الاعشاب الطبية

الأعشاب الطبية بين الواقع والحقائق العلمية

تحقيق سعيد بن علي الغافري ومحمود زمزم: انتشرت في الاونة الاخيرة بمناطق وولايات السلطنة محلات بيع الاعشاب الطبية والادوية المستخلصة منها واصبحنا نرى ونسمع عن (حكيم الاعشاب) الذي يقوم بتشخيص حالات المرضى من مرتاديه وصرف دواء الاعشاب لهم، هذا بالرغم من توفر الخدمات الطبية والصحية في البلاد بشكل متطور ومتقدم والسؤال هو، ما معنى ثقة البعض بطب الاعشاب برغم توافر العلاج الحديث وما مغزى ذلك في نفوس بعض المواطنين؟ وهل هناك الدراية الكافية لحكيم الاعشاب بايجابيات وسلبيات الاعشاب التي يصرفها للمرضى؟ ام ان المسألة تجارية بحتة؟ عن هذه التساؤلات وغيرها قامت (الوطن) بهذا التحقيق..

في البداية يقول المواطن علي بن راشد الغافري: ان التداوي بالاعشاب معروف لدينا منذ قديم الزمان ووجدنا الاباء يتداوون به مع الطب الشعبي الكي بالنار، وكنا نستعمله في الشفاء من بعض الامراض كالصفار وريح البطن والكبد والمعلاق فنأخذ ورق الليمون ونغليه في الماء وكذا الحرمل فله وضعيته الخاصة معنا والكثير من الناس في القدم وحتى اليوم يتداوون به ولكن لا ننسى هنا الدور الذي يلعبه الطب الحديث من تطور في الاجهزة والعقارات الطبية وانا افضل الاثنين ولا اظن بأن هناك تعارض بينهما اذا وجد الكادر المتخصص في الادوية العشبية.

لا تعارض!

راشد بن سالم المنذري يقول: ان التداوي بالاعشاب الطبية له بعد واسع النطاق في معظم قطاعات المواطنين منذ زمن بعيد فليس هناك البديل ومع تطور الزمن انتشر الطب الحديث بواسطة العقاقير الكيماوية وانا في الماضي تداويت بالاعشاب الطبية والادوية المصنعة من هذه الاعشاب والتي تستخرج من عمق البيئة المحلية ومعظمها موجود في الاسواق وبالنسبة لي لا تعارض لدي فالاعشاب لها فائدتها والطب الحديث له فائدته ايضا.

تجربة الاعشاب..

اما صلاح بن بطي السكيتي فيقول: ان ثقة البعض بالتداوي بالاعشاب الطبية جاء نتيجة تزامن بعض الامراض لمدة طويلة مما كان للمريض الدافع في تجربة الاعشاب الطبية والتوقف عن العلاج بالادوية الكيماوية لعله يخرج بفائدة من ذلك وهنا لا يمكن الوصف او التفسير في الاقبال على مثل هذه الاعشاب بأنه جاء نتيجة قصور في الخدمات الطبية العلاجية التي يتلقاها المواطنون في ارجاء البلاد فهي تضاهي كافة دول العالم المتقدمة طبيا من حيث الكوادر الفنية والطبية والكفاءة وتوفير الاجهزة الطبية المتقدمة ومستلزمات العلاج المختلفة وانا في طبيعة الحال احب ان استشير الطبيب في أي دواء ففي النهاية يتحتم على صحتي.

افضل العقاقير..

ويقول مطر بن سعيد بن مصبح: بصراحة افضل العلاج في المستشفيات والمراكز الصحية لان الادوية مبنية على اسس علمية مأخوذة بطرق تتلاءم مع اسباب واعراض المرض فالطب الحديث هو الافضل دائما نظرا للتقدم التكنولوجي والحمد لله الخدمات الصحية منتشرة في طول وعرض البلاد لان المستشفيات زودت بجميع الاجهزة الطبية الحديثة وهناك امراض استطاع الطب ان يعالجها بطرق حديثة وفي الحقيقة لا احب ان الجأ الى التداوي بالاعشاب الطبية لان ليس هناك فني او كادر متخصص في كيفية نتائج وسلبيات هذه الاعشاب وفي اعتقادي بان هذه المحلات وجدت للكسب السريع وقد التقيت بعدد من المرضى المترددين على هذه المحلات ولم يجدوا أي فائدة تذكر ولا اشجع المريض على الذهاب الى هذه الاماكن فكما قلت لعدم توفر التخصص فيها.

الدواء الناجع

وفي لقاء مع سيف بن راشد بن سالم الفارسي حكيم اعشاب وصاحب محل لبيع الاعشاب الطبية قال: التداوي بالاعشاب هو مستقبل العالم العلاجي وهو الدواء الناجع المأمون لامراض الانسان في كل مكان وعلى مر الزمان ويضيف سيف الفارسي قوله: دخلت المهنة من باب الهواية لكي بعد ذلك احببتها خاصة بعد ان رأيت اثارها الايجابية على بعض المرضى والان اصبح لي خبرة في مجالها ما يقرب من 10 سنوات قمت خلالها بالسفر الى اكثر من دولة عربية واكتسبت خلالها الخبرة الكافية في مجال علاج الاعشاب ويضيف: عندما شعرت ان الكثير من المرضى يطالبونني باقامة محل لبيع الاعشاب لبيت طلبهم بافتتاح المحل وبدأت بممارسة عملي ولا اخفى ان الاقبال في ازدياد مستمر وهو دليل على قناعة الكثيرين في التداوي بالاعشاب.

أمراض لا بد من تحويلها للأطباء

ويضيف الفارسي قوله: اقوم بتشخيص حالة المريض قبل اعطائه الدواء وعندما اقف على حالته ابدأ بصرف الدواء المناسب وهذا لا يعني انني اقوم بتشخيص كل الحالات فهناك حالات احولها للاطباء المتخصصون كالحمى مثلا فلا بد لها من صرف دواء خافض للحرارة وهو غير متوفر في علاج الاعشاب، ويؤكد الفارسي حكيم الاعشاب ان علاج الاعشاب الطبية لو استغل بالصورة السليمة له سيكون خير علاج لمعظم الامراض كما يكون اجدى من علاج الدواء الكيميائي الذي له كثير من الاثار الجانبية والاضرار الاخرى.

وحول امكانية علاج الكسور بالاعشاب اجاب الفارسي قائلا: لا بد من عمل الجبس للكسور ويتم ذلك في المستشفيات لكن للاعشاب دور كبير في عملية التئام الكسور بصورة سريعة ومفيدة وبالفعل يقبل الكثير من اصحاب تلك الحالات لتناول الاعشاب المفيدة في التئام الكسور.

أعشاب للأمراض المزمنة

كما تحدث الفارسي حكيم الاعشاب عن بعض الامراض المزمنة كأمراض الكبد الفيروسية وداء السكري قائلا: بمشيئة الله تعالى ومن خلال العلاج بالاعشاب يمكن وقف نشاط فيروس الكبد بانواعه المختلفة وبالتالي اعادة وظائف الكبد لطبيعتها كما ان هناك اعشاب خاصة لمرضى السكري تفيد في بناء خلايا بيتا بالبنكرياس بنسبة 35% ومن ثم تحفيز مستقبلات الانسولين بالجسم بنسب محدودة ويؤكد ان اهم من ذلك كله هو اتباع المريض للبرنامج الغذائي المعد له لتكتمل عملية العلاج ويستطرد الفارسي قائلا: اتذكر حالة لمريض سكري كان يعاني من ارتفاع السكري بالدم بنسبة تصل الى 400 وقمت باعطائه الاعشاب اللازمة لحالته مع وصف برنامج غذائي وبعون الله تماثل للشفاء واصبح يتردد علي لتناول تلك الاعشاب.

ماذا يقول الطب الحديث؟

ولكي تكتمل الصورة كان لا بد لنا ان نرى ماذا يقول الطب الحديث في ذلك فكان اللقاء مع الدكتور منصور ابو زيد اخصائي امراض باطنية بالمجمع الطبي بصلالة حيث قال: ليس صحيحا ان الاعشاب دواء لكل الامراض لانه لو حللنا اي عشب في الدنيا تحليلا كيماويا نجده يتكون من مئات المركبات الكيماوية والعضوية وكل مركب كيماوي من هذه المواد عندما يدخل جسم الانسان يحدث تأثيرا مختلفا عن المركب الاخر قد يكون هذا التأثير ضار وقد يكون مفيد، وقصة اعتقاد الانسان في العلاج بالاعشاب بدأت منذ القدم ثم تطورت حتى تدخل العلم الحديث في بحث الموضوع وبدأت شركات الادوية في زراعة الاعشاب المختلفة ثم تحليلها وتنقيتها والحصول منها على المركب الكيماوي او العضوي الذي يفيد في علاج بعض الامراض والتخلص من المركبات الكيماوية الاخرى ثم تقوم الشركة بتجربة المركب الكيماوي المستخلص من العشب على الحيوانات لفترة طويلة كي تثبت الفائدة في علاج المرض وكي يتأكد خلوه من أي ضرر جانبي قد تؤثر على صحة الانسان وبعد التأكد من ذلك يتم تجربة الدواء على مجموعة من الاشخاص الذين يتبرعون لذلك كي يثبت ويتأكد صلاحية هذه المادة الكيماوية من علاج بعض الامراض التي تصيب الانسان وبعد ذلك كله يتم اعتماد المادة الكيماوية وطرحها في الاسواق في صورة عقار معين لعلاج مرض معين وحتى بعد اعتماد هذا الدواء وتداوله في الاسواق لسنوات يكتشف الاطباء بعدها ان الدواء له اثار جانبية ضارة على صحة الانسان ومن ثم يتم سحبه من الاسواق ويمنع تداوله اذا الموضوع ليس بالبساطة التي يتصورها الناس.

الصين وطب الاعشاب

ويضيف قوله: العلاج بالاعشاب بد يلفت اليه انظار الاطباء في العصر الحديث بعد ان وجدوا ان بعض الشعوب تستخدمه منذ مئات السنين في علاج بعض الامراض والشعب الصيني له باع طويل وتاريخ مجيد في هذا الموضوع لدرجة اننا نجد في الصين الان شركات عملاقة تتعامل مع هذا الموضوع ومخصصه في دراسة العلاج بالاعشاب ومزودة بأحدث التقنيات الحديثة لبحث موضوع الاعشاب الطبية وفي الصين يتم التعامل مع الاعشاب الطبية بنفس الطريقة العلمية الحديثة التي تعتمدها الشركات الاخرى في اكتشاف أي دواء جديد حيث يقوم العلماء في الصين بتنقية العشب من أي شوائب ضارة ثم يخضعونه للتجارب على الحيوانات ثم على بعض المجموعات من الاشخاص المتبرعين واذا ثبتت جدواه وعدم ضرره على صحة الانسان يتم اعتماده وطرحه في الاسواق للعلاج من مرض معين وبشروط معينة اذا وبهذه الصورة لا يمكن ابدا لعامة الناس ان يستخدموا الاعشاب في علاج جميع الامراض حتى لو كان لديهم بعض الدراية او المعرفة بهذه الاعشاب لان الموضوع اكبر بكثير من ذلك ويحتاج الى جهود كبيرة وخبرة دقيقة ومصانع وتقنيات عالية التي تستفيد من الاعشاب في علاج الامراض بعض الامراض وليس كل الامراض.

صحة الانسان اولا..

واضاف: ان صحة الانسان هي اغلى ما يحلله الانسان وبالتالي ليس من المنطق ولا من العدل ان يستخدم الانسان بعض الاعشاب كتجربة في علاج بعض الامراض او الحفاظ على صحته وكما قلنا فان اي عشب لو صغير يحتوي على مئات المواد الكيماوية والعضوية التي لا نعرف تأثر كل مادة منها على صحة الانسان ولا يصح ابدا ان نجرب على انفسنا ونضحي بصحتنا ونجري وراء احتمالات قد تصيب وقد تفشل فنحن نعرف الكثير من الحالات المرضية المستعصية التي نشأت بسبب تعاطي بعض الاعشاب ولم يفلح بعد ذلك الطب الحديث في علاجها وعلى فرض ان بعض الاعشاب تحتوي على مادة كيماوية معينة قد تنفع في علاج بعض الامراض او قد تخفف من الالام والاوجاع لكنها في نفس الوقت تحتوي على مئات المواد الكيماوية الاخرى التي قد تضر جوانب اخرى من صحة الانسان.

خلاصة القول..

وقال: اننا في بداية القرن الحادي والعشرين وان الانسان بلغ من التقدم العلمي ما بلغ بسب اعتماده الاسلوب العلمي والتجربة العلمية في التفكير فلا يصح لنا ابدا بأي حال من الاحوال ان نعتمد على اسلوب الارتجال ونجري وراء الاوهام والاحتمالات خاصة فيما يتعلق بصحتنا وحياتنا فان ذلك سوف يباعد كثيرا بيننا وبين ركب التقدم والحضارة الحديثة والافضل لنا ان نعتمد على الاسلوب العلمي والتجربة الحديثة في تفكيرنا وتصرفاتنا كما اقول لهؤلاء الذين يتاجرون بالاعشاب من اجل الربح المادي والمكسب السريع دون معرفة كاملة ودون تجربة دقيقة اقول لهم رفقا بالقوارير ومهلا على صحة الانسان فالصحة تاج فوق رؤوس الاصحاء كما اقول لهؤلاء الناس الذين يجرون وراء العلاج بالاعشاب ان العلاج بهذه الطريقة اصبح الان علم كبير يدرس في اعرق الجامعات العالمية وله اصول وقواعد يجب اتباعها ولا يصح ابدا ان نصدق من يعرضون العلاج باعشابهم على الارصفة وفي الازقة والحواري والمحلات الصغيرة.
 
التعديل الأخير بواسطة المشرف:
عودة
أعلى