مرايا الياسمين

تقليص
X
 
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة
  • عسولة بغداد
    عضو ماسي
    • Dec 2006
    • 1089

    مرايا الياسمين

    مرايا الياسمين

    يمشي البنفسجُ للبنفسجِ‏

    والشامُ تتيهُ في ثوبِ القَصَبْ‏

    مطرٌ جدائلُها.. يداها نخلتانِ‏

    وصدرُها نهرُ اللَّهبْ‏

    في جيدِها التَّاريخُ علَّقَ نهرَهُ ونهارَهُ‏

    وببرقِها اختتمَ الصَّلاةَ‏

    إلى قيامتها‏

    وفي دمها انسكَبْ‏

    تشرينُ قال لها اقطفي‏

    لم ينْتهِ النَّارنجُ من صدري‏

    وتلكَ سُلالتي‏

    شجرُ الخلودِ لها انتسَبْ‏

    * * *‏

    الشَّامُ من أقصى المحبَّةِ أقبلَتْ‏

    ريْحانُها الأمويُّ يقفزُ‏

    في سلالٍ من ذهبْ‏

    قمْ وارفعِ الراياتِ يا بنَ عساكرٍ‏

    واغزلْ محبَّتها قباباً‏

    يستظلُّ بها العربْ‏

    هذا أوانُ الشدِّ قمْ واشهدْ لها‏

    هي ذي على ماءِ الحريقِ تُريحُ جبْهتَها‏

    وسمَّوْها لشدَّةِ صبرها.. "جملَ المحاملِ"‏

    نادتِ الأحبابَ يوماً‏

    وهي في عزِّ الملوحةِ‏

    لم يجئْ أحدٌ ليسقيها‏

    ومَنْ أعطَتْهُ يوماً نورَ عيْنيها انسحَبْ‏

    لم تبكِ.. لكنْ أشعلتْ‏

    بدموعِها خدَّ السُّحبْ‏

    عادتْ دمشقُ إلى دمشق‏

    وما تبدَّلَ صوتُها‏

    قامتْ إلى المحرابِ تخطُبُ‏

    في جموعِ الياسمينْ:‏

    يا دارَ أحبابي وأهلي الطيّبينْ!!!‏

    هاتوا عجينتكم أصبّ الزيتَ فيها‏

    إنَّ زيتي لنْ يضيعَ معَ العجينْ‏

    * * *‏

    يا شامُ أنتِ بخورُنا‏

    وزهورُنا‏

    وعبورُنا الاتي إلى زمنِ الهطولْ‏

    جاؤُوكِ في وَضَحِ الجفافِ‏

    ليُطعموكِ إلى الذُّبولْ‏

    عن غيمهِ تشرينُ شمَّرَ‏

    قالَ للصَّفصافِ في بردى احتفلْ بقيامتي‏

    واكسرْ عن الأوراقِ مراةَ الذّهولْ‏

    لا وقتَ للتّحليق في ماءِ الغيابْ‏

    هذا أوانُ تساقطِ الأقمارِ‏

    فوق بساطيَ الأمويِّ‏

    فاسمعْ في دمائي‏

    كيف تصطكُّ الفصولْ‏

    أنا دورةُ الزّمنِ الذي لا ينتهي‏

    سأخيطُ من وَجَعِ الرّمال سفينتي‏

    وإلى الوصولِ أظلُّ أستبقُ الوصولْ‏

    لقطاريَ الشَّعبيِّ طعمُ الرّيحِ‏

    في بابِ الجبالْ‏

    ولخبزيَ الوطنيِّ أجنحةٌ تقولْ:‏

    مَنْ يبتعدْ عن نبعهِ القوميِّ‏

    تلفظْهُ الحقولْ‏

    * * *‏

    يا رائحينَ إلى صبايا الأُرجوانِ‏

    خُذوا دمي معكمْ حمامْ‏

    الشَّامُ قُبلتنا وقِبلتنا‏

    يمرُّ على نوافذها دمي‏

    فيضئُ قبلَ أوانهِ‏

    وعلى مساكبها ينامْ‏

    طفلاً لجأتُ إلى أصابعها‏

    وقد ذَبَحَ الغزاةُ حقيبتي ودفاتري‏

    طفلاً أتيتُ على عصا التذكارِ متّكئاً‏

    أدقُّ الليلَ من بابٍ لبابْ‏

    ودمي المسافرُ في دمي‏

    يتعقَّبُ القمرَ المعلَّقَ في الضبابْ‏

    ألقَتْ عليَّ رداءَها الفيحاءُ‏

    غطَّتْ جانحيَّ بغوطتْيها‏

    كانتْ تُمشّطني.. وتطعمُني‏

    تماماً مثلَ أمي أستظلُّ بساعديها‏

    حينَ أذرفُ دمعةً‏

    كانتْ تنشِّفُ وجنتيَّ براحتيها‏

    ثم تُعطيني عروسةَ زعترٍ‏

    أبكي عليها‏

    دارتِ الأيَّامُ.. أذكرُ أننَّي‏

    فكرَّتُ يوماً أنْ أغادرَها‏

    إلى قمرٍ سواها‏

    حينما صافحْتُها اشتعلتْ‏

    يدايَ على يديها‏

    غادرْتُها ليلاً... فما اتجهتْ خُطايْ‏

    إلاَّ إليها‏

    * * *‏

    طوبى لقنديلِ الزَّمانِ‏

    على فتيلتهِ يُؤَذَّنُ قاسيونْ‏

    الشَّامُ جُذوتُه التي لا تنطفي‏

    ولأنها استعصتْ‏

    على الرّيحِ اصطفاها الوردُ‏

    عاصمةً له‏

    ولأنّها أحلى النّساءِ‏

    من القلوبِ عقودُها صيغتْ‏

    وحبَّاتِ العيونْ‏

    الشَّامُ قلعةُ مجدنا‏

    لا عيبَ فيها‏

    غيرَ أنَّ رغيفَها الوطنيَّ ليسَ لها‏

    وأنَّ الملحَ فيه لا يخونْ‏

    يا أيُّها الوطنُ المشجَّرُ بالنوارسِ والصَّدى!!!‏

    قلبي عليكَ‏

    إذا أردْتَ بأنْ تكونَ مجهَّزاً للحربِ‏

    فاذهبْ أوَّلاً للحبِّ‏

    ثم اقرأْ على الأشجار قرانَ الندى‏

    إذهبْ.. ولا تجنحْ إلى سلْمٍ‏

    حمائمُه تحاصُرها سكاكينُ العدى‏

    هذا ابتداءُ المهرجانِ اللَّهُ أكملَ صُنْعَهُ‏

    سبحانَ مَنْ ساقَ الغمامَ‏

    على بُراقِ الشَّامِ‏

    وابتكرَ الولادةَ من مخاضِ السَّنبلهْ!!‏

    أنا ذاهبٌ يا شامُ منكِ إليك‏

    منكِ إلى الجليلِ البرقُ فاتحتي‏

    وأنتِ البسْملَهْ‏

    أنا ذاهبٌ تقتادني للعشقِ شمعةُ حنظلَهْ‏

    ولأننّي وطنٌ بلا وطنٍ‏

    سأُطْلقُ جمرتي تلتفُّ حولَ المرحلَهْ‏

    حتى تبينَ البسمةُ البيضاءُ‏

    من حجرِ الدّموعِ المُقْفلَهْ‏

    أنا ذاهبٌ.. ودمي مرايا الياسمينِ‏

    إلى غيومي المقبله‏

    أنا ذاهبٌ أصطافُ في دمها‏

    أُخيِّمُ تحت مشمشِها المعطَّرِ بالغمامْ‏

    بذراع قلبي أمسَكَتْ.. وتلبَّستْني‏

    يا حمامَ الشَّامِ صدِّقْ.. لا تصدِّقْ‏

    كلَّ ما يُدّلي به للريحِ عشاقُ الظلامْ‏

    لبسوا خديعتَهم وقالوا‏

    مثلكم نهوى السَّلامْ‏

    حبرٌ على ورقٍ.. رمادُ الحبرِ هل ينمو‏

    على ورقِ الغبارْ؟؟‏

    الشامُ قلعةُ حبِّنا ‏

    ولها يغنّي العاشقونْ‏

    ولأنها أحلى النساءِ‏

    من القلوبِ عقودُها صيغتْ‏

    وحبَّاتِ العيونْ‏

    لا عيبُ فيها‏

    غير أنَّ رصاصَها يمشي‏

    على قدمينِ من نارٍ ووردٍ‏

    أقسمتْ ألاَّ تهونَ.. ولن تهونْ‏

    لا عيبَ فيها‏

    غيرَ أنَّ رغيفَها الوطنيَّ ليس لها‏

    وأنَّ الملحَ فيه لا يخونْ‏

    1997‏

    القيت في قصر الثقافة (مكتب عنبر) بمناسبة مهرجان دمشق الرابع للثقافة والتراث. تحت رعاية السيد محافظ مدينة دمشق الأستاذ محمد زهير التغلبي‏

    في 25/9/1997.‏




  • عابر^سبيل
    عضو متألق
    • Mar 2005
    • 294

    #2
    رد : مرايا الياسمين

    القصيدة طويلة وأحمد الله إني ختمتها وقرأتها.
    الأبيات لمدح الأرض وأهلها وتستاهل الشام كل خير وكل طيب .
    فيها من الروائع والتشبيهات الجميلة ما يناسب المقال والموضوع.

    وأشكرك على هذا الإنتقاء وتسلم يمينك على كل هذا التعب وطول صبرك في كتابة القصيدة.


    وتقبلي في الأخير تحياتي .

    دمتي بود.

    تعليق

    • القلب المحطم
      عـضـو
      • Jan 2007
      • 31

      #3
      رد : مرايا الياسمين

      مشكوووووووووووووووووورة اختى


      والله يوفقك اخت عسولة

      واتمنى لك التوفيق فى حياتك العلمية والعملية


      وشعرك والله حلو وجميل اعجبنى كثير


      اخوك القلب المحطم

      تعليق

      • الملاك الحنون
        عـضـو
        • Jan 2007
        • 16

        #4
        رد : مرايا الياسمين

        مشكورة على القصيدة ة
        الى مليانة حب الى البلد
        يسلم قلمك
        تحياتى فلسطينى وافتخر

        تعليق

        • عسولة بغداد
          عضو ماسي
          • Dec 2006
          • 1089

          #5
          اسعدني مروركم

          تعليق

          • أسيرة الأحزآن
            عـضـو
            • Feb 2008
            • 13

            #6
            قصيده رائعه وكلماتها لها معاني جميله ...

            يعطيك الف عافيه..

            تحياتي,,,

            تعليق

            • عسولة بغداد
              عضو ماسي
              • Dec 2006
              • 1089

              #7
              اسيرة الاحزان
              قد انارت صفحتي بمرورك

              تعليق

              google Ad Widget

              تقليص
              يعمل...