عصر جديد وافاق جديده

قبل أن نبدأ بالحديث عن عصر النهضة الاوروبية يجدر بنا الحديث قليللا عن شعب من أكثر الشعوب على وجه الارض التي أثرت في رحلة الفلسفة والعلم على على مر العصور ... إنهم الاغريق أو اليونانيين




الفلسفة اليونانية :

لقد انبهر الإنسان في طفولته العقلية بالكون ومظاهره ، ونسب إلى بعض وحداته - كالشمس والقمر والنجوم - صنع ما يتعرض له من الحوادث كالصحة والمرض والموت والمطر والزلازل ، وغير ذلك مما يسعده أويشقيه ، كطلوع الشمس وجود الأنهار وهطول الامطار وغلة المزارع وجمال الروض وضحكات الأطفال ، ورأى من جانب أخر الزلازل والعواصف والبراكين والأوبئة والكوارث ، فاستنتج من ذلك تعدد الألهة وتضادها ، واعتقد بوجود مجلس يجمعها تقرر فيه مصير الكون ، وصار لليونان في بداية رحلتهم العقلية ما يشبه ذلك .. فاعتقدوا أن للحصاد إلاها وللحب إلاها وللنار إلاها وللخمر إلاها وللجمال إله.

ثم جاء فيما بين القرن السادس والرابع قبل الميلاد سقراط وأفلاطون وأرسطو ومن تلاهم ، فكان ظهورهم ظهورا للعقل التأملي التحليلي الذي ينفد من الظواهر إلى ما وراها ، فانتقد سقراط كثيرا من مسلمات عصره وبين الخطأ فيها وحاول وضع تعريفات تحدد المدركات الكلية المجردة ، مثل العدل والحق والجمال . وكانت تساؤلاته المثيرة ملقية للشك على كل ما كان موثوقأ بصحته عند أبناء عصره . (( من الطرف العجيبة التي سمعتها عن هذا الفيلسوف هى انه اتاه رجل شاب وسأله مارأيك بالزواج وهل أتزوج ، فقال له : تزوج يابني لانه في كلا الحالتين سوف تندم ؟؟؟؟!!!! ))).

وجاء بعده أفلاطون وهو أحد تلامذته فدون ما أخذه عن أستاذه ، وأضاف إلى ذلك أراءه وهي عن الإنسان والكون والحياة ، في المحاورات المشهورة التي رواها على لسان أستاذه ، وضع نظريته في المثل لتفسير مصدر المعرفة ، ومهد السبيل للبحث عن مم يتكون الكون إلى البحث عن كيفيته ، فأخذ بالقول بالعناصر الأربعة (( المادة تتكون من التراب والهواء والماء والنار )) ، وتصور وجود أفلاك ثمانية على شكل كرات بلورية متحركة ومحركة ، يحرك الأعلى منها الأسفل ، وتنتهي بفلك خارجي هو مصدر الحركة ، وقال بقدم العالم ، وبكروية الأرض وثباتها ومركزيتها للكون ، وأن الأفلاك تدور حولها كما قال بخلود النفس واستقلالها عن الجسد.

ثم جاء بعده تلميذه أرسطو فخالفه فيما راه عن الإنسان ، ورفض نظرية المثل والقول بانفصال النفس عن الجسد ، وافقه فيما رأه عن الكون ، وقال بأن الاجسام تسقط نحو الارض بتسارعات مختلفة ، وجاء كتابه عن الطبيعة موافقأ لاستاذه في مفاهيمه ، وزاد عليه أراءه عن الزمان والمكان والحركة . (( الكثير من الفلاسفة ينظرون الى فلسفة أرسطو على انها فلسفة أفلاطونية محدثة)) (( ولقد تأثر بفلسفة أرسطو العديد من روادنا الافاضل بإعتباره عراب الفلسفة العربية بداية بالكندي والفارابي وابن سيناء واكثرهم تأثرا الاندلسي إبن رشد عراب الفلسفة الاوروبية والشارح الاكبر لارسطو بالنسبة للاروربيين وإليه ينسب الفلاسفة (الرشديين) )).

ولاننسى العديد من الاغريق الذين قالو وتبنو العديد من الافكار السائدة لقرون عديدة كديموقريطيوس الذي قال أن المادة تتكون من ذرات لاتتجزأ أبدا (( على الرغم من أن أفلاطون وتلميذه أرسطو يرون انه بإمكانهم تجزأة المادة شيئا فشيئا )).

ثم جاء بعدهم كلاوديوس بطليموس في القرن الثاني بعد الميلاد ، فوضع كتابه في الفلك (( المجسطي ... إنجيل الفلك على مدى قرون عديدة )) مبنيأ على فكرة مركزية الأرض والكرات البلورية الثمانية ، وتبنت ذلك الكنيسة الكاثوليكية ، وجعلت مركزية الأرض من أسس معتقداتها ، ملقيه بذلك سحابة ثقيلة بظلها المظلم على القارة الاوروبية لقرون عديدة.

الحقبة التي سبقت عصر النهضة (( القرون المظلمة )) :

(( بهر الباحثين من سمات القوانين التي تحكم المادة ، مابها من صرامة ودقة وإحكام ، فحاولو إخضاع شلوك البشر لمثل هذي الصرامة والاحكام ، فكان نصيبهم من ذلك مزيجا من النجاح والاخفاق ))

القرون الوسطى (( أو القرون المظلمة )) هى الفترة المؤرخة من نهاية الامبراطورية الرومانية الغربية في القرن الخامس الميلادي وحتى ظهور الدول الملكية في نهاية القرن الخامس العشر وهى فترة طويلة تمتد على مدى 10 قرون وقد تزامنت مع ظهور الاسلام وعزته وظهور اكبر وأقوى الدول على وجه الارض انذاك (( الدولة الاموية والدولة العباسية وغيرها )).

يقول فان روتردام ارازمص وهو من رجال النزعة الانسانية في القرن الخامس عشر :(( إنني لا أستيطع أن أكف نفسي عن القول أن القديس سقراط يصلي لي ، إن فلسفتهم ( يعني اليونانيين ) تكمن في الوصف وليس المحاجة . إنها حياة وليست مجادلة ، إلهام وليست سوطا ، تحول وليست تعليلا ))

قام الفكر الغربي منذ نشأة المسيحية على دعامتين هما : 1- الديانة المسيحية 2- والفلسفة اليونانية ، وكان هذان المصدران النبع الذي يستقي منه المفكرون ورجال الكنيسة ارأهم ويبنون عليها مواقفهم ، بل كانا الزاد الذي صاغ عقولهم وأفكارهم ، أثر فيها وتأثر بها.

العهد الجديد بأناجيله الاربعة لم يأت بشيء عن الكون وطبيعته وكيفية تكوينه ، ولم يأت في العهد القديم سوى ما جاء بالإصحاح الأول والثاني والثالث من سفر التكوين ، لذلك تبنت الكنيسة ما ذهب إليه اأفلاطون وأرسطو وبطليموس من مركزية الأرض للكون وثباتها ، وأن الأفلاك تدور حولها ، وصار هذا التصور جزما أساسيا من معتقد الكنيسة الكاثوليكية ، الديانة المسيحية ... والفلسفة اليونانية .. الدعامتين اللتين يستند إليهما العقل والوجدان الديني

صار رجال الكنيسة يقودون حملة تدعو إلى تصغير العقل والفزع من الركون إليه أو الرجوع له في أي أمر يتعلق بموروث ، يقول أحد رجال الكنيسة في مدينة ستراتسبورغ في القرن الرابع عشر ويدعى جون تاولوا (( ياأ بنائي إنكم لا تحتاجون إلى العلم العظيم ولكن ارجعوا إلى المبدأ الذي بداخلكم ، وتعلموا كيف تعرفون أنفسكم في روحها وطبيعتها ، ولا تغوصوا في الأشياء التي هي من أسرار الإله ، لقد قال المسيح أنه ليس لك أن تسال عن الأوقات والفصول التي وضع فيها الإله قدرته . إن روح القدس لم يعلمنا الأشياء لكي نعرف فيما إذا كان الحصاد أو القطاف ، أو إذا كان الخبز سيكون غاليا أو رخيصا . إن روح القدس يعلمنا الأشياء التي نحتاجها لحياة طيبة ، والحقيقة عن الله ومكر الارواح الشريرة)).

إذلال الانسان وتجريده من إنسانيته التي لاتمارس إذا أنكر عليه أن يكون حرا ومؤهلا لتلك الحرية ... نبذ المعرفة وتأصيل الجهل ... إسقاط العقل ونفيه ... هذي خلاصة القرون المظلمة.

عصر النهضة الاوروبية :




في نهاية القرن الخامس عشر الميلادي انتقل مشعل الحضارة من يد العرب المسلمين إلى يد الأوروبيين ، وذلك بعد أن تضاءلت المساهمات العلمية للعرب والمسلمين ، وضعف دورهم الحضاري واستبد ملوكهم وسلا‏طينهم بالحكم على ضعفهم وخورهم ، وبدأ زحف الخراب على العمران ، ودخل العرب والمسلمون في نفق مظلم لا زالوا فيه حتى هذا اليوم.

وانا بانتضار اي سؤال عن الموضوع
تحياتي
كلام الورد
 
عودة
أعلى