أقاحي الروض

إن كنت عاذلتي فسيري
نحو العراق ولا تحوري

لا تسألي عن جل ما
لي وأنظري حسبي وخيري

وإذا الرياح تكمشت
بجوانب البيت الكبير

ألفيتني هش الندى
تشريح قدحي أو شجيري

وفوارس كأوار
حر النار أحلاس الذكور

شدوا دوابر بيضهم
في كل محكمة القتير

واستلأموا وتلببوا
إن التلبب للمغير

وعلى الجياد المسبغا
ت فوارس مثل الصقور

يخرجن من خلل الغبا
ر يجفن بالنعم الكثير

أقررت عيني من ألا
ئك والكواعب بالعبير

يرفلن في المسك الذك
ي وصائك كدم النحير

يعكفن مثل أساود
التنوم لم تعكف لزور

ولقد دخلت على الفتا
ة الخدر في اليوم المطير

الكاعب الحسناء تر
فل في الدمقس وفي الحرير

فدفعتها فتدافعت
مشي القطاة إلى الغدير

وعطفتها فتعطفت
كتعطف الظبي البهير

ولثمتها فتنفست
كتنفس الظبي البهير

ولثمتها فتنفست
كتنفس الصبح المنير

وضممتها فتأودت
كتأود الغصن النضير

ووهزتها فتأوهت
كتأوه القلب الضرير

فدنت وقالت يا من
خل ما بجسمك من حرور

ما شف جسمي غير ح
بك فاهدئي عني وسيري

وأحبها وتحبني
ويحب ناقتها بعيري

يا رب يوم للمن
خل قد لها فيه قصير

فإذا أنتشيت فإنني
رب الخورنق والسدير

وإذا صحوت فإنني
رب الشويهة والبعير

ولقد شربت من المدا
مة بالقليل وبالكثير

المنخل بن عامر بن ربيعة بن عمرو اليشكري وما خط بالأحمر من إنشائي وتأليفي .
 
ولي كبد مقروحة من يبيعني
بها كبدا ليست بذات قروح

أقلبها في الناس لا يشترونها
ومن يشتري ذا علة بصحيح

ابن معصوم المدني وقيل الحسين بن مطير وقيل غيره .
 
أبو الحسن الأنباري يرثي الوزير ابن بقية :

علو في الحياة وفي الممات
لحق أنت إحدى المعجزات

كأن الناس حولك حين قاموا
وفود نداك أيام الصلات

مددت يديك نحوهم احتفاء
كمدهما إليهم بالهبات

ولما ضاق بطن الأرض عن أن
يضم علاك من بعد الوفاة

أصاروا الجو قبرك واستعاضوا
عن الأكفان ثوب السافيات

لعظمك في النفوس تبيت ترعى
بحراس وحفاظ ثقات

وتوقد حولك النيرات ليلا
كذلك كنت أيام الحياة

ركبت معسة من قبل زيد
علاها في السنين الماضيات

وتلك قضية فيها تأس
تباعد عنك تعيير العداة

ولم أر قبل جذعك قط جذعا
تمكن من عناق المكرمات

أسأت إلي النوائب فاستثارت
فأنت قتيل ثأر النائبات

وصير دهرك الإحسان فيه
إلينا من عظيم السيئات

وكنت لمعشر سعدا فلما
مضيت تفرقوا بالمنحسات

غليل باطن لك في فؤادي
يخفف بالدموع الجاريات

ولو أني قدرت على قيام
بفرضك والحقوق الواجبات

ملأت الأرض من نظم القوافي
وبحت بها خلاف النائحات

ولكني أصبر نفسي
مخافة أن أعد من الجناة

ومالك تربة فأقول تسقى
لأنك نصب هطل الهاطلات

عليك تحية الرحمن تترى
برحمات غواد رائحات
 
المؤنسة لمجنون ليلى :

تذكرت ليلى والسنين الخواليا
وأيام لا نخشى على اللهو ناهيا

ويوم كظل الرمح قصرت ظله
بليلى فلهاني وما كنت لاهيا

بثمدين لاحت نار ليلى وصحبتي
بذات الغضا تزجي المطي النواجيا

فقال بصير القوم ألمحت كوكبا
بدا في سواد الليل فردا يمانيا

فقلت له بل نار ليلى توقدت
بعليا تسامى ضوءها فبدا ليا

فليت ركاب القوم لم تقطع الغضا
وليت الغضا ماشى الركاب لياليا

فيا ليل كم من حاجة لي مهمة
إذا جئتكم بالليل لم أدر ماهيا

خليلي إن تبكياني ألتمس
خليلا إذا أنزفت دمعي بكى ليا

فما أشرف الأيفاع إلا صبابة
ولا أنشد الأشعار إلا تداويا

وقد يجمع الله الشتيتين بعدما
يظنان كل الظن أن لا تلاقيا

لحى الله أقواما يقولون إننا
وجدنا طوال الدهر للحب شافيا

وعهدي بليلى وهي ذات مؤصد
ترد علينا بالعشي المواشيا

فشب بنو ليلى وشب بنو ابنها
وأعلاق ليلى في فؤادي كما هيا

إذا ما جلسنا مجلسا نستلذه
تواشوا بنا حتى أمل مكانيا

سقى الله جارات لليلى تباعدت
بهن النوى حيث احتللن المطاليا

ولم ينسني ليلى افتقار ولا غنى
ولا توبة حتى احتضنت السواريا

ولا نسوة صبغن كبداء جلعدا
لتشبه ليلى ثم عرضنها ليا

خليلي لا والله لا أملك الذي
قضى الله في ليلى ولا ما قضى ليا

قضاها لغيري وابتلاني بحبها
فهلا بشيء غير ليلى ابتلانيا

وخبرتماني أن تيماء منزل
لليلى إذا ما الصيف ألقى المراسيا

فهذي شهور الصيف عنا قد انقضت
فما للنوى ترمي بليلى المراميا

فلو أن واش باليمامة داره
وداري بأعلى حضرموت اهتدى ليا

وماذا لهم لا أحسن الله حالهم
من الحظ في تصريم ليلى حباليا

وقد كنت أعلو حب ليلى فلم يزل
بي النقض والإبرام حتى علانيا

فيا رب سوي الحب بيني وبينها
يكون كفافا لا علي ولا ليا

فما طلع النجم الذي يهتدى به
ولا الصبح إلا هيجا ذكرها ليا

ولا سميت عندي لها من سمية
من الناس إلا بل دمعي ردائيا

ولا هبت الريح الجنوب لأرضها
من الليل إلا بت للريح حانيا

فإن تمنعوا ليلى وتحموا بلادها
علي فلن تحموا علي القوافيا

فأشهد عند الله أني أحبها
فهذا لها عندي فما عندها ليا

قضى الله بالمعروف منها لغيرنا
وبالشوق مني والغرام قضى ليا

وإن الذي أملت يا أم مالك
أشاب فويدي واستهام فؤاديا

أعد الليالي ليلة بعد ليلة
وقد عشت دهرا لا أعد اللياليا

وأخرج من بين البيوت لعلني
أحدث عنك النفس بالليل خاليا

أراني إذا صليت يممت نحوها
بوجهي وإن كان المصلى ورائيا

وما بي إشراك ولكن حبها
وعظم الجوى أعيا الطبيب المداويا

أحب من الأسماء ما وافق اسمها
أو أشبهه أو كان منه مدانيا

خليلي ليلى أكبر الحاج والمنى
فمن لي بليلى أو فمن ذا لها بيا

لعمري لقد أبكيتني يا حمامة ال
عقيق وأبكيت العيون البواكيا

خليلي ما أرجو من العيش بعدما

أرى حاجتي تشرى ولا تشترى ليا
وتجرم ليلى ثم تزعم أنني
سلوت ولا يخفى على الناس ما بيا

فلم أر مثلينا خليلي صبابة
أشد على رغم الأعادي تصافيا

خليلان لا نرجو اللقاء ولا نرى
خليلين إلا يرجوان تلاقيا

وإني لأستحييك أن تعرضي المنى
بوصلك أو أن تعرضي في المنى ليا

يقول أناس عل مجنون عامر
يروم سلوا قلت أنى لما بيا

بي اليأس أو داء الهيام أصابني
فإياك عني لا يكن بك ما بيا

إذا ما استطال الدهر يا أم مالك
فشأن المنايا القاضيات وشانيا

إذا اكتحلت عيني بعينك لم تزل
بخير وجلت غمرة عن فؤاديا

فأنت التي إن شئت أشقيت عيشتي
وأنت التي إن شئت أنعمت باليا

وأنت التي ما من صديق ولا عدى
يرى نضو ما أبقيت إلا رثى ليا

أمضروبة ليلى على أن أزورها
ومتخذ ذنبا لها أن ترانيا

إذا سرت في الأرض الفضاء رأيتني
أصانع رحلي أن يميل حياليا

يمينا إذا كانت يمينا وإن تكن
شمالا ينازعني الهوى عن شماليا

وإني لأستغشي وما بي نعسة
لعل خيالا منك يلقى خياليا

هي السحر إلا أن للسحر رقية
وأني لا ألفي لها الدهر راقيا

إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا
كفى لمطايانا بذكراك هاديا

ذكت نار شوقي في فؤادي فأصبحت
لها وهج مستضرم في فؤاديا

ألا أيها الركب اليمانون عرجوا
علينا فقد أمسى هوانا يمانيا

أسائلكم هل سال نعمان بعدنا
وحب إلينا بطن نعمان واديا

ألا يا حمامي بطن نعمان هجتما
علي الهوى لما تغنيتما ليا

وأبكيتماني وسط صحبي ولم أكن
أبالي دموع العين لو كنت خاليا

ويا أيها القمريتان تجاوبا
بلحنيكما ثم اسجعا عللانيا

فإن أنتما استطربتما أو أردتما
لحاقا بأطلال الغضى فاتبعانيا

ألا ليت شعري ما لليلى وماليا
وما للصبا من بعد شيب علانيا

ألا أيها الواشي بليلى ألا ترى
إلى من تشيها أو بمن جئت واشيا

لئن ظعن الأحباب يا أم مالك
فما ظعن الحب الذي في فؤاديا

فيا رب إذ صيرت ليلى هي المنى
فزني بعينيها كما زنتها ليا

وإلا فبغضها إلي وأهلها
فإني بليلى قد لقيت الدواهيا

على مثل ليلى يقتل المرء نفسه
وإن كنت من ليلى على اليأس طاويا

خليلي إن ضنوا بليلى فقربا
لي النعش والأكفان واستغفرا ليا

وإن مت من داء الصبابة فأبلغا
شبيهة ضوء الشمس مني سلاميا
 
مالي وقفت على القبور مسلما
قبر الحبيب فلم يرد جوابي

أحبيب مالك لا ترد جوابنا
أنسيت بعدي خلة الأحباب

قال الحبيب وكيف لي بجوابكم
وأنا رهين جنادل وتراب

أكل التراب محاسني فنسيتكم
وحجبت عن أهلي وعن أترابي

فعليكم مني السلام تقطعت
مني ومنكم خلة الأحباب

علي بن أبي طالب كرم الله وجهه .
 
كأن لم يكن بين الحجون إلى الصفا
أنيس ولم يسمر بمكة سامر

ولم يتربع واسطا فجنوبه
إلى المنحنى من ذي الأراكة حاضر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا
صروف الليالي والجدود العواثر

وأبدلنا ربي بها دار غربة
بها الذئب يعوي والعدو المخامر

أقول إذا نام الخلي ولم أنم
أذا العرش لا يبعد سهيل وعامر

قد أبدلت منهم أوجها لا أريدها
وحمير قد بدلتها واليحابر

فإن تمل الدنيا علينا بكلها
ويصبح شر بيننا وتشاجر

فنحن ولاة البيت من بعد نابت
نمشى به والخير إذ ذاك ظاهر

وأنكح جدي خير شخص علمته
فأبناؤه منا ونحن الأصاهر

وأخرجنا منها المليك بقدرة
كذلك يا للناس تجري المقادر

فصرنا أحاديثا وكنا بغبطة
كذلك عضتنا السنون الغوابر

وسحت دموع العين تبكي لبلدة
بها حرم أمن وفيها المشاعر

ويا ليت شعري من بأجياد بعدنا
أقام بمفضى سيله والظواهر

فبطن منى أمسى كأن لم يكن به
مضاض ومن حيي عدي عمائر

فهل فرج ات بشيء نحبه
وهل جزع منجيك مما تحاذر


عمرو بن الحارث بن مضاض الجرهمي
 
إنا محيوك فاسلم أيها الطلل
وإن بليت وإن طالت بك الطول

أنى اهتديت لتسليم على دمن
بالغمر غيرهن الأعصر الأول

صافت تمعج أعناق السيول بها
من باكر سبط أو رائح يئل

فهن كالحلل الموشي ظاهرها
أو الكتاب الذي قد مسه بلل

كانت منازل منا قد نحل بها
حتى تغير دهر خائن خبل

ليس الجديد به تبقى بشاشته
إلا قليلا ولا ذو خلة يصل

والعيش لا عيش إلا ما تقر به
عين ولا حالة إلا ستنتقل

والناس من يلق خيرا قائلون له
ما يشتهي ولأم المخطىء الهبل

قد يدرك المتأني بعض حاجته
وقد يكون المستعجل الزلل

أضحت علية يهتاج الفؤاد لها
وللرواسم فيما دونها عمل

بكل مخترق يجري السراب به
يمسي وراكبه من خوفه وجل

ينضي الهجان التي كانت تكون به
عرضنة وهباب حين ترتحل

حتى ترى الحرة الوجناء لاغبة
والأرحبي الذي في خطوه خطل

خوصا تدير عيونا ماؤها سرب
على الخدود إذا ما اغرورق المقل

لواغب الطرف منقوبا محاجرها
كأنها قلب عادية مكل

ترمي الفجاج بها الركبان معترضا
أعناق بزلها مرخى لها الجدل

يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة
ولا الصدور على الأعجاز تتكل

فهن معترضات والحصى رمض
والريح ساكنة والظل معتدل

يتبعن سامية العينين تحسبها
مجنونة أو ترى ما لا ترى الإبل

لما وردن نبيا واستتب بنا
مسحنفر كخطوط السيح منسحل

على مكان غشاش لا ينيخ به
إلا مغيرنا والمستقي العجل

ثم استمر بها الحادي وجنبها
بطن التي نبتها الحوذان والنفل

حتى وردن ركيات الغوير وقد
كاد الملاء من الكتان يشتعل

وقد تعرجت لما أركت أركا
ذات الشمال وعن أيماننا الرجل

على مناد دعانا دعوة كشفت
عنا النعاس وفي أعناقنا ميل

سمعتها ورعان الطود معرضة
من دوننا وكثيب الغينة السهل

فقلت للركب لما أن علا بهم
من عن يمين الحبيا نظرة قبل

ألمحة من سنا برق رأى بصري
أم وجه عالية اختالت به الكلل

تهدي لنا كل ما كانت علاوتنا
ريح الخزامي جرى فيها الندى الخضل

وقد أبيت إذا ما شئت بات معي
على الفراش الضجيع الأغيد الرتل

وقد تباكرني الصهباء ترفعها
إلي لينة أطرافها ثمل

أقول للحرف لما أن شكت أصلا
مت السفار فأفنى نيها الرحل

إن ترجعي من أبي عثمان منجحة
فقد يهون على المستنجح العمل

أهل المدينة لا يحزنك شأنهم
إذا تخطأ عبد الواحد الأجل

أما قريش فلن تلقاهم أبدا
إلا وهم خير من يحفى وينتعل

قوم هم ثبتوا الإسلام وامتنعوا
قوم الرسول الذي ما بعده رسل

من صالحوه رأى في عيشه سعة
ولا يرى من أرادوا ضره يئل

كم نالني منهم فضل على عدم
إذ لا أكاد من الإقتار أحتمل

وكم من الدهر ما قد ثبتوا قدمي
إذ لا أزال مع الأعداء أنتضل

فلا هم صالحوا من يبتغي عنتي
ولا هم كدروا الخير الذي فعلوا

هم الملوك وأبناء الملوك لهم
والاخذون به والسادة الأول


القطامي
 
أقلي علي اللوم يا ابنة منذر
ونامي فإن لم تشتهي النوم فاسهري

ذريني ونفسي أم حسان إنني
بها قبل ألا أملك البيع مشتري

أحاديث تبقى والفتى غير خالد
إذا هو أمسى هامة تحت صير

تجاوب أحجار الكناس وتشتكي
إلى كل معروف تراه ومنكر

ذريني أطوف في البلاد لعلني
أخليك أو أغنيك عن سوء محضري

فإن فاز سهم للمنية لم أكن
جزوعا وهل من ذاك من متأخر

وإن فاز سهمي كفكم عن مقاعد
لكم خلف أدبار البيوت ومنظر

تقول لك الويلات هل أنت تارك
ضبوءا برجل تارة وبمنسر

ومستثبت في مالك العام إنني
أراك على أقتاد صرماء مذكر

فجوع بها للصالحين مزلة
مخوف رداها أن يصيبك فاحذر

أبى الخفض من يغشاك من ذي قرابة
ومن كل سوداء المعاصم تعتري

ومستهنئ زيد أبوه فلا أرى
له مدفعا فاقني حياءك واصبري

لحا الله صعلوكا إذا جن ليلة
مصافي المشاش الفا كل مجزر

يعد الغنى من دهره كل ليلة
أصاب قراها من صديق ميسر

قليل التماس المال إلا لنفسه
إذا هو أضحى كالعريش المجور

ينام عشاء ثم يصبح قاعدا
يحت الحصى عن جنبه المتعفر

يعين نساء الحي ما يستعنه
فيضحي طليحا كالبعير المحسر

ولله صعلوك صفيحة وجهه
كضوء شهاب القابس المتنور

مطلا على أعدائه يزجرونه
بساحتهم زجر المنيح المشهر

وإن بعدوا لا يأمنون اقترابه
تشوف أهل الغائب المنتظر

فذلك إن يلق المنية يلقها
حميدا وإن يستغن يوما فأجدر

أيهلك معتم وزيد ولم أقم
على ندب يوما ولي نفس مخطر

سيفزع بعد البأس من لايخافنا
كواسع في أخرى السوام المنفر

نطاعن عنها أول القوم بالقنا
وبيض خفاف وقعهن مشهر

ويوما على غارات نجد وأهلها
ويوما بأرض ذات شث وعرعر

يناقلن بالشمط الكرام إلى النهى
نقاب الحجاز في السريح المسير

يريح على الليل أضياف ماجد
كريم ومالي سارحا مال مقتر


عروة بن الورد
 
خليلي هذا ربع عزة فاعقلا
قلوصيكما ثم أبكيا حيث حلت

وما كنت أدري قبل عزة ما البكا
ولا موجعات القلب حتى تولت

وما أنصفت أما النساء فبغضت
إلينا وأما بالنوال فضنت

فقد حلفت جهدا بما نحرت له
قريش غداة المأزمين وصلت

أناديك ما حج الحجيج وكبرت
بفيفاء ال رفقة وأهلت

وكانت لقطع الحبل بيني وبينها
كناذرة نذرا وفت فأحلت

فقلت لها يا عز كل مصيبة
إذا وطنت يوما لها النفس ذلت

ولم يلق إنسان من الحب ميعة
تغم ولا عمياء إلا تجلت

فإن سأل الواشون فيم صرمتها
فقل نفس حر سليت فتسلت

كأني أنادي صخرة حين أعرضت
من الصم لو تمشي بها العصم زلت

صفوح فما تلقاك إلا بخيلة
فمن مل منها ذلك الوصل ملت

أباحت حمى لم يرعه الناس قبلها
وحلت تلاعا لم تكن قبل حلت

فليت قلوصي عند عزة قيدت
بحبل ضعيف عر منها فضلت

وغودر في الحي المقيمين رحلها
وكان لها باغ سواي فبلت

وكنت كذي الظلع لما تحاملت
على ضلعها بعد العثار استقلت

أريد الثواء عندها وأظنها
إذا ما أطلنا عندها المكث ملت

يكلفها الخنزير شتمي وما بها
هواني ولكن للمليك استذلت

هنيئا مريئا غير داء مخامر
لعزة من أعراضنا ما استحلت

والله ما قاربت إلا تباعدت
بصرم ولا أكثرت إلا أقلت

ولي زفرات لو يدمن قتلنني
توالي التي تأتي المنى قد تولت

فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا
وحقت لها العتبى لدينا وقلت

وإن تكن الأخرى فإن وراءنا
بلادا إذا كلفتها العيس كلت

خليلي إن الحاجبية طلحت
قلوصيكما وناقتي قد أكلت

فلا يبعدن وصل لعزة أصبحت
بعاقبة أسبابه قد تولت

أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة
لدينا ولا مقلية إن تقلت

ولكن أنيلي واذكري من مودة
لنا خلة كانت لديكم فضلت

وإني وإن صدت لمثن وصادق
عليها بما كانت لدينا أزلت

فما أنا بالداعي لعزة بالردى
ولا شامت إن نعل عزة زلت

فلا يحسب الواشون أن صابتي
بعزة كانت غمرة فتجلت

فأصبحت قد أبللت من دنف بها
كما أدنفت هيماء ثم استبلت

فوالله ثم الله لا حل بعدها
ولا قبلها من خلة حيث حلت

وما مر من يوم علي كيومها
وإن عظمت أيام أخرى وجلت

وحلت بأعلى شاهق من فؤاده
فلا القلب يسلاها ولا النفس ملت

فوا عجبا للقلب كيف اعترافه
وللنفس لما وطنت فاطمأنت

وإني وتهيامي بعزة بعدما
تخليت مما بيننا وتخلت

لكالمرتجي ظل الغمامة كلما
تبوأ منها للمقيل اضمحلت

كأني وإياها سحابة ممحل
رجاها فلما جاوزته استهلت


كثير عزة
 
خليلي ما بال الدجى لا تزحزح
وما بال ضوء الصبح لا يتوضح

أضل الصباح المستنير سبيله
أم الدهر ليل كله ليس يبرح

وطال علي الليل حتى كأنه
بليلين موصول فما يتزحزح

كأن الدجى زادت وما زادت الدجى
ولكن أطال الليل هم مبرح

لقد هاج دمعي نازح بنزوحه
ونومي إذا ما نوم الناس أنزح

وقال نساء الحي مالك صافحا
وما كنت عن أنس الأوانس تصفح

فقلت لسعدى شافع من مودتي
إذ رمت أخرى ظل في القلب يقدح

يخف بأحشائي إليها صبابة
وتطرق بالهجران عيني فتسفح

فيا طول هذا الليل لا أعرف الكرى
ولا الصبح فيه راحة فأروح

أناسية سعدى هوائي بعدما
لهونا بها عصرا نخف ونمزح

محبين معشوقين نغرق في الهوى
مرارا وطورا نستقل فنسبح

كأن هوانا في العقاب وفي الرضا
سرابيلنا تنشق عنا وتنضح

ليالي نقتاد الهوى ويقودنا
على رصدات العين والكلب ينبح

فقد ساغ للغيران من ذاك ريقه
ونام العدى حتى افترقنا وأنجحوا

بشار بن برد
 
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة
بجنب الغضا أزجي القلاص النواجيا


فليت الغضا لم يقطع الركب عرضه
وليت الغضا ماشى الركاب لياليا


لقد كان في أهل الغضا لو دنا الغضا
مزار ولكن الغضا ليس دانيا


ألم ترني بعت الضلالة بالهدى
وأصبحت في جيش ابن عفان غازيا


دعاني الهوى من أهل ودي وصحبتي
بذي الطبسين فالتفت ورائيا


أجبت الهوى لما دعاني بزفرة
تقنعت منها أن ألام ردائيا


لعمري لئن غالت خراسان هامتي
لقد كنت عن بابي خراسان نائيا


فلله دري يوم أترك طائعا
بني بأعلى الرقمتين وماليا


ودر الظباء السانحات عشية
يخبرن أني هالك من ورائيا


ودر كبيري اللذين كلاهما
علي شفيق، ناصح قد نهانيا


ودر الهوى من حيث يدعو صحابه
ودر لجاجاتي ودر انتهائيا


تذكرت من يبكي علي فلم أجد
سوى السيف والرمح الرديني باكيا


وأشقر خنذيذ يجر عنانه
إلى الماء لم يترك له الدهر ساقيا


ولكن بأطراف السمينة نسوة
عزيز عليهن العشية ما بيا


صريع على أيدي الرجال بقفرة
يسوون قبري حيث حم قضائيا


ولما تراءت عند مرو منيتي
وحل بها جسمي وحانت وفاتيا


أقول لأصحابي ارفعوني لأنني
يقر بعيني أن سهيل بدا ليا


فيا صاحبي رحلي دنا الموت فأنزلا
برابية إني مقيم لياليا


أقيما علي اليوم أو بعض ليلة
ولا تعجلاني قد تبين ما بيا


وقوما إذا ما استل روحي فهيئا
لي القبر والأكفان ثم ابكيا ليا


وخطا بأطراف الأسنة مضجعي
وردا على عيني فضل ردائيا


ولا تحسداني بارك الله فيكما
من الأرض ذات العرض أن توسعاليا


خذاني فجراني ببردي إليكما
فقد كنت قبل اليوم صعبا قياديا


فقد كنت عطافا إذا الخيل أدبرت
سريعا لدى الهيجا إلى من دعانيا


وقد كنت محمودا لدى الزاد والقرى
وعن شتم إبن العم والجار وانيا


وقد كنت صبارا على القرن في الوغى
ثقيلا على الأعداء عضبا لسانيا


وطورا تراني في ظلال ومجمع
وطورا تراني والعتاق ركابيا


وقوما على بئر الشبيك فأسمعا
بها الوحش والبيض الحسان الروانيا


بأنكما خلفتماني بقفرة
تهيل علي الريح فيها السوافيا


ولا تنسيا عهدي خليلي إنني
تقطع أوصالي وتبلى عظاميا


فلن يعدم الولدان بيتا يجنني
ولن يعدم الميراث مني المواليا


يقولون لا تبعد وهم يدفنونني
وأين مكان البعد إلا مكانيا


غداة غد يا لهف نفسي على غد
إذا أدلجوا عني وخلفت ثاويا


وأصبح مالي من طريف وتالد
لغيري وكان المال بالأمس ماليا


فيا ليت شعري هل تغيرت الرحى
رحى الحرب أو أضحت بفلج كماهيا


إذا القوم حلوها جميعا وأنزلوا
لها بقرا حم العيون سواجيا


وعين وقد كان الظلام يجنها
يسفن الخزامى نورها والأقاحيا


وهل ترك العيس المراقيل بالضحى
تعاليها تعلو المتون القياقيا


إذا عصب الركبان بين عنيزة
وبولان عاجوا المنقيات المهاريا


ويا ليت شعري هل بكت أم مالك
كما كنت لو عالوا نعيك باكيا


إذا مت فاعتادي القبور وسلمي
على الريم أسقيت الغمام الغواديا


تري جدثا قد جرت الريح فوقه
غبارا كلون القسطلاني هابيا


رهينة أحجار وترب تضمنت
قرارتها مني العظام البواليا


فيا راكبا إما عرضت فبلغن
بني مالك والريب أن لا تلاقيا


وبلغ أخي عمران بردي ومئزري
وبلغ عجوزي اليوم أن لا تدانيا


وسلم على شيخي مني كليهما
وبلغ كثيرا وابن عمي وخاليا


وعطل قلوصي في الركاب فإنها
ستبرد أكبادا وتبكي بواكيا


أقلب طرفي فوق رحلي فلا أرى
به من عيون المؤنسات مراعيا


وبالرمل مني نسوة لو شهدنني
بكين وفدين الطبيب المداويا


فمنهن أمي وابنتاها وخالتي
وباكية أخرى تهيج البواكيا


وما كان عهد الرمل مني وأهله
ذميما ولا بالرمل ودعت قاليا


مالك بن الريب
 
أرى سارق الأموال تقطع كفه
وينفى فليت الشعر يقطع سارقه

ولو قطع السراق للشعر لم تزل
يمين امرئ في بعض شعر تفارقه

وكم مرة أخبرت عن متنحل
تنحل شعرا سائرا أنا ناطقه

فأحرز أموالا بشعري وضيعة
وقد كان محتاجا تنوس شبارقه
 
تبيت بنا تهذي وأهذي بذكرها
كلانا يقاسي الليل وهو مسهد

وما رقدت إلا رأتني ضجيعها
كذاك أراها في الكرى حين أرقد

تقر بذنبي حين أغفو ونلتقي
وأسألها يقظان عنه فتجحد

كلانا سواء في الهوى غير أنها
تجلد أحيانا ومالي تجلد

أبو عيينة
 
عودة
أعلى