوم بفتح الستائر ليشع نور الصباح في الغرفة ..: يلا يما قوم أفطر!
أسامة عيناه مغمضتان من شدة التعب : يما بديش أفطر هسا .. بعدين بفطر
أم محمد : وليش يما تفطر لحالك ؟ قوم إفطر معنا يلا الله يرضى عليك واستسمح أبوك منك واطلع دور على شغل يما مشان تتجوز وأفرح فيك مثل باقي إخوتك.
أسامة تنهد تنهيدة مليئة بالغم والهم .. : إن شا الله يما هيني صحيت خلص هسا بغسل وباجي افطر معكم .
******
- صباح الخير ... قالها أسامة عندما دخل المطبخ ليتناول الفطور مع والديه لكنه لقي جوابا وحيدا من أمه وصمتا من والده ..جلس ليتناول طعامه
والده : اليوم بتطلع تدور على شغل ..واذا ما لقيت شغل ما ترجع عالدار إلا بس تلاقي فاهم ؟
أسامة : حاضر يابا .. بس إنت ادعيلي ألاقي شغل مشان ألاقي !
رمقه والده بنظرة غضب .. لاحظت أمه ذلك فأرادت تلطيف الجو ... : يما روح الله يفتحها بوجهك وييسرلك ولاد الحلال .
أنت لا تدري يا والدي كم هي البطالة صعبة علي .. كرهت نفسي من أجلها وكرهت حظي العاثر . لكن أنا لا أستطيع فعل شيء حيال ذلك فشخص مثلي لا يحظى بشهادة جامعية ، إنما بتقدير ”جيد” من كلية في اللغة العربية .. لا فرصة لي للعمل في مجالي أبدا فخريجي الكليات كثر وهم أحق مني بالعمل .. كم أكره يا أبي اعتقادك الدائم بأني سعيد بلا عمل ..اه يا والدي لو تعلم ما في قلبي فقط ... جميع من هم في عمري لهم أعمال رائعة ومتزوجون ولديهم أطفال أيضا !!.. أما أنا عالة عليك ، أطلب من أمي مصروفي للسجائر وللتسكع خارجا كما المراهقين .. أنت تظنني سعيد بهذا يا أبي .. لكنني أحترق قهرا من هذا .
******
رامي : خالتي مثل ما حكالك الدكتور هاد الدهون حطليلو منو تقرييا 3 مرات باليوم وإن شا الله بخف الحرق تدريجي ومع الفترة بروح كامل فإنتي جيبيه من أقرب صيدلية أو من الصيدلية بالمستشفى .
الحجة : الله يرضى عليك يما بس متى مراجعته الثانية ؟
رامي : مكتوب عندي إنها بعد 3 أسابيع
الحجة : إن شا الله ..
وخاطبت "الحجة" إبنها الاخر : يلا يما إحمل أخوك الصغير خلينا نروح قبل لا ييجي أبوك .. وذهبت .
سعيد : شو رامي مالها الحجة ماكلة راس نص ممرضين الطوارئ مشان ابنها الصغير محروق شوي هههههه .
رامي : ولك ما انتا قلتها ابنها الصغير !! .. بعدين ليش غيران ههههه اذا انتا كان أبوك لما تنحرق ما يسأل فيك بدك كل الأهل هيك
سعيد : ولك أنا كنت مدلع عند أبوي بكفي إني أكبر واحد يعني غير عن الكل .
رامي : اه خف علينا بس بلاش يعني على أساس ما بتذكر لما كان أيام الكلية يطردك برا الدار لما تسهر مع الشباب ههههههه
سعيد : خلص اخرس ولا وروح على شغلك .
رامي : ههههههه.... استنى أسامة برن علي .... اهلين يا زلمتي
أسامة : هلا فيك كيف حالك ؟
رامي : الحمد لله .. إنت كيفك ؟
أسامة : والله هيني عايش من شغل لشغل هههه
رامي : هههههههه وشو بتشتغل هسا ؟
أسامة : والله مشان هيك رنيت عليك .. هسا قاعد بطال وأبوي حالف علي ما أرجع على الدار إذا ما لقيت شغل فإذا بتعرف حواليك أي شغل شو ما كان ؟
رامي : طيب استنالك ساعتين زمن بسأل الشباب اذا في حد بعرف وبخبرك .
أسامة : خلص ماشي اذا هاظ رن علي
رامي : ان شا الله مع السلامة
سعيد : شو في ؟؟
رامي : بدور على شغل .. بتعرف حد طالب موظف أو إشي ؟
سعيد صمت قليلا ليقول : في بالمستشفى عنا بدهم عامل نظافة بس بعرفش اذا أسامة برضى بهالشغل.
رامي : بنسألو وبنشوف ..
******
في طريق عودتي للمنزل ، كثيرة هي الأشياء التي تعيدني للخلف أعوام .. تعيدني لذكريات كثيرة دفنت في الماضي ، أشياء قد ألمحها كألوان السيارات ، طابور بشري ينتظر دوره لشراء الشاورما ، أولاد يلعبون بالكرة ، الأشجار على جانبي الطريق ، اليافطات الإعلانية أو تلك المعلقة على المحال التجارية , الباعة المتجولون والشرفات التي زينت بالأزهار ... أو قد قد تكون روائح قد تتسلل لأنفي كرائحة الطعام المنبعثة من بيت جارتنا ، عطور مختلفة أشمها أثناء سيري ليعيدني كل منها لذكرى خاصة ، روائح منبعثة من مطاعم الوجبات السريعة ، رائحة الأرض بعد المطر ودخان بيت يحترق ... أشياء قد أسترق سمعها كضحكات الفتيات ، بكاء طفل يريد الحلوى، أصوات بائعي الخضار، غريب يلقي علي التحية ، شجار رجال مع من عطل السير بسيارته بسبب اصطفاف خاطئ ، زوامير السيارات وأصوات سيارات الشرطة ...أشياء كثييييرة ..كثيييرة تلك التي تعيدني للماضي ، لكن أكثرها ألما وتنكيلا بقلبي هي تلك التي تذكرني بك ، بك أنت يا رنيم ...اه كم أشتاقك ، كم أتمنى لو ينصفني هذا العالم مرة واحدة فقط لأحظى بسماع صوتك وضحكاتك من جديد ..كم أتمنى لو أستطيع لكنني لا أستطيع .. وكم أكره عجزي بالأمور المتعلقة بك !!.. أنا فقط أشتاقك اشتياقا صامتا .. ولا يقتل قلبي إلا صمت هذا الإشتياق .. كم سيكون رائعا لو أنني أستطيع محادثتك في كل مرة أشتاقك بها .. يا ليت .. يا ليت ..
أم محمد : يلا يما فوت مالك صافن ؟ أوعك تحكيلي ما شفت شغل والله أبوك بنجن فيك !!
أسامة بشرود : لا يما لقيت شغل .. بكرا بيبدا دوامي فيه .
أم محمد : طيب يما فوت أختك مريم جوا بالصالة روح سلم عليها واقعد معها .
أسامة : طيب ...
مريم .. كم أحبك وأكره رؤيتك ! شعوران متناقضان.. أعلم !! لكنها الحقيقة التي لا يعلمها غيري ولا أستطيع أبدا أن أخبر أحدا بها .. أكره رؤية أختي وأحبها في نفس الوقت !! سخافة ..
عيناك يا مريم كلما نظرت اليهما تذكرت رنيم .. يتألم قلبي يا مريم كلما تذكرتها .. بل يحترق ! كيف لا يحدث هذا وهي كانت أعز صديقاتك !! يا مريم لا تدرين أنتي كم أحبك .. طفولتي كلها كانت معك حتى مراهقتي كانت معك ، قطعة من قلبي أنتي يا أختي ! ولكن رنيم هي ذكرى محرقة مرتبطة بك ، لذا كلما رأيتك يحترق قلبي وأعود لبؤسي القديم ..
مريم بمرح : شو كل هاد مشتاقلي مالك صافن فيي هههههههههه الي بشوفك بحكي مش شايفني من أسبوع .
أسامة : اه بحكي ما أثقل دمها هاي البنت شو بتيجي عنا هههههه
مريم : يييييي يصحلك يا معفن ...
سلم أسامة عليها وجلس بجوارها ..
أسامة : شو وين أبو غيث عنك ؟
مريم : حكالي عندو مشوار ، وصلني وحكالي برجع المغرب
أسامة : يلا خير ، طيب غيث وميس نايمين شكلهم ؟
مريم : لأ ضلو مع أبوهم .
وتبادلا الحديث طويلا طويلا مع والدتهم .. حتى اقترب المغرب وإذا بهاتف مريم يرن ..
مريم : ألو
زوجها محمود : ألو
مريم : شو شكلك ع الطريق ؟
محمود : لأ ، ما رح اجي ! ضلك عند أهلك!!
مريم بقلق : كيف يعني ؟
محمود ببرود : يعني انتي طالق ! ... وأغلق السماعة
كم جلست على هذا الرصيف .. وكم رافق أيام حياتي الماضية ؛ لم يكن يمضي يوما في السابق من دون أن أجلس هنا ، يفترض بي أن أحبه ، لماذا أكرهه يا ترى ؟ لماذا ؟
رفع أسامة رأسه بتثاقل بعدما كان يضمه بكفيه بيأس .. نظر حوله فلم يجد إلا شارع فارغ لا يتحرك فيه إلا بعض أوراق الأشجار التي تسير ببطء مع نسمات الهواء الخفيفة ، نظر للساعة وكانت الثالثة فجرا : يا ويلي شو قاعد أنا بعمل هون لهسا !! والله ابوي لو يعرف اني مش بالبيت ليطردني ويمسح بوجهي كل بلاط الدار ...
وقف وتوجه لبيته بخطوات مسرعة خوفا من والده الساخط عليه منذ زمن !!
فتح الباب البيت ببطء وتوجه لغرفته من دون أن يشعر به أحد .. فتح باب غرفته وأشعل المصباح لكنه تفاجأ بوالده يجلس على سريره وينتظره بنظرات يقدح منها الشرر ، شعور أسامة الان لم يكن إلا صدمة.. خوف.. حيرة بماذا يقول أو يفعل
أبو محمد (والده) بحده : شو بتعمل لهسا برا ؟ ولا حضرتك مش شايف كم الساعة ؟
أسامة : يابا كنت مش منتبه للوقت .
أبو محمد ارتفع صوته بالصراخ وخرجت شياطين غضبه : ولك متى ناوي تكبر إنت اه ؟؟ احكيلي ؟ مش ناوي تصير زلمة ؟ ولك احكي ليش ساكت ؟ الي بعمرك تجوزو كلهم و صار عندهم نفر ولاد وانت مش ناوي تخلص من حركات المراهقين هاي ! ولك اعقل اعقل خزيتنا بين الناس اعقل !!
أسامة : يابا انت مفكر انا بدي هيك ولا مبسوط هيك !! يعني مهو أنا ...
أبو محمد: إخرس !! ولا كلمة !! أنا أعطيتك كل الي بدك اياه وصرفت عليك أكثر واحد بإخوتك بس شكلو هاظ الي خلاك ما تعرف تكون زلمة ! إسمع وله أحكيلك بدك تحوش وتتجوز لا تظل قاعد بوجهي أنا زهقت من هاظ الزقم فاهم ؟؟ ..
وخرج مغلقا خلفه الباب بعنف واضح من صوت ارتطامه .
أسامة رمى نفسه على السرير بقهر من دون أن يغير ملابسه ونام حتى ضجت غرفته بصوت أمه توقظه صباحا : أسامة يما قوم الله يرضى عليك ...
وأكملت وهي تقوم بفتح الستائر ليشع نور الصباح في الغرفة ..: يلا يما قوم أفطر!
أسامة عيناه مغمضتان من شدة التعب : يما بديش أفطر هسا .. بعدين بفطر
أم محمد : وليش يما تفطر لحالك ؟ قوم إفطر معنا يلا الله يرضى عليك واستسمح أبوك منك واطلع دور على شغل يما مشان تتجوز وأفرح فيك مثل باقي إخوتك.
أسامة تنهد تنهيدة مليئة بالغم والهم .. : إن شا الله يما هيني صحيت خلص هسا بغسل وباجي افطر معكم .
******
- صباح الخير ... قالها أسامة عندما دخل المطبخ ليتناول الفطور مع والديه لكنه لقي جوابا وحيدا من أمه وصمتا من والده ..جلس ليتناول طعامه
والده : اليوم بتطلع تدور على شغل ..واذا ما لقيت شغل ما ترجع عالدار إلا بس تلاقي فاهم ؟
أسامة : حاضر يابا .. بس إنت ادعيلي ألاقي شغل مشان ألاقي !
رمقه والده بنظرة غضب .. لاحظت أمه ذلك فأرادت تلطيف الجو ... : يما روح الله يفتحها بوجهك وييسرلك ولاد الحلال .
أنت لا تدري يا والدي كم هي البطالة صعبة علي .. كرهت نفسي من أجلها وكرهت حظي العاثر . لكن أنا لا أستطيع فعل شيء حيال ذلك فشخص مثلي لا يحظى بشهادة جامعية ، إنما بتقدير ”جيد” من كلية في اللغة العربية .. لا فرصة لي للعمل في مجالي أبدا فخريجي الكليات كثر وهم أحق مني بالعمل .. كم أكره يا أبي اعتقادك الدائم بأني سعيد بلا عمل ..اه يا والدي لو تعلم ما في قلبي فقط ... جميع من هم في عمري لهم أعمال رائعة ومتزوجون ولديهم أطفال أيضا !!.. أما أنا عالة عليك ، أطلب من أمي مصروفي للسجائر وللتسكع خارجا كما المراهقين .. أنت تظنني سعيد بهذا يا أبي .. لكنني أحترق قهرا من هذا .
******
رامي : خالتي مثل ما حكالك الدكتور هاد الدهون حطليلو منو تقرييا 3 مرات باليوم وإن شا الله بخف الحرق تدريجي ومع الفترة بروح كامل فإنتي جيبيه من أقرب صيدلية أو من الصيدلية بالمستشفى .
الحجة : الله يرضى عليك يما بس متى مراجعته الثانية ؟
رامي : مكتوب عندي إنها بعد 3 أسابيع
الحجة : إن شا الله ..
وخاطبت "الحجة" إبنها الاخر : يلا يما إحمل أخوك الصغير خلينا نروح قبل لا ييجي أبوك .. وذهبت .
سعيد : شو رامي مالها الحجة ماكلة راس نص ممرضين الطوارئ مشان ابنها الصغير محروق شوي هههههه .
رامي : ولك ما انتا قلتها ابنها الصغير !! .. بعدين ليش غيران ههههه اذا انتا كان أبوك لما تنحرق ما يسأل فيك بدك كل الأهل هيك
سعيد : ولك أنا كنت مدلع عند أبوي بكفي إني أكبر واحد يعني غير عن الكل .
رامي : اه خف علينا بس بلاش يعني على أساس ما بتذكر لما كان أيام الكلية يطردك برا الدار لما تسهر مع الشباب ههههههه
سعيد : خلص اخرس ولا وروح على شغلك .
رامي : ههههههه.... استنى أسامة برن علي .... اهلين يا زلمتي
أسامة : هلا فيك كيف حالك ؟
رامي : الحمد لله .. إنت كيفك ؟
أسامة : والله هيني عايش من شغل لشغل هههه
رامي : هههههههه وشو بتشتغل هسا ؟
أسامة : والله مشان هيك رنيت عليك .. هسا قاعد بطال وأبوي حالف علي ما أرجع على الدار إذا ما لقيت شغل فإذا بتعرف حواليك أي شغل شو ما كان ؟
رامي : طيب استنالك ساعتين زمن بسأل الشباب اذا في حد بعرف وبخبرك .
أسامة : خلص ماشي اذا هاظ رن علي
رامي : ان شا الله مع السلامة
سعيد : شو في ؟؟
رامي : بدور على شغل .. بتعرف حد طالب موظف أو إشي ؟
سعيد صمت قليلا ليقول : في بالمستشفى عنا بدهم عامل نظافة بس بعرفش اذا أسامة برضى بهالشغل.
رامي : بنسألو وبنشوف ..
******
في طريق عودتي للمنزل ، كثيرة هي الأشياء التي تعيدني للخلف أعوام .. تعيدني لذكريات كثيرة دفنت في الماضي ، أشياء قد ألمحها كألوان السيارات ، طابور بشري ينتظر دوره لشراء الشاورما ، أولاد يلعبون بالكرة ، الأشجار على جانبي الطريق ، اليافطات الإعلانية أو تلك المعلقة على المحال التجارية , الباعة المتجولون والشرفات التي زينت بالأزهار ... أو قد قد تكون روائح قد تتسلل لأنفي كرائحة الطعام المنبعثة من بيت جارتنا ، عطور مختلفة أشمها أثناء سيري ليعيدني كل منها لذكرى خاصة ، روائح منبعثة من مطاعم الوجبات السريعة ، رائحة الأرض بعد المطر ودخان بيت يحترق ... أشياء قد أسترق سمعها كضحكات الفتيات ، بكاء طفل يريد الحلوى، أصوات بائعي الخضار، غريب يلقي علي التحية ، شجار رجال مع من عطل السير بسيارته بسبب اصطفاف خاطئ ، زوامير السيارات وأصوات سيارات الشرطة ...أشياء كثييييرة ..كثيييرة تلك التي تعيدني للماضي ، لكن أكثرها ألما وتنكيلا بقلبي هي تلك التي تذكرني بك ، بك أنت يا رنيم ...اه كم أشتاقك ، كم أتمنى لو ينصفني هذا العالم مرة واحدة فقط لأحظى بسماع صوتك وضحكاتك من جديد ..كم أتمنى لو أستطيع لكنني لا أستطيع .. وكم أكره عجزي بالأمور المتعلقة بك !!.. أنا فقط أشتاقك اشتياقا صامتا .. ولا يقتل قلبي إلا صمت هذا الإشتياق .. كم سيكون رائعا لو أنني أستطيع محادثتك في كل مرة أشتاقك بها .. يا ليت .. يا ليت ..
أم محمد : يلا يما فوت مالك صافن ؟ أوعك تحكيلي ما شفت شغل والله أبوك بنجن فيك !!
أسامة بشرود : لا يما لقيت شغل .. بكرا بيبدا دوامي فيه .
أم محمد : طيب يما فوت أختك مريم جوا بالصالة روح سلم عليها واقعد معها .
أسامة : طيب ...
مريم .. كم أحبك وأكره رؤيتك ! شعوران متناقضان.. أعلم !! لكنها الحقيقة التي لا يعلمها غيري ولا أستطيع أبدا أن أخبر أحدا بها .. أكره رؤية أختي وأحبها في نفس الوقت !! سخافة ..
عيناك يا مريم كلما نظرت اليهما تذكرت رنيم .. يتألم قلبي يا مريم كلما تذكرتها .. بل يحترق ! كيف لا يحدث هذا وهي كانت أعز صديقاتك !! يا مريم لا تدرين أنتي كم أحبك .. طفولتي كلها كانت معك حتى مراهقتي كانت معك ، قطعة من قلبي أنتي يا أختي ! ولكن رنيم هي ذكرى محرقة مرتبطة بك ، لذا كلما رأيتك يحترق قلبي وأعود لبؤسي القديم ..
مريم بمرح : شو كل هاد مشتاقلي مالك صافن فيي هههههههههه الي بشوفك بحكي مش شايفني من أسبوع .
أسامة : اه بحكي ما أثقل دمها هاي البنت شو بتيجي عنا هههههه
مريم : يييييي يصحلك يا معفن ...
سلم أسامة عليها وجلس بجوارها ..
أسامة : شو وين أبو غيث عنك ؟
مريم : حكالي عندو مشوار ، وصلني وحكالي برجع المغرب
أسامة : يلا خير ، طيب غيث وميس نايمين شكلهم ؟
مريم : لأ ضلو مع أبوهم .
وتبادلا الحديث طويلا طويلا مع والدتهم .. حتى اقترب المغرب وإذا بهاتف مريم يرن ..
مريم : ألو
زوجها محمود : ألو
مريم : شو شكلك ع الطريق ؟
محمود : لأ ، ما رح اجي ! ضلك عند أهلك!!
مريم بقلق : كيف يعني ؟
محمود ببرود : يعني انتي طالق ! ... وأغلق السماعة
تعليق