رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

أغلقت أزارير قميصها و من فوقه معطفها الذي يصل لفوق ركبتها قليلا ، أخذت حقيبتها الكروس و بين كفوفها ملفين بلون الفحم ، قبل أن تخرج سحبت ورقة لتكتب عليها " أنا رايحة ( كان ) و مفتاحي عند الحارس "
أغلقت باب الشقة جيدا و أتجهت لمحطة القطار ، ساعة بالتمام حتى وصلت للمحطة ، جلست في مقاعد الإنتظار وأخرجت هاتفها ، أتصلت على والدتها ولا مجيب .. تنهدت وهي تضعه في جيب حقيبتها ،
رفعت عينها لتتأمل بملامح المغادرين ، التأمل هواية تستسيغها دائما ، تذكرت كيف كانت هي ورتيل عندما يجتمعان يقفن بأعلى ( السطح ) حتى يراقبن المارة في ساعات الفجر الأولى ، أيام مراهقتهم كانت " شنيعة و جدا " لأنهما ببساطة تقمصن أدوار " العرابجة "
سمعت الصوت الإلكتروني الذي ينبه عن وصول القطار المتجه إلى مدينة كان ، أخذت حقيبتها الصغيرة و صعدت السلم المتحرك لتذهب إلى مسار القطار.
دخلت القطار وكان مزدحم نوعا ما ، مصمم على جهتين وبينهما ممر للحركة ، وكل جهة تحوي مقعدين مقابل مقعدين وبينهم طاولة.
لم ترى أي مقعد فارغ و الأنظار المريبة تتجه إليها بسبب حجابها ، جلست مقابل شخص مغطى وجهه بالكتاب و واضح أنه في تركيز عال بما يقرأ ، أختارته لأنه وحيدا ليس بجانبه أحد ولا بمقابله أيضا.
5 ساعات لا أعرف كيف ستقضى بهذا القطار و أجوائه السيئة رغم إتساعه و تخيلت بأنها ستجلس لوحدها ولكن صدمت بالواقع.
من أمامها فرك عينيه لينزل الكتاب قليلا وتلمحه ، بشرته مائلة للسمار قليلا تذكرني بشبابنا و عيناه مظلمة كالليل ، مثبت نظارته الشمسية على شعره القصير ، حول رقبته يلتف " سكارف " بخامة بربري و فوقه جاكيت أسود و يظهر معصمه بساعة ذو جلد أسود يبدو أنه من الأثرياء ولكن إن كان ثريا لم يركب " قطار ؟ " الطيارة أسهل وبساعة ونصف سيصل .. غريب !!
لم تكمل تفكيرها وتأملها بالشخص الغريب حتى سمعته يتمتم " أستغفر الله العظيم و أتوب إليه "
فتحت فمها بصدمة و بعفوية بمثل الوقت غير مصدقة ، تمنت لو ان الأرض تبتلعها الان شعرت بالخجل و بالخزي من انها تجلس بقرب أحد الخليجيين تفهم نظرتهم للفتاة و تعرف كيفية تفكيرهم ؟
لو انها جلست بجانب أحد الفرنسيات ستتحمل مضايقتها بالنظرات ولكن لن تتحمل أبدا أن تجلس بقرب رجل خليجي.
أغلق الكتاب ونظر إليها وملامحه مازالت باردة
أستوعبت أفنان حتى شتت نظراتها بعيدا و ملامحها البيضاء تتلون بالحمرة.
: السلام عليكم
أفنان بصوت خافت : وعليكم السلام
بعد صمت لثواني أردف : متضايقة ؟
أفنان بربكة : ها ؟ ا .. لأ يعني لأ
أبتسم لتبين صفة أسنانه اللؤلؤية : لأن الطريق طويل لازم تكونين مرتاحة
أفنان ولعنت نفسها بداخلها مرارا وهي تشتم نفسها لم جلست هنا ، 5 ساعات كيف ستقضيها ، يا إلهي كيف سأحادثه ؟
: نواف
أفنان بفهاوة : ها ؟
: إسمي نواف
أفنان حكت جبينها بتوتر : والنعم ..
نواف : جاية هنا دراسة ؟
أفنان بربكة : علي دورة
نواف رفع حاجبه بعدم فهم
أفنان : أقصد عندي يعني دورة شغل وكذا
نواف : بالتوفيق
أفنان وهي تخفض نظرها و كل ماأتى ببالها لو ريان يعرف بما يحصل الان أكاد أجزم أنه سيقطعني قطع أمامه
نواف : من الرياض ؟
أفنان : لأ الشرقية
دار الصمت مرة أخرى و لا شيء يذكر . .
قطعه وصول المرأة الأربعينية ذات هندام مرتب وبيدها جهاز رمادي يأخذ شكل المستطيل
أخرج نواف تذكرته لتقطعها من هذا الجهاز
أفنان بربكة تبحث عن تذكرتها بحقيبتها ، من التوتر عيناها تسقط مئة مرة على التذكرة ولكن لا تأخذها ، مرت ثواني طويلة وتكاد تتعرق من ربكتها.
مدتها إليها
بإبتسامة بادلتها الأربعينة : رحلة موفقة.
نواف أخذ كتابه مجددا ولكن هذه المرة تركه على الطاولة و يقرأه وهو منحني بظهره
أفنان أنتبهت لهاتفها ردت على والدتها : يا هلا
والدتها : هلابك ، شلونك يمه ؟
أفنان : بخير الحمدلله أنت شلونك ؟
والدتها : بخير الله يسلمك ، كنت نايمة يوم أتصلتي
أفنان : كنت بطمنك الحين بروح لكان بنجلس كم يوم بعدين نرجع لباريس
والدتها : ومين معك ؟
أفنان بتوتر : ا .. ضي .. صديقتي ضي معي
والدتها : إيه زين لا تروحين بروحك أنتي بديرة كفار يخطفونك بسهولة
أفنان أبتسمت : لا ولا يهمك فيه رقابة علينا و المشرفين ماهم مقصرين
والدتها : الحمدلله ،
أفنان : شلون أبوي أتصلت عليه أمس وجواله مغلق
والدتها : والله مدري عنه هو واختك وراهم علم
أفنان : وشو ؟

،

في صباح روحاني ، يرتعش البيت بصوت القارئ ياسر الدوسري ، في المطبخ تلف ريم السمبوسة وبجانبها هيفاء ومقابلهم نجلاء تلف ورق العنب
بإبتسامة عذبة : هذا أول رمضان مع منصور
هيفاء : يجيب الله مطر بس
نجلاء : أحسه هالمرة غير بجد
هيفاء بطنازة : وش رايكم تحتفلون ؟
نجلاء : أنت وش يفهمك ؟ ماتعرفين قيمة البدايات ، يعني أول رمضان أول عيد أول كلمة أول ..
قاطعتها هيفاء : لاتجيبين العيد بس
نجلاء ضحكت لتردف : ربي يحفظه ويخليه لي
: اميين ،
ريم : صدق نجول متى ولادتك ؟
نجلاء : نهاية رمضان بس يارب بعد العيد
سمعوا أصوات تتعالى ، أنتابهم الخوف .. و جبينهم يتعرج بخطوطه المستغربة ، خرجوا لمنتصف الصالة.
منصور : إذا أنت منت كفو وقادر ليه تتزوجها ؟
يوسف ببرود : أنا كفو وقادر لكن هي طلبت وأنا ماأجبر أحد ، بكيفها تنقلع لحايل ولا لأي زفت !! مالي دخل فيها ولا أحد له دخل
منصور : مراهق أنت !! الطلاق عندك لعبة ،
والده مقاطعا : أنا ماأرضاها على بناتي يتطلقون بهالصورة ! تبيني أرضاها على بنت الناس ؟
يوسف تنهد : هذي حياتي .. *نطق الكلمات ببطىء شديد* حياة مين ؟ حياتي !! ولحد يتدخل فيها ماني بزر تحركوني مثل ماتبون !
والده : لا بزر دام بتتصرف بهالطيش أكيد بزر
يوسف : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه
والدتهم : اللهم أننا صايميين بس ، تعوذ من الشيطان لايضحك عليك أبليس
يوسف : أبد الشياطين ماهي حولي اليوم !! قراري ماخذه بتفكير وبعقل
والده : حشا والله منت مطلقها وهي مالها أهل
يوسف بسخرية ممزوجة بغضب : واللي بحايل حاشية سموها ؟
والده بحدة : أحفظ لسانك ولا ترفعه علي
يوسف جلس وهو يتنهد : لو سمحتوا أطلعوا من السالفة !!
والدته : طيب فكر ، صل إستخارة .. حرام والله حرام اللي قاعد تسويه بنفسك
يوسف : مالله أراد يتم هالزواج ! يعني وش أسوي ؟ أكيد خيرة ومهي نهاية الدنيا ، تروح تشوف حياتها وأنا أشوف حياتي
والدته: إلا نهاية الدنيا أنا عندي الطلاق نهاية الدنيا ، بكرا ربي يعاقبنا في خواتك
يوسف : وش يعاقبني ! يمه الطلاق حلال وش فيكم أستخفيتوا كأني أكفرت
منصور : يوم طقيت الصدر وقلت بتزوجها كان لازم تفكر ماهو تتزوج إستهبال يومين وبعدين تقول بطلقها !! أنا كان ممكن أتزوجها ولا هبالك هذا !!
بعيدا عنهم ، توجهت أنظارهم لنجلاء الواقفة بينهم ، شعرت بغثيان وهي تسمع منصور يقول مثل هذا الكلام ، أرتعش قلبها بغضب و ألم .. أنسحبت من بينهم صاعدة للأعلى والقهر يفيض.

،

أسفل فراشها ، كحلها مسال كغجرية بعينيها هذه ، جسدها مرهق تشعر بأن لا قدرة لها على الوقوف ، متعبة وبشدة .. حد أنها متضايقة من الشمس المتطفلة ولكن لا طاقة لها تجعلها تتجه لنافذتها وتغلق الستائر.
هذا أول رمضان تبدأه بهذه الصورة ، كان يجب أن تستشعر بروحانيته من أول لحظة وثانية ، رغم كل تصرفاتي إلا أن رمضان شهر إن حاولت التمرد عن روحانيته وقف عقلي أمامي وأيضا والدي ليذكرني بقراءة القران و الأجر العظيم الذي يحف الثلاثين يوما.
لم تأكل شيء من أمس ، سوء التغذية بدا يظهر على وزنها المتناقص بإستمرار ، أغمضت عينيها لتفتحها ودمعات تهرب لتلتصق على خدها ، لم تفكر بصفعة عبير التي لو كانت بظروف مختلفة لما سمحت لها و ردت بإندفاعها الدائم ولكن كان شعورها واقف و قلبها غير متزن و جسدها بأكمله مضطرب ، تزوج !!
بكت بإنهيار تام ، قاسي جدا يا عزيز ، لو أنك تحفظ أمر زواجك بعيدا عني لما خسرت شيء ولكن قصدت أن تهينني أن تجرحني وأن تحزني .. تريد أن تحزني وفقط.
من هذه أثير ؟ تذكرت الفيديو اللذي رأته في باريس عندما كانت تبحث بتطفل عن شيء يبعد مللها في تلك الأيام ، تذكرت وهي تراه مع عبير و أختيه و كلماتهم " طبعا أنت محجوز لأثير وغصبا عنك بعد ههههههههههههههههههههههه ، التي تشبه عينا عبدالعزيز ردت عليها : مين قال أثير ؟ لاياحبيبتي "
يبدو أنه كان على علاقة معها منذ حياتهم ، كل هذه الفترة كان يحبها ، و ربما كان يكلمها ويتحدث معها بالساعات و ... يشتاقها .. و ... " تبكي من تفكيرها ، غير قادرة على تجاوز حبه "

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،


وضع السلاح في مكانه على خصره وهو يخرج نظارته الشمسية ، ألتفت على عمته : صباح الخير
عمته : صباح الورد يا ورد
سلطان ضحك ليردف : غازليني بس عاد ماهو بنعومة
حصة بإبتسامة واسعة : وأنت ورد فيه أحسن من الورد ؟
سلطان أبتسم : مايرضيني هالغزل
حصة : نفس أبوك لا الكلمة الحلوة تعجبكم ولا الكلمة الشينة
سلطان : مين قال ؟ أنت كل اللي تقولينه حلو
حصة : والله ياسلطان تعرف تتغزل
سلطان : هههههههههههههههههههههههه ماجربتيني
حصة : والله الزواج غيرك
سلطان تغيرت ملامحه للبرود مرة أخرى
حصة : إيه ذكرتني أبي رقم الجوهرة
سلطان : وش تبين فيها
حصة : كذا ، أبي أكلمها
سلطان : ماعندها جوال
حصة أبتسمت : وش هالتصريفة الغبية !!
سلطان رفع حاجبه : لأني عارف تفكيرك ، أطلعي منها يرحم لي والديك
حصة : والله مانيب قايلة شي بس بتطمن وأسمع صوتها
قاطعهم دخول العنود
سلطان رفع حاجبه : من وين جاية ؟
العنود و تلين صوتها وتبطىئه بدلع : رحت الصالون
سلطان : صالون الحين ؟
العنود : مالك دخل .. يمه شوفيه
سلطان يحاول أن يحافظ على هدوئه : حصة بنتك ذي عقليها لا والله ..
العنود تقاطعه بعصبية : تحلف علي بعد !! أسمعني زين يا روح أمك مالك حق تحاسبني بتصرفاتي منت أبوي ولا أخوي
سلطان ويشعر بأن الكون ينخسف به من أن " إمرأة " ترفع صوته عليه ، ألتفت عليها
وقفت حصة أمامه : ماعليك منها خلاص أمسحها بوجهي .. *ألتفتت على العنود وبعينها تترجاها أن تعتذر*
العنود : مالي دخل يمه شوفي لك صرفة مع ولد أخوك هذا !!
حصة : أقول أبلعي لسانك
سلطان وللتو ينتبه بأن لا وجود للنقاب ، : وكاشفة بعد ؟
العنود بدلع : إيه مالك دخل لو أطلع ببكيني
سلطان نظر لعمته ثم أردف : اللهم أني صايم ، أسمعيني زين لو ..
العنود بإستلعان أعطته ظهرها لتتجه لغرفتها
سلطان و غضب يثار في صدره ، لم يستطع أن يقدر عمته ويسكت .. شدها من شعرها بقوة و كان سيضربها لولا أن
حصة سحبت يد سلطان من شعر إبنتها مترجية
سلطان بعصبية : لو أشوفك طالعة أقص رقبتك .. أنا أعلمك كيف تعطيني ظهرك ... خرج و تركهم
العنود بكت ولم تبقى شتيمة لم تقلها لتردف : يعجبك يمه ؟ أنا يمد إيده علي .. مالي دخل ماأجلس في بيت هالمجنون
حصة : وأنت ليه تراددينه ؟ وبعدين كيف تعطينه ظهرك وهو يكلمك ، تدرين أنه هو عصبي لا تسببين لنا مشاكل معه
العنود بعناد ودموعها الناعمة تعانق بشرتها البيضاء : ماأبغى ، أعيش عند أبوي أكرم لي مية مرة منه
حصة : وتخليني ؟
العنود : أجل أخليه يتحكم فيني !!
حصة : أنت أشتري راحتك ولا تحتكين معه ولا تطلعين بلبسك الضيق !! ألبسي شي واسع وطرحة تغطي شعرك مايصير بعد يشوفك على الطالعة والنازلة كأنك وحدة من محارمه
العنود : عشتو !! بجلس أتغطى في البيت اللي بجلس فيه ومفروض أني اخذ راحتي
حصة : عيب وقبل لايكون عيب مايجوز ، لو أنك محترمة حدودك معه ما كان مد إيده عليك
العنود : ماتفرق طول عمره يشوفني
حصة : لا تعاندين
العنود وهي تتجه لغرفتها : أنتم تبون يصير فيني مثل ما صار بالهبلة سعاد !!

،

مرت الأيام بمشاحنات أطراف عديدة ، لا أحد مرتاح رغم أن الجو الروحاني يساعد على السكينة و الهدوء ، الحزن ينهش بأطرافها و الكبرياء يقتل قلب الأخرى ، النساء الحزينات خلفهن رجال متغطرسون.
لم تحادثه إلا بأسلوب جاف منذ ذاك اليوم ، تشعر بسكين يغرز ببطنها المنتفخ كلما تذكرت كلمته.
منصور : انا بنام بالإستراحة اليوم لا تنتظريني على السحور
نجلاء : رجعنا للأستراحة وأيامها
منصور تنهد : إيه
نجلاء : يالله صبرك
منصور : انت وش صاير لك ؟
نجلاء : أبد أتدلع
منصور ضحك ليردف : تدلعي على راحتك يا عيوني
نجلاء : أحر ماعندي أبرد ماعندك
منصور : تراني ماني فاهم وش تقصدين بس إذا كان موضوع راسمه لك هبالك ماأبي أسمعه
نجلاء : يعني أنا هبلة ؟ إيه ماهو أنت قادر بسهولة تتنازل عني وتلحق ورى زوجة أخوك
منصور وتغيرت ملامحه للحدة : نعم ؟؟
نجلاء بقهر : أشوف حتى يوسف وهو زوجها يوم تكلم عنها رحت دافعت !!!
منصور : أستغفر الله بس .. أقول أعقلي ولا تفتحين على نفسك باب مايتسكر
نجلاء وتستنتج ما يحزنها : ذبحت أخوها عشانها ؟ أكيد !! أكييد واضحة أصلا أنه لك يد في هالعايلة .. تعزها ولا ماتدافع عنها كذا الا بسبب
منصور بغضب يعلو صوته : نجلاء قسم بالله لو تجيبين هالسيرة على لسانك تحرمين علي ليوم الدين
نجلاء وبكت من حلفه : لهدرجة أنا رخيصة عندك ؟
منصور بعصبية وهو خارج : إيه ...

،

لا حديث بينهم ولا تجتمعان حتى على الفطور.
صباح الغد سيشهد حضور والدها الخائن بنظرها ، كانت جافة بمكالماته السابقة وحاولت أن تشعره بغضبها وكرهها لكذبه وهو يعلل أسبابه بإنشغاله بالعمل.
جلست على الأريكة وهي تنزل طرحتها بعد أن أتت للتو من صلاة التراويح ، يجب أن أحادثها ، مهما كان تبقى هي الصغرى و التوبيخ ليس حلا ، هي تحتاج لحل أكثر من حاجتها للصراخ والغضب ، ولكن في تلك الليلة كان الغضب مسيطر علي من كل الجوانب و أكملتها هي ، صعدت للأعلى لتفتح باب غرفتها بهدوء.
تسللت على أطراف أصابعها حتى وصلت لسريرها وجلست على طرفه : رتيل ... رتول .. *وضعت يدها على يد رتيل وصعقت من برودتها رغم أن التكييف ليس بهذه البرودة*
بدأت نبضاتها تتخبط خوفا عليها : رتول حياتي ... أخذت الماء الذي بجانبها وبللت كفوفها ومسحت وجهها .. رتييييل ..
ركضت وعلى طرف الدرج صرخت : أوزديييي
أتتها مسرعة الأخرى : YES
عبير : قولي للسواق يجهز السيارة بسرعة ونادي ساندي .. أتجهت لغرفة رتيل وهي تخرج عباءة لها وتلبسها وكأنها جثة لا تتحرك ولا يطمئنها سوى نبضاتها المستشعرة من عنقها.
أتجهت لغرفتها هي الأخرى وسحبت طرحة لها ونقاب
ساندي وقفت متفاجئة من منظر رتيل الهزيل وملامحها الشاحبة و ماحول عينيها محمر ، حتى هي لم تتعود أن ترى رتيل بهذه الصورة.
تساعدت هي وساندي بحمل هذا الجسد الضعيف ، ودقائق بسيطة حتى خرجت المرسيدس السوداء من قصر أبو سعود
وعلى خروج السيارة كان داخلا عبدالعزيز بعد ما أنتهت الصلاة وفي فمه السواك ، نظر لأوزدي ناداها : أوزدي
ألتفتت عليه
عبدالعزيز يحرك السواك بلسانه يمينا ليتحدث بوضوح بعد أن غابت عن عينه هذه الأيام : وين رتيل ؟
أوزدي وملامحها تضيق : 5 minutes ago she went to the hospital
عبدالعزيز تجمد في مكانه ، اخر ماتوقع سماعه : WHAT'S UP WITH HER ?
أوزدي هزت كتفيها بعدم معرفة
عبدالعزيز يخرج هاتفه وهو يتجه نحو سيارته ، يتصل على السائق وطال الإنتظار ولم يرد.
بدأ الغضب يرتسم طريقه بين ملامحه الحادة ، قاد سيارته لخارج الحي ، لا بد أنهم بأقرب مستشفى ،
في اخر إشارة رفع هاتفه المهتز وكان السائق : ألو ... وينك ؟ .... طيب مع السلامة .. وأغلقه ،
بدأت خيوط عقله تتشابك فيما بينها ، ماذا حصل لها ؟
هي دقائق طويلة حتى وصل للمستشفى القريب ، ركن سيارته بطريقة غير نظامية و دخل المستشفى ليسأل : رتيل عبدالرحمن ال متعب .. توها جت
رد الموظف الإداري بإجهاد : أكيد بالطوارىء من هالجهة * وأشار له *
أتجه للجهة المشار إليها وتراجع عندما رأى عبير ، عرفها رغم أنها متغطية من أسفلها حتى أعلاها.
وقف بعيدا حتى لا تلاحظه ويبدو أنها تنتظر خارجا ورتيل بالداخل ، ثواني قليلة حتى شهد حضور مقرن بجانب عبير ، تراجع أكثر للخلف حتى لا ينتبهوا له.
مقرن : بشرنا
الدكتور بإرهاق واضح : معاها إنهيار عصبي راح تتنوم كم يوم
مقرن : نقدر نشوفها الحين ؟
الدكتور : تقدرون بكرا إن شاء الله
مقرن : يعطيك العافية .. ألتفت على عبير .. وش صاير ؟
عبير لم تجيبه بشيء وقلبها مازال يتصاعد بنبضاته وكأن روحها ستخرج ، فكرة أن تخسر شقيقتها تجعلها في مرحلة من الغضب على ذاتها و القهر و تأنيب الضمير وأشياء سيئة كثيرة ، هي على إستعداد تام بأن تتنازل وتعتذر لها ، تريد ان تفعل أي شيء مقابل أن تكون بخير.
مقرن : عبير أكلمك !! .. وش صاير ؟ أكيد في مصيبة صارت خلتها تنهار
عبير بصوت مرتجف : مدري
مقرن : ماأبغى أبوك يعرف ، قولي لي منتي خسرانة شي
عبير : تهاوشت معها وبس
مقرن : وبس ؟ الحين رتيل تبكي ولا يجيها إنهيار عشان خناق بسيط ؟ ماهو علي هالحكي
عبير ألتزمت الصمت
مقرن : طيب أمشي خلينا نروح ونجيها بكرا وقفتنا مالها داعي
عبير : مقدر أنام عندها ؟
مقرن : لأ .. بكرا من الصبح بنكون عندها .. إذا أتصل أبوك لا تجيبين هالطاري هو لا جا يعرف من نفسه
عبير : إن شاء الله
بمجرد إختفائهم من أمامه ، أتجه بخطوات واثقة لغرفة رتيل ، دخل والسكون يتوسدها .. سحب الكرسي البلاستيكي ليجلس بجانبها.
عيناها ذابلة و بشرتها السمراء تشتكي الشحوب ، شفتيها وكأن أحد سحب اللون الزاهي منها ولم يبقي سوى البياض ، شعرها البندقي مغطى بقبعة بلاستيكية و ثياب المستشفى المنقوشة باللون الأزرق ناعمة و خفيفة جدا ، و يدها اليسرى يخترقها أنبوب المغذي.
أنحنى على جبينها ليقبله بهدوء وعاد لموضع جلوسه ، خلخل أصابع كفها الباردة بكفيه ، لحظات صامتة و عينه لا ترمش منها ، مرت ساعة بدقائقها الطويلة ولم يتحرك من مكانه ، بإختلاف الظروف يعود الموقف ليدور عليه ، وكلماتها حين همست بها" المحزن بكل هذا أني ........ أحببك .. وتعبك فضحني كثير .... "
بدأت بتحريك رأسها وجبينها يخط بتعرجات ألم وعيناها مازالت نائمة الجفن ، فتحت عينها بإنزعاج من الضوء
لتغمضها مرة أخرى دون أن تشعر بالكائن الذي يجلس بجانبها ولا حتى بيده التي تعانق كفها.
فتحتها و بياض محاجرها مكتسي بالاحمر ، ألتفتت لتقع عينها بعين عبدالعزيز ، كان هادىء لا ينطق حرفا ولا حتى ملامحه الباردة توحي بشيء
لم تسعفها طاقتها المنهارة بأن تسحب كفها منه ، نطق عبدالعزيز بعد صمت طال : رتيل
رتيل لم ترد عليه وهي تلتفت للجهة المعاكسة لعبدالعزيز ،
عبدالعزيز ترك كفها وهو ينظر إليها بنظرات مقابلة بالصد من رتيل.
رتيل بصوت مبحوح ومتعب : أتركني
عبدالعزيز ملتزم الصمت و كأنه لايسمعها ، يراقب محاولاتها البائسة بأن لاتبكي !
رتيل مسحت دمعتها قبل أن تسقط على خدها ، تشعر بالإختناق ، تريد أن تضربه .. أن تقطعه .. أن توبخه .. أن تفعل شيئا يشفي ما بصدرها عليه ، تنظر لبياض الجدران من حولها و صداع يداهمها أو ليس بصداع بل قلبها يتوجع و يختنق كثيرا.
عبدالعزيز : ليه سويتي في نفسك كذا ؟
زد بأوجاعي أكثر ، أسألني أيضا لم أحبك ؟ أسألني حتى أكره نفسي أكثر ، يا ربي دخيلك .. تسقاطت دموعها .. تخلت عن كل قوة كانت تكتسيها فيما مضى ، هي تضعف و تكره ضعفها ، الحب مهما قوى بنا جوانب فهو يضعفنا بجوانب أخرى نراها بوضوح كل لحظة و ثانية ، غزا صدرها الألم ، أحاول أن أتشافى منك يا عزيز.
عبدالعزيز عقد حاجبيه ليردف : رتيل
رتيل أتى صوتها متقطعا : أت .. ررررر ... أتركن .. ي.
عبدالعزيز ويمسك كفها من جديد ليفرض نفسه عليها
رتيل حاولت سحب يدها ولم تستطع فأستسلمت له ، فالوضع الان يجعلها في حالة ضعف كبيرة
عبدالعزيز بصوت خافت وكأن أحدا يشاركهم الغرفة : سلامتك من كل شر
رتيل رفعت يدها الأخرى لتضغط على عينيها حتى لا تبكي أكثر ، تكره نفسها إذا ضعفت امام أحد ، ليت والدها الان معها تضع رأسها على صدره وتبكي دون أن يسألها شيء ، ترتمي بحضنه و تبكي دون أن تخشى أن يرى دموعها ، مرت سنوات عمرها ولا يشهد دموعها سوى وسادتها ولكن الان تحتاج أن تبكي أمام كائن حي و إن نظر إليها بشماتة على الأقل تخرج الغصة التي في قلبها.
بدأ يحرك أصابعه بباطن كفها ، لست أقل منك سوء . . كل منا موجوع ، كل منا يعاني جرح من غيره ، لست أقل منك يا رتيل ضيقا فأنا أتوجع من نفسي أكثر من وجع غيري على نفسي .. أكثر منهم و . . . . و لا شيء سوى أنني في كل مرة أزيد إقبالا على الموت.
رتيل بدأ صوت بكائها يخرج و يلتهم مسامع عبدالعزيز و تلفظ : أطللللع .. أطلللع من حياتي ماأبغى أشووفك ... وش بقى بتسويييه ؟ .. يكفييي خلاص ماعاد لي حيل أتحمل أكثر .. أطلللللللللللع
عبدالعزيز متجاهل كلماتها و يضغط بأصابعه على كفها أكثر ، يريد أن يوصل إليها شيئا لكن غير قادر على شرحه إلا بلغة الأصابع و هي لا تفهم عيناه أبدا.
كتب لها بأصابعه على باطن كفها ، أنتبهت له و إحساسها يشرح لها ماذا يكتب ،
توقف أصبعه عن الحركة معلنا إنتهاء الكلمات ، زادت ببكائها وهي تحاول كتم شهقاتها وضعت كفها الاخرى على فمها الشاحب ، أريد لهذا الألم أن يموت.
عبدالعزيز أبتعد وهو يتجه إلى الباب وقبل أن يفتحه ألتفت إليها ونظراته مرتكزة بعينيها الذابلة : الظروف ماتجي على الكيف يا رتيل ... وخرج

،

الثانية فجرا بتوقيت باريس ،
أنشغل ببعض الأوراق وهو يلملمها على عجل.
أغلقت حقيبته و ألتفتت عليه و عيناها تفيض بالحمرة ، أسبوع أعتادت أن تصحى على صورته ، أسبوع مر ك يوم : عبدالرحمن
أخذ هاتفه وجوازه ورفع عينه لها
ضي بنبرة مرتجفة : لا تطول
أبتسم وهو يمد ذراعه لها لترتمي عليه و تبكي على صدره ، بللت قميصه بدموعها ، تشعر بإختناق و كل هذا الكون لا يفيدها بشيء مادام نبضها يغيب.
عبدالرحمن : وش قلنا ؟ إن شاء الله بس ألقى فرصة راح أجيك
ضي بصوت مخنوق : وهالفرصة ماتجي الا بالسنة مرة
عبدالرحمن : لأ ، بتجي كثير إن شاء الله .. مسك وجهها برقة كفوفه .. أهتمي لنفسك وأنتبهي لصحتك وأكلك و للشغل ، لاتكثرين طلعات و لا تطلعين بليل و لا تاخذين وتعطين مع أي احد ، حاولي تكونين رسمية مع الكل لأن ممكن يكونون يعرفوني
ضي : طيب
عبدالرحمن : وإن حصل شيء أتصلي على الرقم اللي عطيتك إياه يعني في حال مارديت عليك
ضي أبتسمت : إن شاء الله خلاص تطمن
عبدالرحمن يطبع قبلة على جبينها : مع السلامة .. وأخذ حقيبته و جاكيته على ذراعه
عبدالرحمن وكأنه تذكر شيئا ، ألتفت عليها : صح مفتاح الشقة يعني لا صار شي بينك وبين أفنان تقدرين تجين هنا وفيه حراسة على العمارة وبكون متطمن عليك اكثر
ضي : أصلا شكلهم بيفصلوني من هالشغل لأني ماأداوم ولا أسجل حضور
عبدالرحمن : كلها كم أسبوع ويخلص !! وبعدها نشوف وين نستقر ؟
ضي ضحكت
عبدالرحمن رفع حاجبه : وشو ؟
ضي : نستقر !! يعني ماقلت تستقرين ، بالعادة تفصل نفسك عني بكلامك
عبدالرحمن أبتسم : عمري مافصلت نفسي عنك
ضي بخجل : يا عسى دايم كذا

،

اثار السهر تظهر عليهما و الصوم دون سحور يرهق.
مقرن : طيب ؟
عبير : وش طيب !! يعني أنت راضي يتزوج
مقرن : عبير أبوك ماهو بزر وبعدين وش فيها لا تزوج ؟ بكرا انت بتتزوجين ورتيل بتتزوج مايصير بعد بتحكرين على أبوك وبتقولين له لأ ماتتزوج !!
عبير : طول هالفترة مخبي علينا الله يعلم من متى متزوجها !! يمكن من سنين وإحنا نايمين بالعسل ولا ندري وش صاير هذا إذا ماكان عندنا أخوان بعد
مقرن : لا تطمني ماصار لهم فترة
عبير شهقت : يعني أنت تعرف !!!
مقرن : لا تحسسيني أنها مصيبة ، إيه أعرف وداري
عبير بإنفعال : وليه مخبين عنا ؟
مقرن : لأن أبوك مايبي وعنده أسبابه الخاصة
عبير : أسبابه الخاصة مثل أنه يبي يكون مراهق وهو بهالعمر
مقرن بحدة : عبير !!! هذا أبوك تكلمي عنه بإحترام
عبير : هو ماأحترمنا ليه إحنا نحترمه !! أجل فيه أحد يتزوج عقب هالعمر
مقرن : وليه الزواج محدد بعمر معين
عبير : بس هو أبو وعنده بنات وش يبي يتزوج
مقرن : أنا عارف أنك منتي أنانية ليه تفكرين بهالصورة ؟
عبير تنهدت
مقرن : هالكلام ماأبغى أسمعه لا وصل أبوك ، فكري كويس وماله داعي تعلمينه أنك عرفتي
عبير بسخرية : إيه عشان أستمتع بكذبه وهو يقول والله كان عندي شغل وهو مقضيها معها
مقرن : عبير وش قلنا ؟ عيييب هذا وأنت الكبيرة يطلع منك هالحكي
عبير : لأني مقهورة وش هالمصخرة إحنا اخر من يعلم وإحنا مفروض أول من يعلم بموضوع زي كذا
مقرن بحزم : أنتهينا .. خلاص تزوج وأنتهى الموضوع ، ترى أبوك فيه اللي مكفيه لا تزيدينها عليه
عبير : وش اللي فيه ؟ ماهو كافي عايشين حياة السجون ، إحنا اللي فينا اللي مكفينا ومحد داري عنا
مقرن : أستغفر الله .. أنت وش فيك اليوم ؟
عبير : زي ماهو عايش حياته إحنا نبغى نعيشها
مقرن : وأبوك مقصر عليك بشي ؟
عبير : ماله حق يرفض كل اللي يجون يخطبونا !!
مقرن : هذا اللي مضايقك ؟
عبير : لا ماهو بس هذا ، لكن أنا أبغى أطلع من الحياة اللي في هالبيت
مقرن : أبوك يدور مصلحتك ومصلحتك ماجت في أي واحد تقدم لك
عبير : أنا أعرف مصلحتي أكثر منه
مقرن بهدوء : ليه تعرفين أحد من اللي تقدموا لك ؟
عبير صدمت بالسؤال : عفوا ؟
مقرن : مجرد سؤال
عبير : طبعا لأ وش يعرفني في ناس ما قد سمعت أسمائهم
مقرن : من خواتهم من أي أحد
عبير بربكة : لأ
مقرن وأراد ان يختبرها : غريبة
عبير : غريبة بأيش أنا تكلمت بس ك مثال عن أنه أبوي متحكم فينا و هو مع غيرنا متهني
مقرن : أنا مو قصدي كذا
عبير تنظر لهاتفها الذي يعلن عن وصول رسالة ، بدأت فكوكها بالإرتطام ببعضها البعض من الربكة ، أغلقت هاتفها وسط شك مقرن
أردف : مين ؟
عبير : محد
مقرن : عبير
عبير بلعت ريقها : قلت محد يعني أكيد وحدة من البنات تبارك بالشهر
مقرن تنهد وهو يقف : أنا رايح الحين و مثل ماقلت لك لاتزعجين أبوك وهو توه جاي من السفر وتعبان


يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي



،

في ساحة التدريب الحارقة ، جالسان وبينهم طاولة مثقوبة بطلقات الرصاص.
سلطان : يا نهارنا اللي ماهو معدي
عبدالعزيز : والله منتبه لك بس أنت سريع ، خفف شوي وبعرف
سلطان : شف لو ماعرفتها بعلقك هناك *أشار للبرج العالي*
عبدالعزيز أبتسم : طيب
سلطان يحرك شفتيه بحديث دون صوت ليردف : وش قلت ؟
عبدالعزيز ضحك من شدة " الوهقة " : أول كلمة تعال بس الثانية مافهمتها
سلطان : قلت يا حمار ركز بس طبيعي ماراح تفهمها
عبدالعزيز : ماني عارف وش فايدة هالتدريب الخايس
سلطان : مثلا لو حبسوك ناس و أرسلنا لك شخص يسوي نفسه مايعرفك ويبغى يتواصل معك لكن الغرفة كلها كاميرات مراقبة ممكن يكشفون هالشخص اللي أرسلناه .. هالطريقة بتكون سهلة وبيعرف منك معلومات كثيرة
عبدالعزيز : طيب أدري أنها مهمة بس تعرف الواحد صيام وين يركز
سلطان : وش دخل صيام ؟ بالعكس تركيز الصايم يكون عالي
عبدالعزيز : طيب أنا بجرب
سلطان : يالله
عبدالعزيز حرك شفتيه بكلام دون صوت
سلطان : أرحمني الله يرحم والديك
عبدالعزيز ضحك ليردف : صح
سلطان أبتسم : 10 ثواني لك وتعرف وش أقول
عبدالعزيز : حرك شوي شوي عشان أفهم
سلطان حرك شفتيه للمرة الألف اليوم وسط أنظار عبدالعزيز المدققه
عبدالعزيز : ا .. فيه كلمة تدريب
سلطان : نلعب إحنا ؟ طيب يومك عرفت كلمة تدريب يعني قادر تفهم الكلام الثاني
عبدالعزيز : والله أنت تتكلم بسرعة
سلطان : صدع راسي ، يخي مايبيلها سهلة بس ركز هذا أسهل شي تعلمته في حياتي
عبدالعزيز : طيب أنت تنطق حرف اللام غلط
سلطان : أنا ؟
عبدالعزيز : إيه كذا تشتتني لأن حرف اللام تخلي فيه لسانك على أسنانك اللي فوق بس أنت تخليه تحت وعلى ماأستوعب تروح للكلمة الثانية
سلطان بسخرية : عندك ملاحظات ثانية ؟
عبدالعزيز : سلامتك
سلطان : أنقلع عن وجهي الشرهة علي ماهو عليك .. يجي بوسعود ويعلمك
عبدالعزيز : الواحد بالاول يغلط لين يتعلم تبيني من أول يوم أعرف
سلطان : صار لي 3 ساعات وأنت ماعرفت ولا كلمة
عبدالعزيز بسخرية : عرفت تعال و تدريب
سلطان : بس ماعرفت حمير
عبدالعزيز بغطرسة : إيه عاد أمثالي ما يقرأون كلمات مستحيل تنقال لهم
سلطان رفع حاجبه وبمثل نبرته : للأسف انك مضطر تتنازل شوي عن غرورك وتسمع ياكلب وياحمار وغيره من هالكلمات
عبدالعزيز تنهد وهو يمسح عينه وبعد ثواني أردف : يالله قول شي
سلطان حرك شفتيه ببطء و لمده 15 ثانية حتى لفظ عبدالعزيز : تصنع الرجال بس الأولى وشو ؟
سلطان : الشدائد
عبدالعزيز : يخي الكلمة صعبة أختار كلمات سهلة لين أتمرن
سلطان : طيب خذ هذي ... ثواني أخرى تمر بحديث الصمت حتى نطق عبدالعزيز ضاحكا : وش قصدك ؟
سلطان : يالله قول وشو بالأول
عبدالعزيز : أحمد أكل التفاحة
سلطان يصفق : برافووو يا حبيبي تبيني أطبع على إيدك نجمه و ممتاز ؟
عبدالعزيز الذي يأخذ هذه الأمور بحساسية مفرطة خصوصا إن أتت من سلطان و بوسعود إلا أنه هذه المرة يضحك وبشدة
سلطان أبتسم : يارب لا تعاقبنا بس
عبدالعزيز : لأن شوف كيف تنطق الشدائد يعني صعبة حركة لسانك فيها
سلطان نظر إلى أحمد وناداه بصوت عالي
أحمد : سم
سلطان : قول له أي جملة بدون صوت
أحمد ونفذ أمر سلطان وهو يلفظ جملة طويلة دون ان يخرج صوته
عبدالعزيز : لا طوييلة مررة
سلطان : قال بعد الثلاثين يوم يجي العيد حتى الجمل الغبية ماتفهمها
عبدالعزيز : أسمح لي ما أقابل الا أذكياء
سلطان : أقول عز ترى نهايتك شكلها بتكون اليوم !! ركز الله ياخذ شر العدو
أحمد أبتسم : ترى فيه لوحة مرسوم عليها الحروف كلها وطريقة اللسان فيها
سلطان : روح جيبها
أحمد : إن شاء الله .. وذهب
سلطان : يالله يا حبيبي بتدرسها كويس عشان بكرا نختبرك فيها

،

في قصر سلطان أغلقت المصحف لتنادي على عائشة
عائشة بإبتسامة واسعة : هلا ماما
حصة : أقول عيوش اجلسي .. سولفي لي عن مرت سلطان ... الجوهرة
عائشة ومتعتها أتت : واجد واجد زين
حصة : يعني شكلها كيف ؟
عائشة : وجه هوا فري فرييي بيوتفل
حصة أبتسمت : طيب ليه راحت ماتعرفين ؟ يعني ما قالت لك شيء !! ولا صارت مشكلة
عائشة بملامح حزينة : إيه واجد مسكين .. هادا بابا سولتان يخلي هوا يروح غرفة فوق
حصة ضربت صدرها بدهشة : مخليها تنام بروحها اللي مايستحي ؟
عائشة ولم تفهم ولكن أكملت : بأدين يجي بابا جوهرة ويروه ويا هوا * بعدين ، يروح *
حصة : طول عمره جلف مايعرف يتعامل مع الحريم .. طيب كملي ماعرفتي وش صار بالضبط ؟
عائشة : لا ما يأرف بس ماما جوهرة واجد فيه كراي *تبكي*
حصة : يابعد عمري والله .. طيب أسمعيني ماتعرفين رقمها ما قد كتبته هنا أو هناك أو بأي مكان
عائشة : لأ بأدين بابا سولتان يقول لماما جوهره لا يجلس ويا أنا واجد
حصة ضحكت : والله من هالعلوم
عائشة : شو ؟
دخلت العنود : مساء الخير
حصة : مساء النور .. وينك فيه لو راجع سلطان الحين وما لقاك والله لا يذبحني معك
العنود : أنا ماني عارفة أنتي عمته ولا هو
حصة : لا تكثرين حكي وبسرعة غيري عباتك
العنود تنظر لعائشة بإزدراء : هذي وش مجلسها هنا
حصة : ماهو شغلك
العنود بسخرية : تسحبين منها أخبار حرم الفريق سلطان بن بدر * الفريق = رتبة عسكرية *
حصة : قلت ماهو شغلك
العنود : إيه وش تقول عنها ؟
حصة : شكل الخبل مزعلها
العنود : ماألومها والله فيه أحد يقدر يعاشر هالمجنون
حصة : يا ماما سلطان كلن يتمناه رجال ومايعيبه شي
العنود : إيه نفخي ريش ولد أخوك وهو مايستاهل .. أنا بنام صحوني قبل الفطور .. ودخلت غرفتها

،

النهار طويل و أذان المغرب في التاسعة ليلا بتوقيت باريس و الإمساك يباغتهم في الثانية فجرا ، متعب الصيام هنا ومع ذلك رؤى معتادة عليه و وليد أكثر أعتيادا.
الغيم يزاحم الشمس في مقعدها بالسماء ، الجو ينبأ عن مطر قريب .. رؤى تسير بجانب البحر : وليد
وليد ألتفت عليها
رؤى بإبتسامة : قد جيت هنا ؟ ولا هذي أول مرة
وليد : جيتها مرة وحدة عشان ندوة في جامعتهم
رؤى : أحس أني قد جيت هالمكان من قبل
وليد : يمكن قبل الحادث شفتيه مو عرفتي أنك عايشة في باريس
رؤى : معقولة كنت أدرس هنا ؟ يعني ما هو من شهرة جامعاتهم
وليد : يمكن أهلك كان عندهم شغل هنا
رؤى : يمكن
بدأ المطر يهطل و يملأ ملح البحر بعذوبته ، تبللت أجسادهم بمياه طاهرة مرسلة من السماء ،
وليد : الدعاء مستجاب ، أدعي
رؤى في داخلها تزاحمت أمنياتها ولكن أخبرت الله بما توده وبشدة " يارب أجمعني بعائلتي "
أكملوا السير على أقدامهم حفاة و الرمل يلامس أطرافهم ،

،

في الدور الثاني ، دورة المياه المقابلة لمكتبه.
يغسل وجهه و مثبت هاتفه على كتفه : إيه
ناصر : و بعد العيد برجع
عبدالعزيز : وش عندك هناك ؟
ناصر : كذا شغل
عبدالعزيز : علي هالحركات ؟
ناصر : أمش معي كلها كم يوم
عبدالعزيز : ماظنتي أقدر لأن هالفترة كلها تدريبات
ناصر تنهد : أنا سحبت على شغلهم لأني عارف أنهم ماراح يعطوني إجازة
عبدالعزيز : بتروح باريس وبتزيد همومك وترجع
ناصر : لا والله برتاح هناك أكثر
عبدالعزيز : هذا وجهي إذا أرتحت ..
ناصر : يقال الحين متهني هنا
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : هنا جحيم و هناك جحيم ماتفرق مرة طيب أبيك بموضوع
ناصر : وشو ؟
عبدالعزيز : ماينفع بالجوال ، تعال البيت
ناصر : طيب ، مسافة الطريق

،

بين شوارع الدمام بدأ يخفف سرعته و كأنه يستجيب لقلب إبنته الكارهة لمدينتها هذه اللحظة
والدها قطع الصمت : لا تبينين لهم شيء ماله داعي أحد يعرف خليها بيني أنا وياك و سلطان .. *تنهد* .. و تركي.
الجوهرة : أصلا انا ماأبغى أحد يعرف
والدها : وهذا الصح ، محد بيفيدك لا عرف بالعكس راح يضايقونك .. *بإبتسامة* وطبيعي ماراح أخلي أحد يضايقك بكلمة يكفي اللي صار
الجوهرة : إذا سألتني أمي ؟ أكيد بتعرف على طول وتشك
والدها : قولي لها مشكلة بيني وبين سلطان وإذا سألتك وشو قولي ماأبغى أحد يتدخل و أنا أصلا بنهي الموضوع من أوله و أقولها أنها ماتفتحه أبد
الجوهرة نظرت لبيتهم اللذي لم تشتاق إليه أبدا ، ركن والدها سيارته
ستواجه معركة حامية بين ريان و والدتها ، متأكدة أنا من ذلك .. يارب لا تضعفني أمامهم.
دخلا البيت الهادىء ولو سقطت إبرة لا سمعوها من شدة السكون ،
عبدالمحسن بصوت عالي : أم ريان ؟؟
خرجت من المطبخ : هل .. لم تكمل وهي ترى الجوهرة
الجوهرة بإبتسامة شاحبة وملامحها البيضاء قد تطهرت من اثار جروحها السابقة ، تقدمت لها وقبلت جبينها ورأسها : شلونك يمه ؟
والدتها بنظرات شك : بخير .. وش صاير ؟
عبدالمحسن بمثل إبتسامة إبنته : وش يعني بيصير ؟ .. المهم بشرينا عن أحوالكم ؟
ام ريان : كلنا بخير .. أسألكم بالله وش صاير ؟
الجوهرة : يعني مايصير أزوركم ؟
والدتها : هذي تسمينها زيارة ؟
الجوهرة : إيه حتى شوفي ماني جايبة أغراضي
والدتها و بعض الراحة تسللت إليها : طيب وشلون سلطان ؟
الجوهرة : يسلم عليك
والدتها : الله يسلمه ويسلمك
أبوريان : أنا بروح أريح ساعتين ، الطريق ذبح ظهري .. وصعد
والدتها بهمس : صاير بينكم شي ؟
الجوهرة : بس برتاح شوي هنا ولا ماأشتقتي لي
والدتها تسحبها لحضنها وهي تمسح على شعرها : إلا والله أشتقت لك و البيت فضى علي لا أنت ولا أفنان

،

- الخامسة عصرا -

بدهشة نظر إليه : مجنوووووووووووووووووووون !!
عبدالعزيز تأفأف : لا تجلس تلومني أنا قلت لك عشان أرتاح
ناصر : ماني مستوعب طريقة زواجك الغبية
عبدالعزيز : عاد هذا اللي صار
ناصر : وأنت مسوي نفسك ماتعرف ؟
عبدالعزيز : كان بوسعود حاط البطاقة وبياناتها في جيبه اللي قدام ولمحت مواليدها 88 و قلت مافيه غيرها لأن أختها متخرجة وأكبر
ناصر بسخرية : برافو والله
عبدالعزيز أبتسم بخبث : بالبداية قلت خلني أسوي نفسي غبي قدامهم وماأعرف مين بس بعدين قلت ليه ماأستغل الوضع وأهدد بوسعود فيها مقابل يقولي كل شي يعرفه عن أبوي
ناصر : يالخيبة والله !! طيب هي وش ذنبها وش دخلها بجنونك أنت وأبوها
عبدالعزيز : ذنبها أنها بنته
ناصر بحدة : أصحى ! انت ماكنت كذا وش هالمصخرة اللي عايش فيها تتزوج على أساس أنك ماتعرفها وعشان تهديد بس و الحين تعرفها وتبي تهدد أبوها فيها .. تهدد ببنت ؟ عيب والله عييييب
عبدالعزيز تنهد وألتزم الصمت ، النقاش مع ناصر لن يجدي بشيء
ناصر : لايكون قربت لبنته وهي ماتدري انك زوجها
عبدالعزيز مازال صامت
ناصر وقف وكأنه صعق بالكهرباء : قربت للبنت وهي ماعندها خبر أنك زوجها ؟ تبي تهبل فيها .. مات ضميرك . . ما تخاف من الله ؟
عبدالعزيز : هم ماخافوا من الله بحركاتهم فيني
ناصر بعصبية : هم غييير و زواجك من بنت بوسعود غييير
عبدالعزيز : عاد قدر الله والحين هي زوجتي
ناصر : زوجتك قدام بوسعود بالإسم لكن من وراه زي ****** تقرب لها
عبدالعزيز رفع عينه بحدة : ناصصصصر
ناصر بغضب كبير : لأن لو فيك ذرة رجولة ما أنتقمت من الرجال في بنته !! وين عايشين إحنا ؟؟
عبدالعزيز : الموضوع صار وأنتهى
ناصر : يومه صار تاكل تبن وماتقرب لها بغياب أبوها
عبدالعزيز ببرود : ماهمني لا هو ولا بنته لكن اللي يهمني أعرف كل شيء أنا أشتغل فيه ماني جدار عندهم يتصرفون من كيفهم ومتى ماأشتهوا علموني

،

في جهة أخرى ،

قبلت جبينه ببرود تام : الحمدلله على سلامتك
والدها : الله يسلمك ،
و بإستغراب أردف : وين رتيل ؟
مقرن : والله مدري وش أقولك .. تعبت وتنومت بالمستشفى بس تطمن قبل شوي كنت عندها
بوسعود و كأنه يتبلل بماء بارد ، تفاجىء : كنت حاس أنه صاير شي .. بأي مستشفى ؟
مقرن : توك جاي وين تروح الحين !!
بوسعود بحدة : ماراح أرتاح إلا لما أشوفها
مقرن تنهد : طيب .. وخرج معه لسيارته.
عبير تمتمت : مررة خايف عليها !!
أنتابها القهر و بشدة من فكرة أن احدهم يشارك والدها حياته و تحل محل والدتهم ، الكره مسيطر عليها إتجاه " ضي مشعل " وهي لم تراها ، حتى عمي مقرن يعرف بالموضوع ! لم تستروا جميعهم بهذا الخبر عنا ؟

،

واقف بجانبه متقرفا من رائحة الألوان ، رافع أكمام ثوبه للأعلى و السواك على جانب فمه : أعتذر وراح أسكت
الرسام ترك فرشاته ليرفع عينه عليه : أعتذر ؟
ذو شعر ملتوي بخصلاته و غرز كثيرة تلتهم ملامحه ، يبدو وكأنه رجل عصابة بمظهره هذا : إيه قول اسف وبسوي نفسي ماسمعت بشي
الرسام : تدل الباب ؟
بغضب رفع حاجبه : يعني تبي أبوك يعرف ؟
الرسام : أطلع برا
بحدة أكثر : لا تتحداني والله لأسويها وأقوله
الرسام : سوها مايهمني
: صدقني ماهو من صالحك عندنا شهود
الرسام : مين تقصد بالشهود ؟ عبدالمحسن أكبر غبي شفته بحياتي
تنهد بضيق : أسمعني زين محد بيخسر بالموضوع كله غيرك أنت !!
الرسام : وأنا أبي أخسر .. ممكن تطلع برا
أردف الاخر : طيب زي ماتبي بس بكرا تعال ترجاني عشان أخلصك من أبوك
الرسام ببرود : الله معك
سمعوا صوت والد تعيس الحظ يأتي من الأسفل
بضحكة أردفها الاخر : وهذا الأبو عند ذكره ، عندك ثواني إذا ماأعتذرت والله لا أنشر غسيلك كله قدامه
واحد ، إثنين ، ثلاثة ، أربعه ، خمسة .. طيب زي ماتبي .. خرج ليطل على الدرج : يا . . .
،

كان الفرنسية ، في عمارة يغلفها الزجاج من كل جانب لتتقاطع على شكل نوافذ طولية و كثيرة.
بملل على مكتبها ترسم بقلم الحبر الأسود رسومات بيوت متداخلة بشكل هندسي ،
رفعت عينها عندما لمحت ظل يعكس على ورقتها ، و بدهشة رجعت للخلف بكرسيها ذو العجلات فسقطت على ظهرها و الإحراج يرسم طريقه بين تقاسيمها البيضاء . .

.
.






.
.

أنتهى البارت
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

الجزء ( 39 )




نسيت ملامح وجهي القديم

ومازلت أسأل: هل من دليل؟!

أحاول أن استعيد الزمان

وأذكر وجهي..

وسمرة جلدي

شحوبي القليل

ظلال الدوائر فوق العيون

وفي الرأس يعبث بعض الجنون

نسيت تقاطيع هذا الزمان

نسيت ملامح وجهي القديم

*فاروق جويدة




كان الفرنسية ، في عمارة يغلفها الزجاج من كل جانب لتتقاطع على شكل نوافذ طولية و كثيرة.
بملل على مكتبها ترسم بقلم الحبر الأسود رسومات بيوت متداخلة بشكل هندسي ،
رفعت عينها عندما لمحت ظل يعكس على ورقتها ، و بدهشة رجعت للخلف بكرسيها ذو العجلات فسقطت على ظهرها و الإحراج يرسم طريقه بين تقاسيمها البيضاء . . مد يده ولكن تجاهلتها لن تنسى بالغربة أن مصافحة الرجال الأجانب " حراما "
أحترمها أكثر وهو يرجع بخطواته للخلف : بسم الله عليك
أفنان تقف بربكة وهي تنفض ملابسها و ملامحها مختنقة بالحمرة
نواف : سبحان الصدف
أفنان وضعت أصبعيها على عنقها وكأنها غصت بشيء : احم .. ا إيه
نواف شد على ربطة عنقه الكلاسيكية و رمقها بنظرات عادية بالنسبة له الا أن أفنان زاد إرتباكها وتوترها.
نواف : أنا محاضر هنا
أفنان حدثت نفسها بعفوية " والله أني قايلة هالوجيه الفخمة ما هي وجه تدريب " ، أردفت : تشرفنا مرة ثانية
نواف ينحني ويرفع الكرسي الساقط : عفوا
أفنان أنحرجت بأنها لم تشكره وكأنها قليلة ذوق : أعذرني بس ماني متعودة يعني .. ا يعني اخذ وأعطي مع الناس الغريبة
نواف : لازم تتعودين لأن الشغل كله يعتمد على التواصل مع الناس ، مسؤوليين العلاقات العامة مفروض مايرتبكون بسرعة
أفنان أخذت نفسا عميقا حتى ترد : إن شاء الله
نواف : ماراح نتشرف ونعرف إسمك ؟
أفنان : ها !! ا أقصد إيوا أيه .. إيه أسمي عبدالمحسن .. من الربكة وإستجابتها لعقلها الباطني ظنت أنها قالت إسمها قبل إسم والدها.
نواف أبتسم : عبدالمحسن ؟ والله شكل السعودية تطورت بالأسماء
أفنان حكت جبينها : ا لا لا أقصد .. يعني إسمي أفنان وأبوي إسمه عبدالمحسن
نواف رحم حالها المرتجف الان ويبدو كأنه أول رجل يحادثها ، : طيب يا أفنان فيه محاضرة الحين ولا من أولها غياب ؟
أفنان تمنت أن تلم كفيها أمامه وتترجاه لتقول له " الله يخليك فارق أحس أنفاسي تضيق " ، أردفت : لالا الحين بجي
نواف بادلها بإبتسامة و أبتعد ،
أفنان تنهدت وهي تأخذ بعض الأوراق وتلحق بالمدعى نواف

،

قبل سنة – شتاء 2011 –

يتجول بالمزرعة مع صديقه ذو العشرينات من عمره : وبس هذا اللي صار يا عبدالمحسن
عبدالمحسن رفع حاجبه مستغربا : طيب أنا رايح تامر على شي
فارس : سلامتك .. راقبه بعينه حتى خرج من حدود هذه المملكة الجديدة ، رد على هاتفه : هلا يبه
رائد الجوهي : وش سويت ؟
فارس : زي ما قلت لي كلمت صديق بوسعود أنه يكلمه بإستئجار المزرعة و *بسخرية أردف* طبعا نظام حلف على بعض وأنه مايدفع شي من جيبه .. وبس تو الصبح كلمني مدري وش إسمه صديقه ذا .. اتوقع إسمه محمد مدري أحمد .. وقالي أنه المزرعة تحت أمري
رائد : كفو والله ، الغرف مفتوحة ؟
فارس : نصها مقفلة
رائد : طيب أسمعني الحين ترجع البيت وتترك المزرعة ، سويت اللي عليك وأنتهت مهمتك
فارس : طي
لم يكمل لأن والده ببساطة أغلقه في وجهه كالعادة ، تنهد و هو يدور بين الغرف المغلقة و يتفحص المفتوحة.

صيف 2012 ،

بضحكة خبيثة يقف عند أعلى الدرج ليردف بصوت عالي : يا رائد
أقترب بخطوات متعبة و بإبتسامة مشتاقة : وين فارس ؟
فارس خرج له وقبل رأسه : هلا يبه
رائد جلس بأريحية على الأريكة المنزوية في الصالة العلوية ، تأفأف من رائحة الألوان : مدري وش مستفيد من هالرسم ؟
فارس : إشباع ذات
حمد : تكلم فيلسوف زمانه
فارس رمقه بنظرات حاقدة وجلس مقابل والده : شلونك ؟
رائد : تمام .. وين الخدم ماشفتهم ؟
حمد : صرفتهم يخي خفت عليهم من ولدك
رائد عقد حاجبيه بإستنكار : كيف ؟
فارس توسعت محاجره بصدمة : وش قصدك ؟
حمد : العلم عندك
رائد بنبرة شك : وش صاير ؟
حمد : أقوله ولا أنت تقوله !!
فارس ببرود ظاهري : وش بتقول ؟ تكذب الكذبة وتصدقها
حمد : اعوذ بالله يعني أتبلى عليك
رائد بحدة : اخلص أنت وياه وش صاير !!
حمد : ولدك مقضيها من بنت لبنت وعاد الله أعلم وش يخطط عليه
رائد أحمر وجهه من الغضب و هو ينظر بشرارات من نار بإتجاه إبنه ، رغم كل الملوثات التي تحيطني إلا أن أبني يبقى منعزلا عنها ، لن أرضى بأن يرتمي بقذر النساء و لا بأن تفسد اخلاقه و إن كنت غير مشجعا لأن اكون قدوة ولكن إبني خط احمر لا علاقة له بعملي.
حمد : عاد هذا غير الشرب يالله أكفينا الشر
رائد و صدمة اخر بل فاجعة حلت عليه : تشرب ؟
فارس بلع ريقه : يكذب عليك ..
حمد ويمثل الصدمة : انا أكذب ؟ مين اللي رجع ذيك الليلة سكران وأنت تهذي بوحدة من البنات *مد كلماته ببطىء شديد و كأنه تهديد صريح بكشف عبير إبنة عبدالرحمن لوالده*
رائد وقف و الغضب يتجعد بملامحه الان ، وقف فارس أمامه ليبرر : قطعت الشرب من زم
لم يكمل من صفعة جعلت أنفه ينزف ، لن يستطيع أن يجادل أبيه فيبقى هذا الرجل الواقف أمامه ذو هيبة مربكة و ذو بطش شديد ، يدرك بأن والده يحاول أن يعزله عن بيئته ولكن لن يستطيع حتى لو جعله يرتمي في قصر كهذا يبعد عن الرياض مئات الكيلومترات و يسلط عليه إحدى رجاله المزعجين و اللذين لا يترددوا لحظة بأن " ينغصوا عليه عيشته " ، لن يستطيع أن يمحي كلمة " إبن رائد الجوهي " من سجلاتي ، مادمت يا أبي مواطنا سيئا فأنا بالطبع ساكون ذو صفحة سوداء أمام الجميع بسببك.
رائد بعصبية كبيرة : وتقول ليه تخلي حمد يراقبني ؟ لأن الكلاب اللي زيك يحتاجون حراسة !! والله يافارس لا أذبحك وأشرب من دمك لو أسمع أنك تشرب ولا مضيعها مع بنات الشوارع .. والله لا أمحيك من هالوجود
فارس ملقى على المقعد الجلدي بلون الخشب ، مسح الدماء العالقة تحت شفته ، وعينه تهدد حمد وبشدة.
حمد بنبرة خبث مهددة بعد نظرات فارس : وعلى فكرة ولدك ذا يبي له تأديب !! صار له يومين مايتدرب ولا فكر يمسك سلاحه
فارس بنبرة هادئة : قلت لك من قبل أنه ماعندي ميول عسكري عشان أت
قاطعه والده بجنون وغضب كبير : تاكل تبن وتتدرب ماني جاي أطلب رايك .. غصبا عنك رضيت ولا مارضيت
فارس شتت نظراته بعيدا عن والده ولا يرد عليه بحرف
والده سحبه من ياقة قميصه و هو يتوعده و شرار من نار تخرج من عينه : أسمعني زين !! تترك حركات المراهقين حقتك وتقابل تدريباتك !! لا أسمع أنه يوم مر بدون لا تمسك سلاحك والله مايصير لك طيب
فارس بصمت ونظراته تتجه لكل الأشياء التي تجاوره إبتداء من هاتف المنزل المفصول و من الأريكة الطولية باللون " الزيتي " و درجات البني تتخذ من الخداديات طريقا لها و اللوحات المعلقة بكثرة على الحائط المغطى باللون البيجي و تنساب من سقفه ثريا بلون الذهب تقابلها الطاولة الدائرية التي تنتصف المجلس.
إنتهاء بوجه حمد القبيح بنظره ،
والده بصرخة : مفهوووووووووووووم ؟؟
فارس بخفوت : مفهوم
دفعه والده على الأريكة مرة أخرى ليردف : جبت لي المرض الله لا يبارك فيك .. وخرج غاضبا بعد فترة طويلة لم يدخل بها منزله هذا.
حمد يمثل الملامح الحزينة وبصوت ناعم : قايل لك اعتذر ياحبيبي ؟
فارس وفعلا بمزاج مربك لكل من حوله ، رمى الهاتف بقوة ليعلم على جبهة حمد
حمد بعصبية : الله ياخذذذك يا كلب

،

تنظر لبياض الجدران و دموعها تهتز على أهدابها ، لا شيء يستحق في هذه الحياة أن نفديه بأرواحنا ، قلبي لا يهدأ وهو يسمع الصدى الحاد ل " تزوجت " والله لا يهدأ و لا يريحني ، مهما حاولت أن أتخطاك أتعثر بك مجددا ، أحاول ان أنسى فقط " أني أحبك " و أنسى كل شيء بما فيهم تفكيري بنسيانك ولا أنسى " أحبك " ، أحتاج يد سماوية تمتد إلي و تصفع حبك وتصفع لحظة قلت بها " أحبك " ، أشعر بأن الأقدار تعاقبني . . أهنتك برجولتك ولكن إهاناتي صغيرة و طائشة أمام إهانتك الفظيعة بحقي ، كيف أحب من أهانه لساني بالسابق ؟ أكاد أجزم أنها عقوبة مني لأنني " شتمتك "
ياه يا عبدالعزيز ألهذه الدرجة شتيمتك " معصية " حتى أعاقب بها بحب كسير ؟ ألهذه الدرجة أنا ضائعة لا أفقه قولا غير " أحبك "
لم تكن مطيعا لحبي يوما ، كنت خير عاق لقلب تمنى لو كان لك وطنا . . رحلت إليها ؟ من هي أثير ؟ أحب المراهقة والشباب ؟ أحبك الأول والأخير . . " طيب وأنا ؟ "
ألتفتت للباب الذي يفتح و أهتزت رموشها لتتساقط كرات الملح الشفافة .. لتتساقط الدموع و الخيبات تعكسها.
جلس بجانبها لترتمي على حضنه و تشد بأصابعها على كتفه ، ليت الحزن يا أبي يعرف مخرجا مني.
والدها يمسح على شعرها و يتمتم بصوت ضيق : سلامتك
رتيل يتصاعد بكائها والبحة تهمس لها : أشتقت لك
عبدالرحمن بقهر على حالها المزري : و أنا يايبه أكثر ، . . أبعدها عن صدره وهو يمسح بكفيه دموعها : ماني متعود عليك تبكين ؟
رتيل و محاجرها تختنق بالملح : أبي أرجع البيت ..
عبدالرحمن : مامريت دكتورك إلى الان قلت أجي أشوفك بالأول
رتيل تمسح عيناها المحمرة بكفوفها الباردة : صح الحمدلله على سلامتك
عبدالرحمن أبتسم : الله يسلمك ، ماراح تقولين لي . . وش اللي صار ؟
رتيل أعتدلت بجلستها وهي تمسح أنفها المحمر من بكائها المتواصل : اهملت أكلي هاليومين وبس
عبدالرحمن يقلد نبرتها : بس ؟
رتيل وصوتها يضيق أكثر ، رمشت وبهذه الرمشة سقطت خيبتها متكورة على هيئة دمعة ، أردفت بوجع شديد : متضايقة
عبدالرحمن و بداخله يحترق عليها : من إيش ؟
رتيل هزت كتفيها بعدم معرفة ، أخفضت رأسها و الحياة تخطف من ملامحها لتبقي الشحوب ، بنبرة مهتزة أكملت : أحس بمووت .. منقهرة حييل
عبدالرحمن : بسم الله عليييك من الموت والقهر .. قولي لي بس وش اللي ضايقك ؟
رتيل و تشعر بغصة غير قادرة على البوح ولا تريد ان تصمت و تكتم ، تريد أن تشتم و تخرج الفوضى التي بداخلها ، تريد الحرية الروحية لقلبها : موجوعة بس محد يحس .. مححد جمبي ، أبي بس مرة وحدة أصادف أحد مايرمي قهره و عصبيته علي .. ماني جدار كلهم يفرغون علي ، تعبت و أختنقت من كل شيء ..... أموت من وحدتي يبه
عبدالرحمن وهذا الحديث ك سيف على قلبه يقطعه قطع ، ينكسر لوضع إبنته وماتشعر به . . أقصرت ؟ أم لم أعرف أن أشبعهم حنانا وحبا كما ينبغي ؟ مهما حدث أبقى انا الأب و الرجل و الأكيد أن صبيات بمثل أعمارهن في حاجة لإمرأة توجههن .. ولم أستطع أن أكون بمثل مكانة هذه المرأة التي تلبستها وهما و فشلت.
الشمس تزاحم النجوم الذي شارفت على النوم ، في ساعات الفجر الأولى ، على فراشها متكورة ك جنين ، أعتادت النوم بهذه الطريقة منذ مدة طويلة ، الظلام يخنق عينها و يبكيها ، و جفنها نائم و الرعشة تصيب أهدابها .
يقترب إليها بثياب رثة و شعره الأسود طال و مبعثر غير مرتب ، مسك كفيها و عيونه محمرة تبكي دماء : حبيبتي
واقفة بجانب النافذة المهشمة و الزجاج متناثر حولها ، يخترق بعض الزجاج قدمها و لا تشعر بشيء ، مات الشعور بها .. مات الإحساس غير قادرة على / أن تحس بالدماء التي تهطل من قدمها .
سقط على قدمها باكيا مترجيا : الجوهرة . . ليه تتركيني ؟ ، أنا أحبك .. لييه ؟ أنا بس اللي أحبك .. ريان يشك فيك بشيء وبدون شي و أبوك ماراح يبقى لك طول العمر و سلطان اللي تحبينه تركك بأول مصيبة جتكم .. لو يحبك ماتركك .. لو يحبك صدق عيونك .. أنا بس .. أنا والله بس اللي أحبك
أجهش بالبكاء كالرضيع ، و الدماء تنزف من كفوفه المخترقة الزجاج : أحبببك ... ليه ؟ بس قولي لي ليه ؟ أنا لك و للعمر كله .. كلهم مايبونك .. كلهم ما يحبونك .. كلهههم والله كلههههم
صرخ : كللللللللهم .. بس أنا .. أنا اللي أحبك .... تعالي .. تعالي قولي لي أنك تحبيني .. لاتخليني أموت و أنا ماسمعتها منك
الهواء يرفرف من خلفها و خطوة واحدة ستسقط من الطابق الثاني الذي يبدو الان وكأنه الطابق العشرون ، الدماء تلطخ وجهها و عيونها تفيض بالحمرة و شفاهها جافة و كأنها أحترقت بحمم من نار ، شعرها ينزل على بعض وجهها مبعثر ، أردفت : أحببك ، كنت أقول أني أعرفهم لكن كلهم كنت أجهلهم .. أنت وحدك اللي وقف معاي .. أنت وحدك
بإبتسامة من تركي أوقعت السن الأمامي و الدماء تبلله و مع ذلك تجاهل جروح وجهه ، : كنت عارف أنك ماراح تخليني ،
وقف ليتمسك بها جانبا ، أرتخت أضلعها بقبضته .. أرتخت حد أن نسمة هواء أوقعتها على " حوش " منزلهم.

أفاقت من نومها متعرقة و الدموع تلطخ وجهها ، فكوكها ترتطم برجفة و أطرافها ترتعش ، وضعت يدها على فمها حتى لا يخرج أنينها ، أنهارت و هي تردد في داخلها " لا ماأحبه .. والله ماأحبه .. لا لا لا ماأحبه ... لا ياربي لألألأ .. أنا ما أحبه والله العظيم ماأحبه .. ياربي حرام مابغى أصير زيه .. لأ والله ماني كذا .. والله " رددت حلفها كثيرا وهي تبكي و الأنين يتصاعد دون أن تقاوم هذا الصمت .
دخل والدها : بسم الله عليك .. جلس بجانبها لترتمي عليه وهي تتشبث به : يبببببببببه ما أبيييه تكفىىى يبببه
عبدالمحسن بغير فهم : خلاص تعوذي من الشيطان .. كابوس
الجوهرة : ما أحبه والله العظيم ماني زيه والله ماهو برضاي قسم بالله والله يبببه ما أحبببه .. أكررههه
والدها شد على ظهرها لتبكي بإختناق وهي تحفر ملامحها بصدره ، قهر يتوسد قلبه على إبنته التي في حالة اللاوعي وتهذي بحرقة ، يا إلهي أرحمنا و أرزقنا النفس الصبورة .
الجوهرة بصوت مبحوح : تكفى قوله أنك جمبي .. قوله يبببه و لا بيقرب ،
أغمضت عينيها بشدة لا تريد أن تراه : يببببه قوله .. لا تسكت .. يقول أنك بتتركني .. والله يقول كذا ...
والدها و العبرة تخنق حنجرته ، وصلت إبنته لمرحلة الجنون .. ياه يا تركي أأستحق منك كل هذا ؟
الجوهرة فتحت عينيها بخوف وهي تنظر بإتجاه شباكها ، صمتت لثواني طويلة و والدها يقرأ عليها حتى صرخت بوجع عميق : ا اه .. بموووت .. بمووووت يبببه
على الأرض مبعثرة والظلام يندس بينهم ، لا ترى شيئا سوى ملامح تركي الحارقة أمامها ، ليلة الإغتصاب تلك تشعر بها ، اهاتها تلك الليلة و وجعها و صرخاتها تعيدها .
بصوت محروق : حررام .. لا تسوي كذا .... حرا ام
صرخت : يمممممممممممممممممه ... يبببببببببببببه ... ريان ... اه يا ربي ... يممممممممه تكفيييييييييييييين
حضنها عبدالمحسن و هو يمسح على شعرها و مازال يقرأ عليها " الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم
فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء واتبعوا رضوان الله ، والله ذو فضل عظيم "
الجوهرة تمسك كتف والدها بطريقة مريبة مثل ما مسكت كتف تركي تلك الليلة : الله يخليييك حرام عليك ... أتركنننييي .. أتركنننننيييييييييييي
دخلت والدتها ومن خلفها ريان و علامات التعجب تنقش على ملامحهم ، و الرعب يدب في نفس أم الجوهرة .
أشار لهم عبدالمحسن بالخروج و بنظرات حادة جعلتهم لا يناقشوه بشيء ، خرجوا و أغلقوا الباب و كل منهم يفكر بطريقته ، ماذا يحصل ؟
عبدالمحسن أدرك أنها تسترجع ليلتها التعيسة ،
بهمس ميت : وينهم ؟ ليه تركوني ؟ .. تصاعد أنينها و بشكل موجع لقلب والدها ،
سقطت دمعته ، نزلت و أخيرا .. رحمت حالها وهي تستقر على شعر إبنته ، بصوت مخنوق يرتفع : والذين إذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم ذكروا الله فاستغفروا لذنوبهم ومن يغفر الذنوب إلا الله ولم يصروا على ما فعلوا وهم يعلمون ، أولئك جزاؤهم مغفرة من ربهم وجنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ، ونعم أجر العاملين
غزرت أظافرها بصدر والدها : وين أبوي ؟ .. وينننه ؟ مايتركني .. أبوي مايتركني
والدها بهمس : معاك يا يبه
الجوهرة ببكاء يختلط بدماء أنفها : أبييي أبوي .. أبيي أبووووي ... *صرخت* يبه يبه
تعالت صرخاتها المنادية لوالدها وهي بين أحضانه لتردف أخيرا بصوت خافت و هي تعصر عينيها لا تريد أن ترى شيئا سوى الليل : أخوك ذبحني
عبدالمحسن تنهد وبصوت رجولي ثقيل : ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين . الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون . أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون "
ذهب صوتها قليلا ، أبعدها برفق عن صدره وهو ينظر لملامحها الشاحبة و الميتة ، أنزل رأسها على الوسادة و هو ينحني ليغطي جسدها بفراش خفيف ، قبل جبينها البارد و هو يدعي في داخله لها " يارب أرحمها برحمتك التي وسعت كل شيء "
خرج و كان أمامه ريان و زوجته
ريان رفع حاجبه بإستغراب من عين والده المحمرة : وش فيها ؟
والده : تعبانة شوي ، لا تزعجونها خلوها تنام كم ساعة
والدته و أهدابها ترتعش وتنبأ بالبكاء : وش فيها بنتي ؟
عبدالمحسن : مافيها الا كل خير بس شافت كابوس
أم ريان : لا تكذب علي !! جيتها هنا فيها سبب واللي قاعد يصير الحين له سبب
ريان بنبرة شك : وش مسوي لها سلطان ؟
والده بغضب : قلت مافيها شي .. أتركوها لحالها .. تمتم و هو نازل للأسفل " اللهم أني صايم بس "


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

أنحنى ساجدا على الرخام البارد ، ردد " سبحان ربي الأعلى " ، صمت و لا شيء يلفظه ، أطال سجوده و الشمس تشرق و تتسلل إلى نافذته ، مرت الثواني الطويلة دون أن يلفظ شيئا ، تمتم بصوت محروق : يارب
و كأن هذه الكلمة أسقطت حصون أهدابه حتى أرتجفت دمعا ، كيف أصوم ؟ أحد يعلمني كيف رمضان يقضى بلا أهل ؟ بلا أم تحضر لأجلك السحور ، بلا أب يشد عليك للصلاة ، بلا أخت توقضك على أوقات الصلاة و السحور و الفطور .. بلا أحد ،
يا الله .. اللهم لا إعتراض على أقدارك .. اللهم لا إعتراض .. يارب أسألك النفس المؤمنة الصبورة ، يالله أني أسألك و لا أحد يملك أمري سواك ، يالله أني أضعف أمام ذكرى من أنجبتني و من هذبني و رباني ، يالله .. مقهور يا الله .. مقهور و أموت من قهري هذا .. يالله أرحمهم برحمتك التي وسعت كل شيء و وسع مدخلهم ، يارب جازهم عن الحسنات إحسانا و السيئات عفوا وغفرانا ، يارب انس وحشتهم .. يارب *أختنق بصوته وهو يردد " انس وحشتهم * يارب هم أهلي و كل حياتي فلا تجعل اخر لقائي بهم في دنياك ، يارب أسألك بوجهك الكريم رب العرش العظيم أن تجمعنا في الفردوس الأعلى بجانب أنبيائك وعبادك الصالحين ،
صمت و جسده يكاد يصلب من إطالته لسجوده ، الحزن يطبق كفيه بشراهة على قلبه ، بصوت مبكي يخرج من رجل بدد الموت قوته : أشتاقهم يالله .. أشتاقهم ف يارب خفف علي حرقة فراقهم و أجمعني بهم في دار الاخرة .

،

على التراب جالس و أساس المسجد قد بني قليله ، عيناه تحلق بعيدا و جبينه يبكي معه عرقا من الشمس الحارقة ، ينظر للاشيء ، هذه المرة لا يبكي هذه المرة يحترق بداخله شر حرقة و كأن ليلة زفافه كانت بالأمس ،

أمام المراة يعدل البشت و بجانبه عبدالعزيز ،
عبدالعزيز بسكسوكة و عوارض محددة و بمثل حالته كان ناصر ، ضبط نسفة شماغه وبضحكة : أروح ملح على المرتبكين
ناصر و الربكة واضحة بين ملامحه : إكل تراب تراها واصلة حدي
عبدالعزيز : ههههههههههههههههه ريلاكس روق ياخي وأنا أقول ذيب ماينخاف عليه
ناصر بتوتر و نبرة عفوية : يخي والله خفت
عبدالعزيز أنفجر ضاحكا : تكففى خلني أصورك بس للذكرى بعد كم سنة عشان تضحك على نفسك
ناصر بدون تركيز : صور وش دخلني فيك
عبدالعزيز أخذ كاميرا الفيديو و أشغلها : الليلة عرس مين نصور ؟
ناصر يلتفت عليه : ههههههههههههههههههههههههههه عرس اللي نازل حظه من السماء
عبدالعزيز : يالله قول شيء
ناصر بإبتسامة تظهر صفة أسنانه العلوية ، يبدو مظهره اليوم ساحرا أم أن كل " عريس " يكن ساحرا بجماله في ليلة زفافه : وش أقول الله ياخذ العدو
عبدالعزيز بإبتسامة : قول أي شي يخي هذا وأنت شاعر وتعرف تصفصف الكلام أحسن مني
ناصر : أي شاعر يابطيخ أنا كويس أعرف أسمي
عبدالعزيز : كلمة لغادة طيب ؟
ناصر و أنفجرت أوردته بالحمرة ، عبدالعزيز لم يقدر عل الوقوف أكثر حتى جلس وهو يصخب بضحكته : اخ ياقلبي ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه أنحرجت يا حبيبي هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههه والله لا أمسكها عليك طول عمري ومسوي لي فيها الثقيل واللي مايتحاكى ههههههههههههههههههههههههههههه
ناصر يمسح قطرات العرق التي هطلت من مساماته : يا ******* قسم بالله أفجر فيك الحين .. طف الكاميرا الخايسة اللي معك
عبدالعزيز بخبث : طيب كلمة لغادة .. كلمة ماهو أكثر من كلمة ...
ناصر أبتسم : عزوز والله توترني شوي و ****** على نفسي
عبدالعزيز وينفجر بضحكته مجددا : عقبك ماظنتي بتزوج ، أبك راححت الهيبة هههههههههههههههههههههههههههههههه

أبتسم للفراغ الذي ينظر إليه ، ليلة عرسه و ضحكاته مع عبدالعزيز و شعوره المتلخبط و ربكته و توتره ، كل التفاصيل الصغيرة أولها رعشة قلبه حين ينطق إسمها ، كل هذا .. يحفظه جيدا ولن ينساه أبدا .
أول ليلة شعر بربكة شيء يدعى " عرس " أول ليلة يشعر بالحياة بها مذاق مختلف ، أول ليلة تخنقه بهذا التناقض .. أول ليلة أبكته بعد سنين من الجفاف لم تنزل دمعة منه ، أول ليلة رجع بها مراهق لا يفقه بالصبر شيئا وهو يصرخ بإسم حبيبته ، أول ليلة أسقطتني . . . يا غادة .

،

بإرهاق نزل الدرج و خطواته سريعة و كأنه يريد اللحاق بشيء رغم أن الوقت مازال مبكرا ، ألتفت على عمته
حصة : تعال أبيك بموضوع
سلطان : معليش حصوص مشغول لا رجعت
حصة : حصوص بعينك .. تعال بسرعة موضوع 5 دقايق
سلطان تنهد وهو يجلس بمقابلها وينظر لكوب القهوة الذي أمامها : قهوة ؟
حصة أنحرجت لتبتسم بتضييع : من السحور
سلطان ضحك بخفوت لأنه واضح بأن الكوب مازال حارا ، أردف : إيه وش تبين ؟
حصة بتوتر متزن : يعني أمس وأنا أشوف الدور الثالث وكنت يعني أتفرج و .. يعني ماله داعي غرفة سعاد !! خلاص يعني ما تفيدك بشيء وبعدين الجوهرة موجودة يعني ماهو حلوة تشوف الغرفة بعد وصورها موجودة بكل مكان
سلطان ببرود : طلعي نفسك من هالموضوع .. وقف ولكن يد حصة سحبته ليجلس : لا حول ولا قوة الا بالله .. شوي بس أسمعني
سلطان بحدة : وش أسمع ؟ هالموضوع كم مرة تناقشنا فيه
حصة عقدت حاجبيها : طيب أنت أهدا ، الحين الجوهرة ليه غرفتها فوق ؟
سلطان صمت لثواني : ماهي فوق ..
حصة : إلا بالدور الثالث وأنت بالثاني !! وش فيك سلطان ؟ يخي منت قادر تتأقلم مع الحريم .. قولي وش مضايقك يمكن أنت فاهم أشياء غلط ، يعني فيه أحد ينام بالدور الثاني وزوجته بالثالث .. والله ما قد شفت ناس كذا
سلطان تنهد : حياتي الخاصة وأنا حر فيها لا تتدخلين الله يسلم لي هالوجه
حصة أبتسمت : يا حبيبي أنا أتدخل عشان مصلحتك ، يعني
سلطان يقاطعها : أنا أعرفها مصلحتي كويس
حصة : طيب خلاص أن شاء الله تنومها بالسطح !! لكن ليه للحين في بيت أهلها ؟
سلطان بإمتعاض : ماشافتهم من زمان ومشتاقة لهم
حصة : علي هالحركات ؟ طيب عطني رقمها بس أبي أكلمها و لابعد مالي دخل .. يخي بكلمها وبسأل عن أخبارها بس
سلطان تنهد بغضب : حصصصة الله يرحم لي والديك لا تتسلطين علي هالصبح ،
حصة بحدة أكبر : أنا أبي رقمها بس
سلطان : مافيه قلت مافيييه
حصة : يعني أنتم متهاوشين
سلطان بحدة وهو يقف : إييييييييييه
حصة : طيب كل مشكلة لها حل ، ليه ماعندك فن التعامل مع حواء
سلطان بغضب : يا عسى مافيه حواء .. أرتحتي !! .. وخرج مغلقا الباب بقوة هزت البيت ،
حصة ضحكت من دعوته لتردف : راسه يابس

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي




،

يسدد على قارورات المياه المثبتة على الأرض الخضراء ، مرت ساعتين وهو على هذا الحال ،
من خلفه : برافووو ههههههههههههههههه
لم يلتفت عليه و أكمل تسديداته و تدريبه الذي يكره ، ليس مجبر أن يتدرب مثل هذه التدريبات التي يراها لن تفيده بشيء ،
حمد : زعلان علينا ؟ ماترد بعد
وقف بهيبته التي تشبه هيبة والده ، بعرض كتفيه و عضلات بطنه الواضحه من قميصه المفتوح من شدة الحر ، سدد بجانب ذراع حمد ولو ألتفت قليلا لأنغرزت الطلقة في ذراعه
حمد بغضب : أنت مجننووون ؟ والله لو تعيدها معي لا يوصل علم بنت عبدالرحمن لأبوك
فارس : ورني عرض أكتافك
حمد أبتسم : معصب عشان الكف ؟
فارس صمت لثواني و بركان يثور في داخله ، أردف : أبوي لو يقطعني قطع حلاله
حمد : هههههههههههههه الله على البر ماأتحمل ... قلبي الصغير مايتحمل بر الوالدين اللي نازل عليك
فارس أبتسم ببرود : أنا أقول تلف حول البيت أحسن لك كود تخفف من هالكرشة
حمد قطب حاجبيه بإنزعاج هو غير قادر حتى على إخفاء غيرته من بنية فارس وجسده : شايف جسمك قبل لا تشوفني ؟
فارس ينظر لنفسه وهو يتصنع البراءة : أنا !! وش فيني ؟
حمد بإمتعاض ينظر إليه ليردف : متباهي مررة بنفسك لا تنسى من تكون ؟
فارس : أكون فارس ولد رائد الجوهي اللي مخرفنك
حمد بقهر : قد هالكلمة ؟
فارس ضحك بخبث : لا يكون بتشيلني بطرف أصبعك *حمد قصير القامة*
حمد بقهر يدخل للداخل وهو يعلي صوته : حسابك بيجي وبتشوف يا ولد موضي
فارس وضع السلاح بخصره و هو ينظر لما حوله ، الحرس منتشرين بكل مكان لن يستطيع الخروج أبدا ،
أقترب من الباب الخلفي ليرى أحد الحرس عريض المنكبين و طويل القامة – ضخم – ببشرة سمراء تعكسها الشمس : السلام عليكم
: وعليكم السلام
فارس : بروح أتروش وبعدها بطلع
: اسف ، طال عمره معطينا أوامر ما تطلع برا البيت
فارس بحدة : وأنا قلت بطلع !!
: أعذرني ماهو بإيدي
فارس بعد ثواني صمت : كم أعطيك ؟
الحارس بإبتسامة : قلت لك معليش مقدر
فارس : أعطيك اللي تبيه
الحارس : أسمح لي هذي الأوامر
فارس أحمرت بشرته البرونزية غضبا و هو يتوجه للملحق الخارجي ، عله يفرغ بعض غضبه بلوحاته ، " عبير " تداهمه يشعر بأحقيته بها ، يشعر بأنه سينحرها إن فكرت بغيره والله لن تعيش معه براحة و أنا حي .
مسك هاتفه أمام لوحة مكسية بالسواد عدا جزء بسيط يظهر به عينا صبية فاتنة ، ياه يا أنت ،
ضغط على رقمها ، طال الإنتظار ولا مجيب ، يدرك أنها لن ترد ولكن مع ذلك يحاول
في جهة أخرى كانت تستشور شعرها المبلل ، أنتبهت لهاتفها الذي يهتز على الطاولة ، أغلقت الإستشوار و أخذته وهي تنظر لإسمه " مجهول "
لن أضعف مجددا ، سأقتلعك من ذاكرتي وإن تشبثت بها ، لن أسمح لك بالتمادي أكثر ، يالله لا تضعفني أمامه و عوضني خيرا منه ، أي حب مراهقة هذا يأتي من مكالمات ؟ أي حب رخيص يأتي من صوت ؟ أي حب هذا لا تنجبه سوى رحم عاهرة !! ثبت يقيني يالله و باعد بيني وبين حرامك كما باعدت بين المشرق والمغرب .

،
تتقيأ بإستمرار ، من الفجر وهي تعتصر ألما ، كان كل إعتقادها بأنه بسبب ما حدث و لأنه أول مرة فمن الطبيعي أن تشعر بالغثيان وهذه الأعراض ولكن طالت جدا ، لم يرجع يوسف من الأمس .. " أحسن "
أخذت منشفتها الصغيرة وهي تمسح وجهها لتجلس على الكرسي المخملي ، لم تجلس سوى ثواني لتعود للحمام و تتقيأ مجددا بوجع شديد ، مسكت بطنها وهي تعتصره بكفها : اه
كانت تريد أن تتصل عليه فالألم لم يعد يحتمل ولكن أخذتها العزة بأن لن تتنازل وتتصل هي ، شعرت بالدوار و حرارة جسدها تتفجر ، أوجعها صدرها حتى نامت دون أن تشعر على الكرسي .

،

بالإستراحة حيث هناك أشخاص سكارى دون أن يشربوا شيئا ، بلوت في وقت كهذا !!
ولكن مع إبتكار طريقة أخرى لها ، فالخاسر يعلق على إذنه " مشابك الغسيل " و أكثرهم مشابكا مضطر بكل أسف أن يأتي لهم بالفطور.
منصور بنعاس تمدد مبتعدا عنهم : أنا برا
علي : والله من الخرشة
منصور : إلا كلكم غشاشيين عورتوا أذني وخربتوا نومتي
يوسف و معلق على إذنه اليمنى ثلاثة مشابك و اليسرى مشبكين : الله ياخذ العدو بس
فيصل : هههههههههههههههههههه لحظة خلني أحسب هالدورة
طارق : كلكم متزوجين مفروض مقابلين حريمكم إلا أنا يا حر قلبي بس
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه الحين يبدأ موال كل يوم وأنا المسكين اللي محد مداريني
طارق : إيه لأنك كلب علمتني على رومانسية الهيلق اللي زيك أجل دبدوب أحمر
منصور ضحك ليردف : وأنت من جدك تصدقه !!
طارق : وش أسوي قلت عيال النعمة رومانسيين وأكلت تبن من وراه
فيصل : وزع بس وزع .. هههههههههههههههههههههه الدبدوب وش قال يوسف ؟
يوسف يقلد بصوته : اي لوف يووو
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يالله لا تشمت أحد فينا
طارق : إيه تشمتوا !! كلاب الله يوريني فيكم يوم
يوسف : أصلا ماتوا الرومانسيين .. مين الحين رومانسي ؟ يخي فلها بس وكبر مخدتك بلا حب بلا خرابيط ، وش زينة الحياة الدنيا ؟
فيصل بعبط : المال والبنون
يوسف : بالضبط المال وعندنا الحمدلله والبنون الله يرزقنا .. خلاص ماقالوا الحب الله ياخذ الحب بس
علي : سو دراما بعد وقول أنه قلبك مكسور
يوسف بملامح حزينة : كاسرني الحب مو مخليني أنام
منصور يمدد ذراعيه وهو يتثائب : خلونا ننام يا شباب
رن هاتف علي ووضعه على " السبيكر " ليصرخ إبنه الصغير : يببببببببببه تعال شوف الحمارة تبغىى تاخذ الريموت
علي وهو يأخذ الورق متجاهلا الكائن الحي الذي يصرخ
منصور : رد عليه
علي : هو يفهم الحين أني بجي البيت وألعن شكله بس أنتظر
ولحظات قليلة حتى يتكلم الطفل بهدوء : يببه والله مالي دخل بس خذت الريموت واليوم يومي .. حاجزه من أمس
علي : قايلكم أفهم فئة البقر اللي عندي
يوسف : أنا بكرا لا جاني ولد ..
لم يكمل من صرخات الإستهجان حوله
أردف فيصل : يا كثر هياطك .. قلت بكرا لا تزوجت بجلس عند مرتي وبسفرها وبونسها وبخلي كل بنات الرياض يحكون عننا
علي يقلد صوت يوسف بسخرية شديدة : بكرا أفرفر من شيخ لشيخ من كثر الحسد على حبنا
منصور لم يتحمل حتى أنفجر ضحكا من سخريتهم على يوسف
يوسف يرمقهم بنظرات حقد : طييب يا عيال ال******
طارق : هههههههههههههههههههه والله حوبتي ما راح تتعداك
منصور : يوسف واضح أنك تمصخرت
يوسف : شف يعني الظروف أختلفت ، لأن الزواج صار بسرعة وعلى وقت دوامات مقدرت أسفرها
فيصل يعزف كلماته بصوته : يا كثر ما كذببت و ياكثر ما هايطت علينا وإحنا نسلك لك
يوسف : لا أبو من جمعكم يا كلاب
علي و يرن هاتفه مجددا : على الطاري يجونك .. صدق كلاب ، فتحه على السبيكر حتى يخرج صوت أنثوي يميل للدلع الفطري
علي رمى أوراق اللعب بربكة وهو يأخذ الهاتف ويخرج من بيت الشعر ،
صخبوا بضحكاتهم التي تواصلت لوقت طويل ولم ينقطع أبدا وسط تقليدهم للصوت وسخريتهم ، بمعنى اخر " تسدحوا ضحك"

،

نائمة بهدوء على السرير الأبيض ، ملامحها مرتخية بسكون ، أزالوا القبعة الشفافه التي كانت تغطي شعرها الذي مرفوع بتموجاته للأعلى وخصلة متمردة على عينها الميتة الجفن ، دخل عليها بخطوات خفيفة ولم يرى كرسيا فجلس بجانب رأسها على طرف السرير . . رفع خصلتها ليدخلها ببقية شعرها و أنفها مغري للتقبيل .. أنحنى بإبتسامة ضيقة ، قبل مقدمة أنفها و هو يهمس : رتيل
فتحت عينها بإنزعاج من الدغدغة التي أسفل أنفها ، ألتقت عيناها بعينه و أبتعدت بغريزة الدفاع عن النفس ليرتطم رأسها بحواف الألمنيوم - قبضان السرير الطبي - ،
توجعت من الضربة ، مسك كفها خلف رأسها ليقربها من الوسادة : بسم الله عليك
رتيل عقدت حاجبيها و نظراتها عتب أم ماذا ؟ كانت تحكي أشياء كثيرة غير قادرة على شرحها بصوتها ، لغة الحب و العتب – لغة العيون –
شتت نظراتها بعد صمت طال للأعلى ، لتقول بصوت خافت : وش تبي ؟
عبدالعزيز بصمت ينظر إليها و يركزها بعينيها
رتيل و كلمة رمضان تمر في عقلها و قبلها قلبها ، تعصي الله في رمضان .. يالله شعور سيء العصيان إن أتى بأيام فاضلة ، ضاق قلبها بإتساعه ، ضاق من همها و حزنها ،
رتيل تكتم بكائها و أعصابها متوترة : بصفتك مين جاي ؟ أطلللع
عبدالعزيز مازال صامتا ، يتأملها و كأنه للتو ينتبه لتفاصيل ملامحها ، عيناها التي تضج بالصدق و أنفها الصغير و بشرتها البرونزية و شفتها التي بدت مائلة للبياض ، شعرها البندقي الملتوي حول بعضه محدثا ربكة ببعض خصلاتها المزروعة بمقدمة رأسها لتنزل على عينها بهدوء ،
رتيل بحدة وصوتها مازال مبحوحا : بتصل على أبوي لو ماطلعت
عبدالعزيز و كأنه يتلذذ بتعذيبها ، أدخل أصابعه بخصلاتها المتمردة وهو يلفها حول أصبعه و إبتسامة شقية تعتليه
رتيل تحاول سحب شعرها ولكن قوتها ضعيفة جدا أمامه ، بغضب : أبعد إيدك
عبدالعزيز بضحكة : توني أنتبه أنه شعرك حلو
رتيل تفيض بقهرها ، أي ذل هذا ؟ أي حرقة تشعر به الان ، تريد أن تبكي لتريح صدرها الملغوم بحمم بركانية ، تريد أن تصرخ ليبتعد عن وجهها و هي تشعر بعذاب الله يدني منها ، لا صوت لها .. متعبة غير قادرة حتى على الوقوف بوجهه .. تبخرت كل قوتها أمامه وإندفاعها و تهورها بإطلاق الشتائم نحوه ،
عبدالعزيز و ينزل بأصابعه ناحية خدها ليمسح دمعة أرتجفت على هدبها ولم تسقط ، أرتعشت من لمسته الباردة وهي تقترب من عنقها الحار ،
ألتفتت يسارا حتى يبعد يده و بصوت باكي يأست منه : تقولي ماتخافين الله وماتشوف حالك .. أطلع برا خلاص طلعت حرتك فيني وأرتحت
عبدالعزيز و صمته يثير الغضب في نفس رتيل ، أبعد كفوفه ليستقر بها على جبينها و يقرأ عليها اية عذبة " إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان الله بكل شيء عليما " رددها مرتين و هو يكرر كلمة " سكينته " أكثر من مرة.
دقائق طويلة و السكون يلف رتيل ويبكيها ،
عبدالعزيز : ليه البكي ؟ الدكتور يقول لازم تبتعدين عن الاشياء اللي تزعجك و اللي تضايقك
رتيل بإندفاع : وأنت تزعجني وتضايقني
عبدالعزيز بضحكة مهذبة خافتة أردف : أنا غير
رتيل بكلمته زاد بكائها ، و بإنفعال : أطللللع .. ماأبغىى أشووووووفك .. أكرهههههك .. تعرف وش يعني أكرهههك ماعاد أطيققك
عبدالعزيز ببرود : شعور متبادل
رتيل اخفضت رأسها وهي تبكي بشدة و تجهش بدموعها ، يالله كيف له قلب يهينني هكذا ؟ .. كيف له قلب يخبرني بزواجه ؟ يالله ألا أستحق بعض من الرأفة ، .. قليلا من الرحمة حتى أستوعب أمر موت هذا الحب ، على الأقل أمارس تأبين هذا القلب قليلا . . يالله كيف تقوى يا عزيز ؟ كيف تقوى أن تبصق علي بهذه الأثير ؟ كيف تقوى أن لا تحبني ؟ لم تفعل شيء لي والله لم تفعل ما يستحق أن أحبك لأجله ؟ ولكن قلبي .. من الله .. من قدر كتب على قلبي حبك ، " ليييه توجعني و أنا روحي فداك "
عبدالعزيز يمسح على شعرها : بطلي بكي ، كل هذا عشان أيش ؟
بغضب يصرخ بها : عشان أيش ؟
رتيل بإنهيار : أتركننننييي .. ماهو شغلك .. كيفي أبكي أضحك أسوي اللي أبيه مالك دخخخل ...
ضمت كفوفها وغطت بها وجهها وهي تختنق بصوتها : أبععد عني .. أبععععد
عبدالعزيز بحدة : بطلي دللع .. ليه كل هذا ؟ أبي أفهم ليييه
رتيل وكأنها عادت طفلة ببكائها و بتوبيخ عبدالعزيز تزيد بكائها ، : ياربيييييييييييييي
عبدالعزيز بقلة صبر أبعد كفوفها عن وجهه ليعصر ذراعها بقبضته و يركز عينه الحادة في عينيها : تكلمييي !! ليه كل هذا ؟
رتيل رفعت عينها للأعلى و هي تخافه الان ، نبضاتها ترتعش و معدتها تشعر بالغثيان ..
عبدالعزيز بحدة أوقفت قلبها لثواني : من الترف صايرة تنهارين على أشياء تافهة !!
حبك تافه ؟ أصبح أمر قلبي تافه ؟ كل هذا الحب لا شيء في حياتك ولا لمساحة صغيرة .. مساحة فقط أشعر به بأن مازال بالحياة متسعا يدرك ، أأصبحت الان مترفة لدرجة أن أبكي على أشياء بنظرك هي تافهة ؟ أن أحبك يعني أن أكون تافهة .. أمور كثير لا تهمك ، حزني عليك و منك لا تعنيك شيئا ، قبح على قلب مال إليك .. قبح على حياة جمعتني بك .. أنا تافهة عندما أحببتك.
عبدالعزيز ترك ذراعها وهي متوجعة و مكان قبضته مزرق ،
تنهد و الغضب يسيطر على أعصابه المشدودة : غيرك ماكل تراب من هالحياة وللحين واقف على رجله وأنت .. *نظر إليها بتقزز*
أدرك أنك تريدني أعترف بأني بالمستشفى بسببك وأنني منهارة منك وأنك تحل جزء كبير بحياتي بل أنت كل حياتي ، أنا أدرك أن غرورك لا يسقط بسهولة و تريدني أن أشبعه ولكن لست أنا من ستتقبل الإهانة مرة أخرى ،
رتيل وهي تمسح دموعها بكفوفها : أطللع برا ومالك دخخل أبكي من اللي أبيه .. وش يخصك ؟
عبدالعزيز وقف : تافهة ..
رتيل و رجعت للبكاء و كأنه يشارك عبير الجرح ، يالله لا قدرة علي أكثر لهذه الكلمات .. كيف أكرهك ؟ ليتني أعرف طريقا لأكرهك به بكل حواسي و مشاعري .. ليتني ألقاه هذا الطريق .
بغضب أخذت علبة الماء و ألقتها عليه وهو يتوجه للباب ، ضربت أسفل رقبته ، عض شفته وألتفت عليها ليقترب مرة أخرى
عبدالعزيز رفع حاجبه بغضب كبير ،
رتيل صرخت : أطللللللل
كتم صوتها وهو يضع كفها على فمها وبصوت حاد : صايرة تمدين إيدك بعد !!
رتيل وتشعر أن فكها يتفتت بقبضته بل يذوب ، دموعها تحرق خدها وهي تهطل بغزارة
بدأت تتحرك ببعثرة حتى تتخلص من قبضته ، وهي تضرب صدره و كتفه ولا يشعر فقط هي من تشعر بأن يدها تتكسر .
عبدالعزيز : لو تعيدين هالحركة معاي ماراح يحصلك طيب
دخلت الممرضة متفاجئة و غاضبة
عبدالعزيز أبعد يده عنها و بتهديد وهو خارج : أنت اللي بديتي وتحملي ..
تحسست فمها و الدموع تملأها ، وضعت رأسها على ركبتيها وهي تجهش بالبكاء ، والله أني لا أستحق كل هذا ، لا أستحق أن تؤلمني بهذه الصورة ، لا أرى في تعذيبك إياي شيئا من الجمال .. لا شيء .. ولا أنت ستفرح بأفعالك ، لم تلبسني الوجع رغما عني ؟ . . . . . كيف فقط .. قل لي كيف تسعد بوجعي ؟

،

في الصالة العلوية ، للمرة الأولى تحكي لهم و هي تبكي : يعني أنا وش ذنبي ؟
ريم : أكيد ماهو قاصد بس كان معصب
نجلاء : يهتم لها بشكل مبالغ فيه .. كل هذا عشان أيش ؟
ريم : نجول والله أنت فاهمته غلط .. كذا تفتحين عيونه عليها هو يمكن بس شفقة
نجلاء : ما شفتيه وهو يتكلم عنها
ريم : إلا شفته وسمعته ... صدقيني قاصد أنه حرام على يوسف يطلقها بهالصورة ماهو قاصد أنه يبيها أو يحبها
هيفاء : أنا رايي من راي ريم ، أنت صايرة تتحسسين كثير .. روقي وأهدي وفكري فيها وش يبي فيها منصور ؟ الحمدلله بيجيكم ولد إن شاء الله قريب وبتنبسطون فيه وفوق هذا يحبك .. وش اللي بيغيره عليك ؟ لا تخلين الشيطان يدخل بينكم
نجلاء : قهرني يعني أحد يدافع عن مرت أخوه بهالصورة أكيد فيه شي
ريم بصوت خافت : أنت عارفة كيف صار الزواج ؟ لو صار بطريقة ثانية كان ماسأل عنها .. صدقيني أنا أعرف منصور وأعرف كيف يفكر
هيفاء : روقي بس الدنيا ماتستاهل .. يروح منصور ويجي بداله
ريم بحدة : هيوووف ووجع
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههههه خلو صدوركم وسيعة لا توقف على الرياجيل
نجلاء أبتسمت بين دموعها
هيفاء : شفتي أعرف كيف أضحكها ، بس أتركي عنك البكي وأمشي ننزل تحت عند امي
بإهتمام أردفت : عاد تدرين أنه بيمر أكثر من أسبوعين ومانزلت ولا شفناها
ريم : ماألومها البنت ماهي طايقتنا وإن جلست قطت علينا حكي يسم البدن .. ماتقصر ماشاء الله
نجلاء بكره : عساها بهالحال و أردى ..


يتبع


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

مثبت الهاتف على كتفه وهو يقرأ بعض الأوراق : إيه
ضي : وبس راحت كان وجلست بشقتك
عبدالرحمن : كويس
ضي : شخبار رتيل ؟
عبدالرحمن : إن شاء الله اليوم بتطلع من المستشفى
ضي : الحمدلله على سلامتها
عبدالرحمن : الله يسلمك ، داومتي ؟
ضي : هالأسبوع كله محاضرات فن التعامل وماأعرف أيش .. طفش مرة حضرت وحدة وسحبت على الباقي
عبدالرحمن أبتسم : شكلي برجعك الرياض ماأستفدنا من روحتك شي
ضي بشقاوة : ترى ماأقول لأ
عبدالرحمن ضحك ليردف : مابقى شي أصلا لين بعد العيد بكم أسبوع وترجعين
ضي وتود أن تأكد إحساسها : أرجع وين ؟
عبدالرحمن يفهم مقصدها : المكان اللي كنتي فيه قبل
ضي بخيبة : متأكد ؟
عبدالرحمن بضحكة هادئة أردف : ليه ماكنت مرتاحة بالشقة ؟
ضي : الشقة حلوة بس فاضية مافيها غيري أنا والجدران
عبدالرحمن بنبرة غريبة : طيب
ضي : وش طيب ؟ فهمني ماأعرف بحكي الألغاز
عبدالرحمن : لا تتغابين أعرف أنك فاهمة
ضي : هههههههههههههههههههههههه كنت أبي أتأكد
عبدالرحمن أبتسم وهو يرفع عينه للباب الذي يفتح : طيب وتأكدتي ؟
ضي : إيه تأكدت الحمدلله ... طيب ماأبغى أشغلك ، تامر على شي ؟
عبدالرحمن : سلامتك ، بحفظ الرحمن ..
سلطان جلس : عز ماجاء اليوم ؟
عبدالرحمن : بس كان طالع قبلي !!
سلطان بتملل : عاد شف بأي زفت راح
عبدالرحمن : وش فيك معصب ؟
سلطان وكأنه انتظر أحد يسأله حتى يفرغ غضبه عليه ، سكت يقاوم هذا الغضب إحتراما لعبدالرحمن
عبدالرحمن : أطلب لك قهوة تروق ؟
سلطان بنفس " شينة " : شكرا على الظرافة
عبدالرحمن أبتسم : يخي تعوذ من الشيطان ، الناس ترتاح برمضان وأنت تعصب
سلطان يمسح جبينه : كلمت أخوك ؟
عبدالرحمن : بو ريان ؟ قبل كم يوم تطمنت عليه
سلطان : شلونه ؟
عبدالرحمن : لا حاله تمام ورجعوا الشرقية
سلطان بإستغراب : رجعوا ؟ ليه وين كانوا ؟
عبدالرحمن : راح مكة يعتمر هو والجوهرة وبعدها جدة كم يوم ورجعوا
سلطان و كأن الغضب بدأ يرسم طريقه من جديد
عبدالرحمن : ليه ماكلمت الجوهرة ؟
سلطان ملتزم الصمت ،
عبدالرحمن وكأنه يفهم أشياء مزعجة من صمته : صاير شي ؟
سلطان : لأ
عبدالرحمن : قولي ماني غريب
سلطان : قلت لك لأ . . . طيب كلمت تركي ؟
عبدالرحمن : لأ مختفي هالولد ، أتصلت عليه الأسبوع اللي فات وجواله مغلق والحين خارج منطقة التغطية !!
سلطان وقف : طيب أنا بروح مكتبي
طرق الباب و دخل عبدالعزيز : السلام عليكم
: وعليكم السلام
سلطان : وين كنت ؟
عبدالعزيز رفع حاجبه : وش رايك تسألني بعد كم مرة رحت فيها الحمام ؟
عبدالرحمن بحدة : عز ..
سلطان و سيفرغ غضبه دون أي مقاومة : نعععم !! تكلم زين ماني أصغر عيالك
عبدالرحمن وقف و هو يتعوذ من الشيطان : أستغفر الله بس .. هدوا كل واحد منفس على الثاني
سلطان : تغير ملابسك وتلحقني
عبدالرحمن من النبرة واضح أنه سيدربه بقسوة : خلاص أنا بدربه اليوم
عبدالعزيز أنزعج من نبرة بوسعود الممتلئة بالشفقة وكأنه يحميه وخائف عليه من هذا السلطان !! : خيير ترموني بينكم !!
سلطان بحدة : علمنا حضرتك كيف تبينا نعاملك ؟
عبدالعزيز بعصبية :أنت جاي معصب وتبي تطلع حرتك على أي أحد
سلطان مد يده على ياقة ثوب عبدالعزيز و لكمه على فمه لتسيل بعض قطرات الدم ، لم يتردد عبدالعزيز بأن يمد يده على سلطان بنفس اللكمة وأتت على عينه
كان باب المكتب مفتوح وأمام مرأى الجميع يحدث هذا الضرب بين " سلطان بن بدر " و " عبدالعزيز العيد " . . سلطان بن بدر بقامته " يتعارك مع أحدهم ، هذا خبر مثير سيتداول بين أوساط الموظفين لفترة طويلة .
عبدالرحمن يسحب عبدالعزيز من الخلف وهو يصرخ بهم : اللهم اننا صايميين بس .. أستخفيتوا وش خليتوا للبزارين !!
عبدالعزيز وضع أصبعه يمسح الدم المسال من فمه بجهة كان سلطان يأخذ منديلا يسد نزيف أنفه ،
عبدالرحمن بنبرة غاضبة : حشى بزارين ! هذا وأنتم أكثر ناس مفروض تعرفون تتحكمون باعصابكم !! يالله لا تشمت علينا أحد
عبدالعزيز بصراخ : إذا مالقيتوا علي شي رحتوا تتحرشون تبون تغلطوني وبس !!
سلطان بغضب أكبر : إيه طال عمرك .. ندور عليك الغلطة ونكبرها بعد .. وش تبي ؟
عبدالعزيز عض مكان جرحه ونزف أكثر : لأنكم كذابين !! إيه نعم كذابييين وتحاولون تخفون كذبكم بهالأساليب الرخيصة
عبدالرحمن بهدوء : عبدالعزيز .. ماله داعي هالكلام
سلطان بحدة وهو يحذف سلاحه على الطاولة : عساك ماصدقت ، على الأقل أساليبنا ماوصلت أننا نهدد ببنات !! إحنا مانهدد الا برياجيل وأنت فاهم قصدي زين
عبدالرحمن و يبدو هو الاخر سيغضب ، موجها حديثه لسلطان : سلطان الله يرحم لي والديك لاتعيد بهالكلام
عبدالعزيز وأنفاسه تضطرب وصدره يهبط و يرتفع : اها فهمت ، تبيني أهددك برياجيل .. أبد أبشر ماطلبت شي ، خطوتين وأنا عند الجوهي .. وش تبيني أقوله ؟ عن صفقة موسكو ؟
سلطان وبراكين تخرج من عينه كان سيتقدم إليه لولا وقوف عبدالرحمن بالمنتصف
سلطان بصراخ : كل يوم والثاني يجلس يهددنا .. مصخرة و ********* .. جلس على الكرسي ببرود دون أن يلقي بالا بما قال
عبدالرحمن ألتفت على سلطان بصدمة بل دهشة قوية من اللفظ المسيء لعبدالعزيز وجدا
عبدالعزيز لم يكن أقل دهشة من كلمته المنقصة من قدره وتربيته ،
عبدالرحمن أدرك أن حربا ستقام الان ، : عبدالعزيز
عبدالعزيز و عيناه تثور بحمرة البراكين ، غضب كبير يرتسم بملامحه .. ربما غضبه هذه المرة غير .. ربما غضبه هذه المرة " لا يرحم "
سلطان ومجرد ثواني قليلة حتى أتاه تأنيب الضمير اللاذع على كلمته بحق عبدالعزيز ، ليته مسك لسانه ،
سكون مربك يدار بين أعينهم الان ،
عبدالرحمن بلع ريقه : أمش معي
عبدالعزيز بنبرة هادئة عكس ما بداخله : اللي رباني و ماهو عاجبك هو نفسه اللي كان له الفضل بأنك وصلت لهالمكان
عبدالرحمن بصوت خافت : مايقصد أبوك !!
عبدالعزيز بغضب أنفجر وصوته يصل للطابق بأكمله : أجل يقصد مين !!! لاتجلس تدافع عنه كأنه ما قال شي !! ... لعنبوها من حياة خلتني أجيكم .. الله يحرق قلوبكم واحد واحد مثل ماأحرقتوا قلبي .. وخرج والممر يضج بالموظفين وأنظارهم المتفحصة ، خرج بوجهه أحدهم بملفاته ، بغضب رماها على الأرض ورمى فوقها بطاقته الإلكترونية التي يدخل بها للطابق هذا ،
ركب سيارته و سرعته تتجاوز ال 240 .. يشعر بأن روحه تخرج من مكانها ، لا يعرف إلى أين يذهب ، به من الغضب ما يجعله في حالة من التوتر الكبير ، به من الغضب ما يجعله يريد أن يسحق أحدهم بهذه السيارة و يرى دمائه .. يريد أن يذبح شخصا وليت هذا الشخص يكون سلطان
مسح على وجهه وهو الذي لا يدل بمناطق الرياض كثيرا ، يبدو وكأنه يخرج منها . . قلبه متوجع جدا . . مثقل بالهموم ، يريد ان يعصر قلبه من كل هذا .. يريد أن ينسى فقط ، ولكن ذاكرته تتشبث بكل التفاصيل صغيرها و كبيرها ، لا أحد بجانبه ، لا احد يشكي له . . " يالله يا " يبه " لو تسمع ما يقال عنك و أنت تحت التراب ، هؤلاء اللذين من المفترض أنهم أصدقائك !! هم نفسهم من جرحوا بك ،
لو الإنتحار بشريعتنا حلال لما ترددت لحظة من الخلاص من هذه الدنيا السيئة ، لا شيء يستحق العيش و أنت يا أبي لست هنا ، يا رب الجنة .

،

في ساعات الليل و بعد الفطور بوقت طويل ، دخلوا : السلام عليكم
: وعليكم السلام
والده : وش فيها إذنك ؟
منصور : متمصخر باللعب
يوسف : أقول أسكت لا أنشر غسيلك
منصور : ههههههههههههههههه . . وين البنات ؟
والده : فوق ، وبعدين ماتستحون ؟ منتم عزابية تجلسون تقضونها إستراحة !!
يوسف : كلها كم يوم .. انا بروح أتروش وأحط راسي وأنام مقدرت أنام من رجل فيصل المعفن
والده : فيصل فهاد ؟ شخباره خبري فيه لما كان بالجامعة
يوسف : أبد طايح حظه مدرس رياضيات مدري عربي
والده : إيه وش فيه التدريس ؟ بالعكس ماشاء الله أذكر أنه متفوق بدراسته
يوسف : فيصل ماغيره !! متفوق ؟ لا يبه غلطان فاشل داج ماعنده ماعند جدتي
منصور : مدرس عربي
والده : إلا هو ، كرمه أمير الرياض أيام التخرج بالجامعة طالع من الأوائل
منصور : أما !! ماأصدق والله ماهو مبين عليه
والده : طيب وش أخباره ؟ تزوج ؟
يوسف : عنده بزر لو تشوف ناقة خالي شبيب تقول سبحان الخالق
منصور : هههههههههههههههههههههه لا تبالغ !! إلا ماشاء الله عليه ولده مرتب ومتربي صح
والده : أعزمه على الفطور
يوسف : لا لازم الشلة كلها
والده : شلتك الداجة لأ وألف لأ
منصور : لا يبه ذولي شباب إستراحة الإرجوانة غير عن ذوليك . . يالله عن أذنكم . . وصعد
والده : تعال أنت أجلس أبيك بموضوع
يوسف بهدوء : عارف وش الموضوع ، بنتظر لين يخلص رمضان و ساعتها يصير خير
والده : لين وقتها لنا كلام ثاني
يوسف تنهد وصعد للأعلى ب " الهاند باق " المتوسطة الحجم .. فتح باب غرفته ورماها جانبا وألتقت عينه بجسدها النحيل على الكرسي و التعب واضح بملامحها ، نائمة لهذا الوقت ؟ ماقصتها مع النوم ؟
أقترب منها وبنبرة هادئة : مهرة .. مهرررة
تنهد وبصوت أعلى : مهرة . .
فتحت عينها بإنزعاج و متوجعة من ظهرها ونومتها على الكرسي . .
يوسف : شكلك ماأفطرتي بعد ؟
مهرة برعب : كم الساعة ؟
يوسف : 10 ونص
مهرة و كم صلاة فوتتها منذ الظهر !! كيف نامت كل هذه الفترة ،
يوسف : من متى نايمة ؟
مهرة تجاهلت سؤاله وهي تفكر بمئة موضوع بثانية واحدة ،
يوسف : قومي وبقولهم يحضرون لك الفطور
مهرة وقفت وبمجرد وقوفها شعرت بأن معدتها تتقلص أم تتمدد ، لا تعلم أي شعور هذا يداهمها الان ، وضعت كفها على بطنها وضغطت عليه بألم كبير ،
يوسف لم ينتبه لها وهو يعطيها ظهره و ينظر لشاشة هاتفه ، أبتسم لمحادثة علي و شتائمه التي لا تنتهي ، ألتفت مرة أخرى رافعا حاجبه : للحين واقفة ؟ أخلصي لأني بدخل أتروش
مهرة جلست مرة أخرى غير قادرة على الوقوف ، ألم بركبتها و ببطنها و دوار ، أشياء تزعجها بل تؤلمها حد أنها تعجز الكلام ،
يوسف عاد لهاتفه ليغلق جميع الدردشات ، رمى هاتفه وتنهد مستغربا أنها مازالت جالسة ، جلس على الطاولة مقابلها : وش فيك ؟
مهرة ودموعها تخرج من شدة الألم ،
يوسف يضع كفه على جبينها وحرارتها مرتفعة بشكل مهول وبعصبية : ما تبطلين مكابر !! ..
مهرة لن تستطيع مناقشته بشيء ، كتمت على نفسها حتى لا تخرج تأوهاتها
يوسف يخرج من الدولاب عباتها وطرحتها : أنادي لك أمي تساعدك ؟
مهرة هزت رأسها بالرفض ،
يوسف رحمها و حاول أن يلين صوته : ماهو قصدي أعصب عليك بس ليه ماأتصلتي .. ماقلتي لأحد ... يعني من الصبح وأنت كذا ؟ لو ماجيت الله العالم وش ممكن يصير
مهرة أخفضت رأسها وشعرها يدل طريقه حول عينيها ليلتصق بدموعها ،
يوسف : طيب ألبسي عباتك الحين ..
مهرة بصوت خافت : راح الألم
يوسف ويكاد يجن منها : حرارتك مرتفعة ، أمشي نروح نتطمن
مهرة بهدوء : خلاص قلت لك مافيه شي ، أنا أعرف أتصرف
يوسف : مهرة لا تعاندين خلينا نروح ونتطمن !! تنامين يوم وتصحين يوم ثاني و فوق هذا تتألمين كل شوي وأكلك هاملته .. بعرف أنت تعاقبيني ولا وش ؟
مهرة رفعت عينها له لتردف : لأ .. يعني أنا ماني مشتهية
يوسف بغضب : طيب ماتبين تاكلين من أكل أهلي قولي لي !! أنا أجيب لك شغالة لك بروحك .. ماهي حالة هذي
مهرة تخفض بصرها ، تشعر بالغربة هنا ، لا أحد بجانبها .. إحساس الوحدة يقتلها بل يتشبع بها موتا ،
يوسف : طيب قومي معاي الحين تنزلين وتاكلين
مهرة : بصلي أول
يوسف : كم صلاة طافتك ؟
مهرة : بس صليت الظهر
يوسف بدهشة : نايمة كل هالمدة ؟
مهرة وقفت وهي تحاول أن تبعد أنظاره عنها : ماحسيت بنفسي
يوسف عقد حاجبيه : طيب يالله أنتظرك ، مرت ساعة بالتمام حتى فرغ يوسف من الإستحمام و هي أيضا ،
مهرة ترفع شعرها الطويل باكمله للخلف ، لتردف : خلاص إذا عندك شغل روح
يوسف : وش بيكون عندي يعني ؟ صلاة التراويح وقضت .. مافيه شي
مهرة بنبرة مقهورة لم تستطع ان تتزن بها : الإستراحة
يوسف أخذ هاتفه ومد يده لها
مهرة توقفت ، تمسكه أم ماذا ؟ ثواني طويلة حتى تخلخلت أصابع مهرة بأصابع يوسف ، نزل معها للأسفل ولصالة الطعام الجانبية ، نظر للأكل بنفس مفتوحة : والله أمي مهي قليلة .. جلس و هي جلست بمقابله
من خلفه والدته : طبعا ماني قليلة
يوسف ضحك : أحسبك طلعتي مع البنات
والدته : شخبارك مهرة ؟
مهرة بإحراج كبير : بخير
أم منصور كانت تريد أن تبعد الحرج عنها ولكن ليس بيدها حيلة : بالعافية عليكم ، . . وخرجت
يوسف أخذ صحنها ليضع لها بنفسه " اللي يحبه هو " أنتبه لنفسه أنه وضع الأشياء التي يحبها هو فقط ،
أردف : تاكلين نوع معين ؟ ولا عادي ؟
مهرة : لا عادي
يوسف وضع الصحن أمامها : أبيك تنظفينه لي
مهرة أبتسمت بعفوية و كأنها شعرت بذنب أخيها فتلاشت إبتسامتها ، أخون أخي و أرخص دمه إن بادلتهم بالود و هم " قتلى "
يوسف لاحظ ضيقها المفاجىء : تبيني أطلع عشان تاكلين براحتك ؟
مهرة رفعت عينها له ،
يوسف : عادي عطيني إياها على بلاطة ماعندي حساسية من هالأشياء
مهرة : ماني متضايقة
يوسف : كويس لأني جوعان ..
تذكر فطورهم اليوم بالإستراحة ، " يا بخلك يا طارق " ، شعر بأنه تفطر طعاما إن راه قط لترفع عنه و تجاهل هذا الطعام .


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في المستشفى ساعدتها على إرتداء ملابسها ، أغلقت عبايتها : وين أبوي ؟
عبير : جاي
رتيل جلست على طرف السرير منتظرة ،
عبير لا تعرف كيف تفتح الموضوع معها : تحسين أنك أحسن الحين ؟
رتيل بقهر : أنت وش تتوقعين ؟
عبير ألتزمت الصمت فالدكتور أعطاهم تعليمات طويلة و عريضة أهمها أن لا نتجادل معها بشيء لأن أعصابها مشدودة ،
دخل والدهم بإبتسامة : يالله مشينا
رتيل أمالت فمها بإمتعاض وهي ترتدي نقابها وتخرج خلف والدها . . ،
هذه المرة دون سائق ف والدهم تولى القيادة ، أخرج هاتفه وسط الصمت وهو يرد على مقرن : هلا
مقرن : هلابك ، كلمت ناصر يقول ماهو عنده
بوسعود تنهد : يعني وين راح ؟ .. طيب يمكن قايل لناصر لا تقولهم ..
مقرن : لا ماظنتي لأن ناصر كان متفاجىء وقال أنه أكيد بيرجع مايدل بالرياض كثير فأكيد ماراح يبعد
بوسعود : المشكلة مايعرف أحد يعني وين بيروح ؟
مقرن : بس دام أغراضه موجودة ومامر البيت يعني إن شاء الله بيرجع .. أكيد
بوسعود : الله يستر لا يسوي بنفسه شي .. كلم أحمد يشوف إشارة جواله من وين ؟ يمكن نعرف مكانه
مقرن : طيب الحين أكلمه
بوسعود : مع السلامة وطمني . .
عبير بإهتمام : مين اللي بيسوي بنفسه شي ؟
بوسعود : عبدالعزيز
رتيل و قلبها أفاق من سبات الصمت ، ألتزمت الهدوء وعينها تنظر للطريق وكأن الأمر لا يهمها ،
عبير صمتت لا تريد أن تتعمق بالموضوع أكثر بوجود رتيل
بوسعود و يتكلم بعفوية طبيعية : مشكلة هالولد .. لا عصب ماعاد يشوف قدامه
عبير ودت لو تترجى والدها بأن يكف حديثه عن عبدالعزيز ولكن والدها الذي لا يتكلم بأمور عمله و بمشاكله أمامنا تسلط اليوم ليتكلم وكأنه يستقصد رتيل !
بوسعود تنهد : الله يستر بس ... راح يجننا وراه
" راح يجننا وراه ؟ " جننت و أنتهيت ، أين ذهب ؟ . . حتى في إتساع ضيقي منك أنا أهتم بك يا عزيز !!

،

يقرأ الرسالة المستلمة بعينيه " تركي بالكويت ، يقولون مر من جمارك الخفجي "
تنهد و هو يعرف بأن الجحيم سيحل على تركي قريبا وجدا ، أرسل أمام أنظار العمة المدققة بتعابير وجهه " جيبه لي هالأسبوع "
حصة : خير اشوفك اليوم ماتترك الجوال من إيدك
سلطان : يالله يا حصة صايرة كنك مرتي
حصة : ليه الجوهرة تدقق على كل شي ؟
سلطان و ضاقت ملامحه بسيرتها : لأ بس أطرح مثال
حصة : طيب ، أنا أبي غرفة سعاد
سلطان رفع حاجبه : نعععم !!
حصة بتوتر : إيه يعني العنود تسهر و أنا أنام بدري فأبي اخذ راحتي
سلطان : طيب ، فيه غرفة ثانية وأبشري أخلي عايشة تجهزها لك ، البيت كله تحت أمرك
حصة : بس أنا أبي غرفتها
سلطان بغضب : لاتجننيني !! أنا داري أنه السالفة عناد
حصة بحدة : شف سلطان ماني راضية على حياتك هذي ! مسألة أنه محد وراك وعشان كذا تسوي اللي تبيه ماهي عندي ! انا حسبة أبوك وأمك واللي تبي بعد
سلطان بإبتسامة سخرية : ترى فارق العمر ماهو مرة
حصة وتتمسكن بملامحها : سلطان يعني ترضى تزعلني كذا ؟ أنا أبي أفرح فيك وأنت تسكرها بوجهي ، يعني ليه سعاد موجودة بحياتك للحين ؟ والجوهرة مرمية في بيت اهلها ولا كلفت روحك تسأل عنها
سلطان تنهد : يارب رحمتك .. تعرفيني ماأحب أحد يتدخل بحياتي حتى لو أبوي عايش ماكنت راح أرضى يتدخل
حصة : بس عاد أنا بتدخل وأسمح لي
سلطان : وش أسمح لك ماأسمح لك !! لا تعورين راسي فيني اللي مكفيني
حصة : إيه طبيعي بيعورك راسك لو أنك تعرف تتعامل مع الحريم زي الناس كان الحين أنت ملاك طاير بالسماء
سلطان بقلة صبر : الله يخليك لا تعيدين لي الموال
حصة : إلا بعيده أنا شيبي ماطلع ببلاش
سلطان : طيب تبيني أريحك من الاخر ؟
حصة : إيه
سلطان ببرود : بطلقها
حصة شهقت برعب : لعنبو إبليسك ماكملت سنة ،
كملت بغضب : طيب على الأقل عطها فرصة البنت تثبت لك صفاتها وشخصيتها على طول بتطلق !! هذا وأنت عاقل وتعرف تدبر أمورك .. إذا من أول مشكلة بتطلق !! مايمدي أصلا تمشكلتوا !!
سلطان : الموضوع عندي أنتهى
حصة : لا والله منت مطلقها
سلطان بحدة : تحلفين علي ؟

،

في مدينة تجهلها وبشكل أدق خائفة بطريق العودة لشقتها ، كان خلفها مجموعة من المنتسبين للدورة ، حمدت ربها حتى لا " يخرب البرستيج " في طريق عودتها التي مدركة بأنها ستركض من شدة الخوف.
بدأوا يتفرقون بين الطرق ، ودت لو أن تترجى أحدهم أن يأتي معها ، ألتفتت و الظلام يخيم على " كان "
كانت هناك فتاة مغربية ، كانت ستكلمها ولكن أتجهت للمقهى المنزوي بالزاوية ،
: تدورين أحد ؟
شهقت : ها .. لالأ ..
نواف بيده بعض الأوراق : طيب أنتبهي لطريقك .. وأكمل طريقه بجهة معاكسة لها
أفنان تحدث نفسها " حلال ؟ إيه صح حلال يعني وش فيها لو أقوله بس يوصلني .. لا عيب .. طيب يعني كيف أكمل طريقي كذا .. حسبي الله عليهم راميني بمكان مدري من وين جابوه .. أكلمه ولا لأ .. ياربي .. فشلة .. وش بيقول عني ؟ تحاول تتميلح .. إيه والله واضحة كأني أتميلح قدامه .. ياربي أكلم المشرفة .. والله تهزأني .. " تنهدت وهي تتجه خلفه وبصوت خافت : إستاذ نواف
لم يسمعها وهو يكمل طريقه ،
أفنان بصوت واضح : إستاذ نواف
ألتفت عليها ، ورفع حاجبي التي تشعر بأنهما في حالة رقص مستمرة ، يلعب بحركة حواجبه كثيرا هذا أكثر ما لاحظته به
أفنان بدأت " تعضعض " شفتها السفلية من الحرج : ا .. يعني كنت بقولك .. ممكن يعني بس تروح معاي للطريق الثاني بس يعني لين الحي وبعدها خلاص لأن .. يعني ماأبغى أزعجك بس مالقيت أحد و .. يعني بليل وكذا .. يعنني ..
نواف : قللي من " يعني " بكلامك
أفنان فتحت فمها ب " فهاوة "
نواف : طيب كملي معاي طريقي فيه الشارع الثاني يوديك على نفس الحي
أفنان حست بإحراج كبير : لالا خلاص روح أنا أرجع
نواف : أنت شاربة شي ؟ على فكرة المشروبات اللي بالمكاتب فيها كحول
أفنان : ها !! لا .. ماشربتها والله ماشربتها
نواف ضحك ليردف : منتي صاحية .. أمشي طيب
أفنان : أنت فهمتني غلط أنا .. بس لأني خفت عشاني لابسة حجاب ومافيه عرب كثير
نواف : لاحول ولا قوة الا بالله ، يا ماما أمشي
أفنان " وش يا ماما ؟ .. شايفني بزر قدامه " : أنا اسفة أزعجتك .. خلاص والله خلاص
نواف أنفجر بضحكته : طيب لأن شكل تفكيرك وقف اليوم .. ومشوا بالطريق الاخر الذي تريده أفنان
أفنان تمشي من خلفه وهي تنظر ل " ظهره " . . " يا هي سواليف كثيرة بتنقالك يا ضي "

،

توقف عقلها عن النبض ، صورة أمامها واضحة جدا .. يلفظ كلمات كثيرة بعين مكسورة بالدمع ، يحلف ويردد " والله شفتها "
هذا الرجل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريب علي ، لم يبكي ؟ لم يحلف و يردد وكأنه غير مصدق ؟
أول مرة أرى بها تقاسيم هذه الملامح ، منذ فترة أرى أجسادا بوجوه مطموسة ، هذه المرة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيه . . كل تفاصيله الصغيرة ترى جيدا ، . .
ألتفتت لمن يجلس بجوارها : مين ناصر ؟

.
.



.
.

أنتهى البارت
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

الجزء ( 40 )




(حلم)

كأنما تستنطق الصاعقة الحجار

تحاكم الصاعقة السماء

تحاكم الأشياء

كأنما يتسل التاريخ في عيني

وتسقط الأيام في يدي

تسقط كالثمار...

*أدونيس



،

توقف عقلها عن النبض ، صورة أمامها واضحة جدا .. يلفظ كلمات كثيرة بعين مكسورة بالدمع ، يحلف ويردد " والله شفتها "
هذا الرجل أعرفه . . والله أعرفه وليس بغريب علي ، لم يبكي ؟ لم يحلف و يردد وكأنه غير مصدق ؟
أول مرة أرى بها تقاسيم هذه الملامح ، منذ فترة أرى أجسادا بوجوه مطموسة ، هذه المرة ملامحه واضحة ، عيناه ، أنفه ، شفتيه . . كل تفاصيله الصغيرة ترى جيدا ، . .
ألتفتت لمن يجلس بجوارها : مين ناصر ؟
وليد بضيق يستلقي على التراب الناعم وهو يغطي عينه بذراعه : ماأعرفه
رؤى تنظر لبحر دو فيل الواسع كإتساع وحدتها : شوفه يصرخ
وليد يدرك بأنها تتوهم : أتركيه يهدأ من نفسه
رؤى و دموع تعتصر بعينها : مخنوقة . . قلبي يعورني
وليد بصمت يتأملها ، قلبه يتجزأ لأكثر من جزء ويبكيها
رؤى : أحس فيهم
وليد بهمس : مين ؟
رؤى بلا وعي : ما أعرفهم ، هو متضايق يا وليد
وليد وهو الذي لم يعد يعرف كيف يتعامل معها ولا يعرف أهو عبدالعزيز أم وليد ، أشعر بها إن عادت لشخصيتها القديمة و أيضا أشعر بها إن بقيت بشخصية رؤى التي بعد الحادث لكن أحيانا أصلب أمامها ولا أعرف مالمفترض أن يقال ،
رؤى بتنهيدة أردفت : ليه سوت فيني كذا ؟ ليه أمي قاسية ؟
وليد : ماهي أمك
رؤى صرخت ببكاء : إلا أمي .. ماكان جمبي أحد الا هي ... هي أمي
وليد جلس بجانبها ، لو أن حلالا أن يحضنها فقط ليقتلع هذا الألم ، يالله كيف أراك بهذه الصورة ولا أفعل شيئا ، كيف أروض نفسي عن الحرام و أنا أراك طهر لا يختلط به ذنب ، يالله ألنا قدرة على تحمل كل هذا ؟ يارب نسألك ضياء يبدد ظلمة قلبها ، أدرك كيف حزنك متكور عالق بحنجرتك ؟ أتلفظينه يا رؤى و يرتاح صدرك أم تبتلعينه .. ياه يا هذه الأرض لا تستوي ولو لمرة لأجلنا لأجل أن نهرب ، أن نهرب من حزن هذه الدنيا .
جمعت كفيها لتغطي ملامحها السكرية و هالات قصب أسود تطوف حول عينها ، جاهشة بالبكاء وكلماتها مكسورة تنطقها بتقاطيع أدمت قلبها : ليه بس ليه ؟ ماأبغى منها شي بس تقولي ليه سوت فيني كذا ؟ . . يعني أنا أستاهل كل هذا ؟ .. وينهم ؟
صرخت : ويننهم أهلي ؟ .... ياربي قولوا لي وينننهم بس أبي أعرف وينهههم ؟.. لا تقولون ميتيين .. أبيهم ..
بصوت يخالط أصوات الأمواج : أبيييهم
وليد بلع ريقه بإختناق : تعوذي من الشيطان
رؤى وعيناها تذهب لماضي بعيد ، مجتمعين بأجساد لا ترى ملامحهم إن كانت بائسة أم سعيدة !
صوت رجولي ضخم : ماعندي لعب ، ترى بالعصا
صوت رجولي اخر ذو نبرة عذبة : والله والله والله حفظتها .. يبه تكفى أحس مخي بيوقف
و صوت أنثوي : أنا حفظتها
مرة أخرى الصوت الضخم الذي قيل عنه " يبه " : طيب أنا أبي أحفظكم أشياء ثانية
الصوت الأنثوي مرة ثانية : وننزل من القران ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا
الرجل الصغير : ها هدول قالتها وحافظة الرقية كاملة وأنا صميتها صم
الرجل الأكبر : الله لايعوق بشر محفظكم نص القران يعني محفظكم
وقف ذاك الشقي : المهم أني حفظتها كاملة الحين وسمعتها لك يابابا *أردف كلمة بابا بسخرية* ..

رجعت مع صوت الأمواج لتهمس : هدول ؟
وليد : خلينا نمشي
رؤى ألتفتت عليه بعيون ممتلئة بالدموع : أقرأ علي
وليد جلس لثواني يستوعب ، ثم أردف : طيب
رؤى جلست أمامه
وليد وضع كفه الأيمن فوق حجابها ليبدأ بالفاتحة ومن ثم " الم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين * الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون * والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالاخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون "
أكمل تلاوة الايات القرانية الواردة بالرقية الشرعية إلى أن وصل لسورة الناس و بكاء رؤى مع القران يتواصل ،
أنتهى وهو يردد " اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت وأنت رب العرش العظيم ، ما شاء الله كان وما لم يكن ، ولا حول ولا قوة إلا بالله ، أعلم أن الله على كل شيئ قدير ، وأن الله قد أحاط بكل شيئ علما ، وأحصى كل شيء عددا ، اللهم إني أعوذ بك منه شر نفسي ، وشر الشيطان وشركه ، ومن شر كل دابة أنت اخذ بناصيتها ، إن ربي على صراط المستقيم "

،

على طاولتها في المقهى الباريسي ، بكفها اليمنى كوب قهوة سوداء كقلبها في هذه اللحظات ، أرهقها الإنتظار حتى رفعت عينها للباب الذي يدلف من قبل رجل عشريني ذو هندام أسود و وشاح حول رقبته باللون الرمادي ،
جلس بمقابلها وهو يمد لها ظرف أبيض أسفل الطاولة : كذا أنتهى شغلك ترجعين لمكان ماجيتي ولاأبي أشوف وجهك في باريس
أمل بخبث : رقمي عندكم إذا بغيتوا شي ثاني
: إن لعبتي بذيلك معنا ماهو أحسن لك .. تطلعين برا باريس وتنسين شي إسمه رؤى مدري غادة .. وخرج
فتحت الظرف أسفل الطاولة بعينها تعد الأوراق النقدية ، أرتسمت بجانبها إبتسامة و تركت بضع أوراق على الطاولة وخرجت ،
رجل اخر يمشي خلفها إلى أن مرت من جانب قوس النصر ، تبعها حتى دخلت بين الضواحي الضيقة ، سحبها من الخلف وهو يضع كفه على فمها لئلا تصرخ.

،

في مساء جديد على الرياض ، غائب ليومين . . أين أراضيك يا عبدالعزيز ؟
أتصل عليه للمرة الألف في هذا اليوم " أترك رسالة بعد سماع الصافرة "
ناصر يترك له ملاحظة صوتية : عزوز وينك ؟ يعني تبي تخوفنا عليك وبس .. إذا سمعت هالرسالة تتصل علي ضروري ، بعد بكرا رايح باريس .. أتصل على رقمي الفرنسي .. عزوز .. لاتلعب بأعصابنا أكثر "
رمى الهاتف على الكنبة وهو يغلق سحاب حقيبته التي سيذهب بها إلى باريس ،
يالله يا عزيز مازلت تلتهم عقلي بالتفكير بك ، قلقي عليك يفكك بخلاياي ، ماذا يحدث معك ؟ أعرفك جيدا من المستحيل أن تهرب دون أن تخبرني بشيء ، كيف تهرب وجوازك ليس بحوزتك ؟ . . أنت هنا و تحت سماء الرياض ولكن هذه السماء مازالت تمارس الجفاف معي كما أعتادت.
ألتفت على والده : للحين مافيه خبر عنه
والده : الله يستر ، خابره عاقل ماتطلع منه هالأشياء
ناصر تمتم : ماخلوا فيه عقل
والده : وشو ؟
ناصر : ولا شي .. أنا بروح ادور عليه بالأماكن القريبة

،

على طاولة مكتبة يستند ، بضيق : طيب و المستشفيات ؟
متعب : إيه طال عمرك ، إسمه ماهو موجود بكل المستشفيات حتى الخاصة دورت فيها
عبدالرحمن الذي لم ينام جيدا من قلقه : أستغفر الله العظيم و أتوب إليه
سلطان : مستحيل طلع من الرياض وهو مايدل
متعب : كاميرات المراقبة اللي في طريق الشرقية راقبناها مامرت لوحة سيارته
عبدالرحمن يحك جبينه يحاول أن يلقى مكانا ربما يحويه ، تنهد ليردف : ماهو لابس شي من أدوات التجسس ..
متعب : السماعة لأ و الكبك بعد ماكان لابسه
سلطان : كان لابس ثوب وقتها !
متعب : إيه بس الكبك عندنا ماخذاه معه ..
عبدالرحمن : الله يصلحه بس
سلطان : طيب متعب شيك على الفنادق
متعب : إن شاء الله .. وخرج
جلس سلطان متعبا من التفكير و بمثل حاله كان عبدالرحمن بل أشد ، مسألة غياب عبدالعزيز تربكهم كإرتباكهم في حال حدوث حادثة بأوساط الرياض فكيف لو كان هذا الغياب يسيطر على رجل " مهم بالنسبة لقلوبهم مهما أظهروا غير ذلك "
عبدالرحمن بجدية حادة : بس نلقاه إن شاء الله تطلع نفسك من الموضوع كله ، مالك علاقة فيه ولا أبيك تختلط معاه خله يسوي اللي يبيه ..
سلطان : لا تخاف بعتذر له
عبدالرحمن غير مصدق ، يعرف سلطان منذ سنين ويعرف أن " اسف " لاتخرج منه وإن أراد الإعتذار فإنه يبين ذلك بطريقة مبطنة و ليست مباشرة وهذه الطريقة قد يفهمها عبدالعزيز بشكل خاطىء : أنا أعتذر له بالنيابة عنك بس لا تستفزه
سلطان رفع حاجبه : منت مصدقني ؟ والله العظيم بعتذر له
عبدالرحمن بعين الشك : سلطان !! ماهو علي هالحركات أعرفك ماتحب تعتذر لأحد
سلطان أبتسم : فاهمني غلط

،

شده من شعره حتى أغرقه بحوض المياه : أصححى يا مجنووون جبت لي المصايب
بهذيان مزعج : يختيي أبعديي
حمد : أنا صرت أختك ! قلت بخليك تشرب شوي تنبسط بس منت كفو على طول سكرت
فارس التي تضيق ملامحه أبتعد عن المياه وهو يبتلع بعض الماء بغصة : أتركنيي
حمد بعصبية : بس يجي أبوك يعلمك كيف تشرب ؟
فارس : أنت عطيتني
حمد بتفاجؤ :أنا !! يالنصاب .. روح بس للوحاتك أسكر معها ولا شرايك تتصل على وحدة من اللي مشبكهم
فارس يمسك هاتفه بضحكة وخطواته غير متزنة يكاد يسقط في كل خطوة : على ميين نتصل ؟
حمد : أنت أختار هههههههههههههههههههه
فارس يرتمي على سريره : وش إسمها ذيك خويتي اللي عرفناها بلندن ؟
حمد : خلود ؟
فارس : إيه خلوود .. هههههههه خلوود إسمها ماهو حلو
حمد يجلس بجانبه : إيه ياماما إسمها مررة ييع
فارس يضغط على الرقم ويضعه على " السبيكر " ، أتاه الصوت الأنثوي المبحوح : ألوو
فارس : يا روح .. ا ..
همس لحمد :أنا وش إسمي ؟
حمد بضحكة صاخبة : أتوقع إسمك الحركي زياد ولا ؟
فارس : إيه زياد .. هلا ياروح زياد
خلود : حبيبي مشتاقة لك
فارس : وأنا والله مشتاق لك مررة مرررة مررررررررررة كبر بيتنا
حمد بملامح حزينة : هههههههههههههههههه يا حياتي على الحب
فارس يغمض عينه : وينك يا قلبي ؟
خلود : أنت سكران ؟
فارس بتخبط : إلا صاحي وعن 600 حصان أفا عليك
خلود : تيب تحبني ؟
فارس بملل : إلا أموت فيك
خلود : تيب يا حياتي هالفترة كل يومين والثاني جاينا واحد يخطب .. حبيبي أستعجل ماصارت
فارس : يا روحي جالس أكون حالي ، يعني ماما تبغاني أكون نفسي أكثر
خلود بدلع : أنتظرك العمر كله
فارس : تافهة
خلود : نعععععععععععم !!
فارس : أقصد أختي الخبلة اللي دخلت .. رفس حمد بعيدا عنه ،
خلود :إيوا حبيبي قولي وش أخبارك
فارس : هذي ماما تناديني .. أكلمك بعد ماأشوفها
خلود : تيب أنتظرك
فارس : مع السلامة يا حبي .. وأغلقه
حمد : ههههههههههههههههههههههههههههههه أتصل على بنت عبدالرحمن وش إسمها
فارس بضحكة : لالا هذي خط احمر .. خلها تولي بقطع علاقتي فيها
حمد : افا وراه
فارس : مغرورة وكريهة
حمد يمثل الحزن : تكسر الخاطر
فارس : بس أنا بأدبها ، فكر معي شلون أجيبها هنا ! أحسها ***** " كلمة غزلية مقرفة تناسب قذارة فارس هذه اللحظة "
حمد صخب بضحكته : والله حتى أنا أحسها كذا ، جيبها خلنا ننبسط

،


سلمت من صلاتها وهي تنظر للزاوية الممتلئة بالورود بأنواعها ، يغرق قلبها بغزل لا ينضب ، لاتنكر إشتياقها لصاحب هذا الجمال ، صوته يدغدغ سمعها دائما ومازال ، صخب رجولته وهي تتشكل بصوته لا يخرج من ذاكرتها ، كل شيء يطرق قلبها بتفاصيله الصغيرة التي لا تعرفها ، تدرك انه يحب الأدب الفصيح و يحب محمود درويش لذلك دائما ماتكون رسائله مقتبسة منه ، شغوف بالفنون الجميلة و الرسم ، يحب الغموض والكابة في ألوانه ، تعرف جيدا أنه يخاف الوضوح ربما لسبب ما لا أعرفه أو ربما غروره يمنعه ، أشعر بتملكه الرهيب لي ، هو يتوقع أنني لن أقدر على الإنسلاخ منه و انا فعلا كذلك ولكن سأحاول ، رب محاولة يائسة تخلق لي حلا لم أتوقعه ، ماذا لو لم أستطع ؟ سيتخلى عني بسهولة !
يا غرورك يا أنت أجزم بأنك تريد أن تعميني بك و أن لاأرى غيرك وأن لا أعيش إلا لأجلك .. أعرف أنك تريدني بصورة إنهزامية حتى تتملكني كجارية في حبك ، كلماتك و كل شيء يخصك يخبرني بهذا الشيء.
أذكر أول هدية منك ، أول ربكة أعتلتني ، أول كلمة حب تغنجت بها أسماعي ، كان صباح الخميس الناعس من شهر أيار الذي يدعى بغرب العالم شهر العشب الطويل وكان كذلك لقلبي الذي تشعب وأخضر بزهر لا يجف و لا يذبل ، ياإلهي أكان منك أن تسقيني دائما حتى تسيطر على جذوري المتشبعة بك !

،

رفعت شعرها المموج بكثرة تشبه تكاثر عزيز في قلبها ، رطبت وجهها و هي تأخذ نفسا طويلا
أحاول أن أتجاهل مرورك العميق بقرب قلبي ، غائب لأكثر من يوم . . أيعاقبك الله أم ماذا ؟
كل شيء يبدو لي الان أنه عقاب و جزاء ، لا شيء بينهم ينتصف .. إهانتي لك عوقبت عليها بجحيم مازال عالق بقلبي و إنهياري كان مجالا لشماتتك بي ، و ربما مشكلتك التي لا أعرفها مع أبي هي عقاب إلهي لك.
يالله يا عزيز لو تعلم فقط بأن كل من حولي يذكرني بك ، لا شيء يموت إلا وحبك يحييه ، كيف أتيت وأقتحمت كل أسواري ؟
لم تفعل لي شيئا يجبرني أن أحبك ، كيف تتكاثر بي و أنا متشبعة بخيباتي منك ؟ يحزنني أن أكون بهذه الصورة الإنهزامية أمامك ؟ يحزنني جدا أن أحبك رغم كل ماحدث ، أنا لا ألومك لأنك لن تفهم معنى أن أحبك و لن تفهم.
مسكت كفها وقلبها يسترجع ماكتب على باطنه " أصعب الجروح تلك التي يحفرها الانسان بيديه "
أعرف ماكنت تريد إيصاله لي ، أن أنساك و أن أتخلى عن حبك وكأنه أمر إختياري ، ليتك تفهم يا عبدالعزيز أن الحب قدر إلهي لا يمكن أن نقف أمامه ، لا يمكن.
هذه الجملة تمر علي للمرة الثانية أذكر دكتورة مهارات الإتصال في سنتي الأولى بالجامعة ، كانت تحكي لنا بوقت فائض بالمحاضرة ، أرادت أن تشغلنا بأدب كان وقتها أنه مجال لا يهمني ولا يعنيني بشيء وربما مجال تافه بالنسبة لي ،
تربعت على سريرها وهي تفتح حاسوبها المحمول وكتبت في محرك البحث " أصعب الجروح .. " لم تكملها و " قوقل " يضع لها إقتراحات بأنه غسان كنفاني.
حفظت صفحة موقعه الشخصي و تذكرت شيئا ، فتحت موقع " تويتر " وكتبت في خانة بحثه " أثير رواف " لم تلقى أي نتائج
كتبتها بالإنجليزية ووجدت هذه الملعونة بنظر قلبها ، قرأت ما يوجد تحت إسمها " سعودية متغربة ، أنا أحكي عن الحرية التي لا مقابل لها..الحرية التي هي نفسها المقابل *غسان كنفاني "
أشتعل قلبها غيرة و حقدا ، يشاركها الميول والإهتمام وحتى حب الشاعر نفسه ، هي تقرأ لغسان وهو كتب على يدي إحدى مقولاته .. يبدو أن حبكم اللعين يحيا حتى ببعد الأجساد ،
نظرت لتغريداتها ونظرات الغيرة تلتهمها .. تذكرت صورتها وعادت لتضغط على الصورة لتكبر بإتساع شاشتها ،
همست لنفسها " شينة .. هذي أم الأخلاق بدون حجاب ولا شي "
خلف برج إيفل تقف وبين كفوفها قطة بيضاء تشبه بياض ملامحها و لا يظهر جسدها بأكمله بل إلى منتصف بطنها تنتهي الصورة ، شعرها أسود ناعم ذو طول لا بأس به على كتفيها و نظارة سوداء تغطي عيناها و ضحكة ترتسم بشفتيها المكتسية بالتوت الأحمر و أنفها يخترقه – زمام –
عضت شفتيها وهي تدقق بملامحها تريد أن تخرج منها عيب واحد ، ولكن لا عيوب ربما عيناها التي تغطيها " سيئة "
لا مقارنة بيني وبينها ، تبدو أنثى أكثر مني ، حتى جسدها الذي لا يظهر بأكمله إلا أنه من الواضح أنه متشبع بالأنوثة.
" بس والله شينة .. شيننة إلا شينة واضح "
عادت لتقرأ تغريداتها ، كانت البداية من " صباح الأمطار و جمال باريس هالأيام "
تمتمت : صباحك معفن يشبه وجهك
قرأت " شايفيين هالشريريين جابوا لي عصير حار " *كانت واضعة صورة لشخصين يبدو أنهم عرب*
رتيل وفعلا جنت وهي تتحدث مع نفسها : ها ها ها يا ثقل دمك يالشينة
تركت تغريداتها لتدخل على الصور جانبا ، لا تعرفهم .. بدأت تنزل لأول الصور وضعت في الحساب ، أرتعش قلبها وهي ترى صورة عبدالعزيز يعلق على لوحة الإقتراحات ورقة بيضاء غير واضحة الخط
مكتوب بتغريدتها " يا حياتي من أمس هو و عادل يطالبون بإجازة هههههههههه هاردلك يا شباب على الرفض "
أغلقت حاسوبها و الغضب يشتعل بها ، لم فتحت صفحتها ؟ حتى احترق أكثر
إذن هذه زوجتك ؟ الله ياخذك أنت وياها ... أستغفر الله.
وضعت أصابعها بين أسنانها اللؤلؤية لتقطع أظافرها والتفكير بهذه الأثير يقتلها ، حب و عمل يربطكم و ماذا أيضا ؟
هذه ذات الأخلاق الرفيعة و الجمال !! واضحة جدا أخلاقها ،

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

أرتفع أذان المغرب ليلتم الشمل القليل على الطاولة ، الربكة تثير البعض والشك ينغمس في قلوب البعض الاخر.
أكلت شيئا يسيرا حتى ضاقت شهيتها : الحمدلله
والدتها : ماكليتي شي ؟
الجوهرة بتوتر : لا بس شبعت
ريان بنبرة ذات شك كبير : شبعتي ؟ الله على معدتك اللي ماعادت تتحمل تاكل
والده : وش قصدك ؟
ريان : ماأقصد شي بس أقول يعني ليه سلطان مايسأل ؟
الجوهرة رجعت بخطوات قليلة للخلف وكأنها تتجهز لمعركة تواجه فيها ريان
والده : مالك دخل
ريان يشرب من الماء قليلا حتى يردف بلامبالاة : غريب أمركم ، تركي مختفي وتقولون مسافر و سلطان قاطع و يمكن راميها ويبي الفكة ..
والده يقاطعه بحدة : أحفظ لسانك زين
ريان بغضب لم يستطع أن يتحمل أكثر : أبي أفهم وش صاير في بيتنا ؟
والدته بخوف : تعوذوا من الشيطان لاتخلونه يدخل بينكم
الجوهرة بنبرة مرتجفة : يعني مايصير أجلس عندكم كم يوم ؟
ريان : إلا يصير بس أنا أحس فيه إن بالموضوع
الجوهرة هزت رأسها بالرفض لتردف : تبيني أتصل عليه قدامك عشان تفهم أنه مابيننا شي
ريان بحدة : إيه
الجوهرة بلعت عبرتها المرتبكة لم تتوقع أن يكون هذا رده ، عادت أنظارها لوالدها وكأنها تطلب النجاة الان
والده بعصبية : ريان لا تتدخل بمشاكل أختك
ريان أبتسم بغضب : أنت بنفسك قلتها ! مشاكل أختك ؟ يعني فيه مشاكل
والده : ومالك دخل فيها
ريان ألتفت على الجوهرة : وش المصيبة اللي طايحة فيها هالمرة ؟
والده : لاحول ولا قوة الا بالله .. يعني تعاندني
ريان يقف ليقبل رأس والده وبهدوء : ماأعاندك بس أبي أعرف وش مهببة بنتك !!
الجوهرة بضيق حاولت أن تتشجع : مشاكلي تخصني بروحي ، مالك حق تتدخل فيني ،
شتت نظراتها عنه لتلفظ بشموخ هزيل : أنا متزوجة يعني ماعدت صغيرة وأعرف كيف أدبر نفسي
ريان بغضب كبير : نععم يا روح أمك !!
وقفت والدته : ريان خلاص .. أرحمنا الله يرحمك
ريان : طالع لها لسان بنتك هال
قاطعه والده بغضب أكبر : لاتنسى نفسك
ريان بنبرة متقززة : كشفك سلطان !! أكيد عرف بمصايبك اللي مانعرفها .. أصلا أنت رخيصة من قبل .. من يوم طلعتي له ورى البيت .. يالله على القرف اللي فيك وعلى أخلاقك !! ومسوية فيها العفيفة
والده بصرخة أسكتته : أبلع لسانك ، أختك أشرف منك .. ماهو أنت يابابا تشكك في تربيتي لأختك .. هالكلام ماأبغى أسمعه منك مرة ثانية والله يا ريان لو أنذكر مرة ثانية لا أنت ولدي ولا أنا أعرفك
ريان تنهد وهو يخرج متمتما : حسبي الله ونعم الوكيل ..
والدته تنقل نظرات الشك و الإمتعاض بين الجوهرة و أبيها ، تنهدت لتخرج هي الأخرى تاركتهم
الجوهرة ما إن رأت والدتها تقف بصف ريان حتى نزلت دمعتها
والدها : ماعليك من أحد
الجوهرة تمسح دمعتها بكفوفها : حتى أمي متضايقة مني !!
والدها : تلقينها بس متضايقة من التصرف نفسه

،

أغلق هاتفه وهو يلفظ كلمته الأخيرة : كيف يعني ؟ ... يجيني لو من تحت الأرض ..
حصة : مين هذا اللي تبيه من تحت الأرض ؟
سلطان بإبتسامة : شغل
حصة : طيب تعال أجلس جمبي بقولك شي
سلطان : تمارسين امومة متأخرة علي
حصة ضحكت لتردف : يالله يا سلطان فرحني عاد
سلطان ينتظر اذان العشاء حتى يهرب من تساؤلات عمته ،
حصة : سلطان يعني عيب إلى الان هي في بيت أهلها ، أتصل عليها الحين
سلطان : لأ
حصة برجاء : تكفى طلبتك
سلطان تنهد : حصة الله يخليك لا تزنين على راسي
حصة : طيب عطني بكلمها
سلطان : وبعدها تنسين سيرتها
حصة بمسايرة : إيه ماعاد بفتح موضوعها
سلطان أخرج هاتفه مرة أخرى : أتصلي من جوالك
حصة : وليه ماهو من جوالك ؟
سلطان بنصف إبتسامة : كذا مزاج
حصة : عمرك ماراح تتنازل .. عطني
سلطان : 055 .. وأكمل لها الرقم ،
حصة بإبتسامة واسعة تضغط على زر الإتصال
سلطان : كلام النص كم تتركينه
حصة : هههههههههههههه أهم شي الرقم صار عندي
سلطان أخذ فنجانه وهو يترقب صوت عمته المرحب بها
حصة بمكر النساء تضعه على السماعة الخارجية " سبيكر "
أتى صوت الجوهرة بعد ثواني إنتظار طويلة ، صوت مهتز مرتبك باكي : الو
حصة : السلام عليكم
الجوهرة تحاول أن تتزن بصوتها : وعليكم السلام
حصة : أنا عمة سلطان
الجوهرة صمتت ثواني لتردف : هلافيك
حصة : بشريني عن أحوالك ؟
الجوهرة : بخير الحمدلله
طال صمتهم و أنظار حصة تراقب سلطان الغيرمبالي لصوتها
حصة : ما ودك تجينا ، يعني أنا جاية الرياض هالفترة ومشتاقة أشوف اللي أخذت قلب ولدنا
سلطان ألتفت عليها بنظرات حادة ذات شرر
حصة بصوت مهتز إثر الضحكة التي تمسكها بصعوبة : معاي ؟
الجوهرة بتوتر كبير : إيه ، ا ... " لاجواب لديها "
سلطان يأشر لها بأن تغلق الهاتف ولكن حصة تعاند : ترى سلطان أحيانا يقول حكي بس كذا يعني مكابرة رياجيل تعرفين عاد الرجال عندنا
سلطان عض شفته وهذه المرة خرج صوته ليحرج حصة فتغلقه رغما عنها : مين تكلمين ؟
الجوهرة توقف قلبها لثواني طويلة ، مرت فترة شعرت بأنها سنين وهي لم تسمع صوته المربك لحواسها ،
حصة بنظرات متحدية : زوجتك
سلطان وأراد أن يقتلها فعلا ، : عطيني
حصة غير مصدقة ونظراتها تميل للشك
سلطان يسحب الهاتف من كفها ليقف متوجها للخارج : ألو
الجوهرة أخذت نفسا ونسيت شيئا يسمى زفير ، شعرت بالإختناق من صوته
سلطان : الجوهرة ؟
الجوهرة برجفة : هلا
سلطان شعر بأن كرها جديدا يشتعل في قلبه وهو يتذكر " تركي " ، نار في صدره لا تنطفئ
الجوهرة وربكتها جعلتها تتحدث دون وعي : كيفك ؟
سلطان بصوت حاد يشعل حمما في أذن الجوهرة : أنتظر خبر يفرحني
الجوهرة بصمت من نوع اخر
سلطان بغضب لم يسيطر عليه : بجيب تركي و قدامك بذبحه وبذبحك وراه
الجوهرة ببكاء : ليه ماتصدقني ؟
سلطان بعصبية : أصدق وش ؟
الجوهرة بغصة : مالي ذنب
سلطان : تدرين أنك من أوقح الناس اللي شفتهم بحياتي .. وأغلقه في وجهها ،
وكأنه للتو يعلم بموضوعها ، الغضب يدب في قلبه دون رحمة يشتهي أن يقطعها ويقطع تركي خلفها ، كيف كانت تصحى باخر الليلة مفزوعة ؟ لم كانت شكوكي تذهب لشيء اخر ، كانت تراه وهي تشاركني السرير ، كانت ترى رجلا اخر و هي في حضني !
يالله على هذه الوقاحة ، بكاءك لن يغير شيئا ، ماحدث بالماضي لن يمحى بسهولة ، لن يمحى وأنت أنثى ناقصة بنظري وبنظر كل شخص يشهد هذه القصة الدرامية التي تحاولين الدفاع عنها !! تحاولين أن تخبرينا أنك بريئة ، لو أنك بريئة لما صمتي كل هذه المدة . . أنت توسدتي الصمت لأنك مذنبة.

،

في مكتبه المنزوي أقصى الدور الأول ، أمامه مقرن وبينه عدة أوراق : تتوقع ؟
مقرن : دام محنا قادرين نوصل للي أتصل أنا أتوقع أنه عبير تدري
عبدالرحمن وغير مصدق : لا .. ماني قادر أصدق أنه عبير تكون تعرف أحد !!
مقرن : أنا ماأقول عبير في علاقة مع أحد ، يمكن ضايقها وهي ماعطته وجه وعشان كذا
عبدالرحمن : كان راح تكلمني لو ضايقها أحد
مقرن : طيب يمكن خافت
عبدالرحمن تنهد : يارب رحمتك بس على هالمصايب اللي تجينا من كل صوب
مقرن : هدوئها هذا ماهو لله
عبدالرحمن : كيف يعني ؟
مقرن بلع ريقه : لا يعني هي قالت لي بتسوي شي وبعدها هونت وشكلها خافت
عبدالرحمن : ماني فاهم عليك ، وش كانت بتسوي ؟
مقرن بصمت طال أردف : مدري يعني بناتك أحيانا يطلعون بأفكار وكذا
عبدالرحمن عقد حاجبيه : انت عارف شي وماتبي تقوله لي ؟
مقرن : معقولة أعرف شي وماقولك ؟
نظر لخلف مقعد بوسعود و أنوار منزل عبدالعزيز مضاءة : عز شكله رجع
عبدالرحمن ألتفت ليرى نافذته ووقف مسرعا للخارج ، فتح بابه بهدوء و عبدالعزيز مستلقي على الأريكة
عبدالرحمن تنهد براحة ليردف : عز
ولم يرفع شماغه الذي يغطي عيناه : نعم
عبدالرحمن أنتبه للنبرة الغاضبة ، جلس على الطاولة المقابلة له : يعني كذا تخوفنا عليك ؟ حتى ماترد علينا ... وين كنت كل الأيام اللي فاتت ؟
عبدالعزيز أزال الشماغ عن عينه ليستعدل بجلسته و ملامحه تتفجر بالتعب : انا أخاف على نفسي أكثر منكم ماني محتاج هالنفاق
رن هاتف مقرن ليخرج تاركهم مع بعض ،
عبدالرحمن ونظراته الخائفة محصورة بالإهتمام الصادق : طيب سو اللي يريحك
عبدالعزيز رمى الكبك على الطاولة بجانب عبدالرحمن وهو يفكك أول أزارير ثوبه بصمت مطبق
عبدالرحمن : كليت شي ؟
عبدالعزيز ببرود : ماني مشتهي
عبدالرحمن بإبتسامة : خلنا نروح المسجد مابقى شي على الأذان
عبدالعزيز وقف : بتروش وألحقك
عبدالرحمن : طيب أنتظرك

،

مر أسبوعين لندخل العشر الأواخر المباركة ، وداع الشهر ضيق على من يتعلق قلبه بروحانية رمضان.
في المستشفى ، وقف متصنما – يا إلهي على هذه المواقف لا أعرف كيف أتصرف بها –
دقائق و محاجره متسعة و الصدمة ترتسم على ملامحه ، لا يشعر بالفرح ولكن أيضا لا يشعر بالحزن ، منذ سمع " مبروك المدام حامل " وأعصابه و مشاعره متلخبطة و متشابكة.
شيء في داخله يفرح و اخر يحزن ، تناقض يشعر به .. ومازال الصمت سائد ، صمتها يثير في داخله ألف علامة شك وشك .. لا أصدق بأنها ستفرح بهذا الجنين ؟ ربما .. سبحان من يغير ولا يتغير.
وصلوا للبيت و تبعته للأعلى ، دخلوا غرفتهم التي تعتبر ضيقة بالنسبة " لزوجين "
يوسف بهدوء : مهرة
مهرة رمت نقابها جانبا وألتفتت عليه و الدموع تكتسيها : صار اللي تبيه .. وش أستفدت الحين ؟
يوسف لا يريد أن يجادلها ويثير أعصابها ، ألتزم الصمت
مهرة ببكاء عميق : ليه تبي تقهرني ؟ ليه تبي تجبرني على شي ماأبيه ؟ قولي بس وش الحياة اللي ترتجيها مني !!! حرام عليكمم
بإنهيار تام وأعصاب متعبة : تبون تذبحوني مثل فهد .. تبون تقهروني وبس .. خافوا ربكم كافي اللي سويتوووه
يوسف يقترب منها محاولا أن يهدئها ، و خطواته أشعلت في صدرها غضب كبير حتى أنها رمت كل شيء بجانبها عليه وهي تصرخ فيه وتبكي بقهر مخنوق ،
يوسف يضم كفوفها حتى تتوقف عن الحركة ورمي الأشياء
بضعف الأنثى المكسورة ، سقطت على ركبتيها و بجانبها يوسف
مهرة بنبرة مهتزة : ليه تسوي فيني كذا ؟
يوسف و الضيق يدل قلبه الان : قومي أرتاحي ،
مهرة بعصبية : ماأبغى .. أترك إيدي
يوسف مازال ممسك بكفوفها : أشششش .. خلاص أهدي
مهرة تخفض نظرها وشعرها ينساب من خلف الطرحة التي بدأت بالسقوط ،
يوسف : قومي غسلي وجهك و نامي من أمس وأنت صاحية
مهرة وقفت بضعف كادت تسقط لولا يد يوسف الممدودة ، سكنت لثواني حتى عادت للبكاء
يوسف أجلسها على السرير وهي بدورها تمددت عليه لتخنق ملامحها بالوسادة وتبكي بشدة
يوسف : تعوذي من الشيطان ، قولي الحمدلله على كل حال
مهرة ولا ترد عليه سوى بالبكاء وكفها تعتصر بطنها ، يالله على حزنها العميق في هذه اللحظات ، كيف تصبر نفسها ؟ هو لن يخسر شيئا ولكن أنا الخاسرة الوحيدة في كل هذا ، هو الذي يحاول أن يظلمني .. ، لا أحد يشعر بوجعي لاأحد .. حتى أمي.
كيف أعيش و أبني حياتي مع أخ من قتل روحي وسلب وطني ؟ كيف أتعايش معهم ؟
مقهورة كيف لهم هذه القدرة على تجاهل دم أخي . . يا قساوة قلوبكم.
وضع يوسف كفه على كفها ليسحبها بعيدا عن بطنها : مايجوز .. هذي روح لاتخنقينها
مهرة بصوت متحشرج : ماأبيه .. ماأبيه
يوسف دون تردد سحبها لحضنها لتضع رأسها على صدره بدل وسادتها ، حاولت أن تقاومه وتبتعد ولكن أستسلمت له وهي تغرز اظافرها الطويلة المنسقة في صدره ،
مهرة بإختناق : ليه ؟ .. بس قولي ليه
يوسف بمثل الهمس يريد أن يسكن قلبها : أنت زوجتي و حياتي .. أكيد ماراح أفكر أأذيك !!
مهرة مغمضة عينيها بتعب وهي تتشبث بصدره كطفلة : راح تطلقني !!
يوسف : خلاص نامي
مهرة تعود للبكاء مجددا وهي تبلل ثوب يوسف : تبي تقهرني مثل ماقهرني أخوك في فهد
يوسف بهمس : الله يرحمه ويغفر له
مهرة و يبدو كأنها تفقد الوعي : عمرك ماراح تحس .. هذا أخوي تعرف وش يعني أخوي .. مهما صار بينه وبين أخوك مايقتله مايذبحه .. يحسب ماوراه أهل يبكونه .. هو روحي ودنيتي وكل شيء بحياتي .. ليه بس ليييه ذبحه ؟ .. ليته ذبحني ولا أشوفه مذبوح .. ليت روحي ط
يوسف يقاطعها بوضع كفه على فمها : لاتتمنين الموت ..

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في منزله ، أفكاره متلخبطة لا مسار لها ولا حل
أبتسم وهو ينحني ليضع سلاحه المرمي جانبا : شلونك ؟
عبدالعزيز ولا يرد عليه ، متجاهله تماما
جلس على الكرسي المقابل له : أنا اسف
عبدالعزيز رفع عينه المندهشة ، يريد أن يصدق .. يكاد يحلف بأن من أمامه ليس سلطان .. يعتذر ؟ أهذه نهاية الدنيا أم ماذا ؟ سلطان يتنازل عن كبريائه و يعتذر ؟ يالله على هذا التغيير أو النفاق لا أعرف أيهم أصدق بوصف سلطان الان
عبدالرحمن : هذا سلطان وأعتذر لك .. ماهو من شيم الرجال يردون الإعتذار
عبدالعزيز أبتسم بسخرية : قصدك أنسى وأرجع معاكم ولا كأنه صار شي .. على أساس أنكم متعودين تهينون الناس ويركعون لكم
سلطان بهدوء : طبعا ماراح تركع لنا .. ينقطع لسان من يهينك
عبدالعزيز : أهنتني مرة و ثنتين وثلاث ..
سلطان : وأنا أرجع أقولك أنا اسف .. و عمري ماأعتذرت لشخص وهذا أنا أعتذر لك مايفسر لك هالإعتذار أي شي ؟
عبدالعزيز : يفسر لي المصلحة
سلطان : يفسر كبر مكانتك عندي
عبدالعزيز تنهد ، مشوش وعقله لا يستقيم أبدا
عبدالرحمن : تبي تاخذ إجازة بالوقت اللي تبيه وبالمدة اللي أنت تبيها بعد أخذ .. ماراح نمنعك عن شي
عبدالعزيز بقهر وعقله متعب من التفكير : أبي أعرف وش صار بأهلي !!
سلطان : الله يرحمهم
عبدالعزيز : طيب بس سؤال وبعدها مستعد أسوي لكم اللي تبونه
عبدالرحمن : أسأل
عبدالعزيز : أختي غادة اللي كانت زوجة ناصر ؟ وش صار لها قبل الحادث !! أبي بس أعرف إذا صار شي أنا مدري عنه لأني مقدرت أشوفها ، ماتت قبلهم كلهم
سلطان و عبدالرحمن ملتزمين الصمت ، لا رد لديهم ولا ملامحهم تنبأ بالرد
عبدالعزيز : قلبي يقول فيه شي ماأعرفه ،
بجنون وقهر : قولوا لي .. بس قولوا وش صار بأختي غادة ؟
عبدالرحمن : ماصار شي
عبدالعزيز وكأنه يفقد الأمل من جديد ، نظراته موجعة لسلطان الذي يلتفت للجهة الأخرى محاولا أن لا يراه
أردف : و أبوي ؟
عبدالرحمن بصمت مطبق ، قلبه يتقطع عليه الان.
عبدالعزيز بنبرة مكسورة مهتزة : بيخلص رمضان وبيجي العيد وكلكم بتكونون عند اهلكم ولا راح يهمكم شي .. بس أنا ؟ بكون عند مين ؟
عبدالرحمن : أنا أهلك .. أعتبرني أبوك أعتبرني أي شي
عبدالعزيز : ليه ماتحس أني بختنق من الرياض !! أنا ماني عارف وش تستفيدون مني ؟ وش تبون مني !!
عبدالرحمن : مانبي أحد يضرك والله يا عز وأقسم لك بربي أنه فيه ناس تبي تضرك وأننا نبيك تكون قدام عيوننا عشان نرتاح ونتطمن أكثر
عبدالعزيز : ما تطمنتوا ! كم مرة أنرميت في المستشفى ؟ من جيت الرياض والمصايب ما تفارقني
عبدالرحمن يشير لسلطان بعينه حتى يتكلم ويقنعه
سلطان ألتفت عليه وهو يضع كفه على كتف عبدالعزيز : عز تعود ، يعني كلنا نفقد ناس غاليين على قلوبنا لكن نتعود ،
عبدالرحمن و أراد لسلطان أن يحكي بأريحية أكثر رغم أنه لا شيء مخبىء عنه ولكن مع ذلك أستأذن بالخروج وتركهم
سلطان : في أول سنة مسكت فيها منصبي و ألقينا القبض على جماعة تهرب بالحدود جو ناس مجهولين وحرقوا بيتي .. وفقدت أمي وأبوي اللي هم بالنسبة لي حياتي كلها !! فقدت كثير بس ماوقفت .. بوسعود كم مرة حاولوا يغتالونه ؟ ويخطفون بناته !! كم مرة أضطر أنه يحرم بناته من الطلعة عشان محد يجيهم !! أنا حتى زوجتي جننونها وفقدتها .. ليه ماتحاول تفهم أننا نحميك ؟ ليه دايم تأخذنا بسوء ظنك ؟ ليه ماتحاول بس تحسن الظن فينا ؟ إحنا مضطرين والله العظيم أننا مضطرين .. مضطرين نخبي عليك أشياء كثيرة .. أنت بس عطنا وقت وراح تفهم كل شي بوقته .. لاتستعجل علينا !! أنا ماتت أمي وأنا أحسبها تتعالج والكل خبى علي بما فيهم أبوك الله يرحمه عشان كنا في مرحلة مهمة تخص الجوهي نفسه وكان يعرف أني لو دريت بوقتها ممكن يخرب مخطط كامل كنا نجهزه من فترة طويلة ، أنت متصور كيف أنه أحد يصلي على أمك ويعزيها وأنت ماتدري !! أسأل عبدالرحمن كيف أبوك خبى علي ؟ لأنه كان يدري أنه ماهو من مصلحتي أعرف حتى لو كانت أمي ! أفهمني يا عز أحيانا نجبر أننا مانقولك لأنه ماينفع .. مايصير .. ما يصير تعرف
عبدالعزيز بلع غصته : ليه نرخص حياتهم ؟ طيب ليه ندخل نفسنا بكل هالمعمعة
سلطان بنبرة ذات بحة موجعة : عشان أرضنا

،

تضع يدها على قلبها : يمممه يممه قلبي يدق
هيفاء : ههههههههههههههههههههه باقي 20 يوم بالتمام وتنزفين على ريان
ريم بربكة وإبتسامة شقية تعتليها : مدري كيف بنام ! أحس من الحين بيجيني أرق من التفكير
دخل منصور : أحد منكم شاف يوسف اليوم ؟
هيفاء وريم : لأ
منصور : غريبة مختفي .. جلس ليردف : زوجته نزلت لكم ؟
ريم : لأ ..
منصور رفع حاجبه : صدق نجلا وينها ؟
هيفاء : ههههههههههههههههههههههههههههه ياحبيبي حتى زوجته مايدري وينها
منصور بنبرة هادئة : بيجيك كف يعلمك كيف ماأعرف عنها
سمع سلامها من الصلاة ، ألتفت ولم يعلم بانها موجودة : انت هنا
نجلاء لم ترد عليه وهي تنزع الجلال بغضب ، لتجلس مقابلة له وبنبرة مقهورة : عسى قلبك تطمن ؟
منصور بضحكة : دام أشوفك أكيد متطمن
ريم : عن أذنكم .. وخرجت
هيفاء تربعت على الكنبة وهي تترقب الحرب الكلامية التي ستبدأ الان.
نجلاء بدأت تعض شفتيها من القهر ،
منصور : تعالي أجلسي جمبي وش فيك مبعدة مرة
نجلاء : أتوحم عليك
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه عاد بحسب خبرتي المتواضعة النساة ماتجي في الشهر الأخير
نجلاء بحدة : وأنت وش دخلك ؟
منصور : خليها تحكي وتطلع اللي في قلبها كود تهدأ
نجلاء : ومين قال في قلبي شي !! أكبر همي أنت وياها
منصور أبتسم : طيب
هيفاء : هدي هدي لا يتأثر عبود ويطلع لنا عصبي زي أبوه ، يقولون نفسية الحامل تأثر
نجلاء : لا حول ولا قوة الا بالله .. قلت مالك دخل
هيفاء : ههههههههههههههههههههههه حرام عليك هذا وانا أحاول أسعدك
نجلاء : لامشكورة ماتقصرين
منصور وإبتسامة يتضح من بعدها صفة أسنانه : صبي لي شاي بس
هيفاء تحاول أن تحرك في نفس نجلاء شيئا : من عيوني يا أحلى أخو في الدنيا
منصور : ههههههههههههههه أول مرة أحس نيتك صافية
هيفاء : حرام عليك أنت ومرتك ظالميني مررة
نجلاء تقلد صوتها : ظالميني مررة
منصور أنفجر بالضحك ليردف : نجول خلاص
نجلاء : إيوا خلاص !! الحين تقول خلاص ! أشوف تفكيرك كله فيها هالأيام وتسأل بعد
منصور يجاريها : أتطمن
نجلاء بقهر : تتطمن !! بعد تعترف
منصور : أتطمن على روحي وحياتي اللي هي انت .. فيها شي
نجلاء وستقطع شعرها : لا تستخف فيني !!!
هيفاء : أنا بنحاش .. أشوفكم على خير ..

،

فتح عينه النائمة على وشاحها ، صداع يهاجمه لا يعرف كم من الوقت بقي نائما على الأرض ،
أستعدل بجلسته و عيناه الناعسة لا تنطق سوى " غادة "
أعتصر رأسه بكفوفه متعبا من الصداع و الذكرى و الفقد و الوحدة و أشياء كثيرة تضيق بصدره.
وقف و كاد يسقط من دوار رأسه الان.

في ميناء باريس الذي يشهد الغروب الان و الشمس تستر في خدرها لتنام.
بقرب السفن و المودعين و المسافرين يجلسان على الصخر الذي ينتهي بالمياه المتسربة بين أصابع أقدامهم ،
تمد شفتها السفلى بأصبعها غير مصدقه : صدق ؟
ناصر بإبتسامة : للأسف
غادة : يا كذبك
ناصر : هههههههههههههههههههههههه لا والله كلمتهم وقالوا مافيه حجز عشان كذا خلينا نغير
غادة : أنت أصلا من زمان ماتبغى جنوب أفريقيا بس والله مشتهيتها والبنات كله يسولفون عنها يعني مليت من هالأجواء أبغى شي جديد ماشفته
ناصر : غادة يعني فكري بشاعرية شوي ، شهر عسل بأفريقيا وحيوانات وأدغال ومدري وشو
غادة : بالعكس بيكون متعة ، صديقة هدول رايحة ويا زوجها تقول تصبحين على عصافير ملونة و أصواتهم ويعني دنيا غير
ناصر : مع إحترامي لها هي كذابة لأن مافيه عصافير ملونة ببيئة جافة .. خلينا نروح مكان ثاني والله أنا نفسيا ماأحب هالأماكن
غادة بقهر :كل شي أحبه أنت ماتحبه
ناصر : إلا أحبك
غادة بضحكة : يعني والله تقهرني !! طيب لا تقولي أوربا لأن أحس كبدي بتنفجر من لوعتها
ناصر : وش رايك بالرياض ؟
غادة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه نكتك بايخة
ناصر : لا صدق تدرين قبل أمس أشوف صور للمالديف
غادة : ماأحب الجزر
ناصر رفع حاجبه :المسألة عناد ؟
غادة بضحكة : ماأحب أجواء البحر
ناصر : هالمرة أنت اللي يا كذبك
غادة بإبتسامة : طيب أعلن موافقتي

عاد لواقعه ، تجهيزات الزواج مؤلمة و موجعة و لا حسنة طيبة يقتبسها من هذه الذكريات !!
يالله يا غادة لو تعلمين ما يحدث بي الان ومايفتك بقلبي ؟ أمرض بك و عجز على ذاكرتي الهزيلة أن تنساك ، لو تعلمين أنك تخترقين أعماقي كما أنك الماء ولا أستطيع العيش دونه ، مرت سنة وأنا أعجز عن تصديق رحيلك و أقف عاجز عن رؤية غيرك و لا أرى أحدا يستحق الحب كما تستحقينه !!
أنا أقف بعجز عقل أن يفكر .. كيف عشت هذه السنة بطولها دون أن أسمع صوتك ، أن أختار معك فستانك ، أن أشاركك طعامك ، أن أوصلك بسيارتي ، أن تخبريني " أنا لحبيبي وحبيبي إلي " ، أن تعلميني الفرنسية كما أنها تتغنج بين شفتيك ، أن تعقدين ربطة عنقي بطريقة كلاسيكية تشبه الفيونكة التي تعتلي جبينك إن شككت بكلامي ، أخبرتك مسبقا أنك مختلفة حتى في غضبك ، لم تكوني إمرأة عادية لأحبك بل كنت مختلفة لأكتمل بك.

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

تتشابك كفوفها بإرتباك ، تشعر بالضيق و الحزن ، ربما لأن وقع الطلاق على نفسها مر .. أو لأنه من سلطانها ، يالله على الحزن الذي ينهال عليها ، حاولت أن أقسم لك يا سلطان بأنني بريئة بما تظن ولكن لم تترك لي مجالا حتى أقول لك " أنني أريد بداية معك " لو أن لا وجود لهذه الكرامة لكنت بين أياديك الان ولكن كنت قاسي جدا حد أنني لاأستطيع أن أقف مع قلبي الذي يريدك ، مجبورة أن أترك يمناك و مجبورة أكثر أن لا أدافع أمامك وأنت تبصق علي بظنونك السيئة.
والدها : كلمته و قال إن شاء الله
لم تستطع إخفاء دمعتها التي تنساب بهدوء على خدها ، " إن شاء الله " على أمر طلاقي .. لم يتحشرج بها صوتك وأنت تقولها ؟ لم يتحرك بك شيئا ؟ لم يضيق قلبك وأنت تلفظها ؟ أيعني أنني سأنتظر ورقة طلاقي منك في كل صباح ؟ أو هناك أمل للرجوع ؟
يالله يا سلطان ليتك فقط تعتذر عن كلماتك و تقول " أريدك " و سأتجاهل كل شيء و أقع بك كما لم أستطع من قبل.
ليتك تفكر قليلا .. ألهذه الدرجة لا أملك مساحة صغيرة في قلبك ؟ . . و تلك النظرات كيف أنساها ؟ نظرات حبك .. قل أنك تحبني وأنني لا أتوهم ؟
أرجوك لا أريد أن أموت مرتين ، فقط تريث .. لاتتركني ، والله أحبك .. أحبك بكامل إنهزاميتي وخسارتي .. أحبك وأنا ضعيفة مكسورة ، كنت جيدة طوال الأيام الماضية ولم يهمني حديثك ولم يشغل بالي أيضا ، تقربت من الله حد أنني أستغنيت عنك لفترة ولكن الان أشعر بأن الله يمرضني بك ، كلمة " طلاق " أشعلت في قلبي حبا لا ينضب ، لماذا أحبك في النهاية ؟
نحن لا نختار بداياتنا لذلك نقف حمقى أمامها ولا نحسن التدبير بها ولكن دائما بالنهايات مانخسر ، لأننا نضجنا بما يكفي حتى نشعر بأن الرحيل ملاذنا و حلنا الأخير.

،

نام بجانبها و غرق في نومه وهي الأخرى تغرق أيضا على صدره ، مرت الساعات ولا تشهد الجدران سوى على هدوء أنفاسهم المنتظمة ، الساعة تقترب من الثانية فجرا منذ الغروب وهم نيام.
بدأت مهرة بالحركة وعينها تنفتح بهدوء ، رفعت رأسها ليرتطم بوجه بشري ، صداع يرهقها الان و ربما نومها كل هذا الوقت يجعلها في وضعية متعبة ، فتح يوسف عينه بضيق ، ثواني صمت طويلة ليستعدل يوسف ويجلس ، أخذ ساعته : الساعة ثنتين ..
مسح على رأسه وهو الاخر يبدو الصداع يداهمه : مدري كيف نمت !!
مهرة وعينها متورمة من البكاء ، أتجهت للحمام تاركة يوسف يدفن وجهه في الوسادة بإرهاق كبير.
تنهد وهو يسحب هاتفه ليرى إتصالات كثيرة ، فتح المحادثات وأول محادثة بالواتس أب كانت ل " علي "
" يا خايس ... يا معفن ... يا زلابة .. يا كلب ... رد ياحيوان ... طيب أنا أوريك ... ما رد الكلب إلا لقصابه ... يا حمار ... يوسف صدق رد يخي فيه موضوع ضروري .... يعني ماترد ؟ ... طيب يا ولد عبدالله ... "
أتصل عليه بصوت مليء بالنوم : خير مقلقني ؟
علي : وأخيرا رديت يا زلابة يوم جاء دورك هربت
يوسف ضحك ليردف بصوت مثقل : والله نايم ولا دريت عنكم
علي : طيب قم ولا عليك أمر وتعال الإستراحة فيه سحور على كيف كيفك
يوسف : على حسب اللي جايبه ، إذا طارق أنسى
علي : ههههههههههههههههههههههه لا ولا يهمك هالمرة انا بنفسي
يوسف بسخرية : عاد الله والأكل اللي بتجيبه ، لا معليش بتسحر في بيتنا عند أميمتي
علي بخبث : أميمتك !! الله يالدنيا
يوسف وفهم قصده : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههه يخي لا تضحكني وأنا توني صاحي من النوم ، أحس صوتي كنه صوت واحد توه بالغ
علي : عييب عيب هالكلام مايجوز ههههههههههههههه
يوسف يلتفت على مهرة التي تقف عند المراة ويخفض صوته : عندك شي ثاني ؟ يعني هذا الموضوع الضروري ؟
علي : يخي تعال كلهم صايريين ثقيلين دم
يوسف أنفجر بضحكته ليردف : تونا قبل كم يوم تقولون أنا السامج المهايطي
علي : بس معليه سماجتك تنرحم عندهم
يوسف بهدوء : لا والله مالي خلق ، توني صاحي وخمول وإرهاق برجع أنام بعد شوي
علي : طيب أنقلع .. وأغلقه بوجهه
يوسف وهو على السرير يريد من يحمله إلى الحمام من شدة خموله : روحي أكلي لك شي قبل لا يأذن
مهرة بهدوء : ماني مشتهية
يوسف وقف : أجل أنتظريني .. سحب منشفته و دخل الحمام.
مهرة لم تفهم معنى أن تنتظره ؟ ، جلست وهي تتحسس عيناها المحمرة ، حامل ؟ يالله ما أشد ضيق هذه الكلمة !! في وقت تتسابق به الإناث للفرح بطفل يتغذى بأحشائهن إلا أنا .
سيكون عمه قاتل لخاله الذي لم يراه ؟ وقع هذه الجملة كسيف ينغرز في قلبي ، لم يوسف لا يشعر بأن هذه الحياة لا تستقيم بيننا ولا تتزن ، ليته يفهم فقط يفهم .. يمارس الزواج التقليدي بحذافيره دون أن يلتفت لمشاعري ولو قليلا.
دقائق طويلة يحترق بها قلب مهرة حتى خرج يوسف و " الفوطة " تلتف حول خصره و قطرات المياه تسقط من شعره على صدره العشبي ،
أبعدت أنظارها للنافذة الطولية في لحظات أرتدى بها يوسف ملابسه ووقف أمام المراة يجفف شعره ، لم ينتبه لدموعها وكل تفكيره بأنها فترة وستمر ، يدرك أنها منزعجة و انها تشعر بأنها تبني حياتها في منزل قتلى و لكن كل هذا سيتصحح بالقريب العاجل ، أنا مؤمن بأن بعض الأشياء نتركها للوقت هو من سيتصرف بها ويقنعنا بها .
ألتفت عليها : خلينا ننزل تحت
لم ترد عليه ، أقترب منها ليلحظ دموعها ، جلس بقربها و كفوفه تمسح دموعها : بتبكين إلى متى ؟ يعني بيتغير شي ؟ بيموت اللي في بطنك إذا بكيتي ولا بيختفي كل شيء بمجرد ماتبكين !! خلاص حاولي تتصالحين مع نفسك وتتكيفين مع الموضوع !
مهرة بكلامه تزيد بكائها لتردف : بسهولة ؟ تبغاني أضحك على الموضوع ولا أنبسط !! يالله على برودك وأنا أحترق .. ماتحس فيني ؟ ماتحس كيف هالألم يذبحني
يوسف عقد حاجبيه : أحس فيك ، بس أبيك ترتاحين
مهرة : ماراح أرتاح ؟ كيف أرتاح وأنا ماني واثقة فيك ولا أحس بالأمان معك ؟
يوسف صدم بل صعق ، نزلت كفوفه عن وجه مهرة ، تفكيره متوقف مستحيل أن تكون صادقة بكلامها ، يالله ألهذه الدرجة وصل كرهك ؟
مهرة تمسح بقايا دموعها على وجهها : أبي أروح حايل و اليوم قبل بكرا
يوسف ينظر إليها بنظرات غير مفهومة ، بنبرة متزنة : طيب إذا تبين ترتاحين عند امك فترة ماعندي مانع
مهرة : فترة ؟ يعني تبغى تجبرني أجلس عندك وأنا ماأبي هالحياة معاك
يوسف بهدوء : ماراح أجبرك !! تبين الطلاق ؟
مهرة بصوت مخنوق : ماأبي أي شي يربطني فيك
يوسف : يعني ؟ . .بعصبية يردف : هذا ولدي حطي هالشي في بالك !!!
مهرة ترتجف أهدابها لتبكي مرة أخرى : ماأبي .. ليه ماتفهمني .. كيف أعيش معاك قولي كيف ؟
يوسف بغضب كبير : وأنا ماراح أجبرك !! بس يطلع الصبح أوديك حايل هاللي ميتة عليها !! لكن اللي في بطنك تحافظين عليه و لا تخليني أهددك وأكون حقير يا مهرة
مهرة ضغطت على شفتيها حتى تمنع شهقاتها ، يريد أبنه مثل أي رجل شرقي لا يشعر بالمرأة سوى جسد يتكاثر بأطفال صغار.
يوسف بنبرة هادئة : طيب قومي أكلي لك أي شي
مهرة بضيق : ماأبغى
يوسف تغلغلت أصابعه في أصابع مهرة رغما عنها ليوقفها : أمشي
مهرة ملامحها تنتشر بها تجاعيد البكاء ،
يوسف : لاتبكين
مهرة و سقطت دموعها الغزيرة بإنسيابية : ضايقة و ماني مشتهية شي
يوسف و جسده يلاصق جسد مهرة : قلتي تبين حايل وقلت لك من عيوني ، قلتي تبين الطلاق قلت لك طيب وبوقتها نتفاهم .. وش أسوي عشان تروح هالضيقة ؟
مهرة تختنق بقربه ، تشعر بالضياع بأن لا احد ستحتمي به ، تشعر بالذل إن أقترب أو حاولت هي الإقتراب ، تشعر بالإهانة بأن لا كرامة لها إن وافقت يوسف بما يريد ، تريد أن تدافع عن عزة نفسها و لكن أيضا ستخرج من جحيم قلب إلى جحيم عقل وتخلف بأوساط خوالها.
يوسف يمسح دموعها ويرفع خصلات شعرها عن عينها : خلاص لاتبكين وتتعبين نفسك على شي راح وأنتهى ، أمشي ناكل الحين قبل لا يأذن و بعدها ترتاحين و بس تطلع الشمس نمسك خط حايل

،

ممسكة الشوكة التي تعكس ملامحها الهادئة ، تحاول أن تمسح الكحل المسال أسفل عينها ،
قاطعها حضور الأنثى السعودية : أفنان أبغى أسألك وين أرشيف المحاضرات ؟
أفنان : والله ماعرف يمكن .. أتوقع أنه كل محاضر يحتفظ بأرشيفه لوحده
الأخرى : لا مستحيل لأن رحت لإستاذة انجي وقالت أنه ماعندها
أفنان بنظرات حيرة : طيب تعالي نروح المكاتب اللي تحت أكيد هم يحتفظون فيها
الأخرى : لا يخوف الدور الأول كله رجال ونظراتهم تروع
أفنان : ماتوقعتك جبانة يا سمية
سمية : هههههههههههه بسم الله على قلبك الشجاع .. أمشي يالله
أفنان وقفت وتتظاهر بالشجاعة المفرطة ، نزلوا للأسفل متوجهين للمكاتب المنزوية باخر الدور ،
أفنان تسأل المحاضر المصري : وين نلقى أرشيف المحاضرات ؟
المحاضر بلكنة الفصحى المعتاد عليها : بالداخل
أفنان : شكرا .. دخلوا والغبار يهجم عليهم
سمية : وععع وش هالقرف .. وين أدور الحين
أفنان : شوفيهم مرقمين .. شهر أوقست بهالممر
سمية : امممم أبغى محاضرة يوم الإثنين حقت استاذ نواف و أبغى محاضرة إستاذة أنجي ومحاضرة الدكتورة كريستا
أفنان ألتفتت للرفوف الممتلئة بالملفات ذوات الألوان الكئيبة : أبحثي أنت باليسار
سمية تدندن وهي تبحث : اممممم لقيته هذا حق استاذة أنجي بس لحظة باخذ بس حق يوم الإثنين
أفنان : هنا أسماء غريبة ..
سمية شهقت لتلفت عليها أفنان و تصرخ هي الأخرى

،


يسير بجانبها والسلاح يعانق كفه ، وضع ذراعه الأخرى خلف كتفها : بس ؟
رتيل أبتسمت : إيه بس
والدها : هالمرة بصدقك
رتيل : وش دعوى يعني أكذب عليك ؟
والدها : لأني مشتاق لضحكتك ، أنا أحب رتيل اللي ماتنهار بسهولة و اللي دايم تضحك و تحييني بضحكتها
رتيل بهدوء : كبرنا
والدها : ههههههههههههههههه كلام جديد ، كبرتوا على وش ؟ على الضحكة ؟
رتيل بشقاوة : لا جاني الهم
والدها يلعب بشعرها : والله ؟ وإن شاء الله وش هالهم
رتيل بسخرية : لا هم بنات وش يعرفك فيه
والدها : أصير لك بنت
رتيل : ههههههههههههههههههههههه على طاري البنت ، عبير ماقالت لك شي ؟
والدها رفع حاجبه : لأ .. ليه ؟
رتيل : لا ولا شي بس هي عندها موضوع
والدها : حتى مقرن يقول عندها شي !! وش سالفتكم ؟
رتيل وهالات سوداء حول عينها التي تضحك اليوم : روح أسألها وش دخلني أنا ؟ ،
والدها تنهد : طيب مافيه شي ثاني تبين تحكينه لي ؟
رتيل : لا تطمن
والدها : شي من هنا ولا من هناك
رتيل بإبتسامة : ولا شي أنا صايرة أتدلع هالأيام
والدها : يحق لك ، تدلعي لين تقولين بس
رتيل ضحكت لتردف : لا والله مدري وش صاير فيني ، صايرة بكاية أي كلمة تبكيني
والدها ويشعر بأنها حزينة وكأن قلبها يخبرها بأن أمرا لا تعرفه و قد يكون سيئا يرتبط بها ، يالله إن كانت تشعر ؟!!
رتيل : وين رحت ؟
والدها : معك ، يالله أدخلي نامي
رتيل : لا مافيني نوم بجلس شوي هنا .. *تذكرت وجود عبدالعزيز* لالا خلاص بدخل داخل
والدها : طيب يا روحي شيلي هالكراتين وأتركيها على جمب والخدم بكرا يرمونها
رتيل : إن شاء الله
والدها : تصبحين على خير
رتيل تقبل جبينه : وأنت من أهل الخير والسعادة .. بمجرد دخول والدها ذهبت لتحمل الكراتين المثقوبة بطلقات النار ، تركتها جانبا وبطريق العودة سحبها شخص لصدره وكفه على فمها ،
ألتفتت بعين مرعوبة ،

،

وقفت متخصرة أمامه لتلفظ بنبرة متغنجة : أيوا ؟ وش قلت ؟
سلطان بحدة : حصة أمسكي بنت لا والله أخليك تصلين عليها الليلة
حصة بعصبية : عنوود ووجع ! أنقلعي لغرفتك
العنود بنبرة مهددة : شف لا تنسى موضوع سعاد !! يعني إذا ماتبغى يوصل لزوجتك شي عن ماضيك الجميل !
سلطان وقف وبجنون غاضب : تهدديني ؟ أنا أتهدد ؟
حصة بترجي : تكفى سلطان خلاص أجلس
العنود بضحكة خبيثة : إيوا بالضبط أنا أهددك يا عمي وش تبغى تسوي ؟



.

أنتهى البارت

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

الجزء ( 41 )




إن قصتنا لاتكتب ،
وسأحتقر نفسي لو حاولت ذات يوم أن أفعل ،
لقد كان شهرا كالإعصار الذي لايفهم ، كالمطر، كالنار،
كالأرض المحروثة التي أعبدها إلى حد الجنون
وكنت فخورا بك إلى حد لمت نفسي ذات ليلة
حين قلت بيني وبين ذاتي
أنك درعي في وجه الناس والأشياء وضعفي ،
وكنت أعرف في أعماقي أنني لا أستحقك
ليس لأنني لا أستطيع أن أعطيك حبا تعيني
ولكن لأنني لن أستطيع الاحتفاظ بك إلى الأبد

*غسان كنفاني.



،

وقفت متصنمة هي الأخرى و الخوف يدب في قلبها و الحمرة تكتسي وجهها وعيناها تكاد تختنق من بياضها المرتجف ، أمام أشباح أم ماذا ؟ لم نؤمن بوجود الأشباح يوما .. من هؤلاء ؟
همست بصوت مهتز : خلينا نركض
سمية : شوفيهم ما يشوفونا ؟
أفنان تغمض عيناها بشدة : ماأبغى أشوف تكفييين خلينا نروح .. نادي أحد
سمية رجعت للخلف وأرتطمت برف لتسقط عدة ملفات على الأرض ،
ألتفتوا الأربعة المكتسين بالسواد من رؤوسهم إلى أقدامهم و لا يظهر البياض إلا من أسنانهم المنقطة بالدماء ، ساروا بخطوات موسيقية مرعبة ، بلعت ريقها أفنان و لا صوت لها ، و سمية فكوكها ترتطم في بعضها وترتجف لتصرخ ،
بصرختها ركضوا بإتجاههم ليركضوا بلا مسار بين الأرفف و الممرات الضيقة.
جرت قدم أفنان لتسقط على الأرض المغطاة ببعض الأتربة ، ألتفتت عليها سمية وكادت تعود إليها لولا اخرا شدها من فمها و كفه ذات رائحة معجون الطماطم ، لطخ شفتيها بسائل لزج ،
أنطفأ النور لينتشر الظلام و لا مجال للنور إلا من نافذة علوية قريبة من السقف ، أفنان الواقعة على الأرض رفعت عينها لبصيص النور المنبعث لتتلاقى عيناها مع عينا هرة حمراء ك مشروب التوت القاني ،
أفنان برجفة : سمية ..
و لاصوت سوى صداها ، قتلوها ؟ لا بد أن يقتلوها ؟ ربما عصابة ، عقلي يتفجر و الظلام ينغمس بعيني ، لابد أنه حلم ، يالله حلم !! خيال !! ماذا يحصل ألم يسمعوا صراخنا ؟ كل المكاتب بجانبنا ! كيف يتجاهلون أصواتنا ؟ سيقتلوني الان ،
همست : سمية .. يارب يا رحيم
شعرت بوخز يسار صدرها و ضباب يلف عيناها ، سيغمى علي ولا أحد بجانبي ، سيقتلوني وأنا هنا في كان ؟ يالله و أهلي ؟
قدمها متيبسة غير قابلة للوقوف ، مكسورة و تشعر بالضعف والمرض من أن تقوم.
سمعت صرخة دامية من حنجرة سمية ، أيقظت عيناها التي تجاهد أن تفتحها رغم الدوار الذي يصيبها ،
بصوت حاولت أن تعليه إلا أنه أتى خافتا : سمية ..
انفتحت الأضواء لتنتشر ضحكاتهم و هم يصرخون : Happy Halloween
نزعوا الأقنعة ليخرج شاب فرنسي ذو شعر بندقي مجعد وبعض النمش يعتلي وجنتيه و شاب كندي ذو شعر أسود قصير وملامح بيضاء كالثلج و اخر مغربي ببشرة سمراء وشعر قصير و الأخير سوري ببشرة بيضاء و عوارض خفيفة متقاطعة .
سمية بعصبية : كلاب ..
الفرنسي بلكنته متغنجة : نعتذر كنا نحضر للهالوين في الشهر القادم و رأيناكم
أفنان و دموعها تنساب ، أفكارها حلقت لشيء بعيد ، " توبة أدخل هنا " ، كل إعتقادي بأني كنت على وشك الموت و أنا لست بأرضي .
سمية بغضب : هالوين في عينك يالأشهب
أوليفر بإبتسامة نقية : excusez moi ?
سمية وكأنها تحولت لعجوز صغيرة : أنا مو قايلة لك ديرة الكفر ماترتجين منها شي
أفنان مدت إيدها وبنبرة باكية : طيب وقفيني
قيس السوري : عم نمزح يا صبايا
سمية وهي ترفع الملفات عن طريقها : طيب لو فرضا متنا بسكتة قلبية بتقولون " تقلد صوته " : عم نمزح ؟
قيس بأدب وهو الاخر يزيل الملفات الساقطة : بنعتزر
أفنان تقف وقدمها ملتوية و دموعها مختنقة في محاجرها : وقفوا قلبي
الشاب الكندي الغيرمبالي : المسلمات يخافن حتى من ظلهن
سمية بلكنة نجدية : أنجس من ذنب التسلب *الكلب*
أفنان وتعرج قليلا لتهمس : عيب لاتحكين معهم والله يحطونا براسهم ويذبحونا
سمية : لايهمونك أصلا فيه رقابة دقيقة مايقدرون يسوون شي
أفنان بقهر : أشوف هالرقابة ماجتنا
أوليفر بإحترام شديد : فعلا أنا اسف لم أقصد الإذاء إنما المتعة
أفنان بصوت خافت وبلكنة إنجليز بريطانية الغليظة : العفو لم يحصل شيء
خرجوا من المكاتب الظالمة ليجلسا في الطابق الأول حيث مكانهم.
سمية تمسح من وجهها السوائل الحمراء : يالله أقرفوني ... بروح الحمام أغسل .. وذهبت.
أفنان أنحنت لتخفض رأسها ، يكفي يا أفنان لم البكاء الان ؟ كان عبارة عن مزحة و لم أعتادها ، لا تكوني سخيفة وتبكين .. حدثت نفسها لتقاوم عبراتها و صداع يفتك برأسها.
أتى وهو يوسع ربطة عنقه الضيقة على رقبته : أفنان جيبي لي أوراق ال ... لم يكمل و هو ينظر لملامحها المخطوفة بالبياض و الحمرة تخنق عيناها.
رفع حاجبه بشك : وش فيك ؟
ربما نحن لا نريد البكاء ولكن السؤال عن حالنا يبكينا و كأننا ننتظر همسة دافئة لنبكي ، الغربة ليست سهلة ، الغربة تضعفنا حتى تصبح قلوبنا هشة ، أبسط الأشياء تبكيها .. لا حضن يسمي عليك و لا كتف نرتمي عليه ، الغربة صعبة قاتلة ذات صخب لا يسمع.
أفنان بصوت جاهدت أن يخرج بإتزان : أي أوراق ؟
نواف ترك ماكان بيده على طاولتها وهو يجلس مقابلا لها على طرف مكتبها : مضايقك أحد هنا ؟
سمية عادت و أنظارها تتفحص أفنان : مزحوا معنا ثقيليين الدم
نواف : مين ؟
سمية : كنا ندور بالأرشيف على محاضرات يوم الإثنين و لقينا أوليفر و جاك وقيس و عبدالله كانوا يحضرون للهالوين وماأعرف أيش من خرابيطهم وطفوا علينا النور وأرعبونا
نواف : إيه الهالوين الشهر الجاي
سمية بغضب : وقفوا قلوبنا وأرعبونا
نواف يخفض صوته لأفنان المنحنية برأسها : وهذا اللي مبكيك ؟
أفنان شعرت وكأنه يستصغرها ، لم تجيبه وأكتفت بالصمت.
نواف ألتفت على الصخب الذي يخرج من المصعد الكهربائي
سمية بحقد : جو
نواف أبتسم وهو ينظر لصديقه الحميم أوليفر : أوليي
أتى إليه و بحرج : أقسم لك أننا كنا نمزح لم نتوقع أن تغضب
نواف : أعتذر لها الان !
ومرة أخرى يلفظ أوليفر : أنا اسف يا فنا ..
نواف : أفنان وليس فنا
أوليفر بضيق : و أنا أحبه فنا
أفنان بهمس محرج : خلاص إستاذ نواف ماصار شيء هم كانوا يمزحون وأنا فهمتهم غلط
أوليفر : يجب أن تخبرني بخطوطكم الحمراء حتى لا أتجاوزها
نواف بضحكة : النساء باكملهم خط احمر
أوليفر : صديقة لا غير ؟
نواف : لا صداقة بين رجل و إمرأة سدا لباب الفتنة
أوليفر : أوووه ؟ بربك النساء بأكملهن فتنة.
نواف رفع حاجبيه وهو يراقصهن ويتفنن بهن : أنتهى عملك اليوم.
أوليفر بإبتسامة : حسنا يا فنا .. هل السلام أيضا غير جائز ؟
نواف : دون مصافحة
أوليفر : حسنا ماذا أيضا ؟
نواف : لا تطيل النظر بهن
أوليفر : هههههههههههه وماذا ؟
نواف ألتفت لسمية وأفنان : وش مضايقكم بعد ؟
سمية : مفروض الأماكن المغلقة واللي ماتندخل دايم إحنا ماندخلها ! و أعيادهم ذي محرمة وإحنا مانحبها
نواف يحدث أوليفر بالفرنسية حتى لا تفهمان عليه أفنان وسمية : لا دعوات لحفلات ولا سهرات هنا ، و المشروبات الكحولية لا تجيء لهذا الطابق
أوليفر : ياإلهي ألا يوجد شيء إسمه إستمتاع ؟

،

تقف أمامه مرعوبة تعلم أنه سيشرب من دمها تعرف غضب و براكين سلطان ، أردفت : خلاص عشان خاطري هالمرة
سلطان و يرمي السلاح المركون بخصره على الطاولة : تحترم المكان اللي هي فيه غصبا عنها وماهو كل مرة بطنش عشانك يا حصة !!
العنود بإندفاع طائش : لا أنا أبغاك ماتطنش ! مستقوي على الحريم .. لو فيك خير تستقوي على الرياجيل ولا بس شاطر علينا !! مالك دخل فيني .. أنا مسؤولة عن نفسي لا أنت أبوي ولا أخوي وأمي الحمدلله للحين عايشة !! مالك علاقة فيني أسوي اللي أبيه ولا بعرف كيف ألوي إيدك ب *بنبرة خبث مهددة* بالجوهرة.
حصة بعصبية : العنووووود ... لاتجننيني
سلطان وكأن برود أصابه الان : عفوا ؟ وش قلتي ؟ أبيك تعيدين
العنود بإبتسامة : أقول إذا تبي تحافظ على زواجك من الجوهرة تحفظ نفسك بعيد عني
سلطان: توك ماطلعتي من البيضة وتهدديني ؟ والله وطلع لك لسان .. تقدم إليها ومحاولات حصة بائسة هزيلة.
العنود حاولت ان تهرب ولكن وصل لها سلطان ليشدها من شعرها و يدفعها على طاولة الطعام ذات الخشب المحروق ، حاولت أن تمسكه حصة عن إبنتها الوحيدة ولكن قوته الكبيرة جعلته ينشر الكدمات على ملامح العنود الناعمة.
سلطان يرفع رأسها من شعرها وبخفوت : مسألة أنك تهدديني هذي جديدة علي ، صدقيني ممكن أذبحك و أدفنك مع تهديدك .. لاتحطين راسك براسي عشان ماتخسرين نفسك !!
العنود ببكاء : يمممممممممممه شوفيييه
حصة تمسكه من ذراعه بضعف : تكفى يا سلطان خلاص قطعت شعرها
سلطان : هذي بنتك يبي لها تربية من جديد
العنود بصراخ : متربية غصبا عنك وقبل لا اشوف وجهههك !!
سلطان وكان سيقترب منها مرة أخرى ولكن حصة وقفت أمامه : خلاص .. ياعنود روحي لغرفتك
العنود تمسح نزيف شفتيها : شوهني الله يشوهه الكلب
سلطان : مين الكلب ؟
العنود بحدة : أنت .. وأنت .. وأنتتت . وان
لم تكمل من صفعة مدوية على بالقرب من شفتيها جعلتها تنزف أكثر ، أبعد حصة عن طريقه و لوى ذراعها خلف ظهرها وهو يحرق أذنها بغضبه : كلامك أحسبي حسابه قبل لا ينقال فيني .. فاهمة . .
شد على إلتواء يديها أكثر حتى كادت تنكسر و تركها.

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

سحبها لغرفة التخزين الخاصة بأدوات التدريب و الحوائط الخشبية ، بعيدا عن الأنظار المختبئة خلف نوافذ القصر ، فتح " اللمبة " الخافتة التي تتدلى من السقف الخشبي بخيط رقيق و الظلام يحيطهم.
رتيل بغضب تخفي خلفه توتر عميق : أتركني أروووح .. وش تبي ؟ يخيي فكني منننك
عبدالعزيز بنظرات غير مفهومة ، أو أنه حتى هو لايفهم رغبات عينه ، واقف أمامها بالغرفة المغلقة الخشبية الضيقة و لاشباك يثقب هذا الخشب ذو لون الشاطىء.
رتيل نبضاتها لا تستقر و رجفة تهز أطرافها ، بفكوك تتصادم رهبة : عبدالعزيز .. لو سمحت
عبدالعزيز و انظاره لا ترمش عليها ، يردف بهمس مرعب : على ؟
رتيل وأفلتت أعصابها : روح لأثيرك وتمتع فيها زي ماتبي .. أما أنا تتركني
عبدالعزيز بإبتسامة تظهر القليل من أسنانه : أنت غير و أثير غير
رتيل عادت بخطوات قليلة إلى الخلف ، و بنبرة مهتزة : وش قصدك ؟
عبدالعزيز : أثير زوجتي و حاضري و مستقبلي
رتيل أهدابها ترتجف ، تشتعل غيرة من هذه الأثير و كلماته عنها.
عبدالعزيز : لكن أنت . . .
رتيل تشعر بأن عيناها تتفجر بالحرارة و ثقب من نصل غيرة يلتهم قلبها ،
عبدالعزيز بنبرة خافتة تشبه تأثير النور حولهم : مقدر أرفضك .. يعني أنت تخيلي أحد يعرض نفسه عليك ؟ ترفضين ؟ أكيد لأ
حمم تنصب في قلب رتيل ، و إهتزاز رمشها يفضح ربكة قلبها و إنتفاض روحها العالقة في حنجرتها تتشكل على هيئة غصة ، قليل فقط قليل من الرحمة أو حتى من الشفقة فأنا راضية ، فقط القليل لا أطلب الكثير فقط أن تحترم هذا الحب ، ألهذه الدرجة يا عزيز ؟ يالله أوصل حالي إلى مرحلة أن تشفق علي حتى الأشياء الصغيرة التي لا تعنيك شيء ؟ يا لذاعة عقلي الان و يا قسوة سياطه على قلبي ، خوفي عليك و صوتي الجبان الذي لا يصرخ بك تخيل أنه يشفق علي في وقت كان يجب أن تحيطني ببضع حب و إن كان عابرا و لكن تبقى صورتك نقية في وسط قلبي ، حتى " أحبك " تشفق علي الان !!
عبدالعزيز يقترب بخطوات رقيقة ، يحاصرها بالزاوية ، وقفت منكسرة ودموعها مازالت تكابر وهي تختنق في محاجرها وتحجب عنها الرؤية بوضوح.
لا مفر من عزيز الان ، ذراعيه مثبته على الحائط و رتيل بينهم ،
رتيل بحدة أتت مهتزة : حتى زوجتك تخونها !! قذر .. حقير .. أنت مستحيل تكون رجال .. لو رجال ماتخون اللي ماصار لك كم يوم متزوجها .. لو رجال ماتختلي فيني كذا ... لو رجال ما تنسى حدودك .. لو رجال . . لم تكمل وهو يضع باطن كفه على فمها ،
عبدالعزيز و يلصق جبينه بجبينها و كفه على فمها وبصوت محروق : و أنت ؟
دموعها تلتصق بكف عبدالعزيز ، و عيناها تحكي الكثير ، ياه يا عيوني و يا رحمة الحديث بينها !
عبدالعزيز ببحة قاتلة لبقايا روحها : قلبك هذا *أشار بأصبعه وكأنها سهم يغرز صدرها* أنا أعرفه أكثر منك ، أكثر بكثير
رتيل شدت على شفتيها حتى تبكي بصمت و لاتخرج منها شهقة تائهة تدمي قلبها ، دموعها تنساب على ملامحها.
عبدالعزيز و مازال يحاصرها : أرفعي عيونك وقوليها .. قوليها وببعد عنك إن صدقتي فيها
يالله يريد إذلالي ، يريد إهانتي بكل قواه الذكورية ، معك فقط شعرت بقمع المرأة و تسلط الرجال ، معك فقط شعرت لم الصبية تحلم أن تنجب طفلا ينتمي لجنس ادم المتغطرس ، لأن لا أحد يؤذينا كالرجال ! لا أحد يا عزيز يؤذينا ويحطمنا ك أنتم.
بعد عبادة الله أشعر أن وظيفتكم بالحياة هي تملك المرأة و ممارسة غروركم على جسدها و قلبها بين كفوفكم يعتصر ولا رحمة.
بحدة أرهبت رتيل : قوليها
رتيل وعيناها تبكي حمرة و بقايا الكحل تحيطها بهالة سوداء ، بنبرة مهتزة كاذبة : أكرهههك
عبدالعزيز بجنون : كذابة ، شفتي أنك كذابة .. وتسأليني ليه أخون أثير ؟ أنا ماأخونها ! لأن أنت ولا شيء .. ولا شيء .. ولو أقولها عنك ماحرك فيها شعرة لأنها تدري أنك . . ولاشيء.
رتيل أخفضت رأسها ، قوتها تجهض من رحم هذا الحب ، لا قوة تملكها حتى تدافع عن نفسها ، كل ما كانت تقوله طوال الأيام الماضية لنفسها بأنها ستتجاهله ولن تضعف أمامه و ستتناساه و ستتصنع كرهه إلى أن أتكرهه ، كل شيء تبخر الان ، كل شيء لا وجود له ، أي معصية أرتكبتها ؟ أي مقبرة تدفني فيها يا عزيز !! أكان ذنبي هائلا لهذه الدرجة ؟ أنا أصبحت " لا شيء "
يالله يا قسوة هذه الكلمة منك ، قسوت جدا و جدا تعني جرح لا يغتفر و أشياء رمادية لن تتلون مجددا .
رفعت ملامحها الممتلئة بالدموع و حرارة أنفاس عبدالعزيز تحرق وجنتيها : أنا ولا شيء ؟
عبدالعزيز يضع كفوفه الدافئة على جانبي رأسها لتغطي إذنها : أنت مين أصلا ؟ حتى أبوك وهو أبوك أرخصك لي !! . . زيادة عدد يا رتيل .. تجرح صح ؟ توجع أنك تكونين زيادة عدد في دنيا مثل هذي !
رتيل بحرقة و بهمس مجروح : لأ ما تجرحني لأنها منك وأنت ماتعني لي شي ..
عبدالعزيز و لمساته لملامحها تزيد من إختناق عينها بالدموع ،
أردفت بحدة : و لا بأحلامك يا عبدالعزيز ... إذا أنت تشوفني ولا شيء أنا أشوفك نزوة .. نزوة وبتعدي .. مثلك مثل غيرك
عبدالعزيز كاد يخنقها وهو يذيب عظام وجنتيها بكفيه : نزوة !!
رتيل وضعت كفوفها على صدره لتدفعه و لم تستطع قوتها الهزيلة ، خرجت من بين ذراعيه وتخطو بسرعة إلى الباب وبربكة تحاول فتح قفله ، شدها عبدالعزيز من خصرها ليجعلها تقف على أطراف أصابعها وتصل لمستواه : وأنا بخلي للنزوة ذكرى
وضع ذراعه خلف ظهرها محاولا فتح أزارير بلوزتها و حين أستصعب عليه مزقها من جهة الأمام ،
رتيل سقطت على ركبتيها بضعف مقاومتها لتهمس : إحنا بالعشر حرام .. حرام
عبدالعزيز و هو الذي فتح أزارير قميصه ، نزعه ليغطيها وهو يهمس في أذنها بأنفاس حارقة : النزوات ما تموت في قلبك يا رتيل
أخفضت رأسها ليرتطم على كتف عزيز ، وضعت رأسها على كتفه باكية ، تحترق من داخلها من الله الذي يراها في هذا المنظر ، رغم كل هذا هي متشبثة متماسكة لم تقف وتقول أن الله يراني ، يأست ، وصلت لمرحلة من اليأس تجعلها تغرق دون أن تطلب النجاة.
طوق النجاة المكسور على حافة حبك يا عزيز ،
الشمس تشرق عليهم و بين ثقوب الخشب يخترق ضوئها ، خرج أنينها ، و خرج عزف الدموع.
عبدالعزيز بصدره العاري يخنق ملامحه بشعرها ، يغمس أنفه بين خصلاتها البندقية ،
رتيل ويداها مريضة توازي جسدها و قلبها ينتفض بدقات لا تهدأ تشبه جرس ينذر عن حريق ، أحترق بك يا عبدالعزيز ولا نجاة.
عبدالعزيز : تخافين مني ؟
رتيل بصوت يموت : أخاف من الله
عبدالعزيز يبعد ملامحه عنها لتلتقي عيناهم ، و هواء قليل يفصل بينهم و يتسابقون عليه ، نزلت أنظاره لقميصه الذي يغطيها الان ،
رتيل بنبرة موجعة : كل اللي مزعجني أنك تسوي فيني كذا ؟ حتى إسم اني بنت صديق أبوك ماأحترمت هالشيء ! .. في كل البنات اللي تقابلهم واللي عندك ولا شيء تسوي فيهم كذا ؟ . . عمري ماراح أكره شخص مايعني لي شيء قد ماأكرهك الحين !! و بتعدي يا عزيز .. ماراح أسمح لك تتعدى حدودك معاي ..... ولأنك ماتعني لي شي راح أقول لأبوي .. أخفضت نظرها لقميصه مجبرة أن ترتديه ، أغلقت أزاريره حتى تغطي جسدها الذي كشف أمامه
قبل أن تخرج ألتفتت عليه : انا ماكنت رخيصة بس أنت اللي ماكنت رجال .. وخرجت تاركة عبدالعزيز في وضع غير متزن.
تنهد بضيق مما كان سيحدث لولا رحمة الله ، يدرك أن ماكان سيفعله هو من حقه الشرعي ولكن دون علم رتيل يجعله يشعر بدناءة الكون ترتمي في قلبه ، يالله ماذا يحصل بي ؟ يجب أن أروض نفسي عنها ، يجب . . لا حل غير أثير ، يجب أن تكون أثير حقيقة في حياتي .

في جهة أخرى أرتمت على السرير ورائحة عطره تخترق أنفها ، دفنت وجهها في سريرها وهي تبكي بشدة ، كان سيكتب على جبينها " زانية حتى لو أظهرت رفضي " ، يالله كيف تجرأ أن يمزق ملابسي ؟ كيف تجرأ و نسى الله و نسى تربيته و إسمه و نسى حتى مكانة أبي ، مستحيل أن يكون عبدالعزيز الذي أحببته ، مستحيل أن يكون كذلك !
ربما هذه الأسئلة كانت تقال لي في فترة مضت و لم أهتم بها و ها أنا أعاقب عليها و كما تدين تدان ! ليتني فكرت بكلام عبير ، ليتني أخذت حديث والدي الدائم لي بأهمية.
لا شيء اخر سوى أنني سأكرهه رغما عن قلبي ، رغما عن كل شيء ، يارب أنزعه من قلبي و من حياتي عاجلا غير اجل.

،

في صباح داكن تطل الشمس من خدرها غاضبة تحرق ملامح المارة ، الرياض المزرقة من إتهاماتهم الباطلة ، الرياض الخجولة مثقوبة بكدمات من كذب البعض على عفتها ، الرياض الصاخبة صيفا و الدافئة شتاء تلم شمل القلوب حولها ، تبقى الفتنة بقمر طل من سماء الرياض ، يا من تركت الرياض . . كيف الحياة بدونها ؟ رغم التذمر و الشكوى من هذه الأرض ، إلا أن الجفاف يبقى " بلل " و العشاق يربطهم رضا الله و النجوم ضياء تشهد بسبابة القمر.

في منتصف طريق بقي تقريبا 5 ساعات حتى يصلوا إلى حائل ، يوسف بهدوء : نزلي الكرسي عشان يرتاح ظهرك
مهرة أنزلت يدها بجانب المقعد حتى تضغط عليه لتردف : ماينزل
يوسف ألتفت عليها : مو الأولى الثانية
مهرة بخوف : شوف الطريق طيب
يوسف خفف سرعته و ركن سيارته جانبا لينحني عليها من الجهة الأخرى ،
مهرة أخذت نفسا ولم تزفره من قربه ، شفطت بطنها من قربه وهو يحاول إنزال الكرسي ، تسمع أنفاسه و دقات قلبه ، أنزله إلى أن قارب المرتبة الخلفية : كذا تمام ؟
مهرة بصوت مرتبك : إيه
يوسف عاد لمقعده و حرك سيارته : فيه محطة قدامنا إذا تبينا نوقف عندها ؟
مهرة : لأ
يوسف : كلمتي أمك ؟ يعني قلتي لها !
مهرة : لأ بس أوصل أشرح لها .. ماراح تفهمني من التليفون
يوسف : تدلين بيتهم
مهرة : لأ بس نوصل للقصيم ويبقى ساعتين على حايل أكلمهم ويعطوني العنوان
يوسف تنهد : طيب ، .. *صمت لدقائق يحيطهم ثم أردف* .. ودراستك بالرياض ؟
مهرة : أوقفها عادي

،

الضوء يخترق النوافذ التي تشبه السجون ، يقطع الزجاج أعمدة كثيرة و رائحة المكان مقرفة تثير الغثيان ،
مغلق عيناها بوشاحها ومثبت أقدامها بالكرسي الخشبي الممتلىء بالرسومات والعبارات التعصبية ، في مكان مظلم و كأنه مهجور.
سعد : طيب .. لا ولا يهمك ... تامر امر إن شاء الله ... وأغلق هاتفه ، سحب كرسي ليجلس أمامها ،
سحب اللاصق من فمها ليثير الحمرة حول ثغرها : مين اللي اعطاك الفلوس ؟ أبي كلمة وحدة
لا رد يأتي ،
سعد : صدقيني ماهو بصالحك أبد ، يعني لو وصل موضوعك لبوسعود و بوبدر .. بتكونين في عداد الموتى
أمل : . . . . . .
سعد : بعد لين العشرة إن ماتكلمتي يؤسفني أنه بيتم التبليغ عنك . . . واحد . . إثنين . . ثلاثة . . أرب
أمل : ناس
سعد أبتسم بإستخفاف : أحلفي عاد ؟ ناس ؟ تصدقين أحسبهم حيوانات
أمل أشاحت نظرها بعيدا عنه و الألم يسير ببطء بين ملامحها بعد أن نامت ليلتها على هذا الكرسي ،
سعد بغضب : أنطقي !! . . كنت راح تعيشين زي ماتبين .. وش تغير ؟
أمل : . . . . . .
سعد : لا توجعين راسي عندي مية شغلة غيرك ، غادة مع وليد الحين ولا ندري عنهم شي والبركة بأفعالك !! تكلمي عن كل شي تعرفينه ، لا والله يصير شي مايعجبك
أمل : هي تحب وليد
سعد بغضب : مالك شغل تحبه ولا تكرهه قولي لي شي يفيدني بعيد عن هالخرابيط
أمل : مدري قالوا بيطلعون برا باريس
سعد : طبعا ماراح يقدرون لأن جوازها هنا .. أبغى إسم المدينة اللي راحوا لها
أمل بإرهاق : وقلت لك ماعرف
سعد بهدوء مخيف : أفكر بردة فعل سلطان بن بدر و عبدالرحمن ال متعب إذا عرفوا عنك
أمل بلعت ريقها و الخوف يتشكل بأنفاسها المتصاعدة ،
سعد : مقرن يبي يساعدك ويبعدك لكن أنت تجبرينه يتصرف معك كذا !!

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في الضاحية الشرقية لباريس ، مقبرة دي بلفيز في مربع المسلمين ، وكل شركة فرنسية تدفع لهم الرسوم في شراء المقابر هنا حيث أنها تشترى و حسب المدة ف كل عائلة عبدالعزيز و أمي كل 30 سنة يجب أن نجدد الشراء لهم وإلا أخرجت السلطات الفرنسية الجثث و أحرقوها ، وقف عند قبر أمه و قرأ من القران " رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتي مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ولا تزد الظالمين إلا تبارا " ، أحمرت عيناه وهو يجمع كفوفه ليدعي " اللهم أبدلها دارا خيرا من دارها و أهلا خيرا من اهلها و أدخلها الجنة و *تحشرج صوته ليصمت ثواني ثم يردف بصوت موجوع* و أعذها من النار و من عذاب القبر ، اللهم تجاوز عن سيئاتها و جازها عن الحسنات إحسانا و عن السيئات عفوا و غفرانا ، اللهم أجمعنا في يوم لاريب فيه .. أكمل دعاءه بخشوع تام و عيناه تبكي وجع "
مرت دقائق طويلة و هو امام قبر أمه ، قبل أن يذهب عنها أبتسم لم يراها كثيرا . . توفيت و هو في ثاني متوسط ، ليته كان معها في اخر أيامها ، أيام مرضها و علاجها الذي توجب عليه الذهاب لباريس . . رب ضارة نافعة ، لو لم تأتي للعلاج في باريس لما رأيت غادة.
وقف أمام قبر هديل ، دعى لها كثيرا و كأنها أخته ، هو فعلا يشعر بأخويته مع هديل وحميمية الأخوة بينهما رغم أن لا موقفا يذكر بيني وبينها .. إلا أنها أخت من أفديه بروحي و أخت من تملكت قلبي.
أقترب من قبر والد عبدالعزيز ، دعى له بالمثل إلا أنه تأثر أكثر أمامه و صوته يختنق و يتحشرج و يقف بمساحات شاسعة تشبه الخواء الذي يواجه قلبه الان في وحدته ، وقف أمام قبر والدة عبدالعزيز ، قرأ بعض ايات القران و دعى لها .
أتى الدور على القسم الأكبر من قلبه ، وقف هذه المرة على ركبتيه أمام قبرها ، شد على شفتيه ويحاول أن يبتسم أن يفرح ، يريد أن يصل شعوره إليها ، قبل أن اتي إلى هنا قرأت أداب زيارة المقابر حتى لا أقع بشيء منهي عنه و قرأت حديثا صحيحا شعرت بأن عرسا يقيم في قلبي " ما من رجل يزور قبر ‏أخيه ويجلس عنده إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم " هذا يعني انها تشعر بي ؟ يالله يا غادة أريد أن أخبرك عن حزني دونك و ان الحياة ناقصة تتشعب منها زوائد مهما حاولت أن أعطيها بعض الأهمية إلا أنها تعجز أن تحل جزء من قلبي مثل ما حييت هنا – قلبي - ، " نزلت دمعته ليكمل بأحاديث نفس لا يجرؤ أن تخرج بصوته ، تعبنا يا غادة ، لا عزيز سعيد و لا أنا ، لا نحن نحن و لا الحياة ترتضي أن تسعدنا ، يالله ياغادة لو تعرفين أو تدركين كيف أنني غير قادر على العيش و الحياة ! والله لست بقادر و أخاف السخط على قدره يا غادة . . يا جنوني . . يا حبيبتي ، أول مرة أرى باريس بهذه الثياب الرثة ، أول مرة أفقد اللهفة في عينيها ، أول مرة أجد أن باريس جافة مفلسة ، أيامنا القديمة و تفاصيلنا المباغتة لذاكرتي التي تمر ببطء على قلبي حتى تنزلق بك يا روحي ، يا سمائي . . يا أرضي ، يا كل شيء ، تراكمت الغيوم يا غادة و لم تبقى السماء كما عهدت . . تراكمت ولم ترحم العطشى و الحزانى ، لم ترحمهم وتمطر.
أتشعرين بي الان ؟ يارب أنك تشعرين بي ، أنا لم أنساك و لم أنسى وعدنا لبعض ، والله لم أنسى.
كانت الحياة أقصر من أحلامنا الممتدة على قارعة حبنا ، أحلامنا التي كانت أن نشيخ سويا و أحفادنا حولنا ، لم نشيخ يا غادة و لم نرى أطفالنا حتى . *بكى بشدة و بصمت مطبق شد به على شفتيه إحتراما لهذا المكان و أن لا يجب النواح فيه*
كانت أقصر يا غادة ، والله ستكون الحياة أسعد لو تركت لي طفلا ، فقط طفل واحد ياغادة ، أنا أحببتك و أحببت أن تبللين جحري بطفل يقع و يتشبث ، يسرق من تفاصيل أمه الكثير ، أن يشبهك ،
تذكرين المرة التي قلت لك فيها " الأربعين الشبيه اللذين يحشرون أنوفهم بقصائد الشعراء لا وجود لهم و لم تصدقيني "
أتصدقيني الان ؟ أين أشباهك يا غادة ، أين هم ؟
أريد أن أحكي لك الكثير ، الكثير مما حصل ، عدنا للرياض التي كنت تشتاقين إليها ، عدنا يا غادة ولم تكوني معنا.
لم تتغير كثيرا ، أرض لم تطأ بها قدماك هي عنصر كوني مكتظ لا أحد يلتفت إليه و الان باريس تدخل تحت هذا المصطلح بعد أن كانت حسناء راقصة تسرق من عينيك ضياءها و من رقة شفتيك فتنتها . . اه يا غادة لم المدن تتشابه ؟ لم الأرض بأكملها تشبه غصة في صدري تلعب بأعصابي ولا ترحل ، لم كل شيء في غيابك " باهت " ، لا شيء يذكر بعد ، سنة كاملة لم أفعل بما شيئا يستحق الذكر حتى الأمور البسيطة كانت في وقتنا هي أهم الأشياء ولكن فقدتك و فقدت كل أشيائي خلفك.
قبل أن أرحل أريد أن أخبرك ، . . . . *خرجت شمس باريس الخجولة و أشعتها الخافتة لتعكس دمع ناصر على ملامحه*
أريد أن أقول أنني أحببتك أكثر مما يدرك في هذه الحياة الوضيعة و لم أتوقع أن خسارتي فادحة إلا و أنا أرى السماء تطوي سحبها المتمايلة بين همساتنا لتقطع خيطا بيني وبينك.
أريد أن أقول يا غادة أنني أشتاقك . . ، أشتاقك و جدا ،
أدعو الله أن يسامحني على إحتفاظي بصورك و بكلماتك و بأقراص تضم مشاهد تضحكين بها كإتساع الشمس و قطرات المطر و تبكين فيها كرذاذ عطر لا يكف عن السؤال عنك.
أدعو الله أن يعفو عني لما أفعله الان ، رغما عني أضعفني فقدانك في ليلتنا التي جلسنا سنين نفكر بها ، في ليلتنا التي كان يجب أن أصلي معك شكرا أن سقف حبي بات يجمعنا على أرض واحدة ، في ليلتنا التي كان يجب أن نوثق بها حبنا لأطفالنا ، في ليلتنا يا غادة أتى موتك خاطفا قتلني و قتل عبدالعزيز من خلفي.
أدعو الله أن لا يجعلنا من الساخطين على أقداره ، والله لا أريد ، والله لا أريد أن أكون مجنونا هكذا ، لا أريد أن يغضب مني الله ببكائي ، لا أريد يا غادة ولكن رغما عني ، لا أريد أن أضعف ولكن حبك أقوى ، لا أريد أن أنكسر ولكن غيابك أقسى ، لا أريد أن أنهار ولكن حضورك أكثر إتزانا ، لا أريد يا جنوني لا أريده ولا أحبه و الله على كل هذا هو الأعظم وهو القادر على أن يخفف من جمرة أشتياق واقفة في حلقي ، كل شيء يا غادة يتطفل ليظهر أمامي ليذكرني بك وكأني نسيتك ، كانت أمنيتي سابقا أن نشيخ سويا و لكن الان أمنيتي أن الجنة تجمعني بك لأحبك من جديد.
أستمر دقائق يحاول أن يتزن و يطفأ حرقة دموعه ، وقف وجمع كفيه ليدعو لها و نصف ساعة و أكثر وهو يدعو إلى أن قال مودعا " يالله إنك فطرت إبن ادم على قلب ضعيف ينشغل بلهو الدنيا ف يارب علقني بك و أرحمني و أرحمها كما ترحم عبادك الصالحين ، يالله أني لم أحببها لأجل دنيا فانية ، يالله أني أحببتها طاعة فيك لم تشغلني يوما عن ذكرك ف يارب كما أحببتها بالدنيا حبا عظيما قائما على طاعتك و على رضاك أن تجمعني بها في أعلى جنانك "

،

مستلقي على السرير الوثير و رائحتها تثير حواسه الناعسة ، صداع يقضم خلايا مخه و يفتح عيناه ببطء.
نظر للسقف مستغربا إلى أن أستوعب ماجاء به إلى هنا ، مدد ذراعيه بإرهاق و تعب بعد أن أستنزفت كل قواه بالأمس العنود ، يالله يا هذه الأنثى يشعر بأنه يكرهها أكثر من اليهود أنفسهم ، تحررها الزائد و مظهرها الذي يشعر به دائما بالتقزز ، يخجل من أن تكون إبنة عمته بهذه الصورة ، سيئة جدا حتى أخلاقها تشوهها كثيرا رغم أن ملامحها تشبه عمته الأقرب لقلبه ولكن تبقى عمته أجمل بكثير و هي لاشيء يذكر عندها ، هذه العنود سأعرف كيف أعيد تربيتها من جديد و أجعلها تحترم عاداتنا وتقاليدنا ولو كان رغما عنها.
تأمل الغرفة التي هو بها مرة أخرى ، غرفة الجوهرة في أيامها الأخيرة هنا ، لا يعلم لم شعر بضيق من أن يدخل جناحه ولا يعرف كيف قادته أقدامه لغرفتها هي ، مازال يرن في إذنه بكائها و كوابيسها.
مقهور جدا من طريقة إستغفالي هذه وأنا الذي لم أعتاد أن أحدهم يهينني بهذا الشكل كيف وأنت الجوهرة ؟
أنا قادر على العيش دونك لم تكوني يوما أهم من والدي ! ولكن بي من القهر ما يجعلني أرد إساءتك لي ، أريد أن أردها بأقرب فرصة ، أريد أن أذيقك مر ما ذقته منك ، ليتك تشعرين بشعور الرفض الذي كنت أراه بعينك إن حاولت الإقتراب منك ، شعور سيء يثير أعصابي و يغضبني ، لم تشعري يوما بفكرة أنني زوجك و ألقى الرفض من كل جانب !
أنت و تركي ستدفعون الثمن غالي و أنا أقسم بذلك.
دخل للحمام الملحق بالغرفة ، بلل وجهه و كالعادة توضأ رغم أنه ليس بوقت صلاة ،
خرج و أنتبه لبعض الحركة في غرفة سعاد ، دخل و لقي حصة و عائشة ، رفع حاجبه : وش قاعد يصير ؟
حصة بحزم :سعاد والله يرحمها بتبرع بأغراضها للفقراء ، فيه محتاجين كثير ومنها نكسب أجر
سلطان بهدوء : طيب ماهو كان لازم تستشريني ؟ قلت لك يا حصة مليون مرة عن هالموضوع
حصة بحزم أكبر : أنا أكبر منك ومفروض تحترمني وتحترم شوري
سلطان بإنفعال : أي شوري أي بطيخ !! هذي أشياء تخصني
حصة بهدوء تريد أن تختبره : بس الجوهرة أكيد بتجي قبل العيد ومايصير تشوف هالغرفة في بيتها
سلطان : والله ؟ ومين قال بتجي ! حصة لو سمحت أطلعي أنت وعايشة وأتركوا الغرفة
حصة بنبرة خبيثة : ليه نايم بغرفتها اليوم ؟
سلطان يظهر اللامبالاة و الإستغباء في ان واحد : أي غرفة ؟
حصة وهي تمسك الكتب وتسلمها لعائشة : مدري أي غرفة بس يقولون لك اللي قلبه على حبيبه يدور عليه ويجيبه
سلطان الغاضب لانت ملامحه ليبتسم : مخك متبرمج على أفلام أبيض وأسود
حصة بإبتسامة : سعاد بح . . طيب ؟
سلطان : عطيني الكتب بحطها في مكتبتي
حصة : أنت ماتقرأ كتب رومانسية وأدب ليه أحطها لك
سلطان : إلا أقرأ .. جيبي بس
حصة : علي ؟ خلك على كتب المجانين حقتك ومالك دخل بهالكتب
سلطان بجدية : عطيني أبيها . . الجوهرة تقراها
حصة بضحكة : صدق ؟
سلطان : أسألي الجاسوس اللي جمبك
عايشة بإندفاع وخوف : أنا ما يقول شي
حصة : مالك دخل بحبيبتي عيوشة
سلطان بسخرية : يا عيني بس !!
حصة : أول قولي الجوهرة تقرأ الكتب الأدبية ؟
سلطان : والله تقراها
حصة : طيب أخذها أجل .. مدت له الكتب
سلطان : خل عايشة تحطها في صندوق واحد وتجيبها المكتبة انا أرتبهم
حصة و هدوء سلطان يغريها بالأسئلة : متى راح تجيبها ؟
سلطان بضحكة يردف : تحزنيني والله عاد أمس مكلم أبوها نتفق على الطلاق
حصة توسعت محاجرها : من جدك ؟
سلطان بجدية : حصة الله يخليك الموضوع منتهي وماأبغى أتناقش فيه وهي تعرف مصلحتها وأنا أعرف مصلحتي
حصة بإنفعال : ننععععم ! لا والله ماتطلقها .. وش تطلقها ماصار لكم سنة عشان تطلقها ؟ مهما كانت هالمشكلة العظيمة اللي بينكم وأدري أنها سخيفة بس مايصير
عائشة عندما علت الأصوات أنسحبت بأطراف أصابعها وملامح الخوف تظهر بملامحها ،
سلطان : خلاص ولا يهمك اطلقها عقب ماترجعين لندن
حصة بغضب : تستهزأ فيني ؟
سلطان يقترب منها ليقبل رأسها وبنبرة خافتة : الموضوع منتهي
حصة بحزن واضح على ملامحها : طيب ليه ؟ سلطان أنت كبرت مايصير تبقى كذا !! بكرا تتقاعد وش بتسوي ؟ قولي بس وش بتسوي ؟ أنا خايفة عليك وأبيك تعيش حياتك زي مالكل عايش .. يكفي شغل ماراح يجيك كثر ماراح من عمرك في هالزفت شغلك ، وش أستفدت منه ؟ طيب قلنا نسلم أمرنا لله وتبقى في هالشغل لكن حياتك !! أنا ماشفت الجوهرة بس واثقة أنها ما تستاهل الطلاق .. مرة وحدة بحياتك حاول تحافظ على شخص .. أنت منت ملاحظ أنك تخسر الناس بسهولة !! منت قادر تحميهم .. لاتقولي أنا أحمي غيرهم .. لكن أحنا أهلك و الجوهرة أهلك يا سلطان .. يا روحي الله يخليك يكفي اللي مضى ، لا ترخص هالناس اللي حولك .. بيجي وقت تحتاج فيه لأحد يسمعك ويكلمك .. رجعها عشان خاطري وبعدها يحلها ربك ، و كل مشكلة لها حل
سلطان تنهد : أنا ماأصلح أكون كذا ، ماأعرف أكون زوج ولا غيره .. أنا ماأصلح الا بمكان شغلي وبجلس فيه لأني أحبه و هو حياتي كلها .. ومستغني أنا عن هالحياة الثانية اللي مع الجوهرة و غيرها.
حصة و أختنقت محاجرها بالدموع : مستغني عنا ؟ يالله يا سلطان ماأعرف كيف قلبك حجر كذا !! ليه ماتحس أنه بكرا بتشيب وهالشغل بيستغني عنك مثل ماأستغنى عن غيرك و بتبقى بروحك لا زوجة ولا أهل ..
سلطان بصمت يتأمل عيناها التي تجاهد أن لاتبكي ،
حصة تكمل : إذا تغليني ولو شوية يا سلطان لا تخسر نفسك أكثر من كذا .. لاتخسرها ورجعها .. لاتطلقها بس عشان ترضي عقلك .. لأن هالعقل اللي تفكر فيه مصيره بيتخلى عنه وماراح تلقى بقلبك إلا ذكرى ناس أنت خسرتهم بنفسك !! .. رمقته بنظرات راجية وخرجت.
سلطان وقف في منتصف غرفة سعاد و أفكاره تهوى كما تسقط قطرات الماء من المباني ، أصطدم به أكثر من فكرة و حديث حصة موجع لقلبه ، كم خسر في حياته ؟ فترة الشباب الطائشة و عمي عناد و إبنه نايف في رحلتنا الغارقة على شواطىء صقلية ، أمي الجنة و لا جنة في الدنيا سواها و أبي الرائحة العتيقة التي يحتفظ بها قلبي ، أجدادي الذين باغتهم المشيب حتى ماتوا تباعا و المصائب لا تأتي فرادى ، من بقي ؟ كان يجب على والدي أن يفكروا بوحدة إبنهم بعد عمر طال ، لو أن لدي أخ الان قريبا من عمري كان الأمر سيكون مسليا ربما كنت سأعلمه على الفروسية أو ربما أعلمه على انواع الأسلحة و من الممكن أن يعلمني شيئا .. كنت سأجد متسعا لأحتفظ بهذه الحياة كما رددتها عمتي ، ولكن حياتي ليست مغرية لأن أتشبث بها ، أصابني الله في حب عملي حتى أفقدني الكثير و مازال.

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

دو فيل على أمواج البحر المستقرة ، على شرفة شقتها تنظر للبعيد الغير اتي ،
وضعت كفها على صدرها ، نبضاتها غير مستقرة تشعر بهيجان يحرق أطراف قلبها ، أحدهم يناديها ، أحدهم يثير سمعها كما لو أنه يضع جمرات متراصة حول غضاريف أذنها الرقيقة ، عيناها تبكي بلا سبب او ربما حتى الأسباب تجهلها ، مازال قلبها يتواطؤ مع حزنها و يمارس الإختباء ، يتألم ولا يخبرني ما يؤلمه ، أحدهم أشتاق إليه كما يشتاق إلي ، أحدهم يخنقني و قلبه الأكسجين ، أحدهم صيحة عظيمة تنهش بعظامي ، أحدهم يضعفني ، يعصرني ، يبكيني ، يؤلمني ، يجرحني ، يكسرني ، يقتلني . .
أحدهم قلبي يعرفه جيدا ولكنه جبان من أن يقول لي ، أحدهم مزعج جدا لذاكرتي ، يثير الخوف على أطراف حزني ، أرجف.
أكفف عن هذا ، أرجوك . . لا طاقة لدي لهذا الألم ،
أخفضت رأسها و كفوفها تنزل ببطء لبطنها و غثيان يداهمها كأن جنينا بها يصرخ عن والده ، والده ؟ يالله يا .. يا .. من أنا ؟
يالله يا روحي أكان هناك شخصا أحبه قبل الحادث ؟ " طيب مين ؟ "
هديل . . ربما أختي ، و عبدالعزيز أخي ، و مقرن . . أبي أو من ؟ لن أسامحه إن كان حيا و تركني ضائعة مشتتة ، لن أسامحه أبدا وهو يسقطني غرقا في هذه الدنيا دون أن يحميني ويطوقني ، لن أسامحه على هذا الحزن أبدا.
ناصر ؟ . . . صمت لدقائق طويلة حتى تردف بحديث عقلها المتشابك مع قلبها . . ربما أخي ؟
أبتسمت بين أمواج دموعها و قلبها يضطرب كإضطراب البحر في مواسمه و إرتفاعه.
همست : وينك ؟
أين انت من كل هذا ؟ أين قلبك الان ؟ يبدو أن قلبي يحبك يا ناصر كما يحب هديل الغائبة عني و عبدالعزيز الذي لا أعرفه ، أحبكم و لكن " وينكم " ؟
يالله يا من أجهله كم أشتاق لك كتكاثر الغرباء في محيطي.

،

أفاق و العرق يبلل الجزء العلوي من جسده العاري ، أنفاسه تسمع كإرتطام قطع معدنية على الأرض ، شعر بوخز يسار صدره و رعب يدب في قلبه المضطرب في هذا الصباح المتأخر.
مسح وجهه و عيناه تسرق تفاصيل ما راه ، أعوذ بالله من هذه الكوابيس ، صدره يهبط ويعلو بوقع شديد . .
أن أرى أختي تموت أمامي مرة أخرى هذا يعني أنها تتعذب في قبرها ، يالله يا غادة ماذا يحصل معك في ظلمتك ؟ أكاد أحلف أنك لم تفوتي فرضا ولا صلاة !! ماذا فعلت ؟ برب الناس ماذا فعلت في دنياك ؟ يالله يا غادة أشعر بحمم تصب في قلبي من أنك تتعذبين ، حفظتي أجزاء كثيرة من القران كما حفظت أنا ، فعلت الكثير من الأعمال الصالحة ، مالفعل المذموم هذا الذي محى كل أعمالك وجعلك تتعذبين ؟ يالله أرحمها وأرف بحالها ، يالله جازها عن الحسنات إحسانا وعن السيئات عفوا وغفرانا.
لم يتحمل حتى أخذ هاتفه و يتصل على ناصر ، ثواني حتى أتاه صوته المتعب : هلا
عبدالعزيز بصوت مخنوق : غادة تتعذب
ناصر و للتو هدأ ، أختنق مرة أخرى ، ليتك هنا يا عبدالعزيز حتى تسمع لعيني وتقرأها ، ليتك هنا .
عبدالعزيز يكمل برجفة حب و إشتياق : ما سوت شي والله ماسوت ، حتى طلعاتها ماكانت الا معاك و نادر ماتطلع لوحدها وصلاتها ماتطوفها ، أحيانا تضطر تأخرها لكن تصليها .. ماطوفت فرض .. وماعليها ديون .. وش صاير ؟ أحس بموت من التفكير .. هديل و أمي و أبوي أحسهم مرتاحين .. حتى أمي كانت تبكي كثير لكن الحين مرتاحة أنا أعرف هالشي أحس فيه .. حتى أبوي أحس فيه .. بس غادة ليه ؟
ناصر بوجع : كنت عندهم اليوم .. زرت قبورهم
عبدالعزيز ونفسه تلهفت : رحت لهم ؟
ناصر بصوت شارف على البكاء : إيه
عبدالعزيز أختنقت عينه بالحمرة ، أشتاق لهم ، يشعر بأن روحه تخرج من مكانها الان ، ليتهم دفنوا هنا ، بئس تفكيري في ذلك الوقت أنه سيعيش عمره هناك فأردت أن يكونوا بجانبي .. لكن حتى أطيافهم رحلت بعيدا عني.
ناصر : قبل شوي رجعت ، سو لهم شي ، خل لهم صدقة جارية كلهم .. أخاف يختنقون من وحشتهم
عبدالعزيز مسح جبينه متعبا وهو يضغط على عينيه المغمضة : وش يرجعهم ؟
ناصر نظر لشقته الخاوية لتنساب دمعته على خده ، و أنفاسه لا تهدأ
عبدالعزيز و دموعه تتصارع في محاجره لتحجب عنه الرؤية وبصوت خاف ممتلىء بالوجع : مرت سنة . . كيف عشتها بدونهم ؟ محد حولي ومحد جمبي .. مححد .. كيف ؟ ماأبغى أدعي على نفسي بس يذبحني هالألم يا ناصر .. ماأبي هالحياة ، مليييت ..
بصوت حطم حصون اهدابه : موجوع يا ناصر حييل
ناصر جلس على طرف طاولته الخشبية ، أنحنى بظهره لتسقط دموعه على الأرض ، وجع يفتك عظامه هو و صديقه.


يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

على فراش ذو رائحة نتنة ساقط و نومه عميق و هالات داكنة تحيطه و رائحة الغرفة تختلط برائحة الشرب و الألوان ، اللوحات مرتبة بجانب بعضها في زاوية ، دخل عليه برهبة و هو يرفع الملابس العفنة ليصيح به : فارس أصححى بسرعة أبوك جاي بالطريق
فارس بهذيان ناعس : خلني أنام
حمد يفتح الستائر و النوافذ الزجاجية ليختلط الهواء النقي بالغرفة : أبووك بالطريق .. ركز معي ... رائد الجوهي بالطريق .. رائد اللي هو أبوك بالطريق
فارس فتح عينه : وشو ؟
حمد لم يتحمل تناحته حتى أخذ قارورة زجاجية ممتلئة بالماء ، أخرج منها الورد و رماه و بلل فارس بمياه الزهر : أصحححى أخلص علي والله إن شم ريحتك لا يذبحك
فارس بعصبية : يامجنووون ليه ترمي الورد !!
حمد : هذا اللي يهمك يا مرهف الإحساس . .أنقلع للحمام فرك نفسك لين تطلع هالريحة ، نص ساعة وبتلقى أبوك هنا وساعتها شوف عاد وش يسوي فيك
فارس وقف عاقد الحاجبين : طيب بخر الغرفة .. وسحب منشفته داخلا للحمام.
حمد : يا حومة كبدك يا حمد .. نظف غرفة فارس وهو يرمي بعض الأشياء التي بنظره تافهة و لكن بنظر فارس مهمة.
دقائق طويلة مرت وحمد يبخر المكان برائحة العود العتيقة ، خرج فارس ناعسا : جاء ؟
حمد : لا بس على وصول
فارس ببرود : طيب أطلع ببدل
حمد خرج تاركه ليبخر الصالة العلوية أيضا ،
أرتدى فارس ملابسه بهدوء وهو يتأمل غرفته أن لايكون هناك اثار لجريمته ، خرج لحمد
حمد : خلنا ندخل غرفتك نشوف فيها ريحة ولا لأ
وبتحشيش فعلي ، أغلق حمد باب غرفة فارس ومن ثم فتحه ليدخل ويستنشق وكأنه يمثل دور الجوهي : همممم أحس فيها شي
فارس : يالله خلف على عقول الحمير .. خلاص اترك الغرفة ريحتها ريحة ألوان
حمد بخبث يجلس مقابلا له : تدري أمس وش قلت لي ؟
فارس بلا إهتمام يتصفح الجريدة : وش ؟
حمد : عبير
فارس رفع عينه له : نععم !!
حمد : ههههههههههههههههههههه وش فيك عصبت ؟ تقول أنها لذيذة و ******* و
لم يكمل من رفسة فارس على بطنه ، وقف وجعله يتمدد على الطاولة الخشبية وبغيرة شديدة لكمه على عينه ومن ثم صفعة مدوية على خده و لم يكتفي بذلك ، ضربة بالقرب من أنفه لينزف دماء.
بصوت غاضب شد شعره ليقربه من وجهه وهو الذي أعتاد من فارس البرود و الهدوء : قسم بالعلي العظيم لو تجيب سيرتها على لسانك لا أقطعه لك
حمد يدفعه وهو يعدل بلوزته التي تمزقت أطرافها وكان سيهدد كالعادة لولا حضور رائد بينهم ،
فارس أقترب من والده وقبل جبينه ،
رائد : وش فيكم تتهاوشون ؟
فارس بهدوء : نمزح
رائد بضحكة : تمزحون !! عنيفيين ماشاء الله
حمد بإنسحاب : رايح أغير ملابسي
جلس رائد وبجانبه فارس ، أردف : شلونك ؟
فارس بخير الحمدلله
رائد رفع حاجبه : مبخرين البيت ؟
فارس : إيه حمد مبخره
رائد : علي ؟
فارس بلع ريقه : ليه وش فيه البخور ؟
رائد : ماتبخرونه الا فيه ريحة لمصايبك !!
فارس ويمثل دور البريء : دايم تظلمني يايبه دايم تظن فيني ظن السوء ، خلاص من اليوم ورايح بقوله لا يبخر البيت وأستمتع بريحة الألوان والعفن اللي دايم تقوله
رائد بإبتسامة : شوي وتاكلني ، خلاص ماقلنا شي بخروه .. قولي وش مسوي بالتدريب ؟
فارس : كل يوم قبل لا أنام أتدرب
رائد : زين هذا اللي أبيه منك ، أنا بعد فترة راح أسافر ويمكن أطول كثير ف راح تكون مع حمد وماأبغى مشاكل
فارس : طيب ينفع أطلب طلب ؟
رائد بضحكة تشبه ضحكة إبنه الساحرة : لأ
فارس إبتسم : طيب تروح وترجع بالسلامة
رائد : ههههههههههههههههههه قول وش تبي ؟
فارس : يعني الحرس والله مالهم داعي ، ماني بزر .. خلاص أنا كبرت على هالحراس اللي يمشون مثل ظلي أبي اخذ شوية نفس وخصوصية
رائد بهدوء : أبوك عنده أعداء كثير و
فارس يكمل عنه بسخرية مقلدا لنبرته : و الأعداء هذولي يدورون علي الزلة ويبون يأذوني بأي طريقة وممكن يأذوني فيك .. حفظتها يايبه والله حفظتها من طلعت على هالدنيا وأنا أسمعها .. طيب أنا بجلس أنحبس كذا إلى متى ؟
رائد : طيب سافر لكن هم معاك
فارس بإستهزاء : شكرا دايم ماتخجلني في كرمك
رائد يضرب ظهره بقوة ضاحكا : مسألة الفرفرة بالرياض أنسى
فارس: كسرت ظهري
رائد : اليوم صاير تتدلع كثير
فارس : يبه والله تعبت وحمد يخنقني .. طيب جيب لي واحد ثاني
رائد : أنا أثق في حمد
فارس : الله والثقة عاد
رائد بحزم : فارس !!

،

صوت القران يضج في البيت ، بعد أن راجعت بعض السور حتى لا تنساها وتأكد على حفظها ، نزلت لوالدتها ساعدتها قليلا حتى جلسا بالصالة و صمت مريب بينهم.
الجوهرة بهدوء : يمه زعلانة مني ؟
والدتها بإقتضاب : لأ
الجوهرة جلست على ركبتيها أمامها وهي تمسك كفوفها وبإبتسامة : أجل ليه ماتكلميني ؟
والدتها : لأنك ماتبين تريحيني
الجوهرة ومازالت تحافظ على تقويسة ثغرها : أنت لو تطلبين صحتي وعافيتي وراحتي كان أقول فداك بس ماأبي أشغلك معي وأضايقك
والدتها بنبرة مهتزة : ماراح تشغليني ولا بتضايقيني .. أنا بس برتاح وأتطمن
الجوهرة : تطمني يا روحي ،
والدتها : وش بينك وبين سلطان ؟
الجوهرة بلعت ريقها وكأنه بدأ الهواء يضيق عليها : مابيننا الا كل خير
والدتها : مأذيك بإيش ؟
الجوهرة بهدوء : ما تطلع الشينة من بوبدر
والدتها : طيب وش هالمشكلة اللي تخليك تتركين بيتك وأبوك يوافقك !!
الجوهرة : أنا بس كنت أبي أرتاح عندكم ومشتاقة لكم
والدتها بخوف يرتسم بعينها : غيره يالجوهرة هالكلام مايقنعني !
الجوهرة أبتسمت حتى بانت صفة أسنانها العليا : مافيه شي غيره
والدتها بضعف : أحلفي بالله ..
الجوهرة صمتت و لا كلمة تنطقها و تسعفها في هذا الموقف.
والدتها : ليه تكذبين علي ؟ أنا أمك بس قولي لي وش اللي صار وريحيني !!
الجوهرة ثبتت أسنانها العليا على طرف شفتها السفلى ، بصوت ضيق : مشكلة بسيطة .. وبتنحل إن شاء الله
والدتها بصمت تتأمل عين إبنتها ، تريد أن تقتبس من هذه العين بعض الأحاديث التي من الممكن أن تطمئنها ،
الجوهرة أخفضت رأسها لتقبل كفوف عتيقة لها رائحة الجنة التي تحلم بأن تكون يوما من نصيبها.
أنساب شعرها في حضن والدتها لتتضح بعض الخيوط الحمراء المتخثرة بالدم و كدمة ليلكية تفسد بياض رقبتها ، أرتجفت أهداب الأم الخائفة : مين سوى كذا ؟
الجوهرة رفعت عينها بعدم فهم ،
والدتها بغضب ممزوج بحزن عميق : وتقولين مافيني شي ؟
الجوهرة أبتعدت قليلا عن والدتها و على جبينها يرتسم الإستغراب.
والدتها : ضربك ؟ لا تكذبين وتقولين ماضربك !!
الجوهرة مسكت رقبتها لتقف مرتبكة مرتجفة لا جواب لديها . .
دخل ريان : السلام عليكم .. .. دارت نظراته بينهما و رفع حاجب الشك : وش فيكم
والدته تتجاهله تماما : ليه تكذبين علي ؟ وش مسوي فيك هالأغبر ؟
الجوهرة أرادت لو أن والدها موجود ينهي هذا النقاش بدبلوماسيته المعتادة ، أرتجفت بوجود ريان !
والدتها وعيناها تختنق بغضب : أكيد صاير شي كايد ولا مايضربك من هنا والطريق وأبوك واقف معك بعد !! ريحوني بس قولوا لي
ريان وعقله بهذه المواضيع يفهمها من كلمة ، بهدوء : سلطان ضربك ؟
الجوهرة بدفاع مرتجف : أنا زوجته ولو يكسر راسي حلاله ، مشاكل وتصير بين أي زوجين ليه تعطونها أكبر من حجمها
والدتها : اللي يضربك مرة قادر يضربك مليون مرة
ريان : وليه ضربك ؟
الجوهرة بلعت ريقها بخوف : مشكله بيني وبينه
ريان رفع حاجبه مرة أخرى : زين حفظتي كرامتك وجيتي !!
الجوهرة : وش قصدك ؟ . . يعني أختك ماعندها كرامة *تعمدت أن تلفظ - اختك - حتى تشعره ببعض الذنب*
ريان ببرود يجلس : أنا واثق أنه المشكلة أساسها منك عشان كذا ماألومه لو يكسر راسك على قولتك
والدتها بحرقة أم ترى إبنتها بهذه الوضعية : وأنت معه بعد !! أنتوا بتجننوني ! كيف يضربك ؟
الجوهرة و لا تريد أن تبكي ولكن نبرة والدتها جعلتها تبكي لتلفظ بين بكائها : يمه الله يخليك !! ماهو ناقصني
ريان بإبتسامة : أحمدي ربك ماذبحك .. أنا لو مكانه دفنتك على أي غلطة تطلع منك ودام سلطان ماشاء الله صبور فأكيد هالغلطة كايدة وخلته يضربك .. عاد الله أعلم باللي تخفينه عننا ويمكن عن سلطان
الجوهرة بقهر : ليه دايم ظنك فيني سيء ؟ . . أنا أختك من لحمك ودمك تعاملني كذا وش خليت للغريب !! ،
بحدة لم تعتاد أن تخرجها لأحد ، بغضب وكأنها أنفجرت من سيل أتهامات ريان الباطلة التي لا تنتهي : أتذابح مع سلطان ولا يصير اللي يصير بزواجي مالك دخل .. مالك علاقة فيني .. ماعدت صغيرة عشان تكلمني بهالطريقة ، أنا عمري 26 ماني بزر عندك عشان تقولي هالكلام ... أرحم حالك وأرحمني من كلامك
والدتها بحدة : هذا اللي شاطرة فيه تراددين أخوك !! تزوجتي وصغر عقلك
الجوهرة بضيق : أنا الحين كذا ؟ يمه أنا متضايقة منه ومن كلامه بدل ماتوقفين معي توقفين معاه
والدتها : ماراح أوقف لا معك ولا معه .. سوي اللي تسوينه ماعاد يهمني .. وخرجت ،
ريان يصفق لها بسخرية : برافو طلع لك لسان والله من سيادة الفريق سلطان !! سلطان هذا اللي تحتمين فيه رماك ولا كان أتصل من زمان ، بيعدي شهر وإثنين وثلاثة وورقة طلاقك بتشرف .. ومحد بيبقى لك إلا أحنا .. أهلك .. فحاولي ماتخسرينا زي ماأنتي الحين تخسرين أمي !
الجوهرة بنبرة هادئة مبحوحة : ما رماني ، و أنا عندي لسان قبل لا أشوف هالسلطان اللي مرة مسبب لك أزمة !! بس أحترمتك يا ريان وأحترمت أنك أخوي الكبير بما فيه الكفاية لكن بديت تغلط علي كثير وأنا ماعاد أتحمل كلامك اللي عمرك ماطلعت لي بكلمة حلوة !!
ريان : وغصبا عنك يا ماما بتحترميني .. ماهو كرم ولا تفضل منك .. وخرج هو الاخر ،
الجوهرة بقيت واقفة لوحدها ولا ترى أحدا يشاركها الحزن الان ، الجميع بات يتشمت بي منك يا سلطان.

،

أرتفع أذان المغرب ، و مازال الهدوء و الغضب المختبىء خلف البرود يحطيهم.
عبير بهدوء : يبه ما قلت لنا وش سويت بباريس ؟
عبدالرحمن : شغل وش بسوي غيره يعني !
رتيل رفعت عينها لوالدها ، و عبير تشاركها نظرات " الكذب و الشك و ربما الإستحقار "
عبدالرحمن و من نظراتهم باغته شك : وش صاير لكم ؟ تركتكم أسبوع ورجعت كل شيء محتاس !! لا أنتم بناتي اللي متعود عليهم ولا شيء
عبير تشرب من كأس الماء : سلامتك بس كذا بناتك نفسيات
عبدالرحمن بحدة : تكلمي معاي زيين ماني أصغر عيالك
عبير ببرود : كيف أتكلم يعني ؟ سألتني وجاوبتك
عبدالرحمن رفع حاجبه : يعني هذا أسلوب تكلميني فيه ؟
رتيل الصامتة الهادئة الحزينة تراقب الكلمات المبطنة التي ترمق بها عبير لوالدها و عيناها متورمة بالبكاء.
عبير تنهدت : الحمدلله .. وقفت ولكن حدة صوت والدها جعلتها تثبت في مكانها : عبي ر !!
عبدالرحمن بغضب : أشوف طالعة بحكي جديد ؟؟ خير إن شاء الله ؟
عبير بصوت مرتجف :اسفة
عبدالرحمن بهدوء : وش صاير لك ؟
رتيل ونطقت أخيرا : قولي له .. مو قلت بتقولين له !!
عبدالرحمن وأنظاره تتجه لرتيل : عن ؟
رتيل ببرود : عن الزواج اللي صار بالخش والدس
عبدالرحمن توقفت عيناه عن الرمش غير مصدق بأن عبدالعزيز قد يخبرهم عن زواجه بإحدى إبنتيه ، غير مصدق بأن عبدالعزيز يفعلها معه ، صعبة على نفسه بأن يتقبلها من عزيز . . ولكن الأصعب كيف يقنعهم بهذا الزواج !!! يالله يا رتيل كيف سأقنعك بعبدالعزيز !
بحزم أردف . . .

،

لا أحاديث تذكر بينهم ، الصمت يحكم شفاههم ، و طريق ضيق للنقاش لا يفتح الان.
أرتشف من القهوة الداكنة و عيناه تحكي الكثير و لكن لا رد من الطرف الاخر !
سلطان : ما طفشت من الحكي ؟
عبدالعزيز رغما عنه أبتسم : مررة
سلطان تنهد : ماتبي تحكي شي ؟ يعني يخص الشغل .. يخصك ؟
عبدالعزيز بهدوء وعيناه تغرق في فنجان قهوته : أستسلمت منكم
سلطان : إحنا ؟
عبدالعزيز : للأسف ،
سلطان ضحك : وبعد ؟
عبدالعزيز : سلمت أمري و فكرت
سلطان بهدوء : وش وصلت له ؟
عبدالعزيز يحرك مربعات السكر المغلفة على الطاولة و يضع حبتين بالأمام ليتشكل مستطيل وحبة في الوسط وحبة أخرى بعيدة : أنه المربع يضل جزء من المستطيل و أنه المستطيل مايقدر يستغني عن المربع !
سلطان و يمعن النظر في عيني عبدالعزيز ، يشبه والده كثيرا حتى طريقة تفكيره ، ذكي مهما أنكسر وضعف يبقى " داهية "
عبدالعزيز : أنا مقدر أطلع منكم و أنتم ماتقدرون تستغنون عني ..
سلطان بنبرة خافتة : وهذا الصح
عبدالعزيز بإبتسامة ونبرة سخرية وهو يضع فوق المستطيل مربع اخر : لكن ممكن المستطيل يقمع المربع
سلطان يأخذ مربع السكر منه ويزيح المربعين ليلصق المربع الجديد بينهم : لكن يقدر المربع يثبت نفسه ويكون مستطيل
عبدالعزيز رفع عينه لسلطان : و كيف ؟
سلطان : كون صبور مهما أستفزتك الأحداث اللي حولك ، طنش وتقدر ، لا ترمي كل شيء عشان كلمة أو عشان موقف ! خلك دايم ثابت والبقية هم اللي يتحركون لاتكون أنت اللي يتحرك حسب مالظروف تبي !! أوقف بوجه كل شيء يواجهك وخلك ثابت !!
عبدالعزيز يرتشف من قهوته التي بردت ،
سلطان : وين جلست باليومين اللي غبت فيها ؟
عبدالعزيز : أول يوم مالقيت مكان وجاني أرق ، كل مارحت مكان قالوا لازم عوائل
سلطان أبتسم حتى بانت صفة أسنانه العليا : كان لازم تعرف قوانين بلدك
عبدالعزيز : وش يعرفني أنه ماينفع العزابية يسكنون بالفنادق بعد !!
سلطان : على حسب الفندق
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت أرجع !
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن لأن هذا مكانك الصح
نظر لهاتفه الذي يهتز إثر رسالة ، قرأ " تركي في مزرعتك طال عمرك "

،



.

أنتهى البارت

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

الجزء ( 42 )




أنت لي . . أنت حزني وأنت الفرح
أنت جرحي وقوس قزح
أنت قيدي وحريتي
أنت طيني وأسطورتي
أنت لي . . أنت لي . . بجراحك
كل جرح حديقه ! .
أنت لي .. أنت لي .. بنواحك
كل صوت حقيقه .
أنت شمسي التي تنطفئ
أنت ليلي الذي يشتعل
أنت موتي , وأنت حياتي”

*محمود درويش



،
عبدالعزيز : ثاني يوم تعبت وكنت أبي أنام ولقيت عمارة ومكتوب عليها شقق مفروشة للعزابية ، كانت أقذر مكان شفته بحياتي وبعدها أضطريت أرجع !
سلطان : ماهو أضطريت !! لكن لأن هذا مكانك الصح
نظر لهاتفه الذي يهتز على الطاولة إثر رسالة ، " تركي في مزرعتك طال عمرك "
رفع عينه لعبدالعزيز : نمشي ؟
عبدالعزيز وقف : إيه
خرجوا من إحدى المقاهي على شارع التحلية الصاخب ، كل على سيارته ، ذهب البائس حيث الحي المنزوي بمثل إنزواء سكانه ، نظراته أرتفعت لنافذتها المظلمة و ستار يغطيها ، أخذ نفسا عميقا ، أفلس من هذه الدنيا ولم تعد من أحلامه – الغنى –
لم أقف ؟ الحياة تسير ك رمشة عين و ما زلت متغير متحرك حيث ما حولي يريدون ، لا عائلتي سيعودون و لا أنا سأفرح ، يجب أن أنسى حتى لو كلف أمر نسيانهم " موت أعصابي " ، سأنسى مثل ما ينسى الجميع إلا أنني سأحتفظ بقلب لا يرى سوى الغائبين من على هذه الأرض ، غادة و هديل و أبي و أمي . . أنتم في حجرة من قلبي لا تنكسر و البقية لا يهم.
لا يهم ، مثل ما وهب سلطان حياته للعمل سأبذل كل طاقتي فيه و سأنشغل وأنسى كما نسي سلطان ومن قبله عبدالرحمن بن خالد ، سأنسى و هذا وعد لقلبي.

،

قبل ساعتين و 37 دقيقة مربكة ، غير مصدق لما يحدث مع إبنتيه ، كيف كشف عبدالعزيز الخمار عن هذا الزواج المحكم في سلاسل الألسن ، أي جواب مقنع يمسح به شحوب قلب رتيل ؟ أي صفعة ستتحمل رتيل ؟ أحلام الصبا ذابت كما السكر يذوب في سخونة الكأس ، كان سهلا عليه أن يقنع عبير ولكن يقف الان عاجزا عن خلق عذر يبعد هذه الشكوك أو ربما اليقين الذي يجزمان به ،
رتيل ببرود غير مبالي وهي تدفن الملعقة في قاع السلطة الخضراء : ضي
أتسعت محاجره و شفتيه تثبت ، راحة بسيطة تسللت إلى قلبه فأمر ضي هين أمام فاجعتها بعبدالعزيز ،
عبير بقهر : الله أعلم من متى متزوجها
رفع عينه على إبنته الواقفة و الذي يفترض أن تكن أكثر أدبا : لو متزوجها من قبل لاتنولدين ؟ وش بتسوين يعني ؟
رتيل بإستنكار و غضب سقطت الملعقة من بين أصبعيها على أرضية الرخام : متزوجها أيام أمي الله يرحمها ؟
عبدالرحمن بهدوء : ماتلاحظون أنكم نسيتوا أنفسكم وجالسين تحاسبوني ؟
عبير أنفاسها تضطرب : مانحاسبك ! بس ليه دايم إحنا على هامشك ؟ ليه دايم إحنا مالنا حق نسألك أو حتى نشاركك القرار ؟ هذي حياتنا زي ماهي حياتك .. ليه دايم إحنا مالنا كلمة ولا حق الإختيار .. ليه دايم إحنا ننجبر وغصبا عنا مانناقشك !
رتيل بهدوء : تزوجت ماتزوجت مايهمني !! دامك فصلت حياتك عنا فما لنا حق نحاسبك بحياتك أنت وأنت بروحك
عبدالرحمن بحدة : تكلمي زين أنت وياها !! أنا الحين حاطكم على الهامش ؟
صرخ بعبير : انا كذا ؟ يعني أنا مقصر و ماني سائل عنكم ؟
عبير حاجتها للبكاء من بؤس تراكم على قلبها جعلت هدبيها يرتجفان لتترامى الدموع على خدها ، أردفت بخفوت : طيب ليه ؟
عبدالرحمن : هذا شيء وأنتهى ماراح أجلس أبرر لك عشان تقتنعين !
عبير أطبقت فكيها المرتجفة فوق بعضها لتشد عليها وكأنها ستطحن أسنانها من قهرها : ما طلبت منك تبرير ! بس ليه تفصل حياتك عن حياتنا ! إحنا مانستاهل هالحياة !! . . بكرا راح تتحاسب على بناتك .. على كل قهر ذقناه و أنت تبني حياتك مع وحدة ماندري مين ولا حتى أصلا نبي نعرف مين !!! ما طلبنا منك المستحيل .. بس زي ما أنت تعيش حياتك أتركنا إحنا نعيشها خلنا نبكي منها ولا نبكي منك .. خلنا ننقهر ونضيق ونطيح في مصايبها بس نتعلم .. لا تحبسنا ..
رتيل بصوت هادىء موجع : مايفيد ؟ لو تقولي الحين روحي يا رتيل وعيشي زي ماتبين .. ماراح يفيدني بشي ؟ 24 سنة مرت و أنا ما أعرف وش يعني صداقة و لا ناس ومناسبات .. تبي تعلمني الحين كيف أصادق غير بنات ربعك !! أعدد لك كم بنت صادقتها وأطول فترة صادقتها فيها ؟ هي وحدة .. وكورس واحد وجيتني قلت هالبنت لاتختلطين معها ..والحين هيفاء !! وطبعا لأنها بنت بو منصور ولا كان قطعت علاقتي فيها من زمان ... لا تقولنا ماني مقصر .. أنت علمتنا كيف نفقد ثقتنا بهالناس كلهم و نبعد ؟ بس ما علمتنا كيف نعيش بدون صداقة .. بدون أهل .. بدون أم .. بدون . . . أب طبيعي !!
عبير بإقتناع في حديث رتيل أردفت : حياتك مع اللي إسمها ضي تخصك أنت بروحك .. لا تخلط بيننا و عيش مثل ما تبي وإحنا بعد راح نموت مثل مانبي . . . وصعدت لغرفتها بخطوات سريعة و دموعها تسارع خطاها.
رتيل أخفضت نظرها بسخرية مبكية : بتعلمنا كيف نموت و ببطولة ؟ وبننهي هالمثالية اللي عايشين فيها !!
عبدالرحمن و تواطؤ اراء رتيل مع عبير يثير في داخله ألف كدمة حزن ، لم يتفقا طوال حياتهما و الان يتفقان على " الموت " ، ألهذه الدرجة الحياة هنا جحيم ؟ ألهذه الدرجة تكدست الهموم في قلب إبنتي ؟ خفت الفقد ! لم أتحمل فكرة أن أفقد أحد منكما . . لو أن أسجنكما في عيني لبقيت غير مطمئنا أيضا ، ليتكما تدركان الخطر و الرهبة التي تدب في نفسي كلما فكرت في " كم ضالا يسير بشوارعنا ؟ ، كم حقيرا يلطخ طرقنا ؟ ، كم مجرما يدوس على أعراضنا ؟ . . " حاولت أن أطمئن نفسي كما تحبان ولكن أيضا فشلت ، أنا غير قادر على جمعكم بمجتمع يكسر غصن الأنثى و أنا أخاف على إنعواج ضلع بكما . .
رتيل رفعت عيناها لتلتقي بعيني والدها اليائسة ، بنظرات والدها سقطت دموعها : اسفة ، . . . . برجفة شفتيها نطقت : مانبي نضايقك ، نعرف أنك تتعب عشانا بس يبه ضقنا .. ضقنا حيييل ماعاد نقدر نكتم أكثر .. لما عرفت عبير عن الموضوع وهي تبي تجيب الكام من غرفتك .. تخيل أنه عبير جرحتني بكلامها وطلعتني ولا شيء .. عبير اللي مستحيل تنفجر بوجه أحد .. أنفجرت فيني . .
بلعت ريقها وهي تنظر لوالدها بإنكسار : يشوفوني رخيصة مالي فايدة بهالحياة .. ماني معارضة زواجك من حقك تعيش لكن إحنا يبه نبي نعيش .. كفاية والله كفاية .. أنا ندمانة قد شعر راسي على كل شي سويته وأنا أعصي أوامرك .. كل شيء ندمانة عليه .. لأني الحين عرفت سبب أوامرك .. لأني الحين عرفت كيف عصيانك يخليني رخيصة !! بس . .. ماأحملك شي ،كلها أغلاطي بس لولا أوامرك اللي خلتني احس بالنقص قدام ناس كثير ماكان سويت كذا !! لولا أقنعتني صح بقوانينك ما وصلت لهالمرحلة ولا وصلت عبير لهالشيء !!
أقتربت بخطى هزيلة لتقبله بين حاجبيه و تدفن ملامحهها على كتفه و تبكي بإنسياب ، عبدالرحمن وضع ذراعه خلف ظهرها لايعرف كيف يربت أو يخفف حزنها ، لوهلة شعر بأنه عاجز عن كل شيء و لا شيء يستحق بأن يغلف الحزن هدايا السماء لقلبه.
رتيل بصوت مخنوق : اسفة
والدها بصوت يتقطع بسهام حزن : حاولت ... حاولت يا رتيل أسعدكم بس واضح أني مقدرت
رتيل وقفت بقدميها كاملة بعد أن أعتلت أطرافها حتى تصل لجبين والدها ، غرزت رأسها في صدر حبيبها المتبقي و التي لم تخرج من حبه خائبة : يكفي أنك موجود هنا . .

،

دخل مزرعته المتسعة لقتال من نوع اخر ، يعرف أن تركي سيستفزه سواء بحقيقة أو كذبة لذلك أخرج السلاح من جيبه و سلمه للسائق ، رمى مفاتيحه و هاتفه على الطاولة الخشبية التي يزينها مفرش الكورشيه ، سار بخطوات هادئة خافتة غاضبة حاقدة مشحونة بكل شيء بائس ، فتح باب الغرفة الخلفية الخاصة بأدوات الزراعة و الحراثة ، ألتقت عيناه باللاصق الذي يربط عينا تركي ، تمتم في داخله " أستغفرك ربي من كل ذنب فعلته أعلمه أو جهلته "
وقف خلفه وفتح اللاصق بشدة جعلت الهالات الحمراء تقيم حول عيناه ،
سلطان بنظرات ساخرة حادة : يا أهلا
تركي بلع ريقه و جسده النحيل المهتز يثير ريبة ملامحه التي تتفجر بالبياض الشاحب ،
سلطان فتح قيده من على يديه و قدميه ، شده من كتفه ليوقفه و بغضب : لا تلف ولا تدور ، اللي سويته مع بنت أخوك تقوله لي . . . وبالتفصيل
تركي بنبرة متعبة : ما سوي
لم يكمل من صفعة أدمت شفتيه : كذب ماأبغى ... ترك كتفيه ليرمى على الكرسي الخشبي الذي مال به حتى سقط على ظهره
،
سلطان شد الكرسي له وجلس : لا تحسب أنك بتفلت ، طبعا تترحم على نفسك مني وبعدها الهيئة تعرف تتصرف معاك !!!
تركي بمرض يجاهد أن يتمسك به ، لا شيء يراه سوى الجوهرة و عشق الجوهرة ، وكل شيء ينحدر من الجوهرة أحبه و هي تحبني ، هذه الحقيقة يجب أن يعلمها الجميع و يجب أن ندافع عنها حتى تثبت في عقول من حولنا ،
أردف : هي تحبني .. وراضية
سلطان بغضب وقف ورمى الكرسي عليه لتنكسر إحدى سيقان الخشب عليه وتجرح جبين تركي : مين اللي راضية ؟ .. صرخ : مين ؟
تركي ولايشعر بهذا الألم الجسدي مثل ألم قلبه : أنت ماتحبها .. انا بس اللي أحبها .. حياتها معاي انا .. معاي أنا .. محد بيوقف معها إلا أنا .. محد ب
سلطان أنحنى عليه ليشده من الأرض ويثبته على الجدار : قلت تحبها ؟ ؟
تركي بغضب : و أعشقها
سلطان أبعد رأسه عن الجدار ليدفعه بقوة ناحيته : تعشق مين ؟
تركي بإنهيار تام و موت لقلبه وعقله الذي بات مشلول لا يستطيع أن يفكر بما يجب أو بما يحرم عليه : أعشق الجوهرة .. الجوهرة لي أنا بروحي
سلطان وشده من ياقة ثوبته ليدفعه للجهة اليمنى و يتحطم من جسد تركي زجاج النافذة وبصرخة حارقة : بنت أخوووك !! من لحمك ودمك يا *****
تركي و جسده يخدش بقطع الزجاج المتناثرة حوله : أنا أحبها و راح نقدر نعيش بدونكم .. إحنا لبعض لازم تعرف أنها ماهي لك .. ماهي لك ... هي وافقت عليك غصبا عنها .. تبيني أنا .. رفضت مليون واحد قبلك عشاني .. عشاني أنا .. و أنا أحبها
سلطان تمنى لو أنه لم يترك سلاحه حتى يقتله إبتداء من لسانه الميت : أغتصبتها ؟ أغتصبت بنت أخوك ؟
تركي بجنون : لأنها حقي .. حقي أنا
سلطان وأعصابه تلفت ، تقدم إليه ليشده من شعره الطويل و ثبت ذقنه عند حافة حوض المياه الحارة المعلق : يعني أغتصبتها ؟
تركي ولا يبالي بشيء حتى المياه التي يتصاعد دخانها : أنا أول رجال في حياتها واخر رجال .. لا أنت ولا غيرك راح يقدرون يلمسون شعرة منها .. هي لي أن
أغرقه سلطان بحوض تذوب به أغصان الأشجار و ينعوج به سلك المعدن المتماسك ، أغرقه و ملامحه تحترق بالحمرة
تركي بصرخة : اه
سلطان يرفع عن المياه : تعرف وش راح يسوون فيك ؟ بتهمة الإغتصاب والتحرش طوال ال 7 سنوات ممكن يحكمون عليك بالقصاص وبأقرب وقت.
تركي بإستفزاز لسلطان وعيناه يتجمع بها دمع أحمر : أموت وياها
سلطان لكمه على عينه : أنا أعلمك كيف تموت وياها ،
جر شعره إلى أن وصل لزاوية أخرى ، ضغط على زر لتتحرك أعواد من الحديد متينة تصطدم بسلسة من الحديد أيضا ، لو وضع قطعة معدنية لتفتت بهذه الالة ،
تركي أتسعت محاجره الحمراء وهو ينظر لحركة الالة المخيفة ،
سلطان وضع ذراع تركي على طاولة الألمنيوم الحارقة : تقولي كل شيء ولا بتودع أصابعك !!
تركي : طلقها هي ما
سلطان يقرب الفكوك الحديدية منه : جاوب على قد السؤال
تركي وينظر لهذه الالة التي تقترب : هي جتني
سلطان : كيف ؟ .. بصرخة أردف : تكلم زي الناس
تركي برجفة : كانت قريبة مني حيل و بوقتها كانت راجعة من عرس و عندها إختبارات الثانوية .. راح عبدالمحسن وزوجته للرياض وتركوها عندي أنا وريان .. شفتها و .. . . هي أغوتني .. هي اللي جتني في ذيك الليلة وقالت لي محد موجود و أننا نقدر نعيش زي مانبي .. و إحنا نحب بعض .. 7 سنين إحنا نحب بعض ومحد له علاقة فينا .. رفضت كل اللي جوها عشاني .. و لما جيت أنت ضغط عليها أبوها وريان و وافقت و .. حتى قبل كم أسبوع جيتها في بيتك .. و ودعتني وقالت بأقرب وقت راح ا . .
لم يكمل من لكمة في أنفه جعلته يسقط على الأرض وهو يتذكر ذاك اليوم التي أمتلأ عنقها بحمرة قبلاتها ، لو أني ذبحتها في يومها لكان أفضل.
تركي : إذا هي داشرة أنا وش دخلني ؟ أنا زيي زي غيري نشوف بنت أكيد ب
حذف عليه علبة المسامير لتنزف ملامح تركي من كل جانب ، شده من رقبته ليوقفه وحرارة أنفاس سلطان تكاد تحرقه من جديد : تشوف بنت تاكل تبن و ماتقرب لها .....
دفعه على الأرض الممتلئة بالمسامير : هالحكي بتقوله قدامها عشان تنذبح وراها ....
خرج و وصى الحارس عليه ، أقترب من الطاولة المثبتة على الأرض الخضراء المزروعة ، أخذ هاتفه و ضغط على " الجوهرة "
هي غارقة في البكاء الصامت الخافت و كفها أسفل خدها ، تنظر لهاتفها الذي يهتز على الطاولة ، تجاهلته وهي تتأمله.
دقائق حتى مدت يدها بضيق و ما إن قرأت " سلطان " حتى أرتعشت أطرافها و قلبها ينتفض ويعلق بقفص هزيل متعب ، ردت برجفة و دون أن تنطق شيء و أنفاسها المرتفعة هي من تصل إلى مسامع سلطان.
سلطان بحدة : تجهزين نفسك بكرا الصبح تكونين عند الباب
الجوهرة بهدوء : أتفقنا على الطلاق
سلطان بصرخة ألجمت الجوهرة : طلاق ياخذك لجهنم الحمرا أنت وياه .. تشوفين حل مع أبوك مع أي زفت عندك والساعة 6 أنت عند الباب ... وأغلقه.
سلطان وضع سلاحه في جيبه و مفاتيحه و . . . . أتجه حيث طريق الشرقية ،
هناك أرتطم فكيها ربكة و خوف ، سيقتلني لا محال .. لم يطلبني وهو قد أتفق على الطلاق مع أبي ؟ ماذا يريد بي ، لو لم أخرج له سيفضحني عند أمي و ريان ، لكن أبي ؟ كيف أقنعه ! لن يوافق ولن يستطع سلطان أن يجبرني ولكن سيصل بنا إلى طرق مسدودة !! ستنتهي علاقات كثيرة مني ، إن كان يريد الطلاق إذا لم يريد أن يراني ؟ ربما لم ينتهي من ثقب جسدي بكدماته ، يالله يا سلطان كيف تريدني أن أخرج لك دون علم أحد ؟

،

على أطراف القصيم ، جسدها متعب من السيارة التي كسرت ظهرها ، كتبت له العنوان : هذا هو
يوسف : طيب على مانوصل حايل بتكون الساعة 4 والناس نايمة
مهرة و لا فكرة لديها أو ربما لا تريد أن تفكر ، تنهدت : وش نسوي ؟
يوسف بإرهاق : ننام في القصيم وبعدها نمشي لحايل
مهرة : طيب
دقائق طويلة حتى وصلوا لأول فندق واجههم على الطريق ، يوسف : بشوف إذا فيه غرف فاضية .. نزل وتركها تغرق في تفكيرها.
تأملته حتى دخل ، وضعت كفها على بطنها و هي تدعي بأن يصرف عنها السوء ، مشاعر متشابكة ملخبطة و الأكيد أن يوسف ليس بالزوج المناسب لها.
كيف ستشرح لوالدتها الموضوع بأسلوب سلس يقنعها ؟ يالله كن معي و أحميني من عبادك الضالين ،
تفكر لو تقدم لها يوسف في ظروف أجمل ؟ ك زواج تقليدي إعتيادي ، هل كانت ستوافق عليه ؟
ربما لأ ولكن ماهي أسبابي ؟ الدراسة ليست حجة مقنعة ، ذو أخلاق و طيب و . . . جميل.
عقدت حاجبيها من تفكيرها فيه وفي صفاته ، سيء . . ربما كنت سأخدع به و بصفاته هذه ، هزلي لا يحتمل الجد كان سيقهرني كثيرا في تصرفاته الهزلية و لن أتحمل ، أيضا عائلته ليست بتلك الجمال حتى أخالطهم و يجتمع مع أخيه تحت سقف واحد و نظام يقتلني أن تحاصرني غرفة واحدة أو ربما جناح ولكن أيضا لا تكفي حتى أرتاح في منزلي.
لا شيء في يوسف يغري للحياة معه ، ألتفتت على الباب الذي يفتح : لقيت غرفة
نزلا معا متوجهين للطابق الرابع حيث غرفتهم الفندقية ، يوسف رمى نفسه على السرير وفي المنتصف أيضا ، متنهدا براحة حتى أنه لم ينزع حذائه .
مهرة تتأمل لثواني معدودة الغرفة الضيقة نوعا ما ، أخذت نفسا عميقا : ممكن تخليني أنام ؟
يوسف بصوت ناعس : أفصخي جزمتي وببعد
مهرة بعصبية : نعععععععم ؟
يوسف : زوجك !! ماراح ينزل من قدرك شي
مهرة : ماأنحني لك
يوسف بسخرية : يامال الضعفة والله .. أقري وتثقفي وش كانوا يسوون نساء الرسول عليه الصلاة والسلام
مهرة تكتفت : عائشة رضي الله عنها قالت عن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يخيط ثوبه ويخصف نعله ويعمل ما يعمل الرجال في بيوتهم ..
يوسف بعناد وضع الوسائد أسفل رأسه و أغمض عينيه.
مهرة بجدية : من جدك بتنام ؟ طيب وأنا وين أنام ؟ حتى مافيه كنبة هنا !! بعدين تعبت من الطريق ... قوم
يوسف ولا يرد عليها ،
مهرة تنهدت بغضب لتجلس على طرف السرير و تنزع طرحتها و تضعها على الطاولة ، أردفت : يعني كيف ماأنام اليوم ؟ ترى دعوة الصايم مجابة
يوسف وهو مغمض عينيه : منتي بروحك صايمة حتى أنا صايم
مهرة وقفت لتنزع عبايتها ، رفعتها وبإرتفاعها بدأت بلوزتها الليلكية بالإرتفاع ، فتحت عيناها و نظرات يوسف الضاحكة جعلتها تعض شفتها و ترمي عليه العباءة : قليل أدب
يوسف صخب بضحكته : ههههههههههههههههههههههه تصبحين على خير
مهرة تفتح شعرها و تسحب وسادة أسفل رأسه لتستلقي بجانبه ولو أزاحت قليلا لسقطت من السرير ،
يوسف الناعس أستعدل بجلسته ليرمي حذاءه عند الباب و يعود تاركا مجالا واسعا لمهرة ، ناما و ظهورهم تقابل بعض.

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

أشرقت شمس خجلى تداعب السحب في سماء المملكة العربية الفاتنة ،
طفل يريد الحياة و قلبه ينبض برقة نحو أمه ، يعض جدران رحمها طالبا الدنيا ، تنظر لحبيبها الأول و الأخير ، زوجها الطيب العذب ، ما كان الحب يوما إختيارا ، طفلي سأعلمه كيف تجعل الحب يختارك بالزواج و أن من يختار الحب له نار في يوم لاريب فيه ، سأعلمه كيف الجنة تتسع للمتحابين في الله ، سأعلمه كيف الحياة جميلة بالحلال و برضا الله ، سأعلمه كيف أن ظلم النفس شديدا ولا يكون ظلم النفس الا بمعصية الله ، سأعلمه كيف أن الجنة طرد منها ادم بسبب تفاحة فلا تتقل القول ويفلت منك الفوز العظيم ، سأعلمه كيف أحب والده و كيف أنتظرناه ؟ سأعلمه كيف يتفادى الخيبات ؟ سأعلمه كيف أن كثرة الأصدقاء شقاء ، سأعلمه عن البهجة و الدهشة .. وكل الأشياء الملونة الجميلة.
أمام المراة يعدل " نسفة " غترته ، بصوت هادىء : يمكن اليوم أتأخر بالدوام لأن يوسف ماهو موجود
نجلاء تنظر له بلمعة عينيها المضيئة حبا ، وضعت كفها على بطنها : منصور
منصور و عيناه على المراة : همممم
نجلاء بفرحة عظيمة رغم كل الألم الذي تشعر به و التقلصات في بطنها ، دمعت عينها خوفا و رهبة و فرحة وبهمس : بولد
منصور ألتفت عليها ليسقط " عقاله " : وشششش ؟
نجلاء و دمعتها تسقط و برهبة من التجربة الأولى و ربكة : ا .. مدري ألم ولادة ولا شيء ثاني ؟ .. أنحنت بظهرها قليلا من شدة الألم
منصور أخذ عقاله ، و بمثل ربكتها : لحظة !! هو فيه فرق بالألم ؟
نجلاء بتوتر : منصوووور
منصور حك جبينه : يعني نروح المستشفى ؟
نجلاء : لحظة .. راح .. لألأ
منصور بعصبية : كان لازم ناخذ ورقة مكتوب فيها كيف نعرف أنه هذا ألم دلع ولا ألم طلق
نجلاء بإبتسامة شقية في كومة ألمها : ماودك تاخذ ورقة بعد مكتوب ف .. لم تكمل من ألم شعرت وكأنه سهم ينغرز بها .. اه
منصور يجلس عند ركبتيها وعيناه على بطنها المتكور وبهمس : بتولدين . . قرب شفتيه من كفيها التي تحيط بطنها ، قبلها : ثواني . . أخذ عبايتها و . . . ربكة كبيرة تطفو على محيطهم ، إنه الطفل الأول ، الضحكة الأولى ، و " هو الذي خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم من علقة ثم يخرجكم طفلا ثم لتبلغوا أشدكم ثم لتكونوا شيوخا ۚ ومنكم من يتوفي من قبل ولتبلغوا أجلا مسمى ولعلكم تعقلون " يا عذوبة النطق الأول و ماما / بابا من فم متغنج بالبراءة ، يا سيلان الطهر في أحشائي ، يا طفلي.

،

أقتربت من طرف حفرة عميقة ترمي بجمرات من نار بيضاء و دخان بارد يتصاعد منها ، خلخلت أصابع اليمين باليسار لتضم كفيها نحو صدرها و عيناها تسقط دموعا ك حبيبات ثلج باردة تستقر في القاع و تشعل النيران مرة أخرى.
الهواء يداعب شعرها البندقي ، و .. تكاد تنزلق ، يذوب الصخر بجانب قدميها لحمم بركانية ، أنا أنزلق.
أفاقت و أنفاسها تعتلي سقف غرفتها ، صدرها يهبط و يرتفع بشدة تخترق قلبها المنتفض ،
بللت شفتيها الجافة بلسانها و هي تنظر لم حولها ، لطالما امنت برسائل القدر وأن الصدف وسيلة لهذا القدر.
لطالما قلت بأن كل كلمة تسقط عليها عيني هي " رسالة من الله " ، أؤمن بكل هذا.
الله غير راض عني ، الله يمهلني وقتا ولكن لا يهملني ، الله يريد التوبة لي كما يريد التوبة لعباده ولكن لن ينقص منه شيئا ولن يضره إن كفرنا به فهو غني عنا ونحن الفقراء إليه ، الله لم يوحي لي بهذا الحلم إلا لسبب ، الله لم يجعلني أقرأ ذاك الكتاب الا لسبب ، الله لم يجعلني أدخل ذاك الموقع و المنتدى إلا لسبب .. الله لم يبقيني حية إلى الان إلا لحكمة وربما حسب عقلي الصغير " الله يريد لي حسن الخاتمة " ، ربما هذه خاتمتي . . ربما الموت يقترب مني ويجب أن أحضر لاخرتي.
يتصبب من جبينها حبيبات العرق المتشبثة بها و النور يعكس لمعة البرونز من على ملامحها.
يالله يا عزيز ما أنت فاعل بي ، أبعدت فراشها عن جسدها لتقف أمام المراة ، يجب أن أكون قوية ، هذا الحب أنتهى ، هذا الحب يا رتيل أنتهى ، هذا العزيز أنتهى ،
" أرادت أن تقسو على نفسها بكلماتها " ، عزيز لا يستحقني ، عزيز لا شيء ، عزيز يريد إذلالي و أنا لست في موضع ذل ، عزيز يا رتيل " بح " ،
أخذت نفسا عميقا وهي تشعر بأنها تخدع نفسها ، لن أضعف مرة أخرى ، لن أضعف لو كلف الأمر الكثير ، ليغرق في معاصيه لست مستعدة أن أغرق معه . . و أنا لست طوق نجاة لأحد و لن أساعد أحد ، لست طيبة و صالحة بما يكفي حتى " أرحم " رجلا مثل " عبدالعزيز ".
دخلت الحمام لتستحم بدقائق طويلة دافئة و كأنها تريد أن تظهر بوجه اخر وإن كان تصنعا ، وإن كان تمثيلا ، لا مكان لعبدالعزيز في حياتي و لا يستطيع أن يجبرني على شيء.
رتيل الإنهزامية يا عزيز " ماتت ".
فتحت دولابها لتسقط عينها على قميصه ، أخذته و مزقته بيدها لتأخذ كحلها الأسود وتكتب عليه بمثل قول غسان كنفاني الذي يحبه هو و " بقرته " ، كتبت " إن الخيانة في حد ذاتها ميتة حقيرة . . مثلك تماما يا عبدالعزيز ، كنت حيا و صالحا لأن تقع في حبك أي أنثى و لكن الان لم تعد سوى ميتا يقع في حبك مخلفات البشر ك أثير .. مبروك أتمنى لكم قبر سعيد "
لملمت قطع القميص الممزقة ووضعت الكم في الأعلى حيث كلماتها المكتوبة ، أرتدت ملابسها ،
و وقفت أمام المرأة لتلم شعرها المبلل والملتوي حول بعضه متشابكا ، رفعت حاجبها " لم لا أهتم بنفسي ؟ لا أحد يستحق أن أحزن عليه ، تعلمي اللامبالاة يا رتيل " جففت شعرها و أخذت نفسا عميقا من هذا الجهد البسيط لترى شعرها و كأن قنبلة ما أخطأت الإتجاه و أنفجرت به ، تأملت نفسها قليلا لتداهم خيالاتها أثير بشعرها الناعم ، و لم أكون شبيهة بها لأنال رضا عين عزيز ؟ لا يهمني ، في حديث خافت " كل الناس يبون الكيرلي وأنا طبيعي "
تمتمت : إلا الرجال و العجايز
تنهدت و تفننت بشعرها دون أن تستعمل السراميك و تنعمه ، أخذ خصلتين من الجانبين لتربطهما في بعضهما وتركت شعرها بمثل إلتوائتها ماعدا أنه أكثر ترتيبا.
رطبت ملامحها و أخذت القميص الممزق ونزلت للأسفل بخطوات هادئة ، نظرت لأوزدي : عبدالعزيز راح الدوام ؟
أوزدي : no
مدت لها القميص : tell him it's a gift
أوزدي أبتسمت و خرجت متوجهة إليه ، ركضت رتيل لنافذة الصالة الداخلية المطلة على بيته من جهة غرفته ، لا شيء يكشف له ملامحه حتى تراه بوضوح ، أخرجت هاتفها الايفون لتفتح تويتر و لا تعرف كيف توجهت لإسمها على الرغم من أنها تريد التجاهل قرأت تغريداتها لليوم " العمر يقاس بالتجارب " و كجنون رتيل تمتمت بسخرية : حكيمة ماشاء الله .. جايبة شي جديد
أوزدي : good morning
عبدالعزيز دون أن ينظر لها منشغل في تركيب هاتفه الذي رماه صباحا عندما رفع فراشه ، بعد ثواني طويلة رفع عيناه لها ،
أوزدي : miss ratel told me that it's a gift to you
عبدالعزيز وقف ليقترب ويأخذ القميص الممزق من بين يديها ، أوزدي : have any Orders؟
عبدالعزيز هز رأسه بالرفض لتخرج أوزدي ، لم ينتبه للكم المكتوب عليه ، مالمقصود من حركتها هذه ؟ ما الذي تريد أن توصله إلي ؟ و . . أنتبه بكلام بخط متعرج أسود ، أمال برأسه قليلا ويقرأ ما كتب به لتعقد على حاجبيه علامات الغضب ، عض شفته بغضب ،" أجل أنا ميت يا انسة رتيل ؟ " طيب يا بنت أبوك بعلمك كيف قبري سعيد "
أخذ هاتفه و بأصابع غاضبه يضغط على إسم " أثير ".

،

طل من شباكه على الحركة المثيرة للشك في جنبات حديقتهم الكئيبة ، هذا القصر يؤمن بكل شيء عدا الحرية.
أخذ كتاب " لا أشبه أحدا ل سوزان عليوان " أستلقى على سريره و غارق في القراءة و عيناه تلتهم الأسطر حتى وصل ل " هذه التعاسة الرمادية في عينيك ما سرها؟ وماذا أستطيع أن أفعل كي ألونها؟ "
أتته عبير على جناح وثير يلتمس به خياله ، فتح هاتفه الذي لا يضم رقم أحد سواها ولا رسائل إلاها.
كتب لها مثل ما كتبت إبنة عليوان و " إرسال ".
في حصار من نوع اخر كانت تتأمل السقف منذ ساعتين ، أهتز هاتفها و قطع خلوتها القلبية مع أفكارها المتشابكة ،
رفعت هاتفها وهي تفتح الرسالة لتتشبع عيناها ريبة ، نظرت لم حولها ، كيف يعرف حتى الحزن إن رمدت به عيناي ؟ كيف يعرف تفاصيل قلبي الدقيقة ؟ كيف يعرفني بشكل لاذع هكذا ؟
لا عودة يا عبير ، الحرام إن أنتهى بحلال يكن بائسا يموت عند أول مرض ينهش بجسده ، الحلال دائما مايكون ذو مناعة قوية .. تذكر هذا يا قلبي ، تذكر بأن لا ردة تجذبني لهذا الرجل.

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

قبل 4 ساعات ، الساعة تشير للخامسة فجرا و بضع الدقائق ، أتصلت عليه مرارا ولا رد ، نزلت بخفوت إلى الأسفل و الظلام يسدل ستاره على الطابق بأكمله ، جلست في الصالة المطلة على " كراج " بيتهم حيث سيارة والدها و ريان ، أرسلت له رسالة " لازم نتفاهم " . . مرت ساعة و أيضا لا رد منه ، مشتتة هل تخبر والدها وهو يتصرف معه ؟ ولكن إن أيقظته الان سأثير الشك في نفس أمي ، بدأت بالدعاء كثيرا أن يستر الله عليها و يرحمها برحمته التي وسعت كل شيء.
بلعت ريقها ورجفة سكنت أطرافها عندما أهتز هاتفها بين كفيها ، ردت وحاولت أن تتزن بصوتها : سلطان ..
لم يعطيها مجالا واسعا وبحدة : اطلعي برا
الجوهرة بتحدي : ماراح أطلع ، أدخل للمجلس لازم نتفاهم أول
سلطان ببرود : كلمة وحدة .. أطلعي برا أحسن لك
الجوهرة أخفت ربكتها : ماراح أطلع
سلطان عض شفته بغضب : الجوهرة لا تستفزين أعصابي
الجوهرة : اللي بيننا أنتهى ،
سلطان بحدة وبين أسنانه المشدودة على بعض : أطلعي
الخوف يدب في نفس الجوهرة : مقدر أبوي نايم
سلطان بصرخة : أنا زوجك !!
الجوهرة وقفت و هدبيها يرتجفان : و راح تكون طليقي ماينفع تشوفني و دام أتفقت مع أبوي ليه تجيني الحين !!
سلطان بهدوء مناقض لغضبه : تحسبيني جاي من شوقي لك ؟ أنا عندي حساب معك ماخلص ، ولا أبي أسمع منك كلمة ثانية .. ثواني وأشوفك برا ولا ماراح يحصلك خير
الجوهرة بعد صمت لثواني طويلة وهي تسمع لأنفاسه الهائجة : لأ .. يا سلطان
سلطان بغضب كبير : قسم بالله وأنا عندي حلفي لا أخليك معلقة لا أنت مطلقة ولا متزوجة ... أطلعي أحسن لك
الجوهرة و لأن ما يربطها به " هاتف " تجرأت أن تحكي له ما لا تستطيع أن تقوله أمامه : ما هو على كيفك
سلطان : قد هالحكي ؟
الجوهرة : حل اللي بيني وبينك مع أبوي و
سلطان قاطعها بصرخة زعزعت طمأنينتها : الجوهرة !!!
الجوهرة برجاء : طيب بالمجلس .. ماراح أركب معاك
سلطان بعد صمت لثواني : طيب .. وأغلقه في وجهها ، نزل من سيارته متوجها للمجلس المفتوح و المفصول عن البيت تقريبا.
أرتدت الجوهرة عبائتها و طرحتها دون نقابها ، فقط غطت ملامحها البيضاء من طرف الطرحة ، دخلت المجلس لتلتقي عيناها بعينه ،
وقفت في اخر المجلس و أنظارها المرتبكة تحمر كالقرمز ، بلعت غصتها لتنطق بهدوء : امرني
سلطان و عيناه تخترق تفاصيلها الصغيرة كالسهام ، أكان موت الحلم في مهده جريمة ؟ ماذا يعني أن تموت الأخلاق في الطهر ؟ ماذا يعني أن تموت الأمانة في الحياة ؟ ماذا يعني أن أرى الخيانة بكامل إتزانها أمامي ؟ ماذا يعني أن أشهد على هذه الخيانة !!
وقف ليربك الحواس الضيقة في الطرف الاخر ، : راح نروح الرياض
الجوهرة أبتعدت أكثر : لأ
سلطان و خطواته تتراقص على أعصاب الجوهرة و تقترب
الجوهرة و أسهل وسيلة أن تهرب الان ، مشت بسرعة نحو الباب ولكن سبقها سلطان وهو يقف أمامها وبسخرية متقرفا منها : عندي لك مفاجاة
الجوهرة أنفاسها تضيق ، بربكة حروفها : سل ..
صرخ :لاتنطقين أسمي .. ماأتشرف فيك
الجوهرة و سقطت حصون أهدابها لتبكي : دام ماتتشرف فيني أتركني
سلطان يشدها من يدها لتقترب منه و تحترق بحرارة أنفاسه : صدقيني لا أنت ولا هو راح تتهنون بعد قرفكم هذا !!
الجوهرة بنبرة موجوعة : فاهم غلط
سلطان بغضب : تدرين وش أكثر شي مضايقني في الموضوع ؟ أنك تمثلين الطهر و أنك حافظة لكتابه !!
الجوهرة أبتعدت حتى أصطدمت بالتلفاز : لا تقذفني كذا .. حرام عليك
سلطان : أقذفك باللي قاله المعفن عمك !! كل شيء قاله لي
الجوهرة بذبول همست : وصدقته ؟ .. كذاب والله كذاب
سلطان يشدها من زندها ويضع الطرحة على ملامحها الباكية : ولا همس !!
دفعها في المرتبة الأمامية بجانبه حتى يحكم سيطرته عليها ، ربط الحزام عليها بطريقة خاطئة حيث شده حول الكرسي ومن ثم أدخله في مكانه ليبعد عنها كل محاولة للمقاومة والحركة ، تحرك متوجها للرياض غير مباليا بتعبه وإرهاقه ،
أخفضت وجهها الشاحب والبكاء يغرق كفوفها المقيدة بالحزام ، أي قسوة هذه يا سلطان ؟ إن كنت في شهر العبادة تفعل هكذا ماذا تركت لبقية الشهور ؟ في كل يوم أكتشف بك جانبا سيئا و أكثر.

،

بضحكة صاخبة تقلدها لتردف : يازينها بس وأخيرا عبود راح يجي
الأم الهادئة على سجادتها تدعي بكل صدق على أنه يسهل على نجلاء ولادتها ،
ريم بتوتر : يا حياتي يقولون يمكن عملية ... يارب تسهل عليها
هيفاء بفرح : وش فيكم خايفين ؟ أنبسطوا بس وأفرحوا .. على قولتهم العيد أتى باكرا
ريم تنهدت : جد رايقة ، الحين صار لها 5 ساعات ، شكلهم بيولدونها بليل
هيفاء بعبط : يووه قهر أجل بنام وصحوني لا ولدت
ريم : أنقلعي بس
هيفاء بتجاهل لريم : ليت يوسف موجود أشهد أني بقضيها ضحك وياه على شكل منصور
والدهم دخل : ما ولدت ؟
هيفاء : هههههههههههههههههه يعجبني الجد المتحمس
والدها بإبتسامة : هذا ولد الغالي وحفيدي الأول
هيفاء : بدأ التمييز من الحين ، الله يعين عيالي بكرا
ريم : هذا إذا تزوجتي إن شاء الله
هيفاء : بسم الله على قلبك يالزوجة الصالحة !!


،

في هدوء يتأملها وهي واقفة أمام البحر والموج يرتبط بقدمها ، لا تخشى الموت و لا الغرق ، جالس على بعد منها بعدة أمتار ، لو أن هذا الموج يبتلعني ، لو أنني أرجو الله للحظة فرح أصبر بها قلبي لسنوات ، كيف أخترق اليأس بأمل ؟ علمت المئات من مرضى و طلاب عن التفاؤل و الأمل و الأحلام وعجزت أن أتمسك بأمل واحد ، يحزنني أن أكون في هذه الحالة الوضيعة ومن ثم أأمرها كيف تحلم ب غد وأنا عاجز عن إنتظار الغد.
يالله يا رؤى ، تسرقين التفاصيل لتنحاز لأجلك و فقط ، يجب أن أعترف في هذه اللحظة أنني أحببتك في وقت كانت الحياة لا تحتاج لحب طبيب ضائع لا يعرف كيف يلملم شتاته مع أحد إلا قلبه ، في وقت كنت تحتاجين به إلى الصدق و الفرح.
لم يفي قلبي بوعوده بالرحيل ، بقيت بجانبك ومازلت لأجل " الإنسانية " وأنا أدرك تماما أن الأرض لن تتنازل عن قطعة من خمارها يغطينا و يجمعنا.
ألتفتت عليه و أبتسمت وبصوت شبه عال ليصل إليه : تدري وش أحس فيه ؟
وليد بادلها الإبتسامة : وشو ؟
رؤى : تفكر كيف هالحياة قاسية عليك
وليد ضحك بوجع حقيقي ، أردف : تقرأين أفكاري .. وقف ليقترب منها ،
رؤى : الجو اليوم حلو بس غريبة مافيه أحد هنا
وليد : عندهم داوامات ، .. زهقتي ؟
رؤى هزت رأسها بالرفض : لأ ... وليد
وليد : سمي
رؤى : ينفع نروح السعودية ؟
وليد رفع حاجبه إستنكارا : ماتقدرين !! كثير أشياء راح تمنعك أبسطها الجواز
رؤى بضيق : كنت أقول يمكن فيه حل
وليد وصدره يشتعل حرقة من كلام لا يريد أن يقوله ، أحيانا نخيط لأحدهم راحة و نحن جرحى نعري أنفسنا : أرجعي رؤى اللي تبينها وبعدها تقدرين تكلمين السفارة و تطلبين منهم وهم راح يبحثون عن أهلك
رؤى : مو قلت أنه ماقمت أسولف لك عن أهلي ؟
وليد : الأدوية جايبة مفعولها قبل لايتطور عندك موضوع إنفصام بالشخصية لكن بعد إلى الان ، بين كل يومين ترجعين لسارا مدري مين .. وتكلميني على أساس أني أخوك
رؤى تنظر للبحر و عيناها ترجف : تحملني
وليد أدخل كفيه بجيوبه ، ألتزم الصمت لا يريد التعقيب و يجرح نفسه أكثر ، " تحملني " هذا يعني أن وقتا معينا و سأختار طريقة أنيقة للوداع.
أتاه طيف والدته الشقراء ، متأكد لو أنني شكوت لها لأغرقتني نصحا وفائدة ، مشى بجانب المياه و قدماه العارية تغرقها المياه تارة وتارة الرمل يتخلخل به ، عيناه أحمرت و مثل ما قال الشاعر محمد " من يوصف الدمعه اللي مابعد طاحت؟ "
ألتفت على رؤى بإبتسامة ضيقة : يالله أمشي

،

أخذت لها حماما دافئا ، أرتدت ملابسها على عجل وهي تلملم شعرها المبلل على هيئة " حلوى الدونات " بصوت مازال متعب : يوسف .. يوسف .... أووف .. يوووووووووووووسف
وكأنه جثة لا يتحرك ، أتجهت للحمام لتغرق كفوفها بالمياه و بدأت بتبليل وجهه : يالله أصحى تأخرنا
يوسف بإمتعاض : فيه وسيلة ألطف تصحين فيها الأوادم ؟
مهرة بإبتسامة : للأسف لأ
يوسف تأفأف متعب يحتاج أن ينام أسبوعا ، فتح هاتفه لينظر للساعة ولفت نظره محادثة من هيفاء ، فتحها و أعراس من الأيقونات لم يفهمها عدا الكلمة الأخيرة " أرجع لا يطوفك الدراما اللي في البيت ... بتصير عم يا شيخ "
يوسف أتسعت إبتسامته و الفرحة تعانق عيناه ، أتصل بسرعة على هيفاء لترد هي الأخرى بثواني قليلة : لازم هدية بالطريق على هالبشارة
يوسف : ولدت ولا للحين ؟
هيفاء : على كلام أخوك الصبح إلى الان ماولدت
يوسف بفرحة ضحك : ههههههههههههه الله
هيفاء وتشاركه " الهبال " : ههههههههههههههههههههههه وأول حفيد بالعايلة
يوسف يحك جبينه : راح أرجع بعد المغرب بس أكيد بوصل الفجر هذا إذا ماوصلت الصبح
هيفاء : أجل بيطوفك
يوسف بخبث : تكفين أوصفي لي شكل منصور
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه طلع خواف
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههه قههر كان مفروض أشهد هالخوف عشان أذل عمره فيه
هيفاء : أرجججع بسرعة اللي هنا كابة كأننا بعزا
يوسف : بوصل مهرة و برجع على طول
هيفاء : طيب بإنتظارك
يوسف : يالله أقلبي وجهك .. وأغلقه ضاحكا ،
مهرة وفهمت أن نجلاء أنجبت لهم حفيدا ، لم تهتم كثيرا فمازالت تكرهها وتكره كل فرد في عائلة يوسف ، أردفت بهدوء : أستعجل عشان ماأتأخر ولا أنت تتأخر

،

في ضحكة فاتنة غاب بها من غاب يبقى القمر حاضرا و لن يضره نوم النجوم ، داعبت أنفه بأصبعها : يا زعلان حن شوي علينا
ناصر غارق في الكتابة وبنبرة هادئة : أبعدي عني خليني أكتب
غادة : ماأبغى لين تقولي أنا راضي وعادي عندي
ناصر ألتفت عليها : ماني راضي ولا هو عادي
غادة تسحب القلم بين أصبعيه وبإبتسامة شقية : وش تبي أكثر من أني أعتذرت لسموك ؟
ناصر سحب القلم منها مرة أخرى : شفتي الباب .. لو سمحت خليني أكمل شغلي
غادة وتمثل الضيق : تطردني ؟
ناصر : للأسف
غادة ضحكت لتردف : أنا أقرأ قلبك و قلبك يبيني
ناصر رغما عنه إبتسم ، دائما ما تفسد غضبه بكلماتها الدافئة : بس إلى الان متضايق من الموضوع ! على أي أساس تركبين معاه
غادة : والله أنه الكعب أنكسر ومقدرت أمشي وبعدين الطريق طويل وهو عرض علي مساعدته وكانت موجودة أخته يعني ماأختليت فيه ولا شيء .. يعني مجرد زميل مابيني وبينه الا السلام
ناصر : منظرك مقرف وأنت تنزلين من سيارته
غادة بغضب : أنتقي ألفاظك
ناصر تنهد و أكمل كتابة : غادة لك حريتك وخصوصيتك بس في خطوط حمراء وعادات ماتتجاوزينها لو أيش !!
غادة : يعني تبيني أمشي لين البيت وكعبي مكسور ممكن أطيح في أي لحظة وساعتها بتمصخر قدام العالم والناس
ناصر : أكسري الكعب الثاني وتنحل
غادة : تستهزأ ؟
ناصر : بالله أتركيني ماني ناقص وجع راس
غادة وقفت : طيب .. زي ماتحب طال عمرك !! بس عشان بكرا لو قابلت إساءاتك بإساءة نفسها ماتقولي ليه كل هالحقد وتشيلين بخاطرك ؟
ناصر ببرود : سكري الباب وراك
غادة تنهدت بغضب ودفعت كوب الماء من على الطاولة بهدوء ليتناثر الماء على أوراقه التي تعب عليها : مع السلامة ..
ناصر بعصبية : غادة
غادة أخذت حجابها لترتديه ولكن يد من حديد شدت ذراعها بقوة المتها : وش هالحركة إن شاء الله ؟
غادة رفعت حاجبها : أترك إيدي .. توجعني
ناصر لوى ذراعها خلف ظهرها وهو يهمس في إذنها : هالحركة ماتنعاد معي .. ويالله أكتبي كل اللي كتبته والله ماتطلعين الا لما تعيدين كل هالأرواق
غادة سحبت ذراعها وهي تحكه بألم : يالله يا ناصر توجعني
ناصر بإبتسامة خبث : عشان ثاني مرة تحسبين حساب هالحركات
غادة جلست و هي تمسك أوراقا جديدا وتتأفأف كثيرا ، ندمت على فعلتها ولكن لم تتوقع منه أن يجبرها أن تكتب كل هذه الأوراق ، جلس بجانبها يتأمل خطها و يحلله كيفما يريد ، أخذ مع عبدالعزيز دورة في علم تحليل الخطوط ولكن خرجوا " بالفشل " عندما أختبروا اخر أسبوع بالخطوط ، تذكر كيف الإحراج أغرق ملامحهم و هم يقدمون الإختبار بفشل فادح جعل المحاضر يقول لهم " أبحثوا عن شيء اخر بعيدا عن التحليل "
ناصر : اكتبي بخط حلو وش هالخط المعوق
غادة بعصبية : هذا خطي بعد
ناصر : أنا أعرف خطك لا تضحكين علي .. أخلصي أكتبي
غادة همست : أشتغل عندك
ناصر : نعععم !!
غادة : يخيي أكلم نفسي
ناصر أبتسم : عدلي *قلد صوتها* يخيي
غادة بعناد : كيفي
ناصر يقبل رأسها وشعرها يداعب أنفه : كملي بس
غادة أبتسمت : لا تقولي كل هالأوراق لأن مافيني حيل
ناصر : بس هالورقة
غادة ضحكت لتردف : دارية أنك ماراح تخليني أكتبهم كلهم ... حنين يا ألبي
ناصر : هههههههههههههههههههه هذي المشكلة مقدر أتعبك
غادة بإبتسامة واسعة و الخجل يطويها : بعد عمري والله
ناصر سحب القلم منها : خلاص .. الحين أبوك يبدأ تحقيقاته معي لو تأخرتي
غادة : طيب تصبح على خير و فرح و .. حب
ناصر : و أنت من أهل الخير و الفرح و الحب و كل الأشياء الحلوة
غادة أبتسمت وهي تقف عند المراة وتلف حجابها جيدا ، جلست على الطاولة لترتدي حذائها ، أخذت جاكيتها المعلق خلف الباب .. أقترب منه وأخذت القلم لتكتب له على الورقة المبللة التي فسدت " أشهد أنني أحبك بكل إنتصارات هذه الحياة معي و بكل المكاتيب المنزوية في صدري و بكل الحب و أناشيد العشاق ، أحبك يا ناصر لأنني لم ألقى جنة في الدنيا بعد أمي إلاك ، 16/10/2009 "
بين كفيه ورقة جافة مبللة منذ 3 سنين كانت هنا ننهي خلافاتنا بضحكة ضيقة و قبلة ، كنا أجمل كثيرا ، ثاني سنة بعد ملكتنا ، مرت السنين و أتى الحلم معانقا في سنتك الأخيرة دراسيا ، و في ليلة زفافنا : لم يتوج حبنا.
ليتك كتبتي أسطر كثيرة ، لم لم تكتبتي للذكرى .. للبعد .. للموت ، أثقلتي ذاكرتي كان يجب أن تكتبي أشياء كثيرة حتى أقرأها وأشعر أنك معي ، كتبت لك مرة في الفصحى و من بعدها بدأت تتحدثين بالرسائل بها ، كنت تحبين كل شيء يرتبط بي وكل طريقة أحبها ، كنت جميلة جدا عندما تحاولين تقليدي و كنت أبدو وسيما عندما أحاول أن أقلدك ، كنا أحياء و العالم يحيا من أجلنا.
كيف أعيش بنصف قلب ؟ بنصف جسد ؟ بعين واحد ؟ بذاكرة كاملة ثقيلة تحتفظ بك ؟
يا نصفي الاخر ، يا أنا في مكان بعيد : أشتاقك.
أدخل الورقة وهو يواصل البحث في شقته ، صورهم تتساقط على كفيه في كل لحظة و اللهفة تقتل عيناه.
ينظر لورقة أخرى متسخة ببقع القهوة ، قرأ " أحببتك رجلا لكل النساء ، للدورة الدموية لأجيال من العشاق وسعدت بك فاشتعلت حبا – حتى سميتي تتغزل فيك :$ ، ترى ماقريت الكتاب كله تعرفني أمل من القراءة بس هذا إقتباس منه عشان تعرف أني أحاول أقرأ أي شي منك *وجه مبتسم* "
سقطت دمعته على سطرها اللاذع لقلبه الان ، كان أول كتاب أهداها إياه ل غادة السمان أراد أن يقرأ الحب في أصابعها التي تكتب ، كل شيء بك يا غادة أحبه ، تفاصيلك الرقيقة ، حتى أناملك المستديرة التي تغطينها بطلاء الأظافر الأسود و حركاتك البسيطة أنتبه لها ك حاجبك اليمين إذا أرتفع غضبا و عقدة حاجبيك البسيطة بالخجل و شفتيك التي تختزل مساحتها إذا أبتسمتي بضيق ، بكائك إن أختنق في عينك وأنزلت بعض خصلاتك على وجهك حتى لا أراها ، شعرك الذي لا ترفعينه على هيئة كعكة بائسة إلا وأنت حزينة و عندما تربطين نصفه إن تأخرت ، و شعرك المنسدل على كتفيك حين تفرحين و ذيل الحصان حين تخططين لشيء ما أو تدرسين .. أترين كيف أحفظ تفاصيلك ؟ 4 سنوات يا غادة ، 4 سنوات فاتنة مبهجة مدهشة ملونة جميلة رقيقة عميقة أنيقة .. و كنا على وشك الخامسة ولكن رحلت.

يتبع
 
عودة
أعلى