جميعهم عابرون لم يلتفت أحد لذاك الغصن الشاهق بالمنتصف لا أحد يدرك من أولئك المارة حكايته إلا ذاك العجوز الذي يحتسي الشاي بعنف وهو ينظر لأمر الغصن ،
دفن تحته جسد امرأته الأولى والوحيدة في حين أن روحها صعدت نحو السماء..
ينظر له وكأنه يداريه عن الأطفال وعن العابرين الذين يبتاعون المأكولات والألبسة
كي لا يدوسوا ثراها ولا يؤذوها..
مازال يصحو كل صباح يصنع كوبان من الشاي
ويتحدث , يتحدث عن بارحته كيف أصبحت وكيف أمست كيف كانت وما فعل بها..
حتى ينهي حديثه قائلا :أووه يبدو أنك لاتشتهين الشاي, دعينا نخرج الان
يخرج وحيدا قد لف غطاءا ثقيلا على رقبته وقليلا من فمه حتى لا يسمع له بكاء ولا نحيب خلف ذاك الغطاء
يخرج نحو رصيف طويل لا يقطع بكاءه عليها إلا إذا طلبت منه مساعدة ما
لذا هو لايستكين عن العمل لو لمدة يسيرة عله يتناسى به ذاك الطيف الذي يختلس ذاكرته كل حين..
شد من عزيمته واستجمع كامل قوته التي تهد شيبته ليكون حمالا للناس في الطرقات
عرف عنه الحمال عارف , أو كما يناديه الصبية عمو عارف ,
ذاع صيته وانتشر اسمه في أنحاء المدينة وأوساطها ..
طلبته ذات ضحى سيدة “معروف عنها أنها طائشة الثراء والمؤونة” في أن يكون تحت يديها أجيرا وحمالا خاصا بها..
في كل مرة تذهب بها نحو سوق البلدة الكبير يكون مرافقا لها ليحمل عنها ما تبتاعه من السوق..
لسوء الحظ أن قبر ‘روحه مواريا لسوق الذهب لذا كان أمرا تعسا عليه أن يمر بجانبه
ويتذكرها بجميع تفاصيلها الصغيرة ليتمتم في قلبه :
لك الله ياقبرا هد شيبتي
لي الأخرى وفي الأخرى أرى زوجتي
لعمرك إن الفقد خل بناظري
فما صرت أرى غيرك في المنام ويقظتي
ﻻ اريد من اي شخص : كﻶم جميل ،
لم يخرج من قلبه اما ان يقوله بكل
صدق او يحتفظ بكﻼمه لنفسه ‘
و ﻻ اريد اهتمام مزيف وكاذب في فراغهه
اما ان يهتم بي حتى في انشغاله ..
او يحتفظ بوقت فراغة له !
- لست بحاجة إلى المجاملة والكذب
هو يقول ان الفجر روح الصباح ..
ولي ثلاث ايام متسمر وانادي للصباح .. وين روحك امتلت روحي جراح
وين صبحي وين حلمي وين كل الأمنيات لشخص ظالم
تاهت احلامي بسكون وقال لي صبحي : حبيبك من يكون ؟
قلت له : أقفى وراح ..!
تعليق