رواية حلم حياتي للكاتبة ابتسامة ملاك

قالت مبتسمة: هل تراهن؟..
اومأ برأسه وهو يرسم على شفتيه ابتسامة سعيدة.. فقالت وعد مردفة بمرح: كسبت الرهان اذا..
ومن مسافة بعيدة بعض الشيء.. تطلع اليهما ذلك الشاب وقال وهو يتنهد بحرارة: يبدوا ان املي في ان تكوني لي يا وعد.. قد انتهى تماما..ولكن حسبي الان ان ارى هذه السعادة في عينيك.. وهذه الابتسامة على شفتيك..واتمنى من كل قلبي.. ان تعيشي في سعادة .. مع من اخترتيه بنفسك.. اما انا.. فيبدوا اني سأبدأ مشوارا لحياة جديدة منذ هذه اللحظة ...
*********
(لماذا كل هذا الضيق الذي اراه على وجهك؟)
قالها عماد وهو يتطلع الى ليلى بابتسامة هادئة واردف قائلا: الا يفترض ان تبتسمي لان الناس من حولك يتطلعون اليك في هذا الحفل؟..
قالت ليلى بغتة: لماذا كنت مهتما بها؟..
- من تعنين؟..
قالت بحدة: وعد ..وهل يوجد سواها؟..
قال وشبح ابتسامة على شفتيه: وهل هذا ما يضايقك؟..
قالت ليلى وهي تلتفت عنه: الم تكن الفتاةالتي تريد ان تتزوجها لاعجابك بها؟..
امسك بذقنها وادرا وجهها اليه ليقول برقة: انت قلتيها بنفسك.. مجرد اعجاب ولا شيء اخر.. وها انذا ارتبط بالفتاة التي لم ولن احب سواها..
تطلعت اليه وقالت : ولكنك كنت مهتما بها كثيرا..
قال في هدوء: لانها ابنة عمتي.. وكنت سأهتم بفرح او هشام بالقدر ذاته..
واردف بابتسامة: ثم لم اكن اعلم من قبل انك غيورة الى هذه الدرجة..
- لست كذلك.. كل ما في الامر انك كنت تود الارتباط بهذه الفتاة .. لهذا فأنا...
قاطعها عماد قائلا: لهذا انت تخشين ان تشغل تفكيري وانسى خطيبتي الموجودة الى جواري..اليس كذلك؟..
مطت شفتيها دون ان تجيب فقال وهو يميل نحوها قليلا ويمسك بكفها: كيف تفكرين في امر كهذا هذا وقد تأخرت من اجلك؟..
رفعت حاجبيها في عدم فهم وقالت: تأخرت من اجلي انا؟..
اومأ برأسه ايجابيا..وقال وهو يضع احدى كفيه في جيبي سترته: اجل.. فلقد قمت بشراء شيء ما لأجلك.. ولكني كنت مستعجلا في مغادرة المنزل لهذا فقد نسيته هناك.. وفي اللحظة التي كنا قد اقتربنا فيها من صالة الحفل.. تذكرت اني قد نسيته.. وجعلت هشام يعود الطريق بأكمله من اجل هذا الشيء..
اتسعت عيناها بدهشة ومن ثم قالت بحنان: هل فعلت هذا حقا؟..
اومأ برأسه ايجابيا.. فالتفتت عنه وتوردت وجنتاها بحمرة الخجل قبل ان تقول: حسنا وما هو ذلك الشيء الذي كلفك مشقة العودة من اجله؟..
اخرج كفه من جيبه ببطء ومن ثم قال وهو يرفعها لتكون في مواجهتها: هذا..
وفرد راحته لتتدلى تلك السلسلة الذهبية التي اخذت تتلألأ على اضواء القاعة القوية.. وتدلى في نهايتها ذلك القلب الذهبي.. وتطلعت ليلى الى السلسلة في دهشة .. قبل ان تلتفت الى عماد وتقول: هذا لي؟..
أومأ برأسه بابتسامة واسعة وقال: لقد اخترته بنفسي..واتمنى ان يعجبك..
قالت بامتنان: بكل تأكيد.. انه رائع .. اشكرك..
ولاحظت في تلك اللحظة ان هناك كلمة محفورة على سطح ذلك القلب.. فالتقطته قائلة: دعني اره للحظة..
وهنا استطاعت ان تقرأ ما كان محفورا عليه.. لقد كانت كلمة واحدة فقط..(احبك).. ولكنها تغلغت في مشاعرها واثرت في نفسها اشد التأثير..ووجدت اصابعها ترتجف بالرغم منها وهي تطلع الى القلادة..والتفت اليها عماد ليقول بقلق: ليلى .. ماذا بك؟..لماذا ترتجفين؟..
التفتت له لتقول بصوت متقطع من شدة التأثر: اشكرك يا عماد..
ارتفع حاجباه بحنان وغمغم في همس: اتبكين يا ليلى؟..
شعرت لتوها بالدموع التي ترقرقت في عينيها فأسرعت تمسحهابأناملها قبل ان تسيل على وجنتيها.. وقالت بعد برهة من الصمت: لا.. انها دموع الفرح.. فلم يسبق لأحد ان اهتم بي على هذا النحو..
تطلع اليها وقال وفي عينيه نظرة حنان وحب: ليلى سأكون كل شيء لك في هذا العالم.. انا زوجك.. وسأبقى الى ابد الدهر احيطك بحبي وحناني..انت حبيبتي وزوجتي يا ليلى.. كيف لا تتوقعين ان اكون مهتما بك..
قالت ليلى وهي تطلع الى عماد بفرح: اشكرك يا عماد.. لو تعلم كم خففت عني كلماتك هذه..
قال في وهو يلتفت عنها ويتطلع الى جهة ما: ثم يا عزيزتي الجميع مهتم بك.. وليس انا وحدي.. لقد حضرت والدتك الى هذا الحفل.. وكذلك والدك..
قالت ليلى في سرعة: ابي هنا.. لقد ارسلت له بطاقة دعوة ولكن ظننت انه لن يحضر..
قال عماد مبتسما: عزيزتي الجميع مهتم بك.. الجميع..
تطلعت الى حيث يقف والدها ورأته يبتسم لها بحنان وسعادة.. فقالت مبتسمة: معك حق..
ومن ثم قالت وهي تلتفت الى عماد: يبدوا انه كان مهتم بي طوال الوقت ولم انتبه.. كنت دائما اتمناه الى جواري.. واشعر انه قد قصر في حقي عندما انفصل عن والدتي وترك المنزل.. ولكنه كان يتابع اخباري..لقد قال لي ذات مرة عندما جاء لزيارتنا ان كان العمل الجديد جيد او لا.. وانا لم انتبه اني لم اخبره أي شيء عن العمل.. الا بعد فترة.. ان والداي مهتمان بي .. وليس كما كنت اظن..
قال عماد موافقا: الم اقل لك..
- ان هذا اليوم هو اسعد ايام حياتي حقا..
قال عمادا بحب: وانا كذلك يا ليلى..
سمعا بغتة صوت والدة عماد وهي تتقدم منهما قائلة: عماد..
التفت لها عماد بتساؤل.. فأردفت قائلة بابسامة: هيا انهض انت وعروسك.. فسترتديان خانما الخطوبة الان..
التفت عماد الى ليلى التي تطلعت اليه ..فابتسم بهدوء وهو ينهض واقفا.. ووقفت ليلى بدورها..وهنا منحت والدة عماد كل منهما علية على شكل وردة حمراء.. وضع في كلتيهما خاتم الخطوبة..
ومن بعيد ابتسمت وعد وقالت في سرعة: طارق اسرع سيرتديان خاتم الخطوبة..
تقدم طارق الى حيث تقف وقال مبتسما: ولم انت مستعجلة هكذا؟.. سترتدين واحدا قريبا..
قالت وهي تعقد ساعديها امام صدرهابحنق: مضحك جدا..
ومن ثم اردفت وهي تتطلع الى عماد الذي امسك بكف ليلى اليمنى ليلبسها الخاتم وقالت: اليس رائعا؟..
قال طارق مبتسما: من عماد؟..
مطت شفتيها قائلة: اجل عماد.. اليس رائعا؟..
قال وهو يومئ برأسه: معك حق..انه رائع بالفعل..
قالت بضيق: طارق لا تمثل علي دور الغير الفاهم لأي شيء.. انت تعلم اني اقصد الخاتم..
قال طارق وهو يلتفت لها: انه رائع .. ولكن صدقيني سترتدين ما هو اروع منه في حفل خطبتك..
قالت مبتسمة: اهذا وعد؟..
قال بتأكيد: اجل .. حتى وان كان هذا على حساب نفسي..
- سيكون على حساب ميزانيتك ايضا..
تطلع اليها طارق بحنان وقال: صدقيني يا وعد.. انا لم اعد اريد أي شيء في هذا العالم سواك.. لا تهمني كل كنوز العالم لو كنت سأحصل عليها من دونك..
التفتت وعد عنه ومن ثم قالت وهي تتطلع الى ما امامها بشرود: صدقني يا طارق.. لقد كنت حلما يراودني منذ الطفولة.. لقد حلمت بك كثيرا.. ان التقي بذلك الرجل الذي يمنحني حبه وحنانه.. ان التقي بذلك الرجل الذي يحميني من أي خطر..ان التقي بالرجل الذي يخفق قلبي لأجله..
وابتسمت وهي تلتفت الى طارق قائلة: ويبدوا ان الحلم قد اصبح حقيقة اخيرا...

**********
تنهد هشام بحرارة وهو يتطلع الى ماحوله.. ومن ثم قال بابتسامة شاحبة: حسنا..انها بداية حياتي الجديدة للبحث عن حب حقيقي هذه المرة..
ووضع كفيه في جيبي سترته واردف بشرود: ولكن .. هل سيكون حقيقيا هذه المرة حقا؟..
وما ان انهى عبارته حتى لامست انامله هاتفه المحمول الموجود بجيب السترة.. فأخرجه من جيبه وتتطلع اليه لبرهة قبل ان يقول: ستكون البداية منذ هذه اللحظة..وان لم افعل هذا الان فأظن اني لن افعله ابدا..
تطلع الى ساعة معصمه التي اعلنت الحادية العاشرة تقريبا وهو لا يزال يجلس في حفل الخطوبة وقال: لا اظن انها نائمة الان..
وابتسم بسخرية مستطردا: وحتى لو كانت كذلك.. لا بأس من ايقاظها من احلامها..
قالها واسرع يتصل بغادة.. واستمع الى الرنين المتواصل وهو يترقب اجابتها.. وعلى الطرف الاخر.. كانت غادة جالسة تتصفح احد الكتب بملل حين ارتفع صوت رنين هاتفها.. والتقطته من جوارها ومن ثم شعرت بالحيرة من هذا الرقم المجهول..وقالت متسائلة: هل اجيب ام لا؟..
تطلعت الى ساعة يدها ومن ثم قالت: لا اظن ان احدهم سيتصل بي في هذا الوقت الا اذا كان امرا مهما..
واجابت قائلة: الو .. من المتحدث؟..
جاءها صوت هشام قائلا: مر زمن طويل.. اليس كذلك؟ ..
ارتفع حاجباها بدهشة كبيرة بعد ان تعرفت على صوته.. وادهشها معرفته برقم هاتفها المحمول..ولكنها لم تلبث ان سيطرت على دهشتها..وقالت وهي تصطنع عدم معرفتها به: من المتحدث؟..
قال مبتسما: الم تعرفيني بعد يا انسة؟..
قالت ببرود: من تريد يا سيد؟..
قال بسخرية: فارس..
ارتسمت بالرغم منها ابتسامة على شفتيها وقالت مكابرة: لا يوجد لدينا احد بهذا الاسم..
قال مبتسما: كيف لا وقد منحني هو هذا الرقم لأتصل به..
قالت بدهشة: هو من اعطاك هذا الرقم؟؟..
ضحك بسخرية وقال: اذا فهناك من يوجد بهذا الاسم حقا..
بهتت لوهلة ومن ثم قالت بحنق: ماذا تريد؟..ومن اين حصلت على رقم هاتفي؟..
قال بهدوء: لا يصعب علي ان اجد رقم هاتف من اصطدمت بسيارتي ذات يوم..
ومع انها كانت تشعر ببعض السعادة لاتصاله بها.. واهتمامه بايجاد رقم هاتفها.. الا انها لم تكن تريد ان تواصل هذا الامر مع هشام والذي لا تعرف نهايته.. انها حتى لا تعرف هشام بشكل جيد.. لا تعرف عنه الا القليل جدا.. ولهذا لا تريد ان تتبسط في الحديث معه ويجب ان تضع حدودا لها للتعامل معه..
وقالت وهي تصطنع الضيق: لم تخبرني بعد بما تريده..
قال مبتسما: الم تشتاقي لي ولسماع سخافاتي؟..
قالت ببرود: ومن يشتاق لسماع السخافات؟..
قال بثقة: انت.. وخصوصا اذا كانت مني..
قالت بحدة: يبدوا انك واثق من نفسك اكثر من اللازم.. ارجوك لا تتصل بي مرة اخرى.. لقد ظننت ان امرا مهما وراء اتصالك ولكن يبدوا انك لا تفكر الا في التسلية..
قال بغتة بجدية: اهذا ما تريدينه؟..
بوغتت بجديته وقالت متسائلة: ماذا تعني؟..
اردف وكأنه لم يسمعها: ان لا اتصل بك ابدا..
لم تعرف بم تجيبه .. ان عقلها يرفض ان تحادث شابا دون سبب ما.. ولكن مشاعرها تتمسك به وتتمنى ان يتصل بها.. لا تعلم لم هذا الشاب بالذات الذي انشغل تفكيرها به.. ولكن ... عليها ان تنهي هذا المر بأية وسيلة ..
وعاد هشام يكرر سؤاله: اترغبين في ان لا اتصل بك مرة اخرى حقا؟..
ازدردت لعابها في توتر ومن ثم قالت في سرعة وكأنها تخشى ان تتراجع: اجل..
تحولت جديته الى سخرية وقال: لن افعل اذا .. ما دام هذا ما تريدينه..
اتسعت عيناها وقالت في حدة: اتتعمد استفزازي؟..
قال مبتسما: ان اردت الحقيقة.. اجل..
عقدت حاجبيها بضيق ومن ثم قالت وهي تحاول السيطرة على اعصابها: سأغلق الخط الان.. الى اللقاء..
قال وهو يضغط على حروف كلماته: هل استفزتك كلماتي بهذه السرعة يا انسة غادة؟..
قالت بحنق: انها محض سخافات لا اكثر وانا لا يهمني ان...
بترت عبارتها بغتة..وانتبهت لهذا الامر للتو.. لقد نطق باسمها .. كيف عرفه؟ ..وقفز السؤال من ذهنها الى لسانها لتقول بغرابة: كيف عرفت اسمي؟..
عرف هشام انه اصاب الهدف ومنعها من اغلاق الهاتف.. وقال مبتسما: في الحقيقة .. لقد اجريت اتصالات عديدة عنك عن طريق رجالي و...
قاطعته بعصبية: واجهزة التصنت وكاميرات المراقبة.. اليس كذلك؟..
قال بدهشة مصطنعة: ما ادراك؟.. هل كنت تعملين معنا ولا اعلم؟..
قالت متسائلة بانفعال: اخبرني الان من اين عرفت اسمي؟..
- سأقول ولكن بدون انفعال او غضب..
- حسنا.. قل ما لديك..
بلل هشام شفته بلسانه ومن ثم قال: في الحقيقة لقد جمعت بعض المعلومات عنك عن طريق رقم سيارتك..
قالت متسائلة بغضب: ماذا تقول؟..كيف سمحت لنفسك بأن تجمع المعلومات عني؟..
قال مبتسما: الم تقولي انك لن تغضبي؟.. ولكن سأخبرك بالسبب .. لقد اردت ان اعرف عنك المزيد ما دمت ترفضين ان تخبريني أي شيء عنك..
تملكها الاضطراب بغتة وخفت غضبها.. ووجدت نفسها تتسائل قائلة: ولماذا اردت ان تعرف المزيد عني؟..
قال بسخرية: لاني اردت ان اعرف هوية الفتاة التي صدمت سيارتي ..
قالت بحنق: هل تهمك سيارتك الى هذه الدرجة؟..
قال بابتسامة: بأكثر مما تتصورين..
قالت غادة وهي تمط شفتيها: اخبرني.. هل انت معتاد على التحدث باسلوب السخرية هذا دائما؟..
- تقريبا.. لم تسألين؟..
- لاني ضجرت منك ومن سخريتك..
اتسعت ابتسامته وهو يقول: حسنا سأنهي المكالمة اذا ما دمت قد اثرت غضبك بما يكفي لهذا اليوم..
- سخيف..
قال بهدوء: لا بأس سأقبل الاهانة مرة اخرى.. ليس لأجلك بل من اجل فارس..
ابتسمت وقالت: انت لا تعرفه حتى..
قال بثقة: سأعرفه ذات يوم.. لا تتعجلي الامور.. والان الى اللقاء..
اغلق هشام الخط.. وشعر ببعض الارتياح.. ان غادة لا ترفضه كليا.. بل انها ترفض ان تكون لها صلة بشاب لا تعرفه جيداكما يبدوا.. انه يشعر بأنها معجبة به بالفعل.. ولهذا سيحاول ايجاد أي فرصة قادمة لمحادثتها.. لعلها تقبل به في حياتها...

 

*الجزء الاربعون والاخير*
(هل هي بداية لحلم حياتي؟)


سار طارق الى جوار وعد في مبنى الصحيفة..وتسللت اصابعه لتمسك بكفها وهو يهمس لها قائلا: بم تشعرين؟..
التفتت له وقالت بابتسامة خجلة: بالسعادة والنشوة لأن جميع احلامي ستحقق قريبا..
قال طارق بابتسامة: اتمنى يا وعد ان احقق لك جميع احلامك بالفعل..
تطلعت اليه وقالت: انت اكبر احلامي ومادام قد تحقق فلا تهمني اية احلام اخرى أو...
( يا للمشهد العاطفي.. انه يصلح ان يكون حدثا لصحيفة الغد ..بعنوان (صحفية مبتدأة تقع في غرام صحفي منذ النظرة الاولى)..)
التفت لقائل العبارة السابقة كلا من طارق ووعد باستنكار ودهشة وتطلعا الى سامر الذي وقف في مواجهتهما ويرسم على شفتيه ابتسامة ساخرة ..واردف هو قائلا: انت لا تتحدثين معه الا فيما يختص بالعمل اليس كذلك يا انسة وعد؟..
واستطرد بسخرية: وانا اشهد على ذلك وانا ارى اصابعكما المتشابكة..ونظراتكما الهائمة..
اسرعت وعد تقول بعصبية: اصمت ايها الحقير..
اشار لها طارق بالصمت وقال: دعيه يا وعد.. سأجعله يندم على كلماته التي نطقها قبل قليل..
ضحك سامر بسخرية: وما الذي ستفعله يا ايها العاشق؟..
عقد طارق حاجبيه وقال: وعد هي خطيبتي ..
قال سامر بدهشة مصطنعة: حقا؟.. لم اكن اعلم.. اذا لم لا ترتديان خاتما خطبة ؟..
قال طارق بصرامة: اسمع يا هذا.. ان صدقت او لم تصدق ..فهذا شيء لا يهمني.. ولكن اقسم لو حاولت مجرد التحدث الى وعد مرة اخرى.. فستدفع الثمن غاليا..
قال سامر باستهزاء: لم تقل لي بعد بم تستطيع ان تفعله..
قال طارق بصرامة اكبر: طردك من هنا لو استلزم الامر..
تطلع اليه سامر لوهلة ومن ثم قال وهو مستمر باستهزاءه: هل تم ترقيتك الى منصب المدير يا هذا؟.. على العموم سنرى من فينا سينتصر في النهاية..
واردف وهو يبتعد عنهما: مع السلامة يا عزيزي..
في تلك اللحظة التفتت وعد الى طارق وقالت بعصبية: لم تركته يتحدث اليك بهذا لاسلوب؟.. كان الاجدر بك ان تحطم اسنانه قبل ان يتفوه بكلمة مما قال..
التفت لها طارق وقال بهدوء: وهذا ما يريده.. ان يستفزني حتى اتشاجر معه واقوم بضربه.. وعندها سيستعمل هذا الامر كسلاح ضدي.. ويثبت انني قد تعديت عليه في مبنى الصحيفة وامام الجميع.. مما قد يؤدي الى فصلي من عملي.. هل فهمت الان يا عزيزتي لم تركته يتحدث كما يحلو له؟..
بهتت وعد لما قال وخصوصا ان هذا الامر لم يخطر بذهنها ابدا ومن ثم قالت : بلى.. ولكن لم ادرك ان ما يفكر فيه هو افتعال مشاجرة بينكما.. لقد ظننت انه يريد ان يثبت انه لم يتراجع بعد عن ملاحقتي على الرغم من تجاهلي الدائم له..
تنهد طارق وقال: انه يريد ان يثبت هذا ايضا.. لهذا حاولي قدر الامكان ان تكوني معي طوال الوقت..
اومأت برأسها ايجابيا وسارت الى جواره الى حيث القسم وهناك ما ان دلفت اليه حتى سمعت احمد يهتف قائلا: واخيرا وجدتك .. اين كنت ؟.. لديك مهمة صحفية..اسرعي بتجهيز ما تحتاجينه..
التفت طارق الى احمد وقال: ولكن المدير لم يخبرني بأي شيء عن هذه المهمة..
قال احمد مبتسما: انت لن تكون معها هذه المرة.. بل انا.. لان المدير سيرسلك في مهمة مختلفة..
قال طارق مستنكرا: ماذا تقول؟.. لقد كان دائما ما يرسل وعد معي في أي مهمة.. فلم ارسلها معك انت هذه المرة؟..
- لست اعلم.. يمكنك سؤاله..
واردف وهو يميل نحو طارق ويهمس له: ثم لا تكن شديدة الغيرة هكذا.. انا صديقك الا تثق بي؟..
تطلع له طارق لبرهة ومن ثم سار عنه مبتعدا الى حيث مكتبه .. وعندما رأى وعد تستعد للمغادرة قال: وعد ..كوني على حذر .. وليكن مقالك افضل بكثير هذه المرة..
قال احمد بمرح: سيكون.. مادامت معي.. والان هيا..
اومأت وعد برأسها والتفت الى طارق قائلة: سأذهب الان ..اراك بخير ..
في حين قال احمد عندما راها تقترب منه: ما رأيك في اثارة غيرته قليلا..
قالت وعد مبتسمة: صدقني ستكون انت اول من سيفرغ فيه غضبه..
غمز احمد بعينه وقال: لا عليك..
وقال بصوت مسموع: هيا بنا يا وعد.. اسرعي..
عقد طارق حاجبيه في عضب وهتف قائلا: احمد كف عن سخافاتك.. لست طفلا حتى تمثل علي بهذه الطريقة..
ابتسمت وعد وقالت: الم اقل لك؟..
في حين قال احمد وهو يلوح بكفه: لا تقلق على وعد ستكون معي بأمان يا طارق..
قالت وعد مستغربة: مادخل ما قلته الان بما فعلته قبل قليل؟..
قال بمرح: لكي يهدأ وينسى ما حدث قبل قليل..
واسرع يخرج من القسم في حين القت وعد على طارق نظرة اخيرة قبل ان تمضي في طريقها..وما ان شعرت نادية ان طارق هدأ بعض الشيء حتى قالت: اسمعني يا استاذ طارق.. ان مهنة الصحافة التي اخترناها جميعا.. تستوجب علينا ان نلقي بعض الامور خلف ظهرنا..مثل ان نحصل على قسط من النوم بعد الظهر .. او نتأكد من اننا سنعود في وقت محدد.. اننا احيانا عندما نعود الى المنزل بعد عناء يوم طويل.. لا تمضي ساعة واحدة حتى يعيدون الاتصال بنا لنعود من جديد من اجل عمل ما ..وكذلك قد نذهب يوما مع فريق صحفي كامل.. او ربما مع رجل اوفتاة.. ان هذه المهنة تستوجب علينا هذا الامر .. واليوم انت ترى وعد تذهب مع صديق لك وقد شعرت بكل هذه الغيرة والغضب من اجل ذلك .. فماذا لو رأيتها تذهب مع شاب لا تعرفه؟..
كور طارق قبضته ومن ثم قال بحدة: ان كان الامر يستلزم ذلك.. فسأطلب منها ان تستقيل من هذه الوظيفة..
قالت نادية وهي تهز رأسها نفيا: خطأ يا استاذ طارق.. انت تعالج خطأ باخر.. فبدل ان تجد حلا للمشكلة.. تحاول ان تمنع وعد من وظيفة احلامها.. الوظيفة التي تمنتها طويلا..
قال طارق بعصبية: ما الحل في رأيك اذا؟.. اتركها تذهب مع اي صحفي في الصحيفة كما تشاء..
- يمكنك ان تطلب من المدير ان تكون معك بدلا من ذلك الصحفي لو كنت متفرغا.. ولا اظن انه سيرفض طلبا لافضل صحفي لديه في الصحيفة..
عقد طارق حاجبيه وقال: وماذا لو لم اكن موجودا؟..ماذا سأفعل حينها؟..
قالت نادية بهدوء: يمكنها الذهاب مع الاستاذ احمد.. هل هذا يريحك بعض الشيء؟..
واردفت في حزم: ثم حتى لو انك قد طلبت منها ان تستقيل ووافقت .. فستفعل هذا لأجلك.. ولكن ان احست يوما انها قد فقدت الوظيفة التي تمنتها بسببك.. فستشعر بالندم.. وستراك دائما سبب في فقدانها لو ظيفتها..وستتحمل انت هذا الذنب ..
صمت طارق ولم يعلق على عبارتها وان اشغل ما قالته تفكيره فاستطردت قائلة: اسمع يا استاذ طارق.. لكل منا احلامه.. وكل انسان يسعىلتحقيقها..ويبذل الكثير من اجل ذلك.. لهذا لا تهدم أي حلم بيدك.. بل حاول ان تكون سببا في تحقيقه.. وعد تحتاجك الان.. وتحتاج لأن تكون الى جوارها .. وتحققا احلامكما معا.. ولا يجب ان تكون سببا في هدم هذه الاحلام.. اتفهم ذلك يا استاذ طارق؟ ..
رفع طارق رأسه الى نادية.. وتطلع اليها لبرهة مندهشا..وعاد ليطرق برأسه في تفكير.. ولم يعلم لم في تلك اللحظة بالذات خطرت له العبارة التي قالها منذ قليل لوعد ..(اتمنى يا وعد ان احقق لك جميع احلامك بالفعل)..لقد اخبرها انه سيحقق لها جميع احلامها.. فما باله يسعى لمجردالغيرة تحطيم اول حلم حققته..هل هو اناني الى هذه الدرجة حتى يفكر بنفسه ناسيا انه يهدم بذلك احلام من احب؟..
ورفع رأسه الى نادية مرة اخرى ولكن في هذه المرة ارتسمت ابتسامة على شفتيه وقال: معك حق.. سأحاول علاج المشكلة بدلا من التفكير بأنانية .. هذه الوظيفة اختارها سوانا لاننا تمنيناها طويلا.. ومن الانانية ان احرم وعد منها ..واهدم احلامها بيدي..
صمت طارق للحظات ومن ثم اردف بحزم: لقد وعدت وعد ان احقق لها احلامها.. ولن اتراجع عن كلماتي هذه ابدا.. انني اثق بها.. اثق في مقدرتها على حماية نفسها.. واثق في مشاعرها لي ..لهذا لو لم استطع يوما ان اكون معها في اية مهمة صحفية.. فستكون بخير وبأمان.. اليس كذلك؟..
ابتسمت نادية وقالت: بكل تأكيد.. انها لم تعد تلك الصحفية المبتدأة التي جاءت الينا قبل ثلاثة شهور وهي لا تعلم عن عملها الا القليل.. لقد باتت صحفية جيدة جدا.. وذات قلم مميز.. ان البعض يحسدها هنا في الصحيفة لانها تدربت تحت اشراف افضل صحفي في الصحيفة بأكملها..
تنهد طارق بارتياح ومن ثم قال بشرود: سأسعى لتحقيق احلامك يا وعد.. اعدك بهذا..
*********
صوت رنين الجرس انتشر في ذلك المنزل حتى قالت غادة التي كانت تتصفح احدى المجلات: فراس.. اذهب وافتح الباب..
قال فراس بملل: ولم انا؟..
قالت غادة مبتسمة وهي تلتفت اليه: لانك رجل..وعليك ان تقوم بأعمال الرجال..
تطلع اليها فارس للحظات ومن ثم قال بغرور طفولي وهو يتجه نحو الباب: حسنا ولكن يجب عليك ان تنفذي ما اطلبه لاني رجل ..
وما ان وصل الى الباب حتى كاد يفتحه فقالت غادة محذرة: كم مرة قلت لك يا فارس.. لا تفتح الباب قبل ان تعرف من خلفه..
قال بابتسامة طفولية: لقد نسيت ..
ومن ثم قال بصوت مرتفع: من؟..
سمع صوتا رجوليا يقول: افتح ايها الشقي الصغير.. اشتقت اليك كثيرا..
قال فارس بفرح وهو يفتح الباب: انه خالي..
اطل خاله من خلف الباب وقال وهو يربت على رأسه: كيف حالك يا فارسنا الصغير؟..
سأله فارس من فوره: ماذا احضرت لي معك؟..
ابتسم الخال وقال: لا شيء..
التفت فارس الى غادة وقال: غادة.. ما هو هذا ال (لاشيء)؟ ..
ضحكت غادة وقالت وهي تترك ما بيدها وتتجه الى حيث يقف خالها مع فارس: انه نوع من انواع الحلوى يا صغيري..
قال فارس بفرحة وهو يلتفت الى خاله: احقا؟..
ضحك الخال وقال: غادة لا تورطيني مع هذا الصغير.. فلن يدعني وشأني فبل ان اشتري له هذا ال (لاشيء)..
مالت غادة نحو فارس وقالت: ان خالي يعني انه لم يحضر لك معه أي شيء..
قال فارس بحنق: ولم لم يشتري لي شيء؟.. لقد قال لي عندما زارنا انه سيحضر لي كل ما اريد..
ابتسم الخال وقال: ولكنك لم تخبرني بأي شيء تريد حتى احضره لك..
قالت غادة مبتسمة: دعك منه يا خالي وتفضل الى الداخل..
قال خالها متسائلا: اين والدتك؟..
اسرعت تقول: سأناديها في الحال..
توجهت الى غرفة والدتها وما هي الا دقائق حتى كان الجميع مجتمعين بالردهة.. حين قالت غادة مبتسمة وهي تتحدث الى خالها: كيف احوالك يا خالي بعد انتقالك الى منزلك الجديد؟ ..
قال خالها بسرور: كل شيء على ما يرام.. المنزل في افضل حالاته .. وكل شيء فيه ممتاز.. ولكني في الحقيقة افكر في ان اضيف غرفة للمنزل..
تساءلت غادة قائلة: ولم تريد ان تضيف مثل هذه الغرفة؟..
- احتاجها للاجهزة الرياضية التي امتلكها.. بالاضافة الى عدد من الحاجيات التي لم اجد لها مكانا بالمنزل الى الان ..وقلت اني سأتصل ببعض العمال اليوم او غدا .. وسأبحث عن مهندس جيد من اجل هذه الغرفة..
- اتحتاج مجرد غرفة الى رسم هندسي حقا؟..
- على ما اظن ان كل بناء مهما كان صغيرا يحتاج الى مثل هذا الرسم.. ولكني ايضا ارغب في ان اصمم تلك الغرفة على طريقة خاصة سأشرحها لذلك المهندس..
(هشام شريف..افضل المهندسين على الاطلاق)
انتفضت غادة بغتة عندما جال في ذهنها عبارة هشام التي قالها لها في ذلك اليوم الذي اوصلته الى منزله..انه مهندس.. وربما يستطيع مساعدة خالها في عمل تلك الغرفة التي يريدها..هل هذا عذر جديد تقدمه من اجل ان تتحدث الى هشام مرة اخرى؟.. لا لا ان من تعرفه افضل من من لا تعرفه.. فما يدريها ان المهندس الذي سيتفق معه خالها سيقوم بذلك التصميم على الوجه الاكمل وكما يريده خالها تماما.. وربما يطلب لهذا التصميم ثمنا باهضا.. قد يكون هشام جريئا ولكن شهم رغم ذلك.. لا يمكن ان يخدع احدا وهي تشعر انه سيعمل بنزاهة.. ربما لأجلها سيفعل...ماذا بي؟.. لماذا اصبحت افكر بهذه الطريقة.. انه مجرد مهندس وسأطلب منه تصميما لا اكثر وسيقوم به مقابل اجر..
اقنعت نفسها بهذه الفكرة وقالت متحدثة الى خالها بتردد: انا اعرف مهندسا جيدا..وربما يفيدك..
تحدث خالها قائلا: ومن اين تعرفينه؟..
شعرت بالارتباك يعقد لسانها.. وتلعثمت لفترة قبل ان تقول: لست اعرفه.. وانما صمم لمنزل صديقتي احدى الغرف.. وقد اعجبني تصميمها الهندسي لهذا فأنا اخبرك عنه الان..
قال خالها بهدوء: ان كان الامر كذلك.. فأطلبي منها ان تمنحك رقم هاتفه لاتصل به واتناقش معه..
نهضت غادة من مكانها وقالت في سرعة: حسنا..
قالت والدتها في غرابة: الى اين؟..
قالت غادة بارتباك: سأتصل بصديقتي.. فهاتفي بداخل الغرفة..بالاذن..
توجهت الى غرفتها وشعرت انها تتسرع بالاتصال به.. طوال عمرها كانت فتاة متسرعة وتتخذ قراراتها بسرعة .. فلم الان تأنب نفسها على تسرعها.. اليس هذا ما تريده.. ان تتحدث اليه.. وتسمع صوته مرة اخرى..و.. يكفي هذا يا غادة انت ستتصلين به من اجل عمل ليس الا..
ومرة اخرى اقنعت نفسها بذلك وحسمت امرها وهي تتصل به.. وما ان سمعت صوته حتى راودها التوتر والارنباك وهو يقول بابتسامة: الو..من المتحدث؟..
مطت غادة شفتيها وقالت: اعلم ان رقمي لديك.. فلا تمثل علي انك لا تعرف اني المتصلة..
قال هشام بدهشة مصطنعة: من؟.. غادة؟.. بصراحة لقد اندهشت عندما رأيت رقم هاتفك.. لقد ظننت ان شقيقك قد عبث بهاتفك واتصل بي بالخطأ..
قالت غادة بحنق: استمع الي انا اتصل بك من اجل عمل..فلا تظن أي شيء اخر..
قال هشام بسخرية: واي عمل هذا؟.. هل هو دعوتي على العشاء؟..
شعرت غادة بالعصبية من سخريته.. دائما يتمكن من استفزازها.. ولكن على الرغم من هذا فسخريته لها طابع خاص ..اسرعت تنفض هذا الشعور عنها وقالت بحدة: انت اخر من افكر في دعوته ولو على كوب من الشاي..
ضحك هشام وقال: ولم ؟..
توترت من السؤال .. واجابت بارتباك: لانك.. لانك شاب جريء ووقح..
قال هشام بسخرية: ما هذا؟.. تتصلين بي وتشتمينني.. يجب عليك ان تحمدي الله وتشكريه لانك لو كنت تحادثين شخص اخر غيري لاغلق الخط في وجهك..
احست بالخطأ مما قالته .. فحقا لم يكن عليها ان تشتمه.. لقد كان يمزح معها ليس الا.. وقالت بندم: معذرة لم اقصد.. ولكن انت من استفزني بكلامك..
قال مبتسما: لايهم.. اخبريني أي عمل هو هذا.. الذي جعلك تتواضعي وتتصلي بي..
ازدردت لعابها ومن ثم قالت: خالي انه يرغب في تصميم هندسي لأحدى غرفه بالمنزل..
قال مبتسما: وما الطلوب مني ؟..
- ان تعد هذا الرسم بالتكيد..
قال في هدوء: الشركة التي اعمل بها تستخدم هذه الرسوم لصالح مشاريعها.. أي اننا نحن المهندسين بالشركة.. نعد تلك الرسمات من اجل مشاريع الشركة..
قالت متسائلة وهي تشعر ببعض القلق: اهذا يعني انك لن تتمكن من اعداد الرسم الهندسي الذي يطلبه خالي؟..
قال بثقة: لا بل سأقوم باعداده.. دعي كل شيء لي.. فقط فلتحضروا غدا الى شركة المقاولات في الساعة التاسعة صباحا.. وسأتحدث انا مع المدير بهذا الشأن قبل وصولكما .. ومن ثم اريد ان يريني خالك منزله حتى احدد له الحجم المناسب لتلك الغرفة..
ربما ما اثار دهشة غادة وابعث على نفسها السرور في الوقت نفسه.. انه قد تحدث بصيغة الجمع.. وكأنه يطلب منها القدوم مع خالها.. في حين تعمد هشام ذلك حتى يتجدد لقاءه بها.. هذا اللقاء الذي تمناه منذ فترة.. وقالت غادة بابتسامة: فليكن سأخبره بذلك..والان الى اللقاء..
- لحظة واحدة؟..
- ما الامر؟..
 
ابتسم هشام وقال: أي مبنى تريدون تصميما له في المستقبل فأنا بالخدمة.. لا تنسي انني سأحصل على اجر مقابل ذلك..
قالت غادة مبتسمة: لو برهنت لنا انك مهندس جيد.. فمن يدري ربما تكون مهندس العائلة بالمستقبل..
قال هشام بابتسامة ساخرة: اهذه وظيفة جديدة؟.. على العموم انا لست جيد فحسب بل مهندس ممتاز.. وسترين ذلك بنفسك.. عندما يمتدح خالك عملي.. او ترينه بعينيك..
- واثق جدا..
- من حقي ان اثق بنفسي..
قالت غادة في سرعة: لا تصدق نفسك.. المهم الان.. اننا سنأتي غدا في التاسعة صباحا كما اخبرتنا.. والان الى اللقاء..
قال هشام مبتسما: الى اللقاء ايتها المتسرعة..
لم تعلم غادة لم شعرت بالسعادة بعد تلك المكالمة.. ربما لانها تحدثت الى هشام مرة اخرى.. وربما لانها اكتشفت من كلامه انه يريد رؤيتها.. وربما لانها ستراه غدا.. وارتسمت ابتسامة واسعة على شفتيها وهي تنظر الى هاتفها المحمول بنظرات حالمة.. ومن ثم لم تلبث ان نفضت تلك المشاعر عنها واسرعت تغادر غرفتها لتخبر خالها بما حدث ..
********
قال عماد مبتسما وهو يقود سيارته والى جواره ليلى: لم اكن اعلم انك تحبينه الى هذه الدرجة؟..
التفتت له ليلى التي كانت تتطلع الى القلادة في شرود وقالت في دهشة: احبه؟.. ومن هذا الذي احبه؟..
قال مصطنعا الالم: من اهداك هذه القلادة.. حتى انه انساك وجودي تماما وجعلك تتطلعين الى القلادة طوال الوقت دون ان تأبهي بي..
تنهدت ليلى براحة وقالت مبتسمة: اجل احبه.. وفيم يضايقك هذا؟..
قال عماد وهو يختلس النظر اليها: لا شيء.. فقط انا احسده ..لانه استطاع امتلاك قلب فتاة فاتنة مثلك..
قالت ليلى مبتسمة: لا بأس يمكنك ان تتخيل نفسك مكانه..
قال عماد بابتسامة واسعة: احقا؟..
ضحكت ليلى بمرح ثم ما لبثت ان قالت متسائلة: ولكن الى اين نذهب نحن الان؟.. لقد قلت انك ستدعوني الى مكان ما.. فالى اين؟..
قال مبتسما: الى منزلنا بعد الاضافات..
قالت ليلى مبتسمة وهي تلتفت اليه: هل هناك ما اضفته حقا؟..
أومأ برأسه وقال: اجل اثاث الطابق الثاني ولكن ليس بأكمله ..واتمنى ان يعجبك ذوقي..
قالت ليلى بمرح: اتمنى انا هذا ايضا.. فأخشى ان انصدم من بذوقك في اختيار الاثاث..
صمت عماد للحظات ومن ثم قال وهو يوقف السيارة بجوار المنزل ويلتفت لها وفي عينيه نظرة حزم: سأخصم من راتبك عشرة ايام..
قالت ليلى بحزن مصطنع: يا للمدير المتسلط..
قال عماد وهو يصطنع الصرامة: بل خمسة عشر يوما.. ما رأيك الان؟..
اسرعت ليلى تقول وهي تحاول ان تمنع الابتسامة من الظهور على شفتيها: لا.. لم يتبقى لي من الراتب شيئا.. لقد كنت اعني اني سأنصدم من رؤية ذوقك الرائع بالاثاث..
ضحك عماد وقال: في هذه الحالة ستحصلين على مكافأة..
فتحت ليلى باب السيارة وقالت وهي تهبط منها: دعني اراه بنفسي.. واخبرك برأيي..
هبط بدوره وسار الى جوارها قائلا: الم تقولي انه رائع ولم يعد له أي داع لرؤيته؟..
تأبطت ذراعه وقالت بابتسامة: من يدري؟..
ربت على كفها الممسكة بذراعها وقال: لو لم يعجبك.. انا مستعد لاستبداله باخر..
دلفا الى المنزل ومن ثم قال وهو يتطلع الى الطابق الاعلى: انه خاص بالغرف الموجودة بالطابق الاعلى..
اومأت ليلى برأسها وقالت: فلنصعد لرؤيته اذا..
اخذا يصعدان السلالم وما ان وصلا الى الطابق العلوي حتى قال عماد مبتسما: سأريك غرفة حلا اولا..
التفتت له وقالت متسائلة: اريد ان اسألك لم اخترت اسم حلا بالذات؟..
قال بخبث: ان كان لا يعجبك.. فما رأيك بوعد؟..
قالت بضيق: لا حلا افضل بكثير..
ضحك عماد وقال: الم اقل لك؟..
ومن ثم لم يلبث ان فتح باب الغرفة وقال: انظري الى غرفتها بنفسك ..
تطلعت ليلى بانبهار الى ورق جدران الغرفة والذي كان عبارة عن صور لأطفال وحيوانات برسوم طفولية.. والى السجادة التي تطرزت عليها صورلالعاب مختلفة جمعت ما بين الدمى والسيارات..واخيرا الى السرير الذي كان يسع طفل في العاشرة من عمره تقريبا..وابتسمت باعجاب قائلة: انه اروع مما توقعت..
- لانه ذوقي..
ضحكت وقالت: لا تكن مغرورا..
ابتسم وقال وهو يتناول راحتها في كفه: تعالي سأريك غرفة اخرى..
وسار في الممر ليفتح لها باب الغرفة المجاورة وقال: ما رأيك بهذه؟..
تطلعت الى الداخل بغرابة ومن ثم قالت: انها فارغة..
ضحك وقال: لاني اردت ان تختاري اثاث هذه الغرفة بنفسك ..
واردف بصوت متهدج:انسيت؟.. انها غرفتنا..
التفتت له ليلى بغتة وشعرت بتصاعدالدم الى وجنتيها وقالت وهي تشعر ببعض الارتباك:حسنا ما رأيك ان نذهب الان لنختار الوان الستائر والجدران..
قال عماد موافقا: لا بأس.. هيا..
تبعته ليلى لتهبط درجات السلم من جديد.. وهي ترسم بعين الخيال الاف الاحلام والامنيات التي ستحققها في هذا المنزل.. منزلها هي وعماد وفقط...

********
(طارق..هل انت متضايق بسبب ما حدث هذا الصباح؟)
قالتها وعد وهي تتطلع الى طارق الذي كان منهمكا في عمله منذ ان وصلت مع احمد من تلك المهمة الصحفية.. والذي لم يتبادل معها منذ ان وصلت حرفا واحدا واكتفى بالتطلع اليها بنظرة غامضة..ووجدته وعد يرفع رأسه لها ويقول: ولم اتضايق؟.. ما حدث كان جزءا من عملك..
ازدردت وعد لعابها بتوتر وقالت: ولكن تعابير وجهك تقول عكس ذلك وانك قد تضايقت عندما غادرت المكان برفقة احمد ..
- لا استطيع ان انكر هذا.. لقد تضايقت بالفعل في البداية .. ولكن عندما ادركت ان الامر لا يتعدى جزء من عملك .. فقد ابعدته عن ذهني..
قالت وعد وهي تتطلع اليه: طارق انت تريد ان تقول لي شيئا ما .. اليس كذلك؟..
زفر طارق بحدة وقال وهو يومئ برأسه: بلى..
وتطلع الى ساعته قبل ان يقول: ولكن ليس الان.. سأخبرك بعد ان تنتهي فترة العمل هنا..
قالت وعد بهدوء: كما تشاء.. فلم يبقى على انتهاء العمل سوى نصف ساعة..
مر الوقت بطيئا على وعد وهي تنتظر بفارغ الصبر مرور نصف ساعة حتى ينتهي وقت العمل..وما ان اعلنت الساعة تمام الثالثة .. حتى سمعت احمد يقول وهو ينهض: الى اللقاء ..اراكم غدا .. المعذرة فأنا مستعجل فخطيبتي تنتظرني على نار الان ..
ابتسمت وعد من تعليقه .. ومن ثم لم تلبث ان التفتت الى طارق الذي كان يصطنع ترتيب درج مكتبه حتى ينتظر مغادرة احمد ونادية..وما ان غادرا.. حتى قالت وعد بابتسامة باهتة: اظن انه بامكانك التحدث الان..
قال طارق متسائلا بعتة: لو طلبت منك يا وعد الاستقالة من عملك هذا..فماذا سيكون ردك؟..
تطلعت اليه وعد بذهول ورددت قائلة: الاستقالة من عملي؟؟ ..
- اجل.. ماذا سيكون ردك يا وعد؟.. لو طلبت منك ذلك ..
قالت وعد متسائلة وغصة تملأ حلقها: ولكن.. لماذا؟..
قال طارق وهو يتطلع اليها بابتسامة هادئة: وعد انت ستكونين زوجتي قريبا.. وذهابك وايابك مع سواي سيثير العديد من المشاكل بيننا..
قالت وعد وهي تشير الى نفسها: الا تثق بي؟..
- بلى.. ولكن لا اثق بهم هم..لا اثق بمن سيرافقك..
اطرقت وعد برأسها وظلت صامتة.. في حين تطلع اليها طارق بلهفة واهتمام منتظرا اجابتها.. انه لم ينس بعد ما دار بينه وبين نادية من حديث هذا الصباح.. ولكنه كان مصرا على ان يفتح هذا الموضوع مع وعد على الرغم من انه بنفسه قال انه يثق بها وسيتركها تعمل في وظيفة احلامها..
ووجد وعد ترفع رأسها اخيرا وتقول بشحوب: انت تعلم يا طارق انك اغلى انسان على قلبي.. وانك حلم حياتي بأكملها ..وتعلم ايضا ان هذه الوظيفة هي وظيفة احلامي.. الوظيفة التي طالما تمنيت الحصول عليها..
وصمتت لحظات لتتمالك نفسها قبل ان تقول وهي تشيح بوجهها: صحيح ان الوظيفة كانت جزءا من احلامي .. ولكنك انت كل احلامي..لهذا لو طلبت مني ان استقيل فسأوافق.. من اجلك..
ارتسمت ابتسامة على شفتي طارق دلت على الارتياح والسرور الذي تسلل الى قلبه.. وقال مبتسما: لكني لن اطلب منك ذلك.. اردت ان اختبر مشاعرك فحسب.. حتى ارى جوابك لو طلبت منك هذا يوما..
التفتت له وعد بدهشة وقالت:الا زلت تشك بمشاعري تجاهك؟ ..
تنهد طارق وقال: ان التضحية بأحد احلامك يا وعد امر صعب ..واصعب مما تظنين ..ولقد جربت هذا بنفسي..
قالت وعد متسائلة باهتمام: جربته؟..كيف؟..
قال طارق بهدوء: اتذكرين رنا؟.. تلك الفتاة التي قابلناها عند مبنى تلك الشركة.. والتي اثارت في نفسك الغيرة تجاهي..
شعرت وعد بالضيق من ان تلك الفتاة لها علاقة بالموضوع.. وقالت: بلى اذكرها.. ماذا بها؟..
- عندما كنا ندرس سويا في الجامعة وعلى مشارف العام النهائي لنا.. قالت لي انها قد تحدثت مع احد معارفها من اجل الحصول على عمل لها.. على الرغم من عدم حصولها على الشهادة الجامعية بعد..وقد رشحتني انا لهذه الوظيفة ايضا..
قالت وعد في غيرة واضحة: ولم انت بالذات؟..
ابتسم طارق وقال: لا اظن ان الامر يتعدى كونها قد رأت اني قد اجتهدت في تخصصي وحصلت على درجات جيدة جدا فيه.. المهم ان الوظيفة كانت ممتازة.. وكان من المستحيل على احد رفضها .. وخصوصا بذلك الراتب المغري .. ولكني رفضتها..
قالت وعد بدهشة: ولم فعلت؟..
- من شروط الحصول عليها ان اتوقف عن الدراسة بالجامعة.. صحيح ان احد احلامي كان الحصول على مثل تلك الوظيفة.. ولكني ضحيت به من اجل حلم اخر.. الا وهو الحصول على الشهادة الجامعية..
واردف وهو يتنهد: لهذا اخبرك ان اصعب امر قد تتعرضين له هو التضحية بأحد احلامك..
ابتسمت وعد وقالت بحنان: لا تقارن نفسك بهذا يا طارق.. لقد اخبرتك من قبل.. قد تكون هذه الوظيفة هي جزء من احلامي.. ولكن انت حلم حياتي..
قال طارق بحب: لم يخب ظني بك با وعد.. ستظلين دائما تلك الفتاة الرائعة.. التي يجري حبها في عروقي..
قالت وعد بلهجة مرحة بغتة: هيا اسرع بترتيب اوراق عملك.. فأنا اشعر بالجوع.. سأدعوك على الغداء.. ما رأيك؟ ..
قال طارق مبتسما: موافق على ان ادعوك انا..
لوحت بكفها ووقالت وهي تلتقط حقيبتها: لا يهم.. سأنتظرك بالاسفل..
اومأ برأسه وهو يراها تغادر المكتب..ولم يعلم لم شعر ببعض الضيق فجأة عندما غابت عن عينيه.. ولكنه اسرع باعداد اوراقه للغد حتى يلحق بها متجاهلا ذلك الشعور الذي راوده..واكملت وعد طريقها لتستقل المصعد الى الطابق الارضي.. وعندما غادرت المصعد.. سمعت صوت رنين هاتفها.. فالتقطته وابتسمت بمرح وهي تجيبه قائلة: اهلا فرح.. كيف حالك؟..
قالت فرح بصوت غاضب: ما هذا ايتها السخيفة؟.. ايحدث كل هذا وانا اخر من يعلم..
ضحكت وعد وقالت وهي تواصل طريقها الى خارج المبنى: ماذا تعنين بكل هذا؟..
قالت فرح بحنق: خطبتك بكل تأكيد..
قالت وعد مبتسمة: لم يحدث شيء رسمي بعد.. انه مجرد حديث..
قالت فرح متسائلة: ولكن من هو؟..
قالت وعد بصوت حالم: انه من رأيتيه معي بالامس.. انه يعمل معي في نفس الصحيفة ويدعى طارق..
قالت فرح بدهشة: ذلك الوسيم.. لا اصدق..كيف ارغمته على المجيء لخطبتك؟..
قالت وعد بحدة: هيي انت يا فتاة.. لست ارغم احد على شيء .. ان اراد طارق فعل شيء فسيفعله بنفسه.. انه ليس من ذلك النوع الذي يأمره أي شخص كان..
قالت فرح بخبث: اذا فربما كان الحب هو السبب..
ابتسمت وعد وقالت: ربما..
قالت فرح مبتسمة: لم تخبريني بأي شيء ابتها الماكرة.. حتى كيف كان لقاءكما الاول على الاقل..
قالت وعد بابتسامة وهي تستعيد ذكرى ذلك اليوم: كل ما استطيع ان اصفه به.. انه كان لقاءا عاصفا و...
(اهلا.. كيف حالك؟..)
بترت وعد عبارتها والتفتت في حدة الى صاحب العبارة السابقة .. ومن ثم لم تلبث ان عقدت حاجبيها وقالت متحدثة الى فرح: سأحدثك بعد قليل يا فرح.. الى اللقاء..
وعادت لتلتفت الى صاحب العبارة وقالت بحنق: والان..ماذا تريد؟..
قال سامر بسخرية: صحيح اين صديقك ذاك صاحب التهديدات؟ ..
قالت وعد ببرود: اولا انه خطيبي.. وثانيا هو في طريقه الى هنا حقا ..
ضحك سامر بسخرية وقال: اجل صدقتك.. فالنرى اذا ما الذي سيفعله لو اقتربت منك كما كان يقول..
وسار بضع خطوات متقدما منها ووعد تحاول ان لا تجعله يلحظ ذلك التوتر الذي طرأ عليها.. واردف هو قائلا: من الحماقة ان يتركك تخرجين وحدك.. الا يخشى عليك خطيبك المزعوم ذاك؟..
قالت وعد بعصبية: لا اريد ان اضيع وقتي معك.. ابتعد عن طريقي ..
لكن سامر تعمد ان يقف امامها مباشرة مانعا اياها من التقدم وقال وهو يميل نحوها: اخبريني .. ما الذي اعجبك فيه؟..
قالت وعد بحزم وهي تتطلع اليه: على الاقل هو ليس مخادعا..
عقد سامر حاجبيه وقال بحدة: ان كنت تقصدينني فأنت مخطئة.. لم اخدع أي فتاة ابدا..
قالت وعد بسخرية: ومن تحدث عنك او عن أي فتاة.. ولكن من يشعر انه قد ارتكب خطأ .. لابد وان يزل لسانه ذات يوم بالاعتراف ..
قال سامر بخشونة: اتعلمين انك فتاة وقحة..
قالت وعد بحدة: لابد وان تظهر على حقيقتك وخصوصا بعد ان علمت انه لم تعد كلماتك المعسولة ذات نفع معي..فقناعك الزائف قد بدأ يسقط الان ليظهر وجهك الحقيقي ..
قال سامر بغضب: ايتها ال...
قاطعه بغتة صوت طارق وهو يقول في صرامة: اياك وان تشتمها ..
واردف بصوت اكثر صرامة: لقد تجرأت على الاقتراب منها على الرغم من اني قد حذرتك..
تطلع له سامر وقال بلامبالاة: اهلا طارق..لقد كانت مغادرة المكان وقد عرضت عليها ان اوصلها في طريقي ليس الا..
تقدم منه طارق وقال بصوت يجمد الدم في العروق: اسمع يا هذا .. انني اكره المخادعين امثالك.. لقد بت مكشوفا للجميع بالصحيفة.. وان لم تبتعد عن طريقنا فستندم.. اتفهم؟..
قال سامر بسخرية: كف عن تهديداتك التي لا طائل منها و...
قاطعه طارق وهو يجذبه من ياقة قميصه اليه وقال بصرامة: ان لم تسمعني جيدا.. فسأعيدها مرة اخرى.. قلت ابتعد عن طريقنا ..وحذاري ان تقترب من وعد مرة اخرى..
وشدد من قبضته مردفا: وانت اكثر من يعلم اني عندما اقول شيئا فأنا اعنيه ..وللمرة الاخيرة احذرك..نحن لسنا في مبنى الصحيفة الان.. ويمكنني ان اجعل من جسدك هذا جثة هامدة على الطريق العام..
ظهر التوتر لأول مرة في عيني سامر.. وقال وهو يحاول تدراك الموقف: لم اكن اود ان اسيء اليها صدقني.. لقد كنت اتحدث اليها فحسب..
التفت طارق الى وعد.. التي ارتبكت وهي ترى في ملامحه كل تلك الصرامة.. وقال لها: اخبريني .. هل اساء اليك؟..
كانت وعد تريد ان تجيبه بالايجاب ولكنها احست انها لو فعلت ذلك ستتسبب في مشكلة جديدة لطارق .. فقالت بابتسامة باهتة: لا.. لقد كان يحاول التحدث الي ليس الا..
قال سامر في سرعة: ارأيت؟.. لم احاول الاساءة اليها على الاطلاق ..
ازاحه طارق عنه في خشونة وقال : اذهب واياك ان ارى وجهك مرة اخرى..
عدل سامر من هندامه ومن ثم اسرع يبتعد.. في حين قالت وعد وهي تقترب من طارق مبتسمة: لأول مرة اراك على هذه الدرجة من الغضب..
قال طارق هو يحاول ان يهدئ اعصابه: لقد كان يستحق ذلك حتى لا يفكر مجرد تفكير ان يقترب منك مرة اخرى..
قالت وعد وهي تعقد كفيها خلف ظهرها: ولكني سعيدة ..لاني رأيتك تحاول حمايتي للمرة الثانية وتدافع عني بكل قوة ..
التفت لها طارق وقال مبتسما: يالك من فتاة.. اتظنيني اصمت عنه اذا وانا اراه يحاول ايذائك..
ضحكت وعد وقالت: ولكنك ارعبتني بنظراتك..
قال طارق وابتسامته تتسع: فلننسى هذا الامر.. ولنذهب لتناول وجبة الغداء.. فلست وحدك الجائعة..
اومأت وعد برأسها وهي تسير الى جواره.. وان شعرت بداخلها ان هذه هي البداية.. البداية لتحقيق احلامها..التي ستتحقق بوجود طارق فقط...


 


*********
انشغل هشام باعداد ذلك الرسم الهندسي في مبنى الشركة .. لمنزل ما وقد صمم نوافذه وابوابه بشكل مميز الذي جعله نادرا من بين المنازل..وزفر بتعب وهو يسند ظهره الى مسند المقعد..لكنه لم يلبث ان عاد لمواصلة عمله و..
(هناك زوار يطلبون رؤيتك.. ايها المهندس هشام)
كاد هشام ان يسأل ذلك الموظف ناطق العبارة السابقةعن هؤلاء الزوار .. لكنه راه يبتعد.. وراها تظهر امام عينيه .. اية من الجمال تسير على قدمين.. هي بنفسها بشعرها الكستنائي القصير وخصلاته المبعثرة على جبينها وملامحها الرقيقة ..ورأى من خلفها ذلك الرجل الذي غطى الشيب فوديه فاكسبه مظهرا وقورا..وادرك على الفور انه خالها الذي تحدثت عنه..
وفي نفس اللحظة كان الخال يهمس لغادة قائلا: لا اعلم سر اصرارك على المجيء معي..
ازدردت غادة لعابها وقالت: انه الفضول ليس الا.. لرؤية منزلك وما ترغب باضافته عليه من تعديلات..
قال خالها بشك: اهذا السبب حقا؟..
اومأت برأسها في ارتباك وهي تحاول تحاشي اسئلة خالها وسألها هو: ايهم ذلك المهندس المدعو هشام؟..
ومع انها كانت تنظر باتجاهه.. وهو بدوره كان ينظر باتجاهها الا انها قالت: لقد قال ذلك الموظف الذي اوصلنا الى هنا .. انه يجلس خلف اخر مكتب على اليمين .. أي بجوار مكتب تلك المهندسة..
انقبض قلب غادة بغتة.. وهي تشعر بالضيق الشديد.. الم يجد مكانا اخر الا بجوار مكتب تلك المهندسة؟.. هل انتهت مساحة القسم فجأة ليكون الى جوارها؟..ومن جانب اخر كان هشام يتابع نظرات زملاءه بالمكتب التي تركزت على غادة واخذت تتابعها باعجاب.. وعقد هشام حاجبيه.. ما بالهم؟..الم يلتقوا بفتاة في حياتهم؟.. والتفت الى احدهم وهو يتطلع له بنظرة حازمة ولكن زميله غمز له بعينه بخبث ..وعاد هشام ليلتفت الى غادة وخالها وسمع هذا الاخير يقول: أأنت المهندس هشام شريف؟..
اومأ هشام برأسه وقال : اجل انا هو..
قال الخال بهدوء: انا فؤاد حازم.. لقد حدثتك بالامس ابنة اختي بشأن التصميم الخاص بالغرفة التي اود ان اضيفها بالمنزل..
مد هشام يده مصافحا وقال مبتسما: بلى وقد اعددت كل شيء لذلك .. وقد وافق المدير ان اقوم بهذا التصميم لك على ان تقوم بالمقابل بالدفع لصالح الشركة..
قال فؤاد متسائلا:لا بأس ولكن متى ستبدأ باعداد هذا الرسم؟ ..
اجابه هشام قائلا: بعد ان ارى الموقع ومساحته والشكل المناسب الذي سيتم على اثره اختيار مساحة الغرفة وشكلها الخارجي..
قال فؤاد بابتسامة هادئة: اذا هل نذهب الان لرؤية المنزل؟..
اومأ هشام برأسه ومن ثم التفت الى شذى قائلا: هيا يا انسة شذى.. سنذهب الان..
اتسعت عينا غادة بدهشة واستنكاروقالت: هل سترافقنا هذه المهندسة ؟..
اومأ هشام برأسه وقال وهو يلتفت الى غادة: اجل..
عقدت غادة ذراعيها امام صدرها وقالت مصطنعة اللامبالاة: ولم هي بالذات؟.. اعني ان القسم مليء بالمهندسين..فلم اخترتها هي؟..
قال فؤاد بغرابة: غادة.. ماذا تقولين؟.. وما دخلك انت؟..
هزت كتفيها وقالت وهي تخفي توترها: مجرد سؤال..
ابتسم هشام قي تلك اللحظة وقال: لا يغرنك يا انسة غادة انها مجرد فتاة.. فهي مهندسة بارعة.. ولديها افكار ممتازة ..ثم لست انا من اختارها لترافقنا.. بل المدير..
ظلت غادة صامتة وهم يغادرون القسم.. وان حاولت ان لا تجعل شيء من الغيظ المعتمر بداخلها من الظهور على وجهها ..وما ان غادروا مبنى الشركة .. حتى قال هشام: امنحني عنوان منزلك يا سيد فؤاد حتى اذهب انا والانسة شذى اليه..
عقدت غادة حاجبيها بضيق اكبر.. ايضا يريد الذهاب معها لوحده.. فليحلم.. مادمت هنا فلن تهنئ معها ولو للحظة واحدة .. وقالت وهي ترسم ابتسامة على شفتيها.. وان ظهرت نظرتها ماكرة بعض الشيء: ما رأيك يا خالي ان نذهب جميعنا في سيارتك؟.. فقد لا يستطيع المهندس ان يتعرف الطريق الى منزلك ..
قال فؤاد بحيرة: ولكن يا غادة.. اذا ذهبنا جميعا بسيارتي.. فسيكون علي أن ...
قاطعه هشام قائلا وهويختلس النظرات الى غادة : لا بأس.. يمكنك ترك سيارتك هنا يا سيد فؤاد.. وسنذهب جميعا بسيارتي.. وسأعيدكما الى هنا بعد الانتهاء من عملنا بمنزلك ..
قال فؤاد بابتسامة هادئة: لا بأس..
اشار لهم هشام عندها الى احدى السيارات وقال: انها تلك السيارة الرياضية..
لم تكن غادة تحتاج لان يشير اليها.. فقد تعرفتها منذ الوهلة الاولى.. كيف لا وقد صدمت هذه السيارة ذات يوم؟ ..كيف لا وقد كانت هذه السيارة سببا للفاءها بهشام؟ ..وتوجهت الى تلك السيارة من فورها وتعمدت ان تتجه الى الباب الخلفي من جهة السائق..ورأت هشام يقترب منها في تلك اللحظة وهمس لها قائلا وهو يتجه الى الباب الامامي: يالك من متسرعة.. الا تنتظرينا حتى؟..ثم ماهذه الحيل القديمة؟ ..
همست له بخفوت قائلة: ماذا تعني بقولك هذا؟..
فتح الباب الامامي له وقال دون ان يلتفت لها: اصرارك على الذهاب جميعا في سيارة واحدة..
كادت ان تعلق على عبارته ولكنها وجدته يحتل مقعد السائق .. فزفرت بحنق وهي تحتل مقعدها الخلفي بدورها ..وسمعت خالها يرشد هشام الى الطريق حيث منزله.. ولكنها لم تأبه بذلك .. بل اختلست النظرات الى شذى التي تجلس الى جوارها.. كانت فتاة جميلة .. لا يمكن انكار هذا ..بالاضافة الى انها مهندسة بارعة كما كان يقول عنها هشام منذ قليل..وافكارها ممتازة و...
شعرت بغصة في حلقها وهي تتذكر كلماته.. لقد كان يمتدح تلك الفتاة امامها.. وهي لم تنل سوى السخرية منه..لماذا يمتدح تلك الفتاة ويسخر منها هي؟.. هل هو معجب بهذه المهندسة يا ترى؟.. اذا لماذا يظل على اتصال بي لو كان كذلك؟.. ربما هو يتسلى ولا يريد اكثر من تضييع الوقت .. ولكن...لا تعلم لم تشعر انه مهتم لأمرها.. تماما مثلهاهي و... يا الهي.. ما بالي.. كلما تذكرت هشام ..يصل تفكيري الى الاهتمام وربما الميل والحب!!.. لا.. انا احب هشام.. مستحيل.. انه مجرد اعجاب لا اكثر..
ولكن دقات قلبها اخذت تخفق بعنف من تفكيرها ذاك.. وكأنها تشهد على مشاعرها تجاه هشام.. ورفعت رأسها الى المراة الجانبية.. وركزت نظراتها على ملامحه.. انه وسيم ..لا بل اوسم مما كنت اظنه.. وابتسامته تزيد من هذه الوسامة .. واسلوبه الساخر يجعله ذا طابع فريد.. لم اقابل شاب مثله في حياتي.. لا يستطيع المرء التفريق بين جده وهزله ..
وبينما هي غارقة في افكارها.. لم تلحظ عينا هشام الذي شعر بنظراتها.. وابتسم لها بسخرية وهو يتطلع لها ..واتسعت عيناها لوهلة في دهشة من ابتسامته الساخرة ..ولم تلبث ان اشاحت بوجهها عنه في حدة .. والتقط هو هاتفه المحمول ليكتب رسالة قصيرة في سرعة وعيناه على الطريق في الوقت ذاته..وانتفضت غادة بحدة عندما سمعت صوت رنين هاتفها معلنا عن وصول رسالة قصيرة..وازدردت لعابها لعلها تسيطر على توترها.. وفتحت تلك الرسالة .. وشعرت بدهشة بالغة لان مرسلها كان هشام..واخذت تلتهم كلماتها التي كانت تقول (ما بالك؟.. الم تري شاب وسيم في حياتك حتى تلتهمينه بنظراتك ؟) .. ارتفع حاجبا غادة بذهول.. كيف يجرؤ؟..ياله من وقح.. واسرعت تضغط ازرار هاتفها بعصبية لترسل له رسالة قصيرة بدورها .. وما ان سمع هو نغمة وصول الرسالة.. حتى التفت الى المراة الجانبية وتطلع الى غادة للحظة رأى فيها ملامحها الغاضبة.. وفتح الرسالة التي كانت تقول ( بل لأول مرة ارى فيها شاب قبيح وسخيف مثلك)..اتسعت ابتسامته الساخرة واسرع يرسل لها رسالة اخرى والتي كانت تقول ( لا تكذبي.. لقد كانت نظراتك لي هائمة .. ايوجد فتاة تتطلع الى شاب قبيح بذلك الهيام؟ ..اعترفي بما يجول في داخلك)..
وما ان وصلت الرسالة الى غادة حتى عقدت حاجبيها بحدة.. هل فقد عقله؟.. بالتأكيد هو كذلك.. يريدني ان اعترف .. وبم اعترف؟ .. ويبدوا انه قد اصابه الجنون في سن مبكرة .. لقد اخطأت عندما نظرت اليه حتى..دارت هذه الفكار في رأسها وهي تعيد هاتفها الى حقيبتها ببرود..
وفي تلك اللحظة كان هشام قد وصل الى منزل خالها.. فأوقف السيارة ليهبطوا جميعا منها ويتجهوا الى الداخل..وسار خال غادة الى الداخل وهو يرشدهم الى الحديقة الخلفية التي يفكر ان يقوم ببناء غرفة على احد زواياها..واقترب منه هشام وشذى.. فأحذ يشرح لهم خالها الشكل الذي يرغبه للغرفة ومساحتها التقريبية.. وغادة تتطلع اليهم بنظرات غاضبة.. وهي ترى عمل هشام المشترك مع شذى.. تراه يتبادل معها الكلمات ويتناقش في كل شيء.. ليتها كانت مكانها الان لتتمتع بحديثها اليه.. حتى لو كان ساخرا او مستفزا..تريد ان تكون بقربه ولو للحظات..
شردت بأفكارها ونظراتها مثبتة على كل من هشام وشذى.. الى ان قاطعها صوت خالها وهو يقول: غادة.. تعالي معي الى الداخل..
التفتت الى خالها وقالت بدهشة: ولماذا؟..
جذبها من كفها لتقترب منه وقال لها بهدوء: سنعد العصير لهما.. فكما ترين الجو حار..
اختلست غادة نظرة الى هشام وهمست لنفسها قائلة: (تريدني ان اغادر يا خالي واتركهما لوحدهما..هذا من سابع المستحيلات .. لن يهنئا معا وانا موجودة.. وسترى يا هشام ما الذي سأفعله؟)..والتفتت لخالها قائلة ببرود: فليكن..
دخلت مع خالها الى داخل المنزل وتوجهت الى المطبخ الذي كان يطل على الحديقة الخارجية.. وشردت بافكارها وهي تطل من النافذة لتراهما يعملان معا..تبا لها.. لم اختارها المدير هي بالذات؟..الا يوجد مهندسين بالشركة باكملها حتى يختارها هي؟..واسرعت باعداد العصير لتأخذه الى الخارج .. فقال لها خالها: انتظري قليلا.. ساخذه انا اليهما..
التفتت غادة الى خالها وقالت بابتسامة: ومالفرق؟..اذهب انت واسترح وساخذه انا اليهما..
تطلع اليها خالها بغرابة لسر اصرارها على ان تأخذ العصير لهما.. اما هي فقد توجهت الى الخارج وتعمدت ان تحمل كأسي العصير الى شذى اولا وقالت بابتسامة مصطنعة: تفضلي..
التقطت شذى بهدوء كأس العصير وقالت بهدوء: اشكرك..
ومن ثم أعادت انظارها الى مساحة الارض الواسعة.. وتوجهت بالكأس الاخر الى هشام وقالت بابتسامة واسعة هذه المرة:تفضل العصير..
قال هشام مداعبا وهو يلتقط الكأس: ولم منحت احدالكأسين الى شذى اولا..أخشى ان يكون السم موجودا في كأسي..
قالت بسخرية: لن اقتلك وانت في بيت خالي.. ربما لو كنت خارجه لفكرت بالامر..
قال وهو يميل نحوها ويغمز بعينه: لا تستطيعين ..
 
قالت وهي تمط شفتيها: ولم لا؟..
قال بعد ان ارتشف قليلا من كأسه: انسيت.. حيلتك في ان نبقى جميعا في سيارة واحدة..ثم نظراتك لي بالسيارة ..واخيرا نظرات الضيق التي توجهينها لي انا وشذى كلما كنا معا.. ماذا يعني كل هذا غير انك تميلين لي وتشعرين بالغيرة من شذى..
اتسعت عيناها باستنكار واحست بالتوترهي تشعر انه يلمس شيئا من الحقيقة وقالت بحدة: أي قول تقوله؟.. اغير ممن وعلى من؟.. من تلك المهندسة التي لا تمتلك حتى نصف جمالي.. وعليك انت .. هذا هو المستحيل بعينه.. ربما لو انتهى الرجال بالكرة الارضية.. ربما حينها تستطيع ان تظن مثل هذا الظن..
ضحك هشام بسخرية وقال بخبث: ولم كل هذا الغضب؟.. يمكنك ان تقولي بكل بساطة..انك لا تهتمين لامري.. بدل كل تلك التبريرات او بدل ان تمتدحي جمالك امامي..
اشارت له بيدها وقالت بحنق: هذا فقط حتى لا تفكر اية افكار سخيفة بشأني..
ابتسم وقال: لقد اقنعتيني بتبريراتك بكل صراحة..
قالت غادة وهي تتطلع اليه بشك: اتعلم.. اشك ان المدير هو من طلب منك ان تكون تلك المهندسة معنا..
قال وهو يهز كتفيه: وهل يصنع ذلك فارقا؟..
كادت ان تجيبه.. لكنها تريثت قليلا وفكرت ان ما تقوله سيفضح مشاعرها.. لذا فقالت ببرود: ابدا.. ولكني اردت ان اكتشف ان كنت تخدعنا او لا..
قال مبتسما: اطمئني لست اخدع احدا.. لقد طلب مني المدير اصطحابها معنا حقا..لما لديها من خيال واسع تجعلها تبتكر تصاميم ممتازة..
سألته قائلة: ومنذ متى تعملان معا؟..
قال هشام بسخرية: لم؟.. هل تفكرين بمنحها مكافأة على سنوات خدمتها في الشركة؟..
قالت بعصبية: بل افكر في ان اعرف كم من السنوات قد احتملتك تلك الفتاة..
- حسنا .. انها سنتان لا اكثر..
ضيقت غادة عينيها ..اذا فهو يعرفها منذ وقت طويل..وربما تلك الفتاة معجبة به او ربما هو كذلك يبادلها تلك المشاعر ..وقالت غادة بهدوء:هل اسألك سؤال وتجيب عنه بصراحة؟ ..
قال هشام وهو يبعد عينه عنها ويتطلع ال العمل الذي تقوم به شذى: هذا يتوقف على السؤال نفسه..
تابعت غادة نظراته ورأته يتطلع الى شذى باهتمام.. ولكنه في الحقيقة كان يتطلع الى ما تقوم به شذى من عمل.. ووجدت نفسها تقول بعصبية: لماذا تتصل بي دائما وتزعجني باتصالاتك ما دمت غير مهتم لأمري كما تقول؟..
التفت لها وقال بابتسامة جذابة: ومن قال اني لست مهتم لأمرك؟ ..
خفق قلب غادة في قوة.. وازدردت لعابها بارتباك ومن ثم قالت وهي تبعد عينيها عنه باضطراب: مهتم؟.. ولم انت مهتم؟ ..
هز كتفيه وقلا: لانك صدمت سيارتي وحطمتيها فلابد ان تدفعي ثمن هذا بأن اضايقك لسنة كاملة..
فغرت فاهها بدهشة ومن ثم لوحت باصبعها في وجهه وقالت بغضب: اسمعني يا هذا.. كف عن الحديث عن السيارة لاني قد اصلحتها لك..وان كنت لا تفكر الا في مضايقتي فاعلم اني استطيع انا الاخرى ان احيل حياتك جحيما..
قال بسخرية: حقا؟.. ثم يا انسة انا من اصلحها على حسابي لا تنسي هذا.. واعلمي ايضا اني لست ممن يمكنك تهديدهم ..
- وهذا ما لا افهمه لماذا اخذتني الى هناك اذا وطلبت مني ان اصلح سيارتك؟.. اكل ذلك كان تمثيلا فقط؟..
وبدلا من ان يجيبها منحها كأس العصير وقال مبتسما: شكرا علىالعصير..
وابتعد عنها ليواصل عمله.. وفي داخلها شعرت غادة بالغضب والعصبية.. ليس من تصرفاته وحسب.. بل لانه دائما يشير الى ان علاقتها به لا تتعدى التسلية او مضايقتها.. وشعرت بغضبها هذا يتضاعف.. عندما رأت تلك الابتسامة من هشام.. لم تكن لها بل لشذى.. ووجدت نفسها تصرخ فيه هاتفة: هشام ..
استغربت شذى مناداتها لهشام من غير اية القاب.. ولكن تسرع غادة الدائم هو ما يجعلها تتصرف دون تفكير.. في حين التفت لها هشام وقال بدهشة وهو يعود ادراجه لها: ما بالك لم تصرخين هكذا؟..
ارتبكت وقالت: ان .. اعني ان.. هناك حشرة رأيتها على قدمي..ولهذا صرخت بخوف..
قال بسخرية: ولم تصرخين باسمي بالذات؟..اخبرتك يا انسة انك تهمين بي.. فلم لا تعترفين؟..
اسرعت تقول: في احلامك..
ولوحت له بيدها وهي تبتعد عنه وقد حققت ما ارادته بابعاد هشام عن شذى قائلة: عن اذنك..
وابتسمت ابتسامة سعيدة وخجلة وهي تلقي على هشام نظرة أخيرة..وكأنها نظرة اعتراف لمشاعرها له..

*********
يسيران جنبا الى جنب..بخطوات هادئة تخشى ان تفسد ذرات الرمل.. متشابكي الايدي.. مثبتين للجميع أي حب يجمعهما ..ونظرات الهيام وهمسات الحنان التي تنطلق من بين شفتيهما بين الحين والاخر..واخيرا توقفت هي لتقول بابتسامة : اذا فهو الغد ..
قال هو مبتسما: اجل انه اليوم الذي كنت انتظره منذ زمن طويل.. يوم عقد قراننا يا وعد..
التفتت له وعد وقالت: احقا كنت تنتظره؟..
اومأ طارق برأسه وقال بحنان: واقسم علىهذا..
تردد ت قليلا ومن ثم قالت: ولكن ماذا عن مايا.. ماذا عن رنا؟؟..
تطلع طارق الى عينيها مباشرة وقال: مايا هي الماضي يا وعد.. اما انت فالحاضر والمستقبل..
مست كلماته شغاف قلبها..وقالت بتردد: ورنا؟..
ابتسم وقال: ماذا بها هي الأخرى؟.. انا لم ارها منذ فترة طويلة ولا اعرف عنها أي شيء سوى انها كانت زميلة لي ايام الجامعة..
- فقط..
وضع كفه على كتفها وضغط عليه بحنان وحب قائلا: اجل فقط.. ولا تدعي غيرتك توهمك لما هو اكثر من هذا..
تطلعت وعد الى الافق البعيد والى مياه البحر النقية..وقال بابتسامة حانية: اتعلم لم احب هذا المكان؟..
لم يجب وان ظهر على وجهه التساؤل.. فقالت مبتسمة: لانه في هذا المكان رسمت شخصية فارس احلامي.. وبدأت اتخيل بداية لحلم حياتي..
ابتسم قائلا: وكيف بدأ هذا الحلم؟..
قالت بشرود: لقد كنت اتخيل نفسي اغرق في البحر فينقذني .. او اراه يسير الى جواري بجانب مياه البحر..
قال طارق بمرح: اظنك تقصديني في هذه الحالة..
همست وعد وقالت: ومن قال انك لست حلم حياتي الذي حلمت به طويلا..
التقط طارق كفها بين كفيه وقال بحنان: وانت يا وعد.. لست مجرد حلم تمنيته طوال السنين الماضية.. لست مجرد حلم راودني في احلامي.. بل اصبحت واقعا منذ هذه اللحظة..
وامسك بذقنها ليرفع رأسها اليه ويتطلع الى عينيها بحب وهو يقول: لو كان ما نحن فيه حلما فلا توقظيني منه ارجوك..
تطلعت اليه وقالت مبتسمة: وهل تشعر بالاحلام؟..
قالتها وهي تبعد كفه عن ذقنها برفق.. وتمسك بها وهي تقول بمرح: هل يمكنك اللحاق بي؟..
غمز بعينه وقال: جربيني فقط..
تركت كفه في سرعة وقالت بمرح وهي تجري مبتعدة عنه: الحق بي اذا..
ارتسمت على ثغر طارق ابتسامة تحمل ما بين السعادة والمرح وهتف بها قائلا: لقد اخترت الشخص الخطأ لتتحديه..لاني سألحق بك بعد دقيقة واحدة فقط..
قالت وعد بابتسامة واسعة وهي تجري بكل سرعتها: ارني ما لديك اذا..
اسرع يجري خلفها وقال : انت من اردت هذا..
قالت وعد بتحدي: لن تستطيع اللحاق بي اب...
قاطعها صوته وهو يقول: من هذا الذي لن يستطيع اللحاق بك؟..
شهقت وعد وهي تراه امامها واخذت تبطأ من سرعتها ولكن مع هذا اصطدمت به .. فضحك هو قائلا وهو يمسك بكتفيها ويبتطلع الى وجهها الذي توردت بحمرة الخجل: ما الامر؟.. هل اكتشفت لتوك اني عداء ماهر؟..
ابتعدت وعد خطوة الى الخلف وقالت مبتسمة بخجل: انت خصم لا يستهان به ابدا..
داعب وجنتها وقال بهمس: هل عرفت هذا الان فقط؟..
تسارعت ضربات قلب وعد وهي تشعر بلمسته الدافئة والحنونة.. كانت تريد ان تقول شيئا ما.. ولكن توترها عقد لسانها وجعلها مكتفية بالصمت..واردف طارق قائلا وهو يتطلع اليها بحنان: لو تعلمين كم احبك يا وعد..
اطرقت برأسها بخجل ولم تقوى على الاجابة.. فابعد طارق كفه ليلتقط كفها في راحته وقال: هل نكمل طريقنا الان؟.. ام انك ستتحديني مرة اخرى؟..
هزت وعد رأسها نفيا وقالت : لست في حاجة لان اتحداك.. فقد علمت أي خصم هو انت..
- اجل انت محقة فقد استطعت ان اهزمك واحتل قلبك..
اشارت اليه وقالت مبتسمة: وانت.. الم اهزمك انا ايضا؟..
قال طارق بحنان :بل استطعت ان تقلبي كياني رأسا على عقب.. لم اعد استطيع التفكير الا بك.. لم اعد ارى من حولي سواك.. لقد بت اتلهف لسماع صوتك بمجرد ان انهي اتصالي بك.. اصبحت اتمنى رؤيتك بعد ان نفترق للحظة.. ارأيت أي انسان جعلتيني ؟.. لقد بت مجنونا بك..
تطلعت اليه وعد بحب ولهفة كبيرين.. وكانت نظرتها هذه تكفيه.. ليواصل سيرهما معا على رمال ذلك الشاطئ الذي شهد حبهما في كل لحظة قضياها فيه...

*******
( لم اكن اعلم ان لدي ابنة عم بمثل هذا الجمال..)
قالتها فرح بابتسامة واسعة وهي تحتل المقعد المجاور لوعد على المسرح وتستمع الى انغام الموسيقى التي ملأت تلك الصالة الواسعة .. والتفتت لها وعد قائلة: لا تجامليني اكثر من هذا.. ثم لم تجلسين هنا؟ ..
قالت فرح مبتسمة: اولا انا لا اجاملك.. وثانيا انا اجلس هنا من اجل تسليتك.. ام انك تضايقت مني.. وتريدين قدوم عريسك باسرع وقت ممكن..
قالت وعد مبتسمة: اجل اريده ان يأتي..
ضحكت فرح ومن ثم قالت: يا للخبيثة.. اتحبينه الى هذه الدرجة؟..
قالت وعد وهي تهز كتفيه: هو زوجي الان ومن حقي ان احبه.. اليس كذلك؟..
- بلى ولكن ماذا عن قبل ذلك..هل كنت تحبينه قبل ان ترتبطي به؟..
اجابتها وعد بشرود وبنظرة حالمة: سأكون كاذبة ان اجبت بلا.. لقد اسرتني عيناه منذ ان رأيته لاول مرة.. وخفق قلبي لرؤية وسامته.. وسحرني غموضه.. كان غامضا بأكثر مما تتصورين.. لا يتكلم الا نادرا.. ووجدت نفسي فجأة معه في مهمة صحفية..
قالت فرح تستحثها على المواصلة: وبعد اكملي..
ضحكت وعد وقالت: لقد كان دائما ما يوجه لي الملاحظات على اني صحفية مبتدأة لا تعرف شيئا.. في حين كنت انا احاول ان اثبت له العكس باستفزازه احيانا..
قالت فرح بدهشة: انت وطارق؟؟..
اومأت وعد برأسها ومن قم قالت: قد تستغربين ما اقوله لك.. وانا نفسي لم اكن اتوقع يوما ان ارى نفسي في هذا المكان او اكون زوجة لهذا الشاب الرائع.. لقد حصلت على اكثر مما اتمنى يا فرح..
قالت فرح مبتسمة: اتمنى لك السعادة يا وعد من كل قلبي..
قالت وعد بامتنان: اشكرك.. وانا اتمنى لك السعادة انت.. وهشام..
واردفت متسائلة: بالمناسبة ماهي اخباره؟.. اعني بعد ان علم بأمر اقتراني بطارق..
قالت فرح وهي تزفر بحدة: اطن انه كان يعلم بهذا الامر قبلنا جميعا.. فلم تبد عليه أي لمحة من اثار الدهشة..وحتى الاستنكار لم اره على وجهه.. واكتفى بأن يقول : اتمنى ان تحيا بسعادة مع من اختارته بنفسها..
قالت وعد باهتمام: الم يبدوا عليه الحزن او الغضب؟..
قالت فرح بهدوء: لقد رأيت لمحة من الحزن في عينيه سرعان ما اختفت.. وكأنه يحاول ان يبدأ من جديد..
- اتمنى ان يجد فتاة احلامه قريبا التي تستطيع ان تجعله ينساني.. فشقيقك انسان رائع يا فرح..
كادت فرح ان تهم بقول شيء ما.. لولا ان وجدت والدة وعد تتقدم منها وتقول: سيدخل طارق الى صالة الحفل بعد قليل ..
رددت وعد بهمس: طارق..
اسرعت فرح تنهض وتقول بخبث: اذا اتركك معه..
ورأته وعد في تلك اللحظة واقفا عند البوابة الرئيسية للصالة ..وما ان تغيرت انغام الموسيقى الى انغام خاصة حتى ارتفعت عيناه الى حيث تجلس وعد.. وسار الى حيث هي بخطوات هادئة وواثقة.. وهو يرسم على شفتيه ابتسامة عكست ما بداخله من سعادة لهذا اليوم الذي تمناه..وواصل سيره وعيناه معلقتان بذلك الملاك الذي يتطلع له ببسمة خجلة..وما ان وصل اليها حتى قال بهمس: مبارك..
كادت ان تشكره لولا ان وجدته يميل نحوها ويقول بهمس: احبك يا وعد..
قالها ومن ثم طبع على جبينها قبلة تمتلأ بالحب والحنان..ومن ثم اردف قائلا: تبدين رائعة الجمال هذا اليوم..لا اكاد اعرفك..
ضحكت وعد بخجل..وان شعرت بقليها يخفق بسرعة غريبة.. وكأنه سيخرج من بين ظلوعها..ورفعت عيناها له لتتأمله لاول مرة في هذا الحفل.. وعندها تعلقت عيناها به وهي تلمح وسامته التي تضاعفت مرتين على الاقل بحلته الفاخرة .. وجلس طارق الى جوارها قائلا: اخبريني الا تريدين ان اكتب موضوعا في الصحيفة عن حفلنا هذا؟..
قالت وعد باستغراب: اتتحدث بجدية؟..
قال بابتسامة واسعة: ولم لا؟.. اتظنين انك لا تستحقين هذا.. يكفي انك وعد.. الفتاة الوحيدة التي استطاعت ان تختطف قلبي..
قالت وعد مبتسمة: مع اني صحفية ولكني افضل ان لا يعلم الناس عن امرنا شيئا.. فليقرأوا ما يهمهم من اخبار العالم.. اما نحن فلنا عالمنا الخاص..
قال طارق بابتسامة اعجاب: معك حق..
في تلك اللحظة شاهدت فرح تقترب منهم وتقول بابتسامة: سترتديان خاتمي الخطوبة الان..
قالتها وسلمتهما علبتين اخذت كل واحدة منهما شكل نصف قلب..وقالت وعد مبتسمة: اتعلمين يا فرح .. اني لم ارى خاتمي ابدا..
تطلعت لها فرح بحيرة فأردفت وعد قائلة: لقد رفض طارق ذلك.. وقال انها مفاجأة..
قالت فرح وهي تميل نحوها: لا بأس سترينه الان..
قالتها ومن ثم اشارت للمصورة بأن تتقدم.. فنهض كل من طارق ووعد واقفين وفتحت وعد علبتها لترى خاتما فضيا بسيطا وان دل على ذوق رفيع.. ورأت نفش اسمها عليه..وبجانيه تاريخ عقد قرانهما.. وابتسمت بشرود وهيام حين قال طارق مبتسما: النساء اولا.. هيا مدي لي يدك اليمنى..
مدت له كفها بتوترها.. فالتقطها في راحته وهمس قائلا بحنان: ولم ترتجفين؟..
قالت وهي تزدرد لعابها: لا اعلم.. انه التوتر والقلق الذي سيطرا علي منذ دخلت الى صالة الحفل..وانا اشعر بأن كل من في الحفل ينظرون الي..
قال طارق بهمس: بكل اكيد.. لانك العروس.. ولكن انسي كل من حولك ..وانظري الي فقط ..
قالت بابتسامة مرتبكة: هذا يزيد من توتري..
ضحك طارق بمرح وقال: لست مخيفا الى هذه الدرجة.. فقط انظري الى عيناي..
تطلعت الى عينيه وشعرت حينها ان نست العالم من حولها ..شعرت بنفسها تغوص في بخر عينيه الدافئ .. وترى فيهما كل حبه وحنانه.. ونقلت بصرها الى حيث كفها ورأته يلبسها خاتم مرصع بالماس..وهتفت قائلة وهي غير مصدقة:أهذا ما عنيته عندما قلت ان الخاتم مفاجأة..
قال وهو يضغط على كفها بحنان: لقد وعدتك بأن ترتدي ماهو اروع من خاتم زوجة ابن خالك.. وها انذا أفي بوعدي..
تطلعت له بامتنان وقالت بابتسامة: اشكرك يا طارق.. اعلم انه باهض الثمن وقد...
قاطعها قائلا: لا تقولي شيئا.. اخبرتك مرارا ان كنوز العالم لن تعوضني عنك..
واردف بابتسامة: اطن انه دورك الان..
التقطت الخاتم الفضي من علبتها.. وامسكت بكف طارق لتلبسه الخاتم وكادت ان تبعدها بعد ان فعلت.. لولا ان فوجئت بطارق يمسك بكفها ويرفعها قائلا بهمس: مبارك يا عروسي..
قالها وقبل كفها بكل ما يحمله لها من حب وهيام..ولم تعد وعد تشعر بنفسها.. لقد رأت في عيني طارق ما حلمت به طويلا .. رأت هياما وحنانا .. يكاد يغمرها بنظراته الدافئة ..وقاطع شرودها صوت عماد وهو يقترب منهاو يقول: وعد.. ما كل هذا الجمال؟.. لقد ظننت اني قد اخطأت القاعة في البداية..
لكزته ليلى التي كانت تقف الى جواره وقالت بحنق: كف عن مدح جمالها امامي..
التفت لها عماد وقال مبتسما: ما الامر ايتها الغيورة؟..اني اتحدث الى ابنة عمتي..فما الذي يضايقك في الامر؟..
اشاحت بوجهها وقالت بضيق: لا شيء..
في حين عاد عماد يلتفت الى وعد ومد يده مصافحا وهو يقول بابتسامة واسعة: مبارك يا وعد..
قالت وعد مبتسمة: اشكرك..
والتفتت الى ليلى مردفة: اعتذر يا ليلى ان كنت قد سببت لك الضيق..
اسرعت ليلى تقول: لا .. لم اقصدك.. بل عماد.. الذي دائما يمتدح الفتيات امامي..
 
اشار عماد الى نفسه وقال باستنكار: انا افعل؟..
قالت وعد مبتسمة: يجب ان تكون سعيدا يا عماد.. لان الغيرة لا تدل الا على الحب..
قال عماد بحنان وهو يلتفت الى ليلى: اعلم هذا..
وتوجه ليصافح طارق ويهنئه ومن خلفه ليلى.. في حين ابتسمت وعد بسرور وهي ترى فرح تتقدم منها وقالت هذه الاخيرة وهي تصافحها: مبارك يا ايتها العروس.. مع اني كنت اود سماع جميع التفاصيل منذ لقاءكما وحتى هذه اللحظة..
قال وعد بسخرية: ساسجلها لك علىأشرطة (فيديو)..
قالت فرح بابتسامة: لا تسخري مني.. فصدقيني لن اتركك بعد الان حتىتخبريني بكل ما حدث بينك وبين خطيبك الوسيم ذاك..وبكل ما سيحدث..
قالت وعد مبتسمة: بكل تأكيد سأخبرك ولكن ربما بعد مائة عام..
وفي تلك اللحظة سمعوا جميعا صوت هشام وهو يتقدم من فرح ويبعدها قائلا: ما هذا ؟.. هل ستحكين لها حكاية حياتك الان؟.. دعيني ابارك لابنة عمي..
ابتسمت وعد بامتنان الى هشام الذي صافحها وقال بابتسامة حانية: مبارك يا وعد.. اتمنى ان تعيشي بسعادة مع طارق..
واردف وهو يضغط على كفها وهو يميل نحوها قليلا: مبارك يا اختي..
لم تعلم وعد لم في تلك اللحظة شعرت بالدهشة والسعادة في ان واحد..ربما لأن هذا هو اول الطريق لينساها هشام بعد ان ادرك الواقع وانها لن تكون له .. بل ستكون كشقيقته طوال عمره ..وقالت بابتسامة واسعة: اشكرك يا هشام.. واتمنى لك السعادة انت ايضا..
التفت هشام عنهاوان القى عليها نظرة اخيرة.. ثم اتجه الى طارق وقال مبتسما وهو يصافحه: مبارك يا طارق.. انت اليوم تختطف من بيننا مدللة العائلة..واعلم انك لوضايقتها فأنا من سيكون لك بالمرصاد..
قال طارق مبتسما: ستكون في عيني وقلبي دائما..
- اتمنى هذا..
ومن ثم اردف وهو يلتفت الى وعد: كنت افكر ان امتدحك اليوم لانه حفل خطوبتك.. ولكن بصراحة خشيت من ان تحدث مشاجرة بيني وبين طارق..
ضحكت وعد وقالت: لا اظنك تمتدح احدا في حياتك..
قال مبتسما وهو يهم بالابتعاد عنهم: اليوم سأفعل يا ايتها العروس الجميلة..
قالها والتفت عنهم مبتعدا عن المسرح.. فقالت وعد وهي تلتفت الى طارق: الا ترى معي انه شاب رائع وقلما نرى في هذا العالم شباب مثله؟..
التفت لها طارق وعقد حاجبيه ليقول: من أي ناحية تعنين؟..
قالت وعد وكأنها لم تستمع الى عبارته: لقد ضحى بالكثير من اجلي.. ضحى بحلم حياته من اجل ان يراني سعيدة..انه شاب رائع بالفعل..
قال طارق بهدوء: ستجعليني اغار من هشام هذا..
قالت وعد مبتسمة: انه شقيق لا اكثر.. صدقني لو لم يكن كذلك لما رفضت الزواج به..
همس لها قائلا: وقبلت الزواج بي.. لانك تحبيني .. اليس كذلك؟..
قالت وعد بلهجة مرتبكة: اسأل قلبك..
- ليته يجيب..
ابتسمت وعد بخجل وقالت: انظر الى عيناي اذا..
قال طارق وهو يهز رأسه: لا استطيع تفسير ما اراه بهما..
قالت وعد وهي تلتفت عنه: اذا انت تريدني ان اقولها.. ولكن لن افعل..
- يالك من عنيدة..
ابتسمت وعد بمرح وقالت: هذه هي انا..
قال طارق وهو يلتقط كفها في راحته: ولهذا بات قلبي لا يعشق سواك..
قالت وعد وهي تبتسم بسعادة: لو نظرت الى عيناي لعرفت الى أي مدى يحمل لك قلبي من حب..
قال طارق بابتسامة جذابة: قوليها يا وعد..
اطرقت برأسها ومن ثم قالت بخجل وارتباك: احبك يا حلم حياتي..

ومن بعيد التقط هشام هاتفه الذي اخذ يرن باصرار وما ان رأى الرقم الذي يضيء على شاشته حتى اجابه قائلا بابتسامة: اهلا غادة.. كيف حالك؟..
قالت غادة بحدة ومن دون مقدمات: انا اتصل بك منذ ساعة.. لم لا تجيب؟ ..
قال وهو يهز كتفيه: لم استمع اليه فأنا في حفل الان..
قالت متسائلة بفضول: أي حفل هذا؟..
- حفل خطوبة..
- خطوبة من؟..
اجابها بسخرية: خطوبتي..
جاوبه صمت تام ادرك من خلاله ان غادة قد صدمت مما قاله.. فقال بابتسامة: لا تحزني هكذا.. انا امزح انها حفل خطوبة ابنة عمي..
انفرجت اسارير غادة وشعرت براحة كبيرة تغمر قلبها ولكنها قالت بلامبالاة مصطنعة: ولم احزن؟.. ما شأني انا بك؟..
قال بسخرية اكبر: احقا؟.. اذا لم يبدوا صوتك سعيدا الى هذه الدرجة؟..
قالت غادة بابتسامة: دعنا من هذا واخبرني.. ماذا فعلت بالرسم الذي طلبه منك خالي؟..
قال بهدوء: لقد اتممته تقريبا..
قالت غادة بضيق: انت وتلك الفتاة؟..
- وتقولين انك غير مهتمة.. اجل انا وتلك الفتاة.. ولا داعي لان تتضايقي منها..
قالت بحدة بالرغم منها: انا لست متضايقة ابدا..
قال بسخرية: رويدك.. لم اقل ما يغضب..
واردف بجدية: اسألك سؤالا يا غادة؟..
شعرت غادة بالدهشة من حديثه هذه هي المرة الاولى التي يوجه لها سؤالا جادا.. وقالت وهي تزدرد لعابها: بكل تأكيد ..

رفع عينيه الى وعد التي تقف الى جوار طارق وابتسامة سعيدة وحالمة تملأ وجهها ومن ثم قال وهو يتنهد: ماذا ستفعلين ان رأيت حلم حياتك يتلاشى امام عينيك؟..

قالت غادة باستغراب: ماذا تعني بالضبط؟..
- سأعطيك مثالا.. تخيلي انك حلمت يوما بشراء جهاز حاسوب جديد.. وجمعت المال لذلك طوال سنوات عدة.. وفوجئت بعد ذلك ان المال قد سرق..وان امنيتك قد انتهت وان تعبك قد ذهب ادراج الرياح..
قالت غادة بهدوء: ان كان هذا ما تعنيه.. فسأخبرك بما سأفعله .. صحيح انني سأحزن واشعر بخيبة الامل.. ولكن سأحاول ان ابدامن جديد .. الحياة ممتدة امامي طويلة.. وما خسرته استطيع تعويضه بحزم واصرار وقليل من الامل ..اليس كذلك؟..
شعر هشام بالدهشة من حديثها ومنطقها الذي اثار اعجابه.. والتفت عن وعد ليسير مبتعدا وقال بابتسامة: اظن ان معك حق في هذا .. لم استسلم؟ .. وانا استطيع تعويض حلم حياتي؟ ..

قالت غادة مستغربة: عن أي حلم تتحدث؟.. ماهو حلم حياتك يا هشام؟..
قال هشام بغموض: من يدري ربما يكون قريبا جدا مني وانا لا اشعر..
قالت غادة بحيرة: هشام.. هل لك ان توضح.. انا لا افهم حرفا مما تقول..
قال هشام بهدوء: ستفهمين يا غادة حينما يحين الوقت المناسب لذلك ..
قالت غادة باصرار: بل الان..
قال هشام وهو يضحك: لا تتصرفي كالاطفال..لن اخبرك بشيء الان..
- بل ستفعل..
- لن افعل وحتى لو ترجيتني..
-هشام...اخبرني ارجوك..
- لن افعل ..وهذه هي كلمتي الاخيرة..حينما يحين الوقت المناسب سأخبرك بكل شيء..

قالها وهو يخرج من الحفل.. وهو يودع حلم حياته الاول.. ويبدأ بداية جديدة .. مع من قد تكون تعويض القدر له.. وحلم حياته الحقيقي...
وكنت هذه هي البداية فقط.. البداية لحلم حياته الجديد..
 

اقتباس من الكاتبه




لا.. لن اقول انها النهاية.. بل هي مجرد بداية .. بداية لأحلام الكثيرين.. بداية لحلم طارق ووعد وامنياتهما في عالمهما الجديد ..بداية لحلم عماد وليلى واحلامهما التي نسجت حول منزلهما المشترك.. وبداية لحلم هشام الذي بدأ حياة جديدة.. وحاول ان يعثر على الحب الصادق.. الذي سيكون مع غادة..
ارجو ان تكون نهاية الحكاية قداعجبتكم و نالت رضاكم .. حاولت بشتى الطرق ان اجد فكرة جديدة تختلف عن الكثير من القصص التي قرأتها.. واتمنى ان اكون قد وفقت في ذلك.. "حلم حياتي" قد عكست احلام الكثيرين منا .. لا يهم ان كان حبا او مجرد حلم في الحصول على الشيء البسيط.. المهم ان نحارب من اجل الحصول عليه ولا نخضع بسهولة للهزيمة.. لو استطعنا ان نحصل عليه فهو ملكا لنا.. وان لم نستطع.. فعلينا بدء حياة جديدة وحلم جديد مع قليل من العزم والاصرار والامل..
انتهت "حلم حياتي".. ولنا لقاء مع قصة جديدة باذن الله في القريب العاجل.. واتمنى ان تكون جيدة..وفي النهاية اريد ان اعرف انتقاداتكم لحلم حياتي.. واقتراحاتكم لقصتي القادمة..
 
عودة
أعلى