كتاب يواجه مشاكل المراهقين

التصدي للكتابة عن المراهقين أمر ليس سهلا‏..‏ فالمراهق بطبعه متمرد وثائر ورافض للحوار والحديث المنطقي الهادئ‏..‏ لا يرضي بالنصائح والارشادات التي يسكبها الأهل فوق أذنيه ولايعجبه العجب كذلك‏.‏

لذلك فان من أصعب الأمور برأيي عقد علاقة صداقة حقيقية بين الأهل وابنائهم المراهقين‏..‏ فالطرفان متناقضان مثل‏:‏ الخطان المتوازيان لا يلتقيان‏..‏ وبالتالي فالحديث بينهما دائما شائك ومتفجر وحافل بالألغام‏..‏ ومدخل الحوار هنا‏..‏ وأسلوب الحديث وطرح المشكلات أمر مهم وأساسي والا فسيظل الخطان متوازيان‏..‏

الكتاب الساخر الذي بين أيدينا‏(‏ كابتن مصر‏)‏ للكاتب عمر طاهر يقتحم في جرأة وجسارة وخفة دم أيضا عوالم المراهقين راصدا مشكلاتهم ومتحدثا بلغاتهم ومستخدما نفس صياغاتهم وكلماتهم‏,‏ وطارحا اسئلة تراود وتؤرق كثيرا المراهق وربما لا تجد لها إجابة شافية‏..‏ وهو هنا وان كان يقدمها في شكل ساخر وفكاهي و‏(‏فنتازي‏)‏ إلا انه عبر هذا الاطار الذي يغلف كلماته يقول لنا الحقيقة المجردة التي ربما لن تعجب التربويين وعلماء النفس وأساتذة الاجتماع الذين دأبوا علي استخدام صياغات وكلمات وكليشهات و‏(‏تيمات‏)‏ متكررة ونمطية بعيدة كل البعد عن عوالم المراهقين المتأججة إلا انه يقول مع ذلك الحقيقة‏.
لماذا أكره المذاكرة؟

هكذا يتسائل عمر طاهر متحدثا علي لسان المراهقين‏,‏ ويأخذ في سرد الأسباب الحقيقية التي تجعل المذاكرة هما يجثم فوق صدورهم وقلوبهم‏..‏ وهو هنا يقدم الاجابة وفق كلماتهم وإحساساتهم‏..‏ يقول أكره المذاكرة لاني أحب النوم أكثر والمقارنة بينهما ليست في صالح المذاكرة بالتأكيد‏..‏ اكره المذاكرة لان الحفظ صعب والفهم أصعب اما التركيز فهو من تاسع المستحيلات‏..‏ اكره المذاكرة لأنها لافتة كبيرة مكتوب عليها ممنوع‏..‏ ممنوع الخروج‏..‏ ممنوع السرحان‏..‏ ممنوع الجلوس مع الضيوف‏..‏ أكره المذاكرة لأنها تعطي الحق لكثيرين ليتحكموا في حياتي‏..‏ أكره المذاكرة لانني لا أري علاقة مباشرة بين دروس اللغة العربية ورغبتي في أن أكون لاعب كرة في أشبال النادي الأهلي إلي اخر الأسباب التي يوردها الكاتب باسلوبه الفكاهي والتي تعكس معها مشاعر مراهق‏(‏ ثائر‏)‏ و‏(‏كاره‏)‏ ل‏(‏ قعدة المكتب‏)‏ و‏(‏الحبس الانفرادي‏)‏ المرغم عليه‏.‏

ويأتي بعد ذلك السؤال الأصعب‏(‏ طيب إزاي أحب المذاكرة؟‏).‏

يقدم هنا عمر طاهر نصائح وارشادات للمراهقين باسلوب سهل وقريب من قلوبهم وعقولهم‏,‏ ولا يتخلي مع ذلك عن لغته الساخرة الفكاهية يقول‏:‏ لكي تحب المذاكرة يجب أن تجيب عن سؤال مهم‏(‏ أنت بتذاكر ليه اصلا؟‏!)‏ لابد أن تمتلك سببا مقنعا بينك وبين نفسك يجعلك تحب المذاكرة وتخلص لها‏(‏ بتذاكر ليه‏)..‏ تذاكر حتي لا ترسب‏..‏ تذاكر لكي تحقق حلما ما في خيالك‏..‏ تذاكر حتي تتعلم وتعرف‏.‏ وإذا كان الكاتب قد قدم كتابه بهذه الكلمات أيام المراهقة هي الأيام التي تسبق قيام الثورة فانه قد عرض هموم ومشاكل وقضايا المراهقين بنفس ايقاعهم المتمرد والمشاغب والثائر‏..‏ وهو هنا لا يتحدث فقط بلغتهم وكلماتهم‏,‏ بل يشاركهم حياتهم وعوالمهم بكل تفاصيلها ودخائلها ليس فقط من أجل اقتحام تلك العوالم الثائرة ولكن من أجل محاولة فهمها والتقرب منها ومن ثم دفع المراهقين دون نصح مباشر ورنان وأجوف الي شاطئ الأمان ومرفأ النجاح والتحقق وربما أيضا لاتاحة علاقة صداقة حقيقية ودافئة بين الأباء والأبناء المراهقين‏..‏
 
عودة
أعلى