بسم الله الرحمن الرحيم
هذي رواية من تأليفي وبمساعدة صديقتي FT على تحريرها , الرواية تتحدث عن قضية معقدة ومتشابكة , ويحاول بطلنا حل تلك القضية , الرواية فيها الكثير من الغموض والألغاز , وسيتم ذكر في الرواية مدينة لا وجود لها وهي المكان , أما بالنسبة لشخصيات الرواية فأسماؤها أسماء عربية قديمة لا يعرفها الكثيرون , وفي النهاية أقول أتمنى أن تنال الرواية إعجابكم .
الفصل الأول
البارحة سهرت كثيرا من أجل ذلك الصندوق الذي كان محكم الإغلاق , تعبت كثيرا من أجل فتحه , وعندما فتحته كانت الكارثة , سمعت من قبل أن النبش والبحث خلف الحقيقة قد يسبب الهلاك , أي أن هنالك بعض الحقائق يجب أن تظل طي الكتمان , كنت لا أصدق هذا حيث أن الحقيقة يجب أن تظهر للجميع , ولكن بعد ما عثرت عليه العدو الذي أنا ألاحقه من دون أن أعرف ما هيأته تمنيت أني لم أحاول البحث عنه , والان بعد أن عرفته أصبحت على شفا جرف , أي خطوة أخطوها يجب أن أحسب لها ألف حساب وإلا كان الموت حليفي , أنا لا أعرف كيف استطاع الضابط أويس أن يظل حيا طوال تلك السنوات ؟ وهل أنا قادر على البقاء حيا ؟ أم سيأتيني الموت غفلة ؟ مجرد التفكير بالأمر يجعل قدمي عاجزتا عن حملي.
في 21 من اكتوبر عام 2025 سقطت سيارة من منحدر جبلي في أطراف مدينة شنيك , سبب هذا الحادث هو "الإهمال" حيث كان سائق السيارة مخمورا , فقد وجد قسم التحاليل نسبة كحول عالية في دم الرجل , طبعا الجميع سيقول ما هو إلا حادث عادي يحدث كثيرا , وأن هنالك مستهترين كثر في العالم , حسنا كنت سأكون مثلهم لو أن هذا الرجل هو شخص لا أعرفه .
اسمي ساري ذو 24 ربيعا أعمل شرطيا في قسم الجنايات في مدينة شنيك ، أما الضحية هو أويس بلارك شرطي من نفس القسم أعلى مني رتبة ذو 29 ربيعا , توفي في الساعة 09:15 مساء , علاقتي بأويس ليست بعلاقة صداقة أو مصلحة , إنما كانت علاقة زملاء في القسم لدرجة أني لم أتحدث معه سوى مرة واحدة , كانت هذه المرة عندما تم تعيني في هذا القسم وفي تلك المرة تبادلنا أرقام الهواتف والعناوين البريدية , الان السؤال المحير لماذا أنا الوحيد في القسم من يعتقد أن الضابط أويس مات مقتولا وليس حادث , لقد جعلني هذا الاعتقاد أفقد أعصابي , رغم أن هناك من في القسم يعرفه جيدا وتحدث معه كثيرا .
بعد يومين من الحادث ذهبت إلى عملي كالعادة وقد سمعت صوتا عاليا قادم من غرفة القسم , لقد كان رئيس القسم يعاتب أحد الضباط قائلا : " أتريد القول بأن الشرطي أويس لم يشرب كحول ؟ إذا أتفسر ما سبب وجود الكحول في دمه ؟ اسمع جيدا نحن شرطة نتبع الأدلة ونحكم من خلالها وليس بأحاسيسنا " لقد اعتقدت أن سبب صراخ الرئيس هو أن بعض من يعرفون الضابط أويس احتجوا عن طريقة موته , حيث أن من المعلوم عن الضابط أويس لم يشرب الكحول أبدا بل لا يطيق الاقتراب منه , بعد هذا الصراخ كنت قد جلست في مكتبي أراجع بعض المستندات ولكن ما حدث في تلك الليلة كان يسيطر على كل أفكاري وأحاسيسي ويجعلني عاجزا عن القيام بأي شيء .
في تمام الساعة 08:30 من يوم الحادث الذي غير حياتي كلها كنت جالسا في مقهى قريب من شقتي أقرأ كتابا عن كيفية قضاء الوقت من دون ملل ، حسنا أنا شخص سريع الملل فلا أحب الارتباط بشيء مدة طويلة أنا حتى لا أحب التعامل مع نفس الناس مدة طويلة فسرعان ما أمل منهم ومن طريقة حديثهم , أعلم أنها عادة سيئة مني ولكن هذا هو أنا , على أية حال في ذلك الوقت وصلتني رسالة في هاتفي المحمول وأنا أفتح الرسالة أجد أن المرسل هو الضابط أويس في الواقع كنت متفاجئا جدا حيث لم نتبادل أطراف الحديث قبلا ولم تكن علاقتنا بذلك القرب لتبادل الرسائل , فأي سبب جعله يرسل إلي رسالة ؟ وما هو مضمونها ؟ بعد تفكير مطول فتحت الرسالة فكانت رسالة صوتية بصوت الضابط أويس " ثي لقد انتهى كل شيء انتهت تلك الثلاث سنوات لقد أنهيتها , لقد حللت اللغز الذي كان يلف حولنا لم يبقى إلا نشره في جميع بقاع العالم عليك أن تبتسم افرح اقفز ارقص فلقد فككت السلاسل المعقودة " قلت في نفسي بعد سماع الرسالة : " ها ؟ ثي ؟ من هذا ؟ فتاة ؟ بل الأهم أي لغز يتحدث ؟ ولماذا ارسل تلك الرسالة إلي ؟ لقد بدى الضابط في الرسالة سعيدا للغاية وهائجا لقد اعتقدت أنه شخصا من النوع الهادئ ، هل هذا لغز أرسله إلي الضابط أم أن هذا مجرد رسالة استهزاء , في الواقع كنت قلقا ولكن نار الحماس كان أكبر , مهما كان سبب هذه الرسالة فهي ستقتل الملل الذي يعتريني , ولكن حدث مالم يكن متوقع فقد مات بعد ارساله تلك الرسالة بخمس وأربعون دقيقة , لم أكن أفهم ما يجري , موته جعلني أقف بلا حراك , أحسست بأن الظلام خيم علي فجأة , لقد كان يتحدث في الرسالة بسعادة كيف وصل الأمر إلى نهاية تعيسة , بعد أن هدأت قليلا بدأت أفكر بتمعن في الموضوع , هو كان سعيدا بإنهاء أمر ما , كنت سأصدق أنه مات لأنه قاد السيارة بتهور من السعادة , ولكن أن يشرب كحول قبل ذلك ويموت بسببه ؟ إنه أمر مستحيل , ولكن ربما هو كان مخمورا قبل ارساله الرسالة , فطبع الضابط أويس هادئ فربما انفعاله كان سببه الكحول , ولكن معروف عنه أنه لا يشربه وأيضا هل هناك شخص سكير يتحدث عن حله لقضية ما وبسعادة ؟ بالإضافة الضابط أويس يتمتع برباطة جأش وحسن التصرف في الأوقات الصعبة , كل تلك الأسئلة جعلتني أفكر بشيء واحد وهو موته مؤامرة لا اهمال , وعندما كنت في مكتبي سارحا في هذه القضية التي ستسبب هالات سوداء تحت عيني في المستقبل سمعت بمحض المصادفة ضابطان يتناقشان موضوعا مهما , الأول : " أتساءل كيف ستكون حالة مخطوبة الضابط أويس ؟ " رد الثاني قائلا : " ربما تترك العمل ، ألا تعتقد ذلك ؟ " قفزت من كرسيي وكأنني كدت أن أضرب السقف : " لحظة إذا سمحت , ما الذي تعنيه بمخطوبته ؟ " رد أحدهما : " ألا تعرف أن الضابطة شاكي من قسم المرور هي مخطوبة الضابط أويس ؟ " رددت عليه مندهشا : " كان مخطوبا ؟ لحظة قلت الضابطة شاكي ؟ هذا يعني أنها تعمل هنا , حسنا شكرا على المعلومة " أسرعت بسرعة البرق إلى قسم المرور لأسأل عن تلك الضابطة ولكن للأسف عندما وصلت هناك كانت قد قدمت استقالتها بالفعل وغادرت , أصبت باليأس قليلا ولكن حاولت أن أتحدث إلى زملائها في العمل لعلهم يعرفون أي بيانات عنها و أخيرا حصلت منهم على عنوان شقتها بعد إلحاح شديد.
بعد إنهائي من عملي أسرعت إلى منزلها لأنني لم اطق الانتظار أكثر من ذلك وكرهت أن أتصل بها لأنها قد لا ترد , وعند وصولي طرقت الباب فرد علي صوت هزيل : " نعم ؟ من الطارق ؟ " فرددت عليها : " اسف على إزعاجك يا أيتها الشرطية أنا الضابط ساري من قسم الجنايات " فتحت الباب و طلبت مني الدخول كان وجهها شاحب وكأنها لم تأكل منذ مدة طويلة وكانت عيناها حمراوتان وكانت ترتدي السواد وقد كان هناك الكثير من الصناديق وكأنها تريد ترك الشقة , عرفت حينها أنها ماتزال في حالة صدمة وسيكون من السهل استجوابها , فسألتها : " هل ستتركين الشقة ؟ " فردت بصوت حزين : " نعم لم يعد باستطاعتي البقاء في هذه المهنة أو هذه المدينة أكثر من ذلك , ففي كل مكان في المدينة تذكرني به " وشرعت بالبكاء عرفت حينها كم هي أحببته وكم كانت تعزه , انتظرتها حتى تهدأ وبعد ذلك اعتذرت مني , فقلت : " أعلم أن ما سأقوله ضرب من الجنون وأن هذا ليس في محله ولكن كونك من المقربين من الضابط أويس هل تعتقدين أنه مات بسبب اهماله ؟ " هزت رأسها نافية أنه مات بسبب الاهمال حينها تابعت كلامي :" إذا ألا بأس إذا طرحت عليك أسئلة بخصوص السيد أويس ؟ " أومأت برأسها بالإيجاب فقلت :" إذا هل كان يشرب الكحول ؟ هل تحدث معك أو قابلك في يوم الحادث ؟ " قالت :" أويس لم يشرب قط الكحول لذلك أنا لا أصدق ما قالوه عنه أما بالنسبة إذا تحدث معي أو لا فقد تحدثنا بالهاتف مرتين في اليوم ولكن لم نتقابل " فقلت بعدها :" فهمت إذا ألا بأس إذا عرفت موعد اتصاله بك ومضمون الحديث الذي دار بينكما ؟ إذا كان موضوعا خاصا لا بأس يمكنك تخطي الأمر " أجابت :" لا لم يكن خاصا , أول اتصال كان في الساعة الثانية ظهرا يعلمني بأنه سينهي عمله باكرا لذا سنذهب في موعد الساعة السابعة ونصف مساء ولكنه اتصل في تمام السادسة وثلث يعلمني أنه لا يستطيع مقابلتي في ذلك الوقت لذا سيلغي الموعد " تنهدت لعدم وجود أي فائدة في الاتصال وقلت :" إذا هل تعلمين من قابل في ذلك اليوم ؟ على حسب علمنا لم يقابل إلا شقيقته الصغرى في تمام الثالثة عصرا بعدما تحدث معك " أجابت قائلة :" أه سمعت بهذا من الشرطة لقد صدمت من الأمر حيث علاقتهما لم تكن جيدة لدرجة أنهما لم يتحدثا معا منذ ثلاث سنوات " تفاجأت من الأمر قائلا :" ثلاث سنوات ؟ ما بال هذان الاثنين ؟ لحظة بالحديث عن ثلاث سنوات هل تعرفين إذا كان السيد أويس يبحث في قضية ما ؟ " أجابت بسرعة :" أويس لا يتكلم معي بشأن العمل فهو دائما ما يكون منهك من العمل لذا كان يريد أن ينسى بشأن العمل عندما يكون معي " فقلت لها :" إذا هل تعرفين أحد اسمه ثي ؟ " لاحظت علامات اندهاش منها وقالت وهي تتلعثم :" ث ث ثي ؟ من أين سمعت بهذا الاسم ؟ " اجبتها :" لقد حدث وسمعته إذا من يكون ؟ ردت بصوت متردد :" ذلك الاسم لم أسمعه سوى مرة واحدة في حياتي إني أعرف أويس منذ سنتين و نصف تقريبا في بداية علاقتي به ,عندما كان مريضا في أحد الأيام سمعته يتحدث أثناء نومه وينادي بثي كنت حزينة بأنه يعرف فتاة أخرى ولكنه لم يكن هذا النوع من الرجال الذي يتلاعب بالاخرين وأيضا لم أسمع بهذا الاسم ثانية لذا تجاهلت الأمر " فوجئت قليلا حيث أن مخطوبته لا تعرف عن الأمر ولكني تابعت أسئلتي :" هل كان هناك عادة غريبة للسيد أويس ؟ " أجابت بسرعة وفي وجهها بعض علامات السعادة اعتقدت حينها بأنها عادة مضحكة وقد تكون بلا فائدة ولكني أصغيت إليها , لأن ما ستقوله ذكرى سعيدة بالنسبة لها " عندما يريد أويس اتصال بشخص ما أو كتابة رسالة ما فإنه يكتب رقم المرسل إليه لا أن يأخذه من جهات الاتصال , لقد كان ذكيا وسريع الحفظ لذا كان يحفظ جميع جهات الاتصال " استغربت من تلك العادة فقد كانت غريبة للغاية أيعقل أن بسبب تلك العادة أرسل إلي تلك الرسالة ؟ إذا رقم المدعو بثي مشابه لرقمي وأن هذا الخطأ حدث إما من سعادة الضابط أو أنه كان مستعجلا , كان هذا أول شيء طرأ على بالي ولكن فجأة ملامح الانسة شاكي تغيرت وأصبحت جادة , عرفت حينها بأنها بدأت تسترجع حواسها وقالت :" لحظة أنت يا سيد من تكون بالنسبة لأويس ؟ بالإضافة تلك القضية مغلقة , ما الذي تريده بالضبط ؟ " رددت عليها بصوت واثق من نفسه :" أنا أيضا لا أعتقد بأن هذا حادث " اعترضت كلامي وقالت :" إذا أنت تبحث بشأن موته ؟ هل تعرف بأن رئيسك إذا علم بالأمر ستفصل من عملك ؟ لأي سبب تضع عملك على المحك ؟ تنهدت قليلا فقد كان كلامها صحيحا إني أعرض عملي للخطر ولكن كما توقعت حماسي للأمر وكرهي بأن أكون ضحية للملل هو من وضعني في هذا الأمر , قلت لها :" إنه القدر من وضعني في هذا " كانت علامات الدهشة واضحة منها , حسنا كلامي كان غريبا ولكن كان حقا ما أعنيه " حسنا أنا سأذهب الان لقد تشرفت بلقائك وبالحديث معك وأيضا شكرا على المعلومات , وأريد منك أن تتفاءلي لأني سأجعل من الرؤساء يفتحون القضية مرة أخرى " ابتسمت لي وقالت :" شكر جزيلا لك يا ضابط ساري " وتبادلنا تحية الشرطة قبل أن أغادر .
حديثي مع الضابطة السابقة شاكي جعلني أشك في سبب ارسال تلك الرسالة إلي بالإضافة جعلني أريد معرفة شقيقة الضابط أويس الانسة لجين بلارك , هي ممثلة مشهورة في لطافتها وتصرفاتها المهذبة وهي في نفس عمري , ولكني قررت الذهاب إلى شقة الضابط أويس قبل ذلك , وعندما وصلت إلى هناك تحدثت إلى صاحب الشقق في ذلك المبنى :" يا سيدي هل لديك غرفة فارغة ؟ " فرح صاحب المبنى وقال :" أه بالتأكيد أملك , لدي غرفتان هل تريد رؤيتها ؟ " أجبته بالإجاب في الواقع كنت أريد الحصول على غرفة الضابط أويس , اعتقدت أني إذا عشت في نفس المكان الذي عاش فيه , فربما أعرف بماذا كان يفكر , لقد فكرت واعتقدت إذا كان الضابط يبحث في قضية ما وأنها دامت لثلاث سنوات إذا فهي في غاية التعقيد والسرية , وإذا مات مقتولا إذا من قتله له علاقة بالقضية , أيضا كونه كان يبحث في أمر ما فهو بالتأكيد يخفي هذا الأمر بشكل جيد يمنع الاخرين من معرفته حتى المقربين , وقد يكون مفتاح القضية في منزله , عندما دخلت الشقة بدأت تتسارع دقات قلبي , وبدأ العرق يتصبب في جميع أنحاء جسمي , عرفت حينها أن هذا بداية كل شيء , بداية تخلصي من الملل وإن كان لفترة قصيرة , وبداية لأحفر في قضية دامت لثلاث سنوات , وبداية لأعرف ما الذي أخفاه الضابط أويس كل هذه المدة , ولأعرف ما الذي قاساه ذاك الرجل كل هذه الفترة.
تعليق