رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي/ كامله

رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


المدخل لل متنبي.
وما كنت ممن يدخل العشق قلبه
و لكن من يبصر جفونك يعشق
أغرك مني أن حبك قاتلي
و أنك مهما تأمري القلب يفعل
يهواك ما عشت القلب فإن أمت
يتبع صداي صداك في الأقبر .
أنت النعيم لقلبي و العذاب له
فما أمرك في قلبي و أحلاك .
و ما عجبي موت المحبين في الهوى
و لكن بقاء العاشقين عجيب .
لقد دب الهوى لك في فؤادي
دبيب دم الحياة إلى عروقي .
خليلي فيما عشتما هل رأيتما
قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
لو كان قلبي معي ما اخترت غيركم
و لا رضيت سواكم في الهوى بدلا .
فياليت هذا الحب يعشق مرة
فيعلم ما يلقى المحب من الهجر .
عيناك نازلتا القلوب فكلها
إما جريح أو مصاب المقتل.
و إني لأهوى النوم في غير حينه
لعل لقاء في المنام يكون.
و لولا الهوى ما ذل في الأرض عاشق
ولكن عزيز العاشقين ذليل.


رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 58 )



يدخل بثرثرة عميقة مع روحه " من حقي يا أنا، لن أخرج من هذا الزواج خالي الوفاض، ...... " لحظة!!! منذ متى وأنا أفكر بهذه الإستغلالية ؟ بأن أفرغ حقدي بهذا الرخص ! أن اخذ حاجتي التي حرمت منها وأتركها، أتركها لهذه الدنيا تواجهها كيفما تريد لا دخل لي بها ، هذه الحركة القذرة التي ألطخ نفسي بها من يستحقها ؟ مللنا من المثالية والمبادىء الزائفة ، هذه المبادىء لم تجعلني سعيدا ولم تجعلني أظفر بما أريد، بائسة هذه المبادىء والقناعات وأنا الان على أتم إستعداد أن أعلن تنازلي عنها، أعلن تنازلي عن سخافات عقلي، ومن حقي أن أأخذ حقي الشرعي من هذا الزواج وإن كان يزعجها فهو يزعجني أكثر منها.
فتح الباب لتتقدم خطواته نحوها، رفعت عينها وهي متربعة في منتصف السرير وبين يديها إحدى الكتب التاريخية التي تحكي سيرة العهد العثماني.
سلطان : مساء الخير
الجوهرة بخفوت : مساء النور .. أعادت نظرها للكتاب مشتتة ولم تستطع التركيز بأي سطر وصلت، تحت أنظار سلطان المتأمل بها، تشعر بالسهام التي تخرج من عينيها وتخترقها. أطال وقوفه وأطال بضياعها، رفعت عينها مرة أخرى محاولة لمسك زمام ربكة قلبها بقربه.
وقفت لتتجه ناحية الباب، أن تجتمع معه تحت سقف واحد سبب للتكهرب لا أكثر، مسكها من معصمها وهي تمر بجانبه. أخذت شهيقا وأضاعت الزفير من بين شفتيها، تشعر كأنها تركض محاولة الظفر بالزفير هذا هو تعبيرها عن الإختناق الذي يسيطر عليها بقربه، سحب الكتاب ووضعه على الأريكة : أظن تعرفين بالشرع أكثر مني
الجوهرة بعدم إستيعاب تاهت نظراتها.
سلطان بهدوء متزن : زي ما لك واجبات عليك واجبات بعد.
الجوهرة بلعت ريقها الجاف لتردف بصوت مرتبك : ما ينطبق علينا هالشي
سلطان يجاريها بمثل التيار الذي تغرق به : وش ينطبق علينا ؟
الجوهرة تشعر بأنها تبتلع لسانها، شتت نظراتها لا رد لديها.
سلطان رفع حاجبه : وين وصلت ؟
تحشرجت محاجرها وهي تنطق : لا
تفاجىء، لم يتوقع أن تنطقها دون أن يمنعها خوفها، أردف بمحاولة إستفزاز أعصابها : وش اللي لا ؟
الجوهرة : واجباتك مهي معي
سلطان أمال فمه : ومين معه إن شاء الله ؟
الجوهرة ببرود عكس البراكين التي تفيض بقلبها : الشرع محللك 4 تزوج وخذ واجباتك منها
ترك معصمها ليردف : يعني موافقة أتزوج عليك ثلاث مو وحدة ؟
لو كنت مع أكره شخص على وجه هذه الكون لما رضيت بأن يشاركني معه أحد كيف معك يا سلطان ؟ ، تشعر بأن الدمع سيخون خامة صوتها ويبللها : طلقني و سو اللي تبي
سلطان بحدة الكلمات التي تجاور بعضها البعض وتشطر قلب الأنثى التي أمامه : كل مرة أكتشف فيك شي سيء، حتى قراراتك تجي بدون تفكير ..
الجوهرة بمثل حدته : أي قرار جاء بدون تفكير؟ طلاقي منك مفكرة فيه وحتى مفكرة بحياتي بعدك ..
سلطان بتملك : مالك حياة بعدي
الجوهرة تضغط على شفتها السفلية بأسنانها علها تخفف بعض من رعشتها : مو أنت اللي تقرر !! أقدر أوقف عمتك ضدك وأقدر أوقف أبوي ... لكن إلى الان أحاول أحترم قدرك عندهم عشان ما ينصدمون بأفعالك
سلطان أبتسم بسخرية : تهدديني ؟ خسرانة يالجوهرة مهما حاولت، إن كان عندك ورقتين ضدي فأنا عندي أكثر ..
الجوهرة أغمضت عينيها لثواني طويلة حتى نظرت إليه : بمفهومك الجاهلي أنه البنات دايم خسرانين
سلطان : البنات!! أنت من فئة البنات ؟
الجوهرة بلعت غصتها لتغص محاجرها بالدمع، تلألأت عينيها أمامه، لن تجد أقسى من هذه الكلمة وهي تعبر لسانه ببرود، لن تجد أقسى منها أبدا. أخفضت رأسها ليواسيها شعرها المنسدل على الجانبين، بكت ولم تخشى أن تبكي أمامه كالمرات التي تحاول بها أن لا تضعف ، هذه المرة أريد أن أضعف، أن أبكي ، أن تفلت دموعي من محجر عيني. يا قسوتك! ويا حنيني بقربك. كيف تنهمر الكلمات بزوائدها الحادة دون أن تجرح لسانك ؟ دون أن تتكور ك غصة تسد مجرى تنفسك! كيف يا سلطان لا تقتلك الكلمات قبل أن تقتلني؟ تربط مصيرك بمصيري وتغمس يديك بالملح حتى تمررها على جروحي! جروحي التي بقيت لسنوات غائرة مكشوفة، لم تسترها ولم تداويها! بقيت كما أنت وبقيت كما أنا . . خطين متجاورين لا يتقاطعان ولا يسيران معا.
رفعت عينها المنزلقة بالدمع وبنبرة باكية : وأنا كل مرة أكتشف أنك ما تمت للإنسانية بصلة، تبي تقسى !! أنا أقسى معاك!! مثل ما تسوي يا سلطان بسوي ! مثل ما تحلل على نفسك أنا بحللها ومثل ما تحرم على نفسك أنا بحرم على نفسي.
سلطان ببرود يناقض النار التي تصل لأعضاءه التنفسية : وش بتحرمين على نفسك ؟
أبتعدت عدة خطوات للخلف، مهما تظاهرت بالقوة أظل أخشى علي منك، أظل أخافك كما لم أخاف من أحد قبلك.
سلطان يقترب بخطاه وبنبرة متحدية : قوليها! وبعطيك درس في أصول التحريم
الجوهرة بضيق : أبعد.. خلني أطلع
سلطان بتملك سادي يشدها من خصرها الغض وهو يغرز أصابعه بها ليهمس عند إذنها بنبرة وصلت لها بسخرية في وقت كان يعنيها سلطان بجدية : دايم تخسرون يا بنت.
أعادها بخطوات حتى أرتطمت سيقانها بالسرير، أفلتها من قبضة أصابعه لتسقط بسكون الليل على المفرش السكري، الذي يعكس شفافية دمعها، أشعر بأن قلبي يبهت بإصفرار، أسمعت عن مرض العين؟ أن تشحب بلونها حتى يسقط لونها الطبيعي في القلب ويغرق، يتلوث قلبي يا سلطان كثيرا وأنت تزيده. " غرزت أصابعها في كلتا كفيها على المفرش " كنت أنتظر أن أموت ولكن ليس بهذه الطريقة الرخيصة. لم تترك لي حجة واحدة أخبرك بها أنني عنك أعفو، وعن قلبي الذي بين يديك أسامح. تواصل إستحلالك على جسد يراك في هذا الكون كل الكون، تواصل إستعمارك لخلايا الحركة فيني حتى جمدت الحياة بعيني ولم أستطع، لم أستطع يا سلطان أن أتجاوزك، أن أتجاوز عثراتي، مللت البنيان على التزييف، هذه ليست شخصيتي، هذه ليست أنا، هذه جوهرة سلطان، أنا التابعية لعينيك " الولعانة "، أنا شرعيتك الباطلة، أنا عقيدتك في الحب وأنت الحاكم والظالم. أنا الإنتماء لقلبك، لتشعب صدرك، أنا جوهرتك بينما أنت ! لم تكن يوما تخصني وحدي، لم تكن عيناك الداكنة تريدني، و حين أردت الإتكاء بين عينيك عجنتني بعقدة حاجبيك ، حين أردت أن أقيم الثورة على قلبك أستعمرتني، يا حزني! لم تكن مثله، تشافيت من تركي، تشافيت تماما ولكن مرضت بما هو أعظم، كنت في كل مرة تقترب بها مني أتذكر تقرب تركي لي أما هذه المرة لا يأت أبدا على بالي، لم يأت ولكن تعنف قلبي بما لايليق بحبك، تغرقني، تغرقني وما عدت أخشى غرقي.
أغمضت عينيها لتسيل دمعة ملتهبة على خدها، و لأنك تغيضني بملكيتك هذه المرة أنا من أستسلم لك يا سلطاني.
صعدت شفاهه لعينيها، قبل دمعتها وذراعيه تحاصرها من كل جانب، أشد الخيبة أن تقبل دمعة إمرأة أنت سببها. يا خذلاني من هذه الدنيا، و إنصهار الوجع في قلبي، أن يعيد هذا العضو النابض تركيب نفسه في كل مرة وتعيد الحياة إنصهاره في كل لحظة، يا وجع " الأنا " في صدري، يا تكاثر " الاه " في محجر عيني، كان بؤسا أن أراك في كل لحظة وكل ثانية أمامي ولا أتحرك، كان سيئا على نفسي أن أحرمك عليها، أن أبتعد في وقت كان اللاسبب يطغى علينا، في وقت لم أفهم نفورك، كنت أفهم فقط أنني أريد أن أحبك برضاك، لم يكن الجسد يوما مبتغاي، لم يكن أكبر ما أتمنى هو الظفر ببياض جسدك، كنت رجل أقاوم كل أهوائي أمامك، كنت رجل ألتمس لك من العذر ما يفوق السبعين، أمتنع عنك لأجل عينيك التي تتورد كلما رأتني، تضببت رؤيتي ولست مخطىء، إن كنت أخطأت في مسالك الدنيا بأكملها إلا أنني لم أخطىء بقلبك أبدا، لا أعرف أن أتعامل ببرود أمام عينين أشتهيها وجسد أتوق له لأن الشرع يكفل لي كل هذا، لم أكن شاذا عن القاعدة حين أردتك ولكن كنت شاذا عنها حينما قاومتك في كل مرة أراك بها، أطيل نظري بتفاصيلك الصغيرة، بأصابعك التي تخلخل شعرك في مللك وكفه التي تزيح خصلاتك جانبا في قراءتك، أراقب أدق الأشياء التي تقتلني كرجل وكنت أصمد لأنني لا أريد أن أرغمك على شيء. لكن هذه المرة أعلن إستسلامي من قناعاتي الشرقية، أعلن إستعماري لثلجية ملامحك، أعلن وبغطرسة لا أعرف كيف أبتليت بها أن لا حياة بعدي يالجوهرة.

،

بللت شفتيها الجافتين بلسانها حتى تنطق بإنسيابية، و ما حول رقبتها يضيق عليها، لم تنتبه لمن أمامها وهي تشتت أنظارها بإنزعاج وببحة : يبه
عبدالعزيز يحامل على نفسه حتى وقف وجلس على السرير بجانبها وبإبتسامة كانت تغيض رتيل بإستمرار : يا عيون يبه
عقدت حاجبيها لتصمت لثواني طويلة حتى تفتح عينيها مرة واحدة وتنظر له، تأملت صدره المغطى بالشاش الأبيض لتصعد أنظارها لرأسه المغطى أيضا، قطع تأملاته : الحمدلله على سلامتك
رتيل ترمش كثيرا حتى تستوعب : الله يسلمك .. أبوي هنا ؟
عبدالعزيز : الساعة 2 الفجر
رتيل عادت لصمتها لتقطعها الثواني الشاهقة ، تسأله برعشة شفتيها : كيفك ؟
أبتسم حتى بانت أسنانه : بدري
رتيل : حتى وأنت تعبان مستفز
عبدالعزيز أخذ نفسا عميقا وهو ينظر لشعرها " الويفي " : تمام الحمدلله أنها جت على كذا ماهو أكثر
رتيل : الحمدلله ... ألتفتت للجانب الاخر .. عطشانة
كان سيقف لولا يدها التي مسكته من معصمه : خلك .. أستعدلت لتجلس وتسند ظهرها على السرير، أخذت كوب الماء لتشرب ربعه ومن ثم ألتفتت عليه وهي تشعر بأنها " صحصحت تماما ".
أطال نظره بعينيها، بمحجرها وحصون أهدابها، أجيء لك كما يجيء العاشق من عصر المتنبي " وما كنت ممن يدخل العشق قلبه و لكن من يبصر جفونك يعشق " ، أتغلغل وأشتعل وأخفت بضياءك و " عيناك نازلتا القلوب فكلها إما جريح أو مصاب المقتل " يا جريحتي بالهوى أصبتني بمقتل، كتمت حبك ولم يعد ينفع! ما دام الإسرار والإعلان هما على حافة واحدة، منذ النظرة الأولى وأنا أدرك بأنني مجنون متعديا على ملك عبدالرحمن، لمحت في شفتيك طيف مقبرتي وواصلت المضي ولم يهمني الموت الذي يضيع أسفل لسانك، كنت أدرك جيدا أنه مهما حاولنا أن هذا الحب يسلط أعداءنا، يسلط علينا كل من هو يكره والدك ووالدي، كنت أعرف ولست نادم، لأنه لو عاد الزمن لعصيت بمثل المعصية وتزوجتك رغما عن الجميع، رغما عن من يروي أن حبنا مستحيل. والرواة كاذبون يتأثرون بعهد عقولهم الجافة السطحية، و أنا والله غارق بعينيك، شفتيك، شعرك البندقي، ملامحك النجدية وبشرتك السمراء، أنفك الذي أحب وعقدة حاجبيك وشتائمك التي تعني " أحبك كثيرا " مهما أنكرت.
نظرت له بضحكة مبحوحة وهي تشعر بحرارة تسري في أوردتها من عينيه : لا تطالعني كذا
عبدالعزيز : تخيلي لو صار فينا شي لا سمح الله ؟
جمدت ملامحها لتردف : ماأبغى أفكر باللي صار
عبدالعزيز بمحاولات هزيلة لظفر إعتراف منها : كنت راح تندمين على شي ؟
بلعت ريقها الجاف : لا
عبدالعزيز تنهد، صدقها في الفترة الأخيرة، كلماتها التي تعني تلويحة وداع، تحديها لقلبها ومازالت هي الفائزة بهذا التحدي، كل هذه الأشياء تثقب قلبه : ولا حتى كلمة ؟
رتيل صمتت لثواني طويلة حتى أردفت بوجع : ولا حتى كلمة يا عبدالعزيز ، ماراح أندم على شي
نظر لعينيها المتلألأة بخفوت، أشاح قليلا حتى ألتصقت أنظاره بكفها المرتبط بالمغذي : لو أنا! كنت راح أندم، يمكن ماهو على شي سويته بحقك بس على أشياء سويتها بحق ناس ثانين ..
رفع عينه لها ليكمل : ما يستاهل أني أندم على شي أنت ما ندمتي عليه
عقدت حاجبيها، هذه الكلمات الأخيرة ستدخل لفئة الأشياء الأكثر جرحا لقلبي، والله لا يوازي جرحها شيئا، أن يسند لكلامي مثل هذا الألم والوجع، وجدا " يستاهل " أن نبكي على أيامنا التي تمضي دوننا رغم أننا معا.
أردفت بربكة لسانها : كنت راح أجاوبك بنفس الشي، ما يستاهل أبد أني أندم على كلام أو أفعال إذا كانوا أصحابها أصلا ماندموا عليها
عبدالعزيز بهدوء : من كل قلبك هالحكي ؟
شتت نظراتها : إيه، ليه تفتح هالمواضيع الحين ؟
عبدالعزيز بصوت أشتد به الغضب الذي لم يستطع أن يسيطر عليه : لأنك كذابة ، تكذبين كثير وماتحسين على نفسك .. شوفي عيونك وأنت تتكلمين .. تناقض كل كلامك
رتيل تحاول أن لا تفلت بها الدموع وتبكي، تنظر لكل شيء ما عداه، هذا الإتهام الصريح لها يجعلها تضعف بعد حادث كادت تفقد به حياتها، أردفت ببحة : مو قصدي أسيء لك ...
عبدالعزيز : إلا قصدك .. تستمتعين بكل شيء يقهرني
رتيل توجه نظراتها إليه وبنبرة تنخفض تدريجيا : وأنت ؟ أحلف بالله أنك سادي ومتغطرس وكل متعتك في هالكون أنك تضايقني
عبدالعزيز بإبتسامة متعبة : بتكفرين عن الحلف صدقيني
رتيل أشاحت نظرها : شفت كيف ثقتك! عبدالعزيز واللي يسلمك تعبانة وماأبغى أسمع مثل هالحكي
عبدالعزيز ينظر للممرضة التي تشير إليه من خلف الزجاج : طيب ...
و بإبتسامة مستفزة أردف : تصبحين على خير يا زوجتي الغالية
رتيل رغم تكاثر الشعور المتناقض بها إلا أنها ضحكت : يارب أرحمني
عبدالعزيز : سبحان الله ما تاخذين الأمور بجدية !
رتيل بمثل إبتسامته أقتربت ولا يفصل بينهما شي لتنحني قليلا نحو اليمين وتقبل خده الأيسر : وأنت من أهل الخير
أبتسم حتى بانت أسنانه وهو يجلس في مقعده المتحرك بعد أن دخلت الممرضة للغرفة : يعني الحين أخذتي الأمور بجدية ؟
رتيل بضحكة طويلة غرقت بها : أنتهى كلامي
عبدالعزيز الذي يفهم قصدها جيدا : ملكعة!!!
رتيل أتسعت بإبتسامتها وهي تنظر له عندما خرج، أستلقت على السرير تحاول أن تعود لنومها، " أنا حية " بعد أن واجهت الموت لدقائق طويلة، قبل الإصطدام كنت أتذكر الأخطاء التي أنجذبت لها وكأنها أشياء عادية، هذه الأخطاء التي خنقتني وأنا أشعر بعظيم ذنبها، لا أعرف لم نحتاج إلى تنبيه من الله كحادث أو حلم أو غيره حتى نعود له، حتى نستغفر لذنوبنا بالطاعات، الحمدلله أنني أتنفس الان ومازال في الحياة متسع لأستغفر لهذه الذنوب، الحمدلله أن هناك وقت لأفعل وأفعل وأفعل، لا أحد سيقدر نعمة الوقت الضائع إلا عندما يواجه الموت، عندما ينتهي به وهو يقول " ياليتني قدمت لحياتي " ، يا غبائي طوال السنين الماضية!!


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في ظلام غرفتها والسكون، لا نور سوى المنبعث من الشباك حيث الأنوار تزين شوارع باريس، جلست بجانب النافذة الزجاجية، بين يديها الرسالة التي تؤرقها، كيف أنام و أنا أقرأ صوتك الأسمر، أقرأ حبر قلمك وتقاطعاته، أشعر بالإنهزام، كيف تهزمني بكلمات بسيطة ؟ كيف تهزمني بنزار ؟ كيف تقتلني بأشعاره؟ يا قساوة صوتك ويا حنيني إليه، صعب جدا أن أقول " وداعا " في وجه حبك، أن أرمي هذا القلب بعرض الحائط حتى لا أتمادى بالذنب، تأخرت كثيرا وأنت تتغلغل بي الان، كيف أنساك بسهولة؟ سنة تمر و شهور طويلة وأنا لا أراك ، لا أعرفك، أجهلك تماما. ألا ترى بأن هذه قسوة؟ يالله منك! يالله كيف تجعلني أصبر كل هذا الوقت، أنا أنثى الصبر منذ أحببتك، أنا سيدته. صيرتني مثلما تريد، كنت مزاجي الذي ينفر مرة ويلوذ إليك مرة أخرى، أريد نسيانك، ساعدني يا رب.
أخفضت رأسها لينهمر دمعها، أخذت المنديل لتكتب خلفه محاولة إفراغ حزنها، علمتني كيف أكتب وأنا التي لا علاقة لي بالكلمات وتقاطعتها، أغرقت محاجري وأنا لم أراك، أغرقتها حتى أنزلقت بك، أراك بكل العابرين ، من فرط الحنين لملامحك التي أجهلها أصبحت أرى كل شخص يطيل النظر بي أنه أنت، يا عذابي منك! يا لوعة الحب المجروحة منك! أنا متلهفة حتى لإسمك، لكوبليه حروفك وهي تمر على لساني، يالله ألهذه الدرجة تبلغ قساوتك حتى على إسمك! " ليه ؟ " لم أستحق أبدا أن تهاجمني بقلبك؟ لم أستحق أن تعنف حبي بجهلي لك ، كنت أحلم كثيرا، كنت يائسة كثيرا، كنت أحبك كثيرا ولكن لا أدري ما الوقت الذي أندثر بيننا. أدرك بأنك ذنب، وأدرك أن الله يجازي كل عبد بما عمل، أنا أدفع ثمن خطيئتي لكن .. أحبك. لا أطلب الكثير، ولكن أطلب من الله أن يعيدني لقلبي الذي أخذته مني.

،

صحت مفزوعة من رنين هاتفها الذي ضج بالغرفة وصوت الأمطار تثير الخوف في داخلها، فتحت الأبجورة لتضيء عتمتها، أجابت بصوت ممتلىء بالنعاس : ألو
منيرة : السلام عليكم
أفنان : وعليكم السلام .. هذا وقت تتصلين فيه الله يهديك خرعتيني
منيرة : بسم الله على قلبك .. وش يدريني الوقت عندكم كم ؟ المهم أبغيك في موضوع
أفنان : وشو ؟
منيرة : عندي لك عريس لؤطة
أفنان بتنهيدة غاضبة: من جدك منيرة !! متصلة عشان تقولين لي هالحكي ..
منيرة تنهدت : لا حول ولا قوة الا بالله .. صدق منت وجه نعمة .. هذا يصير ولد السفير يا ماما يعني بتقضينها غربة يحبها قلبك
أفنان بغضب : أستغفر الله!! منيرة مع السلامة
منيرة : لا تقولين بعد منت موافقة زي أختك الهبلة!! أنا مدري وش قاردني معكم أبي لكم الزين بس منتم كفو
أفنان : الجوهرة الله سخر لها سلطان وعايشة حياتها ومرتاحة .. وماأظن هالراحة كانت بتلقاها مع أخو زوجك
منيرة : يا ليلنا اللي ماراح ينتهي! أبشرك عنده ولد الحين ومتزوج خلي اختك تندم وتعض أصابعها عليه .. وواصلة لي علومها.. لو مرتاحة كانت حملت منه
أفنان بعصبية : أتركي عنك الجوهرة .. عندك شي ثاني تبين تقولينه ؟
منيرة : أفنان فكري بنفسك وبمصلحتك .. الرجال ما ينرد
أفنان : ماأبغاه يا منيرة .. الناس اللي من طرفك غاسلة إيدي منهم
منيرة بإنفعال : أحسن بكرا أندمي عليه لا تزوجت واحد طايح حظه وقولي ليتني سمعت كلام مناير.. والله أنتم يا بنات عبدالمحسن ما يعجبكم شي رافعين خشومكم على وش مدري .. مالت الا مالت الشرهة علي اللي أبي لك الخير .. وأغلقته في وجهها.
أفنان تنهدت ومزاجها بدأ يتجعد بكلمات منيرة اختها بالرضاعة، تذكر مجيئها في بداية السنة بمحاولة الضغط على الجوهرة للزواج من أخ زوجها، تغيب لشهور طويلة ثم تعود بأخبار " تسم البدن "، تفكر بأن جميع النساء في السعودية يرغبن السفر خارجا مثلما أرادت حين تزوجت مسفر الذي يشتغل بسفارة اليونان، أحيانا أشعر أن منيرة تعاملنا كأننا نعيش على حسابها الخاص، و كأننا عالة عليها رغم أنها لا علاقة لنا بها، فهي منذ تزوجت وهي مجنونة فعليا بتفكيرها، تقطع بنا ولا تحاول أن تتصل علينا حتى في المناسبات تكتفي برسائل نصية وكأنها لا تنتمي إلينا، ومن ثم تعاتب! يالله على تخلفك.
أرسلت بالواتس اب للجوهرة " صاحية ؟ " . . أنتظرت كثيرا حتى كتبت لها مرة أخرى " كلميني ضروري بس تصحين "

،

ينظر من نافذة الطيارة لأرض باريس، ضاقت محاجره بضيق هذه الأرض التي باتت لا تتسع أبدا، متى تهبط؟ متى أراك؟
بإبتسامة المضيفة : يرجى ربط حزام الأمان.
ناصر دون أن ينظر إليها ربط حزامه وهو مازال ينظر، قريب جدا منك، قريب يا غادة. شعر بأنه سيغمى عليه الان، أفكاره تتهاوى من دماغه، كل الأشياء تبدو رمادية شاحبة، لا أحد أعرفه، لا أحد يريدني، أريد فقط أن أتنفس بنقاء! هذا ما فوق الأحلام، منذ فقدتك وانا أعرف أن الهدوء والراحة لن تهطل مرة ثانية ، كنت أعرف أن عيناك هي الحل ومنذ غيابها وأنا فقدت جميع حلولي للحياة، حاليا أنا أحاول أن أتنفس، أن أعيش. يالله أخشى أنني لن أتحمل، لن تحملني أقدامي، أخشى السقوط/الموت قبل أن أراك، أشعر بأن شيئا سيمنعني منك، حلمت بك كثيرا ، حلمت أنني سأموت بلا دماء ، بلا مرض ، بلا شيء ، سأموت وأنا لم ألقاك، رأسي سينفجر من هذه الفكرة، لم يبقى بي صبر، فقدت كل ما يربطني بالحلم، بالهدوء، فقدت كل شيء يجعلني إنسانا مستقيما. أريد أن أراك ولا شيء بعد ذلك.
تصاعدت أنفاسه وكأن روحه تختنق بعينيه، ينظر للركاب الذين بدأوا بالوقوف، نزع حزامه ليرتطم رأسه بالمقعد الأمامي والخالي بعد أن فرغت الطائرة إلا من القليل، ثبت جبهته في الكرسي وأنفه يواصل النزيف، عيناه تحترق بالإحمرار وكأن نارا تشتعل ولا تنطفىء، كنت قويا، كنت!
أطل المضيف : المعذرة! هل أنت بخير ؟
يشعر بالضباب يغشى عينيه، أفقد النظر للأشياء بوضوح كما فقدتها أول مرة تلقيت بها خبر وفاتك، كان البشت بيدي سأرتديه عندما أصل، كان على ذراعي اليمنى ولم ألبسه أمامك، ولم أراك بفستانك الأبيض، يا حزني الكبير بك! أخشى أن أفقدك مرة أخرى أو أفقدني قبل أن أراك.
المضيف يضع يده على رأسه : سأجلب لك ال ..
لم يكمل من رأسه الذي رفع وعينه الشديدة الإحمرار، منظره أفزعه بشدة وهو ينادي بقية الطاقم، الدماء لطخت وجهه وهو يمسحها من كل جانب، بدأ جبينه بالتعرق رغم الجو البارد، أهذه سكرات الموت؟ لست أفهم تماما ما يحصل، سيعيد الزمان فعلته معي، مثلما فقدتك سأفقدك مرة أخرى! يا عذابي من ينهيه؟ ليس هذا الحل، لا أريد أن أموت قبل أن أرى عينيك، مشتاق جدا فوق ما تتصورين لك، كيف ينتهي عذابي بقبر وأنا لم أراك! أستغفر الله من أن أسخط على القدر، أستغفر الله على شتات صبري وجزعي، أستغفر الله على حبي الذي يريد أن ينهيني، أني أموت وأنا لم أجدك، عودي إلي! أنا من أحببتك!
سقط بقوة بين المقعدين لينجرح رأسه الذي أصطدم بالنافذة.

،

أستيقظت بتعرق شديد ، مسحت عينيها لتنتبه لدمعها المنهمر، تبلل وجهها وأختلط ماءها المالح بماء مساماتها، نفسها يضيق و غصات متراكمة تسد مجرى تنفسها، نظرت لم حولها، للغرفة الغريبة عنها، أتجهت للنافذة الزجاجية والمطر يبللها، تنظر لسماء باريس الباكية، تنزل أنظارها للطريق الذي تقسو عليه الأمطار بسقوطها الحاد، أتجهت للحمام لتغسل وجهها، بخطوات سريعة أرتدت ملابسها السابقة التي كانت مرمية على الأريكة، أخذت معطفها وحجابها لتخرج بخفوت لممر الفندق قبل أن ينتبه لها وليد الذي يسكن بالغرفة المقابلة، نزلت بالدرج وهي تفوت الدرجتين بدرجة، وطأت أقدامها الرصيف المبلل ، أحكمت شد معطفها وهي تسير عليها بإرتجافة شفتيها من البرد الشديد، بكل محاولة للتنفس كان يخرج بخار أبيض من بين شفتيها، بدأت تهرول متجهة للطريق ذاته، للمكان ذاته التي تعرفه، صعدت للعمارة المظلمة في ساعات الفجر المتأخرة، طرقت باب شقتهم، طرقتها كثيرا وهي تبكي، همست من خلفه ببحة : عبدالعزيز ........ عزوز ... هدييل ...
أوجعتها البحة والبرد يخطف منها صوتها، أردفت ببكاء عميق : ردوا! ..... ألتصق صدرها بالباب وهي تطرق الباب حتى خانتها أقدامها لتسحبها للأسفل، جلست على الرخام البارد وعينيها تحمر بالدمع، تتذكر أصواتهم جيدا، تشعر أنها تسمعهم بوقع الأمطار، نبراتهم الخافتة والصاخبة، كلماتهم اللامنتهية تطرق سمعها " تعرفين أنك أشين أخت !! لا جد جد أشتقت لك " " و حي الله غادة، تعالي يا قلبي تعالي جعلني ما أذوق حزنك وأنا حي " " غادة هنا!! أشتقنا لك " " غادة تعالي شوفي " " أنت مستحيلة " " يا قاطعة ترى وحشتينا " " غادة جوتيم "
شدت على شفتيها المرتجفتين، ضعت تماما، يالله يا شوقي لكم. " ماني بخير ! ردوا لي أحبابي اللي راحوا "
سمعت بعض الأصوات في الأعلى، أضطرب قلبها بالنبض لتركض نزولا للطابق الأول، ضاعت عينيها بطرق باريس، صدرها يهبط بشدة ويعلو بمثل الشدة التي تشطرها كثيرا، يا حزني الذي يصعب عليه أن ينجلي! أتجهت ناحية الطريق الاخر، تنظر للنافذة التي تتوسط الطابق الخامس، شقة ناصر! ألتفتت للجهة الأخرى والمطر يختلط بدمعها، في هذا الوقت لا أحد يسير سوى السكارى والمشردين، نظرت لشخص يجلس على المقاعد، هذا عبدالعزيز! هذا هو! هذا شعره القصير وملامحه السمراء، هذا هو تماما، ليس حلما إنه " عزيز " . . أقتربت منه ليستنطق صوتها المبحوح : عزوز !
ألتفت عليها بنظرات مضطربة، عادت عدة خطوات للخلف، ليقترب منها، صرخت بفزع وهي تضع كلتا يديها على أذنها.
أبتعد عنها وهو يشتمها بشتائم كثيرة لا تفهمها، ركضت بكل ما أوتيت من قوة بإتجاه الفندق، كان نهاية الشارع الاخر الطويل جدا، سعلت والمرض يبدو أنه في طريقه لجسدها والمطر يبللها من حجابها الذي تشرب المياه العذبة إلى أقدامها، دخلت الفندق لتتجه نحو المصاعد الكهربائية، ما إن فتح المصعد على طابق غرفتها حتى سارت بسرعة إليه ودمعها يسبقها، دخلت لترمي حجابها على الطاولة وتجلس على الأرض، لم تستوعب أقدامها بعد! لم تستوعب أنهم رحلوا عنها! غطت وجهها بكفها لتنهار ببكائها، " ماتوا ؟ طيب أبغى أشوفهم! أبغى صورهم، أبغى شيء يصبرني على فراقهم ! ، مشتاقة لهم كثير، والله كثير ، بموت من شوقي لهم " وضعت رأسها على السجادة التي تغطي الغرفة ودمعها يعبر منتصف أنفها ويسقط على الأرض، بدأت تهذي وهي مغمضة العينين : يبه، كيف يقولون لي لا تبكين .. لا تحزنين ! ما جربوا أنه يموت أبوهم ! يفقدون أبوهم! ... ما شفتك اخر مرة .. رحت الرياض وتركتنا .. قلت بتقدم على التقاعد .. قلتها والله ورحت وماشفتك بعدها .... يقولي هالمجنون أنك مت !! اه يا يبه ... راح عمرك بعيد عننا .. بعيد عني والحين ما عاد أشوفك ... أبيك .. مشتاقة لك .... مشتاقة لأمي ... لعزيز ... لهديل ... مشتاقة لكم كلكم .... و أمي ؟ كانت تصحيني كل فجر .. بس هالفجر ماهي موجودة ... ماهي هنا .... ماهي موجودة عشان تصحيني .. صوتها غاب! .. وأنا أشتقت له يا يبه .. أشتقت له كثير ....... أشتقت لصوتها لما تقرأ قران .... لما تغني لنا أغانيها القديمة .... لما تطبخ لنا ... أنا مشتاقة لريحة طبخها!! ... وينهم يبه ؟ وينهم كلهم غابوا ! ... كلهم راحوا وأتركوني وأنا طيب ؟ مين يسأل عني .. مين يحضني ويخليني أبكي لين أقول بس! ... مين يا يبه ........... هم ما يدرون وش يعني أنتم؟ ما يدرون كيف الواحد يعيش بدون أم؟ بدون أبو ؟ ... يبه محتاجتك
تحشرج صوتها المخنوق وهي تردد : محتاجتك ومحتاجة أمي ..... محتاجتكم كثييييير

،

فتحت عينيها بتضايق من النور، الساعة تشير للسادسة صباحا والمطر مازال يهطل بشدة، نظرت إليه وتوقعت أنه مشغول ببعض الأوراق لتدخل إلى الحمام وتستغرق بإستحمامها دقائق طويلة، خرجت وهي تضع المنشفة فوق رأسها وتنشف شعرها بها، نظرت إليه بشك : عبدالرحمن !!
الجالس على الأريكة ورأسه بين يديه، كان شديدا عليه أن يتصور بأن مقرن يخونه، يطعنه بظهره، أن يستغل إنحناء الحب والعشرة بيننا ويركب فوقي، هذا أكثر ما كان يرمق إليه بأنه " كذب، نكتة، مزحة " لا يمكن أن تكون حقيقة، يالله! كيف أصدق بأن هذه السنوات التي مضت مجرد كذب! يستحيل على عقلي أن يصدق بأنه خائن! هذا فوق الخيال، لم الجميع يحاول أن يقتلني ببطء! لم الحياة تصيرني ك مادة تواصل صهر نفسها دون أي سبب يذكر. فعلا لا عقل لدي إن كان مقرن خائن!
أقتربت منه لتجلس على الطاولة التي أمامه وتحاصر رأسه بيديها وهي تضع كفها اليمنى على كفه اليسرى وكفها اليسرى على كفه اليمنى : فيك شي ؟
عبدالرحمن يرفع عينه الخائبة، حزين جدا ويا شدة حزن الرجال الصابرين الكتومين، يا شدة حزن من لا يعرف كيف يفضفض عن حزنه. نظراته كانت كفيلة بأن تعانقه ضي، لا تتحمل نظرة الحزن في عينه، لا تتحمل أبدا أن تراه ذابل وشاحب بهذه الصورة، ودت لو تمتص كل حزنه وتجعله في صدرها ولا يحزن أبدا، قلبه لا يستحق كل هذا الضيق، تعانقه بشدة وكأنها تريد أن تدخل به، تشعر به، والله أشعر بك وبحزنك، أشعر بإضطراب نبضات قلبك المسكين، لم ترتاح أبدا! حياتك لم تهدأ وهي تهطل بالبكاء فقط. ليتني أستطيع فعل شيء لك، أن أجعلك تبتسم ولا تهتم لأحد، اود فقط أن تهتم لنفسك الذي أصبحت تفقدها يوما عن يوم بإهمالك لها، أنت لا تعرف بأنك حين تهمل نفسك يعني أنك تهملني معك.


يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

يفتح عينيه على السقف الأبيض، مزاجه مضطرب تماما وخطوط جبينه المجعدة تثبت ماهو أكثر من ذلك، لم ينظر إليها وهو يبعد الفراش ليتجه نحو الحمام، أستغرق ساعة كاملة وهو يغتسل/يستحم. خرج والمنشفة تلف خصره، مسح وجهه وهو يضغط على عينيه من صداع فتك رأسه، أرتدى لبسه العسكري ليخرج من جهة الدواليب ناحية التسريحة، مازالت عيناه لا تنطق، لا تنظر، لا تلتفت.
ينظر لنفسه بالمراة بجمود مريب، وضع سلاحه على جانب خصره ليجلس على الأريكة ويرتدي حذاءه الأسود الثقيل، أرتدى ساعته ذات الجلد الأسود وأدخل محفظته وهاتفه في جيبه، أتجه نحو الباب ليقف مثل ما وقف أمس خارجه، شد على شفته لينزل مقبض الباب ويخرج بخطوات سريعة غاضبة، لم يسيطر على نفسه وهو يغلق باب المنزل بعصبية، ركب سيارته متجها للعمل والشمس بدأت تشرق متأخرا والشتاء يقترب من الرياض، مرت عشرون دقيقة حتى ركن سيارته بمكانها المخصص في عمله، دخل والموظفون مازالوا يأتون، لم ينظر لعين أحد كان يسير بثبات نحو مكتبه وهو يثير الشك والخوف معا في نفس كل شخص يراه خشية أن أمرا حصل بالعمل أو قصورا منهم، أغلق الباب خلفه وهو يرمي سلاحه على طاولة مكتبه ويجلس، يشعر بصدره الذي يهبط ويعلو بفارق هائل، شد على قبضة يده ليضربها على الطاولة من غضبه الهائل الذي يشعر به، نظر لظاهر يده التي تألمت كثيرا ، يريد أن يرمي نفسه من أعلى طابق حتى ترتاح نفسه، لم أكن أول رجلا في حياتها، لم أكن أبدا !
يدخل أحمد بعد طرقه للباب وهو يضع بعض الملفات على مكتبه : تامر على شي طال عمرك ؟
لم يجيبه بشيء و عين سلطان مازالت على المكتب، خرج أحمد بهدوء وفي داخله ألف علامة إستفهام!
في قلبه كان يشتم كل الأشياء التي عرقلت حياته " الله يلعن ... أستغفر الله " ... خرج متجها لدورة المياه، نزع حذاءه ليتوضأ، وفي داخله قهر عظيم، يشعر بأنه يحمل في داخله ثقل مئات من الرجال المقهورين، يشعر بأن قلبه يفيض بالقهر وبشدة " ، أتجه ناحية مكتبه، فرش السجادة ليصلي ركعتين علها تريح صدره. كان يعرف أنها ليست بالبكر وتأكد من ذلك ولم يكن ينتظر أن يجدها بغير هذه الصورة ولكن شعر كأنها بكر، لوهلة شعر أنها أنثاه وحده، 7 سنوات !! يالله أرحني فقط من هذا الحزن.
في جهة أخرى تدفن رأسها في الوسادة، تغرق ببكائها الثقيل على نفسها، يعلو صوت بكائها بمجرد ما تتذكر الليلة الماضية، هو رجلها الأول، هو حياتها، هو كل شيء لكن .. لا يحبني بقدر ما أحبه، لا يريدني بقدر ما أريده، يحاول أن ينساني، يحاول أن يبتعد عني، يحاول بكل ماأتاه الله من قوة أن ينتقم مني، يا هذه القسوة التي لا أعرف كيف تتغلغل به بهذه الشدة ؟ بلعت غصاتها المتراكمة وهي تشد المفرش الصغير من الأرض وتلفه حول جسدها متجهة للحمام، تماما مثلما أستغرق بإستحمامه أستغرقت ساعة وأكثر، أختلطت دموعها بالماء وهي تنسى نفسها وتغرق بحزنها وتفكيرها، خرجت لترتدي بيجاما بأكمام طويلة، تشعر بأن أطرافها ترتعش من البرد، أتجهت نحو التسريحة ورائحة عطره تخترقها، عقدت حاجبيها وهي تأخذ الإستشوار لتنشف شعرها، أطالت وقوفها أمام المراة حتى شعرت بلسعة الحرارة في فروة رأسها ، أبعدت الإستشوار وأغلقته، نظرت لشحوب ملامحها، لشفتيها الصفراوتين، لعينيها المحمرتين، لأنفها .. الذي بدأ ينزف، شعرت بطعم الدماء وهي تعبر شفتيها، أخذت منديلا ورفعت رأسها للأعلى حتى توقف النزيف الذي لا يفزعها أبدا، هو يواسيها فقط.
ربطت شعرها لتنحني وهي تلملم ملابسه وملابسها وترميها في السلة التي تنزوي بجانب الدولاب، طوت الفراش جانبا لتسحب المفرش وتطويه بين يديها وتنزل به للأسفل، لم يستيقظ أحد إلى الان، أتجهت نحو غرفة الغسيل لترميه في سلة الغسيل وتصعد مرة أخرى للطابق الثالث حيث المخزن، بدأت تبحث عن مفرش اخر، فتحت الدولاب العريض الذي تخزن به المفارش والوسائد، أخذت ذو اللون العنابي ونزلت به لغرفتهما، كانت تمر الدقائق وهي ترتب بالغرفة، تفرغ حزنها بحركتها المستمرة وبإنشغالها المتواصل، أتجهت نحو النوافذ لتفتحهما وهواء الرياض يلاعب الستائر الخفيفة، فرشت سجادتها وصلت ركعتين. لا تدري بأنها تفعل مثلما يفعل هو، كيفما تفرغ غضبها هو يفرغه أيضا.
أطالت سجودها ليتحشرج صوتها المردد " سبحان ربي الأعلى " وغرق بالدمع المالح، يالله أني أسألك بوجهك الكريم الجنة و كل ما يقربني إليها فأني أفلست من هذه الدنيا وما عاد بها شيء يهمني إلا أن ترضى علي وترزقني درجاتك العليا في يومك الموعود.

،

يصحيه وهو يقطر الماء بين أصابعه : أصحى دبلت كبدي وش هالنوم الثقيل!!!
فارس بتثاقل : الله يرحم لي والديك يا يبه أتركني أنام بدون لا تزعجني
رائد : قم عندنا شغل
فارس بضجر : وانا وش دخلني في شغلك
رائد : دخلك اللي يدخل ... " بتر كلماته التي كانت ستنحدر لمستوى الجمل الشوارعية " أستغفر الله لا تجنني على هالصبح
فارس وقف متجها للحمام : طيب هذاني صحيت .. ياليل الشقا بس
رائد أتجه نحو الصالة : هذا هو صحى، المهم عرفت شغلك كويس
محمد : مثل ماتبي حفظته حفظ
رائد : وكلمت ربعك! أبيهم يمدحون فيه عشان يصدق
محمد : أبد كل أمورنا طيبة
رائد بإبتسامة : الحمدلله
مضت الدقائق الطويلة حتى خرج لهم فارس بلبسه الأنيق، يأخذ من والده كل شيء حتى ذوقه الرفيع في الملابس، جلس وهو يجهل من أمامه.
رائد بضحكة ساخرة : هذا أبوك ..
فارس لم يتمالك نفسه ليضحك مع والده : تشرفنا
محمد بإبتسامة : الشرف لنا
رائد بنبرة السخرية : والله هذي اللي ما حسبنا حسابها مافيه شبه بينكم .. قله أنك طالع على أمك الله يرحمها
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههه طيب شي ثاني ؟
رائد : أنت يا مشعل يا حبيبي دارس في لندن معك دكتوراه علوم سياسية، والان دكتور في الجامعة، عندك أعمال حرة ودخل ثاني غير الجامعة، أمك ميتة ، إذا أسألك عن أحد عندك خيارين يا تقول ميت يا تقول مهاجرين ماشفتهم من يومي صغير *أردف كلمته الأخيرة بضحكة*
أكمل : أسست نفسك وكونت حالك بينما أبوك طايح حظه يشتغل في البنك الإسلامي بباريس ...
فارس : شي ثاني ؟
رائد : لا ترتبك و رز ظهرك، أصابعك لا تتشابك ولا تنحني بظهرك، عيونك خلها في عيون عبدالرحمن، كلماتك خلها قصيرة وواثقة.. عشان ما يشك ولا يعرف أنك كذاب، حاول تبين له أنك صادق .. يالله خلنا نسوي بروفة وأنا عبدالرحمن .... وقف وأتجه بمقابل أبنه .. تكلم .. وش تشتغل يا مشعل ؟
فارس بصوت متزن : دكتور متخرج بتخصص علوم سياسية وعندي أعمال حرة ثانية أدريها
رائد : كم عمرك ؟
فارس : 29
رائد : وين ناوي تستقر ؟
فارس : إن شاء الله الرياض
رائد : لا الرياض أنساها، بتستقر في لندن الله يسلمك
فارس : صدق يبه ؟
رائد : هههههههههههههههههههه إيه والله، بعد ما تتزوجها أبيك تروح لندن فترة لين أضبط وضعي
فارس : وش بيكون وضعك ؟
رائد : عاد هذا مو شغلك
أكمل وهو يحاول أن يتذكر شيئا : وش بعد راح يسألك ؟ ماأتوقع بيسألك شي ثاني ... المهم أنك حضرت نفسك ... طبعا محمد خذا لك موعد راح تلتقي فيه بصالة الفندق الخاصة ومعك أبوك الوسيم
محمد الذي لا يبدو جميلا كثيرا ضحك لرائد : مخلين الوسامة لك
رائد شاركه الضحك وهو الذي يشبه ملامحه إبنه بشدة : بعد عمري محمد لا يحز في خاطرك أهم شي جمال الروح
فارس : طيب متى ؟
رائد : الحين الساعة 10 الصبح .. الساعة 2 أنت عنده . . طبعا هو مايدري أنك بتخطب يعني محمد ما قاله
فارس تنهد : طيب يا يبه أجل بطلع أتمشى
رائد : تتمشى وين ؟
فارس وقف : ماراح أبعد، قريب من عندك ...

،

مجتمعين في الصالة، تبدو أحاديثهم حميمية صاخبة بالضحك، هيفاء وهي تشرب قهوتها : وعد أني بس أفضى بعطيكم محاضرة بالجمال
منصور : أنا قلت لك رايي! شكلك معفن بالتان!! ماهو حلو .. يعني وش أسوي غصب أقول حلو
هيفاء فتحت فمها وهي تنظر لكلماته الجارحة المندفعة ، أردفت بإنفعال : لا والله أنه حلو ويجيب العافية علي بس أنتم والله وش يعرفكم بالزين والذوق ..
يوسف : أنا والله ممكن أتقبله بعد يومين كذا لما أتعود لكن مبدئيا يختي مدري أحسك وصخة
هيفاء : الله ياخذ إحساسك قل امين .... اليوم أكلم البنات في سكايب أنهبلوا علي يخي أنا يوم أشوف نفسي بالمراية أقول ليتني أتزوج نفسي من كثر ماهو يجننن وأنتم أكلوا هوا من زينكم يوم تتكلمون عن الزين
منصور : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههه عاد وش يسكتها الحين .. خلاص أنت حلوة أنت مزيونة أنت تجننين .. أرتاحي بس
هيفاء : ترفعون الضغط ! أنت شايف ولدك الأشهب يوم تتكلم ..
يوسف : أيوا ههههههههههههههههههههههههههه هذا اللي طول الوقت تمدحينه أطلعي على حقيقتك
منصور : والله ولدي مزيون بس من الغيرة تتكلمين
هيفاء : على وش أغار يا حظي ! على عينه ولا خشمه
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ما تسوى عليك يا منصور فتحت عليك باب ما يتسكر
هيفاء بإنفعال : إيه عاد لا تحارشوني عشان ما أحارشكم
دخلت والدتهم : عندي لكم خبر شين وحلو !
ألتفتوا جميعا ليردف منصور : وش الحلو ؟
والدتهم : خالتكم أم أرام بتجي السعودية بس الخبر الشين أنها بتجلس بجدة يومين وترجع
يوسف بسخرية : أجل وشهو له تقولين ؟ بس والله مشتاق لأرام كانت مسوية جو في بيتنا أول ماجت
أرام المولودة الصغيرة التي قضت معنا عدة شهور نهاية السنة الماضية بسبب مرض إبنة عم أمي التي بمقام الخالة لنا حتى أعتدنا عليها وأصبحت فردا من عائلتنا التي كانت تشكي الوحشة، ولكن بمجيء السنة الجديدة رحلت مع والدتها لميونخ حيث تتعالج هناك مع زوجها من الورم الذي ينزوي في رأسها. يالله يا أرام كانت ملاك لهذا البيت.
منصور : هي كيفها الحين ؟
والدته : لا الحمدلله تقول أنها أحسن وللحين من عملية لعملية الله يشافيها يارب
منصور : امين، والله زمان عنهم ..
جلست والدته لتنظر لهيفاء بحسرة : يا حسافة البياض
هيفاء : ههههههههههههههههههههه يمه كل الشعراء في العالم يتغزلون بالسمرا
والدته : الله ياخذهم واحد واحد يوم أنك تصبغين نفسك كذا .. بس أنا أوريك... والله يا هيفا لو تسوين بشكلك شي بدون لا تشاوريني لا أقطع راسك
هيفاء تنهدت : طيب خلاص ماني مسوية شي ..
تكمل بحلطمة : في هالعايلة لا تخلوني أسافر مع أخوي ولا تخلوني أقص شعري ولا تخلوني أروح إستراحة مع صديقاتي ولا تخلوني أعيش حياتي .. يخي الواحد تعب طفش مل !!
منصور : هذا اللي ناقص نحجز لك إستراحة أنت وصديقاتك بعد!!
هيفاء : إيه وش فيها! كل البنات الحين يجتمعون في إستراحات وش تفرق يعني! الإستراحة نفس البيوت ! هذا أنتم ماتقولون شي لو أسير على صديقتي في بيتها لكن تصير كارثة لو أقول بإستراحة
يوسف : الإستراحة غير
هيفاء : وش فيها غير! نفسها نفس البيت
يوسف : لا يا حبيبتي الإستراحة تخرب عاد لاتقولين شلون تخرب ! هي تخرب وبس
هيفاء بتذمر : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. متى أتزوج وأفتك . . *أردفت كلمتها الأخيرة بعفوية دون أن تعني فيصل*
يوسف بضحكة : لاحقة على فيصل
هيفاء أحمر وجهها لتحاول التبرير : وش دخل فيصل! أنت ودك كذا تحارشني .. ماأقول الا مالت عليك ومالت على اللي يجلس معك .... وخرجت.
والدته : بكرا بيجي فيصل مع أعمامه إن شاء الله
منصور : الله يكتب لهم اللي فيه الخير
والدته : امين يارب

،

تفطر دون أن تنظر إليه، تحاول أن تمثل البرود والجمود أمامه، تتجاهل أصغر تفاصيله المستفزة لقلبها المتأرجح بين حبه وكرهه، تكرهه يوم و تحبه أيام، تنجذب إليه لحظات وتنفر منه بلحظة، متذبذبة علاقتي معه ومتذبذب قلبي إتجاهه، بعد يومين ستعود لأرض الوطن، كانت تتأمل الشيء الكبير منه وخابت كل توقعاتها، ليتني لم أتوقع شيء، ليتني بقيت هكذا دون توقعات حتى أتفادى الخيبة التي أنغرزت بأعماقي، مخذولة من كل شيء، أشعر بأن حياتي تنحدر في بدايتها، كيف أبقى بجانب عائلته وأنا أعيش هذا الصراع، أحتاج أن أذهب إلى الرياض ولا غيرها ولكن كيف أقنعه؟ كيف أناقشه حتى!
وضعت الكوب على الطاولة لتنظر له وهو غارق في هاتفه، يقرأ شيء ما، رفع عينه : خلصتي ؟
ريم هزت رأسها بالإيجاب وهي تأخذ منديلا وتمسح شفتيها الزهريتين، أخذت معقم من شنطتها وعقمت يديها، أخرجت هاتفها ولكن سرعان ما أعادته، أعرف مقدار غضبه حين أمسك بهاتفي بينما نحن نسير على الطرق. أخذت نفسا عميقا لا تعرف ماذا تفعل أو بما تفكر حتى تحل هذه العقد والألغاز التي تواجه حياتها معه. بالأمس سهرت على إحدى المنتديات ، قسم " المشاكل الزوجية " شعرت بأن مشكلتها بسيطة مقارنة بما قرأت، ألتفتت عليه وهي تقطع الطريق معه : وين بنروح ؟
ريان بهدوء : اللي تبين
ريم بفكرة لاذعة طرأت عليها بعد أن أفلست منه تماما : طيب بروح أتسوق
ريان دون أن ينظر إليها : طيب .. أوقف سيارة الأجرة ودخلا.

،

جلست على حافة السرير بجانب بطنه لتقبل جبينه وتردف بصوت خافت : بعد عمري والله ، كل هذا يصير معك وأنا ماأدري
عبدالعزيزلم يعلق وأكتفى بإبتسامة.
أثير : وجوالك وينه ؟
عبدالعزيز : أنكسر .. بشتري جديد بس أطلع
أثير : ولا تتعب نفسك أنا بشتري لك وماأبغى إعتراض .. بس أنت أطلع بالسلامة
عبدالعزيز : الليلة راح أطلع إن شاء الله
أثير : كويس الحمدلله .. لو تدري وش صار فيني .. بغى قلبي يوقف من خوفي عليك
عبدالعزيز : بسم الله على قلبك ...
أثير بإبتسامة : طيب أنا بروح أحضر لك الشقة وأرتبها لك و بس تطلع أتصل علي من تليفون الغرفة
عبدالعزيز : طيب
أثير : تامر على شي أجيبه لك ؟
عبدالعزيز : لا ..
أثير : أجل أشوفك على خير حبيبي .... وخرجت لتلتقط عينها عبير وضي الواقفتين أمام غرفة رتيل، أشمئزت لتتجه نحوهما : صباح الخير
ضي : صباح النور
عبير تجاهلتها تماما ولا كأن كائنا يتحدث لتنشغل بهاتفها
أثير : سلامتها ماتشوف شر
ضي بإغاضة : الشر ما يجيك يا قلبي ، الحمدلله أنها جت على كذا ماتسوى عليهم هالروحة لروان ، بغوا يتمشون ويغيرون جو لكن قدر الله وماشاء فعل
أثير عقدت حاجبيها : روان ؟
ضي بإبتسامة واسعة : إيه كانوا في روان، زوج وزوجته وش الغريب في الموضوع ؟
أثير تراجعت بخطواتها للخلف لتدخل بغضب لغرفة عبدالعزيز.
عبير : ههههههههههههههههههههههههههه ولعت
ضي بضحكة : مع أني ماأحب هالأسلوب بس هي تستاهل تحاول تقهر رتيل وهذا هي أنقهرت.
عبير : حسيتها جاية تتشمت بس تغدينا فيها قبل لا تتعشى فينا
على بعد خطوات : ليه ما قلت لي ؟ مستحيل تكون رحت معها روان كذا فجأة أكيد مخطط وياها من زمان وأنا أحترق عليك بالإتصالات ولا ترد علي
عبدالعزيز : مين قالك هالكلام ؟
أثير بغضب : ماهو مهم مين قالي! أبغى أعرف ليه ما تكون صريح معي! دامك رحت وياها مفروض تحط عندي خبر!! ماأظن هالشي صعب عليك
عبدالعزيز : أثير ماني فاضي لهالكلام.. لو سمحت
أثير : ومتى تفضى إن شاء الله ؟ لين ست الحسن والدلال تشرف عندك
عبدالعزيز بنظرة حادة : أثير!! لا تخلين النفس تشين عليك
أثير بإنفعال : بس شاطر تلحق وراها لكن أنا ولا أهمك ...
عبدالعزيز : صوتك لا يعلى عشان ما يجيك كف يعلمك كيف تحكين معي
ضربت بقدمها على أرض لتخرج بخطوات مشتعلة.
في غرفة رتيل، مجتمعات حولها.
رتيل : وش قالت ؟
ضي : ما ردت وراحت لغرفة عبدالعزيز .. ماعليك منها بس
عبير : لو تشوفينها كيف ولعت .. ضي عطتها بالجبهة
رتيل : ههههههههههههههههههههههه تستاهل هالمدلعة
عبير : قولي لنا وش صار معكم ؟
رتيل تنهدت وهي تسترجع اللحظات الأخيرة لهما قبل الحادث لتحكيها لهم.
دخلا في الطريق الرئيسي الذي تجرى عليه الإصلاحات، كان الشارع ليس مستوي مما جعل السيارة تهتز في كل مسافة نقطعها، كانت الأدوات الإنشائية مرمية على كل جانب ، شعرت بأن أنفاسها تضيق وهي تنظر لنهاية هذا الشارع بشاحنة خاوية ، أغمضت عينيها بشدة لا تريد أن ترى شيئا بينما عبدالعزيز يحاول أن يلتف بالسيارة جانبا ولكن لا مجال أبدا بالشارع الضيق جدا من كل جانب، حين سمعت صوت تكسير عبدالعزيز للزجاج الأمامي أدركت أن الموت قريب منهم لا محالة، شعرت بضياع الكلمات والأدعية التي تريدها حتى تحفظها بهذه اللحظات المرتبكة، ثواني فقط كانت تفصلها عن إرتطام رأسها الشديد بالجزء الأمامي من السيارة والباب الذي كان مفتوحا بسبب إصرار عبدالعزيز بأن تقفز منه بينما كنت مصرة على الرفض، سقطت على التراب الخارجي بعد أن فلت حزام الأمان وأوجع بطنها حتى شعرت بالغثيان لا مجال للرؤية والدماء تهطل كالمطر، نظرت للتراب الذي بات طينا بالدم، رفعت عينها التي يغمى عليها تدريجيا لترى عبدالعزيز الساقط على النافذة الأخرى ورأسه ينزف، هذا اخر شيء رأته.

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في ساعات العصر الأولى، الرياض التي بدأت تهدأ شوارعها بعد إنتهاء الدوام. وتصخب من جهة إخرى.
نظرت لإبنتها التي قصت شعرها الطويل حتى وصل لمنتصف رقبتها، بإبتسامة : ماجد قال أنه حلو علي !
حصة : ماجد!! طيب .. أجل وش جاية عشانه الحين ؟
العنود : باخذ كم لبس لأني بجلس عند أبوي وحددنا حفلة صغيرة بنسويها الأسبوع الجاي وبروح معه دبي.. ومتى ما لقينا وقت مناسب بنحتفل مع بعض بما يليق طبعا فيني وفيه
حصة تشعر بالحسرة على إبنتها، أردفت بهدوء : طيب ... وأتجهت نحو الصالة.
العنود لحقتها : يممه!! وش فيك متضايقة كذا؟ تدرين أني ماأحب أشوفك زعلانة
حصة : لو يهمك زعلي ولا ضيقي كان أهتميتي برايي
العنود: رجعنا نفتح هالموضوع من جديد
حصة : خلاص أرحميني بس ولا عاد تسألين عن شي مايهمك
العنود بضيق : تدرين يا يمه أنك تهميني
حصة ألتزمت الصمت دون أن تنطق شيئا.
العنود : وين ولد أخوك ؟
حصة بغضب : تكلمي عنه زين
العنود : أكيد يشيشك علي
حصة بسخرية : أكبر همه أنت
العنود بقصد إستفزاز إسمه وكأنه موجود أمامها : ماني أكبر همه بس قدرت أتزوج غصبا عنه
حصة تنهدت : جاية تعلين قلبي .. روحي عند أبوك وخليه يبسطك
العنود : أبوي كان زوجك
حصة بغضب : تعالي علميني بعد كيف أحكي عنه !! الله والأبو بس خليني ساكتة
العنود بقهر وقفت : أبوي عمره ما جاب سيرتك بشي شين ودوم يتذكرك بالزينة لكن أنت تحبين تشوهين صورته
حصة بسخرية : أكذبي بعد!! أقص إيدي إذا يطلع منه شي زين
العنود بخطوات غاضبه أتجهت لغرفتها بينما تركت حصة تصارع خيباتها بإبنتها.
في الأعلى، مثبتة الهاتف بكتفها وهي مستلقية على السرير : طيب ؟
أفنان : بس هذا اللي قالته لي !! مجنونة هالبنت مهي صاحية
الجوهرة ببحة صوتها المتعبة : محنا ناقصين نغتابها بعد! .. الله يهديها
أفنان : طيب ما قلت لي وش فيه صوتك ؟ تشكين من شي ؟
الجوهرة : الأجواء عندنا متقلبة يمكن عشان كذا
أفنان الجالسة أمام مكتبها والنعاس يقترب منها بعد أن حرمتها منيرة من النوم جيدا، أردفت وهي تتثاءب : طيب بخليك .. تامرين على شي ؟
الجوهرة : سلامتك .. بحفظ الرحمن
أفنان : فمان الكريم .. وأغلقته، وضعت رأسها على الطاولة وبمجرد ما أغمضت عيناها دخلت في نوم عميق.
وضعت يدها على عنقها وهي تحاول أن تسترد صوتها المبحوح : احم .. أتجهت نحو دولابها ، فتحت الدرج لتأخذ جوارب قطنية تدفئها، نزلت للأسفل تحاول أن تشرب شيئا يخفف وجع أحبالها الصوتية، وقفت وهي تسمع صوتها الذي يأت من الصالة.
العنود ممسكة حقيبتها الصغيرة : يمه واللي يرحم لي والديك لا تقهريني زيادة! حفلة بنتك وماتجين ؟
حصة : قلت لك اللي عندي، دام سويتي اللي براسك وش يفيدك حضوري
العنود : تعرفين شي يمه ؟ بديت أشك في الخبلة الثانية اللي ورى ولد اخوك
حصة بغضب : العنود ووجع! تكلمي عنهم بأدب
الجوهرة تشعر بأنها مازالت تحمل بعض الشحنات التي لم تفرغ في ترتيبها للغرفة، أخذت نفسا عميقا وهي التي لا تغضب بسرعة ودائما ما تمسك نفسها، أتجهت نحوها وأتى صوتها المبحوح من خلفها : مين الخبلة الثانية ؟
ألتفتت العنود لتتأفأف : في هالبيت الواحد ما يقدر يتكلم الا والكل عرف بالموضوع! ماهو من صغره بس من هالتنصت على الرايح والجاي
الجوهرة ببرود : ما تنصت بس على الأقل ما ذكرت أحد بغيابه وبهالوصف الشين
العنود بسخرية : يا شين مثاليتك!! سبحان الله تناسبون بعض أنت وسلطان كلكم منافقين وكذابين .. إذا أنت تكرهين شخص قولي له بوجهه ماله داعي هالكلام الملتوي
حصة بحدة : العنووووود!!
العنود : مع السلامة يمه .. أتجهت نحو الباب لتقف الجوهرة أمامها : ماهو معقولة الكل يشوفنا شي وأنت تشوفينا شي ثاني! يعني أكيد ماهو كل الناس على خطأ وأنت الصح!! .. راجعي مخك وللمعلومية أنا ماأنافق عليك .. أنت ماتعنيني شي ببساطة! لا أنت موجودة بقلبي وأحبك ولا أنت بعقلي وأكرهك .. مجرد شخص من فئة الكومبارس بهالحياة
حصة تنظر للجوهرة بدهشة، هذه الكلمات القاسية لا تصدق بأنها تخرج منها، باتت تشبه سلطان في قسوته أيضا.
دفعتها العنود لتخرج دون أن تلفظ كلمة، أنحرجت الجوهرة من نظرات حصة لتردف : اسفة حصة بس هي أستفزتني
بهدوء رغم ضيقها من الجوهرة : حصل خير ... وخرجت متجهة نحو غرفتها.
أدركت أنها غضبت منها، كيف أراضيها الان؟ لم أتعود أن تزعل مني أبدا! تنهدت وهي تمسح جبينها الذي بدأ الصداع يزحف نحوه. رأت عائشة وهي تصعد الدرج : عايشة ... سوي لي عصير ليمون بالنعناع
عائشة : زين ... لتتراجع بخطواتها متجهة للمطبخ.
أخذت هاتفها وأتصلت على الرقم الذي ترددت كثيرا في الإتصال عليه رغم أنها تحتفظ به منذ شهور، جلست منزوية في الصالة لتنطق بصوت خافت : السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الجوهرة بإرتباك : دكتورة سلوى ؟
: إيه معاك الدكتورة سلوى
الجوهرة بلعت ريقها : ماني عارفة كيف أبدأ معك، لكن فيه كم سؤال ودي أسأله لك إذا مافيها إزعاج
: تفضلي حبيبتي وقتي لك
الجوهرة : أنا تعرضت لتحرش وأنا صغيرة ..
: قبل البلوغ ؟
الجوهرة : لا بعده .. كنت بالثانوية
: طيب وأيش صار بعدها ؟
الجوهرة : ما أتذكر بالضبط لكن متأكدة أنه حصل إغتصاب .. بس .. حاليا أنا متزوجة و ... يعني مدري كيف أقولك .. *أردفت كلماتها بتقاطعات شديدة وأنفاس تعلو وتهبط*
: فاهمتك! يعني زوجك ما دخل عليك ؟
الجوهرة بكذب : إيه .. بس أبغى أتأكد عشان مستقبلا
: طيب أنت سامعة بعمليات ترقيع الغشاء ؟
الجوهرة بربكة : لا مستحيل!! أقصد يعني ماأبغى أسوي شي حرمه الشرع .. أنا راضية بس أبغى أعرف يعني .....
: طيب أنت صارحتي زوجك ؟
الجوهرة : إيه لكن أنا أبغى أسألك بخصوص الغشاء يلتئم ؟ لأن هالشي قبل 7 سنوات ؟
: لو كان التحرش قبل البلوغ فنسبة كبيرة يلتئم زيه زي أي جرح بالجسم مع مرور السنين يلتئم ويرجع زي ماكان، لكن لو بعد البلوغ حصل له تمزق وما أنفض الغشاء بأكمله ممكن يلتئم ويرجع طبيعي لكن لو أنفض الغشاء كامل فهذا شي مستحيل، لو كان هالشي موجود كان لعبت البنت في نفسها لين قالت بس وبعدين بمرور السنين تضمن أنه يعود .. فاهمة علي ؟
الجوهرة برعشة شفتيها : إيه
: السنين تلعب دور في المنطقة نفسها لكن ماهو في الغشاء، يعني ممكن تحس الزوجة أنها بكر بعد هالسنوات لأن منطقتها بتكون مثل منطقة البكر لكن بدون غشاء ... والزوج ممكن يحس بعد بهالشي ... تماما مثل المطلقة اللي تتزوج بعد سنين بتحس بنفس الإحساس.
الجوهرة وهي تسمع صوت الباب ، بعجل : طيب شكرا دكتورة .. مع السلامة وأغلقته وهي تسمع وقع خطواته. خرجت من الصالة لتسقط عينيها بعينه. تجاهلها دون أن ينظر إليها وهو يصعد للأعلى، هذه النظرات بحد ذاتها إهانة، بلعت غصتها، تشعر كأنها طعام أخذ ما يشبعه منها ثم تقيأه والان يشعر بتقززه من منظر هذا الطعام. أخذت كأس العصير من عائشة، شعرت بأنها نفسها لم تعد تشتهيه بعد نظراته، حاولت وهي تطبق أسنانها بشدة ولكن لم تستطع، تركت الكأس على الطاولة لتجلس وهي تغطي وجهها، كتمت صوتها وهي تنزلق ببكائها، يكسرني بكل ما أعطاه الله، يكسرني بنظراته وبكلماته وبتصرفاته، يكسرني وأنا الهشة السهلة الكسر وصعبة الجبر.
أتجهت نحو المغاسل لتغسل وجهها، شعرت بحاجتها للتقيؤ رغم أنها لم تأكل شيء منذ الصباح، تقيأت جفافها وهي تشعر بالألم من هذا التقيؤ الجاف، سعلت كثيرا حتى ألتقطتها أنظار حصة الخارجة، أتجهت إليها بحنانها الذي لا ينضب : وش فيك ؟
الجوهرة : شكلي مخربطة بالأكل
حصة بشك : بس ؟
الجوهرة هزت رأسها بالإيجاب وهي تنحني لتتمضمض، مدت لها حصة المنشفة الصغيرة لتنشف وجهها.
حصة : وجهك أصفر .. تعالي أكلي لك شي
الجوهرة : منسدة نفسي ماني مشتهية
حصة بهدوء : إذا فيك شي قولي ؟
الجوهرة بعينيها المحمرة : تطمني ولا شي
حصة تنظر للساعة : شكل سلطان بيرجع اليوم المغرب
الجوهرة بهدوء وهي تتجه نحو الصالة : رجع وصعد فوق
حصة جلست بمقابلها : أشربي عصيرك, ما يصير كذا يالجوهرة تهملين أكلك .. حتى صوتك رايح
الجوهرة لم تجد جوابا تعلق به، أستجابت لأمرها وهي تشرب من العصير الحامض. تمر الدقائق الطويلة حتى ألتفتت حصة عندما سمعت خطواته.
لم ترفع عينها، تخشى أن ترى مثل النظرات التي تقتلها، تخاف تلك النظرات جدا.
حصة : وينك صاير ما تنشاف ؟ كل يومك بالشغل وإن جيت حطيت راسك ونمت
سلطان : تعرفين بوسعود مسافر والشغل علي مقدر أهمله
حصة : الله يوفقك ويسهل عليك يارب
سلطان : امين ... سرق النظرة إليها وهي تشرب بهدوء ليعود بأنظاره ناحية عمته ... كنت تبيني في شي ؟
حصة : لا خلاص، ما قصرت عنيد جت وخذت أغراضها وراحت ماعاد ينفع الحكي معها
سلطان : متى زواجها ؟
حصة : تقول الأسبوع الجاي وبعدها بتسافر معه
سلطان بخل عليها بدعوة التوفيق ليردف : بتروح دبي ؟
حصة بإنزعاج : إيه
سلطان : خلها تتحمل نتايج قرارها بروحها
حصة تنهدت بضيق لتلتزم الصمت.
سعلت الجوهرة بشدة لتجذب أنظار سلطان إليها، كحتها الحادة تؤلم. وجدا.
حصة وقفت متجهة إليها، سكبت لها من زجاجة المياه : أشربي بسم الله عليك
الجوهرة شربت الماء دفعة واحدة لتردف بصوت مبحوح : عن إذنكم
حصة تمسكها من معصمها : لحظة أكلي شي
الجوهرة المشتتة تضيع نظراتها بكل شيء ما عداه، تشعر بعينيه المصوبة بإتجاهها، تكاد تخمن تعابير وجهه وتصدق بها، أعرف كل تفاصيلك الصغيرة والمعقدة من كسرة حاجبيك حتى فرقعة أصابع قدمك اليمنى التي تبدأ بالرنين على الارض كلما كتمت غضبك.
: بنام وبس أصحى أك...
يقاطعها بصوته الذي يزلزل قلبها : أكلي بعدين نامي .. وقف متجها لطاولة الطعام التي تقع في الجهة الأخرى من الصالة.
كانت كلماته أمر وليس لها حق المشاورة، تبعته حصة لتشعر حقا بأنه أمر ويجب الخضوع له.
تقدمت بخطواتها لتتوعد عائشة بداخلها بعد أن رأت كراسي الطاولة ليست موجودة بأكملها، فقط ثلاثة على عددهم.
بلعت ريقها وهي تجلس بجانب سلطان وحصة بمقابلهم. لن تستطيع أن تأكل لقمة واحدة وهو بهذا القرب.
بدأت تقطع حبة الأرز الصغيرة لمئة قطعة وكأنها تحاول الهروب من الطعام بطريقة الصغار، بمجرد ما شعرت بأنظاره سحبت الملعقة وقربتها من فمها، تمر الدقائق الصامتة، لا أحد يفتح حديثا ولا أحد يحكي بعينه شيئا ولكن الصمت ثرثار، حركات أيديهم لوحدها " ثرثرة عميقة " ، وقفت حصة : الحمد لله الذي أطعمنا و سقانا و جعلنا مسلمين الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه ربنا .. وأتجهت نحو المغاسل.
تجمدت الجوهرة في مكانها وهو يهمس : تشكين من شي ؟
نبرة الحنية في صوته تشطرها تماما : لا
سلطان ألتفت بكامل جسده عليها : ما أفطرتي ؟
الجوهرة لم تعد تفهمه أبدا، نظراته قبل قليل كان توحي لشيء وكلماته الان توحي بشيء اخر، تنظر لصحنها دون أن تضع عينها بعينه : ما أشتهيت
مرت حصة من عندهم لتتجه لغرفتها بعدما رأتهما يتحدثان معا، تحاول أن تفتعل الإنشغال فقط لتحضر لهم الأوقات التي يختلون بها مع بعضهم البعض، سلطان يستحق والجوهرة أيضا تستحق، أشعر بانه أبني وأشعر أيضا بأن الجوهرة إبنتي، لا أحد يسعدني غيرهما في وقت هجرتني به إبنة بطني.
سلطان يثبت أنظاره على إرتعاش شفتيها، يتأمل ملابسها التي تبدو وكأنها متجمدة رغم الجو الحار بنظره : ليه لابسة كذا ؟
الجوهرة : بردانة
سلطان : بس ؟
الجوهرة تفهم ما يريد أن يصل إليه : إيه
سلطان دفع كرسيه للخلف ليتركها، بلعت ريقها تخشى أن تنهار ببكائها، أريد أن أفهم هو يخاف علي ام يشفق أم يحاول أن يسأل ب روتين معتاد؟ تنهدت لتقف متجهة للمغاسل المطلة على الصالة والخاصة للضيوف بينما تنتهي بحمام في الزاوية، نظرت إليه وهو يتوضأ، أخذت نفسا عميقا وهي تغسل يديها، رغم أنه ليس وقت صلاة ولكن تلاحظ وضوءه المتكرر في كل مرة يدخل بها الحمام. أذكر عمي عبدالرحمن كان يتوضأ ايضا في كل مرة يدخل بها الحمام أو يمر ناحية المغاسل.
سحب بضع مناديل ليمسح ذراعيه المبللة ووجهه، ينظر إليها ويطيل النظر، مسكت نفسها ولكن معدتها تهيج عليها اليوم لتنحني مرة أخرى وتتقيأ، أقترب منها وهو يضع يده خلف ظهرها : وش صاير لك اليوم ؟
الجوهرة بدأت تسترجع ذاكرتها، كانت تتقيأ كثيرا كلما أقترب تركي منها ولكن لا مقارنة بين تركي وسلطان.
الجوهرة التي تعرف سبب تقيؤها، إهمالها لتغذيتها تجعل معدتها تثور في اليوم مئة مرة : سوء تغذية وبس!!
سلطان يسحب لها المناديل دون أن يمده لها، هو بنفسه من قام بمسح ملامحها، وضعت يدها عليه محاولة إبعاده ولم تتوقع أن تتورط به، بلعت ريقها الجاف بعد أن أرتجفت أصابعها بلمسته، سحبت كفها لتتدافع دموعها عند حافة محاجرها.
سلطان يرمي المناديل في الحاوية الصغيرة ليتكأ على المغسلة بمقابلها : إذا تعبانة من شي قولي
الجوهرة بتشتيت نظراتها وصوتها المبحوح يؤلمها، وضعت يدها على بطنها الذي يتقلص ويتمدد بوجع : قلت ولا شي ..
كلمتها الأخيرة التي أتت مرتجفة كانت كفيلة بأن تسقط دمعها الذي كابرت به كثيرا.
سلطان تنهد وبصيغة حادة : ليه تبكين ؟
الجوهرة أبتعدت بخطواته لتتجه ناحية الدرج ولكن وقف أمامها بغضب : أنا ما أسأل جدار! لو منت تعبانة كان علمتك كيف تديرين ظهرك وتروحين
هذا التوبيخ يزيد من بكائها، أردفت ببحة : طيب أنت قلتها! تعبانة وأعصابي بعد تعبانة .. ولا حتى بالبكي بتحاسبني
سلطان : ما حاسبتك! أنا سألتك
الجوهرة ببحتها الموجعة : وأنا جاوبتك .. قلت لك تعبانة ... ممكن أصعد فوق ؟
سلطان أبتعد عن طريقها بهدوء دون أن ينطق بكلمة.


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

يوقع على بعض الأوراق الخاصة بعمله الشخصي، ينظر للساعة يترقب بشوق موعد مع صوته الذي يحب ويشتاق له، هو الحياة في كل شيء، هو الوطن حين أحتاج للإنتماء، جهز نفسه لموضوع الملكة، يفكر بطلب رؤيتها ولكنه منحرج من اشقائها، وصف والدته لا بأس به ولكن أشعر بمبالغتها، أحتاج أن أراها. سمع صوت ريف ليتجه نحو الصالة العلوية : يسعدلي مساك
والدته : ومساك يارب ، فصول حبيبي وش رايك تنام وتريح عينك عشان يكون وجهك منور بكرا
ضحك ليردف : ليه وجهي مبين تعبان ؟
والدته : مررة يا بعد قلبي
أبتسم : يمه عادي أطلب شوفتها ؟
والدته : إيه عادي وش فيها من حقك
فيصل : بس مستحي من يوسف ومنصور .. مدري أحس صعب الموضوع
والدته : لا تستحي ولا شي .. قل لهم بشوفها ولا خل عمك ضاري يجيب لك راسهم
فيصل أتسعت إبتسامته لحضور إسم عمه الذي دائما " يجيب العيد " : تبيني أنفضح
والدته : لا تنفضح ولا شي .. قوله وبيضبط
فيصل : طيب يمه في حال ما عجبتني وش أسوي ؟
والدته بسخرية : سو نفسك ميت
قبل أن يعلق عليها أندفعت بكلماته : بتعجبك ونص .. لا تفشلنا مع أهلها ، البنت كاملة والكامل الله
فيصل : يمه أنت عندك كل بنات الرياض كاملين
والدته : حرام عليك ما عمري مدحت لك وحدة .. و هيفاء تهبل ماشاء الله تبارك الرحمن .. ثقل ورزانة وسنع وعقل .. وش تبي أكثر ؟
فيصل : خوفي أنصدم فيها
والدته : منت مصدم أقولك البنت تهبل .. وعليها رقص ماشاء الله عيني عليها باردة
فيصل : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه وأنا أبيها ترقص!! أنا أبي وحدة تكون ..
قاطعته : تكون ذكية وتهتم في شغلك وتحاول تساعدك ويكون عقلها متفتح ومتعلمة .. كل هالمواصفات في إنسانة وحدة إسمها هيفاء *مدت بإسمها حتى تضع له حدا في تردده*
فيصل : يمه والله خايف يكون ذوقك شين لأني مقد جربته
والدته : يا قليل الخاتمة أقولك البنت قمر تهبل ماشاء الله! وأنت شايف أخوانها مزايين يعني ماراح تطلع غير عنهم
فيصل : يا كثر البنات الشيون وأخوانهم مزايين .. ماهي قاعدة ذي
والدته : الحين تبي الجمال ولا لأ ؟
فيصل : أبي شخصية بالمقام الأول وشكل يفتح النفس بالمقام الثاني
والدته : شكل يفتح النفس فهذا الشي منتهين منه والله لا تخلي نهارك ليل وليلك نهار من تأملك فيها
فيصل أتسعت محاجره بدهشة من وصف أمه التي تشعره بأنها ملاكا على الأرض : هههههههههههههههههههههههههههههههههههه والله يا يمه تراك بتؤثمين إذا كنت تبالغين
والدته : رجعنا لموضوعنا القديم! أقولك البنت قمر يا ولدي ليه ما تصدقني .. قلت لك تشبه يوسف وأنت شايف يوسف ماشاء الله تبارك الرحمن زينه محدن يختلف عليه .. وفيها شبه من منصور بعد .. البنت مزيونة
فيصل : مقياس الجمال يختلف ممكن أنت تشوفينها مزيونة لكن أنا ما أشوفها شي
والدته : فيصل دبلت كبدي أقولك كذا تقولي كذا !! تعبتني .. هيفاء تناسبك خذها مني وتوكل على الله

،


يوقع على بعض الأوراق التي تدرج تحت إسم " مركز إعادة التأهيل في ولاية يوتا – أمريكا – " ، ليجلس بالقرب منه، يبلغه الخبر الأسوأ على الإطلاق ولا طاقة له للرفض، بصوت يشتد إتزانا : هناك بتلقى واحد سعودي وبيساعدك،
صمت قليلا ليكمل : ماراح أعتذر لك يا تركي على اللي أسويه لك الحين، عشت طول عمرك حر تطلع متى ماتبي وتدخل ماتبي ، ما حاسبتك على شي .. ولا شيء حاسبتك عليه ولا رفضت لك طلب، لكن الحين منت حر .. بتجلس في المصحة هناك لين ترجع تركي اللي نعرفه ذيك الساعة أبعد وكون حياتك بعيد عنا ..... تعرف شي؟ أني متسامح كثير والغلط يتصلح ونغفره لك .. لكن الخيانة يا تركي صعبة! تخوني في بنتي هذي اللي مقدر أسامحك عليها ...... روح واجه الحياة بروحك .. حس بالنعمة اللي كنت فيها، هذا إذا قدرت تواجه الحياة .. هذا إذا قدرت تنام وأنت مرتاح الضمير .... يا هي قوية يا تركي كيف قدرت تنام طول هالسنين وكيف قدرت تطالعني وتحط عينك في عيني وأنت تغدرني في اليوم مليون مرررة ... *أردف كلماته الأخيرة بضغطه الشديد على أسنانه وكأنه سيقتله الان بنظراته* ...... بس لو أعرف كيف ... ضرب بكفه على الطاولة بغضب ليقف : الله لا يسامحك .. الله لا يسامحك ........... وخرج بخطوات تحشر أصابعها بحزن عميق.
وضع يداه على أذنيه وملامحه يتدفق منها الحزن/البكاء، تم الحكم عليه بسجن جسده في مصحة لا يعرف عنها شيء سوى أنها ستحاصره وتمنعه من العيش، كان يجب أن نفكر قبل أن نرتكب أخطائنا بعواقب ما نفعل.

،

تتراجع خطوتين للخلف لينجذب سمعها لكلماته الخافتة اللاذعة و الساخرة، بلعت ريقها بصعوبة ما تسمع.
بضحكة : أنتظرها تولد اخذ ولدي وأطيرها لأهلها
هيفاء : هههههههههههههههههههههههههههههههه تذكرت جدي الله يرحمه .. ماشاء الله عليه ما خلا وحدة من القبيلة الا ما تزوجها .. كثر نسله على الفاضي أستغفر الله
يوسف يصخب بضحكته : هذي حوبة حريمه كلهم ماتوا صغار ... لا يجي الحين أبوي ويعطيك محاضرة في إحترام الأموات
هيفاء : فديت طاري جدي الله يرحمه ويغفر له
يوسف: امين
أخذت نفسا عميقا لتدخل : السلام عليكم
: وعليكم السلام
يوسف بإبتسامة : زين نزلتي .. تعالي
بهدوء جلست بجانبه دون أن تنطق كلمة أو حرف،
هيفاء نظرت لجوها المشحون لتنسحب بهدوء وتتركهم ، ألتفت عليها : وش فيك ؟
مهرة دون أن تنظر إليه لفظت بغضب : تعرف تستغل الظروف لصالحك
يوسف رفع حاجبه : أي ظروف ؟
مهرة بحدة ألتفتت عليه و لا يفصل بينهما سوى بعض الهواء العابر : تتفاخر عند أختك بكل شيء سخيف تسويه بحقي !!
يوسف عقد حاجبيه : وش اللي تفاخرت فيه ؟
مهرة بقهر تنظر له : لا تحاول تستغفلني!! أنا بنفسي سمعت .. كذب أذني بعد!
يوسف : وش سمعت ؟ فهميني عشان أعرف وش الخرابيط اللي تقولينها
مهرة وقفت ولكن يد يوسف شد على معصمها حتى لوى كفها وبغضب : ماني أصغر عيالك!! أنتبهي لكلامك معي
سحبت كفها وهي تدافع عن الغصات الي تتراكم في جوفها : أنا بطير لأهلي قبل لا تطيرني
تنهد بعد أن فهم ما سمعت : غبية!! حتى المزح تاخذينه بجد ..
وبعصبية أردف : الله والنفسية الزبالة يوم تاخذين المزح كذا !!
مهرة بمثل عصبيته : ولا أنا أصغر عيالك عشان تكلمني بهالطريقة!! وش المزح في الموضوع !!!!! ولا هالكلام فيه مزح بعد
يوسف : روحي أسألي هيفا عن وش كنا نتكلم! بس أنت تنهبلين لو جاء يوم و ما نكدتي علي فيه ... وتركها خارجا.

،

تجاهل كلماتهم وتوصياتهم، عقله لا يسيطر عليه إلا فكرة واحدة، فكرة " غادة " فقط، يسير متجها لشقته بعد أن دخل منطقتهم الصاخبة، نظر لغرفته الشديدة الترتيب ، وضع حقيبته على الأرض ونزع قميصه المتسخ بقطرات الدماء، أرتدى على عجل وهو يسابق عقرب الثواني، أخذ معطفه وخرج ليتصل على الرقم الذي أعطاه إياه فيصل : السلام عليكم
وليد : وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
ناصر : وليد ؟


،

السادسة التي تمر على سماء باريس كتوقيت للعصر، تنهد بعمق وهو يشعر بأن نبضاته تقترب للنفاذ، هز قدمه اليمنى كثيرا لا يستطيع أن يخفي توتره وترقبه لمجيئه.
محمد الذي ألتقط حضوره على بعد أمتار، همس : جا .. خلك ثقيل ولا ترتبك
وقف فارس معه ليبتسم عبدالرحمن مسلما عليهما.
محمد : بشرنا عن حالك عساه تمام ؟
عبدالرحمن : الحمدلله بخير
محمد : معك محمد إبراهيم وولدي مشعل
عبدالرحمن : والنعم والله..
أقترب النادل الفرنسي ليضيفهما بالقهوة العربية في صالة الفندق المخصصة لكبار الشخصيات.
محمد : ماعليك زود،
صمت قليلا حتى أكمل : مالي في المقدمات يا بو سعود ، إحنا جايينك وطامعين بالقرب، نبي بنتك الكبيرة لولدنا مشعل

،

وقف بعد أن أتزن بمشيه، يشعر ببعض الألم في قدمه اليمنى ولكن تحامل وهو يرتدي لبسه الذي أتت به أثير صباحا، لايعرف كيف يراضيها الان! أو كيف يشرح بها، لا يحبذ أبدا ضيقها أو حتى زعلها، أقترب من المراة نظر لرأسه المغطى بالشاش والجرح الذي يعتلي حاجبه، أخذ نفسا عميقا ليرتدي جاكيته وصدره مازال يؤلمه في كل حركة. يعرف أنها ستخرج غدا لذلك بخطوات خافتة أتجه إليها قبل أن ينتبه له أحدا.


.
.

أنتهى البارت
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


المدخل لل الأخطل الصغير.
عش أنت إنى مت بعدك
وأطل إلى ما شئت صدك
كانت بقايا للغرام
بمهجتى فختمت بعدك
*
أنقى من الفجر الضحوك
وقد أعرت الفجر خدك
وأرق من طبع النسيم
فهل خلعت عليه بردك
والذ من كأس النديم
وقد أبحت الكأس شهدك

*
ما كان ضرك لو عدلت
أما رأت عيناك قدك
وجعلت من جفني متكأ
ومن عيني مهدك


رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 59 )



قلت لكم عن مفاجئة يوم الإثنين : ( بس ماش فيه أحد داعي علينا :p على العموم إن شاء الله الخميس أحاول اضبط الوضع وأقولكم، بالنسبة لتعليقاتكم كان ودي أعلق عليها بس ما أمداني لكن برد على شيء، اللي يقولون الجوهرة حامل : ( ليه دايم الغثيان والدوخة مرتبطة بالحمل : ( طيب والله فيه مليون شي يخلينا ندوخ *فيس متعقد* ، يعني وش هالسرعة اللي بتحمل فيها. وأحب أقولكم يوم الإثنين دايم البارتات تكون بليل يعني حرام تنتظرون من العصر لأن ببساطة أنا أرجع من الدوام العصر فأكيد باخذ وقتي، غير كذا، أنتم تعرفون أننا دخلنا بالقسم الأخير من الرواية والله يتممها على خير إن شاء الله يعني ممكن ناخذ وقت في هالقسم يتعدى ال 15 بارت إذا ما وصلنا العشرين ، فأتمنى جد أنكم توقفون معاي زي ماعودتوني بدعمكم في هالقسم الأخير و إن شاء الله أني ماراح أخيب الظن. ( )


أخذ نفسا عميقا ليرتدي جاكيته وصدره مازال يؤلمه في كل حركة. يعرف أنها ستخرج غدا لذلك بخطوات خافتة أتجه إليها قبل أن ينتبه له أحدا بوقت محضور من الزيارات، فتح الباب بهدوء ليطل برأسه عليها، كانت مستيقظة تنظر للشباك ودموع السماء التي تتساقط عليه ، كانت في أوج سرحانها وغياب الوعي عن واقعها، أفكارها المزخرفة بأسماء الكثير والكثير، وتنتهي بك يا عزيز! تنتهي بعينيك الداكنتين ولمعة الوحشة بها، كانت مكابرتي فخ! كان تجاهلي لك كذبة! صدقتها ولم تخطو خطوة لإدانة هذه المسافات المزيفة، كنت أنتظرك، أنتظر إعتذارك، أن تقول " مللنا المكابرة تعالي نبني في هالبلد حبنا " ، تبتز قلبي يا عزيز بكل أوجاع الدنيا، أريدك! أنت تعلم جيدا أنني أريدك ولكن تعلم أكثر أنني قادرة على العيش بعزلة ولا أعيش مع الذل حتى لو كان على حساب قلبي! لا تبتز هذه القناعات وتجعلني أطلب الطلاق بلذاعة تخضع لها، لا أريد والله وأنت تعلم كم أحبك، كم أشتاق لك، كم أحزن منك وكم أخاف عليك ، تعلم يا عزيز أنني أجن بعشقي لك.
أقتربت خطواته لتلتفت إليه، كانت عينيها السمراوتين متلألأة بالدمع المكابر مثل قلبها. جلس على طرف السرير بجوارها : تبكين ؟
رتيل بقوة تضجر منها حواسها : لأ
عبدالعزيز : عيونك تقول شي ثاني
رتيل تنهدت لتمسح دمع لم يسقط بعد، ضغطت على عينيها لتفتحها بهدوء : والحين وش تقول ؟
عبدالعزيز بإبتسامة خافتة : تقول حنيت
رتيل توترت من عري حزنها وبمثل خفوته : لمين ؟
عبدالعزيز هز كتفيه باللامعرفة : أنا أسألك مين ؟
رتيل لوت شفتها السفلية وهي تصارع جيوش الحزن في قلبها، نظراتها تلتصق بعينه : بتطلع ؟
عبدالعزيز صمت لثواني كثيفة مشتتا نظراته على كفها، رفع عينه : ايه
رتيل بلعت ريقها : بحفظ الرحمن
عبدالعزيز : بس ؟
رتيل شدت على شفتيها، يريد أن يبكيها بكل الدوافع التي تعرفها ولا تعرفها أيضا، هزت رأسها بالإيجاب ولو نطقت حرف ستغرق ببكائها والجو الماطر يستنزف دمعها.
عبدالعزيز يقف ليقترب منها، أنحنى لتغمض عينيها بخفوت، قبل ما بين حاجبيها، هذا المكان الذي مازال أثر الجرح به، الجرح الذي يجهله ولا يعرف عنه شيء سوى أنها سقطت عليه ولا يدري بأن خبر زواجها منه كان سببا للندبة المالحة. أشعر بالإنتماء لهذه الجهة المقدسة، تحديدا ما بين حاجبيك، أشعر بأنها لي وحدي ولا تخص غيري، عاد بخطواته للخلف، نظر إليها لثواني أرعشت قلب رتيل، خرج وبمجرد خروجه سالت دمعتها المحبوسة في محجرها، سحبت أقدامها لتلتوي على نفسها وتضع جبهتها على ركبتيها، حزينة وغارقة ولا أريد شيئا إلا أن تسهر معي هذه الليلة وتجالسني، كان صعبا أن أطلب منك.

،

متوتر، يشعر بأن قلبه سيقتلع من مكانه أو ربما ضخ الدم سيغير مساره بمجرد ما ينظر إليه عبدالرحمن، 29 سنة مضت من عمره لم يراه بها أحد من معارف والده طبيعي جدا أن لا يعرفه وطبيعي أكثر أن يندهش الجميع إن سمعوا أن لرائد إبن.
صمت قليلا حتى أكمل : مالي في المقدمات يا بو سعود ، إحنا جايينك وطامعين بالقرب، نبي بنتك الكبيرة لولدنا مشعل
عبدالرحمن بإبتسامة لم يخفي تفاجئه : وألف نعم فيكم
محمد : الله ينعم بحالك، و مشعل الحمدلله معه دكتوراه علوم سياسية من جامعة بريستول ومستقر في لندن وكون نفسه بنفسه مو ناقصه إلا بنت الحلال و ماراح نلقى أحسن من بنتك له
عبدالرحمن بإعجاب لهذا الصامت أمامه ، يبدو من النظرة الأولى أنه خجول : ماشاء الله تبارك الرحمن، وإحنا يا بو مشعل نشتري الرجال بأخلاقه .. بالنسبة لي يبقى راي البنت هو الأول والأخير ... والله يكتب اللي فيه الخير
محمد : تاخذ راحتها بالتفكير لكن ودي أقولك أنه مشعل ناوي يستقر في لندن عشان شغله إن كان مافيه مانع ..
عبدالرحمن أخذ نفس عميقا، هذا الأمر يجعله يغرق بتفكيره كثيرا وليس من السهولة أن يضع إبنته في خانة تجاور شخص يجهل عائلته ولم يسمع بها من قبل : مثل ما قلت لك يبقى رايها الأول والأخير ... ما سمعنا صوتك يا مشعل ؟
فارس بلع رجفة حنجرته وبنبرة متزنة مبتسمة : أنا تحت أمرك
عبدالرحمن بإبتسامة صافية : الله يزيدك من فضله، كم صار لك هنا ؟
فارس : بلندن من فترة دراستي وهالفترة بباريس عشان أبوي .. الوالد يشتغل في البنك الإسلامي
محمد : وطبعا جبته بس عشان نخطب له بنتك الله يحفظها
عبدالرحمن بنظرة مدققة لفارس : و أنت يا مشعل ماشاء الله دكتور وتخصص مرغوب! ليه ما فكرت بالزواج من زمان ؟
فارس شعر بالورطة الحقيقة، أردف بإتزان : كنت مشغول بدراستي وبعدها كونت لي تجارتي الصغيرة بلندن فما كان عندي الوقت الكافي أني أفكر بالإستقرار، وهالفترة حسيت بحاجتي للزوجة اللي تكملني وأكملها
عبدالرحمن رفع حاجبه حتى يستشف شخصيته من أسئلته : و حاط في بالك مواصفات معينة ؟
فارس بثقة : أهم شيء تكون متعلمة وقايمة في نفسها وأظن عبير في هالصفات
محمد دعس على قدمه من أن " عيدا " سيأت مبكرا من كلمات فارس.
عبدالرحمن أبتسم : عبير!! واضح أنك ماخذ فكرة كاملة عنها
فارس دون أن يرتبك، أردف بإتزان كبير : إلا الزواج ما ينبني على أراء الغير، لازم شي محسوس ويكون عن إقتناع
عبدالرحمن : و وش الشي المحسوس اللي خذيته عن عبير ؟
فارس صمت لثواني مرتبكة حتى أردف بمحاولة تخفيف حرارة جسده التي بدأت تفور : خذينا السي في الكامل عن بنتك طال عمرك
ضحك عبدالرحمن ليردف : وأنا طمعان أقرأ السي في !
فارس بإبتسامة ودية : السي في الله يسلمك يقول أظفر بذات الدين لكن الطمع خلاني أقول أظفر بذات الدين والجمال والحسب و هذا التعريف ما يرادفه باللغة إلا بنتك
أبتسم عبدالرحمن حتى بانت أسنانه وهو ينظر إليه بإعجاب كبير : ماعليك زود يا مشعل

،

تضع اخر أغراضها في الحقيبة، بعد عدة أيام سيكون حفل ختام الدورة والتدريب الذي أستغرق أكثر من ثلاثة شهور، شعرت بالإنجاز بأنها حققت هذه الدورة بمستوى عال، ستفتقد الأجواء الفرنسية، والإستيقاظ على رائحة الخبز والمكرون، تحتاج أن تسير وتركض إلى مالانهاية في طرق "كان" حتى تستغل كل ثانية بهذه الأجواء الماطرة وضحكات السماء وتوهجها.
خرجت من شقتها وهي تلف الوشاح حول رقبتها، مر على بالها إتصال منيرة ليتعرج جبينها، تنهدت لا تريد التفكير بها أو بكلماتها.
نظرت له بدهشة : إستاذ نواف!!
نواف الذي كان سيدخل إلى العمارة : أهلا ... نفض قميصه المبتل.
افنان تتشابك كفوفها بربكة : هلابك
نواف : شفتك ما جيتي اليوم قلت أجي وأتطمن من باب الزمالة *أردف كلمته الأخيرة بسخرية يحرج بها ملامح أفنان بعد كذبتها*
أفنان : خلصت شغلي أمس وماكان عندي شي اليوم
نواف أخذ نفس عميق : دام كذا تامرين على شي ؟
أفنان بإندفاع عفوي لم تقصد به شيء: ليه ؟
نواف رفع حاجبه بدهشة لتلتقط أفنان حمرة وجنتيها، أكملت قبل أن يعلق : أقصد يعني .. بحفظ الرحمن ...
شتت نظراتها وهي تنزل اخر عتبات الدرج متجهة للخارج.
نواف من خلفها : أفنان
ألتفتت عليه ، أقترب منها والأمطار تبللهما : ودي أقولك شي
أفنان : تفضل
نواف : يعني .. اسف على اني أحرجتك بسالفة الأوراق .. ماكان قصدي أفتش بملفك وأشوف بياناتك
أفنان تقاطعه : لا عادي حصل خير و .. أصلا نسيت الموضوع
نواف بإبتسامة : أشوفك على خير
أفنان أكتفت بإبتسامة خافتة وأنسحبت بهدوء للسير على الرصيف بطريق يعاكس طريقه، شعرت أن نبضاتها ستخرج من مكانها بمجرد أن صوته مر عليه، " وش فيني أنا !! " مجرد إعجاب عابر وسيمر أنا أثق بميولي وقلبي، دائما ما تبتسم عاطفتي ودائما ما تنسى. ونواف إحداهم.

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

وليد خمن من صاحب هذا الصوت ليردف : إيه معاك وليد
ناصر أخذ نفسا عميقا : أنا ناصر، أتوقع فيصل خبرك عني
وليد صمت لثواني طويلة ليردف : إيه .. وصلت باريس ؟ *سأله وهو متأكد أنه وصل من الرقم الفرنسي الذي ظهر على شاشته*
ناصر : إيه
وليد : طيب .. هي الحين في شقتها ... راح أرسلك العنوان
ناصر بصوت ينخفض تدريجيا : أنتظرك
وليد : مع السلامة .. وأغلقه. كتب له رسالة نصية وقلبه ينبض في كل حرف وكل كلمة ويضيق أكثر بالنقطة التي تنهي السطر، كنت أخشى النهاية، يرعبني جدا الكوبليه الأخير، ليت الساعة تتنازل عن مبادئها وتخفف من سرعتها، أحتاج أن يتلاشى ناصر ولا أراه، أحتاج ذلك بشدة وأنا أعرف عن المستحيلات في هذا العالم. يا فجوة الحزن التي نمت بي.
دقائق وهو يسير على الرصيف، حتى أضاء هاتفه بالرسالة، قرأ لتتوهج عيناه المحمرتين، قريب جدا منها، عاد بخطواته ليعكس خط السير متجها للجهة الأخرى، يعد الخطوات ولولا العابرين لركض بشدة نحوها، أدخل يديه الباردة في جيوبه وملامحه شاحبة بعد ان فقد دماءه إثر نزيفه الباكي، يشعر بأن قلبه سيتوقف عن النبض، لا يعرف كيف سيراها بعد كل هذه الفترة! شيء من المستحيل يحدث الان أمامه، ينظر للعمارة ليدخلها بعد أن بلله المطر، أتجه نحو المصعد و ضغط على الدور الرابع، ثواني وأقل من أجزائها ليسير بإتجاه غرفتها، أود لو أنني أصرخ لمن حولي وأنادي عليك.
و بأجزاء الثواني كانت تخطط للخروج، فتحت الباب لتنتبه أنها نست هاتفها، تركت الباب المفتوح طرفه لتعود لغرفتها وتبحث عن هاتفها.
وقف عند الباب المفتوح، و تفاحة ادم التي تزين عنقه تتحشرج ترتفع قليلا وتهبط كثيرا، دفع الباب بخفوت لينظر للصالة الخالية، ألتفت لطاولة المطبخ التي عليها جاكيتها، أقترب منه ليلملم بين كفيه ويقربه من أنفه، هذه غادة!! ، كتم نفسه برائحتها و قبائل بقلبه تتساقط حزنا، سمع خطواتها الخفيفة، ألتفت ليراها عند أحد الرفوف القريبة من النافذة، لا يرى سوى ظهرها، أطال نظره حتى خشي أن يسقط من الحشود التي تصيب قلبه بمجرد ما إن راها، ترفع شعرها الأسود بيديها جانبا بعد أن أزعجها وهي تحاول البحث عن هاتفها، تأفأفت ليبلع ريقه الواقف بكامل إتزانه أمام جسدها المصيبة، هذه " الأفأفة " لا تمر إلا من نبرتها، هذا الليل البارد هو شعرها، هذه البيضاء الشهية هي مرادف لشخص واحد، هي غادة ولا غير الغادة من تستعمر البياض في كفيها و عرقها النابض خلف رقبتها، ثبت يقيننا يالله ما عاد بأجسادنا قوة تتحمل مجرة بأكملها تلتوي حول جسد أنثى، ترك الجاكيت على الكرسي ليقترب بخطى لاصوت لها، اللهم أن هذه الأنثى تزيد إيماني بك وبقدرتك، هذه الأنثى التي لا أعرف ممن خلقت، هل خلقت من ماء وتراب أم خلقت من حبات التوت ؟ هل خلقت من طين أم خلقت من ماء شفاف يشبه شفافيه عينيها. على بالي أن تتلبسنا السماء ولا تجرحنا الأرض بتقاطعات طرقها، على بالي " أحبك من جديد ".
ألتفتت لتتجمد عيناها عليه، ألتصق ظهرها بالنافذة بعد أن أطلقت شهقة خافتة مرتعبة، بعد الفترة التي شعرت بأنها سنين وسنين منذ 2007، مازال هذا الأسمر الذي أتسابق من أجله إلى النافذة حتى أراه واقفا مع عبدالعزيز، مازالت هذه العينين اللذيذة التي تشبه جدائل ليل دافىء، هو ذاته ناصر فارس أحلام الصبى، أوسم رجال الكون بعيني، أجمل الرجال على الإطلاق بعين هذا الكون، أنفه الشاهق وعوارضه الخفيفة التي تتزين بسكوكة، هذا هو ناصر لم يتغير سوى أنه أزداد عرضا ووسامة، وسامة الناضجين التي تقتل تمايل النساء من حوله، تقتلهن حتى يسقطن موبوءات به، أبناء الثلاثينات لا يعرفون أنهم يصيبوا الفتيات بنظراتهم، ولن يعرفوا أبدا معنى أن تكن ثلاثينيا أسمر، معنى أن ترى الوسامة تنضج أمامك.
كان ينتظرها، ينتظر أن تركض لأحضانه ولكن نظراتها كانت أكبر جرح تلقاه في حياته، كانت نظرات تتعرف عليه فقط، يا عذاب عيني وصدري الذي يشتهيك، يا عذابه وأنت بعيدة. هل تأتين أم أأت ؟ أنا الذي أموت بك في الحياة مئة مرة وأعيش على صوتك، هل تقتليني بموت جديد أم أنا الميت على كل حال ما ضرني أن أحفر قبري!
همست ببحة السماء الماطرة وعينيها تتدافع بها الدموع : ناصر!!!
توسل إليها بعينيه المشتاقة، و ذليل العاشقين عزيز يا غادة. يشعر ركبتيه تخونه وهو يحاول أن يصدق بأنه يراها، هذه هي، بلع غصة الحنين الذي مضى، " لك في حشرجة الصوت حب ما أندثر، خلنا نبني فيه من هالصحرا بلد ، لك في وسط هالقلب من الحنين سماء تستحضر كل ما مرها صوتك ، خلنا نلملم كفوفنا ونجمع بكي السما، خلنا نغتسل من مواجعنا ونبتسم لأجل حبنا، يا جنوني ، لك مقطع قصيدة ما تموت لو مرضت، لو رحلت يجيني طاريك عساس لأجل يثور الحنين ويبكيك "
هذا إسمي " ناصر " الذي نسيته بين شفتيك في يومنا الأخير، هذا إسمي الذي أشعر بفخره وهو يمر على لسانك، هذا إسمي الذي أناديه ولا أسمع صداه بعد أن خطفت الصدى وكل شيء بعينيك، هذا الصدى استرده الان.
لم تقوى، تشعر بقلبها الذي يركض إليه ويصطدم بصدرها بشدة لا طاقة لها بها، جلست على ركبتيها وهي تنظر لجموده أمامها، أخفضت رأسها ليدثرها شعرها وتتساقط دموعها المالحة.
عاد خطوة للخلف، هذا البكاء المالح أعرفه، أعرف كيف العينين تتلألأ ك ليل يغيب به القمر وترثيه النجوم ! " يا غايبة عني، رديني وياك، لك في نبرة الصدر موال حزين، رجعيه معاك يا غادة "
وضع يديه على رأسه وأنظاره على الأرض، هذه حقيقة، هذا الألم بعينه يواجهه، " تعالي " أنقذي حياتي من الحياة دونك، أرتفع ضغط دمه الذي يتفجر بحمرة جسده المريض بها، نزف أنفه للمرة الثانية، يا حزني كيف لأمر عودتك يلخبط هذه الدنيا ويجعل كل شيء .. كل شيء بلا إستثناء يبكي .. مطرا ودما. أرفقي بي! وأنا أعترف بقدر الدماء التي تفور على غيابك ، أعترف بلهجة نجد التي جفت مثل ما جفوت ، أعترف بنبرتك وأنت ترددين البيت الشعري الذي تفضلينه " فيني بدو ماتوا ظما ل المواصيل و وجيههم من لاهب الشوق سمرا "، من لاهب الشوق سمرا يا عين ناصر، قلبه يبتهل وعيناه تحكي، أعياني الوقوف رديني بخطاك، أروي عطش فقير يا غادة، أرويني يا غنية وعيونك على غناك ترفع السبابة، يا كاملة الزين وش بقى من الزين ما أستحلته ملامحك، يا كاملة الوصف سقطت الأوصاف من بعدك، أنا الذي لا أعرف من الأوصاف غيرك ولا أعرف كيف أصف إلا ب " جميل جدا يشبه غادة ".
أختنقت، هذا الهواء يهرب من الشقة، لم يعد لها قدرا تستطيع التنفس به، أحتاجت أن تعانق أي شخص، أي أحد يخبرها بأنه معها، بأنه بجانبها، بعد كل هذا تراه، هو زوجها! هو الذي تحب ولكن .. لا مجال للأسئلة كيف ومتى! 5 سنوات لا أعرف عنها شيء، بإنكسار رفعت عينيها إليه ، أستسلم تماما، خذني إليك، خذني لصدرك، لقلبك، لبين ذراعيك ولا تخرجني لهذه الدنيا أبدا.
ناصر ينخفض صوته مرضا و ذراعيه تسقط على جانبيه دون حراك، طالت نظراته وهي تسرق من بينهم زمن وعمر، تنظر لصدره ولمعطفه، عقلها الواقف عند عتبة زمن معين طل عليه بتطفل لثواني قليلة مشهد فات من عمرهما، مشهد من الحياة البائسة، مشهد حشر بها جسدها الغض في معطفه وسار معها على الطريق الممتلىء بالثلوج : يا رب العباد !!
بكلمته المبحوحة في صوته تزايد فوضى دمعها على ملامحها البيضاء، لتردف بضيق الكلمات بعد صمت دام أكثر من ثلث ساعة ولا يحضر سوى بكاء الأجساد في حين كانت ملامح ناصر متجمدة محمرة والأكسجين يبدو أنه لا يصلها : اسفة
لم يفهم أسفها، لم يفهم ما تعني، بنبرة غاضبة تشتد كثيرا : ليه ؟
غادة تشتت نظراتها المتضببة بالدمع، تنزوي في زاوية الصالة : أنتظرتك، لكن ... مقدر .. مقدرت أتذكرك
يسترجع نظراتها الأولى، حرقة عينيها التي تنظر إليه، أبتسم بسخرية وهو يشعر بأن غليان في رأسه وكأن نزيفا يدغدغ خلايا مخه : أنا ؟ مقدرت تتذكريني أنا!! أنت غادة أو مين ؟
صرخ بقوة فرغ بها غضبه : أنا ناصر!! .. "ينخفض صوته المكسور " ناصر يا غادة! .... كيف تضيعين مني !
غادة بلعت غصتها بصرخه لتردف بكلمات سريعة حتى تتفادى عينيه الغاضبة : ما أتذكر سنواتي الأخيرة معك .. والله ما أتذكر
ناصر يقترب بخطاه إليها لتنكمش حول نفسها، أقترب حتى جلس بقربها وعيناه تفيض بالحمرة : طالعيني، قولي أنك غادة اللي أعرفها .. اللي أنتظرتها .. اللي مشتاق لها كثييير
غادة تشد على شفتيها حتى لا تنطلق شهقاتها العالية، نظر لشفتيها المرتجفة، أنتظر جوابا، أنتظر أن تقول له " غادتك "، تمر الثواني لتشطره أنصافا دون أن يسمع منها ما يجعله يصطبر على اللحظات التي مرت دونها : غادة!!
غادة ببكاء : أرجوك لا تضغط علي! أنا ما أعرفك .. ما أعرف إلا أنك صديق عبدالعزيز ...
بتملك شدها ليوقفها حتى لاصق صدره صدرها، عانقها حتى أوجعها بشدة عناقه، أضطرت أن تقف على أطراف أصابعها لتستنشق رائحة العود التي خلف أذنه، ألتوت أقدامه التي تخشبت بحقيقة ما يرى، ومازال يردد " ثبت يقيني يالله " ، سقطت معه على الأرض وهو يتنفس عنقها وشعرها، هي رائحتها لم تتغير، هذه الرائحة التي أدوخ بها وأتجدد عشقا، يالله! قليلا من الصبر والرحمة. دموعه التي هطلت بإستمرار طوال الأيام الماضية لم تهطل وهو يعانقها، كان جامدا ماعدا قلبه وعروق دمه التي تثور عليه وتعلن الهرولة لجسد غادة.
حفرت أصابعها على ظهره، أشعر بإنتمائي لك، رائحة الماضي التي أشتاقتها تتنفسها، أنت الذي أجهل صفاته وحدود شخصيته، " وديني " مثل ما تريد وتشتهي. يالحياة، يا ذرات الأكسجين التي تطوف حولي بعناقك وتقتلني، " وديني .. وخذني لك "
مرت الدقائق المتعبة الذابلة بسرعة، أطالوا العناق حتى تيبست أجسادهم المرضي عنها بالحب، صوت بكائها الذي لم ينقطع في حضرة صمته الذي مازال مفجوع بها، حاولت أن تبعده ولكن كان يحكم قيده عليها، كان يوصل لها مقدار شوقه وهو يدخلها بجسده
بخطى الكلمات الميتة التي تحاول الحياة : لا تكذبين! لا تكذبين وأنا اللي أنتظرتك
غادة في غياب الوعي التام، لا يحضر سوى قلبها وضباب يغطي عينيها الممتلئة بالدمع.
ناصر بنبرة عالية تحشرج بها الحنين : وش سويتي بدوني؟ وين كانت أراضيك! وينها يا غادة
ينخفض صوته بحزن وهو يكتم نفسه بعنقها، لا يصدق إلى الان بأنها غادة ، بدأ هذيانه ولا يعرف بأي الكلمات ينطق : وأنا لما جيت أعانقك خذوك مني .. خذوك ..... يا زود حزني فيك وشلون خذوك مني
غادة ببكاء عميق، تخفض رأسها لتغرق ملامح ناصر بشعرها، تقاطعت كلماتها بتأتأة الحنين : مدري والله مدري وش كنت ووش صرت .. أنا ما أتذكر شيء
أبعد جسدها ليصرخ واقفا وهو يشارف على السقوط، أضطرب بسيره وهو يعود مرة للخلف ومرة لليمين : كذابة!! أنت ما تعرفين وش قاعد تسوين فيني! حرة قلبي في موتك كانت أهون من الحين .. ليه .. بس أبغى أسألك ليه غبتي كل هالمدة ؟ وين كنت فيه ؟
غادة تغلق أذانها بكفيها : ما أعرف .. أتركني
ناصر : يا قو قلبك وشلون هان عليك ... وين حبنا ؟ كيف تنسيني بهالسهولة!
غادة جلست على الأريكة وهي تنحني بظهرها وتغطي وجهها بكفيها، غرقت ببكائها بينما غرق صوت ناصر بحرقة الذي مضى دونها.
ناصر ينظر لها بضعف، برجاء : نسيتيني؟ نسيتي ناصر يا غادة!!
غادة أعتلى صوت بكائها بعتابه الحار، أكمل بصوت يرتجف به الحب : ما فكرتي تتصلين؟ ما فكرتي تقولين اللي محترق بغيابك وش مسوي؟ ما أصدق أنك تكونين بهالأنانية!
صرخ : بهالحقارة يا غادة!! ..... دفع الطاولة الزجاجية بقدمه غاضبا يكاد يجن جنونه ليتناثر الزجاج ....
بجنون الصابر الذي أنفجر : كملتي حياتك بدوني وأنا أستخسرت الضحكة على نفسي بدونك!! .. مستحيل تكونين غادة! ليتني ما عرفت بوجودك .. ليتني صدقت كذبة موتك ولا شفتك تنكريني كذا ....
شعر بالغثيان وأن الإختناق يقترب منه، خرج بخطوات سريعة من الشقة وهو يسير للأسفل متجها للخارج، بسرعته كانت دماءه تنزف وتفور، " هذه كذبة " . . " يا حسرة قلبي من يشفي له طعونه ".

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

تحت فراشها بعد أن نامت بضع ساعات حتى أستيقظت على أذان الفجر، صلت وعادت لدفء سريرها الذي ينبعث منه ضوء هاتفها، تقرأ ما يخص إستفساراتها التي لم تتجرأ أن تنطقها، كانت تعلم جيدا أن تركي لم يبقي لها شيئا يساعدها على الأمل، تفهم نظرات سلطان الذي لم يكن ينتظر مني شيئا ولكن أن يعرف الحقيقة أمر هين ولكن أن يجرب بنفسه مالحقيقة سيشعر بقهر يتجدد في داخله، أفهم جيدا شعوره وأفهم جيدا شعوري الذي لم يتنازل ويفهمه، لم أكن بكر رغم أنك أول رجل في حياتي، رغم ذلك أنا أراك كل الرجال، كلهم بلا إستثناء، ولكن مر على ذلك وقت طويل، مر الكثير الذي جعل جسدي يتكور حول نفسه ويبقى لرجل واحد وهو أنت، لم أنقص شيئا، مازلت فتاتك ولا يحدد ذلك " غشاء "، لا يحدد ذلك فقدي لبكارتي، ما دمت بنتا لم يلمسها من الرجال أحدا، من لمسني لا يمت للرجولة بصلة وليس محسوبا عليكم، لذلك لا تسألني من لمسك قبلي؟ لم يلمسني أحدا، فقط أنت. وأنا الضائعة بك ومنك.
تركت هاتفها بعد ان قرأت سبب شعورها بأنها بكر رغم أنها ليست بكر رغم أنها رأت الاثار على مفرشها، كان السبب بسيطا جدا ، بسيطا لجعل قلبها الطفل يفهم أشياء لم تفهمها من قبل، مازلت يا تركي تحضر فيني، أنا التي لم أكن شخصية جبانة وضعيفة مثل ما أنا أخاف الان حتى من ظلي، أخاف من الأصوات الغريبة والحركات المباغتة. أبعدت الفراش لترفع شعرها الطويل للأعلى كذيل حصان، أقتربت من المراة تدقق في ملامحها البيضاء الشاحبة، أخذت نفسا عميقا، لم يعود إلى الان ؟ ربما أستغرق وقته في العمل أو ربما لا يريد أن يراني، أكثر شيئا يجرح أنوثة المرأة أن يقابلها الرجل بالرفض. هذه الإهانة لا تتقبلها أي أنثى كيف بأنثى وهبته كل شيء ومن ثم رفضها؟ ربما ندم على الليلة الفائتة ؟ ولكن رفضته! رفضته بكل شيء أعطاه الله لها، لم أستسلم له ولكن تبقى قوته ورجولته فوق كل شيء، ورغم كل هذا يرفضني الان؟ يرفضني وكأنني أريده رغم أنني لم أصرح بذلك، لم ألفظها من بين شفتي.
نزلت للأسفل في عتمة الطابق الأول، دخلت المطبخ لتفتح نور الجهة اليمين فقط ويبقى بقية أجزاء المطبخ معتمة، أخذت قارورة مياه زمزم الكبيرة لتفرغ نصفه في كأسها، تمتمت بهمس : اللهم أني أسألك علما نافعا ورزقا واسعا وشفاء من كل داء.
بخطوات هادئة كان يراقبها بعد أن دخلت المطبخ، خلف جسدها يسحب الكأس من يدها ليضعه على الطاولة قبل أن يسقط من فرط فزعها، ألتفتت عليه لتلتصق أقدامه بأقدامها، أشتد خوفها وطريقة سيره إليها تشبه شخصا تبغضه، نظرت إليه برعب وصدرها يهبط ويعلو بكثافة.
سلطان أطال نظره لثواني وهو يشعر بقلبها الذي سيخرج من مكانه، عاد عدة خطوات للخلف ليلتفت للطاولة الأخرى ويسكب له من الماء، بالصوت اللامبالي يقذفها : نمت اليوم كله وتوك تصحين!
الجوهرة بلعت رجفة ريقها، صمتت طويلا حتى تجهز جيوش كلماتها الساخرة : أجاري زوجي اللي ما يرجع الا متأخر
دون أن يلتفت إليها وهو ينحشر في العتمة ،ينظر لكأس الماء : و نعم الزوجة
الجوهرة صمتت وهي تتأمله، هذه القوة التي ترتديها قليلا وسرعان ما تتلاشى، ليتك تعرف أن المؤسف في كل شيء أنني أحببتك قاسيا ولم تنظر إلي إلا جريحة، ولا أعرف إن كنت تحبني أيضا جريحة.
ألتفت عليها بعد أن أفرغ المياه في جوفه : وش تنتظرين ؟
الجوهرة شتت نظراتها لتلفظ ببرود : ولا شيء بس كنت أفكر بكتاب أقراه
سلطان ود أن يحرجها : ووش الكتاب ؟
ونظراتها معلقة في عينه : بصعد وبشوف أي كتاب أقراه
سلطان و مزاج " الإستلعان " يرفرف به : وكل هالوقت تفكرين كيف تصعدين فوق ؟ محتارة الدرج ولا الأصنصير ؟
أحمرت ملامحها من طريقه تحجيره لها، بسخرية رغم جمود ملامحها : تصدق! كنت أفكر كيف أصعد
سلطان ألتفت بكامل جسده ليسند ظهره على حافة الطاولة : طيب .. وش تنتظرين ؟ لا يكون خايفة تصعدين لوحدك
الجوهرة لوت شفتها السفلية لتجذب أنظار سلطان لشفتيها، بخطوات متنرفزة صعدت للأعلى، له قدرة رهيبة في إستفزازي بأبسط الأشياء، صعدت للدور الثالث الذي تخافه، قاومت كل شيء حتى تتجه نحو مكتبته التي شتمتها في داخلها كثيرا.
صعد خلفها والإبتسامة تزين محياه، شعرت بخطواته ولكن تجاهلته تماما وهي تقف أمام رف الكتب.
سلطان من خلفها : محتاجة مساعدة ؟
الجوهرة بحدة : لا
سلطان بتملك حقيقي، يتجه نحوها ليسحب إحدى الكتب وينظر لعنوانها : أقرأي هذا
الجوهرة : ماأبغى
سلطان بصيغة الأمر : قلت أقرأيه
الجوهرة نظرت إليه : خلاص ماأبغى أقرأ شي
سلطان يضع الكتاب في مكانه : يكون أحسن
الجوهرة : يعني المسألة عناد!
سلطان يجلس على الأريكة التي في الزاوية : مشكلتك ما تعرفيني زين
وهذه إهانة اخرى، أن تتهمني بجهلك وأنا التي أعرف كل شيء عنك، شعرت بالدماء وهي تسيل من أنفها، بحثت بعينيها عن مناديل حتى أتجهت نحوه بقربه كانت علبة المناديل.
بصوت مربك لحواسها : ما تنزفين إلا بالبكي والخوف! وأنت لا بكيتي ولا خفتي!! وش صاير لك؟
الجوهرة ترفع رأسها لتوقف النزيف، مرت ثواني طويلة حتى تقع عيناها عليه : أنت اللي مشكلتك ما تعرفني
سلطان بهدوء : عرفيني عليك! وش سبب هالدم ؟
الجوهرة بقهر : رفعت ضغطي ... وأتجهت نحو الدرج ليراقبها بعينه، وضعت يدها لتقف طويلا، شعرت بأن إغماءة تتسلل إليها.
سلطان ب شك وقف وأتجه إليها لتلتفت إليه : دوخة بسيطة ... ونزلت ، لم يطيل وقوفه حتى نزل إليها، سرعان ما أنزوت في الفراش وغطت وجهها به.
أخذ نفسا عميقا ليجلس بقربها ويبعد الفراش بعد أن نزع حذائه العسكري : كليتي شي ؟
الجوهرة ألتزمت صمتها
سلطان : على أكلك العصر ؟
الجوهرة : ما أشتهيت شي
سلطان : طبيعي بتدوخين وأنت ما أكلت شي .. قومي أكلي لك شي ولا تكذبين وتقولين أنك بتنامين وأنت توك صاحية
الجوهرة أستعدت بجلستها لتنظر إليه : من مبدأ إيش مهتم في أكلي؟ من مبدأ أنك شفقان ولا تحس بتأنيب الضمير ولا ...
يقاطعها بحدة : من مبدأ ما يعنيك
الجوهرة بعناد : ومن هالمبدأ أنا ما ودي اكل
سلطان بتهديد : تعاندين كثير وماهو من صالحك!
الجوهرة ترفع كلا حاجبيها بطريقة مستفزة لسلطان، تعابير وجهها هذه المرة فزعت لصوتها الذي دائما مايكون في محل جبن.
نظر إليها بتعجب، ليشد على أسنانه ومن بينهما أتى صوته حادا غليظا : بالله؟
الجوهرة شعرت بالخوف ، ولكن تظاهرت بعكس ذلك مشتتة نظراتها
مسك ضحكته، لأول مرة يشعر بأن نظراته ترعبها : عندك شي تبين تقولينه ؟
الجوهرة دون أن تنظر إليه : ممكن تتركني أنام
سلطان دون أن يحبس إبتسامته : قوليها وعينك في عيني وبعدها بتركك
الجوهرة لم تفهم مزاجه هذه الليلة، ألتفتت عليه لترمش أكثر من مرة في الثانية
سلطان غرق بضحكته الطويلة ليردف : تصبحين على سعادة
الجوهرة عرفت لم يضحك، كان واضحا جدا أن ملامحي الشاحبة مرتعبة، يشعر بالإنتصار لنفسه لأن أستطاع ببساطة أن يفرض قوته علي، ما أشد قسوتك يا سلطان.


يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

تضع رأسها على صدره الدافىء وشعرها الطويل ينساب على ظهرها جانبا، خلخل أصابعه البيضاء في شعرها و الصمت مترسب في حناجرهم، رفعت عينها له ليبتسم : وش تفكر فيه ؟
عبدالرحمن بتنهيدة : اليوم جو ناس يخطبون عبير
أتسعت إبتسامتها لتبعد راسها وتتربع على السرير بجانبه: مين ؟
عبدالرحمن : ما أعرفهم واضح عايشين حياتهم برا إسمه مشعل المحمد .. عنده دكتوراه في العلوم السياسية ومستقر في لندن
ضي : ماشاء الله ، الله يكتب لهم اللي فيه الخير .. لايكون منت موافق؟
عبدالرحمن : مدري عايلة ما أعرفها ولا أدري وش طبايعهم ولا عاداتهم
ضي : تحسسني أنه دايم زواجات القبايل ناجحة! هذا هم يعرفون عادات بعض ويا كثر ما يحصل الطلاق، دام مؤهلاته كويسة ماشاء الله ومستواه كويس وأخلاقه زينه خلاص .. لاتوقف نصيبها .. بالنهاية أنت ماراح تجلس لها العمر كله
عبدالرحمن : وش يعرفني عن أخلاقه! أقولك الرجال ماعندي أي خلفية عنه ولا عن عايلته، تبيني أرمي عليه عبير وبكرا تجيني تشتكي منه ؟
ضي : أسأل عنه، كلم أبوه وقوله وين ساكنين وفي أي حي ووين يشتغل! وروح للأماكن هذي وأسأل عنه
عبدالرحمن : أنا لما شفته أرتحت له ، يعني حتى كلامه وأسلوبه جذبني لكن ما أدري وش ممكن يصير بعدين
ضي : يا عبدالرحمن يا حبيبي! كم مرة خطبوا عبير وتردهم وأنت تعرف قبايلهم وعوايلهم، بكرا ذنبها بيكون في رقبتك وعبير وصلت لعمر محتاجة فيه لشخص ثاني يكملها
عبدالرحمن وكلمات ضي تقنعه وتجعله يعيش الحرب بين قناعاته وخوفه من المستقبل.
أكملت : وهذي رتيل تزوجت! أكيد بتتحسس أنها الكبيرة وإلى الان ما شافت حياتها ، أنا يمكن ماأفهم عبير كثير زي ماأفهم رتيل ، ويمكن حتى كلامها معي أحيانا أحسه تتحاشى تتعمق فيه لكن واضح جدا حاجتها لشخص ثاني
عبدالرحمن تنهد : أمرنا لله بسأل عنه وأشوف
ضي بإبتسامة متوردة : خلنا نفرح فيها وننبسط، يكفينا اللي جانا

،

أقترب فجر إسطنبول وخفتت أضواء الصخب في شوارعها المزدحمة الراقصة بتنغنج.
بعد أن أستغرقت بالتسوق ساعات كثيرة لم تمل منها، كانت تفرغ غضبها وحزنها بالشراء، لم تستفد منه شيئا، لم يكن لها الزوج التي تطمح، ناحت أحلامها بجانبها ومازالت واقفة على قدمها، مازلت أكابر وأحامل على حزني، كثير علي أن تحزني هكذا.
نظرت إليه وهو يرتب بعض حاجياته في الحقيبة الاخرى، بللت شفتيها بلسانها وهي تأخذ نفس عميق حتى تتحدث معه، أتكأت على الجدار : ريان
دون أن يلتفت عليها : نعم
ريم تحاول أن تمهد له بتبسيط الطلب : بعد ما نرجع إن شاء الله، أبغى اجلس كم يوم بالرياض مابغى أروح الشرقية على طول
ألتفت عليها : كم مرة تناقشنا بهالموضوع!
بلعت ريقها بربكة : طيب أنا أناقشك الحين عشان نتفاهم
ريان بحدة : لا
ريم : طيب ليه؟ عطني سبب وأقنعني
ريان : ماني مضطر أعطيك أسباب
ريم شتت نظراتها : ما يصير كذا لازم نتناقش تعطيني أسبابك وأعطيك أسبابي وبعدها تقرر
ريان : ريم لا تكثرين حكي وفلسفة على راسي قلت لك اللي عندي
ريم : وأنا ماني موافقة
ريان رفع حاجبه : نعم ؟
ريم : اللي سمعته .. ماني موافقة أرجع الشرقية على طول بدون لا أشوف اهلي
ريان : لاحقة عليهم
ريم بقهر : طيب ليه تمنعني كذا! ليه تعاملني من الأساس كذا
ريان : تعرفين أنك تجيبين النكد!! ... وأستلقى على السرير لينام دون أن يعير نقاشها أي إهتمام.
ريم بقوة شخصيتها التي تتذبذب كثيرا أمام رجل يحييها لحظات ويميتها أيام، تكتفت : هالحكي ما يمشي! لك شخصيتك ولي شخصيتي ما يصير تعاملني كأني أشتغل عندك وتفرض شخصيتك على شخصيتي ..... ريان أنا ماأعرف وش فكرتك عن الزواج! من جينا هنا وأنت يوميا تبكيني وتضايقني ... والله لو أني ذابحة واحد من أهلك ما تسوي كذا! صارحني وقولي وش مضايقك فيني .. يمكن أقدر أغيره أو يمكن أنت فاهمه غلط .. بس هالطريقة ما تمشي أبد .. كيف بنعيش إذا إحنا نكتم على نفسنا وكل واحد يعيش لحاله .. الزواج شراكة نكمل فيه بعضنا ونستقر .. لكن ........
بربكة شفتيها : ما أطلب منك شي كثير.. بس أبي أفهمك ! فهمني وش يعجبك وش اللي يرضيك وأسويه
ريان أستعدل ليسند ظهره على السرير : خلصتي ؟
ريم بتوتر : إيه
ريان عاد للإستلقاء : تصبحين على خير ..
أتسعت محاجرها وهي تنظر إليه، رغما عنها تدافعت دموعها لتسقط على ملامحها المتيبسة بحركته الأخيرة، كيف تتغاضى عن هذه الإهانة؟

،

يقرأ بعض الرسائل التي أتت بالظرف البني، رفع عينه لسعد الجالس أمامه ويبدو النعاس يقترب منه : أحرقها
سعد بدهشة : ما تحتاجها ؟
مقرن بهدوء : لا ماأحتاجها ... عبدالرحمن وسلطان صاروا يشكون فيني .. أستغفر الله بس
سعد : حسبي الله على أمل هي اللي شككتهم فيك ما يدرون أنك تخاف عليهم أكثر منهم
مقرن : وصلنا لنص الطريق مقدر أبعد وأوقف، يحسبوني خاين!! يا كبرها عند ربي
سعد : لا تهتم! دامهم ما قالوها في وجهك أتركهم .. أكيد بيتراجعون أو ما عندهم دليل يثبت هالشي
مقرن : كلها يومين وراح يواجهوني، لكن أنا مازلت أبغى أكمل اللي بديته، كل شخص لازم يتعاقب بذنبه واللي سببوا حادث أهل بو عبدالعزيز راح ينكشفون إذا مو اليوم بكرا

،

في يوم جديد، الساعة تشير للثالثة عصرا بتوقيت باريس، يجلس بمقابل والده وضحكاتهم تتواصل دون إنقطاع، ألتفت عليه : الله لا يشمت العدو فينا
دخل إحدى رجاله الذين يبغضهم فارس : إلى الان جواله مغلق
رائد بحلطمة : أستغفر الله!! وش صاير له ذا قطع فجأة
فارس : مين يبه ؟
رائد : واحد نشتغل معه
فارس بهدوء : أنا أسألك عن إسمه
رائد بسخرية : كنك بتعرفه!! صالح
فارس عرف أنه عبدالعزيز ليردف : وش فيه ؟
رائد : عندنا شوية شغل وكنا متفقين على اليومين اللي فاتت لكن أنقطع فجأة
فارس : يمكن سافر
رائد : أنا أظن كذا! يسويها هالنكبة
فارس بإبتسامة يغير أجواء والده المشحونة بالعمل : تدري يبه أحس مبدئيا بيوافق على شخصي لكن ممكن يتردد بموضوع أنه ما سمع في العايلة ومايعرفها
رائد : ولا يهمك كل شي مرتب، بيسأل وكل علومك الزينة بتجيه
فارس بهدوء : طيب وعبير ؟ ماراح اقولها أني فارس
رائد بإندفاع : أنحرك قدامها لو تقولها أنك فارس، أتركها مع أبوها
فارس بضيق : وافقت على طريقتك بس طبعا ماراح أكذب عليها
رائد : لاحول ولا قوة الا بالله .. لا تطلعني من طوري وش قلت لك أنا!!
فارس وقف بعصبية : عن إذنك .. وخرج وهو يفكر كيف يخبر عبير متجاهلا سلطة والده، من المستحيل أن يبدأ حياتها معها كذبا وبسخرية نبرته الداخلية " هذا إذا وافقت علي ! " ، يا رب قلبها أجعل الخيرة بجانب قلبي.

،

يطرق الباب، مرة ومرتين وثلاث وفي كل مرة تحتد ضرباته عليها، تفكيره الأبيض أستعمرته خلايا السواد والحقد، يشعر بأنه كبت نفسه لعهود طويلة، لن يبعدها أحدا ولن يأخذها أحدا، هي تخصني وحدي، الذي يحب لا يضر من يحب ولكن الذي يحب يسرق من يحب دون أن ينتبه هل يضره أم لا! لو أخبر عبدالعزيز لجن جنونه، لست انانيا حتى لا أخبرك يا عزيز ولكن هذه الفترة أنا أحتاج غادة ، أحتاج عقلها أن يكون لي فقط حتى أروض نسيانها، كيف تنساني بسهولة؟ هل تكذب أم أنها تحاول أن تخبرني أنها تريد الإنفصال بطريقة مهذبة، كيف أستطاعت العيش كل هذه الفترة دون أحد ؟ أنا اسف يا غادة إن كنت سأقهرك! إن كنت سأضرك فأنا لا أعرف طريقا متزنا أكثر من ذلك.
فتحت الباب ليدخل دون أن يترك لها فرصة الإختيار، بكلمات هادئة : جهزي أغراضك وبتروحين معي
غادة برعشة شفتيها وأصابعها تتشابك مع بلوزة بيجامتها: وين أروح ؟
ناصر جلس ليرفع عينه التي باتت لا تفهم : عندك 10 دقايق حتى تجهزين نفسك ولا باخذك بشكلك هذا
غادة التي لا تعرف عن هذه القساوة شيئا أردفت : كيف تاخذني! لو سمحت يا ن
قاطعها بغضب : قلت لك 10 دقايق
غادة بأعصابها المتعبة تحشرجت دموعها : لا تضغط علي! شوف أوراقي الطبية وتأكد بنفسك
ناصر بمثل حدته متجاهلا كلماتها : 9 دقايق
غادة بضيق : وين عبدالعزيز ؟
ناصر وقف : يعني ماتبين تاخذين معاك شيء
غادة بغضب : ليه ما تفهمني! أنا ماأعرف مين أنت ولا مين ......
ناصر يقاطعها بعصبية بالغة أعتلى بها صوته لاخر مدى : لا تقولين ماأعرفك! .. أخلصي علي !!!
غادة برجاء : لو سمحت!
ناصر يمسكها من زندها ليشدها نحو غرفتها : 5 دقايق ألبسي فيها وأطلعي لي
غادة تتساقط دمعاتها الحارة، رضخت لصوته الغاضب وهي تعود خطوة للخلف من صوت الباب الذي أغلقه بقوة، نزعت بيجامتها لترتدي على عجل أول ما رأته أمامها في الدولاب، أخذت معطفها الأسود الذي يصل لمنتصف ركبتها، سحبت الإيشارب لتلفه وتغطي شعرها الداكن، ودت لو أنها تهرب، لكن لا مفر وهو جالس بالصالة، خرجت له بتشتيت نظراتها، بغضته لتصرفه معها ولحدة كلماتها وقساوته.
وقف : بإسم مين الغرفة ؟
غادة : وليد !
أمال فمه : ومن متى المعرفة معه ؟
غادة : دكتوري
ناصر بعصبية : دكتورك!! وطول هالفترة كنتي عنده
لم تجيبه حتى صرخ عليها : كنتي عنده؟
لم تعتاد أبدا على هذا الصراخ لتنطق بملوحة دمعها : لا بس .. بس كان معاي لأن ما كان فيه أحد جمبي
ناصر يفتح الباب ليشير لها بعينه اللاذعة أن تخرج، أتجها لشقته وهو يفكر بطريقة يخرج بها من باريس! يجب أن يخرج بأسرع وقت قبل أن ينتبه عبدالعزيز. كيف يخرج لها أوراقها الرسمية ! يجب أن يتحدث مع والده هو الوحيد الذي يملك الواسطة في هذا الموضوع.
بضع دقائق حتى أوصلها لباب شقته، ألتفت عليها وهو يدخل : دايم تعيشيني بالتناقضات! تغيريني كثير، تخليني أتصرف بأشياء ما ودي أتصرف فيها .. لكن تحملي! تحملي يا غادة مسألة أنك ما تتذكريني ...
بحدة يكمل : تنسين الكون كله بس ماتنسيني.. لكن أنت اللي تبين هالشي .. أنت بنفسك تمشين لهالطريق وودك فيه !! لا تحاولين تتأملين شي مني .. مثل ما خسرت بتخسرين معاي! إذا كنت أنا بضيع راح تضيعين معاي ... وأعتبري هالشي مثل ماتبين .. أعتبريه حتى تهديد ...

،

أرتدت الجاكيت بصعوبة وهي تتذمر : أستغفر الله ليت إيدي اليسرى اللي أنكسرت
عبير : الحمدلله بس أنها عدت على خير!
رتيل بضيق : الحمدلله على كل حال بس يختي وش ذا كيف أصبر كذا! ما أعرف أسوي شي بإيدي اليسرى
ضي تغلق حقيبة رتيل لتردف : يالله مشينا ..
رتيل : ابوي وينه ؟
ضي : مشغول .. وبعدين أنا ما أكفي ؟
أبتسمت : إلا تكفين ونص بس أستغربت أنه ما جا
عبير : عبدالعزيز ما جاك الصبح ؟
رتيل هزت رأسها بالرفض لتخرج من غرفتها الكئيبة وحامي الرقبة بدأ يضايقها، أتجهتا للخارج و بأول خطوة تحت السماء الغائمة كانت أمامهم أثير.
دب الشك في قلبها من وجودها في المستشفى على الرغم من خروج عبدالعزيز، بإبتسامة تخفي الكثير : مساء الخير
رتيل ببرود : مساء النور
أثير : الحمدلله على سلامتك
رتيل ودت لو تنطق " الله لا يسلمك " : الله يسلمك
أثير بإغاضة : الله ستر وماراح فيها وجهك ..
عبير شعرت بالقهر يفيض بها فكيف رتيل! ، كانت ستسحب رتيل وتدخلان السيارة ولكن رتيل بدأت بالحرب الكلامية المستفزة : غلطتي في المكان اللي تتشمتين فيه! إذا عبدالعزيز مزلب فيك فمشكلتك مع عبدالعزيز ماهي معي!
ضي مسكت ضحكتها وهي تشتت نظراتها للطريق، بينما عبير أتسعت بإبتسامتها وهي تتكأ على باب السيارة.
أثير بنبرة متغنجة : الله أعلم مين اللي مرمي على جمب ومسحوب عليه! عاد تصدقين كنت متوقعة أني بدخل منافسة بس للأسف نافست نفسي لأن محد جمب عبدالعزيز غيري ومحد عايش مع عبدالعزيز غيري ! لكن أنت يا قلبي وش موقعك بالإعراب! زوجة فقط وبالإسم لكن فعليا مافيه إلا زوجة وحدة اللي هي أنا
رتيل أمالت فمها وهي تشد على شفتها السفلية، ضحكت بخفوت لتردف : تنافسين نفسك!! عفوا بس مين قال أنه لك وجود عشان أنافسك! أنا لو أبي عبدالعزيز يجيني قدرت أخليه يجيني ولا تحاولين تشككين عشان ماتحطين نفسك في مواقف بايخة!
عبير مسكتها من معصم يدها اليسرى : ما نبغى نتأخر
رتيل بخبث : تهني فيه فعليا " أردفت كلمتها الأخيرة وهي تقلد نبرة صوتها "
ركبوا السيارة لتتحرك مبتعدين عن المستشفى، أطلقت ضي ضحكاتها : هههههههههههههههههههههههه بدا شغل الضراير
رتيل : شفتوها! انا ماتحرشت فيها بس هي اللي تحرشت وتتحمل! قال أنافس قال!! مدري وش جايبها
عبير : ما أتوقع جاية عشانك وكيف تدري بموعد خروجك أكيد جاية عشان شي ثاني
رتيل صمتت قليلا لتردف بخوف : لايكون حامل!
عبير : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههه وش هالدجاجة اللي بتحمل بهالسرعة
رتيل : تسويها الحيوانة ذي! بس لا ما أتوقع .. لا مستحيل أنا متأكدة
عبير : تراها عايشة معه يعني خلاص ! إذا مو اليوم بكرا
رتيل بتوتر وهي تتذكر كلماته في الرياض " ماراح تكونين أول بنت في حياتي " ، أخذت نفس عميق : حيوان لو يسويها
ضي : تاخذين بنصيحتي؟
رفعت عينها لها لتردف ضي : أنسي اللي فات، أدري جرحك!! ممكن ذلك لكن أنت بعد ما قصرتي.. أقطعي هالشر ولا تتركين أثير تتمكن منه، حتى لو ما يحبها إذا عطته كل شي طبيعي بيميل لها .. رتيل فكري بالمستقبل وش تبين تصير حياتك؟ قاعدة تضيعين عمرك بهالمكابرة
رتيل بقهر : انا ما أكابر وأفكر بالمستقبل! ودام هو أختار حياته مع أثير بكيفه .. أما أني أتنازل لا والله ماني متنازلة ! يتحمل كلامه معاي
عبير : في ذيك الفترة كل الظروف كانت تجبره وتجبرك بعد تتصرفون كذا! وأصلا كانت أعصابكم تعبانة .. لاتزيدينها أكثر
ضي : صادقة عبير .. رتيل ليه تبين تخسرينه ؟
رتيل تنهدت : هو خسرني ماهو أنا
ضي : طيب تنازلي لو شوي.. ماأقولك سلمي نفسك له بس يعني شوية تنازل تخلينه هو بنفسه يشوف رغبتك وتتقدمون بعلاقتكم
رتيل : أنتم ما تحسون فيني! أقولكم قهرني ماكان يخليني أنام ليلي من قهري منه .. وفوق هذا كان يذلني بكلامه وعايرني بأسوأ الأشياء وبعد كل هذا أتنازل! لا والله ماني متنازلة لو يصير اللي يصير ......
ضي بضيق : بس أنت تحبينه ؟
رتيل بلعت غصة صوتها : اللي خلاني أحبه يخليني أحب غيره
ضي : ببساطة كذا ؟ يا قو قلبك يا رتيل .. تخسرين سعادتك عشان ..
قاطعتها : عشان عزة نفسي! مسألة أني أهين نفسي عشان قلبي هذي مستحيلة وما هي صايرة، إن تنازلت مرة بيخليني أتنازل كثير وبيذلني كثير لأن داري أني بالنهاية راح أتنازل لكن هالحكي ما يمشي معي ! بخليه يدفع ثمن حكيه ويعرف قدره ومن خسر بأفعاله
عبير عقدت حاجبيها : عمرك ما كنت شخصية ماهي متسامحة!
رتيل : مقهورة منه ودفاعكم عنه يقهرني زيادة
ضي : انا ماأدافع عنه بس أنا أشرح لك من وجهة نظري، إثنينتكم غلطتوا! صلحوا أغلاطكم وعيشوا زي هالعالم والناس
رتيل تنهدت : ممكن نسكر الموضوع!!


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في سكون ليل الرياض، رفعت شعرها المموج جانبا وهي تخط الكحل على جفنها، أرتدت فستانا ناعما يصل لمنتصف الساق ويظهر إنتفاخ بطنها الخفيف، تعطرت وهي تنظر لنفسها نظرة اخيرة، ألتفتت على الطاولة التي جهزتها بالعشاء الذي لم تطبخه منذ فترة طويلة، أتجهت لهاتفها حتى تخبره كتبت له بالواتس اب " يوسف "
دخل للمحادثة وظهرت علامة الصح المزدوج كناية أنه قرأ ولكنه لم يرد، شعرت بحجم زعله لتتصل عليه ولولا أنها تخجل أن تنزل في هذه الساعة للأسفل لكانت نزلت وتحدثت معه فالأكيد انه بالمجلس الان أو ربما مع هيفاء، مرة ومرتين ولا يجيبها حتى أعطاها " مشغول " ، كتبت له بالواتس اب " تعبانة حيل " أبتسمت وهي تراقب شاشتها حتى لاحظت الصح المزدوج، كانت ستكتب له بعد أن أستغرق الثواني ولم يجيبها لولا أنه فتح الباب لترفع عينها بإتجاهه.
نظر إليها بعد أن أنقبض قلبه خشية أن يصيبها شيء، ضاعت نظراته في عينيها السوداوتين، هذه الأنيقة كم من مرة يجب أن نخبرها أن اللون الكحلي فاتن على جسدها الأبيض! أقتربت بخطواتها وأصابعها تتداخل في بعضها البعض : اسفة
يوسف شعر بأن شيء غريب بهذا العالم يحدث، إعتذارها الذي لم يتخيل أنه سيحدث حدث! أبتسم : مين داعي لي اليوم !
أتسعت إبتسامتها حتى بانت غمازة خدها الأيسر : يعني رضيت علينا ؟
يوسف يقترب حتى لاصقت أقدامه أقدامها : أطلع حيوان إذا ما رضيت
ضحكت بخفوت و ملامحها البيضاء تسري بها الحمرة خجلا، قبلها بالقرب من عينيها التي تقتله أكثر من مرة، وهي التي تحكي وتبكي وتثرثر وتعتب وتغضب وتضيق وتحزن في عينيها، هذه السوداويتين يملكان سحرا حائلي.
مهرة بخجل تمسك معصمه لتتجه معه نحو الطاولة التي جهزتها : بذوقك طبخي اليوم
يوسف ينظر للأطباق التي منظرها بحد ذاته يشبعه، بعد يوم أحتد به مزاجه كانت الراحة في ختامه، إبتسامتها لوحدها تدخل الفرح لقلبه، والغمازة التي لا تظهر كثيرا أمامه يشتاق إليها.

،

واقفا متكىء على مكتبه، بدأ يحك عوارضه كناية عن غضبه وهو ينظر لمتعب الذي بلع ريقه بصعوبة بعد أن خلى المبنى وأنتهى الدوام الصباحي، أردف : أيوا وش أسوي ؟
متعب : يعني لقيتها .. الحمدلله
سلطان بسخرية : كذا نزلت من السماء
متعب إبتسم إبتسامة بلهاء ليردف : سبحان الله
سلطان بهدوء : يا سبحان الله ! كل شيء هنا صدفة وينزل من السماء ....
متعب : تعرف يا بو بدر احيانا الواحد من كثر الضغط يضيع وينسى .. ولا أنا والله كنت أعرف أنه الملف عندي بس سبحان الله ما لقيته الا اليوم
سلطان يهز رأسه مستهزء بكلماته ليردف : وأنا ما أقتنعت بالعذر! قلي شي ثاني يقنعني ولا .. أنت تعرف وش بسوي
متعب : هالحين تؤمن أنه الله أحيانا يرسل ملائكته على هيئة بشر ، يعني ممكن أحد لقى الملف وحطه لي
سلطان يمسح على وجهه : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه ، متعب لا تخليني أفصل عليك! ملف فجأة يختفي بعدها يطلع ..
متعب أرتبك : طيب هالحين فكر بالمعنى مالنا دخل بالوسيلة .. والمعنى أنه وصل الملف
سلطان يتجه ليأخذ هاتفه ومفاتيحه بعد إنتهاء الدوام بالنسبة له : طيب يا ولد إبراهيم .. حسابك ماهو الحين حسابك بعدين لا فضيت لك ....
خرج ليسير خلفه متعب : الله يشهد أني بحثت عنه وأنت شفتني يوم كنت أدوره
سلطان : كل غلطة يتحملها صاحبها
متعب بضحكة حاول يستعطفه : ترى المعاش بح
سلطان كتم ضحكته ليلتفت عليه قبل أن يدخل المصعد : عزابي ماعندك لا شغل ولا مشغلة! وين يروح ؟
متعب : قطية إستراحة
سلطان بإبتسامة : مشكلتي أحبك ولا كان هفيتك الحين باللي معي *أشار لهاتفه*
متعب تنهد براحة أن أبتسم هذا يعني أن الأمور محلولة : أدفع عمري كله عشان تبتسم .. يعني أتطمن على أموري
غرق بضحكته الطويلة ليردف : ما أعصب الا لما تعصبني أنت وأحمد! ولا أنا هادي
متعب : ما ودي أكذبك طال عمرك لكن قوية والله
سلطان يضغط على زر الطابق الأول : ههههههههههههههههههههههههههههههههه أنا أوريك القوية بكرا ! تجي بلبسك العسكري بخليك تتدرب معي
نزل للأسفل ليتجه نحو سيارته السوداء، دقائق قليلة حتى خرج من منطقة عمله ليدخل في شوارع الرياض الصاخبة، أضواء السيارات تغرقه في التفكير، تتشابك في داخله ألف فكرة وفكرة، إبتداء من الجوهرة نهاية في مقرن، مسك هاتفه ليدخل الواتس اب ينظر لاخر دخول لها، قبل دقيقتين! لم تنام بعد.
تمر التقاطعات بخفة تفكيره حتى ركن سيارته أمام بيته، خرجت أمامه العنود، تجاهلته تماما وهي تركب السيارة التي تبعد عن البيت عدة خطوات، ألتفت ليرى بها " ماجد "، عقد حاجبيه بغضب وهو يفتح الباب ويبحث بعينه عن حصة ، تقدم لها بالصالة دون أن ينتبه للجوهرة الجالسة خلفه : كيف تطلع معاه بنتك ؟
حصة : قول السلام طيب
سلطان تنهد : وش هالمصخرة اللي قاعدة تصير
حصة : أنا رفعت إيدي منها! كيفها هي وأبوها
سلطان صمت قليلا ليردف : على يوم بتنذبح .. طيب وين الجوهرة ؟
قبل أن ترد عليه حصة التي أتسعت بإبتسامتها، أتى صوتها من خلفه : أنا هنا
ألتفت، يكره أن يقع في فخ الغباء ، قطعت إنظاره الموجهة للجوهرة : تعشيت ؟
سلطان : لا
حصة : أجل بروح أحط لكم العشا
الجوهرة وقفت : خليك حصة أنا بروح أجهزه
حصة تدفعها برقة لتجلسها وبنظرة ذات معنى : خليك أنت في نفسك ... وخرجت.
سلطان جلس وهو يسند ظهره على الكنبة بتعب، بعد أن مدد يديه وفرقع أصابعه ألتفت عليها : متى صحيتي ؟
الجوهرة : ما نمت العصر.... أبوي نهاية هالأسبوع يبغى يرجع الشرقية ... كلمته وقلت له أني برجع معه
سلطان بجمود ملامحه : وش قلتي له ؟
الجوهرة تعرف أسلوبه جيدا، يحب أن يسأل حتى يستفرد بغضبه، أرتعش لسانها : قلت أبغى أرجع معه
سلطان : وقررتي من كيفك!
الجوهرة : بيت أهلي ما أحتاج أستأذن فيه
سلطان بغضب : لا! ومرة ثانية ما تفكرين من كيفك وتقررين وين بتروحين ووين بتجين
الجوهرة بحدة كلماتها وهي تمثل البرود في ملامحها : أنا قلت لأبوي وأنتهى الموضوع
سلطان صمت حتى وقف والغضب يفيض به : كيف يعني أنتهى الموضوع! أقسم بالله لو تعتبين باب البيت ماراح تلقين في وجهك الا القبر
الجوهرة بربكة وهي تشتت نظراته بعد أن أقترب منها: طيب أبغى ارجع! صار لي فترة طويلة ما شفت أمي
سلطان بحدة كبيرة : قلت لا ! تفهمين عربي ولا لأ ؟
الجوهرة وقفت تحاول أن تتخلص من خوفها منه : لا ما أفهم! أبغى أرجع
سلطان يحاول أن يمسك أعصابه أمامها : ناوية على نفسك اليوم ؟
الجوهرة : ليه ما تفهم أني ...
قاطعها بعصبية : قلت لا ! أنتهى النقاش بالنسبة لي! ثاني مرة ما تفكرين من نفسك ... لأنك ما تعيشين لحالك فيه عالم حولك تستأذنين منهم
الجوهرة أمالت شفتها السفلية، تجاهد أن لا تبكي بعد توبيخه لها، أردفت بهدوء : طيب أنا الحين أستأذن منك !
سلطان : وأنا وش قلت ؟
الجوهرة : بس ما عندك أي مبرر! هذولي أهلي ومن حقي أشوفهم
سلطان : وتوك تفكرين فيهم .. تلعبين على مين بالضبط ؟
الجوهرة رفعت عينها له بدهشة لتندفع بكلماتها : طول وقتي أفكر فيهم! ولا أنت أصلا تجلس بالبيت ولا تجلس معي عشان أقولك وش أفكر فيه ووش ما أفكر فيه .. حلوة ذي تغلط وتحط غلطك علي
سلطان يمسكها من معصمها بغضب ليخرج بها متجها للأعلى
الجوهرة بخوف : راح أصرخ لحصة . . . . .



،

لم تتوقع أن يحتال عليها بهذه الصورة ولم تتوقع أن يكذب عليها والدها حتى تلتقي بعبدالعزيز وقفت أمامه وهي تشتد غضبا من تصرفات الجميع بحقها : وش تبي ؟
عبدالعزيز : ممكن تجين معاي ماراح نطول ، نص ساعة وبنرجع
رتيل : لا مو ممكن
عبدالعزيز : طيب كيف نخليه ممكن ؟
اعطته ظهرها وهي تسير بإتجاه المصاعد الكهربائية، مسكها من معصم يدها اليسرى : رتيل .. بس شوي
رتيل تنهدت : أكيد وصلت لك الأخبار من حرمك المصون !
عبدالعزيز : ما وصل لي شي
رتيل : بحاول أصدقك .. تقدر تقول اللي عندك هنا لأني بنام
عبدالعزيز : فيه أحد ينام الحين ؟
رتيل : إيه أنا
عبدالعزيز بضيق : رتيل! لا تاخذين الأمور بإستخفاف .. جد عندي موضوع معك
رتيل بسخرية: موضوع زي مواضيعك اللي فاتت
عبدالعزيز ضحك ليردف بإغاضة : لا هالمرة الموضوع جسدي
رتيل ودت لو تصفعه، ضربت صدره بقبضة يده اليسرى : معفن ... مسكها وأحكم قيده على معصمها ليخرج بها إلى خارج الفندق ويغرق بضحكاته : أمزح
رتيل تشعر بأن أعصابها بأكملها مشدودة : مزحك ثقيل
عبدالعزيز : بعض مما عندك
رتيل تنهدت : أستغفر الله العظيم وأتوب إليه .. يعني وين بتوديني ؟
عبدالعزيز : بما أنه ماعندي سيارة راح نمشي
رتيل : لوين . .
عبدالعزيز : شقتي
ألتفتت عليه بغضب و . .

،

تضع يدها على قلبها المرتجف من حضور الرجل الذي سيقترن إسمها بإسمه، تشعر بأن قلبها سيقتلع من محجره، لم تجرب النظرة الشرعية رغم أنه سبق وتقدم لخطبتها، هذه المرة الأولى وتشعر بالضياع الفعلي : يممه قلبي بيوقف
نجلاء بضحك تستفز خوفها : حاولي تطالعينه طيب عشان تقولين لنا الأخبار
هيفاء : كيف أطلع له ؟ لا بطلت خلاص قولوا له يشوفني بالعرس
نجلاء : شكلك حلو والله خليك واثقة .. يالله روحي صار له ساعة ينتظر ومعاه يوسف
هيفاء : ومنصور ؟
نجلاء : لأ قال يوسف أقرب لهيفا عشان ما تنحرج
هيفاء : ياربي وش أسوي! يختي جتني أم الركب
نجلاء : هههههههههههههههههههههههه لا إله الا الله .. تعوذي من الشيطان وأدخلي قبل لا تجي أمك وساعتها بتحسبك من شعرك
هيفاء تأخذ نفس عميق : يارب يارب ... طيب إذا سألني ما أرد عليه صح ؟
نجلاء تضرب صدرها برقة : وراه! فاهمه الحيا غلط .. ردي عليه على قد السؤال
هيفاء تتجه نحو المجلس الجانبي، وهي تقرأ كل ايات القران التي تحفظها، حتى فتح يوسف الباب الذي تذمر من الإنتظار وكان سيأت ليناديها ولكن تفاجىء بوقوفها، توسلت إليه بنظراته لأشياء لا يفهمها يوسف، أبتسم ليهلي بها مستفزا كل أعصاب هيفاء : هلا بالشيخة ....
رفع عينه فيصل لتلتقط حضورها . . .

،

يتأملها، يطيل نظره بها وكأنه يستكشفها من جديد، مازال يشعر بغربة جسدها عنه، يراقب تفاصيلها الصغيرة التي مازالت تحتفظ بها ولم تتغير بعد، تشتت نظراتها من ربكة عينيها التي تحدق بها.
ناصر بهدوء : ماراح تقولين لي وش سويتي في غيابي ؟
غادة بمثل هدوئه : ما أتذكر
ناصر الذي لا يستطيع أن يستوعب أو يفسر أو حتى يجمع بعقله الذي مازال تحت تأثير الصدمة حتى لو كانت ملامحه توحي بغير ذلك، لا يستطيع ان يتزن بتفكيره أو يصل الخيوط ببعضها، كم يلزمني من الوقت حتى أستوعب وأفكر بطريقة لا تتحمل غبائي في هذه الدقائق، نظر إليها بحدة حاجبيه : ليه تكذبين ؟
غادة بقهر : ما أكذب قلت لك ما أتذكر
ناصر يضرب بكفه على الطاولة غاضبا : تكذبين! من عيونك واضح تكذبين .. انا أعرفك أكثر من نفسك وأعرف كيف تكذبين
غادة بنبرة لم تقصد بها الإستفزاز : لا ماتعرفني! لو تعرفني ما كان كذبتني وخذيتني كذا
يقترب منها ليحاصر كتفيها وهو يمسكهما بيديه : أنت ما توعين لحكيك ولا تعرفين وش قاعدة تقولين!!! .. غيروك .. واضح أنهم غيروك
غادة بضيق : أتركني أروح .. ما أبغى أجلس هنا ..
ناصر : لمين بتروحين! ماعندك أحد غيري
غادة : عندي وليد ....
ناصر وقف وهو يشعر بأن الدنيا بأكملها تتجمد أمام عينه . . . . . .

،

يضع شريحة هاتفه الأخرى التي لا علم لوالده بها، يجلس بالمقهى المعتاد وبالكرسي المعتاد أيضا، الكرسي الذي يخص العبير، كتب رسالة إلى الإسم الذي رمزه ب " عزيز "، " أحتاج أشوفك ضروري، والليلة إذا أمكن .... فارس "

،

مقتطف/لمحة " بحماس تتكلم غاضبة وهي تندفع بالكلمات الحادة ومن فرط الإندفاع تفتحت أزارير قميصها، لم يستطع الوقوف وهو يجلس على الأريكة غارقا بضحكاته : كم مرة قلت . . . . "


.
.

أنتهى البارت
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


المدخل ل عبدالرزاق عبد الواحد.

أشعلت حبك في دمائي
وسكنت في زرعي ومائي
وملأت كل مواسمي
وملكت حتى كبريائي
إن كنت بعضا من رجاك
فأنت لي كل الرجاء
أنا ما خلعتك من دمي
أنا ما دفعتك من سمائي
وفعلت أنت فبعتني
يا ليت بيع الأوفياء!
ياني.. وحسبك إن أقل
ياني، يغالبني بكائي!
ويعود بي هذا النداء
لعز أيام النداء
أيام كان الزهو يملؤني
بأن لك انتمائي
وبأن قلبك لا يثير
رفيفه إلا لقائي
وبأن عينك، عين ميدوزا
سناها من سنائي
وبأنني الغالي لديك
وأنت أغلى من غلائي
وثقي بأنك رغم ما
سفحت نصالك من دمائي
وبقدر ما للتافهين
كشفت ياني من غطائي
ما زلت ياني أجمل ال
لحظات حتى في شقائي!
ما زلت كل رفيف أجنحتي
وكل مدى فضائي
ما زلت نبض دمي، وأعظم
ما يحقق لي بقائي
ما زلت أنت مجرتي
وغدي المشعشع بالضياء
لا تطفئيها مرة
أخرى.. فناؤك في فنائي!



رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 60 )


ألتفتت عليه بغضب لا تكاد تصدق بأن والدها يوافقه ويصادق على أفعاله بكل أريحية دون أن يلقي لموقفي منه أي إهتمام، عبدالعزيز أهانني بإرادة والدي ودون هذه الإرادة لما ذلني أبدا. : طبعا لا
عبدالعزيز أدخل يديه في جيوبه ليبتسم : صدقتي؟ أصلا مستحيل نروح .. أثير هناك ..
رتيل أخذت نفس عميق: عبدالعزيز يكفي تضايقني أكثر!!
عبدالعزيز : وأنا ماأبغى أضايقك .. تذكري الهدنة اللي قلنا عنها !!
رتيل بضيق : وأنت خليت فيها هدنة! تقهرني وتضايقني بعدها تقول هدنة
عبدالعزيز تنهد : طيب خلينا نمشي .... وأتجها لحي أقل صخبا، دخلا في إحدى المقاهي المنزوية بهدوءها.
وضعت هاتفها على الطاولة وهي تأخذ الهواء بطريقة توحي بأنها تختنق، رفع عينه لها : أنا تعبت من هالموضوع! خلينا نقرر من هاللحظة
رتيل : يعوضني الله
عبدالعزيز أمال فمه بمثل حركتها الدائمة التي ترتبط معه بها ولم يلحظها بعد، أطال صمته ليقطعه بجمود : يعني ؟
رتيل شتت أنظارها دون أن تجيبه. وبدأت تسرق الغطرسة والسادية من جوف عزيز، بدأت تستنسخ قساوته كما يليق بالحزن الذي تسبب به في قلبها.
عبدالعزيز : وش تقصدين يا رتيل!
رتيل : اللي فهمته
عبدالعزيز : وهذا قرارك ؟
رتيل أرادت أن تلسعه بعذاب الضمير لتردف بقسوة أحتدت بنبرتها : لا! القرار لك ولأبوي .. من متى كان لي قرار ؟ مثل ما طبختوها .. طلعوا لكم مخرج منها
عبدالعزيز يشتت أنظاره للمقهى الخاوي من كل شيء عدا العجوز الذي يجلس خلف الطاولة التي بجانب الباب، عاد عينه إليها : نطلع لنا مخرج!! أنت شايفة انه موضوع تافه عشان ..
تقاطعه : بالنسبة لي تافه
عبدالعزيز بغضب : لا تستفزين أعصابي يا رتيل!!
رتيل ألتزمت صمتها وهي تتشابك بأصابعها مع مفرش الطاولة.
عبدالعزيز : صدقيني محد بيخسر غيرك! أحكمي عقلك وأعرفي كيف تفكرين وتقررين
رتيل بإستفزاز صريح : قلت يعوضني الله عن خسارتك
عبدالعزيز أخذ نفس عميق : ما عندك غير هالحكي ؟
رتيل بإنفعال لم تستطيع أن تسيطر على كلماته الفاترة في حضرة غيرتها المنتشية : ماهو على كيفك ولا هو على مزاجك متى ماتبي تجي ومتى ما روقت مع أثير نسيتني
عبدالعزيز : متى نسيتك ؟
رتيل : أسأل نفسك ...
عبدالعزيز رفع حاجبه : مشكلتك ماهي معي على فكرة .. مشكلتك مع قلبك اللي يناقضك
رتيل : أجل أترك لي مشاكلي بروحي! أنا أحلها مع نفسي
عبدالعزيز بدأت قدمه اليمنى بالإهتزاز والضرب على الأرض : تفكرين بمستقبلك كيف يكون ؟
رتيل : أحلامي مالك فيها مكان
عبدالعزيز شد على شفتيه : يعني أفهم أنه قرارك أخير!
رتيل ودت لو يقول شيئا يعاندها به، لو يرفض وينكر القرار، والله لأتحجج بكل شيء في يدي وأرضخ لك، لو كلمة! فقط كلمة تبلل جبين القلب المتعارك بحزنه، فقط كلمة وأعف عنك، لكنك أقسى من أن تتنازل عن كبريائك أمام أنثى مثلي، أقسى بكثير من أن تشعر بأن الحياة ضئيلة ولا تستحق أن نعيشها بهذه الصورة، أقىسى بكثير يا عزيز من أن تعتذر لي ولو إعتذار مبطن.
عبدالعزيز : كنت متوقع شي ثاني! لو أدري أنه كلامك بيكون كذا .... ما كان جيت .. ما كان خليتك تسمعيني إياه
رتيل بضيق تقاوم رعشات عينيها : وش كنت متوقع؟ أقولك راضية أنه أثير تشاركني فيك! ولا أقول أنه إهاناتك ما عادت تعني شي .. وش بالضبط منتظر مني ؟
عبدالعزيز يثبت نظراته في عينيها المتلألأة بالدمع : شي واحد ما أفهمه فيك! .... شي واحد يا رتيل ماني قادر أفهمه ... كيف تتلذذين بتعذيب نفسك!
تجمدت ملامحها، ستكره نفسها لو تبكي أمامه، بلعت غصتها وهي تقاوم الحشود الذائبة في عينيها : أعذب نفسي!! غلطان .. لو يصير اللي يصير ما يهمني وأظن كل شي يثبت لك هالحقيقة ما يحتاج أقولك وأزيد عليك .. حتى عقب الحادث لو لا سمح الله صار فيك شي كنت بحزن عليك لمجرد شخص عادي.. ممكن أحزن على أي شخص في الشارع! لكن مستحيل أندم على وقت راح بدون لا أكون معك .. لأنك ببساطة ما تعني لي شي، أشك حتى أنه أثير تعني لي أكثر منك!!
يطيل النظر بها، لعينيها التي تصدق وتهينه كثيرا، للكلمات الحادة التي تنصف القلب وتسقطه، تبادله الإهانة ذاتها ولكن يخشى أن نبرة الصدق هذه واقع وليس من أوهامه، أردف بإبتسامة تخفي قهره : تحاولين تبنين كلامك على أشياء ماهي موجودة! تكذبين الكذبة وتصدقينها
رتيل بغضب ترفع عينها المحمرة بالرعشة وصدرها الذي يعتلي بالنبض : ما أبني كلامي! أنا فعلا ما عندي غير هالكلام .. لا تجرب تستخف فيني بحكيك أو حتى تفكر تضايقني بأثير! وهالمرة أنا اللي بصارح أبوي عشان يعرف قدر اللي معطيه هالثقة
عبدالعزيز : خلصتي كلامك ؟
تكاثرت الدموع في محاجرها، كيف للغيرة أن تتسرب إلى عيني، كيف لكلماته أن تشطرني نصفين؟ كيف لإسمها البسيط أن يقف كالغصة في صوتي؟ كيف لكل هذا يجتمع في رجل! قاس يا عبدالعزيز ويعز على قلبي أن تكون هكذا، يا حزني المتواصل منك، يا حزني الذي لم يجف بعد! لم يتضائل بعد، مازال في قوته، في تماسكه، وأنت وحدك من تبدده وأنت وحدك من تستلذ بتماسكه على قلبي.
يهمس : مين يوجع الثاني يا رتيل؟ أنت اللي توجعين نفسك
أتى صوتها الباكي، تعرت من مكابرتها لتنهمر دموعها بقساوة الغيرة المترسبة في محجر عينها : أنت تضايقني! تهيني كثير يا عبدالعزيز هذا وأنا ما أجرمت في حقك أبد، كل هذا عشان أدافع عن نفسي في وقت الكل بما فيهم أبوي أرخصني .. وش سويت لك بالضبط عشان تقهرني بكل شي يجي في بالك؟ قولي بس وش سويت وأنا مستعدة أعتذر لك الحين وننهي كل هذا ..
أنهارت لتغرق كلماتها في البكاء، بكلمات متقاطعة يعلو بها بكائها : أنت اللي بديت! وانت اللي ضايقتني! في كل شيء .. في كل شيء والله تقهرني .... ما أطلب منك شي.. بس أحترم قلبي ...
بإنكسار أردفت : أحترمه لو شوية
وقف ليتجه للكرسي الذي بجانبها ويجلس عليه : وأنت؟ يا كثر ما توجعيني يا رتيل وتقولين ما أجرمتي في حقي!
ببحة الوجع : اللي سويته ولا شي! بس أنت ما قصرت في أكثر شي يوجع البنت سويته! رحت وتزوجت
عبدالعزيز : قضيتك ماهي أثير .. انا متأكد من هالشي
رتيل: قضيتي بأنه فيه شخص ثاني موجود في حياتك!! تقبل تهين أثير ؟ .... جاوب على سؤالي تقبل ؟
عبدالعزيز بهدوء : مستحيل أقبل أحد يهينها
أرتفع صدرها بشهيقها المتأني دون زفير، ليكمل : إن كان في بالك أني أستغل أثير فأنت غلطانة وأني جايبها لمجرد أني أهينك فأنت في مصيبة .. لأن أنا قادر أهينك بدون ما أستخدم أحد، لكن أنا .. أبغى أثير يا رتيل
لا يدرك بالوجع أبدا، لا يدرك بحزني ولن يدرك، لم حظي بهذا السوء؟ لم الحزن يتربص لي في كل محاولة أبتسم بها! في كل مرة لا أرى شيئا يستحق الحياة، يجدر بي أن أهنئك يا عزيز فأنت كسبت وأفقدتني المتعة في الحياة.
ألتفتت عليه بكامل جسدها لتلتصق به، تأمل دمعها بعينيه التائهتين، كيف يجب أن نخبر هذه السمراء بأن لاتبكي؟ كيف نخبرها بأن البكاء منها يعني : إنقلاب وكارثة، بأن ملامح الجميلات يحرم عليهن الدمع، أنا أعترف أنني قادر على فعل كل شيء، وأن أقاوم رغباتي بكل ماهو سيء ولكن أمام دموعك أنا جدا سيء يا رتيل وأعني بجدا سيء أنني مستعد أن أنقض العهود كما ينقضها اليهود! أنقضها بكل عنف دون أن أسأل عما سبق وعما سيأت، ما بيننا أكبر من هدنة، ما بيننا عمر لا يقبل أبدا أن يتعطل بهدنة.
رتيل بألم : تبغاها ؟ يعني كنت تبغى تتزوجني بس عشان تضايق أبوي .. وتضايقني .. تعرف وش اللي موجعني؟ كنت أظن أنك لي وهي الدخيلة بيننا .. بس طلعت أنا اللي مالي مكان بينكم .. كيف تقدر يا عبدالعزيز تسويها فيني؟
بدأت تفقد شعورها بعقلها وبإتزان تفكيرها، أنهارت تماما وهي تعاتبه بألم يقذف نفسه بجسدها : علمني كيف تقدر توجعني كذا ؟ يخي أنا وش سويت في حياتي عشان تسوي فيني كذا !! ليه ما تفهم .. حرام عليك .. تدري بشعوري .. تدري بأنه قلبي معك وتوجعني! ....
يجلس بجانبها جامدا سوى من عينيه المحاصرة لعينيها المرتعشتين، بلاوعي ضربت يدها التي تغطيها الجبيرة في الطاولة وهي تعلن جنونها الان على حبها وإنهيارها عليها، سحب يدها حتى لا تكسرها أكثر لتعتلي نبرتها ولا يفصل بينهما سوى هواء عابر : أنا الغبية اللي أتحراك وأنت أصلا قلبك معاها
عبدالعزيز بنبرة حانية : رتيل ..... خلاص ..
تخفض رأسها : ذليتني، كرهتني بنفسي، قهرتني بكل شيء حتى بأبوي، سويت كل شي ممكن يسيء لي .. وش بقى أكثر ؟
عبدالعزيز يسحب كرسيها أكثر حتى يلتصق تماما وما عاد الهواء العابر يمر بهما، أصبحت الأنفاس هي من تمر وتطوف حولهما : كانت ردة فعل لكلامك .. ما كان هدفي أني أضايقك .. والله ماكان هدفي أني أجرحك وأوجعك
رتيل : هذا وما هو هدفك .. كيف لو كان هدفك وش كنت بتسوي فيني!!
عبدالعزيز أبتسم بضيق : اهدي ولا تبكين عشان أقدر أتناقش معك
رفعت عينيها الباكية : أنا أبكي على حظي .. على حياتي الضايعة ...
يقاطع لذاعة كلماتها ليسحبها لحضنه، شدها حتى ود لو أنها تدخل فيه : ما تضيع حياتك وأنا جمبك .....
يهمس بدفء أنفاسه في أذنها : رتيل ... خلينا ننسى كل اللي صار .. أمحيه من بالك
رتيل بصوت مخنوق : وأثير ؟
عبدالعزيز : تجاهلي وجودها في حياتي
رتيل ببكاء الغيرة : كيف أعتبرها مهي موجودة وهي تعيش معك !!
يبعدها بهدوء ليمسح دمعاتها بأصابعه لتكمل بوجع : كيف تحب لك شخصين ؟
عبدالعزيز يطيل الصمت والضياع في عينيها التي يكرهها بقدر ما يحبها، هذه العينين التي دائما ما تجرد قلبه من كل الكلمات، حتى أصبح لا أعرف كيف أواسي قلبك ولا أعرف كيف أواسي نفسي!
يمسك كفها الأيسر ليضغط عليه بكفه الأيمن، تنظر له بضياع تام، لا أعتب عليك وعينيك خماري، وأني والله يا حبيبي أخاف العري وأخاف من نظرات المارة وأغار!.. أغار من العابرين والطرق التي تراك ولا تراني فكيف بالإناث؟ كيف أقبل أن تأت أنثى وتسكن معك؟ أن تراها وهي تستيقظ أمامك؟ أن تبصرها وهي تنام بجانبك؟ كيف أقبل بأن تشاركها طعامها، أن تشاركها أمورها الحياتية الصغيرة والكبيرة، كيف أقبل بكل هذا دون أن يخدش قلبي؟ دون أن يضيق بي ويحزنني؟ كيف أقبل بأن ترى عيناك غيري؟
: ما توفي يا عزيز .. ما توفي لا لي ولا لأثير ...
عبدالعزيز وهو يتلاعب بأصابعه على باطن كفها، عقد حاجبيه بوجع أكبر : ما كنت متخيل ولو للحظة حتى بأكثر لحظاتي تشاؤم أنه حياتي بتكون كذا ! اني بتزوج بهالطريقة .. أنه بيكون على ذمتي ثنتين مو وحدة! .. كنت أحلم مثل الكل .. كنت أحلم بالبيت اللي بيجمعنا وبالأطفال اللي بيحملون إسمي .. كنت أحلم .. كنت أحلم فيك .. بس أنا ما حققت ولا أي شي من أحلامي ..... أنا ماني متضايق من أبوك .. بالعكس أعتبره بمقام أبوي، أنا متضايق لأني أفلست من هالدنيا .. لأن ماعاد أنتظر أحد ولا أحد ينتظرني ، متضايق لأن أبوي ماهو معاي.. لأن أمي ماهي جمبي .. متضايق من أشياء كثيرة فقدتها وفقدت نفسي فيها، بس قولي لي تقدرين تعيشين بدون أبوك؟ .....
تخفض رأسها لتسقط دمعتها الحارة على كفه التي تتغلغل بكفها،
عبدالعزيز يتعرى بجروحه تماما، لم يعد يفيد الإسرار بشيء : ما تقدرين وأنا مقدر يا رتيل، إذا غبتي ساعة بتفقدك أختك وبيفقدك أبوك وبيفقدك مقرن وبيفقدونك أعمامك .. وبنات عمك والكل .. طيب أنا ؟ مين بيفقدني ؟ محد .. أفهميني بس ..
يشتت أنظاره بضياع : أفهمي أنه القصد أبد ماهو أني ماني قادر أوفي لأثير أو لك ..

،

رفع فيصل عينيه ليلتقط حضورها، تجمدت ملامحه بأنها بعيدة وجدا عن وصف والدته، لم تصدق بشيء سوى شعرها الطويل ماعدا ذلك خرافات من أمي التي ترى شيء لا أراه، أخذ نفسا عميقا وهو لا يرمش أبدا، يوسف القريب منها يهمس بإبتسامة ساخرة : تبين تقهوينه ؟
هيفاء تهدده بنظراتها العنيفة وتشعر بالإختناق وهي لم ترى سوى أقدامه، بلعت ريقها لتتوسل إليه بنظرات ثرثارة، يوسف وقف لم يعد يعرف ماذا تريد منه بالضبط ؟ ود لو يتركها لوحدها حتى تتورط ولكن لم تتم الملكة بعد ولا يجوز أن تختلي به لوحدها، جلست لتلتصق بيوسف.
يوسف يحاول بكل ما أعطاه الله من قوة أن لا يضحك بموقف يجب عليه أن يكون الأكثر إتزانا، طال صمتهم وطال ملله منهما.
فيصل تنحنح ليردف : شلونك يا هيفا ؟
هيفاء بصوت متقطع : ب.. بخير
يوسف أشفق عليهم ليحاول هو الاخر بفتح موضوع : طيب يا فصيل تقدر تقولنا الصفات اللي تبيها في هيفا
فيصل هدده بعينه ليشد على أسنانه : فصيل بعينك!!
يوسف أتسعت إبتسامته حتى بانت اسنانه : يالله يا بو عبدالله لا تبطي علينا عندك 10 دقايق بس
فيصل ينظر لهيفاء التي تكاد تذوب في خجلها، بشرتها البرونزية مغرية حد التأمل، عينيها شديدة الشبه بيوسف يشعر بالضياع أمامها : ما عندي صفات محددة
يوسف غرق بضحكته الطويلة وهو يشير له بيده دون أن تنتبه هيفاء بأنه " تخرفن "
فيصل مسح على وجهه حتى لا يضحك ويضيع " البرستيج "
يوسف : طيب فيه شي ثاني ودك تقوله ؟
فيصل : وأنت مخليني أتكلم
يوسف : يالله قول وش عندك ؟
فيصل بإبتسامة متزنة : أنا مستعجل ، عندي شغل وأبي زواجنا يكون بأقرب وقت
يوسف لم يستطيع أن يمسك نفسه ليضحك بخفوت وبنبرة ساخرة : عندك شغل!
فيصل بإندفاع : والله محدد هالشي من زمان ومنصور عنده خبر
يوسف يلتفت على هيفاء بإستلعان : موافقة يا هيفا ؟ طبعا إذا ما وافقت بتضطر تنتظرها
فيصل يراقب حركة شفتيها المرتجفة.
يوسف : وش قلتي ؟
هيفاء بحركة عفوية تغرز أصابعها في ذراع يوسف معبرة عن شدة الحرج التي تشعر بها.
يوسف : نعتبرها موافقة وصلى الله وبارك
فيصل أتسعت إبتسامته : أجل ألف مبرووك
يوسف وقف ليتجه مع فيصل للخارج حيث مجلسهم الذي أجتمع فيه الجميع، أطالوا وقوفهم أمام الباب وأصواتهم تخفت قبل أن يدخلا للمجلس.
خرجت هيفاء دون أن تنتبه أنهما مازالا واقفين ، رددت وهي تهف على نفسها بيدها بعد أن أعتلت حرارة جسدها والخجل مازال يسيطر عليها لتنادي على والدتها بنبرة توشك على البكاء : يممممممه ... يممه وش ذا ..
يوسف تنحنح حتى تنتبه لهما بينما فيصل تمتد إبتسامته لاخر مداها.
شهقت وهي تتراجع للخلف وتشتم نفسها ويوسف وفيصل وكل عائلتها في ثواني قليلة، ودت لو الأرض تنشق وتبلعها حالا .. حالا.

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

الجوهرة بخوف : راح أصرخ لحصة . . .
تعتلي قبضته لتحاصر زندها وهو يصعد وهي تقاوم الصعود وتتمسك بالدرج : سلطان
يقترب منها ليفك يدها من الدرج ويحكم سيطرته على كلتا يديها بيده ويصعد بها، أندفعت وهي تكره نفسها أكثر حين ترضخ له : طيب اسفة .. خلاص اسفة ...
سلطان : أنا أعلمك كيف تتطاولين وتعلين صوتك علي! .... دخل بها لغرفتهما وأغلق الباب.
بقساوة ينزع حزامه العسكري الغليظ من بنطاله، تنظر له بدهشة بعد أن تجمدت عروقها، ألتصق ظهرها بالباب : عمتك ما رضيت عليها بالكف وأنا حتى الحريقة ترضاها علي !!!
سلطان بغضب : طيب يالمحترمة! يوم تعرفين تحاضرين وتناظرين !! شوفي نفسك كيف تكلميني!!
الجوهرة بربكة كبيرة أمام غضبه، أردفت بصوت ركيك : واللاتي تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع ... وأنت على طول قدمت الضرب
تهزمه دائما بالقران، بالايات الي تعبره لتمسك غضبه وتلينه، مدد أصابعه ليسقط الحزام على الأرض وقبل أن ينطق شيئا أوجعته بقدر الوجع الذي يترسب في قلبها، لتسخر بكلماتها بجدية الحزن : وأظن أنك هاجرني بليا شي! ما هو ناقص بعد تحط في بالك الهجر
سلطان يقترب منها لتلتصق أقدامهما المتقابلة، بتنهيدته المتأنية : طيب يا حلوة
الجوهرة من قهرها لا تعلم ماذا تقول : لا ماني حلوة!!
سلطان يكره أن يضحك في وقت تضطرب به أعصابه ويرتفع به الغضب، أبتسم :وش تبيني أناديك ؟
انتبهت لكلماتها ليحمر وجهها، حاولت أن تبين اللاخجل : نادني الجوهرة
سلطان : طيب يالجوهرة بكلم أبوك وأعزمه عندنا قبل لا يرجع
نظرت له بملامح أرتخت، شعرت بأنه يفك قيدها تماما، هدأت أنفاسها وضاعت نظراتها في كل شيء بالغرفة ما عداه رغم أنه لا يترك لها فرصة لتأمل شي وجسده يلاصقها تماما، لا تعرف كيف أنه يرضخ بسبب كلمة بسيطة منها! أن يوافق على ذهابها لوالدها بعد رفضه.
سلطان بخبث يقطع سلسلة أفكارها : عشان أقطع يقينك بالروحة له
تغيرت ملامحها للأسوأ بعد أن رأت أملا وسرعان ما تبخر، لتتسع إبتسامته : تبين شي ثاني ؟ لأن ماراح أرد لك طلب
الجوهرة أمالت شفتها السفلية بغضب شديد بعد سخريته بها، لا تعرف كيف تزورها القوة والجرأة أحيانا، أندفعت : طيب يا حلو .. منك أنت بالذات ما أبغى طلبات
سلطان يقلد نبرتها : لا ماني حلو
الجوهرة أخذت شهيق ونست الزفير من العصبية التي تسيطر عليها : لا تقلدني!!
سلطان مازال يعاند، يشعر أنه يصغر 10 سنوات للخلف بتصرفاته : ناديني سلطان
الجوهرة تشتت نظراتها، تخاف من كلماتها القاسية أن تأت وهي تنظر لعينيه : يقول عني صغيرة عقل وما يشوف حاله
سلطان يضع ذراعيه على الباب لتحاصر جسدها : ما تبيني أمزح معك ؟
الجوهرة : أنت ما تمزح أنت تهين وبالشرع ما يجوز أنك تمزح بالإهانة
سلطان بإبتسامة : عاد أنا مزحي كذا
الجوهرة : وأنا ماأحب مزحك
سلطان : غصبا عنك تحبينه ..
بغرورة الذي يغيضها يكمل : كل شي مني مجبورة أنك تحبينه
الجوهرة تعض شفتها بغضب حتى أحمرت بالدم : طيب أبعد
سلطان : وإن ما بعدت ؟
الجوهرة تكاد تجن من تصرفاته التي لا تعرف بدايتها من نهايتها، كيف مزاجه يتلون بالدقيقة مئة مرة : سلطان
سلطان يمسك ضحكته ليقترب أكثر فوق إقترابه الشديد : حاولي تدلعيني بكلمة ثانية وأبعد
الجوهرة : منت صاحي!
سلطان : هذي من معجزات القران، تقرأين علي اية وتضيعني
الجوهرة أضطرب نبضها وهو يتصادم في صدرها : طيب .. ممكن تبعد ؟ الحين حصة بتدور علينا
سلطان بسخرية لاذعة : صادقة ماحسبناها! عمتي بتدور علينا الحين وبتخاف إن ما لقتنا
شعرت بغباءها وسطحيتها في التبرير : سلطان لو سمحت جد أتكلم
سلطان : قلت دلعيني بإسم وأفكر أبعد
الجوهرة : طيب يا حلو ممكن شوي
غرق بضحكته : دلعيني دلع رجال
الجوهرة رفعت عينها لتغيضه : يا سبحان الله حتى بالدلع ما ترضى تنتقص رجولتك بشي
سلطان يغيضها أكثر : ما تنقص برجولتي الكلمات
الجوهرة : طيب إسمك ماله دلع رجولي
سلطان : إلا له .. أنت فكري وأنا بفكر معاك
الجوهرة تعرف ماذا يقصد : ما أؤمن فيه
سلطان أدرك أنها فهمت قصده : وأنا ما أؤمن باني أبعد الحين
طال صمتها لثواني طويلة حتى أردف بقهر : طيب يا سلطاني ممكن تبعد ؟
أبتسم : ولا تفكرين بيوم أنك بتقدرين تبعدين
الجوهرة وعينيها لا تستطيع ان ترفعها إليه، لاصق بطنه بطنها ولا فرصه للحركة : طيب أبعد سويت اللي تبيه
سلطان يستمتع في إغاضتها وقهرها : قوليها وأنت حاطة عينك في عيني
الجوهرة بقهر أندفعت بغضبها : أنت تبغى تهيني وبس!
سلطان بهدوء : الحين هالكلمة بتهينك! أجل يا ضعفك إذا الكلام يهينك
الجوهرة تضع يدها على صدره محاولة أن تبعده ولكنه كالجدار واقف.
سلطان بخبث : أعد لما الثلاثة وبعدها تشهدي .. واحد . . . . . إثنين . . . .
نظرت لعينيه وهي تفيض بالقهر، ستصبح هذه اللحظة من أسوأ الأشياء التي أحزنتني منه، يتلاعب بي مثلما يريد، يثبت أنه متمكن مني، بأني لا أستطيع أن أنسلخ منه، يرضي غروره على الداوم بأنني غير قادرة على الإبتعاد، ليتني أفعل ربع ما تفعل وأشعر بأنني فعلا متمكنة منك، بنبرة هادئة : ممكن يا سلطاني تبعد ل
لم تكمل من قبلته المفاجئة التي قطعت عليها سير الكلمات الخافتة، أتشعر بالضياء الذي يتوهج بجغرافية جسدي كلما مررت بي؟ كم يلزم غيرك من الرجولة حتى يجيء نصفك؟ كم يلزمهم وأنت تختصر علي كل الرجال؟ مشكلتي والله أنني أحبك ولا أعرف طريقا أبتعد به عن حبك، لا أعرف طريقا للهرب وأنت لم تبقي لي مكانا للهرب، رغم أنك أكثر شخص يهينني، يستفزني، يغضبني ويحزنني ويبكيني إلا أنك أكثر شخص أشعر بأني دونه أعيش في غربة، مشكلتي أيضا أن عينيك تجهض كل محاولاتي البائسة في النهوض من وعثاء حبك! كيف لك أن تحمل هذا القدر من الرجولة القاسية لأنثى بسيطة مثلي؟ كل لك أن تحمل كل هذا الجمال العنيف الذي يجلد قلب هش مثلي؟ إن كنت يوما موسوعة أنا ثقافتك يا سلطان.
أبتعد وهو يبلل شفتيه بلسانه، يوما ما سأذهب ضحية لعينيها الشفافتين وثلجية ملامحها الناعمة، كيف لمجرة تدور حول جسد أنثى وأضيع أنا في شمسها وقمرها ؟
لم تتجرأ أن تنظر إليه، وهي تتجه نحو الدواليب من الربكة لم تعد تعرف ماذا تفعل، دون أن يلتفت إليها خرج للأسفل.
وضعت يدها على صدرها وهو يرتفع ويهبط بشدة : يا الله عليك!


،

وقف وهو يشعر بأن الدنيا بأكملها تتجمد أمام عينه، أنا مستعد أن أعلن إنسلاخي من كل الأشياء التي تربيت عليها مقابل أن يتلاشى وليد من هذا الوجود، مقابل أن تعود ذاكرتها كما كانت، مقابل أن تكون لي وحدي، وحدي أنا لا يشاركني بها أحد.
زفر أنفاسه الغاضبة : وليد!! حسبي الله ..
بصراخ : تنسين شي إسمه وليد!!! أنت زوجتي رضيتي ولا ما رضيتي ... لا تخليني أفقد أعصابي معاك فوق ماني فاقدها
غادة بحنق : أقولك فاقدة ذاكرتي ماني عارفة إذا أنت تصدق بكلامك ولا تكذب .. وش يذكرني .. الله يخليك أتركني .. أتركني بس أرتب أوضاعي
يشدها حيث الجزء الاخر من الصالة التي تخزن بها الذكريات بلا إنقطاع، تحبس أصواتهم وكلماتهم الضيقة الحزينة والسعيدة المتغنجة، فتح الحاسوب المحمول ليشغل إحدى الأقراص
ناصر : شوفي بنفسك وأعرفي مين الصادق ومين الكذاب
غادة بتشتيت نظراتها : عارفة ماله داعي أشوف .. لو سمحت
ناصر رفع حاجبه والغضب يسيطر على أعصابه: صار بيننا لو سمحت؟؟ بعد
غادة نظرت إليه والمقطع يحمل حتى يفتح : لا تضغط علي
ناصر عقد حاجبيه الحادتين : ما أضغط عليك!! هذا شي ضروري عشان تعيشين! أنت ما تعرفين تعيشين بدوني وأنا مقدر أعيش بدونك .. عشان كذا ضروري تكونين معاي!! مفهوم ؟
غادة تنظر للشاشة التي أتسعت بصورتها وصوتها الذي أنهمر على مسامعها.
تسير من بعيد في مكان كان بالماضي مقهى، مهجور جدا لا تسمع سوى صدى أصواتهم، تنظر للكاميرا الموجهة إليها : للحين تصور
ناصر بضحكاته اللامنتهية: تأخرتي قلت أوثق المكان .. وقف ووضع الكاميرا دون أن يوقفها على الطاولة المتصدعة
تعانقه وتتنفس عطره : وحشتني
ناصر : ماهو أكثر مني .. جلسا على الكنبة الرثة .. هالمرة بعد عجئة سير؟
غادة : ههههههههههههه لأ أبوي فتح معي تحقيق وعطاني محاضرة بطول وعرض
ناصر : مانيب متكلم عن أبوك
غادة وبأصبعها تداعب خده الخشن : هو تقدر ؟
ألتفت عليها ووجهه يقابل وجهها : بصراحة لأ
غادة وترى بقايا أحمر شفاه على خده : مع مين جالس قبلي ؟
ناصر ويراها من المراة المتكسرة على الجدار :يامجنونة هذا روجك !!
غادة وتقترب منه لتمسح بأصابعها بقايا روجها على خده وبمرواغة من ناصر ليقبلها لكن ألتفتت للسقف وكأنها تتأمله
ناصر : لا والله ؟
غادة بإبتسامة تنظر لما حولها : هالمكان من متى مهجور ؟
ناصر : تبخلين على اللي مشتاق لك ؟
غادة : عشان تطفش مني بعد الزواج
ناصر : مين قايلك هالحكي
غادة ضحكت لأنه يعرف من ينصحها ويعطيها كل هذه المواعظ.
ناصر : نصايح حكيم زمانه عبدالعزيز !! شغله عندي ذا أتركيه عنك لو تسمعين له صدقيني تضيعييين ..
غادة : ههههههههههههههههههههههههه بس أنا أقتنعت بكلامه
ناصر : لازم يخرب علي كل شيء هالولد
غادة : قولي وش أخبارك ؟
ناصر : ماشي حالي
غادة : أنت بس ناظر عيوني وأتحداك بعدها ماتقول أنك بألف خير
ناصر بحب وعينه بعينيها : وعيونك تعطيني دروس بالفرح بالسعادة يابعد ناصر أنت
غادة أبتسمت وهي تنظر للكاميرا : للحين شغالة ؟
ناصر ألتفت عليها ويسحبها ليغلقها . .

أضطربت وقلبها يصطدم بصدرها الذي تبلل بالكلمات الخجلى التي لا تعرف كيف كانت تتجرأ بنطقها أمامه، أحمرت خجلا من حركاتها وكلماتها معه، هذه العلاقة لا توحي بانها سنة أو سنتين، جرأتي توحي بأن الذي مضى عمرا كاملا.
أخذت نفسا عميقا وهي تصارع دموعها : لا تشغل شي ثاني
دون أن يلتفت لها يشغل القرص الاخر الذي هو نفسه لم يراه منذ فترة طويلة بعكس الذي سبقه.

على القارب الذي يعبر نهر السين ولا يشاركهم به أحد، تمسك الكاميرا وهي تصوره وأطرافها ترتجف ببرودة الأجواء : ناصر خلاص أبعدنا خلنا نوقف هنا
ناصر يجمع كفيه وهو يدلكهما حتى يتدفئ : الجو يناسب القصيد
غادة تضع الكاميرا لتثبت الصورة على أجسادهم من بطونهم حتى أقدامهم، أقتربت منه حتى يحكم قيده على يديها ويدفئهما، قربها إلى الأعلى وكانت توحي بأنه قبلهما
غادة تزفر أنفاسها الباردة ليحملها ناصر بخفة ويجعلها تجلس أمامه، صدره يلاصق ظهرها وذراعيه تحيطها : متى نتزوج ؟
غادة : ههههههههههههههههههههههه كم مرة سألت هالسؤال
ناصر : وبضل أسأل لين يرحمنا أبوك ...
غادة : هانت! ما بقى شي ويجي تقاعد أبوي وبعدها أكيد بيعجل في الزواج

تطبق الشاشة، ترفض أن ترى حياتها السابقة بعينيها، تعالت أنفاسها وهي تتوسل إليه : يكفي! .. ما فيني حيل أشوف أكثر
يضع كفه على كفها : وأنا ما فيني حيل أشوف صدك
تلتفت إليه وملامحها تضيء بالدمع : طيب هذا فوق طاقتي! والله فوق طاقتي ...
ناصر بغير وعي/إتزان : مافيه شي إسمه فوق طاقتك! يعني تبين حياتك هذي؟ اللي ماتعرفين فيها حتى إسمك
غادة : أنا مشتتة عطني الوقت اللي يخليني أستوعب كل هذا
ناصر : وأنا من يعطيني الوقت ؟
غادة ودموعها تتساقط : أرجوك ناصر
ناصر يقف مبتعدا عنها : يا قساوتك!
وبعصبية بالغة يرتفع على سطحه ملكيته بها : بس طلعة من هنا لو تموتين ما طلعتي! حياتك هنا! مالك مكان عند غيري .. مالك مكان أبد

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

تمر الأيام بصورة مهيبة، الهيبة التي تجعل الجميع ينحني إليها، لا أعرف كم من الوقت يلزم أبناء جنسنا حتى يستوعب أن الهجر لا يزيد قلوبنا إلا مضرة/كدرا! يراقبها وهي تأكل بهدوء بعد أن أعتادت الأكل باليسار والان تحاول أن تعتاد على يدها اليمين التي نستها طوال الفترة الماضية، رفعت عينها : فيه شي بوجهي ؟
عبدالعزيز أبتسم : لأ
رتيل : شككتني بحالي، اليوم عندك شغل ؟
عبدالعزيز : إيه أنتظر أبوك يجي
رتيل : ما نام إلا الفجر
عبدالعزيز : الله يعينه ... نظر للمصعد الذي أنفتح بخروج عبير .. طيب 10 دقايق يا رتيل وتمشين معي .. ماهو أنتظرك ساعة!
رتيل تنظر لعبير التي لم تتوقع أن تجد عبدالعزيز اليوم بحكم الأشغال التي أزدحمت في الأيام الماضية
عبدالعزيز دون أن ينظر إليها : شلونك عبير ؟
عبير بخفوت : بخير الحمدلله
رتيل : طيب 10 دقايق وأجيك ، خرج ليتركهما
عبير : ليه ما قلتي لي أنه بيجي اليوم ؟
رتيل : نسيت ..... تنظر لمحادثات الواتس اب ... يارب صبرني
عبير : مين ؟
رتيل بشغف تلتفت عليها بكامل جسدها : تذكرين اللي تمشي مع صديقة هيفاء الطويلة .. اللي دايم تسوي بشعرها حفلة
عبير ضحكت لتردف : إيه عرفتها .. إسمها هناء مدري نهى
رتيل : المهم قبل كم يوم جتني تعزمني لعرس أخوها قلت لها أني ماني في الرياض! راحت قالت لهيفا أني أكذب وأني أنا أتحجج عشان ماأجي .. جتني هيفا تقول أشوى أنه عندك عذر عشان ماتجين عرسهم أنا وش عذري! المهم الهبلة هيوف كتبت هالكلام في محادثتها .. وسوت لها فضيحة
تقلد صوتها رغم أنها لم تسمعه إلا لمرة واحدة : أنتم ماتبغون تجون بكيفكم محد غاصبكم ! ليه تنافقون وتمثلون علي وأنتم وأنتم .. ههههههههههههههههههههههههه تفجرت البنت .. هيفا كلمتني الصبح تقول مسوية نفسها ميتة ما ترد على هواشها .. تو الحين كاتبة لي نهى .. ما فيه تقدير للعشرة تتزوجين وماتقولين لي ؟ بغيت أحط لها ضحكة طويلة وأقولها عفوا مين أنت ؟ يختي غصب تحط بيننا عشرة وأنا ما شفتها الا مرة وحدة
غرقت عبير بضحكتها لتردف : هبلة هالبنت! لا تردين عليها وأسفهيها
رتيل : عقلها صغير أستغفر الله .. مشكلتي ما أحب أحش بأحد
عبير بسخرية :بسم الله على قلبك ماتحبين تحشين أبد!
رتيل : يعني صراحة فيه ناس غصب يخلوني أحش ولا أنا ما ودي .. تحسين كأنهم يقولون لك تكفين حشي فينا
عبير : أصلا أنا ما أدانيها يختي قلق مررة
رتيل : مدري كيف صديقة هيفا تماشيها! أبد الضد منها
عبير : تخيلي في ناس تشوفك وتقول .. كيف هيفا تماشي رتيل ؟
رتيل : ياكلون تراب! الحمدلله صدق أني أسوي أشياء غبية في حياتي بس ماني قلق ولا نشبة ولا أهايط .. الله ياخذ سيرة الهياط يختي تذكرني بناس وصخة
عبير: سبحان الله كل الناس وصخة ماعداك
رتيل غرقت بضحكتها لتردف : أستغفر الله الله يتوب علي بس اخر وحدة بحش فيها وإن شاء الله أني بعدها بتوب، تعرفين بنت صديقة أبوي اللي إسمه مدري إسم جده معاذ .. اللي تعرفنا عليها أيام الثانوي ..
عبير أتسعت محاجرها : لا تقولين لي أنك متواصلة معها إلى الان .. قديمة مررة
رتيل بحماس الموضوع : معي في الواتس اب ، المهم أرسلت بي سي حق ..
تقلد صوت الدلع : البنات الكيوت و الياي .... المهم كتبت المناكير وعلاقتها بالحب .. قلت لها طيب اللي ماتحط مناكير ؟ فشلتني الكلبة وقالت ماهي بنت ماتدخل من الفئة المعنية بالبي سي ! قلت طيب اللي تحط مناكير شفافة ؟ قالت لي لحوج! قلت طيب اللي تحط مناكير زي لون شعرك .. الحيوانة عطتني بلوك ..
عبير : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههه قسم بالله أنك حقيرة يا رتيل
رتيل بصخب ضحكاتها : قهرتني الكلبة أجل أنا لحجية وهي صابغة شعرها أصفر .. يا ليته أشقر بعد .. عاد هذا قبل سنين يمكن أنها الحين صبغته أسود وعقلت
عبير صمتت وشتت أنظارها لتلتفت رتيل للواقف أمامها : خلصتي حش ؟
رتيل بإبتسامة ونظراتها العفوية تبتسم معها : باقي أنت ما حشينا فيك
عبدالعزيز : قومي معي منت كفو أحد ينتظرك
رتيل تقف : طيب خلاص ... أتجهت معه للخارج وبنبرة الفلسفة الغير مقنعة : تعرف عبدالعزيز وش يروقني ؟ لاحظت أنه أكثر شي يروقني لما تكون سعيد
عبدالعزيز ألتفت عليها : بحاول اصدق
رتيل : هههههههههههههههههه جد أتكلم! أنت أنبسط يا قلبي وأنا اروق
عبدالعزيز تنهد : تحبين تتطنزين على علاقتنا كثير! ملاحظ هالشي و أصلا هالفترة واصلة معي وأنتظر الزلة على اي أحد عشان أتهاوش معه
رتيل : هذا شي يرجع لخلل عقلك لكن ظاهريا أنت سعيد
عبدالعزيز يعض شفتيه ليحاوط رقبتها بذراعه وينزل رأسها ناحية بطنه
رتيل : خلاص خلاص اسفين .. عورتني توها راجعة لي رقبتي تبي تطيرها بعد
عبدالعزيز يتركها : أنت ما تروقين يا قلبي أنت تهايطين
رتيل أتسعت بإبتسامتها : أستغفر الله أستغفر الله .. اليوم بجلس أستغفر عن كل شخص حشيت فيه ...
عبدالعزيز : أنت كويس ما تحشين في ظلك
رتيل عقدت حاجبيها : تبالغ مرة .. أنت والله اللي كويس ما تتهاوش مع ظلك
عبدالعزيز : بس أنا أقولك وش اللي مروقك هاليومين ؟
رتيل : وشو ؟
عبدالعزيز وهو يسير بجانبها على الرصيف الصاخب : أنك صايرة ما تتهاوشين معي وتعاندين! عشان كذا أمورنا طيبة
رتيل : إذا أنت ما نرفزتني ما اتهاوش معك
عبدالعزيز بخبث : ولا عشان ماتشوفين أثير
رتيل وقفت وهي تعض شفتها السفلية بحقد.
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههه بترجع الليلة لازم تقومين بواجب السلام
رتيل تكمل سيرها حتى لا تلفت إنتباه أحد : شفت! ما ترتاح إلا إذا عصبتني وأنا مروقة .. يخي أتركني أنبسط لو يوم
عبدالعزيز : أبشري على هالخشم
رتيل أبتسمت : طيب .. وين بتوديني اليوم ؟
عبدالعزيز يواصل خبثه المتغزل : لقلبي
رتيل ضحكت لتردف : لاحول ولا قوة الا بالله .. جد عزوز
عبدالعزيز : ههههههههههههههههههههه وصرنا نقول عزوز ؟
رتيل : عفوية لا تجلس تدقق
عبدالعزيز : طيب عندي لك موضوع سري سري سري للغاية .. حتى بينك وبين نفسك لا تفكرين فيه
رتيل رفعت حاجبها : وشو ؟
عبدالعزيز : يخص أختك عبير
رتيل : إيه وشو .. خوفتني
عبدالعزيز : خلينا نجلس بالأول بمكان هادي وأقولك

،

ينظر لساعته بربكة : والله لا يعلقني معك ترى إحنا واعدينه ..
أحمد : طيب أنت توترني .. أبلع لسانك وبطبعهم الحين
متعب يقترب للنافذة التي تطل على بوابة المبنى الرئيسية : إن جاء ومالقى الأوراق بيقول أننا مو قد الوعد وعاد والله لا يمسكها علينا سنة قدام
أحمد : متعب إكل تراب .. دبلت كبدي ووترتني معك .. بيجي وبيلقى كل شي جاهز
متعب : بيمسكني دوام ليلي والله لا يذبحني معه .. انا أعرفه
أحمد يرمي عليه علبة المناديل : يخي أسكت
متعب صمت قليلا ليردف بصوت عالي : جاء .. جاء .....
أحمد يسحب الأوراق من الالة ليركض للطابق الثاني الذي يحتوي على مكتب سلطان، متعب يسحب بقية الأوراق التي نساها الغبي الاخر وهو يركض خلفه ... دخل أحمد لمكتبه.
متعب الذي أصطدم بالطاولة والمت بطنه، تحامل على ألمه ليركض نحو مكتبه وتجاوز بابه ليعود للخلف ب " سحبة " أقدامه التي أنزلقت نحو الداخل ... وضع الأوراق على مكتبه بترتيب.
مر زياد بكوب القهوة ليسحبها منه متعب ويضعها على طاولة سلطان. زياد بسخرية : ممشيك على الصراط !
أحمد : وش تحس فيه ؟
متعب : عشان يشوف القهوة باردة ويعرف أننا مجهزين كل شي من زمان .. ذكاء يا حبيبي ذكاء ... وخرجا متجهين لمكاتبهم.
أنفتح المصعد ليتجه سلطان دون أن ينتبه للربكة التي حصلت قبل قليل، وقبل أن يدخل مكتبه تراجع عدة خطوات للخلف ونظر لمتعب ، أشار له من خلف الزجاج أن يأتيه.
متعب تبعه : سم
سلطان ينظر للقهوة التي واضح أنها سبقت شفاه أحد : مين داخل مكتبي ؟
متعب : محد بس أنا الصبح حطيت الأوراق اللي طلبتها مني
سلطان رفع حاجبه : وهذي القهوة مين له ؟
متعب شعر بالورطة الحقيقية : لي أنا طال عمرك! .. نسيتها ... أقترب وأخذها.
سلطان يجلس ويطيل النظر بعين متعب ليستنسخ الكلمات منها : وجهك ما يبشر بالخير
متعب وفعلا يريد أن يبكي الان من قهره، مهما فعل يشك به سلطان : علمني وش أسوي! كل شي أسويه تشك فيه
سلطان بجمود : بعد أبكي زي الحريم
متعب ويشعر بأنه تعقد تماما من هذا العمل : ما أبكي بس أشرح لك الحرقة اللي في صدري
سلطان لم يتمالك نفسه من الضحك : حرقة بعد !!
متعب : هذي الأوراق وجاهزة .. والحين تجيك القهوة زي ما تحبها .. أنت بس امرني
سلطان يضع يده على خده ويتكئ : متعب ماودك تترقى ؟ تدخل دورة وتاخذ رتبة جديدة
متعب ببلاهة : لا .. أنا كذا مرتاح
سلطان : طيب فارق
متعب : شكرا ... وخرج
سلطان أبتسم على كثرة أخطائه الفادحة والغبية إلا أنه يسعده حضوره، مسك الأوراق ليراجعها بعد أن عاود نشاط عبدالعزيز مع عبدالرحمن في باريس. بدأ العد التازلي لإنتهاء الجوهي أو إنتهاء إدراتنا!

،

دخل لتلتقط عينيه جلوسها على السرير وبين أحضانها عبدالله، تلاعبه بأصابعها وتغني له بصوت خافت، بإبتسامة : مساء الخير
رفعت عينيها : مساء النور ...
بربكة أردفت : كانت هنا هيفاء وخلته راحت تشوف أمها ...
يوسف : أصلا عادي مافيها شي .... جلس بجانبها : رحتي الجامعة اليوم ؟
مهرة : إيه قبل شوي رجعت ... هالكورس إن شاء الله أتخرج وأرتاح من هالهم
يوسف يأخذ عبدالله من أحضانها ويقبل خده : وزين خدوده يا ناس ...
مهرة أبتسمت : أحترت فيه مو طالع على واحد فيكم .. بس فيه شبه من عمي
يوسف : طالع على سميه ... أنا أدعي الله أنه طنازتي على خلقه ما تطلع في عيالي
مهرة : ههههههههههههههه عقب وش؟ تطنزت وأنا اللي باكلها
يوسف : انا واثق بجمالهم .. دام أني أبوهم غصبا عنهم يطلعون حلوين
مهرة : إذا ولد انا بسميه وإذا بنت بكيفك .. علاقتي مع أسماء البنات مهي كويسة
يوسف بضحكة : أنت إسمك كله على بعضه مو كويس
مهرة رفعت حاجبها : إسمي اللي مو عاجبك معناه ..
يقاطعها : والله داري وش معناه .. بس أنا كذا ما أحب الأسماء العنيفة .. أحب الركة *الرقة* *أردف كلمته الأخيرة بضحكة عميقة*
مهرة : لو بنت وش بتسميها ؟
يوسف : ريانة بلا منازع وبخليها لولد عمها عبدالله
مهرة : تدري لما كنا صغار كانوا مسميني لولد خالي مساعد .. بس تزوج يوم كنت في اول سنة جامعة
يوسف : شفته ؟
مهرة : إيه كان موجود يوم جيت حايل ... لحظة عندي أخته حاطة صورته ... أخرجت هاتفها لتفتح بروفايل إبنة خالها على صورة أخيها
يوسف لم يدرك من قبل أنه يغار بهذه الصورة الشديدة، نظر للصورة بحدة : طيب
مهرة بعفوية : بس قهرني! يعني لما تفكر طول مراهقتك بأنك بتكون معه وتبني أحلامك على هالأساس بس اخر شي كسر قلبي وتزوج وحدة ثانية
يوسف بسخرية : بسم الله على قلبك اللي كسره
مهرة : ههههههههههههههههههه جد أتكلم يعني بوقتها ما كنت أشوف من الرجال أحد غيره ..
يوسف بهدوء يقاطعها : مهرة ممكن تبطلين حكي في الرجال اللي تزوج قدامي
تجمدت ملامحها بالإحراج : ما كان قصدي
يوسف : داري .. وضع عبدلله على السرير ليستلقي بجانبه مرهقا من العمل ...
مهرة تقترب منه : بكرا موعد الدكتورة .. بتجي معاي .. بيكون الساعة 10 الصبح
يوسف وهو مغمض العينين : طيب يعني بتداومين ولا كيف ؟
مهرة : لا ماراح أحضر .. بس أنت بتطلع من دوامك ؟
يوسف : إيه ولا يهمك
مهرة ألتزمت صمتها وهي تطيل النظر به، من أنفاسه يتضح أنه لم ينم بعد، قطعت الهدوء : طيب إذا ما تبغى تنام أجلس معاي لأنه مو جايني النوم ومحد في البيت .. طلعت هيفاء مع عمتي ونجلا
يوسف مازالت عيناه مغلقة : من اثار الحمل أنك تكونين قلق؟
مهرة أبتسمت : لأ بس طفشانة
يوسف يفتح عينيه : تعرفين تسوين مساج لراسي
مهرة : لأ
يوسف : حايلية على وش ؟
مهرة : ليه الحايليات لازم يعرفون كل شي
يوسف : إيه مين أسنع حريم بالسعودية ؟ بنات الجنوب وبنات الشمال
مهرة : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه على كيفك تقسم ... بالعكس نجد مسنعات بعد
يوسف : بالنسبة لي أنا أشوفهم التوب
مهرة بخبث : مجرب ؟
يوسف : أنت أدخلي معي الإستراحة وبتشوفين حوار الثقافات اللي يصير
مهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههه ما تمل وأنت تتطنز على ربعك
يوسف : تراني أحبهم وأغليهم على كثر طنازتي! تحسبينا زيكم .. نتطنز من الغيرة والكره
مهرة : يخي لا تعمم .. كل شي حريم وحريم .. فيه الشين وفيه الزين دايم
يوسف : طيب بجلس أقول كل شوي " بعض " و " بعض " .. خلاص أكيد ما أقصد التعميم يعني كل حريم حايل سنعات هذا أنت غير عنهم ما قلت شي
مهرة عقدت حاجبيها : طيب نام خلاص
يوسف يضحك بصخب ليردف : أنا لاحظت فيك صفة خايسة
مهرة تكتفت : إيه وشهي
يوسف : ما تتقبلين الأراء ...
مهرة : وشنوحك كل ما قلنا لك كلمة قلت ما تتقبلين الأراء!
يوسف : هههههههههههههههههههههه إيه طلعي اللهجة
مهرة أنتبهت لكلمتها لتردف بنبرة حائلية بحتة : أنا هاتس طبعي ما يعجبنن الطنازة وكل ما قلت شي تحندر بوه تسني مكفرة
يوسف : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه هههههههههههههههههههههههههههه يا ولد .. لا لا هذا كلام كبير .. كيف أرد عليك الحين
مهرة بإبتسامة عريضة : والله وش زين اللهجة بس لأني متعودة على الرياض ما صرت أحكي فيها


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

يقابله في إحدى المقاهي القريبة من شقته ليشرح له بطريقة لا يستوعبها قلبه العاشق، يردف بحنق : ومع مين كانت جالسة ؟
وليد يتأمل ملامحه الحادة، دائما ما كنت أملك قناعة أن فئة ناصر يملكون وسامة قاسية، قاسية حتى على أنفسهم حين تحتد بالغضب : كانت جالسة مع وحدة إسمها أمل
ناصر : ومين تطلع ؟
وليد بهدوء : ما أعرف!
ناصر : وطيب هي وينها الحين ؟
وليد : هربت
ناصر : هربت!!!.. ليردف بغضب : تستهبل على مخي ؟
وليد : أنت شايفني بموضع إستهبال! أنا أكلمك جد كانت معاها وهربت ... مالها وجود بعد ما هبلت في غادة وخلتها تشك في نفسها وفي قدرتها على عودة الذاكرة .. كانت تتذكرك وتتذكر ناس كثير بس بطريقة مشوشة لكن حصل لها الحادث الأخير وفقدت كل ذكريات السنوات القريبة وصارت تتذكر الماضي البعيد .. وهذي حالة من حالات فقدان الذاكرة الرجعي اللي مالنا أي سيطرة عليها ولا تحكم عليها الحوادث وتصنيفها .. لأن الحوادث اللي تأثر على الراس تختلف نتايجها من شخص لاخر .. انا ماراح أحبطك .. لكن صعب جدا أنه غادة ترجع لها ذاكرتها بهالظروف .... تقدر تعيش معها وتبدأ من جديد ...
ناصر شد على شفته : كيف يعني أعيش معها وأبدأ من جديد ؟ مافيه علاج ثاني
وليد : قلت لك الإصابات في الراس تختلف، بالنهاية 80 بالمية من العلاج يعتمد عليها هي وعلى نفسيتها، لكن أنا أقولك من واقع التجارب .. إذا فقدت ذاكرتها للمرة الثانية صعب ترجع لها، .. أقولك كدكتور غادة واقفة ذاكرتها لزمن معين وهذا الزمن كان فيه ناس تثق فيهم، مستحيل الحين تتكيف بسهولة وهالصدمات منك راح تضرها أكثر ما تفيدها .. المطلوب منك أنك تجيب لها ناس كانت تعرفهم قبل 2007 وتثق فيهم عشان يساعدونها في ذكرياتها .. لأنها ببساطة أنت في موضع غير ثقة بالنسبة لها ولذاكرتها
ناصر يطيل نظره به ليردف ببرود : وأنا أقولك خلك بعيد عنها .. وهالنصايح ماتهمني في شي وسالفة أنه ذاكرتها واقفة عند زمن معين أنا أرجع لها ذاكرتها يا شيخ بدون خدماتك ... و خرج ليتصل على والده ويسأله عن أوراق غادة التي لم يصارحهه بها، يدرك بأنه سيكذبه ويشك في عقله، أكتفى بأن يرمز لها بإسمها السابق " رؤى ".
في جهة أخرى كانت تبحث في شقته بعد أن حبسها به، كانت تنظر للصور التي تجمعهم وضحكاتهم التي تلامسها بأصابعها، فاض الحنين بها، ما أقسى الحزن وما أقساه على قلبي، كيف أسترد صوتي الذي أقرأه خلف هذه الصور والرسائل، كيف أسترد ضحكتي التي ترسم على هذه الأوراق! كيف أسترد ذاتي التي ضاعت، سقط دمعها على عين عبدالعزيز الذي يتوسطهما بالصورة، أشتاق لك يا عزيز، أشتاق لك فوق ما تتصور، أشعر بأن غيابك مختلف عنهم، أنت الذي كنت قريبا مني في لحظات حزني وإنزعاجي، أنت الأب في مكوث أبي في الرياض، أنت وحدك الذي أشعر بأنه يجمع كل التصنيفات " أب، اخ،صديق، حبيب " أشتقت، أشتقت . . .
تقرأ على الصورة التي كتب على طرفها " فيني بدو ماتوا ضما للمواصيل " ، نزلت دموعها بإنسيابية ليكمل قلبها على روح عبدالعزيز التي تحن لها : وجيههم من لاهب الشوق سمرا
عضت شفتها تحاول أن تمسك دمعها الشفاف من عمق السقوط، كثير عليها أن تتحمل هذا الكم من الذكريات، هذا الكم من الحزن، دقائق قليلة حتى أنفتح الباب لتلتفت عليه.
ينظر ليديها التي تعانق الصور، أقترب منها : مساء الخير
غادة الرافعة شعرها ككعكة في منتصف مؤخرة رأسها، تسيل دموعها دون أن يواسيها الليل الطويل الهابط على رأسها، نظراتها الضعيفة تخنق ناصر، تهزمه بكل ما تملك من رقة.
ناصر بهدوء متزن : إن شاء الله كلها كم يوم وراح نطلع من باريس
غادة بلعت الغصة التي تبح معها صوتها : لوين ؟
ناصر : إلى الان ما قررت بس أكيد مكان قريب ماراح نبعد كثير عن فرنسا..
غادة أخذت نفس عميق : ممكن أسألك سؤال ؟
ناصر بضيق : ممكن أطلب منك أنك ما عاد تستأذنين لطلباتك وأسئلتك .. تجرحيني يا غادة! .. تجرحيني كثير لا قمتي تعاملني كأني غريب عنك
غادة شتت أنظارها للصورة التي بين يديها : مو قصدي .. انا .. بس أبغى أعرف وين عبدالعزيز ؟
ناصر : بهالفترة ماهو هنا .. إن شاء الله في الوقت المناسب راح تشوفينه
غادة : هو بخير ؟
ناصر : إيه بخير الحمدلله
غادة بحزن يشطر قلبها، لا أحد يفهم معنى أن أفقد الأخ الذي يوازي مقام الأب : يدري عني ؟
ناصر : غادة .. راح تشوفينه قريب
غادة تسيل دمعتها التي لم تقل حرارتها عن كل دموعها التي عاشت في ركامها طوال السنة الفائتة والنصف الذي يفوت الان : مشتاقة له حيييل
ينظر لها وهو يشعر بالعجر من أنه لا يستطيع أن يعانقها بكامل إرادتها، أن يمسح دموعها دون أن تنفر منه، دون أن تضيق، أن يقبل كل دمعة تسقط منها ويحكي لها أنها جميلة جدا عندما تبتسم، أن يرى ضحكاتها التي أعتادها، هذا وجه غادة الثاني! ليست غادة المرحة السعيدة التي أعتاد أن يغرق في حضنها ويعود كمراهق أمامها، هذه ليست غادة التي أضيع في عينيها وأحكي لها من الكلمات شعرا ونثرا ، هذه ليست غادة التي أستمتع بإغاضتها لأرى عقدة الحاجبين التي أشتهي أن أقبلها دائما، هذه ليست غادة التي تحاول أن تبتعد كلما حاولت أن أقترب لتزيد لوعة قلبي، لتزيد من شغفي بأن أعنف ملامحها بقبلاتي وتعنيفي رقيق ما دام يسكنها، هذه ليست غادة التي تبكي مرة وتضحك مرات، هذه ليست غادة والله ولكن ذاتها التي أتولع بعشق عينيها وأغرق بشفتيها، هي ذاتها من أحب، هي ذاتها التي تزيد عذابي وتميتني في كل مرة، الذاكرة مضحكة للغاية! إن وددنا تذكر شيء بسيط نجد أنفسنا ننسى! وإن حاولنا النسيان نجد أنفسنا نتذكر أبسط التفاصيل، مضحكة لأنها تستفز قلبي! تستفز حبي الذي لا يسكنه أحد سواك.

،

لم تعتاد بعد على أجواء الشرقية الرطبة والتي بدأت بالميل للبرودة قليلا، لم تعتاد على جو البيت الخاوي، ولولا وجود أفنان كان من الممكن أن تنهار من وحدتها، منذ أتينا هنا وأنا لا أراه إلا أوقات قليلة، يستغل أي محاولة للإبتعاد، لا أراه إلا عندما ينام وأحيانا أنام قبله ولا أراه، ولا أراه إلا عندما أستيقط وأحيانا يستيقظ قبلي ولا أراه وما بينهما أنا ضائعة لا أعرف أين مستقر أقدامه، كثير علي أن أتحمل كل هذا، كل هذا الهجر والصد وانا في أول حياتي معه، إما أن يختار طريقا صالحا لحياتنا أو " بلاها هالحياة " ، حتى ملكة هيفاء لم أستطع أن أحضرها، كان يعاقبني على أخطاء بسيطة، على صوتي الذي يعتلي لحظة من فيض قهري، أنا لا أفهمك يا ريان ولا أريد أن أفهمك مطلقا.
رفعت عينيها على دخوله، صدت لتكمل قراءة الكتاب الذي لم يستهويها يوما، و دائما في لحظات وحدتنا وعزلتنا نبرع في ممارسة أكثر الأشياء سوء وأكثر الأشياء كرها للقلب، أقرأ حتى أمل وأنام، لا شيء مفيد يمكنني فعله غير هذا، لأني ببساطة لا أريد التفكير بك، لا أريد أن أفكر لم يتصرف بهذه الصورة ؟ ظنوني السيئة بك تتجدد في كل لحظة وأنا لا أحبذ مناقشتها مع عقلي.
يسحب الكتاب بتأني بين يديها ليجلس أمامها، ترفع عينها له : تامر على شي ؟
ريان : ليه جالسة لوحدك ؟
ريم ببرود تتضح به حدة الحزن في نبرتها : كذا .. مزاج
ريان : طيب أنزلي معي ..
ريم : أبغى أجلس بروحي
ريان رفع حاجبه : ليه ؟
ريم : أمر يخصني
ريان بهدوء : وأنا أبغى أعرف وش الأمر اللي يخصك ؟
ريم بحدة تكررها وكأنها تبدأ الحرب على ريان : أمر يخصني
ريان يشد على شفتيها : يعني ؟
ريم : أمر يخصني
ريان بغضب : ريم! لا تطلعين جنوني عليك
ريم تنظر إليه بعصبية لتقف : تطلع جنونك! لا أنا أبغاك تطلعها علي ... أنا أصلا ماأعرف كيف متحملتك إلى الان ... أنا منتظرة بس المصيبة اللي بتحجج فيها عشان أفتك منك
ريان يقف وبنبرة حادة : أنتبهي لحدودك معي لا قسم بالله ..
تقاطعه بنبرة تعتلي للصراخ : لا تحلف علي! ماني أصغر عيالك تقسم وتحلف ... أحترمتك بما فيه الكفاية لكن أنت منت كفو إحترام! أنت حتى ظلك تشك فيه ...
يقاطعها بصفعة على خدها الناعم،أخفضت رأسها لينساب شعرها على جانبيه، لم تستوعب بعد أنه ضربها ومد يده عليها، هذا الإجرام بعينه مثلما كانت تراه في أعين اخوتها اللذين يحرمون الضرب كمبدأ دائم، المبادىء التي تربت عليها جميعها تلاشت أمام ريان، لا تعرف كم من الطاقة تلزمها حتى تتحمل وقع إهاناته المتكررة سواء بلسانه أو بأفعاله.
ريان : وغصبا عنك بتحترميني ... خرج ليتركها في فوضى حواسها التعيسة.
لم تعد تشعر بأقدامها، لم تعد تشعر بمقدرتها على الوقوف لتجلس على الأرض، سقطت دموعها التي تسير ببطء، هذه الحياة في كل يوم تقتلني، في كل يوم تميتني بتأني لا يستحقه قلبي أبدا.

،

تسكب له القهوة وهي تنظر له بإستمتاع حقيقي بالحياة التي تبتسم لها، بأن إبنها يتزوج وتفرح به وتنتظر الحلم الذي يتحقق في رؤية احفادها : متى يجي العيد بس ؟ عاد عيد الأضحى كل سنة أحسه يجي عادي مو زي الفطر بس هالسنة غير دام بيحصل فيه شرف زواجك
أبتسم فيصل ليرضي غرور والدته : طبعا هالسنة كلها غير
والدته : ما قلت لي وش صار بالشوفة ؟ كل مرة تتهرب
فيصل : هههههههههههههههههههههه لأن يا يمه ما أبغى أحرجك صراحة وصفك شرق والبنت غرب
والدته عقدت حاجبيها : أفا !
فيصل : إيه والله .. ما صدقتي الا بشي واحد وهو شعرها ما عدا ذلك مع إحترامي لك يا يمه لكن عيونك تشوف شي ما اشوفه
والدته : إلا والله أنها تجنن و
يقاطعها : داري أنها تجنن لكن ماهي بنفس أوصافك .. أولا ماهي بيضا .. سمرا
والدته تشهق : إلا والله أنها بيضا وبياضها ماهو بياض عادي
فيصل تتسع محاجره : يمه لا تحلفين! أنا شايفها
والدته : أقول لا تخبلني البنت شايفتها وبيضا ماشاء الله تبارك الرحمن .. بيضاها مثل أختك ريف وأكثر
فيصل يشعر بأنه سيجن من والدته : يمه لا يكون وصفتي لي بنت غيرها و وروني بنت ثانية.. هم عندهم غير هيفا ؟
والدته : إيه ريم و تزوجت والحين ما عندهم غير هيفا
فيصل بضيق : لا يمه والله غلطانة ... أستغفر الله كيف ! صدقيني يمه يمكن مخربطة بأختها أو بوحدة ثانية
والدته : إلا هيفا نفسها أنا شايفتها بيضا وش ملحها
فيصل بتشويش : ماني مستوعب! أتصلي على أمها وأسحبي الحكي منها

،

في تلك الجهة التي تستمتع بها هيفاء بعد أن هلكت بالتسوق : شي مو طبيعي والله .. خل يأجل العرس يعني صعبة أحقق كل هذا بوقت قياسي
يوسف : طيب ماهو لازم كل شي جديد ..
والدته بإندفاع : وش تبيه يقول عننا ! ما عطيناها مهرها ؟
يوسف : خلاص خلاص .. خله تحلله قرش قرش
هيفاء بضجر : باقي لي أشياء كثيرة ما سويتها .. لا ما ينفع والله خل يأجله .. ما أتحمل يصير الزواج بالعيد!
والدته : إلا يمديك .. بس أنت لا تقلقين نفسك ... وخرجت
يوسف: أسمعي مني أشتري بعد العرس .. خليه يدفع لك بعد
هيفاء أبتسمت : لا يا حبيبي لازم كل شي كل شي جديد ... كأني توني مولودة
يوسف يظهر ملامح التقرف : عندك تشبيهات مدري وش تبي! أنا قلت لك رايي كرجل وفيصل شخصيته حافظها حفظ .. أستغفر الله بس نسيت هو نظام التدقيق في اللبس .. وأناقة وماأعرف أيش
هيفاء تضرب صدرها بخفة : وتبيني ماألبس أشياء جديدة عنده عشان بكرا يعلق علي يقول بنت عبدالله لابسة ..
يقاطعها : اصلا الرياجيل مع بعض مستحيل يحكون في لبس زوجاتهم! بس يعني ممكن يجيك كمخة يحكي
هيفاء : زي ربعك مثلا
يوسف : لكل قاعدة شواذ .. ربعي ما يحكون عن حريمهم بس يحكون من باب حل المشاكل والفائدة

يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

أخذ نفسا عميقا، لا يعرف ماذا يفعل بوالده الذي يواصل سلطته عليه وكأنه إبن العاشرة وليس التاسعة والعشرون، يردف : طبعا لا يا يبه .. يكذبون عليك وتصدقهم!
رائد : وهذي الحسابات وشهي؟ قلت لي بتترك الشرب؟ لكن طلعت كلمتك ماهي كلمة رجال
فارس بإندفاع : تركته .. والله تركته ..
رائد : توه قبل كم يوم شارب قدامي وتقول تركته
فارس : بهالفترة أحلف لك بالله أني ما شربت شي .. والحين أروح للمستشفى أسوي تحليل يثبت أني ما شربت شي في اليومين اللي فاتت
رائد : أنا أبغى مصلحتك! بالنسبة لي يهون أنك تسوي كل شي قذر في الحياة إلا أنك تشرب! الشرب بالذات ماأبيه يقرب صوبك
فارس بسخرية : يعني بتفرق مررة ؟
رائد : بالنسبة لي تفرق وتفرق كثير .. لأنك لو ادمنته مستحيل تبعد عنه وأنا ماأبغاك تدمن أشياء ماتقدر تتشافى منها
فارس بضيق : طيب .. أوامر ثانية ؟
رائد : على مين أتصلت أمس ؟
أرتعشت شفتيها بالتوتر : على مين ؟
رائد : أنا أسألك
فارس : ما فهمت .. امس كنت هنا
رائد : أنت تقابل أحد بدون علمي!
فارس بتوتر عميق يحاول أن يخفيه بنبرته المتزنة : طبعا لا .. أصلا طول الليل كنت عندك
رائد بنظرة الشك : وش عرفك أني أقصد الليل
فارس أخذ نفس عميق : أنت قلت تو
رائد : لا ما قلت
فارس بضيق : إلا يبه قلت
رائد بعصبية : تكذب ؟ والله العظيم أنك تكذب ... لم يترك له مجال للدفاع عن نفسه ليصرخ به : مين عبدالعزيز ؟

،


في شقته تندفع كلماتها الغاضبة : أنت بس تبغى تهينني .. تدور أكثر شي يضايقني وتقوم تسويه
عبدالعزيز بهدوء : الحين الشقة تضايقك؟ أنت سألتيني وأنا جاوبتك ..
لا تعرف كيف للشقة أن تستفز غيرتها، كيف لهذه الألوان التي تظهر بها لمسات أثير أن تغيضها، كيف لكل هذا أن يحزنها وهو جماد!
رتيل بإنفعال : طيب يالله خلنا نطلع لأني أختنقت هنا
عبدالعزيز بإستفزاز : أختنقت ؟ هذا بكرا بيصير بيتك!
رتيل بحماس تندفع بكلماتها الحادة الغاضبة : لا والله! لو أيش ما جلست فيه دقيقة عقبها! يالله رحمتك على عبادك .. على فكرة كل مرة تثبت لي أنك بحاجة لدكتور نفسي! تقول خلينا نسوي هدنة وأوعدك ما أقول شي يضايقك وبعدها بدقيقة تقهرني! منت صاحي .. والله أنا لو أيش ما اسوي .. لو أترجاك ما تتغير تبقى عبدالعزيز اللي يتلذذ في تعذيب غيره ..
تتفتح أزارير قميصها من فرط إندفاعها وحماسها بالغضب، ليجلس عبدالعزيز على الأريكة ويغرق بضحكاته الصاخبة : كم مرة قلت يا قلبي لا تعصبين عشان نفسك؟ شفت كيف ؟ الضرر وصل لملابسك
رتيل تعطيه ظهرها وهي تتلون بالإحراج، أول مرة لا تلبس شيئا تحت القميص سوى ملابسها الداخلية، أعتادت أن تلبس شيئا دائما ولكن حظها يثبت لها في كل مرة أنه من سيء إلى أسوأ، تغلق الأزارير بتوتر كبير.
عبدالعزيز يقف بعد أنا أطالت وقوفها : يالله خلينا نطلع
رتيل دون أن تنظر إليه تسحب معطفها وترتديه، يلتفت بضحكة مستفزة : يعني الحين مستحية ؟
رتيل : ممكن تاكل تراب ؟
عبدالعزيز : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههههههههههه بس لونه رهيب أهنيك
رتيل شعرت بالحرارة تفيض بجسدها، وقفت في منتصف الدرج وهي تنظر إليه بقهر/بحرج
عبدالعزيز يكمل سيره للأسفل وهو يدندن : الأصفر جميل .. جميل ... جميل
رتيل وبأكملها يتحول لونها للأحمر، تقلد صوته : معفن .. معفن ... معفن
عبدالعزيز يغيضها أكثر بعد أن خرجا : يا ويل حالي من الأصفر .. قطع قليبي معاه
رتيل بجدية : عبدالعزيز لو سمحت .. خلاص .....
عبدالعزيز ألتفت عليها : عندك حب للأصفر مدري من وين تذكرين الفستان اللي شفتيه بباريس معاي أول ما تعرفت على شخصيتك الفظيعة
رتيل : إيه أتذكر يوم خليتك تتخرفن وتخاف علي
عبدالعزيز أنقلبت ملامحه : إيوا بالضبط لما خليتك تطيحين على الأرض وتشربين مو مويتها
رتيل : ههههههههههههههههههه تحاول تستفزني بس صعبة عليك
عبدالعزيز بإبتسامة يستفزها فعلا : بس طبعا اليوم تغيرت نظرتي للأصفر
رتيل تحمر وهي تحاول أن تتخلص من إحراجها، تضرب كتفه بغضب لتسير أمامه، يتبعها بضحكاته : طيب أنا وش ذنبي؟ مين فتح القميص أنا ولا أنت ؟
رتيل بغضب : ممكن تنسى الموضوع! اعتبر نفسك ما شفته ..
عبدالعزيز : طيب بوعدك اني أنسى كل شيء لكن الأصفر مستحيل .. هههههههههههههههههههههه
رتيل : حيوان
عبدالعزيز رفع حاجبه : مين الحيوان ؟
رتيل : يالله! يالله .. خلاص أنا حيوانة .. ممكن توصلني وتتركني بعدها
عبدالعزيز بجدية : طيب بموضوع عبير
تلتفت إليه وهي تسترجع ما قاله له تحتاج لأيام حتى تستوعب ، يردف : وهالكلام طبعا بيني وبينك ، أتفقنا ؟
رتيل بتشتت : أتفقنا .. بس يعني؟ كيف بتقول لأبوي ؟
عبدالعزيز : إن شاء الله مسألة يومين وراح يقتنع أبوك
رتيل بضيق: طيب وعبير؟
عبدالعزيز : كل شي في مصلحتها .. مستحيل يضرها، وأنا أعتبرها مثل أختي مستحيل أقبل بأنه أحد يضرها .. تطمني
رتيل تنهدت : طيب ... طيب بحاول أتكلم مع عبير إذا كانت معارضة
عبدالعزيز : ما أتوقع تعارض .. يعني إذا عرفت أنه دكتور وإلى اخره من هالهبال بتوافق
رتيل بوجع : ولا وحدة فينا تزوجت زي العالم والناس! ليه قاعد يصير معنا كذا ؟ أحيانا أقول وش الشي العظيم اللي سواه أبوي عشان يتعاقب فينا إحنا الثنتين
عبدالعزيز ويشعر بالضمير اللاذع : طيب هي أنرمت عليه! زواجها عادي .... وممكن لو تزوجت بطريقة تقليدية ما كان راح تكون سعيدة وممكن هالزواج يكون خيرة لها
رتيل بسخرية : زي زواجي منك مثلا!
عبدالعزيز : أنكري أني ماني خيرة لك ؟
رتيل أخذت نفس عميق : ترى عندي أشياء تخليني أقول أنك منت خيرة لي فخلنا ساكتين ومحترمين نفسنا
عبدالعزيز بإبتسامة لم تطيل وعيناه تسقط على الرسالة التي أضاءت هاتفه من بو سعود . . . . . . .


،

ينظر للشاشة التي تخبره بكل حدة أن الأشياء تسقط من سيطرته، تخبره بأن طوال هذه الأشهر كانت أعماله قائمة على " خطأ " يا لذاعة هذا الخطأ في وقت حرج وفي عمل ضيق كهذا ! يا قساوة هذا الخطأ على قلبه كمسؤول يتحمله. أي خيبة هذه التي تكسرني! أي خيبة هذه تكسر قلب رجل علق في العمل، بلع ريقه الجاف ليردف بهدوء يخبر عن خيبته الشديد : بلغهم إجتماع طارىء الساعة 7 الصبح بكرا
أحمد : إن شاء الله .. شيء ثاني طال عمرك ؟
سلطان : لا
خرج ليتركه بقمة حزنه، بقمة غضبه، بقمة قهره، هذا فوق طاقته، كيف يتحمل كل هذا ؟ كيف يستطيع أن يحكم سيطرته على نظام بات يخرج الجميع عنه، لم يعد يعرف من يخون ومن يصدق ؟
ضرب الطاولة بقدمه، يريد أن يكسر أي شيء أمامه، هذه الخدعة لا يتحملها ، هذا الخطأ لا يعرف كيف يعترف به، سنة وأكثر وهو يعمل على معلومة خاطئة! يالله كيف ؟
نظر لهاتفه الذي أهتز برسالة ، قرأها مرارا بعينيها ولثواني طويلة رغم أنها قصيرة، بحروف إنجليزية بسيطة، أعادها مرة أخرى بعينيه " كانت هزيمتك امر مؤقت، لكن لم أتوقع يوم أن تصل إلى هذا العمق "
يقرأ ما بين السطور ويستكشف ما هو العمق الذي لم يتوقعه، أخذ هاتفه ليتصل على الجوهرة بإستعجال وهو يخرج من عمله الخاوي في الساعات المتأخرة من الليل، لم تجيبه ليتصل على الحرس الذي تم تعيينهم
: امرني طال عمرك
سلطان : فيه شي صاير ؟
: لا كل أمورنا تمام
سلطان : أنتبه أكثر وأنا جايك
: إن شاء الله
سلطان يغلقه بعد أن تحشرج به الحزن إلى اخر حد، وصوت سلطان العيد يحضر بقوة في ذاكرته، يمر على قلبه بكلماته التي دائما ما كانت تخفف وطأة غضبه.
" سلطان العيد : تعرف كم مرة قلت ثقة الموظفين فيني؟ تعرف كم خطأ حصل تحت إدراتي! كثير لكن كانت في أشياء تشفع لي، لكن أحيانا الأخطاء تكون بسيطة لكن أنت بموضع مفروض أنك ما تخطأ ، أنت لازم ما تخطأ أبد، لأن أخطائك ممكن تروح لك حياتك .. فاهم علي؟ "
يكتب رسالة لعبدالرحمن وهو يقود سيارته بعد أن أطال بإتصاله معه قبل ساعة تقريبا " طلبت منهم إجتماع بكرا .. عبدالرحمن أنت لازم ترجع "
ينظر للحي البعيد عن وسط الرياض الصاخب، أخذ نفس عميق وهو ينظر للحرس أمام بيته، نزل : أبغاك تفتح عينك كويس الليلة
: هذا واجبي طال عمرك
سلطان يربت على كتفه وهو الذي يحتاج من يربت على كتفه : يعطيك العافية .. .. لم يتقدم سوى خطوتين في إتجاه البيت وتجمدت أقدامه، أستنفر الحرس الذي يحاصرون قصره، حتى بدأوا في تغطية المكان.
شعر بألم الرصاصة التي أخترقته، صوتها اللاذع الذي أعتاد أن يسمعه في التدريبات كان مختلف جدا لأنه شعر بضربات قلبه التي تندفع بقوة، سقط على ركبتيه وهو يشعر بالهزيمة الحقيقية.
البعيد عن الذي أحاطوا جسد سلطان، يبلغ عبر الجهاز اللاسلكي : مجهول الهوية .. على بعد 20 متر تقريبا ... أغلقوا الطريق العام . . . . .

.
.

أنتهى البارت

 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()



المدخل ل حبيب الألب :$ ، نزار قباني.

وعدتك أن لا أعود ..وعدت ...

وعدتك أن لا أموت إشتياقا ...ومت ..

وعدت مرارا ..وقررت أن أستقيل ... مرارا ..

ولا أذكر أني إستقلت ..

وعدت بأشياء أكبر مني ...فماذا غدا ستقول الجرائد عني ..

أكيد .. ستكتب أني جننت ..أكيد ... ستكتب أني إنتحرت ...

وعدتك أن لا أكون ضعيفا ..وكنت ...

وعدتك أن لا أقول بعينيك شعرا ..وقلت ..

وعدت ...بأن لا ... وأن لا ..وأن لا ...

وحين إكتشفت غبائي ...ضحكت ...

وعدتك أن لا أبالي ...بشعرك حين يمر أمامي ...

وحين تدفق كالليل فوق الرصيف ...صرخت ..

وعدتك أن أتجاهل عينيك ...مهما دعاني الحنين ..

وحين رأيتهما تمطران نجوما ...شهقت ..

وعدتك أن لا أوجه ..أية رسالة حب إليك ..

ولكنني رغم أنفي ... كتبت ...

وعدتك أن لا أكون بأي مكان ...تكونين فيه ..

وحين عرفت بأنك مدعوة للعشاء ..ذهبت ..

وعدتك أن لا أحبك ...كيف ؟... وأين ؟ ...

وفي أي يوم وعدت ؟؟؟...

لقد كنت أكذب ..من شدة الصدق ...

والحمدلله أني كذبت ...



رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 61 )


شعر بألم الرصاصة التي أخترقته، صوتها اللاذع الذي أعتاد أن يسمعه في التدريبات كان مختلف جدا وهو يشعر بضربات قلبه التي تندفع بقوة، أندفعت حتى سقط على ركبتيه وهو يشعر بالهزيمة الحقيقية، شعر بالغصة التي تضبب عليه رؤيته سوى من الأقدام السوداء التي توافدت عليه، لو كان الألم يخصني لوحدي لما أهتممت بما يحصل الان؟ لو الألم في قلبي فقط وليس في قلب الرياض لكان الأمر عاديا! لم يفرق كثيرا عن الحزن الذي عاش معي طوال السنوات الفائتة، ولكن! كعادة حزني يجيء قاسيا أكثر مما أتوقع . . تقطعت أفكاره عندما أصطدمت جبهته على الأرض ليغلق عينيه بسلام.
خرجت من الحمام وهي تلف المنشفة حول جسدها الغض، بعد أن أطالت في إستحمامها وصوت الماء الذي غرقت بالتفكير به جعل سمعها يغيب عن كل شيء حولها، أتجهت نحو سريرها لتمسك هاتفها، تنظر للمكالمة الفائتة منه، رفعت حاجبها بإستغراب، غريب أن يتصل عليها في هذا الوقت وهو وقت عودتها من العمل! لم تستغرق بتفكيرها الكثير وهي تسمع صخب الأقدام في الأسفل، أقتربت من النافذة لتعود بعد أن تذكرت بأنها تطل على الشارع، بخطوات سريعة أتجهت لإغلاق أنوار الغرفة لتقترب من النافذة مرة أخرى وتسقط عينيها عليه وهو ملقى على الأرض وحوله بعض الرجال التي لا تعرفهم وصوت الإسعاف الذي أخترق قلبها قبل أن يخترق سمعها الرقيق، قبضت يدها على الجدار وهي تجاهد على الإتزان، على الوقوف وعدم الذوبان في حزنها، ثبتني يالله فلا حول لي ولا قوة، ثبتني يالله وإنا إليك راجعون، لا يفيد أن أواسي قلبي في مصائبه، لا يفيد أبدا والدمعة تنصهر في عيني وتسقط، والان بلا أي حواجز، بدوافع حبك التي أعلمها والتي لا أعلمها، بالأسباب الخادعة التي تحججت بها لأصادق عليها، بالأسباب الصادقة التي كذبت بها، ب " أحبك " التي لم أنطقها يوما لعينيك، أعترف بأهميتك في حياتي وفي حياة حصة، في هذه اللحظة لا رجل بجانبنا، لا رجل نركض إليه حتى يطمئنا عليك، لا رجل يا سلطان، ركن هذا البيت وأساسه كيف تغيب؟ كيف تلقى على الأرض هكذا؟ وأنا عرفتك شامخا شاهقا ثابتا قويا لايهزك شيء، حتى الكلمات منك تأت شامخة تهز أرضي وتزلزلني، بقدر الحزن الذي سببته في قلبي أنت قدري ولا مجال للمفر منك، أنت نصيبي مهما حاولت إنكاره، وأنت قسمتي وإن منعت مني يوما قسمتي منك، أنت كل الأشياء في حياتي، وليس من السهل علي أن أتقبل تلاشي هذه الأشياء برمشة عين!، يا حزني الذي لا يريد الإنسلاخ مني أبدا! يا حزني الذي يواصل التغلغل بي، ما كفاك إعوجاج الضلع بي ؟
تراجعت وعقلها مشوش، أتجهت نحو الدولاب لترتدي ملابسها وعقلها غائب عنده، نزلت للأسفل وهي تنزل طرف كمها وتشعر بأن حرق باطن يدها كان بالأمس من الحموضة التي تسري به في لحظة خوفها عليه، أنتبهت للصالة التي تضيء بأنوارها، رأت حصة تغرق في إتصالاتها، وقفت أمامها وصدرها يرتفع بعلو الحب في قلبها
حصة رفعت عينها التي تجهل ما يحدث تحديدا : سلطان مايرد! مدري وش صاير برا .. سمعتي الإسعاف ؟
الجوهرة شدت على شفتها حتى لا تفلت الشهقات منها، تدافعت دموعها على خدها لتقف حصة بخوف : وش صاير؟ ... تكلمي
الجوهرة بإختناق : هو سلطان اللي برا ...
تجمدت ملامحها من أن مكروها أصابه، لا تعلم ماذا سيحصل بحياتها لو غاب عنها، لا تتحمل الحداد الذي سيغيم عليها لسنوات طويلة، لن أتحمل أن يغيب دقيقة، فكيف بأن يسقط بمكروه، بلعت غصتها : شفتيه ؟
الجوهرة هزت رأسها بالإيجاب وهي تجاهد أن لاتنهار ببكائها وتصبر نفسها بتعويذاتها الداخلية " يارب سلم .. سلم ".
حصة تمسك هاتفها وهي الأكثر إتزانا وصبرا، تتصل على من يحرس القصر ولم يستطع أن يحرس قلب إبنها وإبن عينيها، مهما تسلح جسدك بالحماية المعدنية لن تستطيع أن تمنع قدر الله، مهما فعلت وفعلت لن تجد قوة تقف بوجه القدر، لن تجد أبدا لأن الله وحده المتصرف القادر القدير لا يشاركهه أحدا.

،

" تعال بسرعة يا عز، فيه أشياء جالسة تفلت منا "، وقف متجمدا في مكانه وهو يعلم تماما أن الأمر يخص رائد، ربما عرف بلقاءه مع فارس، أو ربما لم يعرف بعد! ولكن أدرك الخطر بمقابلتي له، بالطبع يراقب إبنه! يا الله كيف فلتت مني هذه؟ ماذا لو عرف أني صالح ذاته؟ إلهي لكم ستتوافد علينا الكوارث، لن يغض عني بسهولة سيجيء إنتقامه مدويا ولكن من تسبب في موت " الحياة " بعيني لن يفلت أيضا بهذه السهولة، تماما مثل ما ستفعل رائد سأفعل قبلك لتعرف أن تفكيرك في تلك اللحظات بإضرار عائلتي كان مكلفا جدا.
ألتفتت عليه : وش فيك وقفت ؟
عبدالعزيز يسير بجانبها : خلينا نستعجل .. مسك معصمها ليسران بخطوات سريعة للشارع الاخر.
بشك ترفع حاجبها : وش صاير لك أوجعت أيدي ..
عبدالعزيز : مو صاير شي بس أبغى أوصل بسرعة
رتيل عقدت حاجبيها : أبوي فيه شي ؟
عبدالعزيز : لا .... عبرا التقاطع المخضب بأقدام المارة بعد أن أضاءت علامة المشي باللون الأخضر الذي يشع على جنبات الطريق الممتلىء بالدكاكين الصغيرة، وصلا للفندق الذي كان قريبا ولم يستغرق منهما سوى بضع دقائق، على عجل دخل وهو يخبرها : أصعدي فوق .... تقدم ناحيته وهو جالس على الكرسي الجلد ينتظره : وش صاير ؟
عبدالرحمن بجدية القهر في صوته : تلخبط الوضع بين رائد وبين شخص ثاني ..
عبدالعزيز بعدم فهم : إيه .. يعني ؟
عبدالرحمن : عبدالعزيز ركز معي .. أبغاك تفكر بعقل ماهو بعاطفة .. أتفقنا ؟
عبدالعزيز بلع ريقه من هذه المقدمة التي توحي لشيء عظيم، تعلقت عيناه بشفتي عبدالرحمن بترقب.
عبدالرحمن : رائد الجوهي هدد والدك الله يرحمه وبالحادث .. صح
عبدالعزيز : إيه
عبدالرحمن : كان مجرد تهديد
جمدت عينيه في عين عبدالرحمن، بنبرة الخيبة : يعني؟
عبدالرحمن : ماهو هو ورى الحادث .. لكن يتعامل مع طرف ثالث زي ما فهمنا قبل .. المشكلة أنه الطرف الثالث اللي محنا قادرين نعرفه .. يعرفنا ويعرف خططنا .. وهو اللي قاعد يعطل الأشغال اللي بينك وبين رائد واخر شي سبب الحادث اللي مع رتيل ونفس الحادث سواه في أهلك .... لكن أنا وسلطان تأكدنا من بعض الأشياء ونتوقع بنسبة 80 بالمية أنه في ليلة الحادث أرسل رائد رجاله ليضرون أبوك وفي نفس الوقت تدخل الطرف الثالث .. وهنا حصلت الخيانة من رجال رائد وعشان كذا هو مازال يجهل حياة ...
سكت بعد أن شعر بأنه يسترسل ويكشف أشياء لا يجب كشفها.
عبدالعزيز : يجهل حياة مين ؟
عبدالرحمن بإتزان : يجهل حياتك .. الحين كل هذا ممكن نتفاهم فيه بعدين ..... بنضطر نغير خطتنا لأن رجال رائد يعرفونك وإلى الان ساكتين تهديد غير مباشر لنا وإحنا ماراح نرضخ لتهديداتهم فعشان كذا من الحين راح نتصرف ..... لأن كل أشغالنا اللي من الرياض أنبنت على معلومات غلط وسلطان قاعد يحاول يتصرف لكن بما أننا هنا راح نحاول نتصرف بطريقة ثانية قبل لا يطيح الفاس بالراس وتكون ردة فعل رائد عنيفة
وذكرى الحادث لها صوت مؤذي يتحشرج في القلب ويشطره مرارا حتى يعلق بثقوبه التي خلفتها كل هذه الأيام، الان هو يواجه الكارثة لأنه الجندي المكشوف في هذه اللعبة، هو وحده من سيكون محل الخطر لأنه يتحمل خطأهم الفادح بالمعلومات، كان أبي قريب مني في الرياض، كان يأتيني بالحلم فقط ليقول " لا تغلط يا عبدالعزيز "، ليتك معي فقط لأخبرك عن الأخطاء التي أبتليت بها منذ رحيلك، ليتك كنت معي لتعرف ماذا يفعل إبنك في غيابك؟ لم يترك لي عقل أفكر به بإتزان، أنا أخطأت، أخطأت ولكن مشتاق أن أسمع صوتك، " تعال لي " مرة في الحلم وعاتبني مثل الأيام الأولى، " تعال " وأخبرني عن فداحة ما أفعله، " تعال " وسأخبرك أنني غرقت في وعثاء الحياة ولم يعد في قلبي شيء سوى أن أسمع صوتك مرة أخرى، لم هجرتوني هذه الفترة؟ لم أبتعدتهم عني ! لم لم أعد أسمعكم، أتحسس أصواتكم، " من فينا يموت ؟ " أظن أنني بدأت بالسير البطيء نحو الموت ولا أحد يربت على كتفي أو يشد على ذراعي.
يقطع سلسلة الحنين الذي تترسب في عقله : عبدالعزيز أنا عارف كيف تفكر! لكن إن شاء الله أننا راح نسيطر على الموضوع .. صارت لنا أصعب من المصايب ولله الحمد والمنة قدرنا نعديها وإن شاء الله راح نعدي هالشي .. راح نفكر بطريقة تنهي اللي بينك وبين رائد وتختفي عنه .... إلا إذا صار شي يخص الطرف الثالث .. بنضطر نكمل لكن بنحاول نكشف مين جالس يتلاعب فينا بأقرب فرصة وبنفهم وش قاعد يصير عشان نتصرف من هالمنطق .. فاهم علي ؟
عبدالعزيز تنهد بعمق الخيبة التي يشعر بها : طيب ....

،

بغضب صرخ به ليرتعش غشاء إذنه : مين عبدالعزيز ؟
فارس ببرود : تعرفت عليه أول ما جيت هنا
رائد يقف بمقابله وهو يشير له بالسبابة : لا تحاول تلعب معي يا فارس لأن والله ما راح أرحمك
فارس بهدوء الثقة : قلت لك تعرفت عليه .. صدقتني أهلا وسهلا ما صدقتني ..
لم يكمل من اللكمة التي أتت بجانب شفته، تراجع عدة خطوات للخلف من أثر اللكمة وهو يمسح الدماء التي تالف معها بتكرار ضربات والده له، بغضب أنفجر عليه : كثرة الشك تقتلني .. جاوبتك جواب رجال إذا أنت ما تصدق فهذا شي راجع لك .. وش تبيني أسوي لك عشان تصدق !! وإسمه ماهو عبدالعزيز .. رجالك نقلوا لك المعلومة غلط ... إسمه أحمد
يستغل المواقف المرتبكة الضيقة التي تجيء به نبرته بكذب صادق يستطيع به أن يخدع والده، أردف : تامر على شي ثاني؟ ولا باقي كف للحين في خاطرك !
رائد وهو الذي بدأت أعصابه تضطرب بتأخير صالح وبمماطلته التي تشعره بالشك والربكة من أن يحدث أمرا يجهض كل صفقاته التجارية المحرمة قانونيا : ليه تحب تضايق أبوك؟
فارس تنهد ليلفظ بضعف قلبه أمام والده الذي يشعر بأنه الوطن وكل شيء في هذه الحياة : ما اضايقك! لكن أنت تقهرني .. بكل خطوة تراقبني .. تظن بأني ممكن أضرك في يوم ؟ طبعا لا والله لا يبقي فيني نفس لو حصل وجاء هاليوم
رائد جلس على كرسيه الجلد : أنت ما تعرف عن هالدنيا! أنت حتى ظلالك ممكن تخونك ....
فارس بهدوء : أعرف يايبه بس ظلالك ماراح تخونك لو كان شغلك صح! ... بطل شغل في هالأشياء الوصخة وإحنا راح نعيش صح
رائد ببرود يضع بعض الأوراق أمامه : هذي أشياء أكبر منك ... ماراح تفهمها

،

تفلت شعرها ليكمل إلتواءاته على كتفها، أخذت نفسا عميقا وهي تسمع الكلمات التي لا تفهمها تماما سوى بأن الغضب يجري في أوردة والدها والمصائب تحاصر جسد عبدالعزيز.
عبير بضيق من هذه المشاكل التي تسلب الراحة من عيني والدها : إن شاء الله خير
ضي تحضن المخدة على بطنها بقوة تسكن بها الحزن الذي سقط من صدرها ليترسب كألم ومغص يؤلمها، أردفت : هالمصايب ماراح تبعد عنا أبد، دايم تطيح في راسهم هو وسلطان ...
رتيل تسحب كرسي التسريحة لتجلس عليه : طيب الحين وش مشكلتهم ؟
ضي : وتتوقعين أبوك بيقولي ؟
رتيل أبتسمت بضيق : حتى شغله وأنا بنته ماأعرف وش سالفته
ضي: بس أنه فيه ناس داخلين على الخط في موضوع عبدالعزيز.. مدري مافهمت كثير بس فيه أشياء تلخبطت عندهم وشكلها قوية مررة .. وبعد الحادث اللي صارلك مع عبدالعزيز أنه اللي سببوه بعد هم نفسهم ...
تنهدت لتكمل : ماأعرف بهالشغلات ولا أفهم فيها ..
عبير : تعبت والله ... عقلي تشوش ودي أختفي لين يهدا كل شي
رتيل بشك رفعت حاجبها : ليه صاير شي غير هذا ؟
ضي : أبوك اليوم كلم عبير عشان شخص تقدم لها
رتيل تظهر هدوئها وهي تعرف تماما من عبدالعزيز كل شيء : جد!! ومين ؟
عبير تشتت نظراتها للنافذة، هذا الموضوع يستزف عاطفتها المولعة بشخص تجهله، كم من الحب ينبغي أن نستهلك حتى نتحلى بطاقة كافية لمواجهة نهايتنا، أنا المولودة في شهر ديسمبر أعتدت النهايات، أن تتلاشى الأحلام في نهاية العالم وتسقط كورقة تقويم، كنت أخشى البدايات دائما وأنا كائنة لا تقبل بتسلل الخطوة الأولى لها، كنت أخشاك بداية لكن سرعان ما تغلغلت بي والان أعد النهاية لزوالك، لرفع حصارك عن قلبي، أوافق؟ ربما تأت موافقتي ليست لأنه " مشعل " ولكن لأني أريد أن أنساك، وربما يأت رفضي ليس لأني " لا أريد مشعل " ولكن بدأت أستلذ بتعذيبك لي، نحن النساء بإمكاننا السقوط من أجل الحب، بإمكاننا أن ننهي الحياة من أجل هذه الحب ولكن بإمكاننا أيضا أن نكبح هذا الحب ونرفضه رغم أننا نريده من أجل الشعارات الزائفة " عزة النفس والكرامة " وهذا يدخل في تعذيب الذات الذي بت اتالف معه والأهم من كل ذلك " من أجل الله "، سيجيء يوما أقولها في وجهك وأنا بجانب غيرك، سيجيء هذا اليوم الذي أقول فيه " تركتك لله ".
ضي : إسمه مشعل دكتور جامعي معه دكتوراه علوم سياسية
رتيل : وأبوي موافق ؟
ضي : تقدم لها من فترة لكن كان متردد والحين وافق بعد ما سأل عنه .. بقى الراي لعبير
رتيل بلعت ريقها لتردف بإتزان : وأكيد عبير ماراح ترفضه .. صح عبير ؟
ألتفتت عليها : وليه ماأرفضه ؟
رتيل صمتت لثواني طويلة حتى قطعته : يعني مؤهلاته كويسة وأبوي بنفسه وافق عليه .. يعني أكيد مناسب لك .. تعرفين أبوي مو على أي أحد يوافق!!
عبير ببرود : طيب ممكن أرفض .. يعني ما فكرت بالموضوع وأبوي فاجئني .. يبي لي وقت عشان أقرر
رتيل : وش رايك ضي ؟
ضي المشتتة وقلبها بجانب عبدالرحمن في هذه اللحظات : قلت لها .. الرجال جدا مناسب لها وما ينرد
عبير بنبرة الشك التي تفهم بها شقيقتها جيدا : تعرفينه رتيل ؟ سمعتي فيه
رتيل : لا ما أعرف مين يكون أصلا ولا قد سمعت بعايلته حتى
عبير : إحنا ما قلنا إسم عايلته
رتيل أرتفع صدرها بالربكة ليهبط بشدة : أقصد ما سمعت بإسمه .. يعني ما قد مر علي أحد إسمه مشعل في حياتي كلها
عبير : فيه شي ما أعرفه ؟
رتيل : وش فيك عبير! قلت لك بس رايي .... والقرار راجع لك
عبير : أحس فيه شي تعرفينه وماتبين تقولين لي
رتيل : ولا شي صدقيني ... أنا بس توترت من سالفة أبوي وعبدالعزيز ودخلتوا علي بسالفة هالمشعل فقلت رايي دامه دكتور ماشاء الله فأكيد إنسان متزن وواعي ومثقف .. ويناسبك
عبير بضيق : بس مو غريبة أبوي يوافق؟ ماهو من جماعتنا .. يعني صعب يوافق على ناس غريبيين عنا
ضي : دام أخلاقه زينة ووظيفته ممتازة ومستواه الإجتماعي جدا ممتاز .. ليه يرفض ؟
عبير : مدري!! بدون لا أصلي إستخارة أنا ماني مرتاحة لموضوع شخص غريب ما قد سمعنا فيه ولا نعرفه
ضي : يعني لو تعرفينه بتضمنين حياتك بتكون سعيدة معاه ..... صدقيني عبير ماتدرين وين الخيرة
شعرت بثقب قلبها، لتقف : عن إذنكم ..... أتجهت نحو الحمام لتغلق عليها الباب وتنساب دموعها بهدوء، تكره أن تضعف بهذه الصورة القاسية ، لا اعرف كيف ابدأ حياة مع شخص لا اعرفه، لا أعرف كم يلزمني من الحجج حتى أعيب هذا الشخص الذي يدعى " مشعل "، لا اعرف عنه شيء سوى إسمه ومؤهلاته العلمية وفقط! وأنا التي بدأت أؤمن بالقلوب وإنتماءاتها، وماذا عنه؟ هل سأنساه؟ هل سأنسى صوته الذي أقتبست منه رجولته العنيفة لقلبي، هل سأنسى نبرة الكلمات التي تسير ببطء والأخرى التي تهرول بعجل، هل سأنسى صباحات تبدأ برسائله الصيفية الرقيقة، هل سأنسى الليال التي تغزل بي بها، كنت أدرك أن عقاب الله لي مدويا، هذا ال " مشعل " لا أشعر بحسن أخلاقه، لست أسيء الظن ولكن أؤمن بأن الله يمهل ولا يهمل، وبأن الله غفور رحيم .. وأنا ما بينهما ضائعة، ضائعة تماما لا أدري هل سيكون مشعل عقاب لي على معصيتي لله أم سيكون تعويض من الله، ليتني لم اعرفك، لم أسمع صوتك وأتولع به، مر صوتك كالخطيئة التي نندم عليها ولكن لا نقتلع منها، مر صوتك كالدخان الذي نشتمه ليلا نهار ونعرف أضراره ولكن نمارسه، أتى حبك عاصفا فأستحلني.


 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

تقطع الساعات قلبها الذي يواصل الدعاء والحديث خفية لله، على سجادتها تنظر للساعة التي تشير للسابعة صباحا ولا إتصال يطمئنها، سجدت لتغرق دمعاتها الشفافة الأرض " يالله إنا عبادك لا نسأل أحد غيرك، ندرك بأن هذه الدنيا بما فيها من كائنات وبشر لن تستطيع أن تقدم لنا المعونة، لن تقدر أن تقف بوجه ما قدرته لعبادك، ف يارب نحن نسألك أنت وحدك، إنا نسألك بكل إسم سميته به نفسك، أنزلته بكتابك أو أوحيته لأحد من خلقك أو اثرته في علم الغيب عندك أن لا ترينا به مكروها، يالله أنت ما أمرتنا بالدعاء إلا لتستجيب لنا فيارب رد عنه كل مكروه وأذى ولا تفجعنا به "
وقفت وهي تمسح بكائها، نزعت جلالها لتنظر لهاتفها الذي يمارس قساوته على قلبها، لا يهتز ولا يضيء لرسالة تريح صدرها الهائج له، لن تنتظر أكثر، لن تستطيع الإنتظار أكثر، أتصلت على من تملك رقمه ولا تتصل به أبدا، هذا الرقم الذي كتبه لها سلطان على يدها بلحظة أقشعر بها جسدها بأكمله من حركته.
منذ فترة طويلة، منذ ان عين رجال حول هذا البيت يحاصرونه من كل مكان، على عجل يرتدي ملابسه حتى سحب قبعته العسكرية وألتفت عليها : عندك أرقامهم كلهم صح ؟
الجوهرة التي كانت مغتاضة منه ومن أذى لسانه على قلبها: لا
سلطان : طيب بسرعة سجليه ..
الجوهرة : جوالي طافي بس لحظة أشحنه ...
سلطان بخطوات سريعة توجه لها حتى أرتطمت أقدامه بأقدامها، يخرج من جيبه قلما ويسحب يدها ليكتب لها على باطن كفها وأنفاسه تختلط بأنفاسها المضطربة، رفع عينه لها : متى ما صار شي أتصلي عليه .. اتفقنا ؟
الجوهرة سرحت في عينيه ليغيب سمعها عن صوته، حرك لها يده لتستوعب : طيب
إلهي لكم كان صوتك مدعاة للتأمل، كم كان صوتك فرصة للتفكر، ضغطت على زر الإتصال وهي تأخذ نفسا عميقا : السلام عليكم
: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، امري يا أم بدر
أرتعش قلبها، حتى أرتجفت شفتيها وضاعت الأحاديث منه، " أم بدر " كيف لهذه الكلمة أن تشتتني هكذا! كيف لهذه الكلمة أن تغيب وعيي لأفكر فقط بإسم " بدر " و " أم التي تقترن به، يا شدة الفتنة التي تمر على لسان من يناديها " أم بدر " يا شدة الفتنة التي تشطر قلبها ولعا، أن أحمل طفلا من ملامحك الهادئة وإن قست، أن نناديه مثلما تحب ولن أتدخل أبدا، يالله على هذه الأحلام التي تعبر ألسنة الغرباء وهم لا يدرون أي حزن يجلبون لنا.
: أم بدر معاي ؟
الجوهرة بربكة : ايوا .. أبغى أسأل أنتهت العملية
: توني طلعت من الدكتور وطمنا، الحمدلله يقول الإصابة طفيفة ما جت بالعمق، يعني الله ستر وجت على السطح وماكانت قريبة من القلب، إن شاء الله بكرا الصبح راح يصحى ...
الجوهرة : الحمدلله، ماراح نقدر نشوفه اليوم ؟
: للأسف لا وما أظن لو كان بو بدر واعي بيرضى .. أعذريني طال عمرك
الجوهرة تفهمت لأنها تعرف جيدا كيف يربي رجاله على قوانينه وطباعه : طيب مين عنده الحين ؟
: تطمني كلنا موجودين وماراح نتركه
الجوهرة بضيق : طيب إذا صار شي ثاني ياليت تبلغني
: إن شاء الله
الجوهرة : مع السلامة
: بحفظ الرحمن .. وأغلقه ليترك الجوهرة تصارع نوبة حزنها، كيف تنتظر للغد حتى تستيقظ عيناه والان الساعة السابعة، كيف سأتحمل قسوة هذا اليوم بأكمله، ليت والدي كان هنا حتى أبلغه ويذهب إليه، يالله هل من المحتمل أن يكذب علي ؟ من الطبيعي أن يحاول أن يستر أي شيء يخيفني ويرهبني فهذه عادات سلطان الذي يخبرنا بشيء عكس الواقع فقط لنبتسم، ليتني كنت موجودة بجانب الهاتف عندما أتصل اخر مرة، ليتني سمعت صوته ونبرته حتى أطمئن على قلبه، هل كان بخير وقتها أم لا ؟
نزلت للأسفل حتى تطمئن حصة التي لم تغلق عيناها طوال الأمس من شدة الأسى عليه.

،

لست ضعيفة لك ولن أستسلم أبدا حتى تتمادى بضربك، إن ضربتني مرة فانت قادر أن تكررها مرة و مرتين وثلاث وأربع وأكثر، لن أضعف أبدا وستعرف من هي " ريم " يا ريان، سيعلم جيدا بأن خلفي أشقاء لن يرضيهم أبدا ما يحدث بي، أتصلت على منصور الأقرب لها ولأنها تثق بإتزانه كثيرا، لم تمر سوى دقائق حتى أجابها وهو يدخل لمكتبه في العمل : هلا بالصوت والله
ريم ببحة بكائها الليلة الماضية : هلابك، شلونك ؟
منصور بشك : بخير .. فيك شي ؟
ريم لم تكن تجهز نفسها للبكاء أمام أخيها ولكن سؤال " الحال " دائما ما يتعب حالنا أكثر، بضيق : أبغى أسألك الحين أنت في الشركة ؟
منصور : إيه
ريم : طيب ينفع بعد ما تخلص تكلمني ... ضروري
منصور : الحين ماعندي شي .. قولي
ريم : منصور أبغاك تجيني ...
منصور يجلس بخوف من أن حزنا اصابها وهي بعيدة عنهم : وش فيك ريم ؟
ريم : مقدر أقولك بالجوال .. أبي أشوفك
منصور : طيب قولي عن أيش؟ شغلتي بالي
ريم ودموعها تتدافع على خدها : أبي أتطلق ..
منصور صمت لثواني طويلة حتى أردف : ليه؟ وش مشكلتك معه ؟
ريم بصوت تتحشرج به الخيبات وتؤلم قلب منصور معها : ما أبغاه يا منصور .. أحس بموت لو جلست أكثر
منصور : بسم الله عليك .. طيب ريان وينه ؟
ريم : مدري
منصور : طيب أبو ريان ؟
ريم : ما شفته من يومين
منصور : طيب ... أنت الحين أهدي وأنا بكلم أبوي عش
تقاطعه : ما أبي أبوي يدري ... لا جيت هناك أنا أكلمه بنفسي
منصور تنهد : طيب لأن أصلا أنا لازم أناقشك أول وأعرف وش الموضوع .. ما يصير كذا تطق بمزاجك تبين طلاق وبعدها تندمين
ريم بقسوة الأنثى إذا خذلت : ماراح أتناقش بشي، أنا قررت وخلاص ... ماأبي ريان وأبي أتطلق منه وبأسرع وقت بعد
منصور بتضايق من إندفاعها ليردف بحدة : ريم! هذا طلاق مو لعبة ... وش هالمصيبة اللي مسويها ريان عشان تطلبين الطلاق ..
ريم بمثل حدته : مد إيده علي
منصور تفاجىء ليصمت لثواني حتى يردف : ضربك!!!
ريم بضيق دمعها الذي ينساب بصوتها : ترضاها علي؟
منصور بغضب يقف : طبعا لا ... ما تجي صلاة الظهر إلا أنا عندك ... وأغلقه.

،

تغلق من إبنتها وهي مجعدة الجبين، تحزن أضعافا من أضعافها، ومهما تعاظم الألم والوجع في قلوبنا فأضعاف عظمته يسكن قلب الأم، : الله لا يفجعنا فيه.
أفنان ضاقت من الخبر وكأن الحزن يقف كالغصة كل مرة تبتسم الحياة لأختها : امين ...
والدتها بتنهيدة : الله يعنيهم بس ... حتى بوسعود ماهو موجود في الرياض!
أفنان : يمه صح بغيت أسألك .. تركي مغير رقمه ؟
والدتها : يقوله أبوك، قلت أبي أكلمه قالي مسافر ولا تتدخلون فيه .. أبوك يبي يجنني! أكيد متمشكلين مع بعض وإحنا اللي ناكلها
أفنان رفعت حاجبها بشك : صار له أكثر من شهرين ما شفناه .. وش هالقطاعة!! حتى أكلمه بالواتس اب ما يرد .. والحين بعد اخر دخول لها قبل فترة طويلة ...... غريبة أنه أبوي متهاوش معه؟ يا كثر ما كانوا يختلفون بس ما توصل للهواش!
والدتها : وش أسوي بعد! عجزت معه كل يوم أكلمه عنه ويقولي لا عاد تفتحين السيرة ... الله يحنن قلبه على أخوه ما له أحد غيره !!
أفنان : وريان ما يسأل عنه ؟
والدتها : لأ
أفنان : أجل أكيد متهاوش مع ريان
والدتها : على طاري ريان مدري وش فيها ريم هاليومين .. أخوك بعد الثاني يبي يذبحني
أفنان أبتسمت بسخرية : زين ما أنهبلت لين الحين!
والدتها بنظرة حادة : أفنان ووجع!
أفنان : الجلسة مع ولدك ما تنطاق عاد شوفي الحين وش مسوي مع بنت الناس ووش مهبب . . أنحنت لوالدتها لتقبل رأسها ... سلام يا حبيبة قلبي ... وخرجت لتصعد لغرفتها ويهب عليها ذكرى اخر يوم لها في كان، أبتسمت لتتلاشى بسرعة من شعورها بالذنب.
الساعة الحادية عشر صباحا – توقيت باريس – كان.
أنتهى التكريم لتحصل على المرتبة الرابعة في هذه الدورة الشتوية، أتجهت نحو مكتبها وهي تتلذذ بطعم الشوكلاته السويسرية، وضعت باقة الورد وشهادتها على الطاولة لتجلس سمية أمامها : وش رايك نصيع ؟
أفنان : هههههههههههههههههههههههههه نصيع! يعني يدخل تحت أيش ؟
سمية بشغف : بما أنه الحين الوقت ما يساعد وش رايك الليلة نفلها ونروح نايت كلوب !
أفنان بدهشة : مستحيييل
سمية : ماراح نرقص ولا راح نشرب .. بس نتفرج ونوسع صدرنا
أفنان : لالا مستحيل ما أدخل هالاماكن
سمية : هي مرة وحدة في العمر جربي وماراح تخسرين شي
أفنان : ماأضمن نفسي أخاف لا رحت أستسهل أذوق شي ولا أتحمس أسوي شغلة غلط
سمية : ليه بزر ما تقدرين تسيطرين على نفسك!!
أفنان بجدية : ماهو سالفة مقدر أسيطر على نفسي لكن الأنبياء وهم الأنبياء كانوا يدعون الله ويستعيذون من الشرك! وهم أنبياء كانوا يخافون يقعون في الشرك فما بالك إحنا .. يعني أخاف أستسهل شي إذا دخلته
سمية تنهدت : يالله قد أيش نكدية يا أفنان الله يعين اللي بياخذك
أفنان : ماني نكدية بس ننبسط بدائرة الأشياء المباحة ... يعني والله أيام ما أجتمع مع بنات عمي عبدالرحمن أفلها وننبسط ونسوي أشياء فظيعة لكن ما نتجرأ نسوي زي هالأشياء
من خلفها : عذرا على المقاطعة
ألتفتت عليه لتتسع إبتسامتها : هلا
سمية بنظرة الخبث التي تفهمها أفنان جيدا : طيب عن أذنك فنو ...
نواف : مبروك
أفنان : الله يبارك فيك ... وشكرا على كل اللي سويته وماقصرت جد ساعدتني كثيير
نواف بنبرته الهادئة : العفو .. واجبنا
بدأت أصابعها تتشابك من الربكة ليقطع ربكتها : متى طيارتك ؟
أفنان : بكرا الساعة 4 العصر
نواف : توصلين بالسلامة . .
أفنان : الله يسلمك، توصي شي ؟
نواف : سلامتك، ومن هالنجاح لأكبر يارب ... عقبال ما نشوفك محققة نجاحات ثانية
أفنان : امين الله يسمع منك ... أرتعشت شفتيها لتشد عليها بأسنانها والرجفة تتضح على ملامحها المشتتة.
نواف أرتبك من أن يفتعل أي موضوع ليطيل وقوفه معها، بإبتسامة لم تكن لتخرج : فمان الله ..


يتبع
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي


،

تحسس الأبوة وهو ينظر للجنين في بطنها، رغم أن لا شيء يتضح ولكن قلبه الذي ضخ الدم بصخب كان يحكي عن شوقه لرؤيته أمامه، جلس بعد أن أرتدت مهرة عبائتها ليستمع للنصائح الثقيلة من الدكتورة، كان متمللا لاخر درجة من أشياء يعرفها بديهيا، ألتزم هدوئه حتى ألتفت بدهشة : وشهووو ؟
مهرة أحمرت خجلا لتشتت نظراتها لكل شيء ماعداه، أردفت الدكتورة بإتزان : شو بك ؟
يوسف : لا خلاص ولا شي
: إزا عندك سؤال تفضل
يوسف إبتسم بسخرية : ما قصرتي هو بقى شي ما قلتيه
بإبتسامة تبادله : ولازم تنتبه من هالشي منيح
يوسف يقلد لكنتها : شي تاني ؟
: يا يوسف ما عم تاخد الأمور بجدية ... عم بحكيك حتى ما يصير شي مستئبلا *مستقبلا*
يوسف يحرج مهرة : لأني أنا بالفطرة مكتسب هالعلم المذهل وعمليا بعد
ضحكت الدكتورة بصخب لتردف : ما عليه طور معلوماتك البدائية
يوسف : معلوماتي ماهي بدائية لكن مصدوم يعني كيف ...... ولا أقول أستغفر الله اللهم لا إعتراض بس
مهرة تضرب قدمه ليصمت : طيب دكتورة فيه شي ثاني ؟
الدكتورة : لا ...
يوسف : شكرا
الدكتورة التي أستمتعت بوجود يوسف : عفوا تع معها كتير
مهرة تهمس ليوسف : سلم عليها بعد .... وخرجت.
يوسف أكتفى بإبتسامة وخرج خلفها : من هالجهة يالحبيبة
مهرة بغضب بعد أن أخطأت الممر، عادت لتخرج لمواقف السيارات. ركبت وأغلقت الباب بغضب.
يوسف بإستفزاز لمهرة : ههههههههههههههههههههه لو أدري أنه مواعيدك كذا كان كل يوم جاي معك
مهرة أخذت نفس عميق : لو سمحت يوسف خلنا نرجع البيت قبل لا أنفجر الحين
يوسف بإبتسامة يحرك سيارته : كنت أمزح وش دعوى زعلتي ؟
مهرة : تضحك معها ومطيح الميانة وتقول أمزح!
يوسف : أحمدي ربك قدامك وماهو من وراك
مهرة ألتفتت عليه بحدة ليكمل : يعني قبل كل كلمة أقولها بجلس أقول تراني أمزح
مهرة : بس فيه حدود! يعني ترضى أنكت مع دكتور
يوسف : أقطع راسك
مهرة بغضب : يعني أنت حلال بس أنا لأ
يوسف : أنا ما نكت بس كنت مصدوم فعلا من المعلومة وهي ضحكت فضحكت معها
مهرة بسخرية : مررة مصدوم!
يوسف ألتفت عليها عندما وقف عند الإشارة : بذمتك .. مو أنصدمتي زيي ؟
مهرة مسكت نفسها لتضحك رغم أن الحرج يلون وجهها بالحمرة : كمل طريقك
يوسف : ههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه وتوصينا بعد .. أستغفر الله بس
مهرة بربكة وهي تشعر بالحرارة من أقدامها إلى شعرها : يوسف خلاص
يوسف : خليك وسيعة صدر يالشمالية
مهرة : وسيعة صدر بس ما ينفع بعد تجلس تطيح الميانة مع اللي يسوى واللي مايسوى .. وخلاص ماعاد تروح معي شكرا مستغنية عنك
يوسف : أفا .. كل هذا عشان المزيون
ترمي عليه علبة المناديل : لا والله تغزل فيها بعد ..
يوسف يركن سيارته : الحين اللي قدامه القمر وش له بالنجوم ؟
مهرة تنزل وهي تضحك : يارب أرحمني.. منت صاحي
يدخل معها : أصلا والله ما جت عيني في عينها .. بس كنت أستفزك .. ماتعودتي على أسلوبي؟
مهرة : تعودت بس ... مسكت بطنها بوجع ... اه
يوسف أقترب منها بخوف لتصخب بضحكتها في منتصف الصالة : تعود بعد أنت
يوسف : قليلة خاتمة .. مناك يالله عطيتك وجه
مهرة : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه ههههههههههه
من خلفهم : الله يديم ضحكاتكم
يوسف ألتفت لوالده : امين ويديمك فوق راسنا
مهرة بحرج سلمت عليه : شلونك ؟
بومنصور : بخير الحمدلله ..
يوسف : شفت يبه وش تسوي بولدك ؟
مهرة تشير له بعينيها بأن يصمت ولكن أسترسل بإغاضة : أنا مو قلت لك الشماليات إذا حقدوا أبليس يتبرأ منهم
بومنصور : زين حظك يوم خذيت شمالية
مهرة ضحكت لتردف : ماعليك زود
يوسف : أظن ما عاد لي جبهة

،

في ساعات النهار المتأخر في باريس، يسير يمينا ويسار، لا يعرف كيف يحكم سيطرته على عقله ليفكر بإتزان أكثر، لا أحد في الرياض يكمل أعمالنا وسلطان مصاب! كيف أعود الان؟ كل خططنا راحت هباء منثورا وهي مبنية على خطأ، كلها والان يريدون أن يقتلعوا جذور الثبات فينا ويتعرضون لسلطان! كم من الصبر سأتحمل حتى أعرف من وراء كل هذا.
قطع سلسلة أفكاره المتلخبطة : ما تثق فيني ؟
عبدالرحمن : مو مسألة ما أثق فيك ... لكن صعب أخليهم ثلاثتهم عندك
عبدالعزيز : بحجز غرفة عندهم وبجلس بالفندق .... ماني طالع ولا راح أتركهم ...
عبدالرحمن مشوش فعلا، مسألة أن يعود للرياض معهم ستضره مثلما تضر سلطان الان في ظل هذه الأحداث المربكة
عبدالعزيز : خلاص تطمن هم في الحفظ والصون ..
عبدالرحمن : طيب .. ماراح أطول بأقرب وقت أنا عندكم .. عبدالعزيز لا أوصيك لايطلعون برا هالمنطقة، خلهم قدام عينك وجوالك الثاني أغلقه، أختفي عنهم ولا تحاول تطلع كثير عشان محد ينتبه عليك .. وبس يصير شي تتصل علي وإن كان شي طارىء تتصل على مساعد .. عطيتك رقمه صح ؟
عبدالعزيز : إيه عندي رقمه .. أبشر
عبدالرحمن تنهد : تبشر بالجنة .... وصعد للأعلى متجها لغرفة بناته المقابلة لغرفته : السلام عليكم
: وعليكم السلام
ضي وقفت متجهة إليه وهي تترقب ما الت إليه الظروف، ليردف : راح أرجع الرياض بس راح تجلسون هنا لأن ما ينفع ترجعون معي هالفترة ... معاكم عبدالعزيز، ماأبغى طلعات كثيرة وأي شي تبونه عندكم عز
عبير : وعمي مقرن ؟
عبدالرحمن : بيرجع معاي ... مفهوم ؟
رتيل بضيق : طيب متى بترجع؟
عبدالرحمن :إن شاء الله أسبوع ماهو أكثر
عبير قبلت جبينه : توصل بالسلامة
لحقتها رتيل لتسلم عليه : درب السلامة
عبدالرحمن : الله يسلمكم ... خرج متجها لغرفته لتلحقه ضي.
ضي بشك : فيه شي ثاني صاير ؟
عبدالرحمن يفتح دولابه بهدوء : لا
ضي تمسك يده لتمنعه من وضع ملابسه : أنا بجهز شنطتك على ما تتحمم
دون أن يعلق أتجه نحو الحمام، يشعر بأنه أفلس من الكلام وماعاد يستهويه ان ينطق حرفا وتفكيره غائب فعليا عند الرياض وما يحدث بها الان، من فكرة أن أحد يتسلح ويجول الشوارع دون أي رادع، وليس شخصا أو شخصين فهذه الجماعة بيننا ولكن لا نلحظها، هذه الجماعة الأكيد أننا نعرفها ولكنها تمارس النفاق العلني، من بعد سلطان العيد أصبح المستهدف سلطان بن بدر! ومن بعدهم الأكيد أنني أصبح مستهدف حتى تتلاشى عائلتي كما تلاشت عائلة سلطان العيد . . ماذا يحدث في هذه الدنيا؟ كيف يمر كل هذا الوقت دون أن نكتشف من! لو كنت أنت يا مقرن سيكون عقابك لاذعا.
تمر دقائقه أسفل الماء المتصبب على جسده بحدة تفكيره، أخذ نفسا عميقا ليخرج والمنشفة تلف خصره، نظر إليها وهي تغلق الحقيبة، بإبتسامة باردة تخفي حزنها من أن يذهب إلى الرياض دونهم : ألبس بسرعة قبل لا يدخلك برد ... أتجهت نحو نظام التدفأة لتشغله، تنهد وهذه التنهيدة يسمع صداها في قلب ضي الذي وقفت تتفكر بهذه الأنفاس الحارقة التي تخرج من بين شفتيه.
لم يستغرق في إرتداء ملابسه الكثير وهو يأخذ معطفه وحقيبته الصغيرة التي تحوي جوازاتهم والبطاقات المهمة، أخرج جوازات رتيل وعبير وضي ليضعهم في خزنة الغرفة : أنتبهي لها يا ضي
ضي : إن شاء الله
أغلق الخزنة لتتقدم له ضي وهي تلف حول رقبته وشاحا قطنيا يقيه من برد باريس هذه اللحظات : توصل بالسلامة
قبل جبينها ليهمس : الله يسلمك ... ديري بالك على نفسك وعلى البنات
ضي : لا توصي حريص ... المهم أنت أنتبه على نفسك وأتصل علي بس توصل وطمني
عبدالرحمن أكتفى بإبتسامة تطمئنها، طوال عمره كان ينشر الإبتسامات في أوج المشاكل فقط ليشعر من حوله بأن الأمور جيدة وهذه العادة نتوارثها جميعا بداية من عبدالله اليوسف حتى سلطان بن بدر.

،

يقطع أظافره بأسنانه أمام تذمر والده وهو يرتب أوراقه : نكبنا الله ينكبه ... الحين كيف نوصله!
فارس الذي يعرف جيدا ما يحدث الان والصراعات التي في الرياض، أردف : يبه سمعت وش صاير بالرياض!
رائد بعدم إهتمام : وش فيها بعد
فارس : أدخل مواقع جرايدنا الإلكترونية شوف الأخبار العاجلة
رائد رفع عينه : تكلم وش صاير!
فارس : مكتوب بالخط الاحمر العريض مجهول يطلق النار على سلطان بن بدر أمام بيته
رائد يعقد حاجبيه : أمام بيته! مستحيل الحي كله أمن
فارس : وش دعوى مستحيل! مو انت قدرت عليه
رائد أبتسم بسخرية : لكل قاعدة شواذ .. لكن مين اللي متعرض له مو كاتبين شي ثاني
فارس : لأ
رائد : غريبة! ليه كاتبينها في الجرايد .. أكثر شخص يحاول يبعد الصحافة عن هالمواضيع هو سلطان
فارس : مو كتبوا قبل .. محاولة إختطاف أسرة سعودية في باريس .. ماقالوا أنه الأسرة إسمها عبدالرحمن بن خالد ال متعب .. يعني حتى الصحافة بعد تعرف كيف تبعد نفسها عن المساءلات
رائد : ما تلاحظ انك مستفز ؟
فارس أبتسم : طالع عليك
رائد : أنا الحين عقلي في شي ثاني ...
صمت قليلا حتى أردف : يعني سلطان الحين ماهو مقابل شغله!! ... أيش هالصدف الحلوة هههههههههههههههههههههه
فارس : تلقاه بين الحياة والموت وأنت يا يبه تضحك .. عاد ماهو لهدرجة
رائد : أنا ماأضحك عليه شخصيا هو كيفه يموت يعيش يمرض يصير فيه اللي يصير لكن أني أضبط أشغالي على روقان بدون مراقبة من احد ... بس الكلب صالح ماهو هنا ولا كان أستغليت هالفرصة
فارس : وش الشغل اللي بينك وبين صالح
رائد : ما يخصك
فارس رفع حاجبيه الحادتين : طيب حقك علينا تدخلنا فيما لا يعنينا ... وقف ....
رائد : على وين ؟
فارس : طفشت بعد وأنا أطالعك كيف تسب اللي حولك
رائد : ماشاء الله ... أفصخ جزمتك وأضربني بعد
فارس : حاشاك ... طيب يايبه وش أسوي عندك
رائد بسخرية لاذعة : قولي عن أحلامك المستقبلية
فارس تنهد : يبه أنا ممكن أتقبل أي شي لكن الأحلام ما تتحمل السخرية
رائد : أبشر على الخشم
فارس إبتسم بمثل إبتسامة والده المشعة : متى ماتبي تروق ومتى ماتبي تهاوش .. ماعاد أعرف لك يبه
رائد : مزاج الله يعيذك منه ...
فارس بهدوء : تدري أني أكتب
رائد : تكتب إيش ؟
فارس : روايات
رائد بسخرية : ماشاء الله تبارك الرحمن .. وش هالخبال
فارس تغيرت ملامحه للضيق ليكمل : وأكتب نثر
رائد : هذي وظيفة المترفين أبعد نفسك عنها
فارس : الحين الكتابة للمترفين صارت .. والله من السجن اللي خليتني فيه صرت أكتب ولا أنا قبل ويني ووين الكتابة
رائد : تدري وش اللي مضايقني فيك! أنك كلب وذكي لكن تستغل هالشي بأشياء تافهة
فارس بدهشة : الكتابة تفاهة! على فكرة قريب إن شاء الله بخلص روايتي وراح أنشرها
رائد : أعزمني على حفل توقيع الكتاب
فارس بضيق : يبه خذ الموضوع بجدية
رائد : وناوي تكتب بعد فارس رائد الجوهي
فارس : إيه
رائد : أذبحك .. تعرف وش يعني أذبحك!! أتركك من لعب هالعيال وشوف لك شي نفتخر فيه
فارس : يبه هذي كتابة ما شفت أدباء العالم كيف يفتخرون فيهم
رائد : وأنت من متى تكتب ؟
فارس : 4 سنوات أو 5 .. مدري بالضبط
رائد : طيب جيب لي أقرأ روايتك ..
فارس : لأ
رائد رفع حاجبه بضحكة خبيثة : ليه ؟ كاتب أشياء فوق 18 سنة
فارس رغما عنه إبتسم : ماأبغاك تقراها كذا .. مزاج بعد
رائد بإبتسامة : عن أيش تتكلم ؟ لا يكون عن عبير
فارس : ماني غبي عشان أكتب قصتي في كتاب ... عن شي ثاني ماتتوقعه
رائد : وإذا خمنته وش لي؟
فارس : اللي تبي
رائد : حتى لو أمنع الكتاب
فارس : حتى لو تمنعه
رائد : طبعا قصة حب .. عارفك ناقص حنان
فارس : هههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههههه مغرقني بحنانك وش لي بحنان غيرك
رائد وبانت أسنانه من إبتسامته الواسعة : طيب لمح لي .. مين أبطالك
فارس هز رأسه بالرفض : أنا عند وعدي إن جبت لي الفكرة بنسى شي إسمه رواية



 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

،

في عصر الشرقية الخافت، تسللت قبل أن يلحظها أحد لتركب بجانبه، ألتفت عليها : وينه ؟
ريم : ماهو في البيت
منصور رغم أنه يشعر بتصرفه الخاطىء ولكن مسألة أن يمد يده على أخته وكأن لا أحد خلفها تثير في داخله ألف مبرر ومبرر بأن يتصرف هكذا، حرك سيارته خارجا من الحي، أردف : ماراح تقولين لي وش السبب!
ريم : ما أفهمه ولا قدرت أفهمه
منصور : بأيش ؟
ريم : مدري يا منصور! غير عنكم كثيير .. كنت متوقعة شي لكن أنصدمت.. قلت يمكن بداية زواج وعادي لكن بعدها أكتشفت أني مقدر أعيش معاه أبد، إنسان تفكيره غير عني وأصلا أحسه ماهو متقبلني ..
منصور عقد حاجبيه وعينه على الطريق : وليه ضربك؟ وش قلتي له ؟
ريم : رفعت صوتي عليه
منصور صمت قليلا ليردف : وليه رفعتي صوتك؟
ريم : السالفة سخيفة بس لأنها تراكمت علي أشياء كثيرة أنفجرت
منصور : وش السالفة يا ريم؟ أنا أبي أعرفها
ريم بإختناق ونبرتها تجاهد أن تبتعد عن البكاء : سألني ليه جالسة بروحي! وقلت له أنه أمر يخصني ولما سألني وش هالأمر ما جاوبته وقلت له يخصني قام عصب علي وقال لا تطلعين جنوني عليك وأنا عصبت بعد .... يعني يتركني بالأيام يا منصور وبعدها يجي يسألني ليه جالسة بروحي! يبغاني أجلس عند أهله وهو أصلا ما يسأل عني ولو ما خالتي تسأل عني كان ما كلف على نفسه وجاني، إنسان ما يقدرني ولا يحترمني ولا حاسب لي حساب وش أبي فيه؟ هذا غير كلامه على الطالعة والنازلة
منصور بضيق : دايم في بداية أي زواج تصير هالمشاكل
ريم : بس أنا وش يحدني ويخليني أصبر! لا عندي عيال أصبر عشانهم ولا شي .. دامه ضربني مستحيل أرجع له
منصور : أنا مستغرب من أنه مد إيده عليك! ريان مو من هالنوعية
ريم : أنا منصدمة في شخصيته وأنت بعد راح تنصدم .. إنسان ثاني ماهو مثل اللي نسمع


،

أتى اليوم الثاني لاذعا بعد أن توترت أعمالهم وتنظيماتهم، رغم شعوره بالألم ولكن كان جمود ملامحه وقلة حديثه أمر مثير للشك في نفس عبدالرحمن : طيب خلك يوم ثاني وبعدها أطلع
سلطان : ماراح أتركك بروحك
عبدالرحمن : وأنا مقدر أشيل الشغل؟ .. يا سلطان تعوذ من الشيطان جرحك ما طاب
سلطان يلف صدره الشاش الأبيض ليغطي أثر العملية التي حدثت له : ماراح أجلس دقيقة وحدة هنا ...
دخل الدكتور بإبتسامة : شلونك يا سلطان
سلطان : تمام ...
الدكتور : وش قاعد تسوي؟ وين بتروح ؟
سلطان : أنا مضطر أطلع
الدكتور : معليش يا سلطان أنت طالع من عملية جراحية ماهو عملية عادية عشان تطلع!
سلطان ببرود : شكرا على المعلومة ..
عبدالرحمن يتقدم للدكتور : مافيه إمكانية أنه يطلع الحين ؟
الدكتور رفع حاجبيه : يوقع ويتحمل مسؤولية نفسه لكن حتى ما يتضاعف عليه شي مفروض أنه يجلس ..
عبدالرحمن : طيب تقدر تجيه البيت؟ عشان الفحوصات
الدكتور : كلم الإدارة وممكن يوفرون ممرض يجيه وأنا طبعا
عبدالرحمن : خلاص دام كذا بيرتاح في البيت
الدكتور ينظر لسلطان الذي لم يترك له فرصة للنقاش : الحركة الكثيرة بتسبب لك مضاعفات .. أنتبه
عبدالرحمن : شكرا لك
الدكتور : العفو .. واجبنا .. وخرج ليتركهما في صراعاتهم الداخلية.
عبدالرحمن : يعني يعجبك كذا ؟ مستحيل بتقدر تروح الشغل
سلطان يرتدي حذائه بصمت مهيب ليقطعه بنبرة خافتة : على الأقل أراقب هالشغل من البيت
عبدالرحمن يخرج هاتفه : بتصل على الجوهرة تجهز لك غرفة بالدور الأول .. ولا تقولي بصعد عشان ما أهفك كف الحين
سلطان رفع عينه ليبتسم بتعب ملامحه المستنزفة طاقتها بشدة، من عبدالرحمن يتقبل كل الكلمات السيئة التي من الممكن أن تستفزه من شخص اخر.
عبدالرحمن : ليه ما خليت عمتك تجيك هنا ؟ حرام عليك شوي ويموتون من خوفهم عليك
سلطان : ماله داعي هذاني بجيهم
عبدالرحمن : ولو! حتى ما سمعوا صوتك ولا تطمنوا! ..
سلطان يقف ليشعر بوخز على جانب صدره مكان الرصاصة، تحامل على وجعه : يالله نمشي؟
عبدالرحمن يضع هاتفه على إذنه : لحظة ... هلا الجوهرة ....... بخير .... يبه الجوهرة جهزي غرفة لسلطان تحت ،نص ساعة بالكثير وإحنا عندكم ..... إيه .... مع السلامة ... وأغلقه.
سلطان :أنت رايح لهم ؟
عبدالرحمن : أيه من جيت وأنا يوميا عندهم .. والله حالتهم ما تسرك والغلط عليك!!
سلطان تنهد ليخرج ومن خلفه عبدالرحمن الذي أتجه نحو الإستقبال حتى يوقع على خروجه، دقائق عديدة حتى أتجها للسيارة التي تحركت بإتجاه الحي الذي باتت الكثافة الأمنية عليه كبيرة.
سلطان : وش صار مع عبدالعزيز ؟
عبدالرحمن : خليته ما على تهدا الأوضاع ونشوف صرفة مع رائد
سلطان : تعرف مين أشك فيه ؟
عبدالرحمن : غير مقرن ؟
سلطان : أحس فيه أشياء كان يعرفها سلطان العيد الله يرحمه وما قالنا عنها!
عبدالرحمن : وش ممكن تكون ؟
سلطان : فكرت ببومنصور! لكن أستبعدت أنه يعرف شي وإحنا مانعرفه
عبدالرحمن : ممكن تهديدات الحادث من رائد ما كانت تخوفه عشان كذا ! ..
صمت حتى أردف بنبرة أعلى : يالله يا سلطان! كانت قدام عيوننا ومافهمناها
سلطان : وش ؟
عبدالرحمن : لو بو عبدالعزيز كان يدري بأنه مجهز له حادث وسمع هالتهديدات ما كان خذا معه أهله .. ولما كلمناه قبلها كانت لعبة من الشخص الثالث ... أننا نشك في رائد
سلطان عقد حاجبيه ليردف بدهاء : وليه منعوا يعطون عزيز إجازة! رغم أنها إجازة لمدة ساعات بس؟ أكيد أنه فيه أحد مكلم إدارته .. وهالشخص هو نفسه اللي قاعد يتلاعب بين عبدالعزيز ورائد .. لأنه كان يبي عبدالعزيز حي عشان يستغله لكن إحنا كنا أسرع لما أخذناه فعشان كذا قام ينتقم منا واحد واحد .. وقاعد يشكك رائد عشان يخلي رائد هو اللي ينفذ إنتقامه لنا وهو يطلع منها باردة ...
عبدالرحمن : دامه ما تركنا نشك فيه وما خلانا نمسك عليه دليل فهذا معناته أنه بيننا يا سلطان
سلطان : وأكيد أنه ماهو مقرن! .. أنا ممكن أشك فيه بأشياء ثانية لكن شي صار قبل سنة وأكثر مستحيل يكون هو وراه
عبدالرحمن : وليه زوروا بفحص الدي أن إيه .. ليه كانوا يبون غادة بعيدة عن عبدالعزيز .. هذا يعني أنه فعلا الشخص الثالث كان يبي يستغل عبدالعزيز بشي .. ودامه كان يبي يستغله فهذا معناته يبي منه أشياء .. وهذا معناته ..
تنهد ليكمل عنه سلطان : أنه سلطان العيد كان وراه أشياء مانعرفها
عبدالرحمن يحك جبينه بعد أن وقف للإشارة الحمراء : وهالشي كيف غاب عنا كل هالفترة! يعني طول الفترة نوجه خططنا للجوهي وهي غلط! هذا إحنا تورطنا واللي بالمدفع عبدالعزيز
سلطان مازال يشعر بحرقة القهر في صدره : يا كثر الأغلاط اللي تصير لكن مثل هالغلط ماني قادر أستوعبه!
عبدالرحمن : خلنا نفكر الحين فيما بعد الغلط
سلطان تنهد وهو ينظر للبيت الذي أبتعد عن اليومين الفائتين : بكرا بيصير الإجتماع ؟
عبدالرحمن : إيه جهزت كل شي ..
سلطان : تكلم متعب يجيني البيت ويجيب معه كل الأوراق
عبدالرحمن :سلطان أنت منت ناقص .. مدري متى تستوعب أنك طالع من عملية ماهو بسهولة تتحرك وتشتغل
سلطان : جتني اللي أكبر من ذي وماصار شي .. يرحم لي والديك يا عبدالرحمن لا تزن علي
عبدالرحمن خرج ليتجه نحوه ولكن سلطان لم يكن يحتاج مساعدته، أتجها للباب الداخلي وخطوات سلطان أتضح بها العرج الخفيف من ألمه الذي لم يلتئم بعد.
منذ أن سمعت صوت الباب حتى نزلت بخطوات سريعة نحوه لتقف في منتصف الدرج وتتعلق عيناها به، بملامحه السمراء التي تفقد سمرتها بشحوبها، بقدمه الذي أنتبهت لعرجها الخفيف ولشعر وجهه المبعثر بفوضوية تثير الفتنة في قلب صبية مثلي، كان حضورك غيث على ارض جفت بأيام قليلة، كنت غصن يابس ينتظر من يبلله، لم يكن غيابك عاديا بل كان مكلفا جدا، حرمني من النوم ، " الوسائد أرق " و عيناك نعاس، كان مكلفا بأنه كسر ضلع الراحة وبات إنتمائي لضلعك مهما أعوج بي.
عبدالرحمن بإبتسامة ودية : اللهم أني موجود ..
الجوهرة بربكة أحمرت وجنتيها : حياك عمي .. الحين أخلي
يقاطعها : جعل يكثر خيرك أنا طالع .. أنتبهي لسلطان .... وخرج دون أن يترك لها فرصة للحديث.
مشت بخطوات خافتة نحوه وهي تعد كم من عصب ينهار في داخلها وينتحر : جهزت لك الغرفة اللي عند مكتبك
سلطان مشتت نظراته وعيناه المشتاقة لحصة تبحث عنها : وين عمتي ؟
الجوهرة : طلعت مع العنود بس كلمتها والحين جاية ...
بتوتر لم تشعر إلا بالدمع ينحشر في عينيها : الحمدلله على السلامة
سلطان يتجه نحو الغرفة التي جهزتها له دون أن يرد عليها وفي داخله لم يقصد التجاهل بقدر الإشتياق الذي يطل مكابرا وشاهقا وأنا أقدامي رقيقة لا تتسلق كل هذا العلو ببساطة يا سلطان، وقفت لتواسي عبرتها، تحاملت وحاولت أن تظهر إتزانها لتتجه خلفه، نظرت إليه وهو ينزع حذاءه.
حاولت أن تظهر عدم إهتمامها في مشاعرها لتردف بجدية : التكييف زين ولا أقصر عليه ؟
دون أن يرفع عينه: زين
يستلقي على السرير بعد أن شعر بأن رأسه يدور به وغليان يجري بأوردته، فيومين لم يتحرك بهما كفيلة بفعل به كل هذا بعد أن تحرك قليلا، أقتربت لترتجف شفتيها من ملامحه التي تغيرت للضيق وكأنه يعاني أمرا ما : يوجعك شي؟
سلطان أخذ نفس عميق : لا .. سكري النور وبس تجي عمتي خليها تصحيني
الجوهرة لم تتحرك بعد أمره، تشعر بخيبة لاذعة لا يتحملها قلبها، تعامله الجاف معها يزيد حزنها أضعافا، لم كل هذا؟ أأصبحت شخصا عاديا لا يعنيك أمره؟ ألا يعنيك أمر قلبي الذي أبتهل بك وبكى عليك! ألا يعنيك أنني أنتظرتك يومين بشدة تعني " أحبك " بصورة لا تنتمي إلا لقاموسك، ألا يعينك أن عيناي تسأل عنك وأنت أمامي؟ ألا يعنيك بأنك تقرأ شوقي في محاجري ومع ذلك لا تبالي! ألا يعنيك شيئا من هذا يا سلطان؟
سلطان رفع حاجبه بإستغراب من وقوفها : الجوهرة فيه شي ثاني!
الجوهرة بعتاب حاد : إيه
سلطان : وشو ؟
الجوهرة بثقتها الصاخبة : أنا
نظر إليها وأطال بنظره لعينيها الحادتين، تشبهني إن حاولت أن تغضب رغم أنها تفشل في كل مرة ولكن هذه الأنثى تواصل بعنفوانها السيطرة علي وأواصل في كل مرة في صد عنف شفتيها التي سرعان ما تذوب: وش فيك أنت ؟
الجوهرة بقهر تراجعت لتجلده بالصد : ولا شي ... لتتجه نحو الباب فيقطعها صوته : الجوهرة
وقفت دون أن تلتفت عليه لتلفظ بقسوة بدأها لتنهيها : بس تحتاج شي ناديني بكون جالسة بالصالة ...
ألتفتت عليه : تبغى شي ثاني؟
سلطان : تعالي
الجوهرة بهدوء : قولي من هنا
سلطان بصيغة الأمر : قلت تعالي
الجوهرة وتبدأ حرب الضمير معه، يتجاهلها قبل دقائق والان يريدها وأنا لست تحت رحمة مزاجك : تمسي على خير ...
بعصبية بالغة : يعني أوقف؟
أتجهت بخطواتها نحوه لتقف، سلطان : قربي
أقتربت أكثر حتى ألتصقت بالسرير، بنبرة متلاعبة : جيبي المخدة الثانية ..
الجوهرة تنحني عليه لتسحب المخدة التي بجانبه وتحاول أن ترفع رأسه لتضع تحته وهي تنحني بأكملها ليقترب صدرها من صدره، كانت ستبتعد ولكن يده كانت في وجه هذا الإبتعاد، مسكها من ذراعها ل . . ..


،

صخب بضحكته إلى حد لا متناهي، لم يستطع أن يسيطر على نفسه وهو يرى ملامحه والدته المندهشة : أجل تان!!
فيصل بإبتسامة : الله يوسع صدرها بس ... أول مرة يمه أشوف وجهك يقلب ألوان كذا
والدته : مناك بس ........... وجلست بهاجس من أن هيفاء تغيرت ملامحها
فيصل : بس والله التان ماهو شين
والدته : أنت عجبتك ؟
فيصل هز رأسه بالإيجاب : حبيت ملامحها بس يمكن أحبها أكثر بالبياض .. بس والله السمار ماهو بشين ..
وبضحكة أردف : إلا فتنة
والدته : تقول أمها يروح بسرعة
في جهة أخرى بعد أن أغلقت الهاتف منها : حسبي الله على أبليسك يا هيفا .. حسبي الله بس .. تسوين اللي تسوين ترجعين لي بيضا اليوم قبل بكرا
هيفاء : لا تخافين قبل العرس بتشوفيني قشطة
ريانة جلست وهي تشتم حظها : أنت وأختك تبون تجننوني!
منصور : ريم مانزلت اليوم؟
ريانة : بغرفتها! تبي تقهرني .. من أول مشكلة خذت أغراضها وجت
منصور : يمه لا تزيدينها عليها! لو المشكلة بسيطة كان ماخذيتها بس خلي ريان يتأدب
ريانة : وريان وش سوى ؟ قولي وش سوى
منصور تنهد : هذا بينها وبينه .. المهم أنه ريم ما ودها فيه واللي شرع الزواج شرع الطلاق
ريانة تضرب صدرها : طلاق في عينك !! هذا وأنت الكبير العاقل تبي أختك تتطلق
منصور : دام ماراح يتفاهمون ليه تكمل معه بكرا تجيب منه عيال وتبتلش! الطلاق الحين ولا الطلاق بعدين ..
والدته : منصور لا ترفع ضغطي ..
يوسف دخل على نقاشهم الحاد : وش فيكم ؟
والدته : أخوك كبر وأنهبل! يبي ريم تتطلق
يوسف ألتفت على منصور : ممكن أفهم وش هالمشكلة العظيمة اللي بين ريم وريان! يخي خلنا على بينة عشان نعرف نتصرف
منصور : إذا ريم تبي تقولك خلها تقولك .. لكن مسألة أنه ريم ترجع له أنا ماراح أوافق
والدته بعصبية : عساك ما وافقت! بس يجي ريان ماتتدخل بينهم وخلهم يحلون مشاكلهم بروحهم
منصور بغضب : لا بتدخل! ريم ماراح ترجع له يا يمه ولا تخليني أحلف لا والله ..
تقاطعه بغضب كبير وهي التي لا يرتفع صوتها على منصور كثيرا : تحلف علي! هذا اللي ناقص بعد
يوسف وقف : منصور أمش معي ..

،

بعصبية يشتم كل شيء أمامه، لم يعد يتحمل كل هذا، لا يتحمل هذا الهراء الذي يعني أنها تتذكر الماضي وتنساني! هذه الذاكرة العاصية لقلب متولع بها من قدميه حتى أطراف شعره، هذه الذاكرة التي لا تحاول أن تفكر بطريقة ترحم بها جسدا يشتهي عينيها ويغرق بتفاصيلها، أأستخرج عن الحب كفارة حتى تعودي لأحضاني؟ أم أنسى أنك غادة وأنسى هويتي! كنت أخبرك دائما بأن عيناك وطن وأنك إنتماء، كنت أخبرك بأنك هويتي إن ذهبت ضاعت أوطاني، أنا المواطن لأرضك ولشفتيك.
: يعني ؟
غادة بضيق : ماأبغى أروح لندن!
ناصر : غادة! أنا ماخذ رايك أنا قلت لك راح تروحين يعني الموضوع مافيه نقاش
غادة : وأنا ماأبغى .. ماأبغى ابعد لمكان ماأعرفه
ناصر بصراخ : لندن ماتعرفينها؟
غادة : ماأعرفك أنت
ناصر بحدة بعد أن وضع حقائبه في سيارته وعزم على الذهاب: راح تروحين .. وغصبا عنك بعد ماهو برضاك ...
غادة : يخي أفهمني أنا ..
ناصر يقترب منها ليلتصق ظهرها بالجدار، أحاطها بيديه ليهمس : أولا إسمي ماهو يخي! ثانيا ماراح تنامين اليوم الا بلندن إن شاء الله! ثالثا! لا تحاولين تستفزيني بكلمة ماأعرفك وماأتذكرك عشان ما أنسيك إياهم كلهم وأخليك تعرفين تتذكرين صح!!
غادة بربكة بعد أن ألتصق بطنها ببطنه، شتت نظراتها المرتجفة
ناصر : مفهوم ؟
غادة بهمس : ممكن تبعد شوي
ناصر يضيق عليها بعناد سادي : مفهوم ؟
غادة أرتبكت لترفع عينيها وشتمت نفسها من أنها رفعت رأسها له في هذه اللحظة الضيقة ، وهذه الفرصة لا تضيع علي . . . . . .


،

تطرق باب غرفته التي حجزها بجانبهم بعد أن نامت ضي وعبير، أشعر بالضجر والملل وكل الأشياء السيئة في ليل طويل كهذا، وفكرة ان أخرج مع عبدالعزيز ليست سيئة ما دمنا في وضع الهدنة التي عزمنا عليها في الأيام الماضية.
أنتبهت للباب المفتوح، لتطل والظلام يغشى المكان، أقتربت بخطاها للداخل وهي تبحث بعينيه عن سريره ، شعرت بالباب وهو ينغلق لتتجمد أقدامها و لا لفظ يأتها سوى الصيغة العامية التي تعني " أم الركب " ، ألتفتت بخوف لتتراجع حتى أرتطمت بالتلفاز وهي تحاول أن . . . .



.
.

أنتهى البارت
 
رد: رواية لمحت في شفتيها طيف مقبرتي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إن شاء الله تكونون بخير وصحة وسعادة ()



المدخل لنزار قباني من قصيدة القرار " لازم تقرونها كاملة عشان تشوفون سر الفتنة في هالإنسان :( "

يا أنت .. يا سلطانتي ، ومليكتي

يا كوكبي البحري .. يا عشتاري

إني أحبك .. دون أي تحفظ

وأعيش فيك ولادتي .. ودماري

إني اقترفتك .. عامدا متعمدا

إن كنت عارا .. يا لروعة عاري

ماذا أخاف ؟ ومن أخاف ؟ أنا الذي

نام الزمان على صدى أوتاري

وأنا مفاتيح القصيدة في يدي

من قبل بشار .. ومن مهيار

وأنا جعلت الشعر خبزا ساخنا

وجعلته ثمرا على الأشجار

سافرت في بحر النساء .. ولم أزل

_ من يومها _ مقطوعة أخباري..




رواية : لمحت في شفتيها طيف مقبرتي تروي الحكايات أن الثغر معصية ، بقلم : طيش !
الجزء ( 62 )




ينظر إليها وهي تلتفت للخلف خشية من أن تصدر صوتا مزعجا، تقف على أطراف أصابعها كناية عن توترها، تطرق الباب بخفة حتى تجمدت عينيها من أنه مفتوح، يتأملها بإبتسامة تتسع شيئا فشيء، لن تتركين أبدا التطفل والتسلل إلي وتقولين بكل ثقة " أنا قادرة على نسيانك " تقولينها بطريقة توحي أنني لا شيء وأنا في عينيك كل شيء مهما أنكرت، مهما قلت " لا " فهذا يعني في قاموسي " أحبك جدا يا عزيز " ، قلنا هدنة ولكن المعذرة من هذه الهدنة أن أختلت ليوم واحد، تقدم لغرفته بعد أن أغلق الهاتف، كان الظلام يسيطر على غرفته التي لا يرى منها شيئا سوى الضوء المنبعث من النافذة، ألتفتت بخوف لتتراجع حتى أرتطمت بالتلفاز وهي تحاول أن تصرخ ولكن الصوت يموت بها في كل مرة تخاف بها لا تملك حبالا صوتية تقوى على الصراخ.
أبتسم وهو يحاول أن يخيفها أكثر، أخرج سلاحه من جيب بنطاله ليخرج صوت الزناد كرصاصة تخترق قلبها الرقيق، شعرت بأن صدرها ينفصل بمجرد ما سمعت هذا الصوت، تموت؟ أنا فعلا أموت ببطء بهذا الخوف الذي يقتنص قلبي، ضغط على مفتاح الإضاءة لتضيء الغرفة بأكملها : عندنا ضيوف اليوم!
أتت ردة فعلها جامدة وهي تنظر إليه بأقدام ثبتت في مكانها إذ لم تكن متجمدة، وملامح تشربها الخوف حتى أستكنت بشحوب، نزلت دمعة يتيمة ولا صوت يخرج منها. هذه الدمعة ليست ضعفا ولكن دمعة اليأس، دمعة اللاشيء، دمعة الإفلاس الحقيقي.
وضع السلاح على الطاولة ليقترب منها ولكن سرعان ما تراجعت بخطواتها للخلف لتصرخ به : ماترتاح إلا لما تجلطني .... أتجهت نحو الباب، مرر ذراعه من خلفها ليثبتها على الباب ويعيقها من الحركة،
بصوت يضيق بحزنه : يا عمي أنا اسفة أني جيتك أنا الغبية أني جيتك .. ممكن تتركني الحين ؟
عبدالعزيز : ماني عمك
رتيل ومازالت لم تلتفت عليه ومازال يحاصرها من ظهرها: ماهو جو أنك تتمصخر! ..
عبدالعزيز : وش كنتي جاية عشانه ؟
رتيل عقدت حاجبيها : طفشت ومالقيت غيرك لكن دايم أكتشف أني غلطانه ودايم أكتشف أني أكبر حمارة عرفها التاريخ!
عبدالعزيز تنزل أصابعه من عند الباب لتتجه نحو خصرها، يستعمرها بأصابعه وبذراعه التي تلتف حولها كهالة لن تمحى بسهولة، ألتفتت عليه ولا هواء يتجرأ أن يفصل بينهما، شعرت بأن أوكسجينها ينسحب من الغرفة وينسحب إلى رئتي عبدالعزيز ويتركها خالية، بهذا القرب المقدس بين عينيهما تاهت الكلمات المتزنة، يطيل الوقت بالتأمل وعينيها لا ترمش ولم تكن عينيه أفضل حال وهي تتجمد في عدسة عين رتيل، إننا لا نعرف كيف نعقد العهود! إننا لا نعرف كيف تقام الهدن وكيف تتزن شروطها؟ إننا أسوأ من البعد، من الغياب، إننا نغرق بوعود وهمية ومصطلحات زائفة، نعيد تعاريف الأشياء لتصبح خفيفة عابرة في قواميسنا، الهدنة التي تعني الصلح الذي يسبق الحرب، أو الهدنة التي تعني حرب لاذع يستمر في الصمت حتى يخرج صوته فنقول إننا نواجه الحرب! هل هذه الهدنة يا عزيز؟ أم أن الهدنة التي أستخرجناها من جحيم ثغرك تعني أن نقترب بكامل رضانا ونحن نكابر! أنا أضيع، أين قلبي؟
تعلمين يا رتيل أنني الأسوأ في كل شيء، الأشد سوء من عينيك المعصية، رسائل القدر التي تهمس لي مرارا " أنت تغرق ولا حبل نجاة ينتظرك " أنا الأسوأ من الحياة التي تقيم مراسم تأبين عائلتي أمامي في كل لحظة/في كل ذكرى دون أن تلتفت لقلب لم يدفن بعد، لقلب يحاول أن يقف وفي كل مرة يسقط!، أنا الأسوأ ولكن عيناك كارثة! وأنا اتحمل معنى هذه الكلمة وهذه الجريمة، أتحمل ما تؤول إليه التفسيرات، بالله عليك! كيف أنظر لنفسي للمراة وأراك؟ كيف أشعر بأنك مراة تلاحقني في كل مكان، كيف تكوني بهذه الصورة اللاذعة! أنا لولا عينيك كان بإمكاني التقدم في أمر زواجنا بصورة سلبية كانت أم إيجابية ولكن هذه العينين تعرقلني، والله تعرقل رجل مثلي لا يتحمل سمراء نجدية مثلك، ليتني أستطيع أن أتواضع قليلا لأجل عينيك وأقول " سحر أنت أم أنا المجنون ؟ "
أرتفع صدرها بشدة وهي تسحب أنفاسها التي بات يسرقها من شفتيها، لا أعرف لم أغمض عيني في الحزن/الفرح، لم عيناي لا تقوى أن ترى الفرح إن تشكل أمامي، لا تقوى أن ترى بكاء الحزن في داخلي، والان أغمضها لأنني لاأعرف كيف أصنف هذا الشعور؟ هذا الشعور فوق كلماتي فوق تحكم عاطفتي، هذا الشعور فوق السيطرة. هذه القبلة تنزل بخفة لقلبي، هذه القبلة تنام في صدري.
تضع يدها على صدره لتفتح عينيها بإطمئنان الحياة التي بثها في داخلها، كيف للقبلات هذه المقدرة الخرافية؟ كيف لها أن تتشكل كالحياة وأحيانا تتشكل كالموت. دفعته قليلا وهي تحاول أن تبتعد بعد أن أستسلمت لقلبها الذي أندفع بإتجاهه، وعدت نفسي مرارا وأعترف أنني خائنة الوعود! قلت كلاما لا يحكمه عقلي، أصبح الكلام تحت سلطته وأنا كاذبة في كل أقوالي إلى الان، إلهي إجعلني فقط ألتزم بوعد واحد حتى يعرف أنني مازلت لست راضية.
أبتعد بخطواته للخلف : عن الحكم؟ نقدر نقول بطلت الهدنة ؟
رتيل دون أن تنظر إليه : لا
نظر إليه بحدة حاجبيه التي تشابكت فيما بينها، تقدم مرة أخرى عدة خطوات ليقترب منها : شيئان لا تصدق فيهما قولا إمرأة عيناها من شدة الصدق تكذب و إمرأة من شدة الكذب عيناها تكذبها جهارا.
بلعت ريقها من وصفه المباشر لها، بللت شفتيها بلسانها وهي لا تستطيع رفع رأسها لتنظر إليه، شتت أنظارها لتردف ومشاعرها المتلخبطة أحمر بها وجهها الشاحب، هرولت الحمرة في جسدها بأكمله، أهذه ربكة الحب؟ أأنا واقعة به؟
: تصبح على خير ... ألتفتت للباب وهي تحاول أن تفتحه ومن التوتر الذي أصاب اصابعها أطالت في فتحه حتى وضع يده على كفها المثبتة في مقبض الباب : لمعلوماتك عيونك تبطل أشياء كثيرة
رتيل بسخرية : منها مقولتك اللي ماأعرف مين قائلها!
عبدالعزيز بإبتسامة لاذعة وهذه الإبتسامات تصيب الإناث في مقتل : لا.
رتيل لم تفهمه، ألتفتت وبنبرة جادة مازال في المتسع أن لا نستسلم : وش تبغى توصله ؟
عبدالعزيز بنبرة متلاعبة : أسأليني
رتيل لم تفكك الخبث المنحصر في كلماته لتردف بصفاء قلبها : وش الأشياء الكثيرة اللي تقصدها
عبدالعزيز : تقصدين وش الأشياء اللي تبطلها عيونك ؟
رتيل تشعر بإستفزاز أسئلته لتردف : وش الأشياء اللي تبطلها عيوني؟
عبدالعزيز : الوضوء
شعرت بأنها تختنق فعليا، فتحت الباب بقوة لتخرج بخطوات متخبطة مرتبكة، دخلت غرفتها وهي تضع ظهرها على الباب ويدها على صدرها تستشعر حرارة الكلمة المنصهرة في يسارها، أتجهت نحو الحمام الذي كان قريبا جدا لتبلل وجهها الذائب بحرارته بماء بارد، أنتشر صدى أنفاسها التي تأخذها بتسارع، كل شيء يختل توازنه، صوت ضربات قلبي ترتعش معها أذني وكأن قلبي يريد أن يوصل إلي بنبرة مستعارة " أنني لا أملكه " ف ورقة الملكية في جيب عزيز، مع كامل الحب والأسف.


،

وهذه الفرصة لا تضيع على رجل يتشربه الإشتياق كل دقيقة وكل ثانية وكل لحظة، هذه الفرصة كفارة عن نفسك التي بادلتني بالبرود بعد كل هذا الغياب، أترين كيف الفرص تقف بصفك؟ ليست هي فقط بل قلبي أيضا، تقف بكل شموخ تواسيني وتحاصرك، هذه الفرص مدعاة للسخرية إن ذابت قبل أن ألمسها، كيف تضيع منا الحياة؟ إني أسألك بحق الله كيف أشتاقك وأنت أمامي؟ إني أسالك بحق الرب الذي صقل جسدك من ماء وطين! إني أسألك بحق العظيم كيف لعينيك هذه المقدرة من الذوبان والطوفان؟ أعلن إنشقاقي من البشر، من الأرض والطين ورسائل عينيك الكاذبة، أعلن الإنتماء لشفتيك ولوجهك وكل شيء فيك لا أعرفه بأحد غيرك، إن وجهك دياري وإنك هويتي، يا حاكمتي بغير ذنب إني واقع في معصيتك، يا خطيئتي بغير حساب إني لا أطلب الغفران عنك، يا حبيبتي من أي العوالم أنت أتيت ؟ هل من العدل أن تأت بحرا يغرقني أم من العدل أن تأت كرياح هائجة لا تبقي لي جذورا؟ إنه من الظلم أن لا أحبك، أني عادل جدا وأني أحبك جدا جدا.
عيناها تطيل الوقوف في عينيه لتراه كصورة أخرى، تغرق تماما وهي تسترجع تفاصيلا أخرى لا تعلم موعدها ولا تاريخها ووقتها، بلعت ريقها وهي تغمض عينيها لتستذكر ما حصل بالسابق.
" في محطة القطار التي فرغت تماما في ساعة متأخرة، بتلاعب أقترب منها وهو يلاصقها، أبتسم ومازالت عيناه تنظر لسكة القطار الخاوية، تبادله الإبتسامة وعيناها أيضا تنظر للسكة الحديدية، عانق أصبعها السبابة بكفه لتلتفت إليه وهي ترفع حاجبها : باقي 10 دقايق. ناصر بإبتسامة شاسعة يتلاعب بها : 10 دقايق تحديدا يمدينا نسوي فيها إيش؟، غادة بضحكة : يمدينا نطلب قهوة تصحصحنا على هالفجر. ناصر يجاري ضحكاتها : ويمدينا نسوي شي مجنون مثلا ... يقترب أكثر .. يعني مثلا .. يراقب بعينيه محطة القطار التي كانت خاوية تماما عدا شخص نائم على الكرسي البعيد ليلتهمها وسط ضحكاتها التي أعتلت وهي تحاول أن تبعده وتذكره بمكانهما، نحن في الحب مجانين، نحن في الحب لا ننتمي لأي عرق أو طائفة، نحن في الحب ننتظر نوم العالم حتى نصخب بضحكاتنا/بجنونا، نحن في الحب نمارس قدسية الجسد كما ينبغي وكما يرضي الله.
فتحت عينيها لتبعده بيديها الرقيقتين، شعرت بأن حرارتها ترتفع مع الذكرى التي تجهل بأي مكان وقعت، ترن في داخلها الضحكات، يصخب رنين خلخال الحب في قلبها
أخذت نفسا عميقا وهي تقف بربكة في المنتصف، ألتفت عليها ليتجه نحو الباب وهو ينطق بهدوء : أنتظرك تحت . . . .

،

مسكها من ذراعها لتسقط على صدره، رفعت جسدها حتى لا تؤلمه وهي بدأت تكتشف مكان إصابته، أنساب شعرها لجهة اليمين وهي تنظر إليه بإستغراب من التناقضات البشرية التي تكمن في داخله، من حرب عينيه وقلبه، أتعلم مالشيء الذي يليق بعينيك في هذه الساعة، أن يصيبها شيء يجعلك تستعيذ ثلاثا من فكرة تجاهلي وأنا إمرأة لا تخاف التحدي ولكنها واقعة بك وهذا ما لا يقبل به التحدي إن كان إحدى الطرفين منحاز للاخر، للأسف الشديد عيناك (حليانة) وأنا أتولع بها!
سلطان رغم أنه يشعر بألم مفاصله الذي تسرب من صدره إلا أنه يواصل إستحلالها، " فأستسلتمي لإرادتي ومشيئتي، واستقبلي بطفولة أمطاري ، إن كان عندي ما أقول .. فإنني سأقوله للواحد القهار...عيناك وحدهما هما شرعيتي. " شرعية قلب ربما يبطلها متى ما أراد مزاجه وأنا كائن مزاجي لا يرضخ لعواطفه وهذا عيب بشري لا أظن أنه يختلف عليه إثنان، وأنت تعلمين يالجوهرة أنني قادر على التعايش بعكس دواخلي، قادر وجدا أن لا أختار بين الحب واللاحب، قادر تماما أن أنفيك وأقربك وأستوطنك وأعلن رفع حصاري عنك، يا مدينة مقدسة أنت ويا حكومتي الطاغية.
: عسى سرحانك بشي معقول!
تهينني كثيرا بكلماتك، تقسو كثيرا ولكن كل هذا لن يحرك بي ما ترجيه، إن كن النساء يرتفع سقف طموحاتهم عندما يرونك، عندما يشعرني الجميع بأن حظي في هذا الدنيا كبير لأنك زوجي فأنت ذو حظ أعظم لأني مازلت أراك، أبتسمت بسخرية وهي تعلن الإنشقاق عن ملكيته : وش الشي المعقول أصلا ؟
صغيرة جدا على محاولاتك الإستفزازية بالكلمات، أنت أصغر بكثير من أن تبددني كلماتك، يسحبها بقوة حتى ينسحب الهواء ببطء بينهما ليلفظ وهذه المرة الكلمات لا ترسل لأذنها مباشرة بل الوساطة تنتقل لشفتيها المتوردتين، أضنيتني بالبعد كل هذه الفترة ما أظلمك! أكان الغربة عن شفتيك واجبا؟ لو راك غيري لحرم على نفسه النساء من بعدك : هذا المعقول
الجوهرة تسحب نفسها بربكة تحمر بها خجلا، لتردف بكلمات مرتبكة متقطعة : ومن ضمن هالمعقول أنك تتجاهلني وأنا من طحت بالمستشفى لا ليلي ليل ولا نهاري نهار !!
سلطان بسخرية لاذعة وهو يفرغ غضب العمل بها : تصدقين لولا إنتظارك ما كان صحيت! شكرا على الوقت اللي راح وأنت سهرانة ... كنت راح أضيع
الجوهرة تدافعت العبرات في حنجرتها، أمالت فمها، تحاول أن لا تضايقه وهو مازال متعب، تحاول ولكن يستفزها بكل شيء حتى في مرضه، أتى صوتها مختنقا : أنا أسأت الظن فيك بس أكتشفت أني أحسنته، لأن سوء ظني عمره ما وصل لمرحلة أني أتخيلك تتمصخر علي بهالطريقة!
سلطان وهو الذي يضيق من نفسه أكثر من ضيقه منها، بهدوء : مزاجي ما يتحمل أسمع كلمة ثانية
الجوهرة شدت على شفتها السفلية محاولة أن لا تبكي، " ما عاد ينفعك البكاء ولا الأسى فلقد عشقتك .. واتخذت قراري.. "
بلعت ريقها لتظهر صوتها متزنا رغم عينيها المختنقة بالدمع : ممكن يتنازل هالمزاج شوي وتفكر بطريقة تعتذر فيها لي
سلطان أتسعت محاجره بالدهشة، لم تترك له فرصة للحديث بصوتها الخافت : لأنك غلطان! ومن شيم الرجال الإعتذار عند الغلط .. وأظن ماينقصك عن الرجال شي.
سلطان بعصبية أستفزت كل خلية بجسده : لا تحاولين تستغلين تعبي بأنك تمررين الكلام بدون لا تحسبين حسابه، تراني قادر الحين أقوم وأعلمك كيف تكلميني!
الجوهرة ببرود : أعرف كيف أتكلم قبل لا أسمع لإسمك طاري في حياتي
سلطان بحدة : الجوهرة! والله ..
تقاطعه بمثل حدته : لأنك غلطان! لأنك عاجز حتى أنك تعترف بغلطك .. فأسهل وسيلة أنك تعصب وتحلف .. لكن لو أنك مقتنع باللي تقوله كان واجهتني بالحجة ..
سلطان يحاول أن يستعدل وملامحه الحادة يرتسم عليها تعبه وثقل جسده عليه، في جهة كانت تنظر إليه وهي تجاهد أن لا تضعف أمامه، تتألم من ألمه وتعبه، هذا التعب أشعر به يشطرني قبل أن يشطره.
ألتفت عليها : و رحمة الله يا بنت عبدالمحسن لا أوريك الحجة اللي بتندمين بعدها.
فهمت تهديده تماما، بلعت ريقها الذي تحشرج بها، ضغطت على زر الإنارة لينتشر الظلام عليه وتخرج دون أن تلفظ بكلمة، من شأن هذا التهديد أن يقتلع الأمان من قلبها، لا يفهم ولا يريد أن يفهم بأني أحبه رغم كل ذلك، ولكن هذا الحب يوما عن يوم يضيع بي وأخشى أن يأت اليوم الذي أفلس به من الحب، من كل شيء يتعلق بك وأبقى خط محايد لا ينتمي إليك ولا ينتمي إلي، لحظتها بإمكاني أن أقول لك " وداعا " دون أن أرمش ندما ولكن أنت وحدة من ستندم.

 
عودة
أعلى