وقفة تأمل

رووز

Member
بسم الله الرحمن الرحيم
وقفة تأمل في محطات الحياة !.!!!
كم من القوافل نزلت في تلك الواحات ثم رحلت .. وكل قافلة عند ورودها تظن أنها الرائدة في دخول تلك الجنة الحالمة .. ثم ترتحل القوافل والواحات باقية .. واحة الطفولة وواحة الصبا وواحة الشباب وواحة الرجولة وواحة الكهولة .. كلها واحات تمثل المحطات في مسار الحياة .. الوارد إليها يحط الرحال والظن منه ليبقى .. والذي كان فيها يعد العدة ليرتحل .. ولو تكلم الراحل للقادم عن أسرار تلك الواحة أو المحطة لا تستمع له الاذان برغبة صاغية .. ولكن الكل يجاري فطرة السنة كما يرى بأسلوبه الذي يتمنى .. ولا تطيب الرؤية والسيرة إلا مع سربه الذي يمثل جيله .. حيث تتوافق بالفطرة أمزجة الجيل الواحد .. وتتنافر مع أمزجة الأجيال الأخرى .. وتلك سنة الله في شئون خلقه ولا تبديل لسنة الله .. فمن العجيب أن أمزجة الأجيال المختلفة لا تتوافق بنفس الكيفية .. فلكل جيل أسلوبه ومزاجه في مسالك الحياة .. وعادة كل جيل يمدح حاضره ويمدح أسلوبه منفردا .. وذلك المدح فقط من قبيل الإدعاء والتفاخر .. إنما لكل جيل سمات المحاسن وسمات العيوب .. وأهل المحطة الواحدة هم اقرب الناس مفاهمة للبعض .. وكلما تباعدت فروق السنوات بين المحطات كلما كان الاختلاف كبيرا في تقارب الأمزجة .. فمجالس الشيوخ لا تروق كثيرا للأطفال أو الشباب .. ومجالس الشباب لا تروق كثيرا للشيوخ والكهول .. وهكذا مجمع الأطفال لا تحبذه كثيرا الأجيال الأكبر سنا .. وقد تفرض الظروف نوعا من الالتقاء في بعض الأحيان ولكن ذلك اللقاء عادة يكون من قبيل المجاملة المقرونة بالرؤية المؤقتة .. وحيث تكون اللحظات مملة للفئات المختلطة في بعض الحالات .. وكل جيل في دواخله يعجل الإنهاء لينفرد مع سربه .. ومن أصعب وأهلك المحطات أن ينفرد أحد من أهل جيل دون سواه .. بسبب رحيل الكل بالموت أو بسبب الإنفراد في بقعة نائية .. فذلك الإنسان عادة يعيش لحظات حسرة قاتلة في داخله .. ويتمنى صادقا الرحيل من الدنيا .. حيث يكون في وحدة دون قرين أو شريك يرى نفس الرؤية .. أو يحكي معه نفس السيرة .. فالنكتة التي كانت تضحك جيله لا تضحك الاخرين .. وكلمات الأنس التي كانت تنشرح له نفوس سربه تصبح ممجوجة لا تطيقها الاخرون .. فإذن هو ذلك الإنسان المتطفل في ساحة الاخرين .. فلذلك نرى الأجيال المتقاربة ترتاح لبعضها البعض .. وكلما تناقص أفراد السرب الواحد كلما اشتد العروة بين أفراد البقية الباقية .. والمصير في النهاية أن تتلاشى كل أفراد الجيل الواحد تماما ليأتي الدور في تصفية الأجيال اللاحقة المتلاحقة .. وفي يوم واحد وفي ساعة واحدة وفي دقيقة واحدة يولد خلق من خلق الله ويموت خلق من خلق الله .. القادمون قد جاء دورهم والراحلون قد انتهى دورهم .. ودواليب الحياة دائرة إلى أن يشاء الله .. وسبحان الله العظيم .
 
دائما روز تطرحي كل ما هو جميل ومميز
نشكر لك هذا الموضوع الرائع
وبانتظار المزيد من حضرتك
تسلم الايادي ويعطيك العافيه
 
عودة
أعلى