بسم الله الرحمن الرحم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"منقول"
اضع بين ايديكم قصة " مأساة" ارجوا ان تنال اعجابكم
قصة تبكي لها العين ويتقطع لها القلب .. (الحصاد المُر)
كنت مدرسا في حلقة تحفيظ القران الكريم وكنت اراه كل يوم بعد صلاة المغرب في الخامسة
عشرة من عمره ممسكاً بمصحف صغير يقرا فيه لا لم يكن يقرا في الحقيقه بل كان يوهمنا انه يقرا!
لقد كان يتخلس النظرات الينا الحين بعد الحين لقد كان يريد ان يعرف ماذا نفعل لقد كان يسترق
السمع الفينة بعد الاخرى كان يريد ان يعرف ماذا نقول ونحن جلوس في حلقة التحفيظ في المسجد
وكان كلما نظرت اليه غض طرفه
وعاد الى قرائته كان يجلس يوميا هذه الجلسة الخجوله وينظر تلك النظرات الغريبه في ذات ليله
وبعد انتهاء صلاة
العشاء عزمت على التعرف اليه فاقتربت منه ثم بادرته قائلا : انا اسمي سليمان واعمل مدرسا في
حلقة القران الكريم بالمسجد فبادرني قائلا وانا اسمي خالد قالها بسرعه كانه كان يحضر الاجابه من
شهور وكانه كان يتوقع هذا السؤال منذ امد بعيد واصلت حديثي معه قائلا اين تدرس ياخالد اجابني
على الفور في السنه الثالثه المتوسطه
واحب القران الكريم جدا ازداد اعجابي من كلامه ماضرورة تلك الجمله الاخيره!!!!!
تشجعت قليلا وقلت له خالد هل لديك فسحه في الوقت بعد المغرب نانس بوجودك معنا في حلقة القران
وتسعد بمجالسة اخوانك الطلاب بالحلقه!!
اجابني متلعثماً هاه! القران الحلقه نعم نعم بكل سرور سوف أئتي ان شاءالله اليكم كل يوم
بعد المغرب غمرتني الفرحه فاسرعت اقول له اذن موعدنا غدا ان شاء الله
امضيت ليلتي وانا افكر في حالة هذا الفتى العجيب استعصى علي النوم وفر من مقلتي
حاولت جاهدا ان اجد اجابه لما رايت وسمعت فما استطعت الى ذلك سبيلا فقلت في نفسي :
ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا .. وتاتيك الاخبار من لم تزود
وضعت جنبي على شقي الايمن ولفني الليل بين اردائه واخذني النوم في احضانه
وتمتمت قائلا اللهم سلمت وجهي اليك وفوضت امري اليك .. الخ
ومضت الايام وخالد مستمر معنا في حلقة القران كان نشيطا في الحفظ وبالمراجعه احب الجميع
واحبه الجميع كان لايفارق المصحف ولايترك الصف الاول لم نكن ننكر عليه اي شي الا شيئا واحد
شروده الطويل وتفكيره الساهم كنا نحس ان جسمه معنا في المسجد ولكن روحه تمضي سابحه
في ملكوت اخر ..
كنت افاجئه احيانا فاساله عن شي ما وهو شارد الذهن ساهم البال فكان لايملك الا
ان يلملم هروبه الذهني وشروده الفكري ويتعذر باي عذر .
.وهو يعلم اننا لانصدقه احسست ان لديه سرا كبيرا وانه يخفي بين ضلوعه امرا خطيرا
فعزمت على معرفة هذا الامر حتى اتكمن من ان اتعامل معه كما ينبغي اخذته يوما على شاطئ البحر
فلعل سره الكبير يلتقي مع هذا البحر الكبير فيفرغ مافي نفسه من هم ويخرج مافي روحه
من الم ومعاناه وصلنا الى البحر ومشينا على شاطئه كان الوقت
مساءا وكان القمر بدرا منيرا والليل ساجيا ...
منظر عجيب التقى فيه سواد السماء مع سواد البحر ووقف نور القمر الفضي
حائرا بينهما كوقوفي حائرا امام خالد!!
المنظر كله صمت في صمت وفجأه اخترق هذا السكون صوت بكاء حار ونحيب مر ونشيج ملتاع
انه صوت خالد وهو يبكي لم اشأ ان اقطع عليه لذة البكاء وطعم الدموع فلعل ذلك يريح من نفسه
ويزيل من همه وبعد لحظات قال خالد اني احبكم احب القران واهل القران احب الصالحين
الطيبين الطاهرين الملتزمين ولكن ابي ... ابي!؟ فقلت له ابوك؟ومابال ابيك ؟؟
فاجابني والعبرة تخنقه ابي يحذرني دائما من ان اخالطكم واصاحبكم ؟انه يخاف منكم انه يكرهكم
لقد كان دائما يبغضني فيكم ويستشهد على ذلك بقصص وحكايات واساطير وروايات لكنني كنت
اراكم في الحلقه تقرؤن القران وكنت ارى النور في وجوهكم والنور في ثيابكم والنور في كلامكم
بل كنت ارى النور في صمتكم كنت اشك في كلام والدي فلذالك كنت دائما اجلس بعد المغرب انظر اليكم
واتخيل نفسي معكم اقتبس من نوركم وارشف من معينكم سكت خالد برهه ثم تابع حديثه قائلا :
اتذكر ياستاذ سليمان حين اتيتني بعد صلاة العشاء لتدعوني للانضمام اليكم في الحلقه لقد كنت انتظرك
منذ زمن بعيد لتمسك بروحي وتجعلها تحلق مع ارواحكم في عالم الهدايه والاستقامه وعالم السعاده
والفلاح لقد كانت كلماتك تلك ياستاذ سلمان بمثابة المصباح الذي انار لي درب الهدايه فتشجعت ودخلت
الحلقه واجتهدت في الحفظ لم اكن انام بالليل كنت اقضي الليل مع القران والدموع والبكاء والخشوع
لقد شعرت فعلا حين صاحبتكم بطعم السعاده ولذة العيش لقد كنت اشعر وانا معكم بسعاده غامره لم اشعر
بها قط في حياتي لقد كان القران انيسي في خلوتي دائما لم اشعر بالوحشه ابدا ..
سكت خالد قليلا ثم واصل حديثه بنبره متهدجه :لاحظ ابي التغير الذي طرأ على حياتي وعرف
بطريقة او باخرى اني دخلت حلقة تحفيظ القران وعرف اني مشيت مع (المطاوعه) ومضت الايام
حتى جاءت تلك الليله التي لن انساها ماحييت قط؟! كنت في البيت مع امي واخوتي ننتظر حضوره
من المقهى كعادته اليوميه لنتناول طعام العشاء سوياً فدخل ابي البيت بوجهه المظلم وتقاطيعه
الغاضبه وجلسنا على مائدة الطعام الكل صامت كالعاده كلنا نهاب الكلام في حضوره فجأه
قطع ابي الصمت بصوته الجهوري وبصراحته المعهوده
قائلا: لقد سمعت انك تمشي مع المطاوعه!؟
فاجاني كلامه عقد لساني وذهب بياني واختلطت الكلمات في فمي لم ينتظر ابي حتى يسمع جوابا مني
بل تناول ابريق الشاي الموضوع على المائده ورماه بقوة في وجهي!! درات الدنيا في راسي واختلطت
الالوان في عيني سقطت على الارض حملتني امي الحبيبه وصحوت من اغماءتي الخفيفه على يديها الدافئه
واذ باأبي يصيح فيها قائلا : اتركيه والا اصابك ماصابه!!
استللت جسمي من بين يدي امي وتحاملت على نفسي لاذهب الى غرفتي سرت نحو غرفتي
وصوت سبابه المتواصل وشتائمه المقذعه لي يطرق مسامعي بقوة وعنف بعد تلك الحادثه لم
يكن يمر يوم الا وهو يضربني ويشتمني ويركلني ويرميني باي شي يجده امامه وبدون ذنب
ارتكبته حتى اصبح جسمي لوحه مرعبه اختلطت فيها الالوان الداكنه والجراح الغائره !!
انفجر حينها خالد بالبكاء حاولت تهدئته وتسكيته بعد قليل هدأ من بكاؤه ثم واصل الحديث
قائلا : صدقني ياستاذ سلمان لقد كرهت ابي ابغضته امتلا قلبي بالحقد عليه في ذات يوم من الايام
ونحن على مائدة الطعام قال لي هذا الاب الظالم :قم ولاتأكل معنا وقبل ان اقوم من المائده قام
هو وركلني في ظهري برجله الغليظه ركلة اسقطتني على صحن الطعام اظلمت الدنيا في عيني
وغلى الدم في عروقي ولم اعد افكر سوى في الانتقام من هذا الاب الظالم القاسي تخيلت نفسي
وانا اصرخ في وجهه واقول له سوف اقتص منك سوف اضربك كما تضربني واشتمك كما تشتمني
سوف اكبر واصبح قويا وسوف تكبر وتصبح ضعيفا عندها سافعل بك كما تفعل بي الان
وحينها اجزيك شر ماجزيتني!!
ثم هربت خرجت من المنزل اصبحت اجري على غير هدى وبدون هدف حتى ساقتني رجلاي الى هذا البحر
وامسكت بالمصحف اقرا فيه وابكي بحرقة ولوعه حتى لم استطع ان اواصل قراءة القران من كثرة البكاء
والنحيب فلما وصل خالد الى هذا المقدار من الكلام انفجر بالبكاء والنشيج فتركته يبكي ويبكي لان البكاء
في كثير من الاحيان يكون راحه وهو السعاده لم انطق بكلمه فقد ربط العجب لساني هل اعجب
من هذا الاب الوحشي الذي خلا قلبه من معاني الرحمه والابوه وعشعشت في قلبه القسوه والغلظه
ام اعجب من هذا الابن الصابر على البلاء الذي اراد له الله عز وجل الهدايه والاستقامه فالهمه الثبات
رغم الضغوط الرهيبه التي يواجهها فتى صغير مثله!
ام اعجب من كليهما حين استحالت رابطة الابوه والبنوه الى اشلاء وقطع ممزقه؟!!
افقت من خواطري على صوت خالد وهو يناديني : استاذ سلمان؟
امسكت بيده ومسحت بيدي على راسه انه كاليتيم بل اشد من اليتيم كفكفت دموعه بيدي
وضممته الى صدري لعله يجد شيئا من الحنان الذي لم يشعر به طوال
حياته ودعوت له ونصحته ببر والده والصبر على اذاه
ولو حصل منه ماحصل ووعدته بان اقابل والده بنفسي واكلمه واستعطفه ليسمح
لخالد بالعوده الى حلقة القران وافترقنا على ذلك..
ومرت الايام وانا افكر في الطريقه التي افاتح بها والد خالد في موضوع ابنه وكيف
اتكلم معه وكيف اقنعه ؟!
واخيرا استجمعت قواي ولملمت افكاري وقررت ان تكون المقابله اليوم الساعه الخامسه عصرا
وفي الموعد المحدد سرت الى منزل والد خالد وسارت معي افكاري الكثيره وتساؤلاتي العديده
طرقت باب المنزل فتح الباب واذا بذلك الوجه العابس وتلك التقاطيع الغاضبه تقابلني وقبل ان اتكلم
امسك ابو خالد بتلابيب ثوبي وشدني اليه وقال انت المطوع الذي يدرس خالد في المسجد؟
قلت:ن..ع..م !!
فقال والشرر يتطاير من عينيه والله لو رايتك تمشي معه مرة اخرى كسرت رجلك !
خالد لن يأتيكم بعد الان ثم جمع لعاب فمه وقذف به دفعة واحده في وجهي ثم اغلق الباب بقوه
فمسحت ماكرمني به في سبيله ورجعت ادراجي وانا اسلي نفسي واقول لها :
رسول الله عليه الصلاة والسلام فعل به اكثر من هذا لقد كذبه قومه وشتموه ورموه بالحجاره
وادمو رجله وكسرو رباعيته ووضعوا القاذورات فوقه واخرجوه من بلده وطردوه من ارضه
ومرت الايام تلو الايام والشهور تلو الشهور ونحن لانرى خالداً فابوه يمنعه من الخروج
حتى للصلاه في المسجد ونحن يمنعنا من رؤيته وزيارته دعونا لخالد كثيرا وسألنا الله ان يلهمه
الصبر والثبات امام هذا البلاء.
بعد فتره من الزمن الطويل انتقلت عائلة خالد الى الحي المجاور وانقطعت اخبار خالد عنا بالكليه..
ومرت السنون ونسينا خالداً في غمرة الحياه ومشاغلها ..
بقية القصة ... غدا ان شاء الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
"منقول"
اضع بين ايديكم قصة " مأساة" ارجوا ان تنال اعجابكم
قصة تبكي لها العين ويتقطع لها القلب .. (الحصاد المُر)
كنت مدرسا في حلقة تحفيظ القران الكريم وكنت اراه كل يوم بعد صلاة المغرب في الخامسة
عشرة من عمره ممسكاً بمصحف صغير يقرا فيه لا لم يكن يقرا في الحقيقه بل كان يوهمنا انه يقرا!
لقد كان يتخلس النظرات الينا الحين بعد الحين لقد كان يريد ان يعرف ماذا نفعل لقد كان يسترق
السمع الفينة بعد الاخرى كان يريد ان يعرف ماذا نقول ونحن جلوس في حلقة التحفيظ في المسجد
وكان كلما نظرت اليه غض طرفه
وعاد الى قرائته كان يجلس يوميا هذه الجلسة الخجوله وينظر تلك النظرات الغريبه في ذات ليله
وبعد انتهاء صلاة
العشاء عزمت على التعرف اليه فاقتربت منه ثم بادرته قائلا : انا اسمي سليمان واعمل مدرسا في
حلقة القران الكريم بالمسجد فبادرني قائلا وانا اسمي خالد قالها بسرعه كانه كان يحضر الاجابه من
شهور وكانه كان يتوقع هذا السؤال منذ امد بعيد واصلت حديثي معه قائلا اين تدرس ياخالد اجابني
على الفور في السنه الثالثه المتوسطه
واحب القران الكريم جدا ازداد اعجابي من كلامه ماضرورة تلك الجمله الاخيره!!!!!
تشجعت قليلا وقلت له خالد هل لديك فسحه في الوقت بعد المغرب نانس بوجودك معنا في حلقة القران
وتسعد بمجالسة اخوانك الطلاب بالحلقه!!
اجابني متلعثماً هاه! القران الحلقه نعم نعم بكل سرور سوف أئتي ان شاءالله اليكم كل يوم
بعد المغرب غمرتني الفرحه فاسرعت اقول له اذن موعدنا غدا ان شاء الله
امضيت ليلتي وانا افكر في حالة هذا الفتى العجيب استعصى علي النوم وفر من مقلتي
حاولت جاهدا ان اجد اجابه لما رايت وسمعت فما استطعت الى ذلك سبيلا فقلت في نفسي :
ستبدي لك الايام ماكنت جاهلا .. وتاتيك الاخبار من لم تزود
وضعت جنبي على شقي الايمن ولفني الليل بين اردائه واخذني النوم في احضانه
وتمتمت قائلا اللهم سلمت وجهي اليك وفوضت امري اليك .. الخ
ومضت الايام وخالد مستمر معنا في حلقة القران كان نشيطا في الحفظ وبالمراجعه احب الجميع
واحبه الجميع كان لايفارق المصحف ولايترك الصف الاول لم نكن ننكر عليه اي شي الا شيئا واحد
شروده الطويل وتفكيره الساهم كنا نحس ان جسمه معنا في المسجد ولكن روحه تمضي سابحه
في ملكوت اخر ..
كنت افاجئه احيانا فاساله عن شي ما وهو شارد الذهن ساهم البال فكان لايملك الا
ان يلملم هروبه الذهني وشروده الفكري ويتعذر باي عذر .
.وهو يعلم اننا لانصدقه احسست ان لديه سرا كبيرا وانه يخفي بين ضلوعه امرا خطيرا
فعزمت على معرفة هذا الامر حتى اتكمن من ان اتعامل معه كما ينبغي اخذته يوما على شاطئ البحر
فلعل سره الكبير يلتقي مع هذا البحر الكبير فيفرغ مافي نفسه من هم ويخرج مافي روحه
من الم ومعاناه وصلنا الى البحر ومشينا على شاطئه كان الوقت
مساءا وكان القمر بدرا منيرا والليل ساجيا ...
منظر عجيب التقى فيه سواد السماء مع سواد البحر ووقف نور القمر الفضي
حائرا بينهما كوقوفي حائرا امام خالد!!
المنظر كله صمت في صمت وفجأه اخترق هذا السكون صوت بكاء حار ونحيب مر ونشيج ملتاع
انه صوت خالد وهو يبكي لم اشأ ان اقطع عليه لذة البكاء وطعم الدموع فلعل ذلك يريح من نفسه
ويزيل من همه وبعد لحظات قال خالد اني احبكم احب القران واهل القران احب الصالحين
الطيبين الطاهرين الملتزمين ولكن ابي ... ابي!؟ فقلت له ابوك؟ومابال ابيك ؟؟
فاجابني والعبرة تخنقه ابي يحذرني دائما من ان اخالطكم واصاحبكم ؟انه يخاف منكم انه يكرهكم
لقد كان دائما يبغضني فيكم ويستشهد على ذلك بقصص وحكايات واساطير وروايات لكنني كنت
اراكم في الحلقه تقرؤن القران وكنت ارى النور في وجوهكم والنور في ثيابكم والنور في كلامكم
بل كنت ارى النور في صمتكم كنت اشك في كلام والدي فلذالك كنت دائما اجلس بعد المغرب انظر اليكم
واتخيل نفسي معكم اقتبس من نوركم وارشف من معينكم سكت خالد برهه ثم تابع حديثه قائلا :
اتذكر ياستاذ سليمان حين اتيتني بعد صلاة العشاء لتدعوني للانضمام اليكم في الحلقه لقد كنت انتظرك
منذ زمن بعيد لتمسك بروحي وتجعلها تحلق مع ارواحكم في عالم الهدايه والاستقامه وعالم السعاده
والفلاح لقد كانت كلماتك تلك ياستاذ سلمان بمثابة المصباح الذي انار لي درب الهدايه فتشجعت ودخلت
الحلقه واجتهدت في الحفظ لم اكن انام بالليل كنت اقضي الليل مع القران والدموع والبكاء والخشوع
لقد شعرت فعلا حين صاحبتكم بطعم السعاده ولذة العيش لقد كنت اشعر وانا معكم بسعاده غامره لم اشعر
بها قط في حياتي لقد كان القران انيسي في خلوتي دائما لم اشعر بالوحشه ابدا ..
سكت خالد قليلا ثم واصل حديثه بنبره متهدجه :لاحظ ابي التغير الذي طرأ على حياتي وعرف
بطريقة او باخرى اني دخلت حلقة تحفيظ القران وعرف اني مشيت مع (المطاوعه) ومضت الايام
حتى جاءت تلك الليله التي لن انساها ماحييت قط؟! كنت في البيت مع امي واخوتي ننتظر حضوره
من المقهى كعادته اليوميه لنتناول طعام العشاء سوياً فدخل ابي البيت بوجهه المظلم وتقاطيعه
الغاضبه وجلسنا على مائدة الطعام الكل صامت كالعاده كلنا نهاب الكلام في حضوره فجأه
قطع ابي الصمت بصوته الجهوري وبصراحته المعهوده
قائلا: لقد سمعت انك تمشي مع المطاوعه!؟
فاجاني كلامه عقد لساني وذهب بياني واختلطت الكلمات في فمي لم ينتظر ابي حتى يسمع جوابا مني
بل تناول ابريق الشاي الموضوع على المائده ورماه بقوة في وجهي!! درات الدنيا في راسي واختلطت
الالوان في عيني سقطت على الارض حملتني امي الحبيبه وصحوت من اغماءتي الخفيفه على يديها الدافئه
واذ باأبي يصيح فيها قائلا : اتركيه والا اصابك ماصابه!!
استللت جسمي من بين يدي امي وتحاملت على نفسي لاذهب الى غرفتي سرت نحو غرفتي
وصوت سبابه المتواصل وشتائمه المقذعه لي يطرق مسامعي بقوة وعنف بعد تلك الحادثه لم
يكن يمر يوم الا وهو يضربني ويشتمني ويركلني ويرميني باي شي يجده امامه وبدون ذنب
ارتكبته حتى اصبح جسمي لوحه مرعبه اختلطت فيها الالوان الداكنه والجراح الغائره !!
انفجر حينها خالد بالبكاء حاولت تهدئته وتسكيته بعد قليل هدأ من بكاؤه ثم واصل الحديث
قائلا : صدقني ياستاذ سلمان لقد كرهت ابي ابغضته امتلا قلبي بالحقد عليه في ذات يوم من الايام
ونحن على مائدة الطعام قال لي هذا الاب الظالم :قم ولاتأكل معنا وقبل ان اقوم من المائده قام
هو وركلني في ظهري برجله الغليظه ركلة اسقطتني على صحن الطعام اظلمت الدنيا في عيني
وغلى الدم في عروقي ولم اعد افكر سوى في الانتقام من هذا الاب الظالم القاسي تخيلت نفسي
وانا اصرخ في وجهه واقول له سوف اقتص منك سوف اضربك كما تضربني واشتمك كما تشتمني
سوف اكبر واصبح قويا وسوف تكبر وتصبح ضعيفا عندها سافعل بك كما تفعل بي الان
وحينها اجزيك شر ماجزيتني!!
ثم هربت خرجت من المنزل اصبحت اجري على غير هدى وبدون هدف حتى ساقتني رجلاي الى هذا البحر
وامسكت بالمصحف اقرا فيه وابكي بحرقة ولوعه حتى لم استطع ان اواصل قراءة القران من كثرة البكاء
والنحيب فلما وصل خالد الى هذا المقدار من الكلام انفجر بالبكاء والنشيج فتركته يبكي ويبكي لان البكاء
في كثير من الاحيان يكون راحه وهو السعاده لم انطق بكلمه فقد ربط العجب لساني هل اعجب
من هذا الاب الوحشي الذي خلا قلبه من معاني الرحمه والابوه وعشعشت في قلبه القسوه والغلظه
ام اعجب من هذا الابن الصابر على البلاء الذي اراد له الله عز وجل الهدايه والاستقامه فالهمه الثبات
رغم الضغوط الرهيبه التي يواجهها فتى صغير مثله!
ام اعجب من كليهما حين استحالت رابطة الابوه والبنوه الى اشلاء وقطع ممزقه؟!!
افقت من خواطري على صوت خالد وهو يناديني : استاذ سلمان؟
امسكت بيده ومسحت بيدي على راسه انه كاليتيم بل اشد من اليتيم كفكفت دموعه بيدي
وضممته الى صدري لعله يجد شيئا من الحنان الذي لم يشعر به طوال
حياته ودعوت له ونصحته ببر والده والصبر على اذاه
ولو حصل منه ماحصل ووعدته بان اقابل والده بنفسي واكلمه واستعطفه ليسمح
لخالد بالعوده الى حلقة القران وافترقنا على ذلك..
ومرت الايام وانا افكر في الطريقه التي افاتح بها والد خالد في موضوع ابنه وكيف
اتكلم معه وكيف اقنعه ؟!
واخيرا استجمعت قواي ولملمت افكاري وقررت ان تكون المقابله اليوم الساعه الخامسه عصرا
وفي الموعد المحدد سرت الى منزل والد خالد وسارت معي افكاري الكثيره وتساؤلاتي العديده
طرقت باب المنزل فتح الباب واذا بذلك الوجه العابس وتلك التقاطيع الغاضبه تقابلني وقبل ان اتكلم
امسك ابو خالد بتلابيب ثوبي وشدني اليه وقال انت المطوع الذي يدرس خالد في المسجد؟
قلت:ن..ع..م !!
فقال والشرر يتطاير من عينيه والله لو رايتك تمشي معه مرة اخرى كسرت رجلك !
خالد لن يأتيكم بعد الان ثم جمع لعاب فمه وقذف به دفعة واحده في وجهي ثم اغلق الباب بقوه
فمسحت ماكرمني به في سبيله ورجعت ادراجي وانا اسلي نفسي واقول لها :
رسول الله عليه الصلاة والسلام فعل به اكثر من هذا لقد كذبه قومه وشتموه ورموه بالحجاره
وادمو رجله وكسرو رباعيته ووضعوا القاذورات فوقه واخرجوه من بلده وطردوه من ارضه
ومرت الايام تلو الايام والشهور تلو الشهور ونحن لانرى خالداً فابوه يمنعه من الخروج
حتى للصلاه في المسجد ونحن يمنعنا من رؤيته وزيارته دعونا لخالد كثيرا وسألنا الله ان يلهمه
الصبر والثبات امام هذا البلاء.
بعد فتره من الزمن الطويل انتقلت عائلة خالد الى الحي المجاور وانقطعت اخبار خالد عنا بالكليه..
ومرت السنون ونسينا خالداً في غمرة الحياه ومشاغلها ..
بقية القصة ... غدا ان شاء الله
تعليق