وفاته صلى الله عليه وسلم

إلى الرفيق الأعلي .. طلائع التوديع‏ ..
ولما تكاملت الدعوة وسيطر الإسلام على الموقف ، أخذت طلائع التوديع للحياة والأحياء تطلع من مشاعره صلى الله عليه وسلم، وتتضح بعباراته وأفعاله‏.‏
اعتكف في رمضان من السنة العاشرة عشرين يوماً ، بينما كان لا يعتكف إلا عشرة أيام فحسب ، وتدارسه جبريل القران مرتين، وقال في حجة الوداع‏:‏ ‏( ‏إني لا أدري لعلى لا ألقاكم بعد عامي هذا بهذا الموقف أبداً‏ )‏، وقال وهو عند جمرة العقبة‏:‏ ‏( ‏خذوا عني مناسككم ، فلعلي لا أحج بعد عامي هذا ‏)، وأنزلت عليه سورة النصر في أوسط أيام التشريق ، فعرف أنه الوداع وأنه نعيت إليه نفسه‏.‏
وفي أوائل صفر سنة 11 ه خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد، فصلي على الشهداء كالمودع للأحياء والأموات ، ثم انصرف إلى المنبر فقال‏:‏ (‏ إني بين أيديكم فرطٌ ، وأنا عليكم شهيد ، وإن موعدكم الحوض ، وإني لأنظر إليه وأنا في مقامي هذا ، وإني لست أخشى عليكم أن تشركوا بعدي ، ولكني أخاف عليكم الدنيا أن تنافسوها‏ )‏.‏
وخرج ليلة في منتصفها إلى البَقِيع، فاستغفر لهم ، وقال‏:‏ ‏(‏ السلام عليكم يا أهل المقابر، لِيَهْنَ لكم ما أصبحتم فيه بما أصبح الناس فيه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم، يتبع اخرها أولها ، والاخرة شر من الأولى ) ‏، وبشرهم قائلاً‏:‏ ‏( ‏إنا بكم للاحقون ‏)‏.‏

بداية المرض‏‏ :
وفي اليوم الثامن أو التاسع والعشرين من شهر صفر سنة11ه وكان يوم الاثنين شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة في البقيع، فلما رجع ، وهو في الطريق أخذه صداع في رأسه ، واتقدت الحرارة ، حتى إنهم كانوا يجدون سَوْرَتَها فوق العِصَابة التي تعصب بها رأسه‏ ، وقد صلي النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو مريض 11 يوماً ، وجميع أيام المرض كانت 31، أو 41 يوماً‏.‏

الأسبوع الأخير‏‏ :
وثقل برسول الله صلى الله عليه وسلم المرض ، فجعل يسأل أزواجه‏:‏ ‏(‏أين أنا غداً‏؟‏ أين أنا غداً‏؟‏‏)‏ ففهمن مراده، فأذن له يكون حيث شاء، فانتقل إلى بيت السيدة عائشة رضي الله عنها يمشي بين الفضل بن عباس وعلى بن أبي طالب، عاصباً رأسه، تخط قدماه حتى دخل بيتها، فقضي عندها اخر أسبوع من حياته‏ ، وكانت السيدة عائشة رضي الله عنها تقرأ بالمعوذات والأدعية التي حفظتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فكانت تنفث على نفسه ، وتمسحه بيده رجاء البركة‏ وتقول : " إنه يده أكرم من يدي " ..

قبل الوفاة بخمسة أيام‏‏ :
ويوم الأربعاء قبل خمسة أيام من الوفاة ، اتقدت حرارة العلة في بدنه، فاشتد به الوجع وغمي ، فقال‏:‏ (‏هريقوا علي سبع قِرَب من ابار شتي، حتى أخرج إلى الناس، فأعهد إليهم‏)‏، فأقعدوه في مِخَضَبٍ ، وصبوا عليه الماء حتى طفق يقول‏:‏ ‏(‏حسبكم، حسبكم‏).‏
وعند ذلك أحس بخفة، فدخل المسجد متعطفاً ملحفة على منكبيه، قد عصب رأسه بعصابة دسمة حتى جلس على المنبر، وكان اخر مجلس جلسه، فحمد الله وأثني عليه، ثم قال‏:‏ ‏(‏أيها الناس، إلي‏)‏، فثابوا إليه، فقال فيما قال‏:‏ ‏( ‏لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏ ) وفي رواية‏:‏ ‏(‏ قاتل الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد‏) وقال‏:‏ ‏(‏لا تتخذوا قبري وثناً يعبد‏)‏ ..
وعرض نفسه للقصاص قائلاً‏ :‏ ‏(‏ من كنت جلدت له ظَهْرًا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عِرْضاً فهذا عرضي فليستقد منه‏ )‏ ، ثم نزل فصلى الظهر ثم رجع فجلس على المنبر ثم أوصي بالأنصار قائلاً‏ : ‏( ‏أوصيكم بالأنصار، فإنهم كِرْشِي وعَيْبَتِي، وقد قضوا الذي عليهم وبقي الذي لهم، فاقبلوا من مُحْسِنهم، وتجاوزوا عن مسيئهم ‏)‏، وفي رواية أنه قال‏:‏ ‏(‏ إن الناس يكثرون، وتَقِلُّ الأنصار حتى يكونوا كالملح في الطعام، فمن ولي منكم أمراً يضر فيه أحداً أو ينفعه فليقبل من محسنهم، ويتجاوز عن مسيئهم‏)‏‏.‏
ثم قال‏:‏ ‏(‏ إن عبداً خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا ما شاء وبين ما عنده فاختار ما عنده‏)‏‏.‏ قال أبو سعيد الخدري‏:‏ فبكي أبو بكر‏ ، قال‏:‏ فديناك بابائنا وأمهاتنا فعجبنا له، فقال الناس‏:‏ انظروا إلى هذا الشيخ يخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد خيره الله بين أن يؤتيه من زهرة الدنيا وبين ما عنده وهو يقول‏:‏ فديناك بابائنا وأمهاتنا‏.‏ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المخير كان أبو بكر أعلمنا‏ ..
ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم‏:‏ (‏ إن من أمنّ الناس على في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذاً خليلاً غير ربي لا تخذت أبا بكر خليلاً ، ولكن أخوة الإسلام ومودته ، لا يبقين في المسجد باب إلا سد، إلا باب أبي بكر‏)‏‏ ..

قبل أربعة أيام‏ :
والنبي صلى الله عليه وسلم مع ما كان به من شدة المرض كان يصلي بالناس جميع صلواته حتى ذلك اليوم يوم الخميس قبل الوفاة بأربعة أيام وقد صلي بالناس ذلك اليوم صلاة المغرب فقرأ فيها ( بالمرسلات عرفاً‏ ) ، وعند العشاء زاد ثقل المرض بحيث لم يستطع الخروج إلى المسجد‏‏ ، قالت السيدة عائشة‏ رضي الله عنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم‏:‏ (أصَلَّى الناس‏؟‏‏) قلنا‏:‏ لا يا رسول الله، وهم ينتظرونك‏.‏ قال‏:‏ ‏(‏ ضعوا لي ماء في المِخْضَب ‏)‏ ففعلنا فاغتسل فذهب لينوء فأغمي عليه‏ ثم أفاق فقال‏:‏ ‏(‏أصلى الناس‏؟‏‏)‏ ووقع ثانياً وثالثاً ما وقع في المرة الأولي من الاغتسال ثم الإغماء حينما أراد أن ينوء فأرسل إلى أبي بكر أن يصلي بالناس ، فصلي أبو بكر تلك الأيام 17 صلاة في حياته صلى الله عليه وسلم، وهي صلاة العشاء من يوم الخميس، وصلاة الفجر من يوم الإثنين، وخمس عشرة صلاة فيما بينها‏.‏

قبل ثلاثة أيام‏ :
قال جابر‏ رضي الله عنه :‏ سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل موته بثلاث وهو يقول‏:‏ ‏(‏ألا لا يموت أحد منكم إلا وهو يحسن الظن بالله‏ )‏‏.‏.

قبل يوم أو يومين‏‏ :
ويوم السبت أو الأحد وجد النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه خفة فخرج بين رجلين لصلاة الظهر وأبو بكر يصلي بالناس فلما راه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه بألا يتأخر، قال‏:‏ ‏(‏أجلساني إلى جنبه‏)‏، فأجلساه إلى يسار أبي بكر فكان أبو بكر يقتدي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع الناس التكبير‏ ..

قبل يوم‏ :
وقبل يوم من الوفاة يوم الأحد أعتق النبي صلى الله عليه وسلم غلمانه ، وتصدق بستة أو سبعة دنانير كانت عنده ، ووهب للمسلمين أسلحته، وفي الليل أرسلت السيدة عائشة رضي الله عنها بمصباحها امرأة من النساء وقالت‏:‏ أقطري لنا في مصباحنا من عُكَّتِك السمن ..

اخر يوم من حياته‏ في الدنيا :
روي سيدنا أنس بن مالك‏ رضي الله عنه :‏ أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم كشف ستر حجرة عائشة فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة ثم تبسم يضحك فنكص أبو بكر على عقبيه ؛ ليصل الصف وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة‏ فقال أنس‏:‏ وهَمَّ المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم، فَرَحًا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إليهم بيده رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتموا صلاتكم ثم دخل الحجرة وأرخي الستر‏ .‏.

ثم لم يأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلاة أخرى‏.‏
سر فاطمة الزهراء :
ولما ارتفع الضحى دعا النبي صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة عليها السلام فسَارَّها بشيء فبكت ثم دعاها فسارها بشيء فضحكت قالت السيدة عائشة‏ رضي الله عنها :‏ فسألنا عن ذلك أي فيما بعد فقالت‏:‏ سارني النبي صلى الله عليه وسلم أنه يقبض في وجعه الذي توفي فيه فبكيت ثم سارني فأخبرني أني أول أهله يتبعه فضحكت‏ ، وبشر النبي صلى الله عليه وسلم السيدة فاطمة عليها السلام بأنها سيدة نساء العالمين‏ ، ورأت السيدة فاطمة عليها السلام ما برسول الله صلى الله عليه وسلم من الكرب الشديد الذي يتغشاه‏ ، فقالت‏:‏ واكرب أباه‏.‏ فقال لها‏:‏ ‏( ‏ليس على أبيك كرب بعد اليوم ‏)‏‏ ، ودعا الحسن والحسين فقبلهما، وأوصي بهما خيراً، ودعا أزواجه فوعظهن وذكرهن‏ .‏.

من أسباب موته :
وطفق الوجع يشتد ويزيد ، وقد ظهر أثر السم الذي أكله بخيبر حتى كان يقول‏ :‏ ‏(‏ يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أوان وجدت انقطاع أبْهَرِي من ذلك السم‏ )‏‏.‏


وبعد ذالك نأمن لليهود و نتعاهد معهم ! ويقول بعض العلماء ان الرسول مات متاثراً بهذا السم وهذا دليل على أنه نال الشهادة في سبيل الله ..
اخر وصايا للحبيب صلى الله عليه وسلم :
روى أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه، قال المنذري: وهذا حديث حسن صحيح عن العرباض بن بن سارية رضي الله عنه قال: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة وجلت منها القلوب وذرفت منها العيون، فقلنا يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، فقال: " أوصيكم بتقوى الله والعمل والسمع والطاعة، وإن تأمر عليكم عبد حبشي مجدع الأطراف؛ فإن من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في في النار " ..
وقد طرح خَمِيصَة له على وجهه ، فإذا اغتم بها كشفها عن وجهه، فقال وهو كذلك وكان هذا اخر ما تكلم وأوصي به الناس‏:‏ ‏(‏ لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد لا يبقين دينان بأرض العرب ‏)‏‏..
عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان من اخر وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصّلاةُ الصّلاةُ وما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ» حتى جعل نبيّ صلى الله عليه وسلم يلجلجها في صدره وما يَفِيضُ بها لسانه رواه الإمام أحمد .
وروى الطبراني مرفوعا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الله الله فيما ملكت أيمانكم، أشبعوا بطونهم، واكسوا ظهورهم، وألينوا لهم القول) وما ملكت أيمانكم أي النساء فقد قرن النساء بالصلاة ولما يعلم من أهمية وفضل الصلاة ليزيد من رقة وحب المسلمين لنسائهم ويخبرهم أنها أمانة في أيديهم يسألون عنها وعن تربيتها وكانت اخر وصية من وصاياه وكررها كثيراً ..

الاحتضار‏ :
وبدأ الاحتضار فأسندته السيدة عائشة‏ رضي الله عنها إليها، وكانت تقول‏:‏ " إن من نعم الله عليّ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي في بيتي وفي يومي وبين سَحْرِي ونَحْرِي، وأن الله جمع بين ريقي وريقه عند موته‏.‏ دخل عبد الرحمن بن أبي بكر وبيده السواك، وأنا مسندة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيته ينظر إليه، وعرفت أنه يحب السواك، فقلت‏:‏ اخذه لك‏؟‏ فأشار برأسه أن نعم‏.‏ فتناولته فاشتد عليه، وقلت‏:‏ ألينه لك‏؟‏ فأشار برأسه أن نعم‏.‏ فلينته، فأمره وفي رواية أنه استن به كأحسن ما كان مستنا وبين يديه رَكْوَة فيها ماء، فجعل يدخل يديه في الماء فيمسح به وجهه، يقول‏:‏ ‏( لا إله إلا الله، إن للموت سكرات‏ )‏ ‏..

اللهم خفف علينا سكرات الموت اللهم اجعل قبورنا روضة من رياض الجنة ولا تجعله حفرة من حفر النار .
وما عدا أن فرغ من السواك حتى رفع يده أو أصبعه ، وشخص بصره نحو السقف، وتحركت شفتاه ، فأصغت إليه عائشة وهو يقول‏:‏ ‏( مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، اللهم اغفر لي وارحمني ، وألحقني بالرفيق الأعلي‏ ، بل الرفيق الأعلى ‏)‏‏ ..

كرر الكلمة الأخيرة ثلاثاً، ومالت يده ولحق بالرفيق الأعلى‏ ..
اللهم انا نشهدك ان سيدنا وحبيبنا وشفيعنا محمد صلى الله عليه وسلم قد بلغ الرسالة وأدى الأمانة و نصح الأمة و كشف الغمة و تركنا على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ..
وكان ذلك حين اشتد الضحى يوم الاثنين 12 ربيع الأول سنة 11ه، وقد تم له صلى الله عليه وسلم ثلاث وستون سنة وزادت أربعة أيام‏ ..

تفاقم الأحزان على الصحابة‏‏ :
وتسرب النبأ الفادح ، وأظلمت على أهل المدينة أرجاؤها وافاقها‏.‏ قال أنس‏:‏ ما رأيت يوماً قط كان أحسن ولا أضوأ من يوم دخل علينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما رأيت يوما كان أقبح ولا أظلم من يوم مات فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم‏ ، ولما مات قالت السيدة فاطمة‏ رضي الله عنها :‏

يا أبتاه أجاب ربا دعاه‏ ..
يا أبتاه مَنْ جنة الفردوس مأواه‏ ..يا أبتاه إلى جبريل ننعاه‏ ..
موقف أبي بكر‏‏ :
وأقبل سيدنا أبو بكر رضي الله عنه على فرس من مسكنه بالسُّنْح حتى نزل فدخل المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على السيدة عائشة رضي الله عنها فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مغشي بثوب حِبَرَة، فكشف عن وجهه ثم أكب عليه فقبله وبكي ثم قال‏:‏ " بأبي أنت وأمي لا يجمع الله عليك موتتين أما الموته التي كتبت عليك فقد مِتَّهَا‏ ، طبت حياً وميتاً يا رسول الله " ثم خرج سيدنا أبو بكر رضي الله عنه فتشهد فأقبل الناس إليه ، فقال ‏:‏
أما بعد، من كان منكم يعبد محمداً صلى الله عليه وسلم فإن محمداً قد مات، ومن كان منكم يعبد الله فإن الله حي لا يموت، قال الله‏:‏ ‏{‏ وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللّهُ الشَّاكِرِينَ‏ }‏ ‏[‏ال عمران‏:‏144‏]‏‏.‏
قال ابن عباس‏:‏ " والله لكأن الناس لم يعلموا أن الله أنزل هذه الاية حتى تلاها أبو بكر، فتلقاها منه الناس كلهم، فما أسمع بشراً من الناس إلا يتلوها‏ " ..
قال ابن المسيب‏:‏ قال عمر‏:‏ والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها فعرفت أنه الحق فعقرت حتى ما تُقُلِّني رجلاي وحتى أهويت إلى الأرض حين سمعته تلاها علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد مات‏.‏
وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : " غسلت النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت أنظر ما يكون من الميت فلم أجد شيئاً ، فقلت : طبت حياً وميتاً " ، قال : " وسطعت منه ريح طيبة لم نجد مثلها قط " ..

التجهيز وتوديع الجسد الشريف إلى الأرض‏‏ :
وجلس المسلمون فى سَقِيفة بني ساعدة و اخذوا يتشاورون فيمن خليفة على المسلمين ، وأخيرًا اتفقوا على خلافة أبي بكر رضي الله عنه ، وبقي جسده المبارك على فراشه مغشي بثوب حِبَرَة قد أغلق دونه الباب أهله‏.‏
ويوم الثلاثاء غسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غير أن يجردوه من ثيابه ، وكان القائمون بالغسل‏:‏ العباس وعليّا، والفضل وقُثَم ابني العباس، وشُقْرَان مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسامة بن زيد، وأوس بن خَوْلي، فكان العباس والفضل وقثم يقلبونه، وأسامة وشقران يصبان الماء، وعلى يغسله، وأوس أسنده إلى صدره‏ رضي الله عنهم جميعاً ، وقد غسل ثلاث غسلات بماء وسِدْر، وغسل من بئر يقال لها‏:‏ الغَرْس لسعد بن خَيْثَمَة بقُبَاء وكان يشرب منها‏ ، ثم كفنوه في ثلاثة أثواب يمانية بيض سَحُولِيَّة من كُرْسُف، ليس فيها قميص ولا عمامة‏‏ أدرجوه فيها إدراجًا‏ واختلفوا في موضع دفنه، فقال سيدنا أبو بكر رضي الله عنه :‏ إني سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول‏:‏ ‏( ‏ما قبض نبي إلا دفن حيث يقبض‏) ، فرفع أبو طلحة فراشه الذي توفي عليه، فحفر تحته ، وجعل القبر لحداً‏.‏
ودخل الناس الحجرة أرسالاً عشرة فعشرة يصلون على رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أفذاذاً لا يؤمهم أحد وصلي عليه أولاً أهل عشيرته ثم المهاجرون ثم الأنصار ثم الصبيان ثم النساء أو النساء ثم الصبيان‏ ، ومضى في ذلك يوم الثلاثاء كاملاً ومعظم ليلة الأربعاء قالت السيدة عائشة رضي الله عنها ‏:‏ ما علمنا بدفن رسول اللّه صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المسَاحِي من جوف الليل وفي رواية‏:‏ من اخر الليل ليلة الأربعاء‏ ..
 
يعطيك العافية عالبال

وجزاك الله خير صلى الله عليه وسلم رسولنا وحبيبنا محمد


بارك الله فيك تحياتي
 
عودة
أعلى