صوت الريح ابنتي
فزوجها لم يكن يجني الكثير من المال فيجد ما يقتات به ليومه وكان يحمد الله على نعمته وكله أمل بأن يتغير الحال كان يحزن حزنا شديدا عندما يرى حال زوجته ولم يكن باليد حيلة ولكنه دائما يحاول يائسا إن يملأ نفسها بالأمل
فيقول لها دائما: تأملي خيرا غدا سترين كيف ستغير حالنا إن شاء الله ونبدل هذا الفرش المهترئ باخر جديد وستلبسين أغلى الثياب وتملكين الحلى والذهب وسيكون لنا كذا وكذا فقط ادعى الله أن يرزقنا ولا تنظري لما في يد غيرك
تنهدت مرة أخرى بقلة صبر وصرخت قائلة: متى متى سيتبدل الحال متى ستفي بما وعدت متى سألبس أغلى الثياب وارتدي الحلى واتبجح أمام جاراتي لقد سئمت من هذا الحال لن أقف مكتوفة الأيدي أكاد أجن لن استطع تحمل المزيد اغمضت عينا دامعة تحلم ببيت كبير هي سيدته وهناك الكثير من الخدم واطفالها يلعبون حولها
استيقظت على صوت زوجها ونهضت من مكانها قائلة: هل عدت
قال فرحا: نعم تعالي انظري ماذا احضرت لك اليوم
واخرج من الكيس لفافة صغيرة اخذتها غير مبالية وكان بداخلها أسورة من ذهب لم يرق لها ما رأت وقلبتها بين يديها قائلة: أهذا كل ما استطعت الحصول عليه؟
نظر إليها بخيبة وقد اختفت الابتسامة عن وجهه: هذا ما رزقني به الله ماذا تريدين أن افعل فأنا لن أمد يدي لشيء لا أملكه من أجل مطامعك فاصبري
تنهدت بحسرة ورمت ما بيدها مغادرة
مرت أكثر من عام والحال هو نفسه بل كثرت المطالب وخاصة بعد مجيء طفلة رضيعة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر وكان الزوج يحاول دائما إرضاء زوجته بقدر استطاعته فتغير المنزل قليلا قليلا ولكن كل دلك لم يرض زوجته فكلما حقق لها شيئا من رغباتها طلبت المزيد
وذات يوم صرخت كالمعتاد ولكن الأمر اختلف هذه المرة فهي لم تعد تريد حلي أو ملابس أو أثاث وأواني جديدة بل اتخذت قرارا أدهشها هي قبل زوجها: لقد سئمت إما إن تفعل ما أشرت عليك به واما الفراق
نظر إليها قائلا: لن أفعل لن أخذ شيء ليس ملكي
قالت واثقة: إذن فأنا لن أبقى هنا ولن ترى وجهي أبدا
أطرق براسه وقال: حسنا ليكن لك ما أردت وبإمكانك أخذ كل ما تريدين من البيت خذي كل ما تريدين وخرج من المنزل ولم يعد إلا في اليوم التالي دخل المنزل فوجدها ابتسم ظنا منه أنها غيرت رأيها وإن ما كان بالأمس مجرد كلام
لكنه تفاجأ بها تحزم امتعته قائلة: اخبرتني أن أخذ كل ما أريد وانا أريد المنزل بما فيه وعليك أنت المغادرة
مدت له أمتعته فحملها وهو ينظر لطفلته والتي قد يراها للمرة الأخيرة لكنها استوقفته قائلة: انتظر خذ ابنتك معك فلست بحاجة إليها
هذا ما أشارت به إليها أحدى جاراتها قائلة لها: دعيه يرحل عنك هو وابنته وأنت ما زلت شابة سيتقدم إليك من يقدرك ويضع كل ما يملك تحت قدميك عندها ستندمين على كل لحظة عشته مع هذا الفقير البائس
وهكذا فعلت وليتها لم تفعل نظر إليه بدهشة مستغربا كيف تتخلى عن طفلة لم تتعد الأربعة أشهر وكيف سيأخذها في هذا الجو العاصف وبعد جدال أخذ طفلته ولفها بقطعة من القماش وخرج لم ترأف بحال الطفلة الباكية والتي كان صوت صراخها يذهب مع الريح حيث ذهبت .
مضي وقت ليس بالقليل ولم يتغير حالها بل أصبح للأسوء لم يأت من يقدرها ويجعلها تعيش في رخاء ونعيم بل أصبحت مجرد امرأة رثة الثياب مغبرة كثة الشعر يرشقونها الأطفال بالحجارة ظنا منهم أنها مجنونة اصبحت تلك المراة الطامحة الطامعة مجرد امرأة ذابلة شاحبة تجوب الحي كل يوما بحثا عن زوج وطفلة تخلت عنهما ومع مجيء الرياح يزداد صراخها ويعلو في الحي لأن الريح كانت تحمل معها صراخ رضيعة تخلت عنها في يوم ريح عاصف.
ب قلمي / أنة حرف
تعليق