عواقب الذنوب
إن الذنوب والمعاصي تضر، ولا شك ان ضررها في القلب كضرر السموم في الأبدان،على اختلاف درجاتها في الضرر
وهل في الدنيا والآخرة شرور وداء إلا سببه الذنوب والمعاصي؟
فما الذين أخرج الوالدين من الجنة، دار اللذة والنعيم والبهجة والسرور، إلى دار الآلام والأحزان والمصائب؟
وما الذي أخرج إبليس من ملكوت السماء، وباطنه أقبح من صورته وأشنع،وأُبدِلَ بالقرب بعداً،وبالرحمة لعنة،وبالجمال قبحاً وبالجنة ناراً تلظى،وبالإيمان كفراً،وبموالاة الولي الحميد أعظم عداوة ومشاقة،وبِزَجْلِ التسبيح والتقديس والتهليل زَجْلَ الكفر والشرك والكذب والزور والفحش، وبلباس الإيمان لباس الكفر والفسوق والعصيان، فهان على الله غاية الهوان، وسقط من رحمته غاية السقوط، وحل عليه غضب الرب تعالى فأهواه، ومَقَتَهُ أكبر المقت فأرداه، فصار قواداً لكل فايق ومجرم، رضي لنفسه بالقيادة بعد تلك العبادة والسيادة، فعياذاً بك اللهم من مخالفة أمرك وارتكاب نهيك..
وما الذي اغرق أهل الأرض كلهم حتى علا الماء فوق رؤوس الجبال! وما الذي سلط الريح العقيم على قوم عاد حتى القتهم موتى على وجه الأرض كأنهم أعجاز نخلٍ خاوية، ودمرت ما مرت عليه من ديارهم وحروثهم وزروعهم ودوابهم، حتى صاروا عبرة للأمم إلى يوم القيامة؟
وما الذي أرسل على قوم ثمود الصيحة حتى قطعت قلوبهم في أجوافهم وماتو على آخرهم؟
وما الذي رفع قرى اللوطية حتى سمعت الملائكة نبيح كلابهم، ثم قلبها عليهم، فجعل عاليها سافلها، فأهلكهم جميعاً، ثم أتبعهم حجارةً من السماء أمطرها عليهم، فجمع عليهم العقوبة مالم يجمعه على أمةٍ غيرهم، ولإخوانهم أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد؟
وما الذي أرسل على قوم شعيب سحاب العذاب كالظُلَل، فلما صار فوق رؤوسهم أمطر عليهم ناراً تلظى؟
وما الذي أغرق فرعون وقومه في البحر ثم نقلت أرواحهم إلى جهنم، فالأجساد للغرق، والأرواح للحرق؟
وما الذي خسف بقارون وداره وماله وأهله؟
وما الذي أهلك القرون من بعد نوح بأنواع العقوبات ودمرها تدميراً؟
وما الذي أهلك قوم صالح بالصيحة حتى خمدوا على آخرهم؟
وما الذي بعث على بني إسرائيل قوماً أولي بأسٍ شديد، فجاسوا خلال الديار، وقتلو الرجال، وسبوا الذراري والنساء، وأحرقوا الديار ونهبوا الأموال، ثم بعثهم عليهم مرة ثانية فأهلكوا ماقدرو عليه وتبروا ما علوا تتبيرا؟
وما الذي سلط عليهم بأنواع العذاب والعقوبات، مرة بالقتل والسبي وخراب البلاد، ومرة بجور الملوك، ومرة بمسخهم قردة وخنازير، وآخر ذلك أقسم الله تبارك وتعالى :( وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ ) 167الأعراف..
وفي مسند أحمد من حديث أم سلمة قالت: سمعت رسوال الله صلى الله عليه وسلم يقول: 《إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله بعذاب من عنده》
فقلت: يارسوال الله، أما فيهم يومئذ أناس صالحون؟ قال: بلى، قلت : فكيف يُصنع بأولئك؟ قال:《يصيبهم ما أصاب الناس، ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوان》