دليل الساري
Well-known member
رواية كارمن للكاتب الفرنسي برسبير ميريمه
يرويها الكاتب مستخدما راويتين اثنتين احدهما هو شخصه، حين يحدثنا عن احدى رحلاته التي التقى فيها بقاطع طريق مصادفة في احد الطرق، هناك نشأت بينهما صداقة، ومن خلالها عرف الراوي ان رفيق دربه لم يكن سوى لص شهير تلاحقه الشرطة واسمه جوزيه نافارو وحين ينوي مرشد الراوي ان يشي باللص لينال جائزة القبض عليه، ينقذه الراوي من قبضته بسبب شعوره الطيب تجاهه، وسوف يلتقي الراوي بعدئذ بفتاة غجرية هي كارفتسيا وتشاء المصادفات ان تكون هي نفسها عشيقة للص الشهير الفار، فتقوده الى احد المنازل بحجة انها تريد قراءة طالعه، ولكنها تسرق ساعته، يتحرك الزمن قدما الى الامام ويعود الراوي مرة ثانية الى قرطبة ليفاجأ بأن الشرطة وجدت ساعته، وان اللص نافارو بات نزيل السجن ينتظر الاعدام، وهنا تبدأ قصة ثانية يرويها اللص نفسه للكاتب الراوي الرحالة، ويبدأ من اللحظة التي رأى فيها كارمن، بالهيئة التي وصفناها بها في البداية، ومنذ البداية يفتن العريف في الشرطة بالغجرية، وهي تبالغ في اغوائه، وتقوده لارتكاب جنحة بحق وظيفته حين يسهل امر فرارها، بعد ان قبض عليها متلبسة بجرم محاولة قتل احدى النساء، ومرة بعد مرة يزداد تورط العريف في الجرائم التي ترشده اليها كارمن ثم يهرب من عمله ويلتحق بعصابتها ليظل قريبا منها، ربما كانت كارمن رمزا لكل تحلل اخلاقي، سواء تعلق الامر بقوانين المجتمع، ام بقوانين الحياة، او الدين، او القيم، وتبدو دائما مستعدة لفعل اي شيء، وارتكاب اي فعل، مهما كان جرمه، من اجل تحقيق شكل الحياة الذي تهواه، وهي تربط هذا كله بحبها للحرية، حب يزيد على حبها للحياة نفسها، فما دامت تحيا، فإن الواجب يقتضي ان تحيا كما تريد وتهوى، ولهذا ترفض في النهاية ان تنصاع لعشيقها جوزيه نافارو حين وجدت انه يرغب في تقييدها اليه بقيد الزواج والالتزامات العائلية وحتى اذا قبلت بالزواج فهي تظل ترفض قيوده، وتقول له: يحق لك بكونك زوجي، ان تقتل زوجتك، ولكن كارمن ستكون حرة على الدوام، ثم تثيره اكثر من ذلك فتقول: لقد احببتك، واكره نفسي لأني احببتك، والغريب ان جوزيه نافارو الذي يهددها بالقتل في الخاتمة، يرتمي عند قدميها ضارعا كي تستجيب لطلباته قبل ان يقتلها، لكنها تصر على التمسك برأيها، حريتها او حياتها، وعندئذ يسحب سكينه، ويطعنها في صدرها، فيقتلها، ويدفنها في البرية بين شجيرات العليق.
هذه ليست قراءة لرواية كارمن ولكن لنعتبرها مدخل لتناول بعض السلوكيات التي تثير الحيرة في النفوس
فقصة كارمن هي قصة قديمة متجددة ، على مر العصور تواجد الإنسان الإنتهازي الذي يتبع كل السبل ليصل إلى مبتغاه لا يلتفت لمشاعر الاخرين ضارباً بعرض الحائط جميع القيم الدينية والإنسانية .
إنه إنسان يتجرد من أخلاقياته أو بمعنى أصح هو يتبنى أخلاقيات تتماشى مع مصالحة الشخصية وإن تسبب بدمار للقلوب الطيبة وربما حولها إلى رماد .
وأيضاً نستشف نوع اخر من الأشخاص المحبين للحرية وإن كانت على حساب سلب حرية الاخرين أو التعدي عليها ، كارمن أحبت حريتها أكثر من حياتها وهي أيضاً سرقت حرية وهدوء نافارو لم يعد قلبه ملك له فأين تكمن حريته في الإختيار ، تمسك البعض بنوعية محدده من الحرية يوقعهم في تصادم مع الحياة وقد يجدوا أنفسهم يعيشون في وحدة خانقة وهنا تكون نهاية حريتهم لأنه لا معنى للحرية بدون مجتمع تتواجد بين أفراده وتبحث لنفسك عن موطيء قدم على أرضيته وتدافع عن قناعاتك بكل حرية ، وربما هذا الهاجس للحرية يفقدهم حياتهم كما حدث لكارمن المسكينة التي أعتقدت أن هناك مسمى مطلق للحرية ، ولكن من هو الذي يستطيع أن يتحلى بكامل حريته في الحياة لكل منا حقوق واجبات حقوقنا هي حريتنا واجباتنا هي تطبيق لحرية الاخرين .
بنظرة شاملة للقصة نجد أن كارمن لم تستغل مواهبها في الخير كما ينبغي لها ، وهذا ما يقع فيه الكثير من المغرورين بما يملكون من صفات جيدة يعتقدون أنه من حقهم التلاعب بالاخرين بذكاء متناسين أنه لكل لعبة نهاية وقد لا يكون لهم يد في وضع هذه النهاية .
فقصة كارمن هي قصة قديمة متجددة ، على مر العصور تواجد الإنسان الإنتهازي الذي يتبع كل السبل ليصل إلى مبتغاه لا يلتفت لمشاعر الاخرين ضارباً بعرض الحائط جميع القيم الدينية والإنسانية .
إنه إنسان يتجرد من أخلاقياته أو بمعنى أصح هو يتبنى أخلاقيات تتماشى مع مصالحة الشخصية وإن تسبب بدمار للقلوب الطيبة وربما حولها إلى رماد .
وأيضاً نستشف نوع اخر من الأشخاص المحبين للحرية وإن كانت على حساب سلب حرية الاخرين أو التعدي عليها ، كارمن أحبت حريتها أكثر من حياتها وهي أيضاً سرقت حرية وهدوء نافارو لم يعد قلبه ملك له فأين تكمن حريته في الإختيار ، تمسك البعض بنوعية محدده من الحرية يوقعهم في تصادم مع الحياة وقد يجدوا أنفسهم يعيشون في وحدة خانقة وهنا تكون نهاية حريتهم لأنه لا معنى للحرية بدون مجتمع تتواجد بين أفراده وتبحث لنفسك عن موطيء قدم على أرضيته وتدافع عن قناعاتك بكل حرية ، وربما هذا الهاجس للحرية يفقدهم حياتهم كما حدث لكارمن المسكينة التي أعتقدت أن هناك مسمى مطلق للحرية ، ولكن من هو الذي يستطيع أن يتحلى بكامل حريته في الحياة لكل منا حقوق واجبات حقوقنا هي حريتنا واجباتنا هي تطبيق لحرية الاخرين .
بنظرة شاملة للقصة نجد أن كارمن لم تستغل مواهبها في الخير كما ينبغي لها ، وهذا ما يقع فيه الكثير من المغرورين بما يملكون من صفات جيدة يعتقدون أنه من حقهم التلاعب بالاخرين بذكاء متناسين أنه لكل لعبة نهاية وقد لا يكون لهم يد في وضع هذه النهاية .