إتقان العمل

D8A7D984D985D988D8B8D981D98AD986-1.jpg



منذ قديم الزمان والإنسان منذ حطت قدماه الأرض وهو يسعى لأن يبني حياته ويعمر الأرض بكل أنواع العمل، يجرب ويحاول ويزيد على ذلك العمل شيء جديد حتى وضع القواعد الأساسية لكل الأعمال

ووضع نقاط الإنجاز على حروف العمل..ولولا أن كان من الإنسان في القدم إتقان في عمله لما استمر في هذه الحياة، فالإتقان دليل الاستمرار والبقاء قدر الإمكان.


فالإنسان المسلم يفترض فيه أن تكون شخصيته إيجابية، مقبلة على الحياة، متفاعلة معها، ولأن الإنسان المسلم مطالب باستيفاء شروط الخلافة في الأرض والسعي في مناكبها عبادة لله، وإعمارا للأرض، واستفادة مما فيها

من ثروات وخيرات لا يصل إليها إلا بالعمل والعمل الجاد. لذلك كانت مطالبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن يتقن الإنسان عمله:
((إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه))[1].


فالإتقان سمة أساسية في الشخصية المسلمة يربيها الإسلام فيه منذ ان يدخل فيه، وهي التي تحدث التغيير في سلوكه ونشاطه،

فالمسلم مطالب بالإتقان في كل عمل تعبدي أو سلوكي أو معاشي؛ لأن كل عمل يقوم به المسلم بنية العبادة هو عمل مقبول عند الله يجازى عليه سواء كان عمل دنيا أم اخرة.


إن الاختلاف في أعمال الناس، والاختلاف بين مجموعة وأخرى، والاختلاف بين دولة وأخرى، وشعب واخر لا تكمن فيما يفعلون بقدر ما تكمن في كيفما يفعلون،

وهل يقومون بأعمالهم على أتم وجه وبإتقان أم يقومون بها بشكل خاطئ أو بدرجة قليلة من الإتقان؛



لأن كل الناس لديهم أولويات في حياتهم، وهي تأمين المسكن والطعام والأمن والتعليم والعمل، وكل الشعوب تعمل على هذه المحاور

لكنها ليست كلها على خط واحد من التقدم أو على محور واحد من التأخر، وهذا التباين الواضح بينهم هو لأن شعبا ما يتقن في عمله واخر لا يتقن.

وإذا وقف الإنسان يفكر قليلا أن هذا العمل مطلوب منه بكل الأحوال كي يأمن عيشه وحياته، فلم لا يقوم به على أكمل وجه، لن يأخذ منه الوقت الكثير إذا عمل بإتقان مقارنه بعمله بلا إتقان

وذلك لأن الأعمال الغير متقنة تتراكم أخطاؤها على بعضها، وتؤدي إلى كارثة فيما بعد، وتؤدي إلى خطأ كبير يتحمله شعب كامل أو مجموعة كاملة،

رغم أنه كان بالإمكان على فرد أن يقوم به بساعات متعددة بأسوأ الأحوال.


ومن المؤسف أننا نجد بعض المسلمين يهملون العمل بهذه الوصية، مستهينين بمعناها وأثرها في رقي المجتمع وسعادته، حجتهم في ذلك
الربط بين إتقان العمل والمقابل المادي

يتحينون فرصة غياب الرقابة الإدارية لإبداء التقصير والتهاون في أداء الواجبات، يرهقون المواطن البسيط بإبداء الإهمال في خدمته، معتقدين خطأ أن لا حرج عليهم ولا تثريب، ولو دقق هؤلاء الغير متقنين لأعمالهم

لأدركوا أن غياب الإتقان والإحسان في العمل يؤثر على هؤلاء الأشخاص أنفسهم قبل غيرهم، فكم كان إتقان العمل سببا في ارتقاء الموظف في وظيفته، أو إكساب الطبيب أو المعلم سمعة طيبة بين الناس،


إننا مطالبون بترسيخ هذه القيمة التربوية الحياتية في واقعنا وسلوكنا؛ لأنها تمثل معيار سلامة الفرد وقوة شخصيته وسمة التغيير الحقيقي فيه

كما أننا مطالبون ببذل الجهد كله في إتقان كل عمل في الحياة يطلب منا ضمن واجباتنا الحياتية أو التعبدية.

وعادة الإتقان تكسب الأمة المسلمة الإخلاص في العمل لارتباطه بالمراقبة الداخلية، كما أنها تجرد العمل من مظاهر النفاق والرياء



وقد حث الإسلام على الإتقان وجعله من الأساسيات في الإسلام سواء كان في العبادات التي يقوم بها المسلم لله تعالى،

أو في الأعمال الدنيوية التي يقوم بها والتي تعود عليه بالنفع بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم:
"وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون"،

هذا أمر بالعمل وأنه على العمل يكون هناك رقيب هو الله ورسوله والمؤمنون، فإن لم يتقن المسلم عمله من تلقاء نفسه ومن نزعة المسئولية في ذاتهيتقنه

لأن هناك رقيب وليس أعظم من مراقبة الله في كل زمان ومكان لإتقان كل الأعمال

 
عودة
أعلى