رد: اشتق لك
.. قصة شاعر في ساحات القتال
عندما قرر الخروج من بيته و الذهاب لساحات القتال، كان متيقنا ان طريق السلام الذي ينشده لا بد وان يمر بعقبات الحرب. هذه الحرب التي لن يكون للورد والموسيقى فيها مكانا، فهي تبتلع كل من مر بها، حتى الذين، يحملون اوسمة شجاعة من اكبر الاكاديمات العالم، فرصاصة صغيرة، قد تنهي كل شئ.
علي رشم، شاعر عراقي شاب من مواليد 1988، حمل قصائده وتوجه الى قضاء امرلي قبل اربعة اشهر، عندما قرر المشاركة مع الجيش العراقي لمواجهة الجماعات الارهابية، التي تعبث بأمن العراق واستقراره.
قبل ايام وخلال عملية تطيهر ناحية جرف النصر (جرف الصخر سابقا)، تعرض رشم الى اصابة، ارقدته في مستشفى بابل، ليفارق الحياة بعد ذلك شاعرا مقاتلا دافع عن وطنه ضد العصابات الارهابية. ان "الشهيد علي رشم سطر اروع ملامح البطولة والفداء، وهو يقاتل للدفاع عن ارضه ووطنه ومقدساته، ضد عصابات جاءت من خلف الحدود"
وكتبت الإعلامية زينب فاروق في صحفتها على الفيس بوك ان "علي رشم الشاب الشجاع الذي فقد حياته وهو يدافع عن أرضه ضد الوباء الملعون، مبينة ان "رشم من الإشراف الذين يغامرون بحياتهم للدفاع عن الوطن".
وكتبت ايضا "استمروا يا عراقيين الخارج والداخل تنابزا بالألقاب ... استعرضوا عضلاتكم استمروا بالقتال فيما بينكم بلا نتيجة ... ما اسهل الكلام والتشدق وما اصعب الفعل والرجولة ... سبوا بعضكم اشتموا عبر شاشات وهمية .... وهذا الفتى وأمثاله يعلمكم ماهي الشجاعة الحقيقية ... الى رحمة الله يا بطل".
اما السيناريست حامد المالكي فكتب ان " لو كنت محسوبا على الشعراء، كان رفعت القلم، ومزقت الصحف اربعين يوم، لان الي كاله علي رشم بموته، ما يكتبه اعظم شاعر، من بدأ الشعر الى ان ينتهي... قال اروع قصيدة، غير خاضعة لكل مدارس النقد الادبي سوى مدرسة نقد الكفر الذي نعيش فيه، يأتيك من خارج الحدود، مخصي عفن، يلعب القمل على رأسه ولحيته بيت بيوت، يسبي نسوانا، ويقتل شبابنا الحلوة، ويكلك اصبر، اصبر على شنو؟ قدموا الخونة الى المحاكم، خلونا نعرف منو باع الوطن، ومنو باع شبابنا الحلوة ونسوانا الشريفات للزمن الاعوج؟".
وتابعا "من عمت عين الموت الي فتح له فرع في العراق كاتب على بابه: "ليس لدينا فرع اخر".(اخر ما كتب قبل وفاته رساله نصيه ارسلها ل أمه يمه استشهدت حته الأمان يعود صيحي ابني البطل ميخاف سواها وصيتي على الجنازه رايد تهوسين هاي الرادها وهاي التمناها)رسالة علي رشم(انني بخير......الكثير من التراب والرطوبة والبرد لا تعني شيئا .. الدفان ادهشني .. متمرس على الدفن وكأنه يلعب الورق كما الأمريكيين . حاولت النهوض كثيرا لكنني لم أستطع .. ليس الموت من منعني .. الشظايا ثقيلة . أنا بخير لكنني خائف جدا . لم أجرب أن أكون وحيدا بهذا الشكل . ربما لو سنحت الفرصة وعدت من جديد لكتبت قصيدة جيدة عن الذي بقى وحيدا . وحيدا لأن الأصدقاء الذي ماتوا قبلي خرجوا بنزهة ولم يعرفوا أنني هنا . الموت شيء رهيب . فأنت تشعر باناقتك كلها وتصفيفة شعرك رغم أنك ميت .. روحي لازالت تتنفس . شعري مازال أسودا ويلمع حتى في القبر . عندما دخلت الى المعركة الأولى كنت خائف من الموت . لكن دعاء أمي ساري المفعول . وعند المعركة الثانية بدأ الموت بالأنسحاب . الكثير من الأموات يجعلون الموت أمرا سهلا كأشعال سيكارة . لم أتصور الموت بهذه السهولة والجمال . سرير أبيض كبير . وأوراق بيضاء وقلم . ووقت رائع لأنهاء ما بدأته من شعر .
أنا حزين فقط لأنني لا أستطيع أن اضغط لكم ( أعجبني ) على تعليقاتكم . وحزين أكثر لأن أمي لن تنام هذا الليلة . وربما ستبرد كثيرا . أذ سمعت من بعض الميتين أن البرد هذا العام كان سريعا .
حزين لأنني لم أستطع أن أمسك قاتلي . كم تمنيت أن أقول له ( أبتسم لأنك قتلت شاعرا ) كما كان لوركا يردد عند موته .
أعرف أنكم لن تستطيعوا أن تمنعوا أنفسكم من الحزن . ولا حتى أنا .
أمي .. أعرف أن كلمة بطل لن تجفف دمعة أزلية باقية على خدك .. لكن صدقيني .. أنا الأن هادئ كحمامة . وملك الموت كان مهذبا معي بطريقة رائعة ( ربما كان شاعرا ) .. كان مبتسما كثيرا . ملابسه حديثة ونظيفة . قال لي :
هل نذهب ؟
فوافقت .
سرت معه الى حيث سأرتاح كثيرا .
حبيبتي .. النسيان أكثر وجعا من أي شيء .. أذا ما شعرت أنك بحاجة ألي ، رددي قصائدي . حتى وأن كانت بصوت منخفض .
أصدقائي ..
تحدثوا عني من وقت لاخر .. أذا ما رأيتم فتاة جميلة قولوا لها لو كان عليا هنا لأبتسم أو ربما كتب ومضة .
أذا ما شربتم الشاي الذي أحبه فأطلبوا واحدا اخر . ربما سأشعر بسخونته وحلاوة ( الداخل ) .
ولاتنسوا أن قطاعات المدينة تعرفني . فلا داعي لأن تخبروها بأنني ميت . ربما هي خلايا نائمة للشعر . وبلدي يغرق بالشعر .
أخيرا :
كم تمنيت أن يكون فوق قبري قلم .
الشهيد علي رشم .
شكرا لكم على لقب ( الشهيد ) .. أحببته كثيرا
.
.
.