أشهر عشاق العرب

رونـه

Active member
كُثير وعَزةكُثير بن عبد الرحمن أحد عشاق العرب المشهورين..وهو صاحب عزة بنت جميل. كان كُثير قصير القامة وأعور! وبسبب هذه العيوب كلها فر كُثير إلى مصر حيث نزل عند عبد العزيز بن مروان و أطال عنده الإقامة، حتى اشتد شوقه إلى عزة فخرج إليها بالمدينة فصادفها في الطريق قادمة إلى مصر لتراه ، ولتنعم بلقياه. ويعاتبها وتعاتبه، ويفترقان متغاضبين هو إلى المدينة وهي إلى مصر. ثم عز عليه أن يفارق بلدا فيه هواه، فرجع مصرا ولكنه لسوء الحظ ، وجد الناس ينصرفون من جنازة عزة ،فأتى قبرها وأناخ راحلته عندها، ومكث ساعة ثم رحل إلى المدينة وهو ينشد :
أقول ونضوي عند قبرها عليكِ سلام اللهِ، والعين تسفحُ
وقد كنتُ ابكي من فراقكِ حيةً فأنت لعمري اليومَ أنأى وأنزحُ
و هكذا نرى لوعة كُثير في العشق لوعة تثير الإشفاق :
أمنقطعٌ يا عزّ ما كان بيننا وشاجرني يا عز فيك الشواجرُ
إذا قيل : هذا بيتُ عزة قادني إليه الهوى ، واستعجلتني البوادر ُ
أصُدُ وبي مثل الجنون لكي يرى رواةُ الخنا أني لبيتكِ هاجرُ
ألا ليت حظي منكِ يا عز أنني إذا بنتِ باع الصبر لي عنك تاجرُ

جُن بليلى … وقد شغفها حب قيس !إنه مجنون بني عامر الشاعر الذي قتله العشق.قيل عنه ‘كان مجنونا يهوى ليلى بنت مهدي،وقد تربا معا مذ أن كانوا يربون الإبل معا ، حتى كبرا فحجبت عنه فأنشأ يقول:
تعلقت ليلى وهي ذاتُ ذؤابةٍ ولم يبدُ للأترابِ من ثديها حجمُ
صغيرين نرعى البَهم ياليت أننا إلى اليوم لم نكبر،ولم تكبر البهمُ
سبب عشق المحنون ليلى!
قالت: تشاغلتُ عنه ذات يوم بغيره، وجعلت تعرض عن حديثه ساعة، وتحدث غيره لتعرف مدى صدقة في حبه ؛ فإذا وجهه قد تغيّر وإذا لونه قد انتقع، وشق عليه فعلها، فأنشأت تقول:
كِلانا مُظهرٌ للناس بُغضا وكلٌ عند صاحبه مكينُ
تُبلغنا العيون بما أردنا وفي القلبين ثم هوى دفينُ
فما سمع ذلك حتى شهق شهقة شديدة، وأُغمي عليه، فمكث على ذلك ساعة، ونضحوا الماء على وجهه حتى أفاق ! وتمكن حب كل واحد منهما في قلب صاحبه حتى بلغ منه كل مبلغ!
وهكذا بلغ به العشق!
بلغ العشق من مجنون بني عامر أن أخرجه إلى الوسواس والهيمان،وذهاب العقل، وكثرة الهذيان، وهبوط الأودية وصعود الجبال، والوطء على العوسج،وحرارة الرمال ، وتمزيق الثياب ، واللعب بالتراب ، والرمى بالأحجار ، والتفرد بالصحارى، والاستيحاش من الناس، والاستئناس بالوحش، حتى كان لا يعقل عقلا، فإذا ذكرت له ليلى ثاب إلى عقله، وأفاق من غشيته، وتجلت عنه غمرته، وحدثهم عنها أصح الرجال عقلا، وأخلصهم ذهنا، لا ينكرون من حديثه شيئا، فإذا قطع ذكرها رجع إلى وسواسه وهذيانه، وتماديه في ذهاب عقله0
حكي عنه في أول ابتداء وسواسه أنه قيل لأبيه : لو أخرجت قيسا أيام الموسم، وأمرته أن يتعلق بأستار الكعبة، ويقول اللهم أرحني من حب ليلي) ، لعل الله كان يريحه من ذلك ففعل، فلما طاف بالبيت تعلق بأستار الكعبة، و قال: اللهم زدني لليلى حبا إلي حبها ، وأرني وجهها في خيرٍ وعافية، فضربه أبوه فأنشأ يقول:
ذكرتك والحجيج له ضجيج بمكة والقلوب لها وجيب
فقلت ونحن في بلد حرام به لله أُخُلصت القلوب
أتوب إليك يا رحمن مما عملت فقد تظاهرت الذنوب
وأما من هوى ليلى وتركي زيارتها فإني لا أتوب
وكيف وعندها قلبي رهين أتوب إليك منها وأنيب
وهام بعدها على وجهه في البرية مع الوحش، ولم يكن يأكل إلا ما ينبتُ في البرية من بقل، ولا يشرب إلا مع الظباء إذا وردت مناهلها، وطال شعره وألفته الظباء والوحوش فكانت لا تنفر منه.
وجعل يهيم حتى بلغ حدود الشام، وكان كل مرة يعود فيها لعقله يسأل الناس عن طريق نجد..ومن ثم يضل وهكذا..وقد سأله أحد المارة يوما عن سبب وصوله لهذا الحال فبكى المجنون ثم قال:
كان القلب ليلة قيل يُغدى بليلى العامرية أو يراحُ
قطاة عزها شرك فباتت تجاذبه. وقد علِق الجناح
إن قصة قيس بن الملوح هي قصة المتيم المكبول الذي يقضي دهره أسيرا لهوى واحد إلى أن يصاب بالجنون !
وهكذا .. عاش المحبان على أمل اللقاء

عنترة وعبلة
عنترة بن شداد العبسي ، بطل حرب داحس والغبراء..أحب عبلة بن مالك ابنة عمه، ولكنها كانت حرة، وهو عبدٌ وأمه جاريه اشتراه أبوه. ولما أتى بالنصر لقومه في حرب داحس فرح أبوه كثيرا وألحقه بنسبه ،ورد عليه حريته فأصبح في عداد الأحرار ، ومحى عن نفسه ذل العبودية ،وتقدم لخطبة عبلة ولكنه رُفض فحز ذلك الأمر في نفسه وتفجر به ينبوع الشعر على لسانه نبعا عذبا، فأنشد في مديح عبلة:ولقد ذكرتك والرماح نواهلُ مني، وبيضُ الهند تقطرُ من دميفوددت تقبيل السيوف لأنها لمعت كبارق ثغرِك المتبسمِ
ولكان هذا الحب حب الفارس المغوار وبطل قبيلة عبس وحامي ذمارها قوبل بالجفاء من عبلة التي أجمعت معظم كتب الأدب على صدها لعنترة..
إنها قصة الشجاعة النادرة !
قصة القلب الذي شغفته عبلة حُباً !
ولكن ماذا يفعل عنترة ؟
لقد وجد شفاء نفسه في الحرب وخرج منها بطلا يتكلم عنه التاريخ وألهمته البطولة روائع من القول جعلته من أبرز شعراء الجاهلية إن لم يكن أبرزهم وأحد أصحاب المعلقات وإن كان قد خسر عبلة

جميل و بثينة
جميل هو أبو عمرو جميل بن عبد الله بن معمّر أحد عشّاق العرب المشهورين. أحب ابنة عمه، وعُرف بها فدعي ‘جميل بثينة‘ وقد اشتهر بشدة حبه لبثينة …وهو الذي يقول في عفة بثينة:لا والذي تسجد الجَباه له مالي بما دون ثوبها خبرُ
لا بفيها ، ولا هممتُ بها ما كان إلا الحديثُ والنظرُ!
بدأت قصة العاشقين عندما التقى جميل ببثينة في أحد الأعياد وكان جميل بدويا يعيش في وادي القرى؛ فعشقها مذ كان غلاما، فلما كبر خطبها، فرد عنها لأنه شبب بها في شعره!
ثم شاءت الظروف أن تقترن بثينة برجل سواه، فلم يزدد بها إلا ولعا وحبا، ولم يفلح أهله في إقناعه بوجوب الكف عن هوى بثينة..
إهدار دمه :
لقد كان على جميل أن يبتعد عن بثينة، وألا يحاول الاقتراب من ديار بني عمه بعد أن أصبحت لغيره!
ولما أقرح الحب قلبه طلب إليها أن ترحمه قائلا:
ارحميني، فقد بُليتُ ، فحسبي بعض ذا الداءِ ، يا بثينةُ حسبي
لامني فيكِ – يا بثينةُ – صحبي لا تلوموا ، فقد أقرح الحب قلبي!
إن قصة جميل تمثل الشخصية النبيلة التي بلغت الغاية في الشعر والعشق، وسارت أخبارها في الرجولة والشهامة.
لم تنقطع محاولات جميل، فقد أعماه الحب! ولم يكن يطيق فراقها ؛فكان يحاول أن يلقاها بمنزلها بوادي القرى، وجمع له قومها جمعا ليأخذوه فحذرته بثينة فاستخفى وقال:
ولو أن ألفا دون بثنية كلهُم غيارى ، وكلٌ حاربٌ مزمعٌ قتلي
لحاولتُها إما نهارا مجاهرا وإما سُرى ليلٍ ولو قُطعت رِجلي
ووسط رجاء بثينة اضطر جميل أن يرحل إلى مصر وفي مصر لقت روحه بارئها!!
ويأتيها الخبر فتقول :
وإن سلوى عن جميلٍ لساعةٌ من الدهرِ لا حانت ولا حان حينها
سواءٌ علينا يا جميلُ بن معمرٍ إذا متّ : بأساء ُ الحياةِ ولينُها
هذا وأخبار جميل وبثينة تملأ كتب الأدب وحكايتهم على كل لسان وشعره في بثينة من أروع ما قالته العرب: حيث يروى أن بثينة دخلت على عبد الملك بن مروان فقال لها: والله يا بثينة ما أرى فيكِ شيئا مما كان يقول جمل!
قالت : يا أمير المؤمنين ؛ إنه كان يرنو إلىّ بعينين ليستا في رأسك!
وأنشدت تقول من شعر حبيبها..
ألا ليت شِعري هل أبيتن ليلة بوادي القرى؟ إني إذاً لسعيدُ
وهل ألقين فرداً بثينة مرة تجودُ لنا من ودها، ونجودُ
علِقتُ الهوى منها وليداً،فلم يزل إلى اليوم ينمي حُبها ويزيد
وأفنيت عمري بانتظارِ وعدها وأبليتُ فيها الدهرَ وهو جديدُ
فلا أنا مردودٌ بِما جئت طالبا ولا حبها فيما يبيدُ يبيدُ
وقد ورد في الأثر أن اخر ما قاله جميل من الشعر كان:
يهواك ما عشت ُ الفؤادُ وإن أمُت . . . يتبع صدايَ صداكِ بين الأقبرِ

توبة وليلى
قصة حب عنيف عفيف ،صادف قلبا خاليا فتمكن !وفرقت الأيام بين جسديهما، لكنهما ظلا على وفائهما فما الحب إلا للحبيب الأول.وليلى الأخيلية من النساء المتقدمات في الشعر شأنها شأن الخنساء في الإسلام. وكان توبة يهواها، ويقول فيها شعرا على عادة العرب.. وعبر لأهلها عن رغبته بالاقتران بها فقابلوه بالرفض لا لشئ يعيبه إلا أنه تناولها في شعره وإن كان عفيفا!
حيث أن العرب الأقدمي كانوا لا يزوجوا بناتهم ممّن شهّر بهن.. وهكذا زُوجت ليلى برجل اخر وحُرم الحبيبن من بعضهما إلى الأبد!!
وهام توبة على وجهه يبكي ليلاه، وحظه العاثر ! وعاشا الحبيبين على البعد..كل في طريق..وكان (توبة) كثير الغارات.. فقتل في إحدى غاراته ..وسجل التاريخ أروع رثاء قالته مُحبة في حبيب فرقت بينهما الأيام.
أقسمت أرثى بعدَ توبةَ هالكا وأحفِلُ من دارت عليه الدوائر
لعَمرك ما بالموت عارٌ على الفتى إذا لم تصبه في الحياة المعابرُ
وما أحدٌ حيا وإن كان سالما بأخلد ممن غيّبته المقابرُ
ومن كان مِما يُحدثُ الدهر جازعا فلابد يوما أن يُرى وهو صابر ُ
وليس لذي عيش من الموت مذهبٌ وليس على الأيام والدهر غابِرُ
ولا الحيُ مما يُحدث الدهر معتبٌ ولا الميت إن لم يصبر الحيُ ناشرُ
وكل شبابٍ أو جديد إلى بِلى وكلّ امرئ يوما إلى الله صائرُ
وكلُ قريني أُلفةٍ لتفرقِ شتاتا، وإن ضنّا، وطال التعاشُرُ
فلا ُيبعدنك الله يا توبَ هالكا أخا الحرب إن ضاقت عليه المصادرُ
فأقسمتُ لا أنفكُ أبكيك ما دعت على فننٍ ورقاءُ أو طار طائرُ
قتيل بني عوف، فيا لهفتا له فما كنتُ إياهم عليه أُحاذرُ
…. ومرت أيام وأعوام ، ذهب فيها سباب ليلى ، وذبلت زهرتها! وأسنت وعجزت.. وكانت ليلى ذات يوم مقبلة من سفر ، فمرت بقبر توبة في طريق عودتها.
فقالت : السلام عليك يا توبة!
أنتم السابقون وإنا إن شاء الله بكم لاحقون ! وسكتت قليلا ثم حولت وجهها إلى القوم ممن حولها وقالت : أشهد أنني لم أعرف له كِذبة قط قبل يومنا هذا!!
عجب القوم وقالوا : كيف ذلك؟
قالت ألم تسمعوه يقول :
ولو أن ليلى الأخيلية سلّمت علّي، ودوني جندلٌ وصفائح
لسلمتُ تسليم البشاشة أو زقا إليها صدى من جانب القبر صائحُ
وأُغبطُ من ليلى بما لا أناله ألا كل ما قرت به العين صالح
النهاية الأليمة
وكانت إلى جانب القبر ‘بومة‘ مختبئة، فلما رأت الهودج..فزعت.. وطارت مذعورة في وجه الجمل ! فخاف الجمل واضطرب وهاج ورمى بليلى فسقطت على رأسها فماتت لوقتها، ودفنت هناك على مقربة ممن كان أحب الناس إلى قلبها..وأقربهم إلى روحها!


ايميل
 
عودة
أعلى