عندما يحرم السعوديون اكل الفصفص

وصلني "برود كاست" معنون ب"مصنع فصفص في مكة" فظننت أنه ربما كان أحد الشباب قد أنشأ مصنعا للفصفص.. أعترف أن ذلك ليس معتادا في "البرودكاستات" التي نتبادلها نحن السعوديين، والتي تحمل غالبا الطرائف والنكات اللاذعة والسخرية من بعض سلوكياتنا المعتادة، وفي الحقيقة أننا لا نتمنى أن يكون ذلك الغالب، لأن نشر تجارب الناجحين والتأكيد على الإيجابية هو ما تتطلبه المرحلة الحالية من واقع السعوديين.
"البرود كاست" كان مؤذيا لي جدا، فهو يصور مجموعة من الأفريقيات أثناء إعداد الفصفص للبيع في منزل في أحد الأحياء العشوائية في مكة، ولن أخبركم كم كان ذلك بعيدا عن الصحة والنظافة، وأعتقد أن أي شخص سيشاهده سيحرم الاستمتاع بتناول الفصفص بعد ذلك.
في الحقيقة، أن الأيام الماضية كشفت عن العديد من بيع المأكولات منتهية الصلاحية ومعدومة الجودة والفاسدة لنا من قبل العمالة المتخلفة وغير المتخلفة، لن أشير بأصبع الاتهام نحو أي جهة، فستبقى ثلاث أصابع تشير لنا.
إننا لسنا قليلين مثلا ونحتاج لهذه العمالة لإدارة حياتنا، وبخاصة مطعمنا، كما أننا لسنا مشغولين بأدوار أهم، فلدينا الاف العاطلين عن العمل والعاطلات تقدموا لحافز يريدون وظيفة أو راتب عاطل، قد يقول أحدهم: إن هذا التكدس في العاطلين بسبب أننا لم نؤطر لاقتصاديات التعليم وأخرجنا أجيالا لا تملك المهارة للعمل، وهذا صحيح، ولكن ما هو أسوأ هو أننا لم نوجد في دواخلهم روح المبادرة، وعلمناهم الكسل والاعتماد على الاخرين، حتى إنك تظن أن أحدهم يود لو يأتيه رزقه إليه!
لكن ذلك ليس قدر الله في الكون، فالله عز وجل فطر حتى أضعف المخلوقات (العصافير) على البحث عن رزقها، ولم يقل لها بوصفها مخلوقات رقيقة "افتحي فمك، وسأوكل من يضع طعامك في فمك"، وبلادنا كما يقول عنها شيخ باكستاني عاش في المملكة 38 عاما كلها رزق، وذلك مصداقا لدعوة أبينا إبراهيم: {وارزق أهله من الثمرات }، ويمثل لذلك بقوله: إن الرجل لو وقف أمام الإشارة عدة ساعات وباع مياه الصحة لكسب في اليوم 300 ريال في المتوسط!
لكن للأسف، شبابنا لا يعون ذلك، أضف إلى ذلك أن أصحاب التجارب المميزة وبخاصة التجارية مغيبون في بلادنا، فصاحب مطعم الوجبات السريعة الذي يعد من أفضل مطاعم العالم صاحبه سعودي، فلم لا يطلب منه إلقاء محاضرات في الجامعات والمدارس عن تجربته لحث الشباب على العمل والبحث عن مصدر للرزق بدلا من التنديد بحافز وانتظار إعانته؟!
 
عودة
أعلى