الق مجدافك ودع الأمواج تلعب بك

شوـوـوق ..}

Well-known member

i_cf868c605f0-1.jpg






ألق مجدافك ودع الأمواج تلعب بك

i_0bd3e5c7d52-1.jpg


عندما ينظر شخص إلى الناس نظرة استعلاء
وينظر إلى نفسه نظر تزكية ورفعة
فإن ذلك يدفعه إلى أن يرى هلكة الناس نصب عينيه !
وكأنه ينظر إلى مصارع القوم !
أو عندما ينظر إلى المجتمعات من زاوية سوداء
فإن الصورة التي يراها صورة قاتمة يرى من خلالها السوء
والسوء فحسب !
ومن ثم يقول : هلك الناس !
وهو بهذا أو ذاك إما أنه أسرع الناس وأشدهم هلاكا
أو أنه تسبب في هلاك الناس بالإيحاء !

i_0bd3e5c7d52-1.jpg


ألق مجدافك الأمواج تلعب

إنك عندما تجلس إلى صاحب النظرة السوداء القاتمة ، فإنك لن ترى سوى الأفق القاتم
ولن ترى سوى سيل عذاب قد انعقد غمامه !
ولن تبصر سوى ليل بلاء قد ادلهم ظلامه !
فتحدثك نفسك أن الزمان قد فسد !
أو أنه زمان الشح المطاع ، والهوى المتبع ،
والدنيا المؤثرة ، وإعجاب كل ذي رأي برأيه !
وتكاد ترى أن الخير في العزلة
وأن الدجال يكاد يطرق بابك !
وأن الساعة قائمة العشية !
هذه نظرة
ألق مجدافك الأمواج تلعب

i_0bd3e5c7d52-1.jpg


ونظرة أخرى ينظر بها الشخص على فساد الأخلاق
فإن حدثك حدثك عن فساد أخلاق الناس ، وكأنه حاز كل فضيلة !
أو أنه تسربل بسربال كل خلق كريم
فأصبح يذم الناس
وكأنه يستل نفسه من هذا السوء كما تسل الشعرة من العجين !
فلو سمعه سامع وكان فيه بقية خير لزهد فيما عنده من الخير
ولظن أن الناس كلهم على شاكلته !
فحدث نفسه لم يحاول الإصلاح والناس قد أوشكوا على الهلاك
بل هم على شفا هلكة !
ولم يدعو من يدعو وهو في الناس كالشعرة السوداء في جلد ثور أبيض
أو كشعرة بيضاء في جلد ثور أسود !
وربما تمثل :
متى يبلغ البنيان يوما تمامه = إذا كنت تبني وغيرك يهدم ؟!
أو قال :
ما جهود المصلحين إلا كقطرة في بحر !
أو كمن يكتب سطرا ويمسح عشرة !
وما هذا إلا كمن يرى صاحب زورق يجدف بمجداف واحد !

i_0bd3e5c7d52-1.jpg


ألق مجدافك الأمواج تلعب
فيصيح به :
ألق مجدافك ودع الأمواج تلعب بك ظهرا لبطن !
لا فائدة من مجداف واحد ، وأمامك ألف موجة !!
استسلم للغرق ! وانتظر الموت ! ولا تحرك ساكنا !

من أجل هذا وذاك قال من لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام :
إذا قال الرجل هلك الناس فهو أهلكهم . رواه مسلم .

i_0bd3e5c7d52-1.jpg


ألق مجدافك الأمواج تلعب
قال الإمام النووي رحمه الله :
روي أهلكهم على وجهين مشهورين :
رفع الكاف وفتحها ، والرفع أشهر ... ومعناها أشدهم هلاكا
وأما رواية الفتح فمعناها : هو جعلهم هالكين
لا أنهم هلكوا في الحقيقة ،
واتفق العلماء على أن هذا الذم إنما هو فيمن
قاله على سبيل الإزراء على الناس واحتقارهم
وتفضيل نفسه عليهم وتقبيح أحوالهم ؛
لأنه لا يعلم سر الله في خلقه
قالوا : فأما من قال ذلك تحزنا لما يرى في نفسه وفي الناس
من النقص في أمر الدين فلا بأس عليه . انتهى .
وفي هذا المعنى قال أبو الدرداء رضي الله عنه :
لن يفقه الرجل كل الفقه حتى يمقت الناس كلهم في ذات الله
ثم يعود إلى نفسه فيكون لها أشد مقتا .
ف يا أمتي لست عقيمة ما زلت قادرة على الإنجاب
فأمة الإسلام أمة ولود ، ما عدم الخير فيها ، ولا جفت منابعه .
ولا يزال فيها الخير إلى قيام الساعة .."​
 
عودة
أعلى