المتبوعون والأتباع

المتبوعون والأتباع..
ما أعظم الحسرة عندما يفني الإنسان عمره في خدمة ظالم، أو الترويج له، أو التبرير لظُلْمِه، أو يكون تابعًا لأهل الضلال، وهناك الحسرة والندامة حيث لا ينفع ندم ولا حسرة؛ حين يتبرأ المتبوعون من أتباعهم، وحين يتبرأ الظلمة من جنودهم وعساكرهم وأعوانهم في الظلم وإِضلال الناس؛ قال الله وهو يصور هذه المشاهد وهذه الحسرات:
1- {إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ * وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّؤُواْ مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ}.
تبرأ المتبوعون والقادة والملأ من أتباعهم، وتقطع وانفصل وانتهى ما كان بينهم في الدنيا من صِلات ومصالح، وانقلبت عليهم يوم القيامة حسرة وندامة؛ وحينئذٍ فالأتباع والرِّعاع وأبواق الظلمة والضُّلَّال يتمنون أن يُرَدُّوا إلى الدنيا فيتبرأوا من متبوعيهم؛ ولكن هيهات.

2- {وَبَرَزُواْ لِلّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللّهِ مِن شَيْءٍ قَالُواْ لَوْ هَدَانَا اللّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ}. أي ليس لنا ولا لكم من مهرب ولا نجاة من العذاب.

3- {وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ * قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُلٌّ فِيهَا إِنَّ اللَّهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبَادِ}.

4- {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَن نَّكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَندَادًا وَأَسَرُّوا النَّدَامَةَ لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
أي كنتم تمكرون بنا ليلًا ونهارًا، وتخبرونا أننا على هدى؛ إذ تُحَسِّنون لنا الكفر والضلالة، وتدعوننا إلى ذلك، وتقولون: إن ذلك هو الحق، فما زال مكركم بنا وكيدكم إيَّانا؛ حتى أغويتمونا وفتنتمونا.

5- {قَالَ ادْخُلُواْ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِكُم مِّن الْجِنِّ وَالإِنسِ فِي النَّارِ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَّعَنَتْ أُخْتَهَا حَتَّى إِذَا ادَّارَكُواْ فِيهَا جَمِيعًا قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لأُولاَهُمْ رَبَّنَا هَؤُلاء أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِّنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِن لاَّ تَعْلَمُونَ}.
ادَّارَكُواْ؛ أي: اجتمع في النار جميع أهلها، من الأولين والآخرين، والقادة والرؤساء والمقلدين الأتباع؛ فيسأل أُخراهم؛ أي الأتباع والسفلة والرعاع، يسألون الله أن يضاعف لأولاهم العذاب، وأولاهم؛ هم سادتهم وزعماؤهم، سألوا لهم مضاعفة العذاب؛ لأنهم هم الذين شرَّعوا وزيَّنوا لهم الضَّلال، فأراد الأتباع أن يكون رؤوس الضلالة والطغيان هم أولى بعقوبة أشدُّ من عقوبة الذين قلَّدوهم واتبعوهم؛ لكن من كانوا رؤساء وسادة يتبرؤون من أتباعهم بقولهم {وَقَالَتْ أُولاَهُمْ لأُخْرَاهُمْ فَمَا كَانَ لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ فَذُوقُواْ الْعَذَابَ بِمَا كُنتُمْ تَكْسِبُونَ}؛ أي: قد اشتركنا جميعا في الغي والضلال، وفي فعل أسباب العذاب، فأيُّ فضل لكم علينا؟ { فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ ْ}. ولكنه من المعلوم أن عذاب الرؤساء وأئمة الضلال أبلغ وأشنع من عذاب الأتباع، كما أن نعيم أئمة الهدى ورؤسائه أعظم من ثواب الأتباع، قال تعالى: { الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}. فلهم عذاب الكفر وعذاب الصد عن دين الله.

6- {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا رَبَّنَا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانَا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الْأَسْفَلِينَ}.
 
نشر كلام الله عِلْمٌ بمن جهله وتذكير لمن نسيه
اذا صحت فيه النية وسلامة المطلب قال تعالى :

[FONT=&quot] وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَىٰ تَنفَعُ الْمُؤْمِنِينَ
[/FONT]
[FONT=&quot]وفقك ربي لكل خير اخي الكريم [/FONT][FONT=&quot][/FONT]
 
عودة
أعلى