مقامة الرقصة الأخيرة

مقامة الرقصة الأخيرة

ملحوظة قبل القراءة ...
إلى جل من يملك أمره ، آثر السلامة دائما ولا تعرض نفسك لاختيار مآله "أكون أو لا أكون".

النص
وجدتها فى كهف من كهوف الجبال وأنا أعبر الصحراء ، طفلة شعثاء ، وثيابها العراء ، وملامح وجهها متوحشة ولكنها تختفى خلف ثوب من بسمات حرباء ، لكنى ظننته من وحشة البيداء ، وطول المقام وسط الوحوش والظلمات.
أو لعلها تجنست ببيئة من حولها واختفت بشريتها خلف قصبان الفيافى المكفرة ، فأردت أنا... إطلاق الإنسان .
فبسطت يدي أغيث .
فوجدتها خائفة أو كأنها تفكر فى شئ ما ، فاستنفرتها على بسط يدها ، وأركبتها مطيتى ومضينا .
أدخلتها قصرى .
أمضت أحلام طفولتها و ريعان شبابها تحت رعايتى وحاشيتى .
لا أنسى يوم قفزها على خدى وأنا نائم مذ كانت طفلة .
ولا أنسى ظهرى الذى حملها فكانت فارسا يلهو بفرسه مذ كانت طفلة .
ولا زمهريرالشتاء الذى فيه خلعت ثوبى وألبسته إياها ، وأوقدت النار لها لتستدفئ وكاد وجهى يحترق دونها ، وكانت ثورتى أشد اشتعالا لرعايتها .
فكان خدى بساطا .
وراحة يدى لها عطاءا .
وظهرى لها لهوا ووقاءا .
وخدمى وحاشيتى لها أرقاءا .
ومن قبل مطيتى لها من الصحراء سفينة نجاة وإمضاءا .
فشبت تحت رعايتى فقررت الزواج وإقامة العرس .
مضى العرس وذهبت معها للعرس الأكبر فى قصرى وهو عرس الرقص .

طقوس الرقص..
رقصت لها وفى يدى كأس السكر.
وبينما أنا غارق بين الرقص والسكر تراءت أمامى مشاهدا من عقارب الحفن والدعب .
هو من السحر ؟
لا أدرى ولكنى قلت أنه من هلوثة السكر.
آخذ بيدها تارة وأدعها تارة وأنا ألف وأدور بالكأس.
أتمايل يمينا ويسارا وأقفز ثم أهبط لا أبغى نشوتى ولكن نشوتها هى .
قبل أن أطلق روحى فى روحها ودمى بدمها على الفراش الوثير .
كم انا مشتاق لانفلات نفسى فى لذيذ من متعة الجسد والروح على الفراش الوثير .
تقاربنا راقصين ، فلما قبلتها فى روح شفتيها شعرت بمس فى وريد قلبى فرقص جذلانا.
مددت يدى إلى يدها فكانت كأنها غيث من لجج البحار .
ممسك يدها وأدور، وكأس الطلى فى يدى وظللت أدور ، وأنا أستقرأ ملامح الطفولة التى عشتها بين البساتين عندما كنت الهو مع أمى فأدور حول السواقى وأمى من خلفى ضاحكة تدور . لكنها ولت أو ضاعت .
فلما تركتها ودرت حولها نشوانا ، تذكرت حمايتى لها من وحوش الصحراء وكنت جذلانا .
كنت أراقصها وأطربها .
وأسقيها الكأس وأقبلها .
وأدنيها وأحبوها .
ثم أخذت التاج وناولتها .
ومالى كاتبتها .
وطيلسانى وطيلستها .
وصولجانات الملك على كتفيها وضعتها .
وكنت قاب قوسين أو أدنى .
من انتهاء الطقوس العلى .

المشهد الأخير ......
وانغرس فى ظهرى خنجر الغدر .
غدرت لأنها تريد فردا الملك .
وسال دمى ، دم الغزال بعد المنح.
وامتلئت الدنيا دما .
سنة الكون فى الخلق سرت .
وتوحش الناس على أعتاب الملك ونسوا الحشر والبلى .
وقفزوا وغدروا وسرقوا ونهبوا وتكبروا ونسوا يوم اللقا ..

بقلمى
ابراهيم امين مؤمن ..
 
عودة
أعلى